المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

كُلَّهُ عَنْهُ بِأَنْ أَثْبَتَ لَهُ الْأَخْذَ بِالشُّفْعَةِ مِنْ الْمُشْتَرِي حَتَّى - الفتاوى الفقهية الكبرى - جـ ٣

[ابن حجر الهيتمي]

فهرس الكتاب

- ‌[كِتَابُ قُرَّةِ الْعَيْنِ بِبَيَانِ أَنَّ التَّبَرُّعَ لَا يُبْطِلُهُ الدَّيْنُ]

- ‌[كِتَابُ الذَّيْلِ الْمُسَمَّى بِكَشْفِ الْغَيْنِ عَمَّنْ ضَلَّ عَنْ مَحَاسِنِ قُرَّةِ الْعَيْنِ]

- ‌[بَابُ الْحَجْرِ]

- ‌[بَابُ الصُّلْحِ]

- ‌[بَابُ الْحَوَالَةِ]

- ‌[بَابُ الضَّمَانِ]

- ‌[بَاب الشَّرِكَةِ]

- ‌[بَابُ الْوَكَالَةِ]

- ‌[بَابُ الْغَصْبِ]

- ‌[بَابُ الْعَارِيَّةِ]

- ‌[بَابُ الشُّفْعَةِ]

- ‌[بَابُ الْقِرَاضِ]

- ‌[بَابُ الْإِقْرَارِ]

- ‌[رَفْعُ الشُّبَهِ وَالرِّيَبِ عَنْ حُكْمِ الْإِقْرَارِ بِأُخُوَّةِ الزَّوْجَةِ الْمَعْرُوفَةِ النَّسَبِ]

- ‌[الْبَابُ الْأَوَّلُ فِي الْكَلَامِ عَلَى الْحِلِّ مِنْ غَيْر تَفْصِيلٍ]

- ‌[الْبَابُ الثَّانِي فِي الْكَلَامِ عَلَى حُرْمَتِهَا عَلَيْهِ مِنْ غَيْرِ تَفْصِيلٍ]

- ‌[الْبَابُ الثَّالِثُ فِي الْكَلَامِ عَلَى حُرْمَتِهَا ظَاهِرًا وَحِلِّهَا لَهُ بَاطِنًا إنْ كَذَبَ]

- ‌[بَابُ الْمُسَاقَاةِ]

- ‌[بَابُ الْإِجَارَةِ]

- ‌[بَابُ إحْيَاءِ الْمَوَاتِ]

- ‌[بَابُ الْوَقْفِ]

- ‌[سَوَابِغُ الْمَدَدِ فِي الْعَمَلِ بِمَفْهُومِ قَوْلِ الْوَاقِفِ مَنْ مَاتَ مِنْ غَيْرِ وَلَد]

- ‌[كِتَابُ الْإِتْحَافِ بِبَيَانِ أَحْكَامِ إجَارَةِ الْأَوْقَافِ]

- ‌[الْبَابُ الْأَوَّلُ أَجْرُ نَاظِرٍ عَلَى وَقْفٍ بِشَرْطِ الْوَاقِفِ الْمَكَانَ الْمَوْقُوفَ بِأُجْرَةٍ مُعَيَّنَةٍ]

- ‌[الْبَابُ الثَّانِي فِي بَيْتٍ وُقِفَ بِمَكَّةَ الْمُشَرَّفَةِ عَامِرٍ أَجَّرَهُ نَاظِرُهُ بِشَرْطِ الْوَاقِفِ]

- ‌[بَابُ الْهِبَةِ]

- ‌[بَابُ اللُّقَطَةِ]

- ‌[بَابُ الْجِعَالَةِ]

- ‌[كِتَابُ الْفَرَائِضِ]

الفصل: كُلَّهُ عَنْهُ بِأَنْ أَثْبَتَ لَهُ الْأَخْذَ بِالشُّفْعَةِ مِنْ الْمُشْتَرِي حَتَّى

كُلَّهُ عَنْهُ بِأَنْ أَثْبَتَ لَهُ الْأَخْذَ بِالشُّفْعَةِ مِنْ الْمُشْتَرِي حَتَّى تَنْتَفِيَ عِلِّيَّةُ كُلٍّ مِنْ ضَرَرِ الْقِسْمَةِ وَسُوءِ الْمُشَارَكَةِ وَإِذَا كَانَ هَذَا هُوَ السَّبَبُ فِي عِلَّةِ ثُبُوتِ الشُّفْعَةِ لِلشَّرِيكِ الْقَدِيمِ عُلِمَ مِنْهُ أَنَّهَا لَا تَثْبُتُ لِلْبَائِعِ عَلَى الشَّفِيعِ؛ لِأَنَّ الشَّفِيعَ لَمْ يَصْدُرْ مِنْهُ نَوْعٌ مِنْ أَنْوَاعِ التَّعَدِّي عَلَى الْبَائِعِ بِالْأَخْذِ بَلْ إنَّمَا قَصَدَ بِأَخْذِهِ مَنْعَ تَعَدِّي الْبَائِعِ عَلَيْهِ بِالْبَيْعِ مِنْ غَيْرِهِ فَكَيْفَ يُتَوَهَّمُ حِينَئِذٍ أَنَّ الْبَائِعَ يَأْخُذُ مَعَ أَنَّهُ الْمُتَعَدِّي بِالْبَيْعِ وَالشَّفِيعُ غَيْرُ مُتَعَدٍّ بِالْأَخْذِ وَأَيْضًا فَالْبَائِع بِبَيْعِهِ بَعْضَ حِصَّتِهِ لِثَالِثٍ قَدْ وَطَّنَ نَفْسَهُ عَلَى مَا يَأْتِي مِنْ الثَّالِثِ مِنْ ضَرَرِ الْقِسْمَةِ وَسُوءِ الْمُشَارَكَةِ وَشَرِيكُهُ الْقَدِيمُ لَمْ يُوَطِّنْ نَفْسَهُ عَلَى ذَلِكَ وَإِنَّمَا الْبَائِعُ أَدْخَلَ عَلَيْهِ ذَلِكَ الضَّرَرَ فَنَاسَبَ ثُبُوتَ الشُّفْعَةِ لَهُ لِعُذْرِهِ وَلَمْ يُنَاسِبْ أَخْذَ الْبَائِعِ لِشَيْءٍ مِنْ الشَّفُوعِ لِمَا تَقَرَّرَ أَنَّ عِلَّةَ أَخْذِهِ مَنْعُ آثَارِ تَعَدِّي الْبَائِعِ وَإِذَا كَانَتْ هَذِهِ هِيَ الْعِلَّةُ فَهِيَ غَيْرُ مَوْجُودَةٍ فِي الْبَائِعِ فَتَعَذَّرَ أَخْذُهُ هَذَا حَاصِلُ مَا يُوَجَّهُ بِهِ كَلَامُهُمْ وَهُوَ تَوْجِيهٌ ظَاهِرٌ جَلِيٌّ لَا غُبَار عَلَيْهِ فَلْيُتَأَمَّلْ.

(وَسُئِلَ) - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - عَنْ أَخَوَيْنِ مُشْتَرِكَيْنِ فِي أَرْضٍ بَاعَ أَحَدُهُمَا لِأَجْنَبِيٍّ مَثَلًا ثُمَّ مَاتَ الْآخَرُ الَّذِي لَمْ يَبِعْ قَبْلَ أَنْ يَسْقُطَ حَقُّهُ وَوَرِثَهُ الْآخَرُ الْبَائِعُ فَهَلْ لِلْبَائِعِ أَنْ يَشْفَعَ فِيمَا بَاعَ؛ لِأَنَّهُ قَامَ مَقَامَ أَخِيهِ فِي ذَلِكَ أَمْ لَا؟

(فَأَجَابَ) بِقَوْلِهِ أَنَّ لِلْبَائِعِ الْوَارِثِ أَنْ يَشْفَعَ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ إذْ لَا مَانِعَ لَهُ مِنْ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ أَخَذَهُ بِالشُّفْعَةِ لِلْوَصْفِ الَّذِي طَرَأَ وَهُوَ الْإِرْثُ غَيْر الْوَصْفِ الَّذِي بَاعَ بِهِ، وَتَبَدُّلُ الْأَوْصَافُ كَتَبَدُّلِ الذَّوَاتِ وَلَيْسَ هَذَا كَفُرُوعٍ ذَكَرُوا فِيهَا سُقُوطَ حَقِّهِ بِإِرْثِهِ؛ لِأَنَّ تِلْكَ الْحَقُّ فِيهَا لَهُ عَلَى الْمَيِّتِ فَإِذَا صَارَ هُوَ الْوَارِثُ تَعَذَّرَ طَلَبُهُ لِذَلِكَ الْحَقِّ وَهُنَا الْحَقُّ لِلْمَيِّتِ عَلَى الْمُشْتَرِي فَإِذَا مَاتَ انْتَقَلَ حَقُّ الْمَيِّتِ لِوَارِثِهِ وَإِنْ كَانَ هُوَ الْبَائِعُ فَلَهُ حِينَئِذٍ الْأَخْذُ بِهِ خِلَافَةً عَنْ مُورَثِهِ الْآنَ.

وَكَوْنُهُ بَائِعًا وَصْفٌ انْقَضَى وَخَلَفَهُ وَصْفٌ آخَرُ فَعُمِلَ بِهِ لِإِطْبَاقِهِمْ عَلَى أَنَّ مَا يَثْبُتُ لِلْمَيِّتِ يَثْبُتُ لِوَارِثِهِ إلَّا فِي مَسَائِلَ لَيْسَتْ هَذِهِ مِنْهَا فَإِنْ قُلْت صَرَّحُوا بِأَنَّهُ لَا شُفْعَةَ لِلشَّرِيكِ الْوَارِثِ فِيمَا بِيعَ فِي دَيْنِ مُورَثِهِ فَهَلْ يُؤْخَذُ مِنْ هَذَا الْمَنْعُ فِي مَسْأَلَتنَا؟ قُلْت لَا يُؤْخَذَ مِنْهُ ذَلِكَ بِوَجْهٍ لِوُضُوحِ فُرْقَانِ مَا بَيْنَهُمَا إذْ سَبَبُ الْمَنْع هُنَا أَنَّهُ قَادِرٌ عَلَى تَرْكِ بَيْعِهِ وَأَدَاءِ الدَّيْنِ مِنْ مَالِهِ كَذَا قِيلَ وَفِيهِ نَظَرٌ وَالْوَجْهُ أَنَّ سَبَبَهُ أَنَّ الْوَارِثَ يَمْلِكُ التَّرِكَةَ وَإِنْ كَانَ الدَّيْنُ مُسْتَغْرِقًا فَالشِّقْصُ الْمَبِيعُ مِلْكُهُ حَالَةَ الْبَيْعِ فَكَيْفَ يُتَصَوَّرُ أَخْذُهُ بِالشُّفْعَةِ عَلَى أَنَّهُ قَدْ لَا يَقْدِرُ عَلَى تَرْكِ بَيْعِهِ لِكَوْنِ الْمَيِّتِ أَوْصَى بِبَيْعِهِ فِي دَيْنِهِ، ثُمَّ رَأَيْت بَعْضَهُمْ قَالَ الظَّاهِرُ أَنَّ الْمَنْعَ لِكَوْنِهِ نَائِبَ مُورَثِهِ فَلَوْ شَفَعَ لَكَانَ كَالشَّافِعِ فِيمَا بَاعَهُ بِنَفْسِهِ أَيْ لِنَفْسِهِ وَهُوَ مُوَافِقٌ لِمَا ذَكَرْته لَكِنْ مَا ذَكَرْته أَوْضَحُ لِمَا ذَكَرُوهُ أَنَّهُ يَمْلِكُ التَّرِكَةَ مِلْكًا حَقِيقِيًّا وَإِنْ اسْتَغْرَقَهَا الدَّيْنُ فَلَيْسَ كَالْبَائِعِ فِيمَا بَاعَهُ لِنَفْسِهِ بَلْ هُوَ هُوَ حَقِيقَةً وَظَاهِرٌ كَمَا عُلِمَ مِمَّا تَقَرَّرَ أَنَّ الْكَلَامَ فِي وَارِثٍ حَائِزٍ أَوْ غَيْرِهِ لَكِنْ بِالنِّسْبَةِ لِمَا يَخُصُّ قِسْطَهُ مِنْ الْإِرْثِ دُونَ قِسْطِ غَيْرِهِ، وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَم.

[بَابُ الْقِرَاضِ]

(مَسْأَلَةٌ) نَقَلَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ فِي تَخْرِيجِ أَحَادِيثِ الرَّافِعِيِّ وَالزَّرْكَشِيُّ فِي الْخَادِمِ وَغَيْرُهُمَا عَنْ ابْنِ حَزْمٍ وَأَقَرُّوهُ أَنَّ كُلَّ بَابٍ مِنْ أَبْوَابِ الْفِقْهِ لَهُ أَصْلٌ فِي الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ إلَّا الْقِرَاضَ مَعَ قِيَامِ الْإِجْمَاعِ عَلَيْهِ لَكِنَّهُ إنَّمَا يَكُونُ عَنْ أَصْلٍ فَهَلْ هُوَ كَمَا قَالَ وَكَيْفَ سَاغَ لِهَؤُلَاءِ الْأَئِمَّةِ تَقْرِيرُهُ مَعَ حَدِيثِ ابْنِ مَاجَهْ «ثَلَاثٌ فِيهِنَّ الْبَرَكَةُ الْبَيْعُ إلَى أَجَلٍ وَالْمُقَارَضَةُ وَخَلْطُ التَّمْرِ بِالشَّعِيرِ لِلْبَيْتِ لَا لِلْبَيْعِ» (الْجَوَابُ) الْحَدِيثُ الْمَذْكُورُ لَا يَرُدُّ عَلَيْهِمْ؛ لِأَنَّهُ مَوْضُوعٌ كَمَا قَالَهُ الْبُخَارِيُّ وَعَلَى التَّنَزُّلِ وَأَنَّ لَهُ أَصْلًا فَهُوَ لَيْسَ بِهَذَا اللَّفْظِ أَعْنِي الْمُقَارَضَةَ بِالْقَافِ خِلَافًا لِمَنْ وَهِمَ فِيهِ اغْتِرَارًا بِكَوْنِ ابْنِ مَاجَهْ ذَكَرَهُ فِي الشَّرِكَةِ وَالْمُضَارَبَةِ أَيْ: الْمُقَارَضَةِ وَإِنَّمَا صَوَابُهُ بِالْعَيْنِ أَيْ: بَيْعِ الْعَرْضِ بِالْعَرْضِ فَاتَّضَحَ قَوْلُ ابْنِ حَزْمٍ مَا مَرَّ وَتَقْرِيرُهُمْ عَلَيْهِ لَكِنْ يَرُدُّ عَلَيْهِمْ مَا اشْتَهَرَ فِي السِّيَرِ أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم سَافَرَ تَاجِرًا لِخَدِيجَةَ قَبْلَ النُّبُوَّةِ وَحَكَى ذَلِكَ وَأَقَرَّهُ بَعْدَهَا فَدَلَّ عَلَى جَوَازِهِ جَاهِلِيَّةً وَإِسْلَامًا وَثَبَتَ أَنَّ لِلْقِرَاضِ أَصْلًا أَصِيلًا

ص: 108

وَاَللَّه أَعْلَم

(وَسُئِلَ) عَمَّا لَوْ اخْتَلَفَ الدَّافِعُ وَالْمَدْفُوعُ لَهُ بَعْدَ تَلَفِ الْمَدْفُوعِ فَادَّعَى الْمَدْفُوعُ إلَيْهِ أَنَّهُ قِرَاض وَادَّعَى الدَّافِعُ أَنَّهُ قَرْض فَمَا الْمُعْتَمَدُ فِي ذَلِكَ وَمَا وَجْهُ الِاسْتِدْلَالِ مَعَ مُلَاحَظَة كَلَامِهِمْ آخِرَ الْعَارِيَّةِ؟

(فَأَجَابَ) - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - بِأَنَّ الَّذِي جَرَى عَلَيْهِ صَاحِبُ الْجَوَاهِرِ وَالْخَادِمِ وَغَيْرُهُمَا تَصْدِيقُ الْمَالِك؛ لِأَنَّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ يَدَّعِي سُقُوطَ الضَّمَانِ مَعَ اعْتِرَافِهِ بِتَصَرُّفِهِ فِيهِ الْمُقْتَضِي لِشَغْلِ الذِّمَّةِ وَالْأَصْلُ عَدَمُ ذَلِكَ وَيُؤَيِّدُهُ قَوْلُ ابْنِ عَلِيٍّ الثَّقَفِيِّ لَوْ دَفَعَ إلَيْهِ أَلْفًا فَتَصَرَّفَ فِيهَا فَرَبِحَ أَلْفًا، ثُمَّ اخْتَلَفَا فَقَالَ الْقَابِضُ كَانَ مُضَارَبَةً بِالنِّصْفِ مَثَلًا وَقَالَ الْمَالِكُ كَانَ بِضَاعَةً أَيْ وَكَالَةً صَدَقَ الدَّافِعُ.

وَجَزَمَ بِهِ فِي الْبَحْرِ وَرَجَّحَهُ الْأَذْرَعِيُّ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ مَا ادَّعَاهُ الْقَابِضُ وَيُؤَيِّدُهُ أَيْضًا قَوْلُهُمْ لَوْ قَالَ مَالِك الدَّابَّةِ لِرَاكِبِهَا أَجَّرْتُكَهَا فَعَلَيْك الْأُجْرَةُ وَقَالَ الرَّاكِبُ أَعَرْتنِي صَدَقَ الْمَالِكُ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ إذْنِ الْمَالِكِ فِي إبَاحَةِ مَنَافِعِ دَابَّتِهِ مَجَّانًا وَخَالَفَ فِي مَسْأَلَتنَا ابْنُ الصَّلَاحِ فَأَفْتَى بِأَنَّ الْقَوْلَ قَوْلُ الْقَابِضِ فِي نَفْيِ الضَّمَانِ؛ لِأَنَّهُمَا اتَّفَقَا عَلَى الْإِذْنِ فِي التَّصَرُّفِ وَاخْتَلَفَا فِي شَغْلِ الذِّمَّةِ وَالْأَصْلُ بَرَاءَتهَا اهـ وَمَا قَالَهُ مَمْنُوعٌ وَإِنْ تَبِعَهُ الدَّمِيرِيُّ وَالْجَوْجَرِيُّ وَغَيْرُهُمَا؛ لِأَنَّا تَيَقَّنَّا بِالتَّصَرُّفِ اشْتِغَالَ الذِّمَّةِ وَالْقَابِضُ يَدَّعِي سُقُوطَهُ فَكَانَتْ دَعْوَاهُ مُخَالِفَةً لِلْأَصْلِ فَلَمْ تُسْمَعْ مِنْهُ وَمَالَ الْجَلَالُ الْبُلْقِينِيُّ إلَى مَا رَجَّحَهُ ابْنُ الصَّلَاحِ وَأَيَّدَهُ بِقَوْلِ الْبَغَوِيِّ لَوْ دَفَعَ أَلْفًا لِإِنْسَانٍ فَقَالَ الْمَدْفُوعُ إلَيْهِ كَانَ وَدِيعَةً فَهَلَكَ فَقَالَ الدَّافِعُ بَلْ أَخَذْته قَرْضًا فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمَدْفُوعِ إلَيْهِ مَعَ يَمِينِهِ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ بَرَاءَةُ ذِمَّتِهِ بِخِلَافِ مَا لَوْ قَالَ غَصَبْتنِي فَقَالَ لَا بَلْ أَكْرَيْتَنِي فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمَالِكِ عَلَى الْأَصَحِّ؛ لِأَنَّهُ أَتْلَفَ مَنْفَعَةَ مَالِهِ، ثُمَّ ادَّعَى إسْقَاطَ الضَّمَانِ بَعْدَ الِاتِّفَاقِ عَلَى أَخْذِهِ لِحَقِّ نَفْسِهِ اهـ.

وَلَا شَاهِدَ فِيهِ لِمَا قَالَهُ ابْنُ الصَّلَاحِ خِلَافًا لِمَا زَعَمَهُ الْجَلَالُ؛ لِأَنَّ مَسْأَلَةَ الْبَغَوِيِّ الْأُولَى أَعْنِي قَوْلَ الْمَدْفُوعِ إلَيْهِ قِرَاضٌ وَقَوْلُ الدَّافِعِ قَرْضُ لَمْ يَحْصُلْ فِيهَا تَصَرُّفٌ يَقْتَضِي شَغْلَ الذِّمَّةِ بَلْ الذِّمَّةُ بَاقِيَةٌ عَلَى أَصْلِ بَرَاءَتِهَا فَلِذَا صَدَقَ الْمَدْفُوعُ إلَيْهِ؛ لِأَنَّ أَصْلَ بَرَاءَةِ ذِمَّتِهِ لَمْ يُعَارِضْهُ شَيْءٌ، وَأَمَّا فِي مَسْأَلَتنَا فَقَدْ تَيَقَّنَّا الصَّرْفَ وَهُوَ مُقْتَضٍ لِشَغْلِ الذِّمَّةِ فَبَطَلَ أَصْلُ بَرَاءَتِهَا وَلَزِمَ مِنْ بُطْلَانِ هَذَا الْأَصْلِ تَصْدِيقُ الدَّافِعِ؛ لِأَنَّ دَعْوَاهُ عَضَّدَهَا تَيَقُّنُ شَغْلِ الذِّمَّةِ الْمُوَافِقِ لَهَا عَلَى أَنَّ مَسْأَلَةَ الْبَغَوِيِّ الثَّانِيَةَ تُؤَيِّدُ مَا قُلْنَاهُ كَمَا عُلِمَ مِمَّا قَدَّمْته مِنْ التَّوْجِيهِ فَكَلَامُهُ لَنَا لَا عَلَيْنَا فَتَأَمَّلْ وَمِمَّنْ تَبِعَ ابْنَ الصَّلَاحِ أَيْضًا الْوَلِيُّ الْعِرَاقِيُّ أَبُو زُرْعَةَ فَرَجَّحَ تَصْدِيقَ الْعَامِلِ بَعْدَ التَّلَفِ وَفَرَّقَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَسْأَلَةِ الْعَارِيَّةِ السَّابِقَةِ بِأَنَّهُمَا ثَمَّ مُتَّفِقَانِ عَلَى عَدَمِ انْتِقَالِ مِلْكِ الْعَيْنِ لِلْآخِذِ بَلْ هِيَ بَاقِيَةٌ عَلَى مِلْكِ مَالِكِهَا وَقَدْ انْتَفَعَ بِهَا وَمُدَّعٍ عَدَمَ الْعِوَضِ وَالْأَصْلُ عَدَمُ سُقُوطِهِ فَإِنَّ الِانْتِفَاعَ بِمِلْكِ الْغَيْرِ يَقْتَضِي الْعِوَضَ اهـ.

وَيُرَدُّ بِمَا تَقَرَّرَ مِنْ أَنَّا فِي مَسْأَلَتنَا تَيَقَّنَّا التَّصَرُّفَ وَهُوَ مُقْتَضٍ لِشَغْلِ الذِّمَّةِ فَلَمْ يَصْدُقْ الْآخِذُ فَاتَّضَحَ أَنَّ الْمَسْأَلَتَيْنِ عَلَى حَدٍّ سَوَاءٍ وَأَنَّ كَلَامَهُمْ فِي مَسْأَلَة الْعَارِيَّةِ شَاهِدُ عَدْلٍ عَلَى تَصْدِيقِ الدَّافِعِ، ثُمَّ مَا ذَكَرَهُ الْبَغَوِيّ فِي الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى هُوَ الْمُعْتَمَدُ وَمِنْ ثَمَّ جَرَى عَلَيْهِ فِي الْأَنْوَارِ وَقَالَ الْبَغَوِيّ إنَّهُ مُتَعَيِّنٌ وَبِهِ أَفْتَى شَيْخُنَا شَيْخُ الْإِسْلَامِ زَكَرِيَّا سَقَى اللَّه عَهْدَهُ، وَأَمَّا مَا فِي مِنْهَاجِ الْقُضَاةِ مِنْ أَنَّهُ لَوْ دَفَعَ إلَيْهِ مَالًا وَتَلِفَ فِي يَدِهِ فَقَالَ دَفَعْته قَرْضًا وَقَالَ الْآخَرُ وِكَالَةً صَدَقَ الدَّافِعُ. اهـ.

فَهُوَ ضَعِيفٌ وَالْمُعْتَمَدُ تَصْدِيقُ الْمَدْفُوعِ إلَيْهِ نَظِيرَ مَسْأَلَةِ الْبَغَوِيِّ وَبِمَا قَرَّرْته يُعْلَمُ أَنَّ الْكَلَامَ فِي مَسْأَلَتِنَا فِيمَا إذَا كَانَ التَّلَفُ بَعْدَ تَصَرُّفِ الْقَابِضِ فَيَصْدُقُ الدَّافِعُ حِينَئِذٍ لِمَا قَدَّمْته أَمَّا إذَا وَقَعَ التَّلَفُ قَبْلَ التَّصَرُّفِ فَالْمُصَدَّقُ حِينَئِذٍ هُوَ الْقَابِضُ وَعَلَيْهِ يُحْمَلُ مَا مَرَّ عَنْ ابْنِ الصَّلَاحِ وَغَيْرِهِ؛ لِأَنَّهُمَا اتَّفَقَا عَلَى الْإِذْنِ وَاخْتَلَفَا فِي شَغْلِ الذِّمَّةِ وَالْأَصْلُ بَرَاءَةُ ذِمَّتِهِمَا قَالَ الشَّيْخَانِ وَلَوْ أَقَامَ كُلٌّ مِنْهُمَا بَيِّنَةً بِمَا قَالَهُ قَالَ صَاحِبُ الْعُدَّةِ وَالْبَيَانِ بَيِّنَةُ الْقَابِضِ أَوْلَى فِي أَحَدِ الْوَجْهَيْنِ اهـ.

وَاعْتَرَضَ بِأَنَّ الْحَقَّ التَّعَارُض وَفِيهِ نَظَرٌ بَلْ الْأَوْجَهُ مَا بَحَثَهُ أَبُو زُرْعَةَ مِنْ تَرْجِيحِ بَيِّنَةِ الدَّافِعِ؛ لِأَنَّ مَعَهَا زِيَادَةَ عِلْمٍ بِالِانْتِقَالِ إلَى الْآخِذِ، وَاَللَّهُ أَعْلَم.

(وَسُئِلَ) - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - عَمَّنْ قَارَضَ شَخْصًا فَاشْتَرَى وَبَاعَ فَلَمَّا نَضَّ الثَّمَنُ وَلَمْ يَظْهَرْ فِيهِ رِبْحٌ أَخَذَ الْعَامِلُ مَالًا مِنْ عِنْدِهِ وَأَضَافَهُ إلَى مَالِ

ص: 109

الْقِرَاضِ بِإِذْنِ الْمَالِكِ مَثَلًا ثُمَّ عَمِلَا فِيهِ فَمَا حُكْمُ الرِّبْحِ الْحَاصِلِ بَعْدَ ذَلِكَ؟

(فَأَجَابَ) بِقَوْلِهِ إنْ جَرَى ذَلِكَ بَعْدَ فَسْخِ عَقْدِ الْقِرَاضِ أَوْ اسْتِرْدَاد الْمَالِك رَأْسَ الْمَالِ فَهُوَ مَحْضُ شَرِكَةٍ وَإِلَّا صَحَّتْ الشَّرِكَةُ مَعَ بَقَاءِ عَقْدِ الْقِرَاض عَلَى حَالِهِ فَيُعْمَلُ فِي الرِّبْحِ الْحَاصِلِ بِمُقْتَضَى الْعَقْدَيْنِ شَرِكَةً وَقِرَاضًا فَإِنْ تَسَاوَيَا فِي الْمَالِ فَالرِّبْحُ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ وَلِلْعَامِلِ مِنْ حِصَّةِ الْمَالِكِ مَا كَانَ شَرَطَهُ لَهُ مِنْ الرِّبْحِ.

(وَسُئِلَ) عَمَّا إذَا مَاتَ الْمَالِكُ فَتَصَرَّفَ الْعَامِلُ فِي مَالِ الْقِرَاضِ جَاهِلًا فَهَلْ يَضْمَنُ وَهَلْ الْوَكِيلُ مِثْلُهُ؟

(فَأَجَابَ) بِقَوْلِهِ مِنْ الْمَعْلُومِ ارْتِفَاعُ الْعَقْدِ بِالْمَوْتِ فَتَصَرُّفُ الْعَامِلِ حِينَئِذٍ كَتَصَرُّفِ الْغَاصِبِ فَإِنْ كَانَ بِعَيْنِ الْمَالِ بَطَلَ وَالْأَصَحُّ وَمَا صَرَفَهُ مِنْ مَالِ الْقِرَاض مَضْمُونٌ عَلَيْهِ وَإِنْ جَهِلَ وَكَذَا حُكْمُ الْوَكِيلِ إذَا تَصَرَّفَ بَعْدَ الْمَوْتِ أَوْ الْعَزْلِ.

(وَسُئِلَ) عَنْ شَخْصَيْنِ دَفَعَا لِإِنْسَانٍ قِرَاضًا فَدَفَعَ أَحَدُهُمَا أَلْفَ أَشْرَفِيّ وَالْآخَرُ أَلْفَيْ أَشْرَفِيّ فَالْجُمْلَةُ ثَلَاثَةُ آلَافٍ وَاتَّفَقَا عَلَى أَنْ يَكُونَ لِلْعَامِلِ الثُّلُثُ مِنْ الرِّبْحِ وَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا الثُّلُثُ وَرَضِيَ الْعَامِلُ بِذَلِكَ وَثَبَتَ ذَلِكَ عِنْدَ قَاضٍ شَافِعِيِّ الْمَذْهَبِ وَسَافَرَ ذَلِكَ الْإِنْسَانُ وَرَبِحَ رِبْحًا كَثِيرًا فَامْتَنَعَا أَنْ يَدْفَعَا لَهُ مَا وَقَعَ الِاتِّفَاقُ عَلَيْهِ فَهَلْ يَجِبُ عَلَيْهِمَا دَفْعُ ذَلِكَ أَمْ لَا؟

(فَأَجَابَ) بِقَوْلِهِ الْقِرَاض الْمَذْكُورُ فَاسِدٌ فَيَسْتَحِقُّ الْعَامِلُ أُجْرَةَ مِثْلِهِ وَلَا شَيْءَ لَهُ مِنْ الرِّبْحِ وَاَللَّهُ أَعْلَم (وَسُئِلَ) عَمَّنْ قَالَ قَارَضْتُك عَلَى إحْدَى هَاتَيْنِ الصُّرَّتَيْنِ مَثَلًا ثُمَّ عَيَّنَ إحْدَاهُمَا فِي الْمَجْلِسِ صَحَّ بِخِلَافِ سَاقَيْتُكَ عَلَى إحْدَى هَاتَيْنِ الْحَدِيقَتَيْنِ ثُمَّ عَيَّنَ إحْدَاهُمَا فِي الْمَجْلِسِ فَإِنَّهُ لَا يَصِحُّ فَمَا الْفَرْقُ بَيْنَهُمَا؟

(فَأَجَابَ) بِقَوْلِهِ قَدْ يُفَرَّقُ بِأَنَّ الْقَصْدَ هُنَا وُقُوعُ الْعَقْدِ عَلَى شَيْءٍ مُرْبِحٍ مِنْ غَيْرِ خُصُوصِ شَيْءٍ مُعَيَّنٍ وَذَلِكَ حَاصِلٌ فِي الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى؛ لِأَنَّ الرِّبْحَ لَا يَخْتَصُّ بِوَاحِدَةٍ دُونَ الْأُخْرَى فَلَا يَخْتَلِفُ الْغَرَضُ فِي تَعَيُّنِ أَيِّ وَاحِدَة مِنْهُمَا وَلَا نَظَرَ فِيهَا إلَى كَوْنِ وَاحِدَةٍ أَرْوَجَ مِنْ الْأُخْرَى؛ لِأَنَّهُ لَا يُنَافِي كَوْن الْأُخْرَى فِيهَا رِبْح وَهُوَ الْمَقْصُودُ دُونَ الرِّبْحِ وَالْقَصْدُ فِي الْمُسَاقَاةِ وُقُوعُ عَقْدِهَا عَلَى شَيْءٍ مُعَيَّنٍ يُثْمِرُ غَالِبًا وَذَلِكَ غَيْرُ حَاصِلٍ فِي الْمَسْأَلَةِ الثَّامِنَةِ؛ لِأَنَّ الْغَرَضَ فِيهَا يَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ عَيْنِ الْحَدِيقَةِ؛ لِأَنَّ الْقَصْدَ الثَّمَرَةُ وَهِيَ تَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الْأَمْكِنَةِ اخْتِلَافًا كَثِيرًا فَوَجَبَ تَعْيِينُ مَحَلِّهَا لِاخْتِلَافِ الْغَرَضِ بِهِ.

(وَسُئِلَ) عَنْ رَجُلٍ دَفَعَ إلَى آخَرَ مَالًا نَقْدًا قَدْرُهُ عِشْرُونَ أَلْفَ مُحَلَّق عَلَى سَبِيلِ الْمُضَارَبَةِ الشَّرْعِيَّةِ فَاشْتَرَى الْعَامِلُ بِذَلك بَضَائِعَ وَمَتَاجِرَ وَسَافَرَ بِذَلِكَ بِإِذْنِ رَبِّ الْمَالِ إلَى بَعْضِ الْبِلَادِ وَبَاعَ وَاشْتَرَى فِي ذَلِكَ أَيْضًا مَثَلًا ثُمَّ حَضَرَ إلَى رَبِّ الْمَالِ وَذَكَرَ لَهُ أَنَّ الْمُتَحَصِّلَ فِي ذَلِكَ رِبْحًا ثَلَاثَةَ عَشْرَةَ أَلْفَ مُحَلَّق مَثَلًا ثُمَّ رَجَعَ عَنْ ذَلِكَ وَقَالَ إنَّ الْمُتَحَصِّلَ فِي ذَلِكَ رِبْحًا إنَّمَا هُوَ سِتَّة آلَاف مُحَلَّق فَسَأَلَهُ رَبُّ الْمَالِ عَنْ تَفْصِيلِ بَيْعِهِ وَشِرَائِهِ وَرِبْحِهِ وَمَصَارِفِهِ وَمَحْصُولَاتِهِ

فَأَجَابَ بِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُ بَيَانُ ذَلِكَ وَلَا الْجَوَابُ وَأَنَّ الْقَوْلَ قَوْلُهُ فِي ذَلِكَ فَهَلْ يَلْزَمُهُ بَيَانُ ذَلِكَ وَتَفْصِيلُهُ وَمُحَاسَبَةُ رَبِّ الْمَالِ عَنْ الْأَصْلِ وَالرِّبْحِ وَتَفْصِيلَات التَّصَرُّفِ أَمْ لَا يَلْزَمُهُ ذَلِكَ وَالْحَالُ أَنَّ التُّجَّارَ الْمُسَافِرِينَ مَعَهُ إلَى الْبَلَدِ الَّتِي سَافَرَ إلَيْهَا بِمِثْلِ الْبَضَائِعِ الَّتِي سَافَرَ بِهَا رَبِحُوا فِيهَا أَكْثَرَ مِنْ ضِعْفِ رِبْحِ الْعَامِلِ الْمَذْكُورِ مَعَ أَنَّ بَيْعَهُمْ وَشِرَاءَهُمْ فِي أَوَانٍ وَاحِدٍ عَلَى كَيْفِيَّةٍ مُتَقَارِبَةٍ وَمَاذَا يَلْزَمُ الْعَامِلَ الْمَذْكُورَ إذَا صَمَّمَ عَلَى عَدَمِ الْمُحَاسَبَةِ إذَا فَصَّلَ تَفْصِيلًا بَعِيدًا عَنْ تَفْصِيلِ أَمْثَالِهِ مِنْ التُّجَّارِ وَإِذَا لَمْ يَكُنْ مَعَ رَبِّ الْمَالِ بَيِّنَةٌ بِاعْتِرَافِ الْعَامِلِ الْمَذْكُورِ بِأَنَّهُ رَبِحَ فِي ذَلِكَ ثَلَاثَةَ عَشَرَ أَلْف مُحَلَّق فَمَاذَا يَلْزَمَهُ فِي ذَلِكَ وَمَا حُكْمُ اللَّه تَعَالَى فِي ذَلِكَ؟

(فَأَجَابَ) بِقَوْلِهِ إذَا قَالَ لَهُ رَبِحْت كَذَا، ثُمَّ رَجَعَ عَنْهُ لَمْ يُقْبَلْ رُجُوعُهُ وَإِنْ ذَكَرَ شُبْهَةً لِغَلَطِهِ لَكِنْ لَهُ تَحْلِيفُ الْمَالِكِ أَنَّهُ لَا يَعْلَمُ ذَلِكَ سَوَاءٌ ذَكَرَ شُبْهَةً أَمْ لَا عَلَى الْأَصَحِّ وَإِذَا فَصَّلَ مَا صَرَفَهُ فَإِنْ كَانَ قَدْرًا لَائِقًا مُحْتَمَلًا فِي الْعَادَةِ صَدَقَ بِيَمِينِهِ وَإِنْ كَانَ قَدْرًا غَيْر لَائِقٍ لِذَلِكَ لَمْ يَصْدُقْ بِالنِّسْبَةِ لِلزَّائِدِ عَلَى اللَّائِقِ فَيُطَالَبُ بِهِ وَإِذَا لَمْ يُفَصِّلْ وَامْتَنَعَ مِنْ الْمُحَاسَبَةِ أُلْزِمَ بِهَا أَخْذًا مِمَّا قَالُوهُ فِي نَاظِرِ الْوَقْفِ، وَفَائِدَتُهَا أَنَّهُ إذَا ذَكَرَ مَقَادِيرَ الْمَصَارِيفِ نَظَرَ فِيهَا هَلْ هِيَ لَائِقَةٌ أَمْ لَا وَيَأْتِي فِيهَا مَا ذَكَرْنَاهُ، وَأَمَّا الْمُحَاسَبَةُ عَنْ كَيْفِيَّةِ الرِّبْحِ وَمَقَادِيرِهِ فَلَا يُلْزَمُ بِهَا كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ إذْ لَا ضَابِطَ لَهُ يُوقَفُ عَلَيْهِ بِهَا بِخِلَافِ الْمَصَارِيفِ فَإِنَّ لَهَا مَقَادِيرَ

ص: 110