المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[الباب الأول في الكلام على الحل من غير تفصيل] - الفتاوى الفقهية الكبرى - جـ ٣

[ابن حجر الهيتمي]

فهرس الكتاب

- ‌[كِتَابُ قُرَّةِ الْعَيْنِ بِبَيَانِ أَنَّ التَّبَرُّعَ لَا يُبْطِلُهُ الدَّيْنُ]

- ‌[كِتَابُ الذَّيْلِ الْمُسَمَّى بِكَشْفِ الْغَيْنِ عَمَّنْ ضَلَّ عَنْ مَحَاسِنِ قُرَّةِ الْعَيْنِ]

- ‌[بَابُ الْحَجْرِ]

- ‌[بَابُ الصُّلْحِ]

- ‌[بَابُ الْحَوَالَةِ]

- ‌[بَابُ الضَّمَانِ]

- ‌[بَاب الشَّرِكَةِ]

- ‌[بَابُ الْوَكَالَةِ]

- ‌[بَابُ الْغَصْبِ]

- ‌[بَابُ الْعَارِيَّةِ]

- ‌[بَابُ الشُّفْعَةِ]

- ‌[بَابُ الْقِرَاضِ]

- ‌[بَابُ الْإِقْرَارِ]

- ‌[رَفْعُ الشُّبَهِ وَالرِّيَبِ عَنْ حُكْمِ الْإِقْرَارِ بِأُخُوَّةِ الزَّوْجَةِ الْمَعْرُوفَةِ النَّسَبِ]

- ‌[الْبَابُ الْأَوَّلُ فِي الْكَلَامِ عَلَى الْحِلِّ مِنْ غَيْر تَفْصِيلٍ]

- ‌[الْبَابُ الثَّانِي فِي الْكَلَامِ عَلَى حُرْمَتِهَا عَلَيْهِ مِنْ غَيْرِ تَفْصِيلٍ]

- ‌[الْبَابُ الثَّالِثُ فِي الْكَلَامِ عَلَى حُرْمَتِهَا ظَاهِرًا وَحِلِّهَا لَهُ بَاطِنًا إنْ كَذَبَ]

- ‌[بَابُ الْمُسَاقَاةِ]

- ‌[بَابُ الْإِجَارَةِ]

- ‌[بَابُ إحْيَاءِ الْمَوَاتِ]

- ‌[بَابُ الْوَقْفِ]

- ‌[سَوَابِغُ الْمَدَدِ فِي الْعَمَلِ بِمَفْهُومِ قَوْلِ الْوَاقِفِ مَنْ مَاتَ مِنْ غَيْرِ وَلَد]

- ‌[كِتَابُ الْإِتْحَافِ بِبَيَانِ أَحْكَامِ إجَارَةِ الْأَوْقَافِ]

- ‌[الْبَابُ الْأَوَّلُ أَجْرُ نَاظِرٍ عَلَى وَقْفٍ بِشَرْطِ الْوَاقِفِ الْمَكَانَ الْمَوْقُوفَ بِأُجْرَةٍ مُعَيَّنَةٍ]

- ‌[الْبَابُ الثَّانِي فِي بَيْتٍ وُقِفَ بِمَكَّةَ الْمُشَرَّفَةِ عَامِرٍ أَجَّرَهُ نَاظِرُهُ بِشَرْطِ الْوَاقِفِ]

- ‌[بَابُ الْهِبَةِ]

- ‌[بَابُ اللُّقَطَةِ]

- ‌[بَابُ الْجِعَالَةِ]

- ‌[كِتَابُ الْفَرَائِضِ]

الفصل: ‌[الباب الأول في الكلام على الحل من غير تفصيل]

كَانَتْ مُحَرَّمَةً عَلَيْهِ بَاطِنًا

وَهَذَا مِمَّا لَا يَنْبَغِي أَنْ يَطْرُقَهُ خِلَافٌ كَمَا هُوَ وَاضِحٌ وَكَذَا ظَاهِرًا عَلَى مَا يَأْتِي مِنْ الْخِلَافِ فِيهِ مُؤَاخَذَةً لَهُ بِإِقْرَارِهِ وَهَذَا حَاصِلُ مَا يَتَحَصَّلُ مِنْ كَلَامِهِمْ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ كَمَا سَتَعْلَمُهُ مِمَّا يُتْلَى عَلَيْك وَبِهِ يَزْدَادُ عَجَبُك مِنْ الْإِطْلَاقَاتِ السَّابِقَةِ وَإِنْ أَمْكَنَ أَنْ يُحْمَلَ كَلَامُ الْقَائِلِينَ بِالْحِلِّ ظَاهِرًا وَبَاطِنًا عَلَى مَا إذَا قَصَدَ الْكَذِبَ أَوْ أُخُوَّةَ الْإِسْلَامِ أَوْ لَمْ يَقْصِدْ شَيْئًا وَالْقَائِلِينَ بِحُرْمَتِهَا كَذَلِكَ عَلَى مَا إذَا قَصَدَ الِاسْتِلْحَاقَ وَصَدَقَ فِيهِ وَالْقَائِلِينَ بِحُرْمَتِهَا ظَاهِرًا وَحِلِّهَا بَاطِنًا عَلَى مَا إذَا قَصَدَ الِاسْتِلْحَاقَ وَكَذَبَ فِيهِ وَهَذَا الْحَمْلُ مُتَعَيَّنٌ وَإِلَّا لَمْ يَكُنْ لِتِلْكَ الْإِطْلَاقَاتِ وَجْهٌ أَلْبَتَّةَ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ بِأَدْنَى تَأَمُّلٍ وَإِذْ قَدْ تَقَرَّرَ ذَلِكَ فَلْنَشْرَعْ الْآنَ فِي ذِكْرِ الْأَبْوَابِ الثَّلَاثَةِ الْمُشْتَمِلَةِ عَلَى تِلْكَ الْأَجْوِبَةِ الثَّلَاثَةِ وَنَتَكَلَّمُ عَلَى كُلٍّ مِنْهَا مِمَّا يَشْفِي الْعَلِيلَ وَيُبْرِدُ الْغَلِيلَ بِتَوْفِيقِ اللَّهِ وَهِدَايَتِهِ وَرَحْمَتِهِ وَإِسْعَافِهِ وَمَشِيئَتِهِ وَوِقَايَتِهِ بِمَنِّهِ وَكَرَمِهِ آمِينَ.

[الْبَابُ الْأَوَّلُ فِي الْكَلَامِ عَلَى الْحِلِّ مِنْ غَيْر تَفْصِيلٍ]

(الْبَابُ الْأَوَّلُ فِي الْكَلَامِ عَلَى الْحِلِّ مِنْ غَيْر تَفْصِيلٍ) اعْلَمْ أَنَّ مَسْأَلَةَ مَنْ قَالَ أَنْتِ أَوْ هَذِهِ أُخْتِي لِزَوْجَتِهِ الْمَعْرُوفَةِ النَّسَبِ فِيهَا وَجْهَانِ فِي كَلَامِ الْأَصْحَابِ لَكِنْ لَا مُطْلَقًا بَلْ عِنْدَ اسْتِلْحَاقِهَا بِذَلِكَ فَفِي الْجَوَاهِرِ وَغَيْرِهَا لَوْ كَانَ الْمُسْتَلْحَقُ لَا الْمُكَذِّبُ زَوْجَةَ الْمُسْتَلْحِقِ فَفِي ارْتِفَاعِ النِّكَاحِ وَجْهَانِ جَارِيَانِ فِيمَا إذَا كَانَتْ مَشْهُورَةَ النَّسَبِ مِنْ غَيْرِهِ. اهـ.

فَفِيهِ التَّصْرِيحُ فِي الزَّوْجَةِ الْمَجْهُولَةِ وَالْمَعْرُوفَةِ النَّسَبِ إذَا اسْتَلْحَقَهَا زَوْجُهَا بِجَرَيَانِ وَجْهَيْنِ: أَحَدِهِمَا: الْحِلُّ وَالثَّانِي: الْحُرْمَةُ وَسَيَأْتِي فِي كَلَامِهِمْ مَا يَدُلُّ لِتَرْجِيحِ الْأَوَّلِ وَقَدْ يُؤْخَذُ مَا يَدُلُّ لِتَرْجِيحِ الثَّانِي كَمَا يَأْتِي مَعَ الْجَوَابِ عَنْهُ وَبِهَذَا يُعْلَمُ أَنَّ لِكُلٍّ مِنْ الْإِفْتَاءَيْنِ الْأَوَّلَيْنِ مُسْتَنَدًا مِنْ كَلَامِهِمْ وَسَيَأْتِي أَنَّ لِلْإِفْتَاءِ الثَّالِثَ مُسْتَنَدًا أَيْضًا لَكِنَّهُ مِنْ بَحْثِ الْأَذْرَعِيِّ بِقَيْدِهِ الْآتِي مَعَ بَسْطِ الْكَلَامِ عَلَيْهِ وَفِي الْجَوَاهِرِ وَغَيْرِهَا أَيْضًا لَوْ مَاتَ وَخَلَّفَ ابْنَيْنِ مُسْتَغْرِقَيْنِ فَأَقَرَّ أَحَدُهُمَا بِأَخٍ ثَالِثٍ وَأَنْكَرَهُ الْآخَرُ لَمْ يَثْبُتْ النَّسَبُ أَيْ: إجْمَاعًا كَمَا حَكَاهُ غَيْرُ وَاحِدٍ وَظَاهِرُ الْمَذْهَبِ وَهُوَ الْمَنْصُوصُ أَنَّ الْمِيرَاثَ لَا يَثْبُتُ وَخَرَّجَ ابْنُ سُرَيْجٍ وَجْهًا أَنَّهُ يَثْبُتُ وَيَتَأَكَّدُ بِمَسَائِلَ يَثْبُتُ فِيهَا الْفَرْعُ دُونَ الْأَصْلِ مِنْهَا لَوْ قَالَ أَحَدُ الِابْنَيْنِ فُلَانَةُ بِنْتُ أَبِينَا فَفِي حِلِّهَا لِلْمُقِرِّ وَجْهَانِ وَقَالَ الْقَاضِي: إنْ كَانَتْ مَجْهُولَةَ النَّسَبِ حُرِّمَتْ عَلَيْهِ وَإِنْ كَانَتْ مَعْرُوفَةَ النَّسَبِ فَوَجْهَانِ. اهـ.

وَعِبَارَةُ الرَّوْضَةِ لَوْ أَقَرَّ أَحَدُ الِابْنَيْنِ الْمُسْتَغْرَقِينَ بِأَخٍ فَأَنْكَرَ الْآخَرُ فَالصَّحِيحُ الْمَنْصُوصُ أَنَّهُ لَا يَرِثُ؛ لِأَنَّ الْإِرْثَ فَرْعُ النَّسَبِ وَلَمْ يَثْبُتْ وَفِي وَجْهٍ يَرِثُ وَيُشَارِكُ الْمُقِرَّ فِيمَا فِي يَدِهِ كَمَا لَوْ قَالَ أَحَدُهُمَا فُلَانَةُ بِنْتُ أَبِينَا هَلْ يُحْكَمُ بِعِتْقِهَا وَجْهَانِ انْتَهَتْ. قَالَ فِي التَّوَسُّطِ هَذَا كَلَامٌ سَقَطَ صَدْرُهُ مِنْ بَعْضِ نُسَخِ الرَّافِعِيِّ وَصَوَابُهُ مَا فِي النُّسْخَةِ الصَّحِيحَةِ وَهُوَ مَا فِي الْكُتُبِ غَيْرِهَا وَلَوْ قَالَ أَحَدُ الِابْنَيْنِ فُلَانَةُ بِنْتُ أَبِينَا وَأَنْكَرَ الْآخَرُ حُرِّمَ عَلَى الْمُقِرِّ نِكَاحُهَا مَعَ أَنَّ حُرْمَتَهُ فَرْعُ النَّسَبِ الَّذِي لَمْ يَثْبُتْ وَلَوْ قَالَ أَحَدُهُمَا لِعَبْدٍ فِي التَّرِكَةِ أَنَّهُ ابْنُ أَبِينَا هَلْ يُحْكَمُ بِعِتْقِهِ فِيهِ وَجْهَانِ وَفِي النِّهَايَةِ وَغَيْرِهَا وَلَوْ قَالَ لِامْرَأَةٍ أَنْتِ أُخْتِي مِنْ النَّسَبِ وَكَذَّبَهُ أَخُوهُ وَهِيَ مَجْهُولَةُ النَّسَبِ حُرِّمَ نِكَاحُهَا وَإِنْ كَانَتْ مَعْرُوفَةَ النَّسَبِ فَفِي التَّحْرِيمِ وَجْهَانِ قَالَ الْإِمَامُ وَذِكْرُ الْخِلَافِ فِيهَا عَظِيمٌ، ثُمَّ لَا خِلَافَ فِيهِ مَعَ تَسْلِيمِ الْحُرْمَةِ فِي مَجْهُولَةِ النَّسَبِ. اهـ. مَا فِي التَّوَسُّطِ إذَا عَلِمْت ذَلِكَ عَلِمْت أَنَّ مَنْقُولَ الْمَذْهَبِ فِي مَعْرُوفَةِ النَّسَبِ مِنْ غَيْرِ أَبِيهِ عِنْدَ اسْتِلْحَاقِهَا وَجْهَانِ وَأَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَقُولَ لَهَا ذَلِكَ وَهِيَ فِي نِكَاحِهِ أَوْ قَبْلَهُ وَأَنَّ مُنَازَعَةَ الْإِمَامِ فِي حِكَايَتِهِمَا فِيهَا قَبْلَ النِّكَاحِ مَرْدُودَةٌ وَمِنْ ثَمَّ أَعْرَضَ عَنْهَا الْقَمُولِيُّ وَغَيْرُهُ حَيْثُ حَكَوْا الْوَجْهَيْنِ فِيهَا.

بَلْ صَنِيعُ الْقَمُولِيِّ السَّابِقُ صَرِيحٌ فِي أَنَّهُمَا مَحْكِيَّانِ حَتَّى فِي الْمَجْهُولَةِ النَّسَبِ وَأَنَّ التَّفْرِقَةَ بَيْنَهُمَا إنَّمَا هِيَ لِلْقَاضِي فَإِنَّهُ رَجَّحَ فِي الْمَجْهُولَةِ التَّحْرِيمَ دُونَ الْمَعْرُوفَةِ وَسَيَأْتِي الْفَرْقُ وَاضِحًا بَيْنَهُمَا بِمَا يُعْلَمُ بِهِ رَدُّ مَا قَالَهُ الْإِمَامُ وَقَدْ صَرَّحَ غَيْرُ الْقَمُولِيِّ بِحِكَايَتِهِمَا فِي الْمَجْهُولَةِ وَلَا يُنَافِي مَا تَقَرَّرَ مِنْ حِكَايَةِ الْوَجْهَيْنِ فِي الْمَعْرُوفَةِ مَا مَرَّ عَنْ نُسَخِ الرَّافِعِيِّ فَإِنَّهُ فِي الْمَجْهُولَةِ كَمَا هُوَ مَعْلُومٌ مِنْ كَلَامِهِ وَكَلَامِ غَيْرِهِ وَإِذَا تَقَرَّرَ أَنَّ فِي الْمَعْرُوفَةِ عِنْدَ اسْتِلْحَاقِهَا وَجْهَيْنِ سَوَاءٌ كَانَتْ فِي نِكَاحِهِ أَمْ لَا تَعَيَّنَ الْمَصِيرُ إلَى الرَّاجِحِ مِنْهُمَا وَاَلَّذِي

ص: 134

يَدُلُّ لِتَرْجِيحِ الْوَجْهِ الْقَائِلِ بِالْحِلِّ أُمُورٌ مِنْهَا أَنَّ كَلَامَ الشَّافِعِيِّ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - فِي مَوَاضِعَ مِنْ الْأُمِّ وَالْمُخْتَصَرِ ظَاهِرٌ فِيهِ حَتَّى فِي الْمَجْهُولَةِ لَكِنَّهُ غَيْرُ مُرَادٍ فِيهَا لِمَا يَأْتِي مِنْ الْفَرْقِ الْوَاضِحِ بَيْنَهُمَا وَعِبَارَةُ الشَّافِعِيِّ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - لَوْ مَاتَ عَنْ ابْنَيْنِ وَأَقَرَّ أَحَدُهُمَا بِأَخٍ وَشَهِدَ عَلَى أَبِيهِ أَنَّهُ أَقَرَّ أَنَّهُ ابْنُهُ لَمْ يَثْبُتْ نَسَبُهُ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ مِنْ الْمِيرَاثِ شَيْءٌ؛ لِأَنَّ إقْرَارَهُ جَمَعَ أَمْرَيْنِ أَحَدَهُمَا لَهُ وَالْآخَرَ عَلَيْهِ فَلَمَّا بَطَلَ الَّذِي لَهُ بَطَلَ الَّذِي عَلَيْهِ أَلَا تَرَى أَنَّ رَجُلًا لَوْ قَالَ لِرَجُلٍ لِي عَلَيْك مِائَةُ دِينَارٍ فَقَالَ بِعْتنِي بِهَا دَارَك هَذِهِ فَهِيَ لَك فَأَنْكَرَ الرَّجُلُ الْبَيْعَ أَوْ قَالَ بَاعَنِيهَا أَبُوك وَأَنْتَ وَارِثُهُ فَهِيَ لَك عَلَيَّ وَلِي الدَّارُ كَانَ إقْرَارًا بَاطِلًا؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا أَثْبَتَ عَلَى نَفْسِهِ مِائَةً يَأْخُذُ لَهَا عِوَضًا فَلَمَّا بَطَلَ عَنْهُ الْعِوَضُ بَطَلَ عَنْهُ الْإِقْرَارُ اهـ.

فَقَوْلُهُ فَلَمَّا بَطَلَ الَّذِي لَهُ بَطَلَ الَّذِي عَلَيْهِ ظَاهِرٌ فِي أَنَّ مَسْأَلَتَنَا إذَا بَطَلَ الَّذِي لَهُ وَهُوَ الْأُخُوَّةُ الْمُوجِبَةُ لِلْإِرْثِ وَنَحْوِهِ بَطَلَ الَّذِي عَلَيْهِ وَهُوَ الْأُخُوَّةُ الْمُوجِبَةُ لِلتَّحْرِيمِ وَانْفِسَاخ النِّكَاحِ لَوْ كَانَ؛ فَإِنْ قُلْت أَيُّ فَرْقٍ بَيْنَ الْمَجْهُولَةِ وَالْمَعْرُوفَةِ عِنْدَ الْقَاضِي وَغَيْرِهِ مِمَّنْ رَجَّحَ فِي الْمَجْهُولَةِ التَّحْرِيمَ وَوَقَفَ فِي التَّرْجِيحِ عَنْ الْمَعْرُوفَةِ قُلْت الْفَرْقُ بَيْنَهُمَا ظَاهِرٌ جَلِيٌّ وَهُوَ أَنَّ الْمَجْهُولَةَ حُرْمَتُهَا عَلَيْهِ شَرْعًا مُمْكِنَةٌ بَعْدَ تَصْدِيقِ أَخِيهِ أَوْ مَوْتِهِ وَالِانْحِصَارِ فِيهِ فَإِنَّ نَسَبَهَا حِينَئِذٍ يَثْبُتُ وَتَصِيرُ أُخْتَهُ شَرْعًا فَتَعَيَّنَ تَرْجِيحُ حُرْمَتِهَا احْتِيَاطًا، وَأَمَّا الْمَعْرُوفَةُ فَلَا يُمْكِنُ شَرْعًا أَنْ تَصِيرَ أُخْتَ الْمُقِرِّ ظَاهِرًا أَصْلًا لَا فِي الْحَالِ وَلَا فِي الْمُسْتَقْبَلِ كَمَا صَرَّحُوا بِهِ فِي كُلِّ مَعْرُوفِ نَسَبٍ اُسْتُلْحِقَ وَمَا لَا يُمْكِنُ شَرْعًا لَا يُتَصَوَّرُ الِاحْتِيَاطُ فِيهِ وَلَا الْمُؤَاخَذَةُ بِالْإِقْرَارِ بِهِ فَقَدْ شَرَطَ الْأَئِمَّةُ لِصِحَّةِ كُلِّ إقْرَارٍ بِنَسَبٍ أَوْ غَيْرِهِ وَلِلْمُؤَاخَذَةِ بِهِ أَنْ يَكُونَ مُمْكِنًا شَرْعًا وَبِهَذَا الَّذِي ذَكَرْته يُجَابُ عَنْ قَوْلِ الْإِمَامِ وَذِكْرُ الْخِلَافِ فِيهَا عَظِيمٌ إلَخْ وَوَجْهُهُ أَنَّهُ بَانَ وَاتَّضَحَ أَنَّ لِلِاحْتِيَاطِ بِالتَّحْرِيمِ فِي الْمَجْهُولَةِ وَجْهًا وَاضِحًا وَلَا كَذَلِكَ الْمَعْرُوفَةُ فَإِنْ قُلْت هَلْ يُمْكِنُ فَرْقٌ بَيْنَ عَدَمِ ثُبُوتِ الْإِرْثِ فِي الْمَسْأَلَةِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَثْبُتْ أَصْلُهُ وَهُوَ النَّسَبُ وَبَيْنَ ثُبُوتِ الْفَرْعِ دُونَ الْأَصْلِ فِي الْمَسَائِلِ الَّتِي اسْتَشْهَدَ بِهَا كَثِيرُونَ لِتَخْرِيجِ ابْنِ سُرَيْجٍ كَمَسْأَلَةِ ثُبُوتِ الشَّفْعَةِ مَعَ عَدَمِ ثُبُوتِ الْمِلْكِ وَثُبُوتِ الضَّمَانِ مَعَ عَدَمِ ثُبُوتِ الْمَالِ الْمَضْمُونِ وَثُبُوتِ الْبَيْنُونَةِ مَعَ عَدَمِ ثُبُوتِ الْمَالِ الْمُخَالَعِ عَلَيْهِ وَحُرْمَةُ تَزَوُّجِ امْرَأَةٍ ادَّعَتْ نِكَاحَ مَنْ كَذَّبَهَا وَحَلَفَ عَلَى أَحَدِ وَجْهَيْنِ مَعَ عَدَمِ ثُبُوتِ النِّكَاحِ قُلْت نَعَمْ يُمْكِنُ ذَلِكَ بَلْ هُوَ وَاضِحٌ فَإِنَّ إقْرَارَهُ فِي هَذِهِ الْمَسَائِلِ كُلِّهَا لَمْ يُخَالِفْ الشَّرْعَ بَلْ هُوَ مُحْتَمِلٌ الصِّدْقَ ظَاهِرًا شَرْعًا فَلَيْسَ فِي الْمُؤَاخَذَةِ بِهِ مَا يُخَالِفُ الشَّرْعَ إذْ مَنْ اعْتَرَفَ لِغَيْرِهِ بِمُقْتَضَى شُفْعَةٍ أَوْ ضَمَانٍ أَوْ بَيْنُونَةٍ أَوْ نَحْوِهَا لَمْ يَقَعْ فِي إقْرَارِهِ شَيْءٌ يُكَذِّبُهُ الشَّرْعُ فِيهِ لِإِمْكَانِ ثُبُوتِهِ شَرْعًا بِخِلَافِهِ فِي مَسْأَلَةِ الْإِرْثِ فَإِنَّ إقْرَارَهُ مُخَالِفٌ لِلشَّرْعِ لِبُطْلَانِ اسْتِلْحَاقِهِ شَرْعًا فَلَمْ يُمْكِنْ ثُبُوتُ فَرْعِهِ وَهُوَ الْإِرْثُ فَهُوَ نَظِيرُ عَدَمِ حُرْمَةِ الْمَعْرُوفَةِ عَلَى الْقَوْلِ بِهِ؛ لِأَنَّ الشَّرْعَ كَذَّبَهُ فِي اسْتِلْحَاقِهَا فَلَمْ يُمْكِنْ الْقَوْلُ بِالْفَرْعِ مَعَ عَدَمِ ثُبُوتِ الْأَصْلِ، وَأَمَّا مَا مَرَّ فِي الْمَجْهُولَةِ فَهُوَ نَظِيرُ تِلْكَ النَّظَائِرِ وَأَمْكَنَ الْقَوْلُ فِيهَا بِثُبُوتِ الْفَرْعِ وَإِنْ لَمْ يَثْبُتْ الْأَصْلُ بِجَامِعِ أَنَّ الشَّرْعَ لَمْ يُكَذِّبْهُ فِي الْفَرْعِ وَإِنَّمَا انْتَفَى الْأَصْلُ لِعَدَمِ وُجُودِ شَرْطِهِ مَعَ أَنَّهُ بِصَدَدِ أَنْ يُوجَدُ بِتَصْدِيقِ الْأَخِ الْآخَرِ، وَأَمَّا الْمَعْرُوفَةُ فَالشَّرْعُ مُكَذِّبٌ لَهُ فِيمَا ذَكَرَهُ فِيهَا وَشَتَّانَ بَيْنَ مَنْ كَذَّبَهُ الشَّرْعُ حَالًا وَمَآلًا وَمَنْ لَمْ يُصَدِّقْهُ الشَّرْعُ الْآنَ وَيُصَدِّقُهُ بَعْدُ إذَا وُجِدَ الشَّرْطُ وَإِذَا تَأَمَّلْت مَا أَجَبْتُ بِهِ مِنْ هَذِهِ النَّظَائِرِ عَلِمْتَ أَنَّهُ أَحْسَنُ وَأَوْضَحُ مِنْ جَوَابَيْ الْإِمَامِ عَنْهَا وَأَنَّهُ لَا يَأْتِي مَا تَعَقَّبَهَا بِهِ وَقَدْ بَسَطَهُمَا الْأَذْرَعِيُّ فِي الْمُتَوَسِّطِ مَعَ تَسْلِيمِهِ لَهُ قَوْلُهُ عَقِبَهُمَا وَعَقِبَ اسْتِبْعَادِهِمَا وَكُلُّ هَذَا تَكَلُّفٌ وَمَنْ لَمْ يَعْتَرِفْ بِأَشْكَالِ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ فَلَيْسَ مِنْ التَّحْقِيقِ عَلَى نَصِيبٍ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَالْأَمْرُ عَلَى مَا قَالَ الْإِمَامُ. اهـ.

وَهَذَا جَرَى مِنْهُمَا عَلَى انْتِصَارِهِمَا لِلْوَجْهِ الضَّعِيفِ الَّذِي خَرَّجَهُ ابْنُ سُرَيْجٍ وَمِنْ جُمْلَةِ مَا انْتَصَرَ لَهُ بِهِ الْأَذْرَعِيُّ أَنَّهُ مَذْهَبُ الْأَئِمَّةِ الثَّلَاثَةِ كَمَا قَالَهُ الرَّافِعِيُّ وَأَنَّ الْإِمَامَ اخْتَارَهُ وَقَوَّاهُ بِمُقْتَضَى أَنَّهُ قِيَاسُ تِلْكَ النَّظَائِرِ اهـ.

لَكِنْ قَدْ ظَهَرَ وَاتَّضَحَ

ص: 135

الْفَرْقُ بَيْنَهُمَا وَبَيْنَ عَدَمِ الْإِرْثِ وَأَنَّ نَصَّ الْأُمِّ وَالْمُخْتَصَرَ يَرُدُّ ذَلِكَ التَّخْرِيجَ فَتَأَمَّلْ هَذَا الْمَوْضِعَ فَإِنَّهُ مِمَّا يَنْبَغِي أَنْ يُتَأَمَّلَ وَيُسْتَفَادَ لِتَعَيُّنِ الِانْتِصَارِ لِلْمَذْهَبِ وَأَهْلِهِ عَلَى مَنْ وَجَدَ لِذَلِكَ سَبِيلًا فَإِنَّهُمْ أَطْبَقُوا عَلَى ضَعْفِ التَّخْرِيجِ مَعَ تَقْرِيرِهِمْ فِي تِلْكَ النَّظَائِرِ مَا يُؤَيِّدُهُ حَتَّى قَالَ الْإِمَامُ مَا قَالَ لَوْلَا مَا ظَهَرَ بِحَمْدِ اللَّهِ وَتَوْفِيقِهِ مِنْ الْجَوَابِ الْوَاضِحِ عَنْهَا لِمَنْ تَدَبَّرَهُ وَتَأَمَّلَهُ فَإِنْ قُلْتَ هَلْ يُمْكِنُ أَنْ يُفَرَّقَ بَيْنَ عَدَمِ الْإِرْثِ وَثُبُوتِ الْحُرْمَةِ فِي الْمَجْهُولَةِ بِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنْ النَّسَبِ الْإِرْثُ إذْ قَدْ يَمْنَعُ مِنْهُ نَحْوُ الرِّقِّ أَوْ الْقَتْلِ بِخِلَافِ النَّسَبِ وَحُرْمَةِ نَحْوَ الْأُخْتِ فَإِنَّهُ يَلْزَمُ مِنْ ثُبُوتِهِ ثُبُوتُهَا قُلْت يُمْكِنُ ذَلِكَ لَوْلَا تَصْرِيحُ الْقَاضِي حُسَيْنٍ وَالْعَبَّادِيِّ وَحَكَاهُ الْمُزَنِيّ عَنْ الشَّافِعِيِّ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - وَتَبِعَهُمْ الْمُتَأَخِّرُونَ بِأَنَّ مَنْ تَزَوَّجَ مَجْهُولَةَ النَّسَبِ فَاسْتَلْحَقَهَا أَبُوهُ وَلَمْ يُصَدِّقْهُ لَمْ يَبْطُلْ نِكَاحُهُ مَعَ ثُبُوتِ نَسَبِهَا وَكَوْنِهَا أُخْتَهُ فَلَا تَلَازُمَ أَيْضًا وَمِنْهَا قَوْلُ الْجَلَالِ الْبُلْقِينِيُّ عَقِبَ قَوْلِ الشَّيْخَيْنِ قَالَ زَيْدٌ أَخِي مَثَلًا ثُمَّ فَسَّرَهُ بِأُخُوَّةِ الرَّضَاعِ حَكَى الرُّويَانِيُّ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ الْأَشْبَهَ بِالْمَذْهَبِ أَنَّهُ لَا يُقْبَلُ؛ لِأَنَّهُ خِلَافُ الظَّاهِرِ وَلِهَذَا لَوْ فَسَّرَهُ بِأُخُوَّةِ الْإِسْلَامِ لَمْ يُقْبَلْ اهـ.

مَحَلُّ هَذَا مَا إذَا كَانَ مَجْهُولَ النَّسَبِ وَكَانَ الْمُقِرُّ حَائِزًا لِإِرْثِ الْوَالِدِ الَّذِي أَلْحَقَ هَذَا بِهِ أَمَّا مَعْرُوفُ النَّسَبِ فَلَا يَحْتَمِلُ إلَّا أُخُوَّةَ الْإِسْلَامِ أَوْ أُخُوَّةَ الرَّضَاعِ فَسَوَاءٌ فَسَّرَهُ بِذَلِكَ أَمْ لَا لَا يُحْمَل إلَّا عَلَى أُخُوَّةِ الْإِسْلَامِ هَلْ يُقْبَلُ فِيهِ نَظَرٌ اهـ.

وَبِتَأَمُّلِ قَوْلِهِ فَلَا يَحْتَمِلُ إلَّا أُخُوَّةَ الْإِسْلَامِ إلَخْ يُعْلَمُ أَنَّهُ مُصَرِّحٌ بِإِلْغَاءِ الْإِقْرَارِ فِي الْمَعْرُوفِ النَّسَبِ مِنْ أَصْلِهِ وَأَنَّهُ لَا يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ حُكْمٌ أَصْلًا فَحِينَئِذٍ يَكُونُ مُصَرِّحًا بِتَرْجِيحِ مَا ذَكَرْنَاهُ مِنْ الْحِلِّ، ثُمَّ تَنْظِيرُهُ فِي الْمَرْأَةِ إنَّمَا هُوَ مَعَ جَهْلِ نَسَبِ الْمُقَرِّ بِهِ وَوَجْهُ النَّظَرِ حِينَئِذٍ وَاضِحٌ وَإِنْ كَانَ الْمُعْتَمَدُ مَا أَطْلَقَهُ الشَّيْخَانِ مِنْ عَدَمِ الْقَبُولِ وَمِنْهَا مَا جَزَمَ بِهِ صَاحِبُ الْأَنْوَارِ وَمَنْ تَبِعَهُ أَنَّهُ لَوْ قَالَ لِزَوْجَتِهِ أَنْتِ أُخْتِي كَانَ كِنَايَةَ طَلَاقٍ وَيَلْزَمُ مِنْ كَوْنِهِ كِنَايَةَ طَلَاقٍ أَنَّهُ غَيْرُ صَرِيحٍ فِي حُرْمَتِهَا الْمُؤَبَّدَةِ وَإِلَّا كَانَ تَنَافِيًا إذْ مِنْ لَازِمِ كَوْنِهِ طَلَاقًا بَقَاءُ الْعِصْمَةِ حَيْثُ لَا نِيَّةَ وَرُجُوعُهَا بِالْمُرَاجَعَةِ مَعَ النِّيَّةِ وَمِنْ لَازِمِ كَوْنِهِ اعْتِرَافًا بِحُرْمَتِهَا عَلَيْهِ وَمُؤَاخَذَاتِهِ بِذَلِكَ بَيْنُونَتُهَا مِنْهُ بِبَيْنُونَةِ فَسْخٍ بِمُجَرَّدِ قَوْلِهِ لَهَا ذَلِكَ النِّيَّةِ فَتَنَافَى الْمَوْضِعَانِ وَإِذَا تَنَافَيَا لَزِمَ مِنْ تَصْرِيحِهِمْ بِأَنَّهُ كِنَايَةُ طَلَاقٍ تَرْجِيحُهُمْ لِأَحَدِ الْوَجْهَيْنِ السَّابِقَيْنِ فِي مَعْرُوفَةِ النَّسَبِ الْقَائِلِ بِعَدَمِ حُرْمَتِهَا بِاسْتِلْحَاقِهَا وَهَذَا ظَاهِرٌ لَا غُبَارَ عَلَيْهِ وَبِهِ عُلِمَ أَنَّ صَاحِبَ الْأَنْوَارِ وَمَنْ تَبِعَهُ مُرَجِّحُونَ لِأَحَدِ الْوَجْهَيْنِ الْمُطْلَقَيْنِ فِي كَلَامِ الرَّافِعِيِّ وَغَيْرِهِ وَكَفَى بِصَاحِبِ الْأَنْوَارِ سَلَفًا وَسَنَدًا فِي التَّرْجِيحِ فَإِنْ قُلْت كَلَامُ كَافِي الْخُوَارِزْمِيِّ الْآتِي فِي الْبَابِ الثَّالِثِ يَرُدُّ مَا ذُكِرَ وَكَذَا كَلَامُ الْقَفَّالِ الْآتِي، ثُمَّ أَيْضًا قُلْتُ مَمْنُوعٌ كَمَا سَأُقَرِّرُهُ بَعْدُ فَتَأَمَّلْهُ وَمِنْهَا قَوْلُ الشَّيْخَيْنِ وَغَيْرِهِمَا لَوْ قَالَ امْرَأَتِي هَذِهِ بَائِنٌ مِنِّي بَيْنُونَةً لَا تَحِلُّ لِي أَبَدًا أَوْ امْرَأَتِي هَذِهِ لَا تَحِلُّ لِي أَبَدًا لَمْ تُحَرَّمْ لِاحْتِمَالِهِ وَقِيلَ يُحْكَمُ عَلَيْهِ بِالْبَيْنُونَةِ بِمُقْتَضَى ذَلِكَ مُؤَاخَذَةً لَهُ بِمُقْتَضَى إقْرَارِهِ وَلَا نَظَرَ إلَى أَنَّهُ قَدْ يَعْتَقِد التَّحْرِيمَ مُؤَبَّدًا خَطَأٌ؛ لِأَنَّ الْإِنْسَانَ مُؤَاخَذٌ بِمُوجِبِ إقْرَارِهِ وَإِنْ احْتَمَلَ مَا ذُكِرَ. اهـ. فَتَأَمَّلْ ذَلِكَ تَجِدْهُ صَرِيحًا ظَاهِرًا فِي تَرْجِيحِهِمْ لِلْوَجْهِ السَّابِقِ الْقَائِلِ بِالْحِلِّ وَوَجْهُ ظُهُورِهِ فِي ذَلِكَ أَنَّ هَذَا الَّذِي ذَكَرُوهُ فِي تَعْلِيلِ الْوَجْهِ الضَّعِيفِ هُوَ تَعْلِيلُ الْوَجْهِ الْمُقَابِلِ لِلْأَوَّلِ وَهُوَ الْقَائِلُ بِحُرْمَتِهَا عَلَيْهِ بِقَوْلِهِ لَهَا أَنْتِ أُخْتِي وَإِذَا أَعْرَضُوا عَنْ ذَلِكَ التَّعْلِيلِ وَالْمُعَلِّلِ وَهُوَ الْحُرْمَةُ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ كَانُوا مُعْرِضِينَ عَنْ ذَلِكَ الْوَجْهِ فِي مَسْأَلَتِنَا بِالْأَوْلَى؛ لِأَنَّهُ أَصْرَحُ مِنْ مُجَرَّدِ قَوْلِهِ هَذِهِ أُخْتِي بِدَلِيلِ مَا يَأْتِي عَنْ الْخُوَارِزْمِيِّ أَنَّهَا تَحْتَمِلُ أُخُوَّةَ الدِّينِ وَأَنَّهُ يُقْبَلُ تَفْسِيرُهُ بِهَا وَمِنْهَا مَا أَفْهَمَهُ كَلَامُ بَعْضِ الْمُتَأَخِّرِينَ مِنْ تَرْجِيحِهِ لِأَحَدِ الْوَجْهَيْنِ الْقَائِلِ بِالْحِلِّ وَعِبَارَتُهُ لَوْ قَالَتْ لِرَجُلٍ أَنْتَ أَخِي مِنْ النَّسَبِ وَهُوَ مَعْرُوفُ النَّسَبِ مِنْ غَيْرِ أَبِيهَا فَفِي تَحْرِيمِهَا عَلَيْهِ وَجْهَانِ وَلَوْ قَالَ ذَلِكَ رَجُلٌ لِزَوْجَتِهِ فَكَذَّبَتْهُ وَهِيَ مَجْهُولَةُ النَّسَبِ انْفَسَخَ نِكَاحُهَا عَلَى الصَّحِيحِ فَأَفْهَمْ أَنَّ مَعْرُوفَةَ النَّسَبِ لَا يَنْفَسِخُ نِكَاحُهَا بِذَلِكَ وَهُوَ مُوَافِقٌ لِمَا مَرَّ مِنْ أَنَّهُ فِيهَا كِنَايَةٌ وَسَيَأْتِي قَرِيبًا عَنْ قَوَاعِدِ الزَّرْكَشِيّ مَا يُؤَيِّدُ هَذَا وَمِنْهَا فَرْقُهُمْ بَيْن قَبُولِهِ إقْرَارَ الرَّجُلِ دُونَ الْمَرْأَةِ بِفَرْقَيْنِ ثَانِيهِمَا أَنَّهَا إذَا

ص: 136