الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وغير ذلك من القواعد والأجوبة في ذلك لا تَنْحَصر ولا تَنْضَبط.
وله في ذلك جوابُ اعتراضٍ ورَدَ عليه من الديار المصرية، وهو جوابٌ طويل في ثلاث مجلَّدات، بقطع نِصْف البلدي.
***
[مسألة الحَلِف بالطلاق، وما جرى للشيخ فيها من فصول]
وكان القاضي شمس الدين ابن مُسَلَّم الحنبليّ
(1)
رحمه الله، في يوم الخميس منتصف شهر ربيع الآخر، من سنة ثمان عشرة وسبعمائة، قد اجتمع بالشيخ، وأشار عليه بترك الإفتاء في مسألة الحلف بالطلاق. فقَبِل الشيخُ إشارته، وعرف نصيحته، وأجاب إلى ذلك.
وكان قد اجتمع بالقاضي
(2)
جماعةٌ من الكبار حتى فعل ذلك.
فلمَّا كان يوم السبت، مُسْتَهلّ جُمادى الأولى من هذه السنة، وردَ البريدُ إلى دمشق
(3)
ومعه كتابُ السُّلطان بالمنع من الفتوى في مسألة الحلف بالطلاق التي رآها [ق 117] الشيخ تقيُّ الدين ابن تيميَّة، وأفتى بها
(1)
هو محمد بن مسلّم ــ بتشديد اللام ــ بن مالك الدمشقي شمس الدين الحنبلي (662 ــ 726). لمَّا عُيّن للقضاء توقّف، فطلع ابن تيمية إليه ولامَه على الترك وقوَّى عزمه فأجاب بشروط، فأجيب
…
فباشر أحسن مباشرة، وعَمَرَ الأوقاف، وحاسب العمّال. انظر «الذيل على طبقات الحنابلة»:(4/ 464)، و «البداية والنهاية»:(18/ 274)، و «الدرر الكامنة»:(4/ 258).
(2)
(ك): «إلى القاضي» .
(3)
«إلى دمشق» ليست في (ب).
وصنَّف فيها، والأمرُ بعَقْد مجلسٍ في ذلك.
فعُقِد يوم الاثنين ثالث الشهر المذكور بدار السعادة، وانفصل الأمرُ على ما أمر به السلطان، ونودي بذلك في البلد يوم الثلاثاء رابع الشهر المذكور.
ثمّ إنَّ الشيخ عاد إلى الإفتاء بذلك، وقال: لا يَسَعُني كتمان العلم، فلما كان في يوم الثلاثاء التاسع والعشرين من شهر رمضان من سنة تسع عشرة، جُمع القضاة والفقهاء عند نائب السلطة بدار السعادة، وقُرئ عليهم كتابُ السلطان. وفيه فصلٌ يتعلَّق بالشيخ بسبب الفتوى في هذه المسألة، وأُحْضِر وعُوتِبَ على فتياه بعد المنع، وأُكِّدَ عليه في المنع من ذلك.
***
فلمَّا كان بعد ذلك بمدة، في يوم الخميس الثاني والعشرين من رجب سنة
(1)
عشرين، عُقِدَ مجلسٌ بدار السعادة، وحضره
(2)
النائب، والقضاةُ، وجماعةٌ من المفتين
(3)
، وحضر الشيخُ، وعاودوه في الإفتاء في مسألة
(4)
الطلاق، وعاتبوه على ذلك، وحُبِسَ
(5)
بالقلعة، فبقي فيها خمسةَ أشهر وثمانية عشر يومًا.
(1)
(ب، ك): «من سنة» .
(2)
(ب): «حضر» ، (ف، ك): «حضره» .
(3)
الأصل و (ب): «المفتيين» . ورد هذا الجمع بهذه الصيغة في «الرسالة» (ص 278) للإمام الشافعي.
(4)
(ف، ك): «بمسألة» .
(5)
(ف، ك): «وحبسوه» .
ثم وردَ مرسومُ السلطان بإخراجه، فأُخْرِجَ منها يوم الاثنين يوم عاشوراء، من سنة إحدى وعشرين. وتوجَّه إلى داره.
***
ثم لم يزل بعد ذلك يُعَلِّم الناس ويلقي الدَّرس بالحنبلية
(1)
أحيانًا، ويُقْرأ عليه في مدرسته
(2)
بالقَصَّاعين
(3)
في أنواع العلوم
(4)
.
وكنتُ أتردَّدُ إليه في هذه المدّة أحيانًا
(5)
، وقرأتُ عليه قطعةً من «الأربعين» للرازي، وشَرَحَها لي، وكتب لي على بعضها شيئًا، وكان يُقرأ عليه في تلك المدة من كتبه، وهو يُصْلح فيها، ويزيدُ وينقص.
ولقد حضرت معه يومًا في بستان الأمير فخر الدين بن الشمس لؤلؤ
(6)
،
وكان قد عمل وليمةً، وقرأتُ على الشيخ في ذلك اليوم أربعين حديثًا. وكتب بعضُ الجماعة أسماء الحاضرين، وأخذ الشيخُ بعد ذلك في
(1)
المدرسة الحنبلية بدمشق، أوقفها شرف الإسلام عبد الوهاب بن أبي الفرج الحنبلي (ت 536). انظر «الدارس في تاريخ المدارس»:(2/ 50 ــ 62).
(2)
(ب): «مدرسة» .
(3)
وهي دار الحديث السكريّة. انظر «الدارس في تاريخ المدارس» : (1/ 56 ــ 59)، وكتاب «دار الحديث السكرية سُكنى شيخ الإسلام ابن تيمية» لمحمد مطيع الحافظ.
(4)
(ف، ك): «أنواع من العلم» .
(5)
كان عمر المؤلِّف حينها ستة عشر عامًا، وكونه يقرأ عليه الأربعين للرازي في هذه السنّ ما يدلّ على نبوغه المبكر رحمه الله.
(6)
قال ابن كثير: «متولّي البرّ، كان مشكورًا» (ت 736).
انظر «البداية والنهاية» : (18/ 389 ــ 390)، و «الدرر الكامنة»:(3/ 65).