الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
تجد مثلَهم في دولتك، وأنا
(1)
فَهُم في حلٍّ من حقِّي ومن جهتي، وسكَّنْتُ ما عندَه عليهم.
قال: فكان القاضي زينُ الدين ابنُ مخلوف ــ قاضي المالكية ــ يقولُ بعد ذلك: ما رأينا أفْتى
(2)
من ابن تيميَّة، لم نُبْقِ ممكنًا في السَّعْي فيه، ولما قَدَر علينا عفا عنَّا.
ثم إنَّ الشيخَ رحمه الله ــ بعد اجتماعه بالسلطان ــ نزلَ إلى القاهرة، وسكن بالقرب من مَشْهد الحسين، وعاد إلى بثِّ العلم
(3)
ونشره، والخلقُ يشتغلون عليه ويقرؤون، ويستفتونَه ويجيبهم بالكلام والكتابة، والأمراءُ والأكابرُ والناسُ يتردَّدون إليه، وفيهم من يعتذرُ إليه ويتنصَّل مما وقع، فقال: قد جعلتُ الكلَّ في حلٍّ مما جرى.
[كتاب الشيخ إلى أصحابه وأقاربه بدمشق]
وبعثَ الشيخُ كتابًا إلى أقاربه وأصحابِه بدمشق، يَذْكُر ما هو فيه من النعمة
(4)
العظيمة والخير الكثير، ويطلب فيه جملةً من كتبِ العلم يُرْسَل بها إليه.
وقال في هذا الكتاب:
تعلمون أنَّا بحمد الله في نِعَم عظيمة، ومِنَنٍ جسيمة، وآلاءٍ متكاثرة، وأيادٍ
(1)
(ب): «وأما أنا» ، (ك):«أو أنا» .
(2)
من الفتوّة، وهي: الحرية والكرم. وغيَّرها في (ط) إلى: «أتقى» .
(3)
سقطت من (ف).
(4)
(ف، ك): «النعم» .
متظاهرة. لم تكن تخطر
(1)
لأكثر الخلق ببالٍ، ولا تدور لهم في خيال. والحمد لله حمدًا كثيرًا طيبًا مباركًا فيه، كما يحبه ربنا ويرضاه
…
إلى أن قال: والحقُّ دائمًا في انتصار وعلوٍّ وازدياد، والباطل في انخفاض وسَفال وَنَفاد. وقد أخضع الله رقابَ الخصوم وأذلَّهم غايةَ الذلِّ
(2)
، وطلب أكابرهم من السِّلم والانقياد ما يطولُ وصفُه.
ونحن ــ ولله الحمد ــ قد اشترطنا عليهم في ذلك من الشروط ما فيه عزُّ الإسلام والسُّنة، وانقماعُ الباطل والبدعة، وقد دخلوا في ذلك كلِّه؛ وامتنعنا حتى يَظْهَر ذلك إلى الفعل، فلم نثق لهم بقولٍ وعهد
(3)
، ولم نُجِبْهم إلى مطلوبهم حتى يصير المشروط معمولًا، والمذكور مفعولًا، ويظهر من عزِّ الإسلام والسنة للخاصَّة والعامَّة ما يكون من الحسنات التي تمحو سيئاتهم. وقد أيَّد
(4)
الله من الأسباب التي فيها عزُّ الإسلام والسنة، وقَمْع الكفر والبدعة، بأمورٍ يطولُ وصفُها في كتابٍ.
وكذلك جرى من الأمور التي فيها
(5)
عزُّ الإسلام وقمع اليهود والنصارى، بعد أن كانوا قد استطالوا وحصلت لهم شوكة، وأعانهم من أعانهم على أمرٍ فيه ذُلٌّ كبير من المسلمين
(6)
، فلطفَ الله باستعمالنا في
(1)
(ف): «يكن يخطر» .
(2)
(ب): «الذلة» .
(3)
(ف، ك): «ولا عهد» .
(4)
(ف، ك): «أمد» .
(5)
بقية النسخ: «جرى من الأسباب» ، (ف، ك): «التي هي» .
(6)
(ب): «ذل كثير» . (ف، ك، ح): «من الناس» .
بعض ما أمرَ الله به ورسولُه. وجرى في ذلك مما فيه عزّ المسلمين، وتأليف قلوبهم، وقيامهم على اليهود والنصارى، وذلّ المشركين وأهل الكتاب، مما هو من أعظم نِعَم الله على عباده المؤمنين. ووَصْفُ هذا يطول.
وقد أرسلت إليكم كتابًا أطلبُ ما صنَّفْته في أمر الكنائس، وهي كراريس بخطي، قَطْعِ [ق 102] النصف
(1)
البلدي، فترسلون ذلك إن شاء الله تعالى، وتستعينون على ذلك بالشيخ جمال الدين المِزِّي، فإنه يُقلِّبُ الكتبَ ويخرجُ المطلوب. وترسلون أيضًا من تعليق القاضي أبي يعلى الذي بخطِّ القاضي أبي الحسين، إنْ أمكنَ الجميع، وهو أحدَ عشر مجلدًا، وإلَّا فمن أوله مجلدًا، أو مجلَّدين
(2)
، أو ثلاثة.
وذكر كُتُبًا أُخر
(3)
يطلبها منهم.
ولم يزل الشيخُ مستمرًّا على عادته من إشغال الناسِ
(4)
ونَفْعهم وموعظتِهم، والاجتهادِ في سَبِيْل
(5)
الخير.
***
(1)
(ف، ك): «نصف» .
(2)
(ب): «مجلد أو مجلّدان» .
(3)
«أخر» ليست في (ف، ك). وكان كتبها في الأصل «كتابا آخر» ثم أصلحا في الهامش.
(4)
(ك): «اشتغال» . وأصلحها في (ط): «الاشتغال بتعليم» .
(5)
(ف، ك): «سبل» .