المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[الباب الثالث في الكلام على حرمتها ظاهرا وحلها له باطنا إن كذب] - الفتاوى الفقهية الكبرى - جـ ٣

[ابن حجر الهيتمي]

فهرس الكتاب

- ‌[كِتَابُ قُرَّةِ الْعَيْنِ بِبَيَانِ أَنَّ التَّبَرُّعَ لَا يُبْطِلُهُ الدَّيْنُ]

- ‌[كِتَابُ الذَّيْلِ الْمُسَمَّى بِكَشْفِ الْغَيْنِ عَمَّنْ ضَلَّ عَنْ مَحَاسِنِ قُرَّةِ الْعَيْنِ]

- ‌[بَابُ الْحَجْرِ]

- ‌[بَابُ الصُّلْحِ]

- ‌[بَابُ الْحَوَالَةِ]

- ‌[بَابُ الضَّمَانِ]

- ‌[بَاب الشَّرِكَةِ]

- ‌[بَابُ الْوَكَالَةِ]

- ‌[بَابُ الْغَصْبِ]

- ‌[بَابُ الْعَارِيَّةِ]

- ‌[بَابُ الشُّفْعَةِ]

- ‌[بَابُ الْقِرَاضِ]

- ‌[بَابُ الْإِقْرَارِ]

- ‌[رَفْعُ الشُّبَهِ وَالرِّيَبِ عَنْ حُكْمِ الْإِقْرَارِ بِأُخُوَّةِ الزَّوْجَةِ الْمَعْرُوفَةِ النَّسَبِ]

- ‌[الْبَابُ الْأَوَّلُ فِي الْكَلَامِ عَلَى الْحِلِّ مِنْ غَيْر تَفْصِيلٍ]

- ‌[الْبَابُ الثَّانِي فِي الْكَلَامِ عَلَى حُرْمَتِهَا عَلَيْهِ مِنْ غَيْرِ تَفْصِيلٍ]

- ‌[الْبَابُ الثَّالِثُ فِي الْكَلَامِ عَلَى حُرْمَتِهَا ظَاهِرًا وَحِلِّهَا لَهُ بَاطِنًا إنْ كَذَبَ]

- ‌[بَابُ الْمُسَاقَاةِ]

- ‌[بَابُ الْإِجَارَةِ]

- ‌[بَابُ إحْيَاءِ الْمَوَاتِ]

- ‌[بَابُ الْوَقْفِ]

- ‌[سَوَابِغُ الْمَدَدِ فِي الْعَمَلِ بِمَفْهُومِ قَوْلِ الْوَاقِفِ مَنْ مَاتَ مِنْ غَيْرِ وَلَد]

- ‌[كِتَابُ الْإِتْحَافِ بِبَيَانِ أَحْكَامِ إجَارَةِ الْأَوْقَافِ]

- ‌[الْبَابُ الْأَوَّلُ أَجْرُ نَاظِرٍ عَلَى وَقْفٍ بِشَرْطِ الْوَاقِفِ الْمَكَانَ الْمَوْقُوفَ بِأُجْرَةٍ مُعَيَّنَةٍ]

- ‌[الْبَابُ الثَّانِي فِي بَيْتٍ وُقِفَ بِمَكَّةَ الْمُشَرَّفَةِ عَامِرٍ أَجَّرَهُ نَاظِرُهُ بِشَرْطِ الْوَاقِفِ]

- ‌[بَابُ الْهِبَةِ]

- ‌[بَابُ اللُّقَطَةِ]

- ‌[بَابُ الْجِعَالَةِ]

- ‌[كِتَابُ الْفَرَائِضِ]

الفصل: ‌[الباب الثالث في الكلام على حرمتها ظاهرا وحلها له باطنا إن كذب]

قَطْعًا كَمَا تَقَرَّرَ وَمِنْهَا فَرْقُهُمْ فِي بَعْضِ الْمَسَائِلِ بَيْنَ قَبُولِ الْإِقْرَارِ بِالْبُنُوَّةِ لَا بِالْأُخُوَّةِ بِفُرُوقٍ مُتَّعَدِّدَةٍ مِنْهَا أَنَّ الْإِقْرَارَ بِالْبُنُوَّةِ حَقٌّ وَاجِبٌ عَلَيْهِ بِخِلَافِ الْأُخُوَّةِ فَاحْتِيطَ لِذَلِكَ مَا لَا يُحْتَاطُ لِهَذَا وَيُفَرَّقُ أَيْضًا بِأَنَّ الْإِنْسَانَ يَعْلَمُ فِيمَا يَتَعَلَّقُ بِنَفْسِهِ مَا لَا يَعْلَمُهُ فِيمَا يَتَعَلَّقُ بِغَيْرِهِ فَجَازَ أَنْ يُؤَثِّرَ إقْرَارُهُ فِيمَا يَتَعَلَّقُ بِنَفْسِهِ كَالْبُنُوَّةِ مَا لَا يُؤَثِّرُ إقْرَارُهُ فِيمَا يَتَعَلَّقُ بِغَيْرِهِ كَالْأُخُوَّةِ وَيُؤَيِّدُهُ أَنَّهُمْ اشْتَرَطُوا فِي الْإِلْحَاقِ بِالْغَيْرِ شُرُوطًا زَائِدَةً فَدَلَّ عَلَى تَرَاخِي رُتْبَةِ الْأُخُوَّةِ عَنْهَا بِالْبُنُوَّةِ وَحَاصِلُ ذَلِكَ كُلِّهِ أَنَّ مَا ذَكَرَهُ الْإِمَامُ

وَأَقَرَّهُ عَلَيْهِ الشَّيْخَانِ فِي الْبُنُوَّةِ لَا يُرَدُّ نَقْضًا لِمَا ذَكَرَهُ الْأَصْحَابُ فِي الْأُخُوَّةِ لِمَا تَقَرَّرَ مُوَضَّحًا فَإِنْ قُلْتَ فِي تَقْرِيرِ الشَّيْخَيْنِ لَلْإِمَامِ عَلَى ذَلِكَ أَوْضَحُ حُجَّةً عَلَى ضَعْفِ الْوَجْهِ الْقَائِلِ بِالْحَالِ؛ لِأَنَّا إنْ جَعَلْنَاهَا فُرْقَةَ فَسْخٍ فَوَاضِحٌ أَوْ فُرْقَةَ طَلَاقٍ فَأَيْنَ الْحِلُّ وَفِيهِ أَيْضًا رَدُّ مَا مَرَّ مِنْ دَعْوَى أَنَّ الْإِقْرَارَ الَّذِي كَذَّبَهُ الشَّرْعُ لَا يُعْمَلُ بِهِ أَصْلًا قُلْت قَدْ مَرَّ لَك أَنَّ أُخْتِي يَحْتَمِلُ أُخُوَّةَ الدِّينِ وَأُخُوَّةَ النَّسَبِ وَمَعَ هَذَا الِاحْتِمَالِ الْمُنْضَمِّ إلَيْهِ تَكْذِيبُ الشَّرْعِ لَهُ فِي إقْرَارِهِ بِنَحْوِ الْأُخُوَّةِ يَنْدَفِعُ قِيَاسُ الْإِقْرَارِ بِالْبُنُوَّةِ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ لَا احْتِمَالَ ظَاهِرٌ فِيهِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ جَمْعٌ فِي فَرْقِهِمْ بَيْنَ يَا بِنْتِي وَأَنْتِ بِنْتِي فَإِنَّ الْأَوَّلَ ظَاهِرٌ فِي الْكَرَامَةِ بِخِلَافِ الثَّانِي فَاتَّضَحَ أَنَّ مَا هُنَا لَا يَدْفَعُ شَيْئًا مِمَّا ذُكِرَ فِي السُّؤَالِ فَتَأَمَّلْهُ فَإِنَّهُ دَقِيقٌ (تَنْبِيهٌ أَوَّلٌ) فِي ثُبُوتِ الْحُرْمَةِ بِدُونِ ثُبُوتِ النَّسَبِ هُنَا تَأْيِيدًا لِمَا مَرَّ مِنْ تَخْرِيجِ ابْنِ سُرَيْجٍ لَكِنْ قَدْ سَبَقَ الْجَوَابُ عَنْهُ (تَنْبِيهٌ ثَانٍ) قَدْ عَلِمْت مِنْ فَرْضِهِمْ الْوَجْهَيْنِ السَّابِقَيْنِ عَنْ الْجَوَاهِرِ وَغَيْرِهَا فِي الْبَابِ الْأَوَّلِ فِي صُورَةِ الِاسْتِلْحَاقِ أَنَّهُ حَيْثُ لَا اسْتِلْحَاقَ فَلَا حُرْمَةَ حَتَّى عَلَى هَذَا الْوَجْهِ (تَنْبِيهٌ ثَالِثٌ) مَرَّ أَيْضًا أَنَّ الْخِلَافَ إنَّمَا هُوَ بِالنِّسْبَةِ لِلظَّاهِرِ أَمَّا بِالنِّسْبَةِ لِلْبَاطِنِ فَلَا يَتَّجِهُ فِيهِ خِلَافٌ بَلْ يَجِبُ الْقَطْعُ بِأَنَّهُ إنْ صَدَقَ فِيمَا ذَكَرَهُ حُرِّمَتْ عَلَيْهِ بَاطِنًا وَإِنْ كَذَبَ لَمْ تَحْرُمْ عَلَيْهِ بَاطِنًا وَهَذَا مِمَّا لَا شُبْهَةَ فِيهِ

وَبِهَذَا يُعْلَمُ أَنَّ مَا يَأْتِي عَنْ الْأَذْرَعِيِّ مِنْ الْحُرْمَةِ ظَاهِرًا هُوَ هَذَا الْوَجْهُ الثَّانِي وَمِنْ الْحِلِّ بَاطِنًا إنْ كَذَبَ أَيْ: وَالْحُرْمَةُ إنْ صَدَقَ هُوَ مِمَّا لَا خِلَافَ فِيهِ وَحِينَئِذٍ فَكَلَامُ الْأَذْرَعِيِّ لَيْسَ خَارِجًا عَنْ ذَيْنَك الْوَجْهَيْنِ خِلَافًا لِمَنْ فَهِمَ أَنَّهُ احْتِمَالٌ ثَالِثٌ وَجَرَيْتُ عَلَيْهِ إرْخَاءً لِلْعَنَانِ مَعَ ذَلِكَ الْوَهْمِ، ثُمَّ بَيَّنْتُ حَقِيقَةَ الْأَمْرِ فِي ذَلِكَ فَتَدَبَّرْ ذَلِكَ وَشُدَّ بِهِ يَدَيْك لِتُحْفَظَ مِنْ الْوَهْمِ الَّذِي رُبَّمَا رَاجَ عَلَيْك.

[الْبَابُ الثَّالِثُ فِي الْكَلَامِ عَلَى حُرْمَتِهَا ظَاهِرًا وَحِلِّهَا لَهُ بَاطِنًا إنْ كَذَبَ]

(الْبَابُ الثَّالِثُ فِي الْكَلَامِ عَلَى حُرْمَتِهَا ظَاهِرًا وَحِلِّهَا لَهُ بَاطِنًا إنْ كَذَبَ) اعْلَمْ أَنَّ الْأَذْرَعِيَّ أَبْدَى هَذَا بَحْثًا لَكِنْ قَيَّدَهُ بِقَيْدٍ رُبَّمَا يُغْفَلُ عَنْهُ وَقَدْ مَرَّ آنِفًا أَنَّهُ الْوَجْهُ الثَّانِي مِنْ الْوَجْهَيْنِ السَّابِقَيْنِ، ثُمَّ ذَكَرَ الْأَذْرَعِيُّ مِنْ كَلَامِ الْخُوَارِزْمِيِّ مَا قَدْ يَدُلُّ لِمَا ذَكَرَهُ وَمَا قَدْ يَرُدُّهُ كَمَا سَتَعْرِفُهُ وَبَيَانُ ذَلِكَ أَنَّ الشَّيْخَيْنِ نَقَلَا عَنْ الْقَفَّالِ أَنَّهُ لَوْ قَالَ لِامْرَأَتِهِ الَّتِي هِيَ ثَابِتَةُ النَّسَبِ يَا بِنْتِي وَقَعَتْ الْفُرْقَةُ بَيْنَهُمَا عِنْدَ احْتِمَالِ السِّنِّ كَمَا لَوْ قَالَهُ لِعَبْدِهِ أَوْ أَمَتِهِ زَادَ النَّوَوِيُّ قُلْت الْمُخْتَارُ فِي هَذَا أَنَّهُ لَا يَقَعُ بِهِ فُرْقَةٌ إذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ نِيَّةٌ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا يُسْتَعْمَلُ فِي الْعَادَةِ لِلْمُلَاطَفَةِ وَحُسْنِ الْمُعَاشَرَةِ. اهـ.

قَالَ الْأَذْرَعِيُّ فِي تَوَسُّطِهِ عَقِبَ ذَلِكَ: قُلْت لَفْظُ الْعَبَّادِيِّ إذَا قَالَ لِامْرَأَتِهِ الَّتِي هِيَ ثَابِتَةُ النَّسَبِ يَا بِنْتِي فَإِنَّهُ تَقَعُ الْفُرْقَةُ بَيْنَهُمَا إذَا اُحْتُمِلَ أَنْ يَكُونَ مِثْلُهَا ابْنَتَهُ وَكَذَا لَوْ قَالَ يَا أُخْتِي أَوْ قَالَ يَا أُمِّي أَوْ قَالَ أَنْتِ أُمِّي أَنْتِ أُخْتِي أَمَّا إذَا قَالَ لِعَبْدِهِ يَا ابْنِي وَإِنْ كَانَ ثَابِتَ النَّسَبِ فَإِنَّهُ يُعْتَقُ إذَا جَازَ أَنْ يَكُونَ ابْنًا لَهُ وَكَذَا لَوْ قَالَ لِجَارِيَتِهِ يَا بِنْتِي فَإِنَّهَا تُعْتَقُ عَلَيْهِ وَإِنْ كَانَتْ ثَابِتَةَ النَّسَبِ إذَا أَمْكَنَ أَنْ يُولَدَ لَهُ مِثْلُهَا وَاعْلَمْ أَنَّ قَوْلَهُ قُلْتُ الْمُخْتَارُ أَنَّهُ لَا يَقَعُ بِهِ فُرْقَةٌ إذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ نِيَّةٌ يُوهِمُ الْمُوَافَقَةَ عَلَى صُورَةِ الْعِتْقِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ اسْتِعْمَالُ الْمُلَاطَفَةِ لِلْعَبْدِ وَالْأَمَةِ بِهَذَا اللَّفْظِ غَالِبٌ بِخِلَافِ الزَّوْجَةِ فَإِنَّهُ لَا يُسْتَعْمَلُ فِيهَا ذَلِكَ وَقَوْلُهُ إذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ نِيَّةٌ إنْ أَرَادَ بِهِ نِيَّةَ إيقَاعِ الطَّلَاقِ فَفِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّ هَذَا اللَّفْظَ لَا إشْعَارَ لَهُ بِذَلِكَ وَإِنْ أَرَادَ بِهِ قَصْدَ الِاسْتِلْحَاقِ حَيْثُ يُمْكِنُ كَوْنُهَا مِنْهُ فَحِينَئِذٍ يَكُونُ مُقِرًّا بِعَدَمِ الزَّوْجِيَّةِ فَإِنْ كَانَ كَاذِبًا فَلَا فُرْقَةَ بَاطِنًا وَيُحْكَمُ بِهَا ظَاهِرًا، ثُمَّ رَأَيْت الْخُوَارِزْمِيَّ قَالَ فِي كَافِيهِ لَوْ قَالَ لِامْرَأَتِهِ يَا بِنْتِي

ص: 139

أَوْ يَا أُمِّي أَوْ جَدَّتِي نُظِرَ إنْ كَانَتْ فِي سِنٍّ يَسْتَحِيلُ أَنْ تَكُونَ كَذَلِكَ فَلَا يَثْبُتُ شَيْءٌ مِنْ الْحُرْمَةِ وَإِنْ كَانَتْ فِي سِنٍّ يُتَصَوَّرُ أَنْ تَكُونَ كَمَا يَقُولُ تُحَرَّمُ عَلَيْهِ حُرْمَةً مُؤَبَّدَةً وَإِنْ كَانَتْ مَعْرُوفَةَ النَّسَبِ فَلَوْ قَالَ إنَّمَا قُلْت ذَلِكَ لَهَا بِطَرِيقِ الْكَرَامَةِ أَوْ الِاسْتِهْزَاءِ يُقْبَلُ قَوْلُهُ وَكَذَلِكَ لَوْ قَالَ يَا أُخْتِي مَثَلًا ثُمَّ قَالَ عَنَيْت مِنْ جِهَةِ الدِّينِ يُقْبَلُ. اهـ.

كَلَامُ التَّوَسُّطِ وَذَكَرَ كَلَامَ الْخُوَارِزْمِيِّ أَيْضًا بَعْدَ ذَلِكَ فِي الْفُرُوعِ الْمَنْثُورَةِ آخِرَ الطَّلَاقِ، وَبَيَانُ مَا اشْتَمَلَ عَلَيْهِ الَّذِي أَشَرْت إلَيْهِ فِيمَا مَرَّ بِأُمُورٍ: أَوَّلِهَا: أَنَّ مَا ذَكَرَهُ مِنْ وُقُوعِ الْفُرْقَةِ ظَاهِرًا لَا بَاطِنًا قَيَّدَهُ بِمَا إذَا قَصَدَ الزَّوْجُ الِاسْتِلْحَاقَ كَمَا صَرَّحَ بِهِ قَوْلُهُ وَإِنْ أَرَادَ بِالنِّيَّةِ قَصْدَ الِاسْتِلْحَاقِ حَيْثُ يُمْكِنُ كَوْنُهَا مِنْهُ فَحِينَئِذٍ يَكُونُ مُقِرًّا بِعَدَمِ الزَّوْجِيَّةِ فَإِنْ كَانَ كَاذِبًا إلَخْ فَرَتَّبَ مَا ذَكَرَهُ مِنْ الْفُرْقَةِ عَلَى مَا فَرَضَهُ مِنْ قَصْدِ الِاسْتِلْحَاقِ بِقَوْلِهِ يَا بِنْتِي وَجَعَلَ إقْرَارَهُ بِعَدَمِ الزَّوْجِيَّةِ مُتَوَقِّفًا عَلَى ذَلِكَ الْقَصْدِ وَمَعْلُومٌ أَنَّ مَعْرِفَةَ قَصْدِ ذَلِكَ لَا تُعْلَمُ إلَّا مِنْهُ وَحِينَئِذٍ فَلَا دَلَالَةَ فِي كَلَامِ الْأَذْرَعِيِّ عَلَى وُقُوعِ فُرْقَةٍ فِي صُورَةِ الْمَسْأَلَةِ السَّابِقَةِ فِي الْمُقَدِّمَةِ؛ لِأَنَّ الزَّوْجَ مُصَرِّحٌ بِأَنَّهُ لَمْ يَقْصِدْ اسْتِلْحَاقًا وَإِنَّمَا قَصَدَ الْكَذِبَ حَتَّى تَتِمَّ لَهُ الْحِيلَةُ الَّتِي قَصَدَهَا وَقَرَائِنُ أَحْوَالِهِ تُفِيدُ الْقَطْعَ بِتَصْدِيقِهِ فِي كَوْنِهِ لَمْ يَقْصِدْ اسْتِلْحَاقًا وَإِذَا لَمْ يَقْصِدْ فَلَا فُرْقَةَ وَهَذَا عَلَى مِنْوَالِ مَا قَدَّمْتُهُ عَنْهُ فِي أَنْتِ بِنْتِي كَمَا مَرَّ التَّنْبِيهُ عَلَيْهِ

فَإِنْ قُلْتَ هَلْ يُعْتَمَدُ كَلَامُهُ هَذَا قُلْتُ قَدْ قَدَّمْت لَك أَنَّهُ فِي الْحَقِيقَةِ هُوَ الْوَجْهُ الثَّانِي الْقَائِلُ بِالْحُرْمَةِ الْمَعْقُودُ لَهُ الْبَابُ الثَّانِي كَمَا مَرَّ وَالْقَوْلُ بِحُرْمَتِهَا عَلَيْهِ كَذَلِكَ مَعَ قَصْدِهِ الِاسْتِلْحَاقَ وَكَذِبُهُ فِيهِ بَعِيدٌ جِدًّا فَتَعَيَّنَ مَا أَشَارَ إلَيْهِ مِنْ التَّفْصِيلِ الَّذِي قَدَّمْته أَوَّلَ الْبَابِ الْأَوَّلِ فَتَدَبَّرْهُ فَإِنَّهُ مِمَّا يَلْتَبِسُ. ثَانِيهَا: قَوْلُهُ: وَقَوْلُهُ إذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ نِيَّةٌ إنْ أَرَادَ بِهِ نِيَّةَ إيقَاعِ الطَّلَاقِ فَفِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّ اللَّفْظَ لَا إشْعَارَ لَهُ بِذَلِكَ. اهـ. يُجَابُ عَنْهُ بِأَنَّهُ لَا نَظَرَ فِيهِ وَمَا عُلِّلَ بِهِ مَمْنُوعٌ وَمِمَّا يَرُدُّهُ مَا ذَكَرَهُ هُوَ مِنْ إفَادَةِ الْفُرْقَةِ بِقَيْدِهِ الَّذِي ذَكَرَهُ وَهُوَ قَصْدُ الِاسْتِلْحَاقِ وَمَرَّ أَنَّ الْفُرْقَةَ فُرْقَةُ طَلَاقٍ فِي وَجْهٍ وَفَسْخٌ فِي وَجْهٍ وَحِينَئِذٍ فَلَهُ إشْعَارٌ بِهِ أَيَّ إشْعَارٍ. ثَالِثهَا سِيَاقُهُ لِكَلَامِ الْخُوَارِزْمِيِّ قَصَدَ بِهِ التَّأْيِيدَ لِمَا بَحَثَهُ هُوَ مِنْ تَقْيِيدِهِ بِغَيْرِ قَصْدِ الِاسْتِلْحَاقِ وَهُوَ ظَاهِرٌ؛ لِأَنَّ الْخُوَارِزْمِيَّ جَعَلَ يَا بِنْتِي يَا أُمِّي يَا جَدَّتِي يَا أُخْتِي إذَا أَمْكَنَ ذَلِكَ فِيهَا يُوجِبُ التَّحْرِيمَ الْمُؤَبَّدَ وَإِنْ عُرِفَ نَسَبُهَا مَا لَمْ يَقْصِدْ الْكَرَامَةَ أَوْ الِاسْتِهْزَاءَ أَوْ أُخُوَّةَ الدِّينِ فَإِنْ قُلْت قَدْ عُلِمَ مِمَّا مَرَّ فِي الْبَابِ الثَّانِي أَنَّ الْأَذْرَعِيَّ أَحَالَ فِي بَابِ الْعِتْقِ بَيَانَ مَا إذَا قَصَدَ الْمُلَاطَفَةَ أَوْ الْفِرَاقَ لَا حَقِيقَةَ الْبُنُوَّةِ عَلَى مَا قَدَّمَهُ فِي بَابِ الطَّلَاقِ وَلَمْ يَذْكُرْ فِيهِ ذَلِكَ قُلْت مَمْنُوعٌ بَلْ ذَكَرَ هَذَيْنِ الْقِسْمَيْنِ وَفِيهِ قَصْدُ الِاسْتِلْحَاقِ أَمَّا هَذَا فَقَدْ سَبَقَ ذِكْرُهُ لَهُ صَرِيحًا، وَأَمَّا الْأَوَّلُ أَعْنِي قَصْدَ الْمُلَاطَفَةِ فَقَدْ ذَكَرَهُ عَنْ صَاحِبِ الْكَافِي

وَأَمَّا قَصْدُ الْفِرَاقِ فَقَدْ ذَكَرَهُ أَعْنِي الْأَذْرَعِيَّ وَنَظَرَ فِيهِ وَرَدَدْتُ عَلَيْهِ نَظَرَهُ كَمَا سَبَقَ فَإِنْ قُلْت عِبَارَةُ فَتَاوَى الْقَفَّالِ الْآتِي ذِكْرُهَا صَرِيحَةٌ فِي أَنَّ أُخْتِي صَرِيحٌ فِي تَأْبِيدِ الْحُرْمَةِ وَبِهَا يَتَأَيَّدُ مَا مَرَّ فِي الْبَابِ الثَّانِي مِنْ الْحُرْمَةِ كَمَا هُوَ أَحَدُ الْوَجْهَيْنِ السَّابِقَيْنِ قُلْت هُوَ كَذَلِكَ إلَّا أَنَّهُ لَا يَتِمُّ إلَّا لَوْ كَانَ رَأْيُ الْقَفَّالِ مُعْتَمَدًا أَمَّا حَيْثُ ضَعَّفَ النَّوَوِيُّ رَأْيَهُ كَمَا مَرَّ فَلَا يَتِمُّ التَّمَسُّكُ بِكَلَامِهِ فَإِنْ قُلْت لَا يَلْزَمُ مِنْ تَضْعِيفِ النَّوَوِيِّ لِمَا ذَكَرَهُ الْقَفَّالُ فِي النِّدَاءِ تَضْعِيفُهُ لِمَا ذَكَرَهُ فِي أَنْتِ أُمِّي أَنْتِ أُخْتِي لِمَا هُوَ مُقَرَّرٌ مِنْ الْفَرْقِ بَيْنَ النِّدَاءِ وَغَيْرِهِ إذْ النِّدَاءُ يَقَعُ عَلَى جِهَةِ التَّلَطُّفِ وَنَحْوِهِ كَثِيرًا بِخِلَافِ أَنْتِ بِنْتِي أَوْ أُمِّي وَنَحْوِهِمَا وَهَذَا هُوَ السَّبَبُ فِي اعْتِرَاضِ النَّوَوِيِّ لِكَلَامِ الْقَفَّالِ فِي النِّدَاءِ وَتَقْرِيرِهِ لِلْإِمَامِ فِي أَنْتِ بِنْتِي عَلَى إفَادَته الْفُرْقَةَ كَمَا مَرَّ قُلْتُ قَوْلُ الْقَفَّالِ أَنْتِ أُمِّي أَنْتِ أُخْتِي ظَاهِرٌ فِي أَنَّهُ جَمَعَ بَيْنَ اللَّفْظَيْنِ مِنْ غَيْرِ زِيَادَةٍ وَحِينَئِذٍ فَلَا حُجَّةَ فِيهِ عَلَى مَا لَوْ قَالَ أَنْتِ أُخْتِي؛ لِأَنَّ الِاحْتِمَالَ فِيهِ لِأُخُوَّةِ الدِّينِ وَغَيْرِهَا أَظْهَرُ مِنْهُ فِيمَا لَوْ جَمَعَ بَيْنَهُمَا عَلَى أَنَّ الْقَفَّالَ يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ هُوَ صَاحِبُ ذَلِكَ الْوَجْهِ الصَّائِرِ إلَى أَنَّ أُخْتِي يُوجِبُ التَّحْرِيمَ الْمُؤَبَّدَ فَإِنْ قُلْتَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْخُوَارِزْمِيِّ أَنَّ بِنْتِي وَأُمِّي وَجَدَّتِي وَأُخْتِي فِي النِّدَاءِ يَنْصَرِفُ إلَى الْحُرْمَةِ الْمُؤَبَّدَةِ مَا لَمْ يُرِدْ غَيْرَهَا قُلْتُ نَعَمْ ظَاهِرُهُ ذَلِكَ فَهُوَ مُوَافِقٌ

ص: 140