الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[سجن الشيخ بالإسكندرية]
وذكر الشيخُ علم الدين
(1)
البرزاليُّ وغيره: أنَّ في شهر شوَّال من سنةِ سبعٍ وسبعمائة شكا شيخُ الصوفية بالقاهرة ــ كريم الدين الآملي
(2)
، وابنُ عطاء
(3)
، وجماعةٌ نحو الخمسمائة ــ من الشيخ تقيِّ الدين وكلامه في ابن عربي وغيره إلى الدولة.
فرُدَّ
(4)
الأمر في ذلك إلى القاضي الشافعي.
وعُقِدَ له مجلسٌ وادَّعى عليه ابنُ عطاء بأشياءَ لم يثْبُت منها شيء
(5)
، لكنه قال: إنه لا يُستغاثُ إلَّا بالله، حتَّى لا يُستغاثُ
(6)
بالنبي صلى الله عليه وسلم استغاثةً بمعنى العبادة، ولكن
(7)
يُتَوسَّلُ به ويُتَشفَّع به إلى الله.
(1)
في «المقتفي» : (3/ 379). و «علم الدين» ليست في (ف، ك).
(2)
هو: عبد الكريم بن الحسين أبو القاسم كريم الدين الآملي الصوفي، شيخ خانقاه سعيد السعداء، ثم عزل عنها بعد اتهام الصوفية له بأشياء قادحة. قال الذهبي: أثبت الصوفية فسقه من ستة عشر وجهًا. (ت 710)، انظر «أعيان العصر»:(3/ 133 ــ 134)، و «البداية والنهاية «:(18/ 86، 108)، و «الدرر الكامنة»:(2/ 397).
(3)
هو: أحمد بن محمد بن عبد الكريم بن عطاء الله تاج الدين أبو الفضل الشاذلي الصوفي، كان المتكلم على لسان الصوفية في زمانه. (ت 709). انظر «الدرر الكامنة»:(1/ 92)، و «المنهل الصافي»:(1/ 106).
(4)
(ف): «فردوا» .
(5)
بقية النسخ: «شيء منها» .
(6)
«إلا
…
يستغاث» سقطت من (ب).
(7)
(ف، ك): «ولكنه» .
فبعضُ الحاضرين قال: ليس في هذا شيءٌ، ورأى قاضي القضاة بدر الدين أنَّ هذا فيه قلَّة أدب.
فحضرتْ رسالةٌ إلى القاضي أن يعمل معه ما تقتضيه الشريعة
(1)
في ذلك، فقال القاضي: قد قلتُ له ما يُقال لمثله.
ثم إنَّ الدولةَ خيَّروه بين أشياء، وهي: الإقامة بدمشق، أو الإسكندرية بشروط، أو الحبس؟ فاختار الحبس.
فدَخَل عليه جماعةٌ في السفر إلى دمشق ملتزمًا ما شُرِط
(2)
، فأجابهم، فأرْكَبوه
(3)
خيلَ البريد ليلةَ الثامن عشر من شوَّال.
ثمَّ أُرْسِل خلْفَه من الغَدِ بريدٌ آخر، فرَدَّه، وحضر عند قاضي القضاة بحضور جماعة من الفقهاء، فقال بعضهم له: ما ترضى الدولة إلا بالحبس.
وقال قاضي القضاة
(4)
: وفيه مصلحةٌ له، واستناب شمس الدين التونسي
(5)
المالكي، وأَذِنَ له أن يحكم عليه بالحبس، فامتنع وقال: ما ثبت عليه شيءٌ.
(1)
(ب): «الشرع» .
(2)
(ب): «ملتزمًا بشرط» .
(3)
(ف): «فأركبوهم» .
(4)
«بحضور
…
القضاة» سقط من (ب).
(5)
الأصل: «التنوسي» . وهو: محمد بن أبي القاسم بن عبد السلام الربعي التونسي، كان مشاركًا في عدة فنون (ت 715). انظر «الدرر الكامنة»:(4/ 149 - 150)، و «الديباج المذهب»:(ص 323 - 324).
فأذِنَ لنور الدين الزواوي المالكيّ
(1)
، فتحيَّر.
فقال الشيخ: أنا أمضي إلى الحبس وأتْبَع ما تقتضيه المصلحة.
فقال نور الدين ــ المأذون له في الحكم ــ: فيكون في موضعٍ يصلح لمثله.
فقيل له: ما ترضى الدولة إلا بمسمَّى الحبس، فأُرْسِلَ إلى حبس القاضي، وأُجْلِس [ق 97] في الموضع الذي أُجْلس فيه القاضي تقي الدين ابن بنت الأعزّ لما حُبِس
(2)
، وأُذِن في
(3)
أن يكون عنده من يخدمه.
وكان جميع ذلك بإشارة الشيخ نَصْر المنبجي ووجاهته في الدولة. واستمرَّ الشيخ في الحبس يُسْتَفْتى ويقصده الناس ويزورونه، وتأتيه الفتاوى المشكلة من الأمراء وأعيان الناس.
قال عَلَم الدين
(4)
: وفي ليلة الأربعاء العشرين من شوال من سنة ثمان
(1)
«بالحبس
…
المالكي» سقط من (ف، ك). وهو: عيسى بن مسعود بن منصور المنجلاتي أبو الروح الحميري، تولى القضاء في عدة أماكن، وناب عن ابن مخلوف المالكي، ثم أقبل على التصنيف فألف في الحديث والفقه. (ت 743). انظر «الدرر الكامنة»:(3/ 210 - 211)، و «الديباج المذهب»:(ص 182 - 184). وجاءت كنيته في المصادر «شرف الدين» . وفي «نهاية الأرب ــ الجامع» للنويري (ص 182) كما هنا.
(2)
هو: عبد الرحمن بن عبد الوهاب بن خلف العلَامي ـ بتخفيف اللام ــ الشافعي، ولي القضاء والوزارة، ووقعت له محنة كاد يتلف بسببها .. (ت 695). انظر «تاريخ الإسلام»:(52/ 261 - 262)، و «طبقات الشافعية»:(8/ 170 - 173) للسبكي، وكان القاضي الأعزّ وزير الملك الكامل بن أيوب جده لأمه، فعُرِف بابن بنت الأعزّ.
(3)
ليست في (ف، ك).
(4)
في «المقتفي» : (3/ 403).
وسبعمائة طُلِب أخوا الشيخ تقيّ الدين، فوُجِد زين الدين وعنده جماعة، فرُسِّم عليهم، ولم يوجد شرف الدين، ثم أُطْلق الجماعةُ سوى زين الدين، فإنه حُمِل إلى المكان الذي فيه الشيخ، وهو قاعة الترسيم بالقاهرة، ثم إنه أُخْرِج في خامس صفر سنة تسع وسبعمائة.
قال
(1)
: وفي الليلة الأخيرة من شهر صفر هذا ــ وهي ليلة الجمعة ــ توجَّه الشيخُ تقيّ الدين من القاهرة إلى الإسكندريَّة مع أميرٍ مُقَدَّم، ولم يُمَكَّن
(2)
أحدٌ من جماعته من السفر معه. ووصل
(3)
الخبر إلى دمشق بعد عشرة أيام، فحصل التألّم لأصحابه ومحبِّيه. وضاقت الصدور، وتضاعف الدعاء له.
وبلغنا أنّ دخوله الإسكندرية كان يوم الأحد، دُخِل به
(4)
من باب الخوخة إلى دار السلطان، ونُقِلَ ليلًا إلى برجٍ في شرقي البلد.
ثم وصلت الأخبار أن
(5)
جماعةً من أصحابه توجَّهوا إليه بعد ذلك، وصار الناس يدخلون إليه، ويقرؤون عليه، ويبحثون
(6)
معه. وكان الموضع الذي هو فيه فسيحًا مُتَّسِعًا.
(1)
في «المقتفي» : (3/ 415).
(2)
الأصل و (ب): «يكن» خطأ.
(3)
(ف، ك): «ووصل هذا
…
».
(4)
«به» ليست في (ك).
(5)
(ب): «إلى» .
(6)
(ف، ك): «ويتحدثون» .