الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
والمعرفة، وخطَّأه في مواضع [89] ادَّعى فيها الإجماع، وكان الكلام في مسألة العرش، وفي مسألة الكلام، وفي مسألة النزول.
وفي يوم الجمعة التالي لليوم
(1)
المذكور أُحْضِر الشيخ شرف الدين وحدَه إلى مجلس نائب السلطنة، وحضر ابن عَدْلان، وتكلَّم معه الشيخ شرفُ الدين، وناظره وبحثَ معه وظهرَ عليه
(2)
.
وفي اليوم الرابع والعشرين من صفر من سنة سبع وسبعمائة اجتمع القاضي بدر الدين بن جماعة
(3)
بالشيخ تقيّ الدين في دار الأوحديّ بالقلعة بكرة الجمعة، وتفرَّقا قبل الصلاة، وطال بينهما الكلام.
[الأمير ابن مهنا وإخراج الشيخ من الجبّ]
وفي شهر ربيع الأول من سنة سبع دخل الأمير حُسام الدين مهنَّا ابن عيسى مَلِك العَرَب إلى مصر، وحضر بنفسه إلى الجبّ. فأخرجَ الشيخَ تقيّ الدين بعد أن استأذنَ في ذلك، فخرج يوم الجمعة الثالث والعشرين من الشهر المذكور
(4)
إلى دار نائب السلطنة بالقلعة، وحضر بعضُ الفقهاء،
(1)
(ف): «الثاني» ، (ك):«ثاني اليوم» .
(2)
في «ذيل مرآة الزمان ــ تكملة الجامع» : (ص 30): «فظهر عليه، ولكن ليس له مساعد. وقيل: إنه ظهر من نائب السلطنة تعصُّب على الشيخ وإخوته» .
(3)
هو: محمد بن إبراهيم بن سعد الله بن جماعة بدر الدين الكناني الشافعي، ولي القضاء بمصر والشام وغيرها (ت 733) وقد جاوز التسعين. انظر «أعيان العصر»:(4/ 208 - 213)، و «الدرر الكامنة»:(3/ 281 - 283).
(4)
ليست في (ب، ف، ك).
وحصل بينهم بحثٌ كثير، وفَرَّقت صلاةُ الجمعة بينهم، ثم اجتمعوا
(1)
إلى المغرب، ولم ينفصل الأمر.
ثم اجتمعوا يوم الأحد بعد يومين بمرسوم السلطان مجموعَ النهار، وحضرَ جماعةٌ أكثر من الأولين، حضر نجم الدين بن الرِّفْعة، وعلاء الدين الباجي، وفخر الدين ابن بنت أبي سعد، وعزّ الدين النَّمْراوي، وشمس الدين بن عَدْلان، وجماعة من الفقهاء
(2)
.
ولم يحضر القضاة، وطُلِبوا، فاعتذر بعضُهم بالمرض، وبعضهم بغيره، وقَبِل عذْرَهم نائبُ السلطنة
(3)
. ولم يكلِّفهم الحضور، بعد أن رسم السلطان بحضورهم. وانفصلَ المجلس على خير.
وبات الشيخ عند نائب السلطنة.
وكتبَ كتابًا إلى دمشق بكرة الاثنين السادس والعشرين من الشهر، يتضمَّنُ خروجَه، وأنه أقام بدار ابن شُقَير بالقاهرة، وأنَّ الأمير سيف الدين سلَّار رَسَم بتأخُّرِه
(4)
عن الأمير مهنَّا أيَّامًا، ليرى الناسُ فضله ويحصل لهم الاجتماع به.
(1)
«بعض
…
اجتمعوا» سقط من (ف).
(2)
ذكر منهم اليونيني في «ذيل المرآة ــ تكملة الجامع» : (ص 31): «شمس الدين الجزري الخطيب، وصهر المالكي» .
(3)
قال ابن كثير عن سبب اعتذارهم عن الحضور: «لمعرفتهم بما ابن تيمية منطوٍ عليه من العلوم والأدلة، وأن أحدًا من الحاضرين لا يطيقه» . «البداية والنهاية» : (18/ 73 - 76)، و «الجامع»:(ص 425).
(4)
(ف): «بتأخيره» .
وكان
(1)
مُدَّة مقام الشيخ في الجبِّ ثمانية عشر شهرًا. وفرح خلقٌ كثير بخروجه، وسرُّوا بذلك سرورًا عظيمًا، وحَزِن آخرون وغضبوا.
وامتدحه الشيخ الإمام نجم الدين سليمان بن عبد القوي الطوفي
(2)
بقصيدة، منها:
فاصبر ففي الصبر
(3)
ما يغنيك عن حِيَل
…
وكلُّ صَعْب إذا صابرته هانا
ولستَ تَعْدَم من خطبٍ رُميتَ به
…
إحدى اثنتين فأيقن ذاك إيقانا
تمحيصَ ذنب لتلقى الله خالصةً
…
أو امتحانًا به تزدادُ قربانا
يا سعد، إنا لنرجو أن تكون لنا
…
سَعْدًا ومرعاك للرّوّاد
(4)
سعدانا
وأن يَضرّ بك الرحمنُ طائفةً
…
وَلَّت وينفعُ من بالودِّ والانا
يا أهل تيميَّة العالين مرتبةً
…
ومنصبًا فَرعَ
(5)
الأفلاك تبيانا
جواهرُ الكون أنتم غيرَ أنكمُ
…
في معشر أُشرِبوا في العقل نقصانا
لا يعرفون لكم فضلًا ولو عَقَلوا
…
لصيَّروا لكم الأجفانَ أوطانا
[ق 90] يا من حوى من علوم الخلق ما قَصُرَتْ
عنه الأوائل مُذْ كانوا إلى الآنا
(1)
«الأمير
…
وكان» سقط من (ف، ك).
(2)
الحنبلي (ت 716). ترجمته في «أعيان العصر» : (2/ 445 - 447)، و «الذيل على طبقات الحنابلة»:(4/ 404 - 420).
(3)
(ب، ف): «الغيب» .
(4)
(ف): «للوراد» .
(5)
الأصل و (ف، ب): ««قرع» والمثبت من (ك، ح)، ومعنى فرع: أي علا.
إن تُبْتلى بلئام الناس يرفَعُهم
…
عليك دهر
(1)
لأهل الفضلِ قد خانا
إني لأقسم والإسلامُ مُعْتقدي
…
وإنني من ذوي الإيمان أيمانا:
لم ألقَ قبلك إنسانًا أُسرُّ به
…
فلا بَرِحْتَ لعين المجد إنسانا
في أبيات كثيرة غير هذه يمدح فيها الشيخ ويذمُّ أعداءه.
***
وفي يوم الجمعة صلّى الشيخ في جامع الحاكم، وجلس فاجتمع إليه خلقٌ عظيم. وسأله بعضُهم أن يتكلَّمَ بشيء يسمعونه منه، فلم يجبهم إلى ذلك، بل كان يتبسَّم وينظر يَمْنهً ويَسْرةً.
فقال له رجل: قال الله في كتابه الكريم: {وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ وَلَا تَكْتُمُونَهُ} [آل عمران: 187]، فنهضَ
(2)
قائمًا، وابتدأ بخطبة الحاجة ــ خطبة ابن مسعود ــ ثم استعاذ بالله من الشيطان الرجيم، وقرأ: {بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ (1) الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ
…
} [الفاتحة: 1 - 2]
(3)
إلى آخرها.
وتكلَّم على تفسير قوله: {إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ} [الفاتحة: 5] وفي معنى العبادة والاستعانة، إلى أن أذَّنَ مؤذِّن العصر.
(1)
(ك، ح): «دهر عليك» .
(2)
(ف، ك): «فنهض الشيخ» .
(3)
(ك) زيادة: {الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ} ، و (ط) أكمل السورة إلى آخرها.
وفي يوم الخميس السادس من شهر ربيع الآخر من سنة سبع عُقِد للشيخ مجلسٌ آخر بالمدرسة الصالحية بالقاهرة، واجتمع فيه القضاةُ وغيرهم.
وكان مما جرى في المجلس ــ فيما بلغني ــ أنه قيل للشيخ: تَسْتَغفر الله العظيم، وتتوب
(1)
إليه!
فقال الشيخ: كلُّنا نستغفر الله العظيم ونتوب إليه، والتفتَ إلى رجلٍ منهم، فقال له: اسْتَغْفر الله العظيم وتُبْ إليه!
فقال: أستغفرُ الله العظيم وأتوبُ إليه، وكذلك قال لآخر ولآخر، وكلُّهم يقول كذلك!
فقيل للشيخ: تُبْ إلى الله عز وجل من كذا وكذا ــ وذُكِر له كلامٌ
(2)
ــ.
فقال: إن كنتُ قلتُ كلامًا يستوجب التوبةَ فأنا تائبٌ منه.
فقال له قائل: هذه ليست توبة.
فردَّ عليه الشيخ، وجهَّلَه، ووقع كلامٌ يطول ذكره.
ووصل كتابُ الشيخ مؤرَّخًا بليلة الجمعة الرابع عشر من الشهر، يذكر فيه أنه عُقِد له مجلس ثالث بالمدرسة الصالحية بالقاهرة، بعد خروج مُهنَّا في يوم الخميس سادس الشهر، وأنه حَصَل فيه خير، وأن في إقامته مصالح وفوائد
(3)
.
(1)
(ك): «نستغفر
…
ونتوب» خطأ. لأن مقصودهم الطلب من الشيخ.
(2)
«وذكر له كلام» ليست في (ف).
(3)
انظر ما سبق (ص 262).