المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌الباب الثاني: فيما ورد من الأخبار والأحاديث دالاً على فضل - الصارم المنكي في الرد على السبكي

[ابن عبد الهادي]

فهرس الكتاب

- ‌مقدمة المحقق

- ‌ترجمة مختصرة للحافظ ابن عبد الهادي

- ‌اسمه:

- ‌ميلاده:

- ‌مشايخه:

- ‌ثناء أهل العلم عليه:

- ‌ الحافظ المزي:

- ‌ الحافظ ابن كثير:

- ‌ الحافظ ابن رجب:

- ‌ الحافظ أبو المحاسن:

- ‌ الإمام الذهبي:

- ‌ الحافظ ابن حجر:

- ‌ الإمام السيوطي:

- ‌ الصفدي:

- ‌مصنفاته:

- ‌وفاته:

- ‌مقدمه المؤلف

- ‌الباب الأول: في الأحاديث الواردة في الزيارة نصاً

- ‌قال المعترض

- ‌فصل

- ‌قال المعترض

- ‌قال المعترض

- ‌قال المعترض

- ‌قال المعترض

- ‌قال المعترض

- ‌قال المعترض

- ‌قال المعترض

- ‌قال المعترض خالد بن يزيد إن كان هو العمري، فقد قال ابن حبان: أنه منكر

- ‌قال المعترض

- ‌قال المعترض

- ‌قال المعترض

- ‌قال المعترض

- ‌قال المعترض

- ‌الباب الثاني: فيما ورد من الأخبار والأحاديث دالاً على فضل الزيارة، وإن لم يكن فيه لفظ الزيارة

- ‌قال المعترض

- ‌فصل: في علم النبي صلى الله عليه وسلم بمن يسلم عليه

- ‌قال المعترض

- ‌قال المعترض

- ‌قال المعترض

- ‌قال المعترض

- ‌قال المعترض

- ‌قال المعترض

- ‌قال المعترض

- ‌قال المعترض

- ‌الباب الثالث: فيما ورد في السفر إلى زيارته صلى الله عليه وسلم صريحاً وبيان أن ذلك لم يزل قديماً وحديثاً

- ‌قال المعترض

- ‌قال المعترض

- ‌قال المعترض

- ‌قال المعترض: قلت: الخلاف الذي أشار إليه في نذر إتيان المسجدين لا في الزيارة انتهى كلامه

- ‌الباب الرابع: في نصوص العلماء على استحباب زيارة قبر سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم وبيان أن ذلك مجمع عليه بين المسلمين

- ‌قال المعترض

- ‌قال المعترض

- ‌قال المعترض

- ‌قال المعترض

- ‌قال المعترض

- ‌قال المعترض

- ‌قال المعترض

- ‌قال المعترض: هذا كلام القاضي وما اختاره يشكل عليه قوله: ((من زار قبري)) فقد أضاف الزيارة إلى القبر إلا أن يكون هذا الحديث لم يبلغ مالكاً فحينئذ يحسن ما قاله القاضي في الاعتذار عنه، لا في إثبات هذا الحكم في نفس الأمر، ولعله يقول: إن ذلك من قول النبي صلى الله عليه وسلم لا محذور فيه، والمحذور إنما هو ف يقول غيره

- ‌قال المعترض: وهذا الجواب بينه وبين جواب القاضي بون في شيئين: أحدهما أنه يقتضي تأكيد نسبة معنى الزيارة إلى القبر، وأنه يجتنب لفظها، وجواب القاضي يقتضي عدم نسبتها إلى القبر

- ‌قال المعترض

- ‌قال المعترض

- ‌قال المعترض وأما قوله صلى الله عليه وسلم: ((لا تجعلوا قبري عيداً)) فرواه أبو داود السجستاني، وفي سنده عبد الله بن نافع الصائغ، روى له أربعة ومسلم قال البخاري: تعرف حفظ وتنكر، وقال أحمد بن حنبل لم يكن صاحب حديث كان ضيفاً (3) فيه، ولم يكن في الحديث بذلك، وقال أبو حاتم الرازي: ليس بالحافظ هو لين تعرف حفظه وتنكر، ووثقه يحيى بن معين، وقال أبو زرعة: لا بأس به، وقال ابن عدي: روى عن مالك غرائب، وهو في رواياته مستقيم الحديث، فإن لم يثبت هذا الحديث فلا كلام، وإن ثبت وهو الأقرب، فقال الشيخ زكي الدين المنذري: يحتمل أن يكون المراد به الحث على كثرة زيارة قبره صلى الله عليه وسلم، وأن لا يهمل حتى لا يزار إلا في بعض الأوقات كالعيد الذي لا يأتي في العام إلا مرتين

- ‌الباب الخامس: في تقرير كون الزيارة قربة وذلك بالكتاب والسنة والإجماع والقياس

- ‌قال المعترض

- ‌فصل

- ‌قال المعترض

- ‌قال المعترض

- ‌قال المعترض

- ‌قال المعترض: بعد حكايته هذا الكلام عن الشيخ: وبقي قسم لم يذكره وهو أن تكون للتبرك به من غير إشراك به فهذه ثلاثة أقسام

- ‌قال المعترض

الفصل: ‌ ‌الباب الثاني: فيما ورد من الأخبار والأحاديث دالاً على فضل

‌الباب الثاني: فيما ورد من الأخبار والأحاديث دالاً على فضل الزيارة، وإن لم يكن فيه لفظ الزيارة

.

‌قال المعترض

روينا في سنن أبي داود السجستاني عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((ما من أحد يسلم علي إلا رد الله علي روحي حتى أرد عليه السلام) ثم ذكر المعترض إسناده إلى أبي داود في صفحة، وأنه رواه عن محمد بن عوف حدثنا المقري، حدثنا حيوة عن أبي صخر حميد بن زياد، عن يزيد بن عبد الله بن قسيط عن أبي هريرة قال: وهذا إسناد صحيح، فإن محمد بن عوف شيخ أبي داود جليل حافظ لا يسأل عن مثله، وقد رواه معه عن المقري عباس بن عبد الله الترقفي، رواه من جهته أبو بكر البيهقي والمقري وحيوه ويزيد بن عبد الله بن قسيط متفق عليهم، وحميد بن زياد، رواه له مسلم (1) .

وقال أحمد: لا بأس به، وكذلك قال أبو حاتم (2) وقال يحيى بن معين: ثقة ليس به بأس، وروى عن ابن معين فيه رواية أنه ضعيف ورواية التوثيق تترجح عليها لموافقتها أحمد، وأبا حاتم وغيرهما، وقال ابن عدي: هو عندي صالح الحديث، وإنما أنكرت عليه حديثين: المؤمن مألف وفي القدرية وسائر حديثه أرجو أن يكون مستقيماً.

وأما قول الشيخ زكي الدين فيه أنه أنكر عليه شيء من حديثه فقد بينا عن ابن عدي تعيين ما أنكر عليه، وليس منه هذا الحديث، وبمقتضى هذا يكون هذا الحديث صحيحاً إن شاء الله،وقد اعتمد جماعة من الأئمة على هذا الحديث في مسألة الزيارة، وصدر به

(1) تقدم الكلام عليه وهو في أبي داود رقم 1047، 1531، وابن ماجة رقم 1636 وأحمد 4/8.

(2)

الجرح والتعديل 3/222 وكلام ابن عدي الآتي فيه انظره في الكامل 2/685.

ص: 188

أبو بكر البيهقي في باب زيارة قبر النبي صلى الله عليه وسلم،وهو اعتماد صحيح واستدلال مستقيم، لأن الزائر المسلم على النبي صلى الله عليه وسلم يحصل له فضيلة رد النبي صلى الله عليه وسلم السلام عليه وهي رتبة شريفة ومنقبة عظيمة ينبغي التعرض لها، والحرص عليها لينال بركة سلامه صلى الله عليه وسلم.

فإن قيل: ليس في الحديث تخصيص بالزائر فقد يكون هذا حاصلاً لكل مسلم قريباً كان أو بعيداً، وحينئذ تحصل هذه الفضيلة بالسلام من غير زيارة، والحديث عام، قلت: قد كذره ابن قدامه من رواية أحمد ولفظه: ((مامن أحد يسلم علي عند قبري)) وهذا زيادة مقتضاها التخصيص، فإن ثبت فذاك، وإن لم يثبت فلا شك أن القريب من القبر يحصل له ذلك، لأنه في منزلة المسلم بالتحية التي تستعدي الرد كما في حال الحياة، فهو بحضوره عند القبر قاطع بنيل هذه الدرجة على مقتضى الحديث متعرض لخطاب النبي صلى الله عليه وسلم له برد السلام عليه، وفي المواجهة بالخطاب فضيلة زائدة على الرد على الغائب انتهى ما ذكره المعترض.

وقد روى الإمام أحمد بن حنبل حديث أبي هريرة هذا في مسنده (1) ، وليس في هذه الزيارة (2) المضافة إلى روايته، فقال: حدثنا عبد الله بن يزيد هو أبو عبد الرحمن المقرئ حدثنا حيوه، حدثنا أبو صخر أن يزيد بن عبد الله بن قسيط أخبره عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:((ما من أحد يسلم علي إلا رد الله عز وجل علي روحي حتى أرد عليه السلام) هكذا رواه في هذا اللفظ ليس فيه عند قبري، وما أضيف إليه من هذه الزيادة فهو على سبيل التفسير منه لا أنه مذكور في روايته.

وأعلم أن هذا الحديث هو الذي اعتمد عليه الإمام أحمد وأبو داود وغيرهما من الأئمة في مسألة الزيارة، وهو أجود ما استدل به في هذا الباب، مع هذا فإنه لا يسلم من مقال في إسناده، ونزاع في دلالته: أما المقال في إسناده فمن جهة تفرد أبي صخر به عن ابن قسيط، عن أبي هريرة، ولم يتابع ابن قسيط أحد في روايته عن ابن قسيط، وأبو صغر هو حميد بن زياد وهو ابن أبي المخارق المدني الخراط صاحب العباء سكن مصر، ويقال: حميد بن صخر، وقال ابن

(1) 2/527 وقال الحافظ في النكت الظراف 10/421 تحفة الأشراف، أدخل مهدي جعفر عن عبد الله بن يزيد الإسكندراني عن جده بين يزيد وأبي هريرة رجلاً وهو أبو صالح أخرجه الطبراني في الأوسط في ترجمة جعفر بن سهل.

(2)

صوابه (فيه هذه الزيادة) .

ص: 189

حبان (1) : حميد بن زياد مولى بن هاشم، وهو الذي يروي عنه حاتم بن إسماعيل، ويقول: حميد بن صخر إنما هو حميد بن زياد أبو صخر.

وقال البخاري في تاريخه (2) : حميد بن زياد أبو صخر الخراط المديني مولى بني هاشم سمع نافعاص، ومحمد بن كعب وعماراً الدهني، وأبن قسيط،وقال: بعضهم حماد سمع منه ابن وهب وحيوة بن شريح، وقال بعضهم: حميد بنصخر، وقال أبو مسعود الدمشقي: حميد بن صخر أبو مودود الخراط، ويقال: إنهما إثنان، والصحيح أنه واحد (3) وهو حميد بن زياد أبو صخر وقد اختلف الأئمة في عدالته فوثقه بعضهم، وتكلم فيه آخرون واختلف الرواية عن يحيى بن معين فيه فقال: أحمد بن سعيد بن أبي مريم عنه أبو صخر حميد بن زياد الخراط، ضعيف الحديث، وقال إسحاق بن منصور عنه أبو صخر حميد بن زياد ضعيف (4) ، وروى عثمان بن سعيد الدارمي (5) ، عنه حميد بن زياد الخراط، ليس به بأس.

وقال في موضع آخر: قلت ليحيى: فأبو صخر، قال: ثقة، وقال عبد الله بن الإمام أحمد بن حنبل سئل أبي عن أبي صخرة، فقال ليس به بأس، وروي عن الإمام أحمد رواية أخرى أنه ضعيف.

قال العقيلي: في كتاب الضعفاء (6) : حدثنا محمد بن عيسى، حدثنا حمدان بن علي الوراق قال: سألت أحمد بن حنبل عن حميد بن صخر، فقال ضعيف: وقال النسائي: حميد بن صخر ضعيف، هكذا حكاه غير واحد عنه، والذي رأيته في كتاب الضعفاء (7) له حميد بن صخر يروي عن حاتم بن إسماعيل ليس بالقوي، ثم قال: أخبرنا محمد بن عبد الله بن

(1) انظر الثقات 6/188-189.

(2)

2/350 رقم 2712.

(3)

وقد فرق بينهما ابن الجوزي في الضعفاء.

(4)

هتان الروايتان ليست في متناول اليد وقد ذكر هذه اللفظة عن ابن معين ابن الجوزي كما في الضعفاء والمتروكين له.

(5)

ص95 رقم 260

(6)

1/27.

(7)

ص85 رقم 145.

ص: 190

يزيد عن أبيه، حدثنا حيوة بن شريح،قال: أخبرني أبو صخر حميد بن زياد، وقال أبو عمر: ابن عبد البر أبو صخر الخراط حميد بن زياد المصري، وهو حميد بن أبي المخارق القيني رأى سهل بن سعيد الساعدي، وروى عن نافع ومحمد بن كعب القرظي ويزيد بن قسيط وعمار الدهني.

وروى عنه حيوة بن شريح والمفضل بن فضالة، وحاتم بن إسماعيل وابن لهيعة وابن وهب وصفوان بن عيسى ليس به بأس عند جميعهم، وقال أبو أحمد بن عدي (1) : حميد بن زياد أبو صخر الخراط مديني، وروى له ثلاثة أحاديث.

أحدهما: حديثه عن حازم، عن أبي صالح، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: المؤمن يألف ولا خير فيمن لا يألف ولا يؤلف،رواه عن أبي بكر بن أبي داود، عن أبي الربيع، عن ابن وهب، أبي صخر فذكره، قال أبو صخر: حدثني صفوان بن سليم، وزيد بن أسلم عن رسول الله بذلك، قال ابن عدي: ورواه عن أبي حازم عن أبي صالح عن أبي هريرة خالد بن الوضاح، حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة، عن الزبير بن بكار عنه، ورواه مصعب بن ثابت وعمر بن صهبان عن أبي حازم عن سهل بن سعد وروى عن عبد العزيز بن أبي حازم، عن أبيه عن سهل.

والثاني: عن الحسن بن محمد المديني، عن يحيى بن بكيرة، عن ابن لهيعة، عن أبي صخر، عن نافع، عن ابن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: سيكون في أمتي مسخ وقذف: يعني الزنادقة والقدرية.

والثالث عن الحسن بن الفرد، عن عمرو بن خالد الحراني، عن ابن لهيعة عن أبي صخر، عن نافع، عن ابن عمر أنه رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم على المنبر يقول: لمن الملك اليوم، فيقول: لله الواحد القهار فيرمي السموات والأرض، الحديث ثم قال: وأبو صخر هذا حميد بن زياد له أحاديث صالحة، روى عنه ابن لهيعة نسخه، حدثنا الحسن بن محمد المديني، عن يحيى بن بكير عنه، وروى عنه ابن وهب نسخه أطول من نسخه ابن لهيعة، حدثنا إبراهيم بن عمر بن ثور الزوقي عن أحمد بن صالح عنه وروى عنه حبوة أحاديث، وهو عندي صالح الحديث، وإنما أنكر عليه هذان الحديثان (المؤمن بألف) وهي القدرية، وسائر حديثه أرجو أن يكون مستقيماً.

(1) 2/684.

ص: 191

ثم قال في موضع آخر (1) : حميد بن صخر سمعت ابن حماد (2) يقول: حميد بن صخر يروي عنه حاتم بن إسماعيل ضعيف قاله أحمد بن شعيب النسائي، وروى له ثلاثة أحاديث أيضاً.

أحدهما: عن المقبري عن أبي هريرة بعث النبي صلى الله عليه وسلم بعثاً فأعظموا الغنيمة وأسرعوا الكرة الحديث.

والثاني: عن المقبري عن أبي هريرة سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: فمن جاء مسجدي هذا لم يأت إلا لخير يتعلمه أو يعلمه، فهو بمنزلة المجاهد في سبيل الله، ومن جاء لغير ذلك فهو بمنزلة الرجل ينظر إلى متاع غيره.

والثالث: عن يزيد الرقاشي، عن أنس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ((من صلى صلاة الغداة فأصيب دمه، فقد استبيح حمى الله، وأخفرت ذمته، وأنا طالب بدمه)) رواه عن القاسم بن مهدي، عن أبي مصعب، عن حاتم عنه، ثم قال: ولحاتم بن إسماعيل عن حميد بن صخر أحاديث غير ما ذكرته، وفي بعض هذه الأحاديث عن المقبري، ويزيد الرقاشي ما لا يتابع عليه.

هكذا فرق ابن عدي بينهما وجعلهما رجلين، والصحيح أنهما رجل واحد وهو أبو صخر حميد بن زياد، لكن حاتم بن إسماعيل كان يسميه حميد بن صخر وسماه بعهم حماداً، وقد روى له الجماعة كلهم أما البخاري ففي كتاب الأدب، وأما النسائي ففي مسند علي، وقد عرف اختلاف الأئمة في عدالته والاحتجاج بخبره مع الاضطراب في اسمه وكنيته واسم أبيه فما تفرد به من الحديث ولم يتابعه عليه أحد لا ينهض إلى درجة الصحيح، ولا ينتهي إلى درجة الصحة، بل يستشهد به ويعتبر به، وأما ابن قسيط شيخ أبي صخر فهو يزيد بن عبد الله بن قسيط بن أسمة بن عمير الليثي أبو عبد الله المدني الأعرج.

قد روى له البخاري ومسلم في صحيحهما حديثه عن عطاء بن يسار، وروى له مسلم أيضاً من روايته عن عروة بن الزبير وعبيد بن جريج وداود بن عامر بن سعد بن أبي وقاص، ولم يخرج له في الصحيح شيء من روايته، عن أبي هريرة، بل هو قليل الحديث، عن أبي هريرة، روى له أبو داود في سننه حديثين من روايته عنه.

(1) 2/691

(2)

هو الدولابي صاحب الكنى.

ص: 192

قال إسحاق بن منصور (1) : عن يحيى بن معين: يزيد بن عبد الله بن قسيط صالح ليس به بأس، وقال محمد بن سعد (2) : كان ثقة كثير الحديث، وقال النسائي (3) : ثقة وقال إبراهيم بن سعد عن محمد بن إسحاق، حدثني يزيد بن عبد الله بن قسيط، وكان فقيهاً ثقة، وكان ممن يستعان به على الأعمال لأمانته وفقهه، وقال ابن أبي حاتم (4) سئل أبي عن يزيد بن عبد الله بن قسيط؟ فقال: ليس بقوي.

وقال ابن حبان في كتابه الثقات (5) : روى عنه مالك وابن أبي دئب، وابن إسحاق ربما أخطأ، وذكره في كتاب التاريخ (6) في مشاهير التابعين في المدينة فقال: يزيد بن عبد الله بن قسيط الليثي أبو عبد الله مات سنة اثنتين وعشرين ومائة وكان ردئ الحفظ.

وذكره في التاريخ ايضاً في مشاهير أتباع التابعين بالمدينة فقال: يزيد بن عبد الله بن قسيط من بني ليث من جملة أهل المدينة وقدماء شيوخهم مات سنة اثنين وعشرين ومائة، وهكذا ذكره في موضعين في التابعين، وفي أتباعهم،وقال في أحد الموضعين: كان رديء الحفظ، وقال في الآخر: من جملة أهل المدينة.

وقال ابن أبي حاتم في كتاب الجرح والتعديل (7) : حدثنا علي بن الحسين بن الجنيد، حدثنا إسماعيل بن يحيى بن كيسان، حدثنا عبد الرزاق قال:قلت لمالك ما شأنك لا تحدثني بحديث يزيد بن عبد الله بن قسيط عن ابن المسيب، عن عمر وعثمان في الملطاة قال: العمل عندنا على غير هذا، والرجل ليس هناك عندنا يعني يزيد بن قسيط وقال أبو أحمد بن عدي في الكامل (8) : يزيد بن قسيط مديني، ثم روى عن عبد الله بن محمد بن المنهال وغيره عن الرمادي، حدثنا عبد الرزاق، أنبأنا ابن جريح، حدثنا سفيان الثوري عن مالك بن أنس، عن يزيد بن عبد الله بن قسيط، عن سعيد بن

(1) رواه إسحاق بن منصور هذه عن ابن معين أخرجها ابن أبي حاتم في الجرح والتعديل 9/274.

(2)

انظر الطبقات 5/246 ترجمة محمد بن أسامة حيث قال: وروى عنه يزيد بن عبد الله بن قسيط وكان ثقة قليل الحديث.

(3)

انظر كلامه في الميزان 4/430.

(4)

انظر الجرح والتعديل 9/274.

(5)

انظر الثقات 5/543.

(6)

انظر الثقات 7/616 وقال وكان ممن يخطئ.

(7)

انظر الجرح والتعديل 9/274.

(8)

انظر الكامل 7/2713.

ص: 193

المسيب أن عمر وعثمان في الملطاة وهي المسحاق (1) بنصف ما في الموضحة، قال عبد الرزاق: ثم قدم علينا الثوري فسألناه فحدثنا به عن مالك، قال عبد الرزاق: ثم لقيت مالكاً فقلت إن سفيان الثوري، حدثنا عنك عن ابن قسيط، عن ابن المسيب أنعمر وعثمان قضيا في الملطاة بنصف الموضحة، فقال: صدق أنا حدثته فقلت حدثني فأبى أن يحدثني فقال له مسلم بن خالد: يا أبا عبد الله ألا تحدثه قال: لا، العمل ببلدنا بخلافه ورجه عندنا ليس هناك يعني يزيد بن عبد الله بن قسيط.

ثم قال ابن عدي (2) : حدثنا الفضل بن الحباب، حدثنا محمد بن بشار، حدثنا محمد بن بكر أنبأنا ابن جريح عن سفيان، عن مالك بن أنس، عن يزيد بن عبد الله بن قسيط، عن سعيد بن المسيب، عن عمر وعثمان أنهما قضيا في الملطاة بنصف عقل الموضحة، هي السمحاق.

وقال ابن عدي (3) : حدثنا محمد بن علي المروري، حدثنا عثمان بن سعيد قال سألت يحيى بن معين عن يزيد بن قسيط ما حاله؟ قال: صالح، وقال ابن عدي ويزيد بن عبد الله بن قسيط، مديني مشهور عندهم بالرواية، وقد حدث عنه ابن عجلان ومالك بن أنس وجماعة معهما، وقد روى عنه مالك غير حديث، وهو صالح الروايات.

فقد تبين أن هذا الحديث الذي تفرد به أبو صخر عن ابن قسيط عن أبي هريرة لا يخلوا من مقال في إسناده، وإنه لا ينتهي به إلى درجة الصحيح.

وقد ذكر بعض الأئمة أنه على شرط مسلم، وفي ذلك نظر، فإن ابن قسيط، وإن كان مسلم قد روى في صحيحه من رواية أبي صخر عنه، لكنه لم يخرج من روايته عن ابي هريرة شيئاً (4) فلو كان قد أخرج في الأصول حديثاً من رواية أبي صخر، عن ابن قسيط عن أبي هريرة أمكن أن يقال في هذا الحديث: أنه على شرطه.

وأعلم أن كثيراً ما يروي أصحاب الصحيح حديث الرجل عن شيخ معين

(1) السمحاق: الجلدة الرقيقة التي على قحف الرأس فإن انتهت الشبحة إليها سميت سمحاقاً،انظر اللسان.

(2)

انظر الكامل 7/2713.

(4)

قلت وإذا راجعت تحفة الأشراف تجد أن ما قاله الحافظ ابن عبد الهادي حقاً فليس له رواية عن أبي هريرة في مسلم بل روى حديثين عن أبي هريرة وهي في أبي داود.

ص: 194

لخصوصيته به ومعرفته بحديثه وضبطه له، ولا يخرجون من حديثه عن غيره لكونه غير مشهور بالرواية عنه، ولا معروف بضبط حديثه، أو لغير ذلك، فيجيء من لا تحقيق عنده، فيرى ذلك الرجل المخرج له في الصحيح قد روى حديثاً عمن خرج له في الصحيح من غير طريق ذلك الرجل، فيقول: هذا على شرط الشيخين، أو على شرط البخاري، أو على شرط مسلم، لأنهما احتجا بذلك الرجل في الجملة (1) .

وهذا فيه نوع تساهل، فإن صاحبي الصحيح لم يحتجا به إلا في شيخ معين لا في غيره فلا يكون على شرطهما، وهذا كما يخرج البخاري ومسلم حديث خالد بن مخلد القطواني عن سليمان بن بلال، وعلي بن مسهر وغيرهما (2) ، ولا يخرجان حديثه عن عبد الله بن المثنى، وإن كان البخاري قد روى لعبد الله بن المثنى من غير رواية خالد عنه.

فإذا قال قائل في حديثه عن عبد الله بن المثنى: هذا على شرط البخاري كما قاله بعضهم في حديثه عنه عن ثابت البنائي عن أنس بن مالك قال: أول ما كرهت الحجامة للصائم أن جعفر بن أبي طالب احتجم وهو صائم، فمر به النبي صلى الله عليه وسلم فقال: أفطر هذا ثم رخص النبي بعد في الحجامة للصائم، وكان أنس يحتجم وهو صائم (3) ، كان في كلامه نوع مساهلة، فإن خالداً غير مشهور بالرواية عن عبد الله بن المثنى.

والحديث فيه شذوذ وكلام مذكور في غير هذا الموضع، وكما يخرج مسلم حديث حماد بن سلمة عن ثابت في الأصول دون الشواهد، ويخرج حديثه عن غيره في الشواهد، ولا يخرج حديثه عن عبد الله بن أبي بكر بن أنس بن مالك وعامر الأحوال وهشام بن حسان وهشام بن زيد بن أنس بن مالك وغيرهم، وذلك لأن حماد بن سلمة من

(1) قلت: ويمثل هذا وقع الحاكم رحمه الله تعالى في المستدرك فإنه مثلاً يخرج حديثاً من طريق سفيان بن حسين عن الزهري ثم يقول على شرط مسلم.

وهذا خطأ فإن سفيان بنحسين مضعف في الزهري وهو من رجال البخاري تعليقاً ومسلم والأربعة فمسلم لم يخرج له عن الزهري فلا يقال إذاً هو على شرطه كما ذكره الحافظ ابن عبد الهادي فليتنبه لهذه الفائدة العظيمة.

(2)

ذكر الحافظ ابن رجب في شرح علل الترمذي فقال: ذكر الغلابي في تاريخه قال: القطواني يأخذ عن مشيخة المدينة وابن بلال فقط، يريد سليمان بن بلال ويعني بهذا أنه لا يؤخذ منه إلا حديثه عن أهل المدينة وسليمان بن بلال منهم لكن أفرده بالذكر.

(3)

أخرجه الدارقطني 2/182 وقال في رجاله كلهم ثقات ولا أعلم له علة.

ص: 195

أثبت من روى عن ثابت، أو أثبتهم، قال يحيى بن معين (1) : أثبت الناس في ثابت البنائي حماد بن سلمة.

وكما يخرج مسلم أيضاً حديث سويد بن سعيد، عن حفض بن ميسرة الصنعاني، مع أن سويداً ممن كثر الكلام فيه واشتهر، لأن نسخه حفص ثابته عن مسلم من طريق غير سويد لكن بنزول، وهي عنده من رواية سويد بعلو، فلذلك رواها عنه، قال إبراهيم بن أبي طالب: قلت لمسلم: كيف استخرجت الرواية عن سويد في الصحيح؟ فقال: ومن أين كنت أتى بنسخه حفص بن ميسرة، فليس لقائل أن يقول في كل حديث، رواه سويد بن سعيد عن رجل روى له مسلم من غير طريق سويد عنه، هذا على شرط مسلم فاعلم ذلك.

وقد روى مسلم في صحيحه حديثاً من رواية أبي صخر، عن يزيد بن عبد الله بن قسيط، لكن ابن قسيط لا يرويه عن أبي هريرة، وإنما يرويه عن داود بن عامر ب سعيد بن ابي وقاص، قال في صحيحه (2) حدثني محمد بن عبد الله بن نمير، ثنا عبد الله بن يزيد، حدثني حيوة، حدثني أبو صخر، عن يزيد بن عبد الله بن قسيط أنه حدثه أن داود بن عامر بن سعد بن أبي وقاص، حدثه عن أبيه أنه كان قاعداً عند عبد الله بن عمر إذ طلع خباب صاحب المقصورة فقال: يا عبد الله بن عمر ألا تسمع ما يقول أبو هريرة؟ إنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((من خرج مع جنازة وصلى عليها، ثم تبعها حتى تدفن كان له قيراطان من أجر كل قيراط مثل أحد، ومن صلى عليها، ثم رجع كان له من الأجر مثل أحد)) فأرسل ابن عمر خباباً إلى عائشة يسألها عن قول أبي هريرة، ثم رجع إليه فيخبره ما قلت، وأخذ ابن عمر قبضة من حصى المسجد يقلبها في يده حتى رجع إليه الرسول فقال: قال عائشة: صدوق أبو هريرة.

فضرب ابن عمر بالحصى الذي كان في يده الأرض ثم قال: لقد فرطنا في قراريط كثيرة، هكذا روى مسلم هذا الحديث في صحيحه من رواية أبي صخر، عن ابن قسيط بعد أن ذكره من طرق عن أبي هريرة من رواية سعيد بن المسيب والأعرج وأبي صالح

(1) انظر شرح علل الترمذي لابن رجب.

(2)

انظر صحيح مسلم 2/653.

ص: 196

وأبي حازم وغيرهم عنه، ورواه أيضاً من حديث معدان بن أبي طلحة الميعمري، عن ثوبان، فرواية أبي صخر متابعة لهذه الروايات وشاهدة لها (1) .

وهكذا عاد مسلم غالباً إذا روى لرجل قد تكلم فيه ونسب إلى ضعف وسوء حفظه وقلة ضبطه، إنما يروي له في الشواهد والمتابعات، ولا يخرج له شيئاً انفرد به ولم يتابع عليه (2) .

فعلم أن هذا الحديث الذي تفرد به أبو صخر، عن ابن قسيط عن أبي هريرة لا ينبغي أن يقال هو على شرط مسلم، وإنما هو حديث إسناده مقارب وهو صالح أن يكون متابعاً لغيره وعاضداً له، والله أعلم (3) .

وأما النزاع في دلالة الحديث فمن جهة احتمال لفظه، فإن قوله:((ما من أحد يسلم علي)) يحتمل أن يكون المراد به عند قبره كما فهمه جماعة من الأئمة، ويحتمل أن يكون معناه على العموم، وأنه لا فرق في ذلك بين القريب والبعيد، وهذا هو ظاهر الحديث وهو الموافق للأحاديث المشهورة التي فيها فإن تسليمكم يبلغني أينما كنتم، وإن صلاتكم تبلغي حيثما كنتم، يشير بذلك صلى الله عليه وسلم إلى أن ما ينالي منكم من الصلاة والسلام يحصل مع قربكم من قبري وبعدكم منه، فلا حاجة بكم إلى اتخاذه عيداً، كما قال:((ولا تجعلوا قبري عيداً وصلوا علي فإن صلاتكم تبلغني حيثما كنت)) .

والأحاديث عنه بأن صلاتنا وسلامنا تبلغه وتعرض عليه كثير قد تقدم ذكر بعضها.

وقد روى أبو يعلي الموصلي عن موسى بن محمد بن حبان، حدثنا أبو بكر الحنفي، حدثنا عبد الله بن نافع، أنبأنا العلاء بن عبد الرحمن قال: سمعت الحسن بن علي بن أبي طالب قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((صلوا في بيوتكم ولا تتخذوها قبوراً ولا تتخذوا بيتي عيداً وصلوا علي وسلموا فإن صلاتكم وسلامكم يبلغني أينما كنتم وقد تقدم الحديث الذي رواه أبو يعلي في مسنده أيضاً عن أبي بكر بن أبي شيبة، حدثنا زيد بن الحباب، حدثنا جعفر بن إبراهيم من ولد ذي الجناحين، حدثنا علي بن عمر عن

(1) انظر كلام الإمام مسلم في مقدمة صحيحه ص5.

(2)

تقدم الكلام على الحديث ونقلنا كلام الحافظ في النكت الطراف.

(3)

تقدم الكلام عليه.

ص: 197

أبيه عن علي بن حسين أنه رأى رجلاً يجيء إلى فرجة كانت عند قبر رسول الله صلى الله عليه وسلم، فيدخل فيها فيدعو، فنهاه فقال: ألا أحدثكم حديثاً سمعته من أبي عن جدي، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:((لا تتخذوا قبري عيداً ولا بيوتكم قبوراً فإن تسليمكم يبلغني أينما كنتم)) (1) .

روى هذين الحديثين من طريق أبي يعلي الموصلي الحافظ أبو عبد الله محمد بن عبد الواحد المقدسي فيما اختاره من الأحاديث الجياد الزائدة على الصحيحين، وشرطه في أحسن من شرط الحاكم في صحيحه، وقال سعيد في سننه: حدثنا حبان بن علي حدثني محمد بن عجلان، عن أبي سعيد مولى المهري قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ((لا تتخذوا بيتي عيداً ولا بيوتكم قبوراً وصلوا علي حيثما كنتم فإن صلاتكم تبلغني)) (2) .

وروى عبد الرزاق في مصنفه عن الثوري، عن ابن عجلان، عن رجل يقال له سهل، عن الحسن بن الحسن بن علي أنه رأى قوماً عند القبر فنهاهم، وقال: إن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((لا تتخذوا قبري عيداً ولا تتخذوا بيوتكم قبوراً وصلوا علي حيثما كنتم فإن صلاتكم تبلغني)) (3) .

وقال سعيد: حدثنا عبد العزيز بن محمد، أخبرني سهيل بن أبي سهيل قال: رآني الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب عند القبر فنادني وهو في بيت فاطمة يتعشى فقال: هلم إلى العشاء، فقلت: لا أريده، فقال مالي رأيتك عند القبر؟ فقلت سلمت على النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: إذا دخلت المسجد فسلم، قال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((لا تتخذوا بيتي عيداً ولا تتخذوا بيوتكم قبوراً، لعن الله اليهود اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد وصلوا علي فإن صلاتكم تبلغني ما أنتم ومن بالأندلس إلا سواء)) .

فانظر هذه السنة كيف مخرجها من أهل المدينة، وأهل البيت رضي الله عنهم عن رواية علي بن أبي طالب، وأبنه الحسن وأبني ابيه علي بن الحسين زين العابدين والحسن بن الحسن شيخ بني هاشم في زمانه الذي لهم من رسول الله صلى الله عليه وسلم قرب النسب وقرب الدار.

(1) تقدم الكلام عليه وجعفر بن إبراهيم مستور الحال وسقط (علي بن عمر عن أبيه عن) وتصويبه من اقتضاء الصراط المستقيم ص322 فيكون هذا (حدثنا جعفر بن إبراهيم من ولد ذي الجناحين، حدثنا علي بن عمر عن أبيه عن علي بن حسين.

(2)

هذا مرسل وتقدم الكلام عليه.

(3)

انظر 3/877 طبع المكتب الإسلامي.

ص: 198

وهذان المرسلان: مرسل أبي سعيد (1) مولى المهري أحد ثقات التابعين، ومرسل الحسن بن الحسن من هذين الوجهين المختلفين يدلان على ثبوت الحديث، لا سيما وقد احتج من أرسله به، وذلك يقتضي ثبوته عنده لولم يكن روي من وجوه مسنده غير هذين فكيف وقد جاء مسنداً من غير وجه.

قال أبو داود في سننه (2) : حدثنا أحمد بن صالح، قال: قرأت على عبد الله بن نافع أخبرني ابن أبي ذئب، عن سعيد المقيري، عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((لا تجعلوا بيوتكم قبوراً ولا تجعلوا قبري عيداً وصلوا علي فإن صلاتكم تبلغني حيثما كنتم)) صلى الله عليه وسلم تسليماً.

وقال الشيخ (3) : وهذا إسناد حسن فإن رواته كلهم ثقات مشاهير، لكن عبد الله بن نافع الصائغ الفقيه المدني صاحب مالك فيه لين لا يقدح في حديثه. قال يحيى بن معين: هو ثقة وحسبك بابن معين موثقاً (4) .

وقال أبو زرعة لا بأس به (5) .

وقال أبو حاتم الرازي (6) : ليس بالحافظ هو لين تعرف من حفظه وتنكر.

فإن هذه العبارات منهم تنزل حديثه من مرتبة الصحيح إلى مرتبة الحسن، إذ لا خلاف في عدالته وفقه، وإن الغالب عليه الضبط، لكن قد يغلط أحياناً، ثم إن هذا الحديث مما يعرف من حفظه ليس مما ينكر، لأنه سنة مدنية هو محتاج إليها في فقهه. ومثل هذا يضبطه الفقيه، وللحديث شواهد من غير طريقة، فإن هذا الحديث روي من

(1) سعيد هو ابن منصور الخراساني صاحب السنن والحديث أخرجه إسماعيل القاضي رقم 30 والحديث له طرق كثيرة وألفاظه متقاربة وهو بمجموع طرقه يرتقي إلى الصحة إن شاء الله، تقدم الكلام عليه، وقوله (ما أنتم ومن بالأندلس إلا سواء) ليس من كلام النبي عليه الصلاة والسلام وإنما من كلام الحسن.

(2)

21/534.

(3)

انظر اقتضاء الصراط المستقيم 321-322.

(4)

انظر رواية أبي خالد الدقاق يزيد بن الهيثم لابن معين رقم 373 ص116.

وفي رواية لابن معين في تاريخه برقم 952 قال ضعيف.

(5)

انظر الجرح والتعديل 5/183 - 184.

(6)

انظر الجرح والتعديل 5/183-184، وانظر الميزان 5/513.

ص: 199

جهات أخرى، فما بقي منكراً، وكل جملة من هذا الحديث رويت عن النبي صلى الله عليه وسلم بأسانيد معروفة، وقد ذكر الشيخ هذه الأحاديث وغيرها في الصلاة والسلام على النبي صلى الله عليه وسلم ثم قال:

فهذه الأحاديث المعروفة عند أهل العلم التي جاءت من وجوه حسان يصدق بعضها بعضاً، وهي متفقة على أن من صلى عليه وسلم من أمته، فإن ذلك يبلغ ويعرض عليه وليس في شيء منها أنه يسمع صوت المصلي والمسلم بنفسه، إنما فيها أن ذلك يعرض عليه ويبلغه صلى الله عليه وسلم تسليماً.

ومعلوم أنه أراد بذلك الصلاة والسلام الذي أمر الله به، سواء صلى عليه وسلم في مسجده، أو مدينته أو مكان آخر.

فعلم أن ما أمر الله به من ذلك، فإنه يبلغه وأما من سلم عليه عند قبره، فإنه يرد عليه.

وذلك كالسلام على سائر المؤمنين، ليس هو من خصائصه، ولا هو السلام المأمور به الذي يسلم الله على صاحبه عشراً كما يصلي على من صلى عليه عشراً، فإن هذا هو الذي أمر به في القرآن الكريم، وهو لا يختص بمكان دون مكان، وقد ذكرنا كلام الشيخ مستوفي فيما تقدم على قوله: ما من أحد يسلم علي، وهل هو عام لا يختص بمكان أو المراد به عند قبره؟ وأي شيء معنى كونه عند القبر بما فيه كفاية فغنينا عن إعادته في هذا الموضع والله أعلم.

ومن الأحاديث المروية في تبليغه صلى الله عليه وسلم سلام من يسلم عليه من أمته ما أخبرنا به قاضي القضاة تقي الدين أبو الفضل المقدسي مشافهة قال: حدثنا الحافظ أبو عبد الله المقدسي سماعاً، أنبأنا أبو عبد الله محمد بن معمر بأصبهان أن جعفر بن عبد الواحد أخبرهم إجازة، أنبأنا أبو القاسم عبد الرحمن بن محمد بن أحمد بن عبد الرحمن الهمداني، أنبأنا أبو محمد عبد الله بن محمد بن جعفر بن بشر، حدثنا محمد بن عامر،حدثنا أبو قرصافة جندرة، وكان لأبي قرصافة صحبه، وكان النبي صلى الله عليه وسلم قد كساه برنساً، وكان الناس يأتونه فيدعو لهم ويبارك فيهم فتعرف البركة فيهم.

وكان لأبي قرصافة ابن في بلاد الروم غازياً، وكان أبو قرصافة إذا أصبح في السحر بعسقلان نادى بأعلى صوته يا قرصافة الصلاة، فيقول قرصافة من بلاد الروم: لبيك يا أبتاه

ص: 200

فيقول أصحابه: ويحك لمن تنادي؟ فيقول: لأبي ورب الكعبة، يوقظني للصلاة.

قال ابو قرصافة: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: من أوى إلى فراشة، ثم قرأ سورة تبارك، قم قال: ((اللهم رب الحل والحرام، ورب البلد الحرام ورب الركن والمقام ورب المشعر الحرام، وبحق كل آية أنزلتها في شهر رمضان بلغ روح محمد تحية مني وسلاماً أربع مرات وكل الله به ملكين حتى يأتيا محمداً فيقولان له ذلك فيقول صلى الله عليه وسلم وعلى فلان بن فلان مني السلام ورحمة الله وبركاته، هكذا أخرجه الحافظ أبو عبد الله في الأحاديث المختارة، وقال: لا أعرف هذا الحديث،إلا بهذا الطريق وهو غريب جداً وفي رواية من فيه بعض المقال.

وقال أبو القسم الطبراني: حدثنا عبيد الله بن محمد العمري (1) ، حدثنا أبو مصعب حدثنا مالك عن أبي الزناد، عن الأعرض، عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((ما من مسلم يسلم علي في شرق ولا غرب إلا أنا وملائكة ربي ترد عليه السلام فقال له قائل: يا رسول الله فما بال أهل المدينة؟ فقال له: وما يقال لكريم في جيرته وجيرانه)) أنه مما أمر به من حفظ الجوار وحفظ الجيران، قال الحافظ أبو عبد الله المقدسي، قيل: غريب من حديث مالك تفرد به أبو مصعب.

قلت: بل هو حديث موضوع على رسول الله صلى الله عليه وسلم ليس له أصل من حديث أبي هريرة، ولا حديث الأعرج، ولا حديث أبي الزناد، ولا حديث مالك، ولا حديث أبي مصعب، بل هو موضوع كله والمتهم بوضعه هذا الشيخ العمري المدني الذي روى عنه الطبراني، ويكفي في افتضاحه روايته هذا الحديث بمثل هذا الإسناد الذي كالشمس، ويجوز أن يكون وضع له وأدخل عليه فحدث به، نعوذ الله من الخذلان.

ثم ذكر المعترض أن السلام على نوعين نوع يقصد به الدعاء، ونوع يقصد به التحية والتكلم في ذلك بكلام عليه في بعضه مناقشات ومؤاخذات يطول الكتاب بذكرها.

(1) هو عبيد الله بن محمد بن عبد العزيز العمري، قال الذهبي في الميزان، من شيوخ الطبراني يروي عن طبقة إسماعيل بن أبي أويس رماه النسائي بالكذب، وذكر صاحب اللسان هذا الحديث من مناكير قال الدارقطني ليس يصحيح تفرد به العمري وكان ضعيفاً.

ص: 201