الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قُدَّام الشَّرْع.
وانفصلَ المجلسُ على أنَّهم يخلعون أطواقَ
(1)
الحديد، وعلى أنَّ من خرج عن الكتاب والسُّنَّة ضُرِبَت عُنُقه
(2)
، وحَفِظ هذه الكلمة الحاضرون من الأمراء والأكابر وأعيان الدولة. وكتب الشيخُ عقيب هذه الواقعة جزءًا في حال الأحمدية ومبدئهم، وأصل طريقتهم
(3)
، وذِكْرِ شيخهم، وما في طريقهم من الخير والشرّ، وأوضح الأمرَ في ذلك.
[ملخص محنة الشيخ بسبب الحموية وما جرى له في مصر]
وقال الذهبيُّ في أثناء كلامه في ترجمة الشيخ
(4)
: ولمّا صنَّف «المسألة الحموية» في الصفات سنة ثمان وتسعين، تحزَّبوا له، وآل بهم الأمرُ إلى أن طافوا بها
(5)
على قصبة من جهة القاضي الحنفي، ونُودي عليه بأن لا يُسْتَفتى. ثم قام بنصره طائفةٌ آخرون، وسلَّم الله.
(1)
(ب، ق، ف): «الأطواق» .
(2)
(ف، ك): «رقبته» .
(3)
(ف): «طريقهم» .
(4)
«في ترجمة الشيخ» سقطت من (ف)، وتكرر قوله:«في أثناء كلامه» . وكلام الذهبي في «الدرة اليتيمية - ضمن تكملة الجامع» : (ص 42).
(5)
(ف، ك): «به» .
فلمّا كان سنة
(1)
خمس وسبعمائة جاء الأمر من مصر بأن يُسأل عن مُعْتقده، فجُمِعَ له القُضاةُ والعلماءُ بمجلس نائب دمشق الأفرم.
فقال: أنا كنتُ سُئِلْتُ عن مُعتقد السنَّة
(2)
، فأجبتُ عنه في جزءٍ من سنين، وطَلَبه من داره، فأُحضِرَ، وقرأه.
فنازعوه في موضعين أو ثلاثة منه، وطال المجلس، فقاموا واجتمعوا مرَّتين أيضًا لتتمة الجزء، وحاققوه، ثم وقع الاتفاقُ على أنَّ هذا مُعْتَقدٌ سلفيٌّ جَيِّد. وبعضُهم قال ذلك كُرْهًا.
وكان المصريُّون قد سَعَوا في أمر الشيخ، ومالأوا الأمير رُكن الدين الشاشنكير
(3)
ــ الذي تَسَلْطن ــ عليه، فطُلِب إلى مصر على البريد.
فثاني يوم دخوله اجتمعَ القُضاة والفقهاء بقلعة مصر، وانتصبَ ابنُ عَدْلان
(4)
له خصمًا، وادَّعى عليه عند القاضي ابن مخلوفٍ
(5)
المالكي: أنَّ
(1)
(ق، ف، والدرة): «في سنة» .
(2)
(ق، ف، ك، والدرة): «كنت قد .. » . و (ف، ك): «معتقد أهل السنة» .
(3)
هو: بيبرس بن عبد الله المنصوري، ركن الدين. كان من أمراء المماليك، تسلطن بعد خلع الملك الناصر محمد بن قلاوون سنة 708، ولم يطل أمره في الملك فلم يكمل السنة، وأمسكه الملك الناصر وأُحْضِر بين يديه وخَنَقه بوترٍ كان بيده سنة (709). انظر «أعيان العصر»:(2/ 71 - 75)، و «مورد اللطافة فيمن ولي السلطنة والخلافة»:(2/ 59 - 63).
(4)
هو: محمد بن أحمد بن عثمان، الكناني المصري الشافعي، من الفقهاء، كان مقربًا من الجاشنكير، له شرح على مختصر المزني ــ مخطوط. توفي سنة (749) عن نحو تسعين عامًا. انظر «أعيان العصر»:(4/ 297 - 299). و «الدرر الكامنة» : (3/ 333 - 334).
(5)
(ك): «ابن مخلوف القاضي» . وهو: علي بن مخلوف بن ناهض النُّويري المالكي، ولي القضاء، وعيب عليه قلة العلم، والتسرّع في الأحكام (ت 718). انظر «رفع الإصر»:(2/ 405 - 406)، و «أعيان العصر»:(3/ 543 - 545). وقد قال عنه شيخ الإسلام: إنه قليل العلم والدين. «مجموع الفتاوى» : (3/ 235).
هذا يقول: إنَّ الله تكلَّم بالقرآن بحرفٍ وصوتٍ، وأنَّه تعالى على العرش بذاته، وأنَّ الله يُشارُ إليه الإشارة الحِسِّيَّة.
وقال: أطلبُ عقوبته على ذلك.
فقال القاضي: ما تقول يا فقيه؟
فحمد الله وأثنى عليه. فقيل له: أسْرِع، ما أحضرناك لتخْطُب!
فقال: أُمْنَع من الثناء على الله؟ !
فقال القاضي: أجِبْ، فقد حمدتَ اللهَ.
فسكتَ، فألحَّ عليه.
فقال: مَن الحاكم فيَّ
(1)
؟
فأشاروا له إلى القاضي ابن مخلوف.
فقال: أنت خَصْمي، كيف تحكمُ فيَّ؟ وغضبَ وانزعجَ، وأُسْكِتَ القاضي.
فأقيمَ الشيخُ وأخواه، وسُجنوا بالجُبِّ بقلعة الجبل، وجرت أمورٌ طويلة.
وكُتِبَ إلى الشام كتابٌ سلطانيٌّ بالحطِّ
(2)
عليه، فقرئ بالجامع، وتألَّم
(1)
(ب، ق، ف): «فمن الحاكم
…
»، و «فيّ» سقطت من (ب، ق).
(2)
(ك): «بالخط» .
الناسُ له. ثم بقي سنةً ونصفًا، وأُخرج، وكتب لهم ألفاظًا اقترحوها عليه، وهُدِّد أو
(1)
تُوُعِّد بالقتل إن لم يكتبها
(2)
.
وأقام بمصر يُقرئ العلمَ ويجتمع خلقٌ
(3)
عنده، إلى أن تكلَّم في الاتحادية القائلين بوحدة الوجود، وهم ابنُ سبعين وابنُ عربي والقُونويُّ وأشباههُم
(4)
، فتحزَّب عليه صوفيَّةٌ وفقراءُ، وسعوا فيه، وأنَّه تكلَّم
(5)
في صفوة الأولياء. فعُمِل له محفل، ثم أخرجوه على البريد، ثم ردُّوه على مرحلةٍ من مصر، ورأوا مصلحَتهم في اعتقاله، فسجنوه في حبس القُضاة سنةً ونصفًا.
(1)
بقية النسخ: «وهُدّد وتُوعد» .
(2)
في تفصيل هذه الحادثة، وتحرير ما وقع فيها انظر مقدمة «الجامع لسيرة شيخ الإسلام ابن تيمية ــ ط الثالثة»:(ص 39 - 47).
(3)
(ك): «عنده خلق» .
(4)
ابن سبعين هو: عبد الحق بن إبراهيم بن محمد الأشبيلي، من متصوّفة الفلاسفة القائلين بوحدة الوجود، له تصانيف في التصوف والفلسفة (ت 669). انظر «تاريخ الإسلام»:(15/ 168).
وابن عربي هو: محمد بن علي بن محمد بن عربي الطائي الأندلسي، محيي الدين الحاتمي، يلقب بالشيخ الأكبر، من كبار المتصوّفة القائلين بوحدة الوجود، له تصانيف كثيرة. (ت 638). انظر «تاريخ الإسلام»:(14/ 273).
والقونوي هو: محمد بن إسحاق بن محمد، صدر الدين القونوي الرومي، من كبار تلاميذ ابن عربي، تزوّج ابنُ عربيّ أمَّه وربّاه، وله مصنفات كثيرة في التصوف (ت 673). انظر «تاريخ الإسلام»:(15/ 266).
(5)
(ب، ق): «يتكلم» .