المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[مجالس المناظرة في العقيدة] - العقود الدرية في مناقب ابن تيمية - ط عطاءات العلم - الكتاب

[ابن عبد الهادي]

فهرس الكتاب

- ‌ ابن الزَّمْلَكاني

- ‌ ابن سيِّد الناس اليَعْمَري

- ‌ شجاعته وجهاده وإقدامه

- ‌[مصنفات الشيخ

- ‌[مناظرة في الحمد والشكر مع ابن المرحِّل]

- ‌بحث جرى بين شيخ الإسلام تقي الدين ابن تيميَّة رحمه الله وبين ابن المُرَحِّل

- ‌[عودة إلى ترجمة شيخ الإسلام]

- ‌[كتاب الشيخ في حادثة غزو التتار لبلاد الشام]

- ‌فصل

- ‌[مناظرة الشيخ مع الأحمدية]

- ‌[ملخص محنة الشيخ بسبب الحموية وما جرى له في مصر]

- ‌فصَّل محنة الشيخ بسبب «الحموية»]

- ‌[مجالس المناظرة في العقيدة]

- ‌فصل

- ‌[كتاب باستدعاء الشيخ إلى مصر]

- ‌[الأمير ابن مهنا وإخراج الشيخ من الجبّ]

- ‌[كتاب من الشيخ إلى والدته وغيرها]

- ‌[كتاب الشيخ إلى أخيه لأمه بدر الدين]

- ‌[كتاب آخر للشيخ بعثه من مصر إلى دمشق]

- ‌[سجن الشيخ بالإسكندرية]

- ‌[كتاب شرف الدين ابن تيميّة إلى أخيه لأمه بدر الدين]

- ‌[إحضار الشيخ إلى القاهرة ولقاؤه بالملك الناصر]

- ‌[عفو شيخ الإسلام عمن ظلمه]

- ‌[كتاب الشيخ إلى أصحابه وأقاربه بدمشق]

- ‌[قيام جماعة على أذية الشيخ وعفوه عنهم]

- ‌[أذيّة أخرى للشيخ]

- ‌[عودة الشيخ إلى الشام]

- ‌[مسألة الحَلِف بالطلاق، وما جرى للشيخ فيها من فصول]

- ‌[الكلام في مسألة شدّ الرّحال وما وقع للشيخ من فصول]

- ‌[عدّة أجوبة لعلماء بغداد انتصارًا للشيخ]

- ‌من الجنائز العظيمة في الإسلام:

- ‌ قصيدة لرجل جُنديّ من أهل مصر

- ‌مراثي ومدائح شيخ الإسلاممن نسخ الكتاب مما ليس في نسخة الأصل

الفصل: ‌[مجالس المناظرة في العقيدة]

[مجالس المناظرة في العقيدة]

وقد ذكر الشيخ رحمه الله صورةَ ما جَرَى في هذه المجالس ملخَّصًا، وعلَّق في ذلك شيئًا مختصرًا

(1)

فقال

(2)

:

الحمد لله ربِّ العالمين، الرحمن الرحيم، ملك يوم الدين، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ولا ظهيرَ ولا مُعين، وأشهدُ أنَّ محمدًا عبدُه ورسولُه، الذي أرسلَه إلى الخلقِ أجمعين. صلى الله عليه وعلى آله وسلم

(3)

وعلى سائر عباد الله الصَّالحين.

أما بعد؛ فقد سُئلت

(4)

أن أكتبَ ما حضرني ذِكْرُه مما جرى في المجالس الثلاثة المعقودة للمناظرة في أَمْر الاعتقاد، بمقتضى ما وردَ به كتابُ السلطان من الديار المصريَّة إلى نائبه أمير البلاد، لما سعى إليه قومٌ من

(5)

(1)

«مختصرًا» ليست في (ب، ق).

(2)

بعده في (ف، ك): «بسم الله الرحمن الرحيم» . أقول: كتب الشيخ ما جرى في هذه المجالس عدة مرات في أوقات مختلفة، وفي كل واحدة ما ليس في الأخرى، وهذه النسخة الثابتة هنا من أتمّ ما كتب الشيخ، ومثلها النسخة التي في «مجموع الفتاوى»:(3/ 160 - 193)، وأخرى مختصرة نقلها البرزالي، ورابعة مختصرة حكاها عبد الله بن تيمية، وكلها في «الفتاوى» . وهناك نسخة أخرى بخط الشيخ ضمن مجموع في الظاهرية (ق 261 أ-266 ب). وسأرمز لطبعة الفتاوى عند المقارنة بـ (طف).

(3)

(ب، ق، ف) زيادة: «تسليمًا» . (ط): «كثيرًا» .

(4)

(ف، ك، طف) زيادة: «غير مرة» .

(5)

بعده في (ف، ك، طف) زيادة: «الجهمية والاتحادية والرافضة وغيرهم» .

ص: 262

ذوي الأحقاد. فأَمَرَ الأميرُ بجمع القضاة

(1)

والمشايخ ممن له حُرْمة وبه اعتداد. وهم لا يدرون ما

(2)

قُصِد بجمعهم في هذا الميعاد، وذلك يوم الاثنين ثامن رجب المبارك عام خمس وسبعمائة.

فقال لي: هذا المجلس عُقِد لك، وقد

(3)

وردَ مرسومُ السلطان: أن أسألكَ عن اعتقادك، وعما كتبتَ به إلى الديار المصرية من الكتب التي تدعو بها

(4)

الناسَ إلى الاعتقاد.

وأظنُّه قال: وأنْ أَجْمَعَ القضاةَ والفقهاءَ، ويتباحثون

(5)

في ذلك.

فقلتُ: أما الاعتقادُ فلا

(6)

يُؤْخَذ عنّي ولا عمَّن هو أكبرُ منِّي، بل يؤخذُ عن الله ورسوله [ق 75] وما أجمعَ عليه سلفُ الأمة؛ فما كان في القرآن وجبَ اعتقادُه، وكذلك ما ثبتَ في الأحاديث الصحيحة، مثل «صحيح البخاري ومسلم» .

وأما الكتب؛ فما كتبتُ إلى أحدٍ كتابًا ابتداءً أدعو

(7)

به إلى شيءٍ من ذلك،

(1)

بعده في (ف، ك، طف) زيادة: «الأربعة: قضاة المذاهب الأربعة، وغيرهم من نوابهم والمفتين» .

(2)

(ب، ق، ف): «فيما» .

(3)

(ف، ق، طف): «فقد» .

(4)

(ك): «تدعونها» .

(5)

(ف، ك، طف): «وتتباحثون» .

(6)

(ف): «فإنه لا» .

(7)

(ط): «أدعوه» .

ص: 263

ولكن

(1)

كتبتُ أجوبةً أجبتُ بها مَن يسألني من أهل الديار المصرية وغيرهم.

وكان قد بلغني أنه زُوِّرَ عليِّ كتابٌ إلى الأمير رُكْن الدين الجاشنكير أستاذِ دارِ

(2)

السلطان، يتضمَّن ذكرَ عقيدةٍ مُحَرَّفة، ولم أعلم بحقيقتهِ، لكن علمتُ أنَّ هذا مكذوب

(3)

.

وكان يَردُ عليَّ من مصرَ وغيرها مَنْ يسألني مسائل في الاعتقاد أو غيره، فأُجيبه

(4)

بالكتاب والسنة وما كان عليه سلفُ الأمة.

فقال: نريدُ أن تكتبَ لنا عقيدتك.

فقلتُ: اكتبوا.

فأُمِرَ الشيخُ كمالُ الدين

(5)

أن يكتب.

فكُتِبَتْ

(6)

له جُمَلُ الاعتقاد في أبواب الصفاتِ، والقَدَرِ، ومسائل الإيمان، والوعيد، والإمامة

(7)

، والتفضيل. وهو أنَّ اعتقاد أهل السنة والجماعة: الإيمانُ بما وصف الله به نفسَه، وبما وصفه به رسولُه صلى الله عليه وسلم ، من غير تحريفٍ، ولا تعطيلٍ، ولا تكييفٍ، ولا تمثيل. وأنَّ القرآن كلامُ الله غير

(1)

(ف، ك): «ولكنني» . (طف): «ولكني» .

(2)

(ب، ق): «استدار» .

(3)

(ط): «أنه مكذوب» .

(4)

(ف، ك، طف): «عن مسائل

»، (ق، ف، طف): «وغيره» ، (ب، ق، ف): «فأجبته» .

(5)

هو ابن الزملكاني.

(6)

(ط): «فكتب» .

(7)

(ب، ق): «الأمانة» تحريف.

ص: 264

مخلوق، منه بدأ وإليه يعود. والإيمانُ بأنَّ الله خالقُ كلِّ شيءٍ من أفعال العباد وغيرها. وأنَّه ما شاء كان، وما لم يشأ لم يكن. وأنَّه أمر بالطاعة وأحبَّها ورضيها

(1)

، ونهى عن المعصية وكرهها. والعبدُ فاعل حقيقةً، واللهُ خالقُ فعله. وأنَّ الإيمان والدِّين قولٌ وعملٌ يزيدُ وينقص. وأن لا يُكَفَّر أحدٌ

(2)

من أهل القبلة بالذنوب، ولا يُخلَّد في النار من أهل الإيمان أحدٌ

(3)

. وأنَّ الخلفاء بعدَ رسول الله صلى الله عليه وسلم أبوبكر ثم عمر ثم عثمان ثم عليٌّ، مرتبتهم في الفضل كَرُتْبَتهم

(4)

في الخلافة، ومن قدَّم عليًّا على عثمان فقد أزْرى بالمهاجرين والأنصار. وذكرت

(5)

هذا ونحوه، فإنّي الآن قد بَعُدَ عهدي، ولم أحفظ لفظ ما أمليته إذ ذاك

(6)

.

ثم قلتُ للأمير والحاضرين: أنا أعلم أنَّ أقوامًا يكذبون عليَّ، كما قد كذبوا عليّ

(7)

غير مرَّةٍ، وإن أمليتُ الاعتقاد من حفظي

(8)

ربما يقولون: كتم بعضَه، أو داهن ودارى، فأنا أُحضِر عقيدةً مكتوبةً من نحو سبع سنين، قبل

(1)

(ف، ك): «شاء الله

ورضيها وأحبها».

(2)

(ف، ك، طف): «نكفر أحدًا» .

(3)

(ط): «نخلّد

أحدًا».

(4)

(ف، ك): «رضي الله عنهم، ومرتبتهم

كمرتبتهم». (طف): «وأن مرتبتهم في الفضل كترتيبهم» .

(5)

الأصل و (ب): «وذكر» .

(6)

(طف): «ما أمليته لكنه كتب إذ ذاك» .

(7)

«كما .... عليّ» سقط من (ف).

(8)

(ب، ق): «خطي» خطأ.

ص: 265

مجيء التتر إلى الشام.

وقلتُ قبل حضورها كلامًا قد بَعُدَ عهدي به، وغضبت غضبًا شديدًا، لكن

(1)

أذكر أنّي قلتُ: أنا أعلمُ أنَّ أقوامًا كذبوا عليَّ، وقالوا للسلطان أشياء

(2)

.

وتكلَّمتُ بكلامٍ احتجتُ إليه، مثل أن قلتُ: من قام بالإسلامِ أوقات

(3)

الحاجة غيري؟ ومن الذي أوضحَ دلائلَه وبيَّنه، وجاهد أعداءَه، وأقامه لمَّا مال؟ حين

(4)

تخلّى عنه كلُّ أحدٍ ولا

(5)

أحدٌ ينطقُ بحجَّته، ولا أحدٌ يجاهدُ

(1)

(ق، ف، ك، ط): «لكني» .

(2)

لعل الشيخ أراد أنهم وشوا به عند السلطان أنه يريد الملك، كما قال نصر المنبجي لابن مخلوف:«قل للأمراء بأنّ ابن تيمية يُخشى على الدولة منه، كما جرى لابن تومرت في بلاد المغرب» . انظر «الجامع» : (ص 322، 505، 544).

وقد زَوّر عليه بعض الصوفية كتابًا سنة (702 هـ) فيه أنه يريد قلب الملك مع بعض العلماء والأمراء، فأُمسك المزّوِّر وعوقب عقوبةً بليغة. انظر «الجامع»:(ص 414)، و «تكملته» (ص 9 - 10).

ثم حاولوا محاولة ثالثة، فقد نقل أبو حفص البزار في «الأعلام العلية» (ص 783 ــ ملحق بكتابنا هذا) أنه وُشي بالشيخ إلى الملك الناصر فأحضره بين يديه وقال: إنني أُخبرتُ أنك أطاعك الناس، وأن في نفسك أخذ الملك؟ فلم يكترث به، بل قال له بنفسٍ مطمئنة وقلب ثابت وصوت عال ــ سمعه كثير ممن حضر ــ: أنا أفعل ذلك! والله إن ملكك وملك المغل لا يساوي عندي فَلْسين! فتبسّم السلطان لذلك. وانظر بقية الخبر هناك.

(3)

(ف، ك): «في أوقات» .

(4)

(ب، ق): «حتى» .

(5)

بقية النسخ: «فلا» .

ص: 266

عنه، وقمتُ مُظْهِرًا لحجَّته، مُجاهدًا عنه، مُرَغِّبًا فيه. فإذا كان هؤلاء يطمعون في الكلام فيَّ، فكيف يصنعون بغيري؟ !

ولو أنّ يهوديًّا طلب من السلطان الإنصاف، لوجبَ عليه أن يُنصفه، وأنا قد أغفر عن حقِّي وقد لا أغفر

(1)

، بل قد أطلبُ الإنصاف

(2)

منه، وأن يُحْضَر هؤلاء الذين يكذبون [ق 76]، ليُحاقُّوا

(3)

على افترائهم.

وقلتُ كلامًا أطولَ من هذا

(4)

، من هذا الجنس، لكن بَعُدَ عهدي به.

فأشار الأميرُ إلى كاتب الدَّرْج

(5)

: محيي الدين بأن يكتب ذلك

(6)

.

وقلتُ أيضًا: كلُّ من خالفني في شيءٍ ممَّا كتبتُه فأنا أعلمُ بمذهبه منه.

وما أدري، هل قلتُ هذا قبل حضورها أو بعدها؟ لكنِّي

(7)

قلتُ ــ أيضًا ــ بعد حضورها وقراءتها: ما ذكرتُ فيها فصلاً إلا وفيه مخالفٌ من المنتسبين إلى القبلة، وكلُّ جملةٍ فيها خلافٌ لطائفةٍ من الطوائف.

(1)

(ف، ك، طف): «قد أعفو

لا أعفو»

(2)

كذا في جميع النسخ، ولعل صوابها:«الانتصاف» .

(3)

(ك، ح): «ليحاققوا» . (ف): «ليخافوا» .

(4)

«من هذا» سقطت من (طف).

(5)

كاتب الدَّرْج: من يكتب الأحكام والفتاوى في الورق المسمى دَرْجًا. انظر «تكملة المعاجم العربية» : (4/ 315 - 316). ومحيي الدين هو: يحيى بن فضل الله أبو المعالي العمري، ولي كتابة السر وديوان الإنشاء وكثر الثناء عليه ت (738 هـ). انظر «الدرر الكامنة»:(4/ 424).

(6)

(ب، ق) زيادة «كله» .

(7)

(ف، ك، طف): «لكنني» .

ص: 267

ثمَّ أرسلتُ من أحضرها، ومعها

(1)

كراريس بخطِّي من المنزل، فحضرت «العقيدة الواسطية» .

وقلتُ لهم: هذه كان

(2)

سببُ كتابتها أنَّه قَدِمَ من أرض واسط بعضُ قُضاة نواحيها، شيخٌ يُقال له: رضيُّ الدين الواسطي

(3)

، قَدِمَ علينا حاجًّا، وكان من أهل الخير والدين، وشكا ما الناسُ فيه بتلك البلاد وفي دولة التتر

(4)

من غَلَبةِ الجهل والظلم، ودروس الدين والعلم، وسألني أن أكتبَ له عقيدةً تكونُ عمدةً له ولأهل بيته. فاستعفيت

(5)

من ذلك، وقلت: قد كتبَ الناسُ عقائد أئمة السنة

(6)

.

فألحَّ في السؤال، وقال: ما أحبُّ إلا عقيدةً تكتبها أنت. فكتبتُ له هذه العقيدة وأنا قاعد بعد العصر. وقد انتشرت

(7)

بها نُسَخ كثيرة في مصر والعراق وغيرهما.

فأشار الأميرُ بأن لا أقرأها أنا ــ لدفع

(8)

الرِّيبة ــ وأعطاها لكاتبه الشيخ كمال الدين، فقرأها على الحاضرين حرفًا حرفًا، والجماعةُ الحاضرون

(1)

(ق): «ومعه» .

(2)

(ب، ق): «كانت» .

(3)

لم أعثر على ترجمته.

(4)

(الأصل، ف، ك): «الططر» .

(5)

(ب، ق): «فاستعففت» .

(6)

في (ف، ك، طف): «عقائد متعددة فخذ بعض عقائد

».

(7)

(ف): «انتشر» .

(8)

(ك، طف): «لرفع» .

ص: 268

يسمعونها

(1)

. ويُوْرِدُ الموردُ منهم ما شاء، ويُعَارض ما

(2)

شاء. والأميرُ أيضًا سأل

(3)

عن مواضع فيها.

وقد علم الناسُ ما كان في نفوس طائفة من الحاضرين من الخلاف والهوى

(4)

.

ولا يمكن ذِكْر ما جرى من الكلام والمناظرات في هذه المجالس، فإنَّه كثير

(5)

، لكن أكتب ملخَّصَ ما حضرني من ذلك مع بُعْدِ العهد بذلك. ومع أنه كان يجري رَفْعُ أصواتٍ ولَفْظٌ

(6)

لا ينضبط.

فكان ممَّا اعترضَ عليه

(7)

بعضُهم لما ذُكِرَ في أولها: «ومن الإيمان بالله: الإيمانُ بما وصفَ به نفسَه، ووصفَه به رسولُه

(8)

؛ من غير تحريفٍ ولا تعطيل، ولا تكييفٍ ولا تمثيل».

فقال: ما المراد بالتحريف والتعطيل؟

(1)

(ب، ق): «يقرؤها على

حرفًا وهم يسمعونها».

(2)

(ق، ف، ك، طف): «فيما» .

(3)

بقية النسخ: «يسأل» .

(4)

(ف، ك، طف) زيادة: «ما قد علمَ الناسُ بعضَه، وبعضه بسبب الاعتقاد، وبعضه بغير ذلك» .

(5)

(ف، ك، طف) زيادة: «ولا ينضبط» .

(6)

كذا بالأصول، وفي (ط):«لغط» .

(7)

(طف): «عليَّ» .

(8)

بعد في (ف، ك): «محمد صلى الله عليه وسلم » .

ص: 269

ومقصودُه: أنَّ هذا ينفي التأويل الذي يثبته أهلُ التأويل، الذي هو صرفُ اللفظِ عن ظاهره؛ إمَّا وجوبًا وإمَّا جوازًا.

فقلت: تحريفُ الكَلِمِ عن مواضعه، كما ذمَّه الله في كتابه، وهو إزالة اللفظ عما دلَّ عليه من المعنى، مثل تأويل بعض الجهْمِيَّة لقوله:{وَكَلَّمَ اللَّهُ مُوسَى تَكْلِيمًا} [النساء: 164] أي: جرَّحَه بأظافير الحكمة تجريحًا. ومثل تأويلات

(1)

القَرامِطة والباطنية، وغيرِهم من الجَهْميِة والرافضة والقَدَرية وغيرهم

(2)

. فسكت وفي نفسِه ما فيها.

وذكرتُ في غير هذا المجلس: أني عَدَلْتُ عن لفظ «التأويل» إلى لفظ «التحريف» ؛ لأن التحريفَ اسمٌ جاءَ القرآنُ بذمِّه. وأنا تحرَّيتُ في هذه العقيدة اتباعَ الكتاب والسنة، فنفيتُ ما ذمَّهُ الله من التحريف، ولم أذكر فيها لفظَ التأويل بنفيٍ ولا إثبات؛ لأنه لفظٌ له عِدَّة معانٍ، كما بَيَّنتُه في موضعه من القواعد. فإنَّ معنى لفظ «التأويل» في كتاب الله غير

(3)

[ق 77] لفظ التأويل في اصطلاح المتأخرِّين من أهل الأصول والفقه، وغير معنى لفظ التأويل في اصطلاح كثير من أهل التفسير والسلف

(4)

، ولأنّ منَ المعاني التي قد تُسَمَّى تأويلاً ما هو

(5)

صحيحٌ منقول عن بعض

(1)

(ف): «تأويل» .

(2)

ليست في (ب، ق).

(3)

في (ك) زيادة: «معنى» .

(4)

ليست في (ب، ق).

(5)

الأصل و (ب، ق): «ولأن المعاني» و (طف): «لأن من

»، و (ب، ق): «

تأويلًا قد يكون فيها ما [سقطت من ق] هو».

ص: 270

السلف

(1)

. فلم أنفِ ما تقومُ الحجّةُ على صِحَّته؛ إذ ما قامت الحجةُ على صحته، وهو منقولٌ عن السَّلف، فليس من التحريف.

وقلتُ لهم

(2)

أيضًا: ذكرتُ في النفي «التمثيل» ولم أذكر «التشبيه» ؛ لأنَّ التمثيل نفاه الله بنصِّ كتابه حيث قال: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ} [الشورى: 11]، وقال:{هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيًّا} [مريم: 65] كان

(3)

أحبَّ إليَّ من لفظٍ ليس في كتاب الله، ولا في سنة رسوله

(4)

، وإن كان قد يُعنى بنفيه معنىً صحيح، كما قد يُعنى به معنىً فاسد.

ولما ذكرتُ: «أنهم لا ينفون عنه ما وصفَ به نفسَه، ولا يحرِّفون الكَلِم عن مواضعه، ولا يُلحدون

(5)

في أسماء الله وآياته».

جعل بعضُ الحاضرين يمتعِضُ من ذلك؛ لاستشعاره ما في ذلك من الردِّ لِمَا

(6)

هو عليه، ولكن لم

(7)

يتوجَّه له ما يقوله، وأرادَ أن يدور عليَّ بالأسولة

(8)

التي أعلمها، فلم يتمكَّن

(9)

.

(1)

(ب، ق): «عن السلف» .

(2)

(ف، ك): «له» .

(3)

(ف، ك): «فكان» ، (طف):«وكان» .

(4)

(ف، ك، طف): «رسول الله صلى الله عليه وسلم » .

(5)

وقع في الأصل و (ب، ق، ف): «ويحرفون

ويلحدون» وهو خطأ.

(6)

جميع النسخ: «ولما» ، و (طف):«من الرد الظاهر عليه» .

(7)

(ف): «ولم» .

(8)

(طف): «يدور بالأسئلة» .

(9)

(ف، ك، طف) زيادة: «لعلمه بالجواب» .

ص: 271

ولما ذكرتُ آية الكرسِّي، أظنُّ سألَ الأميرُ عن قولنا:«لا يقربه شيطانٌ حتَّى يصبح» . فذكرتُ حديثَ

(1)

أبي هريرة في الذي كان يسرق صدقةَ الفطر، وذكرتُ أنَّ البخاريَّ رواه في «صحيحه»

(2)

.

وأخذوا يذكرون نفيَ التشبيه والتجسيم، ويُطنبون في هذا ويُعَرِّضون بما ينسبه بعضُ الناس إلينا من ذلك.

فقلتُ: قولي

(3)

: «من غير تكييف ولا تمثيل» ينفي كلَّ باطل، وإنَّما اخترتُ

(4)

هذين الاسمين؛ لأنَّ «التكييف» مأثورٌ نفيه عن السَّلَف، كما قال ربيعةُ، ومالكٌ، وابن عُيينة وغيرهم ــ المقالةَ التي تلقَّاها العلماءُ بالقبول ــ:«الاستواءُ معلوم، والكيفُ مجهول، والإيمانُ به واجب، والسؤال عنه بدعة» .

واتَّفق

(5)

هؤلاء السَّلف على أن الكيف غير معلومٍ لنا، فنفيتُ ذلك اتّباعًا لسلفِ الأُمَّة، وهو أيضًا منفيٌّ بالنَّصِّ. فإنَّ تأويل آياتِ الصفات يدخلُ فيها حقيقةُ الموصوف وحقيقةُ صفاته، وهذا من التأويل الذي لا يعلمُه إلَاّ الله. كما قد قرَّرْتُ ذلك في قاعدةٍ مفردة ذكرتها في «التأويل، والمعنى، والفَرْق بين عِلْمِنا بمعنى الكلام، وبين عِلْمِنا بتأويله» .

(1)

(ك): «له حديث» .

(2)

رقم (2311).

(3)

(ب): «قوله» .

(4)

(ف، ك): «أخذت» .

(5)

بقية النسخ: «فاتفق» .

ص: 272

وكذلك «التمثيل» منفيٌّ

(1)

بالنصِّ والإجماع القديم، مع دلالة العقل على نفيه ونفي التكييف، إذ كُنْهُ الباري غير معلومٍ للبشر، وذكرتُ في ضمن ذلك كلامَ الخطَّابي الذي نقل أنه مذهبُ السَّلف، وهو: إجراءُ آيات الصِّفات وأحاديثها على ظاهرها، مع نفي الكيفية والتشبيه عنها، إذ الكلام في الصِّفات فرعٌ عن

(2)

الكلام في الذَّات، يُحْتَذَى

(3)

فيه حذوه، ويُتَّبَعُ فيه مثالُه. فإذا كان إثباتُ الذَّاتِ إثباتَ وجودٍ لا إثباتَ تكييف= فكذلك إثباتُ الصِّفات

(4)

إثبات وجود لا إثبات تكييف.

فقال أحدُ كبراء المخالفين

(5)

: فحينئذٍ يجوز أن يُقال: هو جسم، لا

(6)

كالأجسام!

فقلتُ له أنا وبعضُ الفضلاء

(7)

: إنِّما قيل: إنَّه يوصَفُ الله بما وصفَ به نفسَه، وبما وصفه به رسوله، وليس في الكتاب والسنَّة [ق 78] أنَّ الله جسم، حتَّى يلزم هذا السؤال.

(1)

(ف، ك): «ينفي» .

(2)

الأصل و (ب، ق، ك): «على» .

(3)

(ف): «محتذى» .

(4)

(ب، ق): «إثبات كيفية فكذلك

»، (ف):«فكذلك الصفات» .

(5)

(ب، ق): «المجلس» بدل «المخالفين» ، (طف):«كبار» .

(6)

«لا» ليست في (ف).

(7)

(ب، ق): «فقلت له وبعض .. » ، (ف، ك، طف): «الفضلاء الحاضرين» .

ص: 273

وأخذَ بعضُ القضاةِ

(1)

المعروفين بالدِّيانة يريد إظهار أنَّ ينفي عنّا ما يقوله

(2)

، فجعل يزيد في المبالغة

(3)

في نفي التشبيه والتجسيم.

فقلتُ: قد ذُكِرَ

(4)

فيها في غير موضع «من غير تحريفٍ، ولا تعطيلٍ، ومن غير تكييف ولا تمثيل» .

[وقلتُ في صدرها: «ومن الإيمان بالله: الإيمان بما وصف الله به نفسَه في كتابه، وبما وصفه به رسولُه محمد صلى الله عليه وسلم ، من غير تحريفٍ ولا تعطيل، ومن غير تكييف ولا تمثيل» .

ثمَّ قلتُ: «وما وصف الرسول به ربَّه من الأحاديث الصحاح التي تلقَّاها أهلُ المعرفة بالقبول وجب الإيمان بها كذلك» .

إلى أن قلت: «إلى أمثال هذه الأحاديث الصحاح التي يخبر فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم بما يخبر به، فإنَّ الفرقة الناجية أهل السنة والجماعة يؤمنون بذلك، كما يؤمنون بما أخبر الله به في كتابه، من غير تحريف ولا تعطيل، ومن غير تكييف ولا تمثيل. بل هم]

(5)

الوسط في فرق الأمة، كما أنَّ الأمة هي

(1)

بعده في (ف، ك، طف): «الحاضرين و» .

(2)

الأصل: «ينفي عنه» ، و (طف):«عنا ما يقول وينسبه البعض إلينا» .

(3)

الأصل: «يريد المبالغة» .

(4)

(طف): «ذكرت» .

(5)

ما بين المعكوفين ليس في الأصل و (ب، ق)، وهو من (ف، ك، طف). وأثبته ليستقيم السياق. وفي الأصل حتى يستقيم السياق: «وفيها: فهم الوسط

».

ص: 274

الوسط في الأمم، فهم وسطٌ في باب صفات الله بين أهل التعطيل الجهمية، وأهل التمثيل المشبِّهة».

ولمَّا رأى هذا الحاكمُ العَدْلُ تمالُؤَهم وتعصُّبَهم، ورأى قلَّة العارف الناصر

(1)

، وخافهم، قال: أنتَ قد صنَّفت اعتقاد الإمام أحمد، فنقول: هذا اعتقادُ أحمد.

يعني: والرجلُ يصنِّفُ على مذهبه، فلا يُعتَرضُ عليه، فإنَّ هذا مذهبٌ متبوع. وغرضُهُ بذلك: قطعُ مخاصمة الخصوم.

فقلتُ: ما خرَّجتُ

(2)

إلاّ عقيدةَ السلف الصالح جميعهم، ليس للإمام أحمد اختصاصٌ بهذا، والإمامُ أحمد إنَّما هو مبلِّغ العلم الذي جاء به النبي صلى الله عليه وسلم . ولو قال أحدٌ

(3)

من تلقاء نفسه ما لم يجئ به الرسول لم نقبله. وهذه عقيدة محمد صلى الله عليه وسلم .

وقلتُ مرَّاتٍ: قد أمهلتُ من

(4)

خالفني في شيءٍ منها ثلاث سنين، فإن جاء بحرفٍ واحدٍ عن القرون الثلاثة التي أثنى عليها رسول الله صلى الله عليه وسلم ، حيث قال: «خيرُ القرونِ القرن الذي بُعِثتُ فيهم، ثمَّ الذين يلونهم، ثمَّ الذين

(1)

المثبت من الأصل و (طف)، وفي (ف، ك): «قلة المعاون» ، وفي (ف):«منهم والناصر» .

(2)

(ف، ك، طف): «ما جمعتُ» .

(3)

كذا في الأصول، وفي (ط، طف): «أحمد» .

(4)

(ف، ك، طف): «كل من» .

ص: 275

يلونهم»

(1)

= يخالفُ ما ذكرتُه فأنا أرجع عن ذلك. وعليَّ أن

(2)

آتي بنقولِ جميع الطوائف من القرون الثلاثة يوافقُ

(3)

ما ذكرتُه؛ من الحنفيّة، والمالكية، والشافعية، والحنبلية، والأشعرية، والصوفية، وأهل الحديث، وغيرهم.

وقلتُ ــ أيضًا في غير هذا المجلس ــ: الإمامُ أحمد ــ رضي الله عنه ــ لمَّا انتهى إليه من السنَّة ونصوص رسول الله صلى الله عليه وسلم أكثرُ ممَّا انتهى إلى غيره، وابتُلي بالمحنة والرَّدِّ على أهل البدع أكثر من غيره

(4)

= فصار إمامًا في السنة أظهر من غيره. وإلَاّ فالأمرُ كما قاله بعضُ شيوخ المغاربة العلماء

(5)

، قال: المذهبُ لمالك والشَّافعي، والظهور لأحمد بن حنبل

(6)

.

يعني: أنَّ الذي كان عليه أحمد عليه جميعُ أئمة الإسلام، وإن كان لبعضهم من زيادة العلم والبيان، وإظهار الحقِّ، ودفع الباطل، ما ليس

(1)

أخرجه البخاري (2561)، ومسلم (2535) من حديث عمران بن حُصين رضي الله عنه، وأخرجاه عن ابن مسعود أيضًا.

(2)

(ب، ق): «وأنا» بدلًا من «وعليَّ أن» .

(3)

(ف): «توافق» . و (طف، ط): «من القرون» .

(4)

بعده في (ف، ك، ط، طف) زيادة: «كان كلامه وعمله [طف: علمه] في هذا الباب أكثر من غيره» .

(5)

(ف، ك): «العلماء الصلحاء» .

(6)

ذكر هذه العبارة شيخ الإسلام أيضًا في «منهاج السنة» : (2/ 365)، وفي «درء التعارض»:(5/ 5) ونسبَها لبعض أكابر الشيوخ.

ص: 276

لبعض

(1)

.

ولمَّا جاء حديثُ أبي سعيد المتفق عليه في «الصحيحين»

(2)

عن النبي صلى الله عليه وسلم : «يقولُ اللهُ

(3)

: يا آدم! فيقول: لبَّيك وسَعْدَيْك. فينادَى بصوتٍ: إنَّ الله يأمرُكَ أنْ تبعثَ بعثًا إلى النار

» الحديث.

سألهم الأميرُ: هل هذا الحديث صحيح؟

فقلتُ: نعم، هو في «الصحيحين» ، ولم يخالفوا في ذلك، واحتاجَ المنازعُ إلى الإقرار به

(4)

.

وطلبَ الأميرُ الكلامَ في مسألة الحرف والصوت؛ لأنَّ ذلك طُلِبَ منه.

فقلتُ: هذا الذي يُحكى عن أحمد

(5)

وأصحابه: أنَّ صوت القارئين ومِدَاد المصاحف قديمٌ أزليٌّ

(6)

= كَذِبٌ مُفترى، لم يقل ذلك أحمد ولا أحدٌ من علماء المسلمين

(7)

. وأخرجتُ كُرَّاسًا كان قد أُحْضِرَ

(8)

مع العقيدة،

(1)

(ب، ق): «لبعضهم» .

(2)

البخاري رقم (4741)، ومسلم رقم (222).

(3)

(ب، ق، ك، ط، طف) زيادة: «يوم القيامة» .

(4)

في (طف): «ولم يخالف في ذلك أحد» وزاد في آخر العبارة «ووافق الجماعةُ على ذلك» .

(5)

في (ف، ك، ط، طف): «يحكيه [ف: يحكي] كثير من الناس عن الإمام أحمد

».

(6)

(طف) زيادة: «كما نقله مجد الدين [كذا، ولعله: فخر الدين] بن الخطيب وغيره» .

(7)

زاد في (طف): «لا من أصحاب أحمد ولا غيرهم» .

(8)

(ف): «حضر» ، (طف):«قد أحضرته» .

ص: 277

وفيه

(1)

ما ذكره الشيخ أبو بكر الخلَاّل في «كتاب السُّنَّة» عن الإمام أحمد، وما جمعه صاحبه أبو بكر المرُّوْذي من كلام أحمد، وكلام أئمة زمانه

(2)

، في أنَّ من قال: لفظي بالقرآن مخلوق، فهو جَهْمي. ومن قال: غيرُ مخلوق، فهو مبتدع

(3)

.

قلتُ: فكيف بمن يقول: لفظي

(4)

قديمٌ أزليّ؟ [فكيف بمن يقول: صوتي غير مخلوق]

(5)

؟ فكيف بمن يقول: صوتي قديم

(6)

؟ !

وأحضرتُ جواب مسألةٍ كنتُ سُئلتُ قديمًا عنها، فيمن حلف بالطلاق في مسألة الحَرْفِ والصَّوت، ومسألة الظَّاهر في العرش

(7)

. وقلتُ: هذا جوابي.

وكانت هذه المسألة قد أرْسَلَ بها طائفةٌ من المعاندين المتجهِّمة، ممَّن

(1)

(طف): «فيه ألفاظ أحمد مما ذكره» .

(2)

(طف) زيادة: «وسائر أصحابه» .

(3)

بعده في (طف): «قلت: وهذا هو الذي نقله الأشعري في كتاب «المقالات» عن أهل السنة، وأصحاب الحديث، وقال: إنه يقول به».

(4)

«بالقرآن

لفظي» سقطت من (ف).

(5)

«أزلي» ليست في (ك، ط، طف)، وقوله: «فكيف

مخلوق» من (ف، ك، ط، طف).

(6)

(طف) زيادة: «ونصوص الإمام أحمد في الفرق بين تكلم الله بصوت وبين صوت العبد، كما نقله البخاري صاحب الصحيح في كتاب «خلق أفعال العباد» وغيره من أئمة السنة».

(7)

(طف) زيادة: «فذكرت من الجواب القديم في هذه المسألة وتفصيل القول فيها، وأن إطلاق القول أن القرآن هو الحرف والصوت، أو ليس بحرف ولا صوت= كلاهما بدعة حدثت بعد المائة الثالثة» .

ص: 278

كان بعضُهم حاضرًا في المجلس، فلمَّا وصل إليهم الجوابُ أسْكَتَهم.

وكانوا قد ظنُّوا إن أُجِيْب

(1)

بما في ظنهم أنَّ أهل السُّنَّة تقوله= حَصَلَ مقصودُهم من الشناعة، وإن أجبتُ بما يقولونه

(2)

= حَصَل مقصودُهم من الموافقة.

فلمَّا أُجيبوا بالفرقان الذي عليه أهلُ السُّنَّة، وليس هو ممَّا

(3)

يقولونه هم، ولا ما ينقلونه عن أهل السُّنَّة، أو قد

(4)

يقولُه بعضُ الجُهَّال= [بُهِتُوا لذلك]

(5)

.

وفيه: «إنَّ القرآن

(6)

كلامُ اللهُ حروفه ومعانيه، ليس القرآنُ اسمًا لمجرَّد الحروف، ولا لمجرَّد المعاني»

(7)

.

ولمَّا جاءت مسألةُ القرآن، «وأنَّ القرآنَ

(8)

كلامُ الله غيرُ مخلوق، منه

(1)

كذا في الأصل و (ب، ق)، وفي (ف، ك): «ظنوا أنه إن» ، و (ح):«أنه إذا» وفي (ط، طف): «ظنوا أني إن أجبت» .

(2)

(ف، ك، ط، طف): «يقولونه هم» .

(3)

(ف، ك، ط، طف): «ما» .

(4)

(ط، طف، ف، ك): «إذ» .

(5)

من (ف، ك، ط، طف).

(6)

(طف): «القرآن كله

».

(7)

بعده في (طف) كلام طويل للشيخ نحو صفحتين، فيه شرح ما جرى مع صدر الدين ابن الوكيل من النقاش، وخصومة ابن الوكيل مع كمال الدين ابن الزملكاني، وما وقع بين ابن الزملكاني وابن صصرى. «طف»:(3/ 172 - 174).

(8)

(ف، ك، ط، طف): «القرآن ومن الإيمان به الإيمان بأن القرآن

». وقوله بعده «ونازع .. يعود» سقطت من (ف).

ص: 279

بدأ وإليه يعود» = نازَع بعضُهم في كونه منه بدأ وإليه يعود، وطلبوا تفسيرَ ذلك.

فقلتُ: أمَّا هذا القول فهو المأثور الثابت عن السَّلف، مثل ما نقله عَمْرو بن دينار قال:«أدركتُ النَّاسَ منذ سبعين سنة يقولون: الله الخالق وما سواه مخلوق، إلَاّ القرآن، فإنَّه كلام الله غير مخلوق، منه بدأ وإليه يعود»

(1)

. وقد

(2)

جمع غيرُ واحدٍ ما في ذلك من الآثار عن النَّبيّ صلى الله عليه وسلم والصحابة والتابعين

(3)

.

وأمَّا معناه: فإنَّ قوله

(4)

: «منه بدأ» أي: هو المتكلِّم به، وهو الذي أنزله من لدنه، ليس هو كما تقوله الجهميَّة: إنَّه خُلِقَ في الهواء أو غيره

(5)

، وبدأ من عند غيره.

وأمّا «إليه يعود» فإنَّه يُسْرَى به في آخر الزَّمان

(6)

من المصاحف والصدور، فلا يبقى في الصدور منه كلمة، ولا في المصاحف منه حرف.

ووافقَ على ذلك غالبُ الحاضرين، وسكت المنازعون.

(1)

أخرجه اللالكائي في «شرح أصول الاعتقاد» : (2/ 234).

(2)

الأصل: «قد» .

(3)

(طف) زيادة: «كالحافظ أبي الفضل بن ناصر، والحافظ أبي عبد الله المقدسي» .

(4)

(ب): «فقوله» ، (ف):«فأقول» ، (طف):«قولهم» .

(5)

(ف): «عبره» .

(6)

(ف، ك): «في آخر الزمان به» .

ص: 280

وخاطبتُ

(1)

بعضَهم في غير هذا المجلس، بأن أريتُه العقيدة التي جمعها الإمام القادرُ بالله

(2)

، [التي فيها]: «إنه

(3)

كلام الله خرج منه» فتوقَّف في هذا اللفظ.

فقلتُ: هكذا قال النبي صلى الله عليه وسلم : «وما تقرَّب العبادُ إلى الله بمثل ما خرجَ منه»

(4)

. يعني: القرآن.

وقال خبَّاب بن الأرَتّ: «يا هَنَتاه! تقرَّبْ إلى الله بما استطعتَ، فلن تتقرَّب

(5)

إليه بشيءٍ أحبَّ إليه ممَّا خرج منه»

(6)

.

(1)

(ب): «خاطب» .

(2)

(طف): «القادري» . وهو: أبو العباس أحمد بن إسحاق بن المقتدر الخليفة الملقب «القادر بالله» (336 - 422 هـ)، له اشتغال بالعلم، وصنف عدة تصانيف، محمود السيرة في دينه وحكمه. وعقيدته هذه ساقها ابن الجوزي في «المنتظم»:(9/ 303) حوادث سنة 433 هـ. انظر «سير أعلام النبلاء» : (15/ 127 - 137).

(3)

«التي فيها» من (ف، ك، ط، طف)، وبعده فيها:«إن القرآن» .

(4)

أخرجه أحمد (22306)، والترمذي (2911) من حديث أبي أمامة رضي الله عنه. قال الترمذي:«حديث غريب لا نعرفه إلا من هذا الوجه، وبكر بن خُنَيس قد تكلم فيه ابن المبارك وتركه في آخر أمره» . وقد روي عن جبير بن نُفير عن النبي صلى الله عليه وسلم مرسلًا، أخرجه الترمذي (2912)، والحاكم:(2/ 441) وغيرهما. وصححه الحاكم.

(5)

(ب، ق): «يُتقرَّب» .

(6)

أخرجه ابن أبي شيبة (30722)، وأحمد في «الزهد» (ص 35)، والحاكم:(2/ 441)، والخلال في «السنة»:(6/ 104) وغيرهم. وفيها: «أحبّ إليه من كلامه» ، ولم أجده بلفظ «خرج منه». وقد ذكره ابن تيمية كذلك في عدد من كتبه «الاستقامة»:(1/ 345)، و «شرح الأصفهانية» (ص 15).

ص: 281

وقال أبو بكر الصديق رضي الله عنه ــ لما قُرئ عليه قرآنُ مُسَيلمة

(1)

ـ: «إنَّ هذا كلام

(2)

لم يخرج من إلٍّ»

(3)

. يعني: رَبٍّ.

وممَّا فيها: «ومن الإيمان به: الإيمان بأنَّ القرآنَ كلامُ الله، مُنَزَّلٌ، غير مخلوق، منه بدأ وإليه يعود، وأنَّ الله تكلَّم به حقيقةً، وأنَّ هذا القرآن الذي أنزله الله على محمد صلى الله عليه وسلم هو كلامُ الله حقيقةً، لا كلامُ غيره، ولا يجوزُ إطلاقُ القول بأنه [ق 80] حكاية عن كلام الله، أو عبارة، بل إذا قرأ الناسُ القرآنَ

(4)

، أو كتبوه في المصاحف، لم يخرج بذلك عن أن يكونَ كلامَ الله، فإنَّ الكلامَ إنما يُضاف حقيقةً إلى من قاله مبتدئًا، لا إلى من قاله مُبَلِّغا مؤدِّيًا».

فامْتَعَضَ بعضُهم من إثبات

(5)

كونه كلام الله حقيقة، بعد تسليمه أنَّ اللهَ تكلَّم به حقيقةً، ثمَّ إنه سلَّم ذلك لمَّا بُيِّنَ له أنَّ المجاز يصحّ نفيُه، وهذا لا يصحُّ نفيه، ولما بُيِّنَ له أنّ

(6)

أقوالَ المتقدِّمين المأثورة عنهم، وشِعْر الشعراء المضاف إليهم، هو كلامهم حقيقةً. [فلا يكون نسبة القرآن إلى الله

(1)

بقية النسخ زيادة: «الكذاب» .

(2)

(ب، ق): «الكلام» .

(3)

ذكره أبو عبيد في «غريب الحديث» : (1/ 100)، وابن قتيبة في «غريب الحديث»:(1/ 532) وغيرهما.

(4)

(طف): «قرأه الناس» .

(5)

الأصل: «امتعض

»، (طف):«فتمعض» ، (ف، ك): «كونه إثبات» .

(6)

«المجاز

له أن» سقطت من (ف).

ص: 282

بأقلّ من ذلك]

(1)

.

ولما ذُكِرَ فيها: «أنَّ الكلامَ إنما يُضافُ حقيقةً إلى من قاله مبتدئًا، لا إلى من قاله مُبَلِّغا مؤديًا» . استحسنوا هذا الكلام وعظَّمُوه، وأخذ أحدُ الخصوم

(2)

يُظْهِر تعظيمَ هذا الكلام، وأنه أزال عنه الشُّبهات، ويذكر أشياءَ من هذا النَّمط

(3)

.

ولما جاء ما ذُكرَ من الإيمان باليوم الآخر، وتفصيله ونَظْمه استحسنوا ذلك وعظَّموه.

وكذلك لما جاء ذِكْر الإيمان بالقَدَرِ، وأنه على درجتين، إلى غير ذلك ممَّا فيه من القواعد الجليلة.

وكذلك لما جاء الكلامُ في الفاسقِ المِلِّيِّ، وفي الإيمان؛ لكن اعترضوا على ذلك بما سأذكره.

وكان مجموع ما اعترض به المنازعون

(4)

ــ بعد انقضاء قراءة جميعها، والبحث فيها ــ[أربعة أسئلة:

السؤال الأول]

(5)

: قولنا: «ومن أصولِ الفرقة الناجية: أنَّ الإيمان

(1)

ما بين المعكوفين من (ف، ك، ط، طف).

(2)

(ف، ك): «كبراء الخصوم» ، (طف):«أكبر الخصوم» .

(3)

العبارة في (طف): «هذا الكلام، كابن الوكيل وغيره، وأظهر الفرح بهذا التلخيص، وقال: إنك قد أزلت عنا هذه الشبهة، وشفيت الصدور، ويذكر

».

(4)

(ف، ك، ط، طف) زيادة: «المعاندون» .

(5)

زيادة من (ف، ك، ط، طف).

ص: 283

والدين: قولٌ وعملٌ، يزيدُ وينقصُ؛ قولُ القلبِ واللسان، [وعَمَلُ القلبِ واللسان]

(1)

والجوارح».

قالوا: إذا قيل: إنَّ هذا من أصول الفرقة الناجية، خرج عن الفرقة الناجية من لم يقل بذلك، مثل أصحابنا المتكلِّمين الذين يقولون: إنَّ الإيمانَ هو التصديق، ومن يقول: إنَّ الإيمانَ هو التصديق

(2)

والإقرار. وإذا لم يكونوا ناجين، لزمَ أن يكونوا هالكين

(3)

.

وأما الأسولة الثلاثة ــ وهي التي كانت عمدتهم ــ فأوردوها على قولنا: «وقد دخل فيما ذكرناه من الإيمان بالله: الإيمانُ بما أخبر الله به في كتابه، وتواتر عن رسوله صلى الله عليه وسلم ، وأجمعَ عليه سلفُ الأُمة: من

(4)

أنه سبحانه فوقَ سمواته، على

(5)

عَرْشه، عليٌّ على خَلْقِه، وهو معهم أينما كانوا، يعلم ما هم عاملون. كما جمع بين ذلك في قوله: {هُوَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ يَعْلَمُ

(6)

مَا يَلِجُ فِي الْأَرْضِ وَمَا يَخْرُجُ مِنْهَا وَمَا يَنْزِلُ مِنَ السَّمَاءِ وَمَا يَعْرُجُ فِيهَا وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنْتُمْ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ} [الحديد: 4].

(1)

ما بين المعكوفين سقط من الأصل.

(2)

«ومن

التصديق» سقطت من (ب).

(3)

(ب): «من الهالكين» .

(4)

الأصل و (ب، ق، ط): «ومن» ، والمثبت من (ق، ك، طف) وهو الأولى في المعنى.

(5)

في (ب، ف، ك، ط): «وأنه على» .

(6)

تبدأ الآية من هنا في الأصل و (ق).

ص: 284

«وليس معنى قوله: {وَهُوَ مَعَكُمْ}

(1)

أنَّه مختلطٌ بالخلق، فإِنَّ هذا لا توجبه اللغة، وهو خلافُ ما أجمعَ عليه سلفُ الأُمة، وخلافُ ما فطَرَ الله عليه الخلق، بل القمر آيةٌ من آياتِ الله من أصغر مخلوقاته، وهو موضوع في السماء، وهو مع المسافر

(2)

أينما كان، وهو سبحانه فوقَ العَرْش، رقيبٌ على خَلْقه، مُهَيْمنٌ عليهم، مُطَّلعٌ إليهم، إلى غير ذلك من معاني ربوبيته.

وكلُّ هذا الكلام الذي ذكره الله، من أنَّه فوقَ العرش، وأنَّه معنا= حقٌّ على حقيقته، لا يحتاج

(3)

إلى تحريف، ولكن يُصان عن الظنون الكاذبة.

[والسؤال الأوّل]

(4)

قال بعضهم: نُقِرُّ باللفظ الوارد، مثل حديث [ق 81] العباس، حديث

(5)

الأوعال: «واللهُ فوقَ العرشِ»

(6)

ولا نقول: فوق السماوات، ولا نقول: على العرش. وقالوا أيضًا: نقول: على

(7)

العرش

(1)

«أينما كنتم

معكم» سقط من (ف).

(2)

زاد في (ف، ك، ط، طف): «وغير المسافر» .

(3)

(ف): «لا يحتاجون» .

(4)

ما بينهما من (ف، ك، ط)، وفي (طف):«السؤال الثاني» وجعل الأسئلة التي بعدها الثالث والرابع. وفي باقي النسخ الثاني والثالث. والسبب في اختلاف العدّ هو اعتبار الأسئلة الثلاثة مستأنفة العد، أو تابعة للسؤال الأول. وبعده في (ب، ق): «فقال» .

(5)

(ب، ق): «من حديث» .

(6)

أخرجه أبو داود (4725)، والترمذي (3638) وغيرهما. قال الترمذي:«حسن غريب» .

(7)

(ف، طف): «الرحمن على

».

ص: 285

استوى، ولا نقول: الله على العرش

(1)

استوى، ولا نقول: مستوٍ. وأعادوا هذا المعنى مرارًا= أنّ الّلفظ الذي ورد يقال

(2)

بعينه، ولا يُبدَّل بلفظٍ يرادفُه، ولا يُفهم له معنًى أصلًا، ولا يقال: إنَّه يدلُّ على صفة لله أصلًا.

وانبسط الكلامُ في هذا في

(3)

المجلس الثاني، كما سنذكره إن شاء الله تعالى.

والسؤال الثاني: قالوا: التشبيه بالقمر فيه تشبيه كونِ الله في السَّماء بكون القمر في السَّماء.

السؤال الثالث: قالوا: قولك: «حقٌّ على حقيقته» ، الحقيقةُ هي المعنى اللغويُّ، ولا يُفهم من الحقيقة اللغوية

(4)

إلَاّ استواء الأجسام وفوقيَّتها

(5)

، ولم تضع العرب ذلك إلا لها. فإثبات الحقيقة هو محضُ التجسيم، ونفي التجسيم ــ مع هذا ــ تناقضٌ أو مُصانعة؟

فأجبتهم

(6)

:

بأنَّ قولي: «اعتقادُ الفِرْقة الناجية» هي الفرقة التي وصفها النبيّ صلى الله عليه وسلم بالنجاة، حيثُ قال: «تفترقُ أمَّتي على ثلاثٍ وسبعين فرقة، ثنتان وسبعون

(1)

«وقالوا أيضًا

العرش» سقط من الأصل.

(2)

(ب، ق): «وأعاد» ، و (ف، ك، ط، طف): «مرارًا أي

يقال اللفظ

».

(3)

«في» من (ق، طف).

(4)

«اللغوية» ليست في (ك).

(5)

الأصل: «وتوفيته» ، وفي (ق):«وفوقيته» ، والمثبت من (ف، ك، ط، طف).

(6)

زاد في (ف، ك، ط، طف): «عن الأسئلة» .

ص: 286

في النار، وواحدة في الجنَّة، وهي من كان على مِثْل ما أنا عليه وأصحابي»

(1)

.

فهذا الاعتقادُ هو المأثورُ عن النَّبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه، وهم ومن اتَّبعهم: الفرقةُ الناجية. فإنَّه قد ثبت عن غير واحدٍ من الصحابة أنَّه قال: «الإيمانُ يزيد وينقص»

(2)

.

وكلُّ ما ذكرتُه في ذلك فإنَّه مأثورٌ عن الصحابة بالأسانيد الثابتة، لفظُه أو معناه

(3)

، وإذا خالفهم من بعدهم لم يضرّ في

(4)

ذلك.

قلت

(5)

: وليس كلُّ من خالف

(6)

في شيءٍ من هذا الاعتقاد يجب أن يكون هالكًا. فإنَّ المنازع قد يكون مجتهدًا مخطئًا، يغفر اللهُ له

(7)

خطأه. وقد لا يكون بَلَغه في ذلك من العلم ما تقوم عليه به الحجَّة، وقد يكون له

(1)

أخرجه الترمذي (2641)، والحاكم:(1/ 218) من حديث عبد الله بن عمرو، قال الترمذي:«حديث مفسر حسن غريب» . ورُوي من حديث جماعة من الصحابة منهم: أنس، ومعاوية، وسعد بن أبي وقاص وأبي هريرة. قال ابن تيمية: الحديث صحيح مشهور في السنن والمساند. وقال العراقي: أسانيده جياد. وانظر «السلسلة الصحيحة» (204) للألباني.

(2)

انظر «السنة» : (4/ 38 ــ 39) للخلال.

(3)

(طف): «ومعناه» .

(4)

كذا في الأصل و (طف)، وفي (ب، ق، ف، ك، ط): «يضرني» . و «ذلك» ليست في (ف).

(5)

(ف، ك): «قلت لهم» ، (ط، طف) بزيادة «ثم» ..

(6)

(ف): «وليس مخالف في» ، (ك): «وليس كل خالف

».

(7)

ليست في (ب، ق، طف).

ص: 287

من الحسنات ما يمحو

(1)

الله به سيئاته. وإذا كانت ألفاظُ الوعيد المتناولة [له]

(2)

لا يجبُ أن يدخلَ فيها المتأوِّل، والتائب

(3)

، وذو الحسنات الماحية، والمغفور له، وغير ذلك= فهذا أولى. بل مُوجب هذا الكلام أنَّ من اعتقدَ ذلك نجا في هذا الاعتقاد، ومن اعتقد ضِدَّه فقد يكون ناجيًا، وقد لا يكون ناجيًا. كما يقال

(4)

: من صَمَتَ نجا.

وأمَّا السؤال الثاني: فأجبتهم أوَّلاً: بأنَّ كلَّ لفظٍ قلته فهو مأثور عن النبي صلى الله عليه وسلم ، مثل لفظ:«فوق السماوات» ولفظ: «على العرش» ، و «فوق العرش» .

وقلتُ: اكتبوا الجوابَ. فأخَذ الكاتبُ في كتابته.

ثمَّ قال بعضُ الجماعة: قد طال المجلسُ اليوم، فيؤخَّر هذا إلى مجلسٍ آخر، تكتبون

(5)

أنتم الجواب، وتُحضِرونه في ذلك المجلس.

وأشار بعضُ الموافقين بأن نُتِمَّ

(6)

الكلامَ بكتابةِ الجوابِ؛ لئلا تنتشر أسْوِلتهم واعتراضهم.

(1)

(ب، ق): «يغفر» .

(2)

زيادة يستقيم بها السياق من (ط، طف).

(3)

الأصل: «الثابت» ، و (طف):«والقانت» .

(4)

(ف، ك، ط): «قال» .

(5)

(ف): «وتؤخرون» ، (ك):«فتكتبون» .

(6)

بقية النسخ: «يتمّم» .

ص: 288

وكأنَّ الخصومَ كان

(1)

لهم غرضٌ في تأخير كتابةِ الجواب، ليستعدُّوا لأنفسهم، ويطالعوا، ويُحضروا من غابَ من أصحابهم، ويتأمَّلوا العقيدةَ فيما بينهم، ليتمكَّنوا من الطعن والاعتراض.

فحصلَ الاتفاقُ على أن يكون تمامُ الكلام يوم الجمعة، وقمنا على ذلك.

وقد أظهرَ الله من قيام الحُجَّة وبيانِ المحجَّة ما أعزَّ به [ق 82] أهل

(2)

السنة والجماعة، وأرغَم به أهل البدعة والضلالة، وفي نفوس كثيرٍ من الناس أمورٌ لما يحدث

(3)

في المجلس الثاني.

وأخذوا في تلك الأيام يتأمَّلونها، ويتأملون ما أجبتُ

(4)

به في مسائل تتعلَّق بالاعتقاد، مثل «المسألة الحموية في الاستواء والصفات الخبرية» ، وغيرها.

(1)

ليست في (ب، طف).

(2)

(ف، ك): «أعز الله .. » ، و «أهل» من الأصل فقط.

(3)

(ب، ق): «بُحِث» .

(4)

(ك): «أجيب» .

ص: 289