المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

الْقَفَّالِ لِلْمُخَالَفَةِ الصَّرِيحَةِ كَمَا لَوْ وَكَّلَهُ فِي عِتْقِ عَبْدٍ فَأَعْتَقَ - الفتاوى الفقهية الكبرى - جـ ٣

[ابن حجر الهيتمي]

فهرس الكتاب

- ‌[كِتَابُ قُرَّةِ الْعَيْنِ بِبَيَانِ أَنَّ التَّبَرُّعَ لَا يُبْطِلُهُ الدَّيْنُ]

- ‌[كِتَابُ الذَّيْلِ الْمُسَمَّى بِكَشْفِ الْغَيْنِ عَمَّنْ ضَلَّ عَنْ مَحَاسِنِ قُرَّةِ الْعَيْنِ]

- ‌[بَابُ الْحَجْرِ]

- ‌[بَابُ الصُّلْحِ]

- ‌[بَابُ الْحَوَالَةِ]

- ‌[بَابُ الضَّمَانِ]

- ‌[بَاب الشَّرِكَةِ]

- ‌[بَابُ الْوَكَالَةِ]

- ‌[بَابُ الْغَصْبِ]

- ‌[بَابُ الْعَارِيَّةِ]

- ‌[بَابُ الشُّفْعَةِ]

- ‌[بَابُ الْقِرَاضِ]

- ‌[بَابُ الْإِقْرَارِ]

- ‌[رَفْعُ الشُّبَهِ وَالرِّيَبِ عَنْ حُكْمِ الْإِقْرَارِ بِأُخُوَّةِ الزَّوْجَةِ الْمَعْرُوفَةِ النَّسَبِ]

- ‌[الْبَابُ الْأَوَّلُ فِي الْكَلَامِ عَلَى الْحِلِّ مِنْ غَيْر تَفْصِيلٍ]

- ‌[الْبَابُ الثَّانِي فِي الْكَلَامِ عَلَى حُرْمَتِهَا عَلَيْهِ مِنْ غَيْرِ تَفْصِيلٍ]

- ‌[الْبَابُ الثَّالِثُ فِي الْكَلَامِ عَلَى حُرْمَتِهَا ظَاهِرًا وَحِلِّهَا لَهُ بَاطِنًا إنْ كَذَبَ]

- ‌[بَابُ الْمُسَاقَاةِ]

- ‌[بَابُ الْإِجَارَةِ]

- ‌[بَابُ إحْيَاءِ الْمَوَاتِ]

- ‌[بَابُ الْوَقْفِ]

- ‌[سَوَابِغُ الْمَدَدِ فِي الْعَمَلِ بِمَفْهُومِ قَوْلِ الْوَاقِفِ مَنْ مَاتَ مِنْ غَيْرِ وَلَد]

- ‌[كِتَابُ الْإِتْحَافِ بِبَيَانِ أَحْكَامِ إجَارَةِ الْأَوْقَافِ]

- ‌[الْبَابُ الْأَوَّلُ أَجْرُ نَاظِرٍ عَلَى وَقْفٍ بِشَرْطِ الْوَاقِفِ الْمَكَانَ الْمَوْقُوفَ بِأُجْرَةٍ مُعَيَّنَةٍ]

- ‌[الْبَابُ الثَّانِي فِي بَيْتٍ وُقِفَ بِمَكَّةَ الْمُشَرَّفَةِ عَامِرٍ أَجَّرَهُ نَاظِرُهُ بِشَرْطِ الْوَاقِفِ]

- ‌[بَابُ الْهِبَةِ]

- ‌[بَابُ اللُّقَطَةِ]

- ‌[بَابُ الْجِعَالَةِ]

- ‌[كِتَابُ الْفَرَائِضِ]

الفصل: الْقَفَّالِ لِلْمُخَالَفَةِ الصَّرِيحَةِ كَمَا لَوْ وَكَّلَهُ فِي عِتْقِ عَبْدٍ فَأَعْتَقَ

الْقَفَّالِ لِلْمُخَالَفَةِ الصَّرِيحَةِ كَمَا لَوْ وَكَّلَهُ فِي عِتْقِ عَبْدٍ فَأَعْتَقَ نِصْفَهُ فَإِنَّهُ لَا يَعْتِقُ مِنْهُ شَيْءٌ عَلَى وَجْهٍ لِلْمُخَالِفَةِ فَإِذَا لَمْ يَنْظُرُوا هُنَا لِصَرِيحِ الْمُخَالِفَةِ بَلْ أَوْقَعُوهُ مَعَهَا فَلَأَنْ يَقَعَ فِي مَسْأَلَةِ الْبُوشَنْجِيِّ بِقِسْمَيْهَا بِالْأَوْلَى؛ لِأَنَّهُ لَا مُخَالَفَةَ لِمَا مَرَّ مِنْ تَنَاوُلِ التَّوْكِيلِ بِالطَّلَاقِ لِلتَّطْلِيقِ بِعِوَضٍ وَغَيْرِ عِوَضٍ.

وَمِنْ ثَمَّ نَقَلَ الْأَذْرَعِيُّ كَلَامَ الْإِسْنَوِيِّ الْمَذْكُورَ وَأَقَرَّهُ قَالَ الشَّيْخَانِ وَقَضِيَّةُ كَلَامِ الْقَفَّالِ أَنَّهُ لَوْ طَلَّقَهَا بِالْأَلْفِ لَا مَالَ أَيْضًا وَلَا يَبْعُدُ ثُبُوتُهُ وَإِنْ لَمْ يَتَعَرَّضْ الزَّوْجُ لَهُ كَمَا لَوْ قَالَ لَهُ خَالِعهَا بِمِائَةِ فَخَالَعَهَا بِأَكْثَرَ قَالَ الرَّافِعِيُّ؛ لِأَنَّ الْمُوَكِّلَ بِهِ الطَّلَاقُ وَهُوَ قَدْ يَكُونُ بِمَالٍ وَقَدْ يَكُون بِغَيْرِهِ فَإِذَا أُتِيَ بِمَا وَكَّلَ بِهِ عَلَى الْوَجْهِ الَّذِي هُوَ خَيْرٌ وَجَبَ أَنْ يَجُوزَ اهـ.

وَهُوَ كَمَا قَالَ وَبِهِ يَتَأَيَّدُ مَا قَدَّمْته فِي رَدِّ كَلَامِ الْبُوشَنْجِيِّ وَاعْتِرَاضِ الْأَذْرَعِيُّ لَهُ بِأَنَّهُ وَكَّلَهُ أَنْ يُطَلِّقَهَا بِلَا عِوَضٍ فَهُوَ كَمَا لَوْ وَكَّلَهُ بِهِبَةِ شَيْءٍ لِزَيْدٍ فَبَاعَهُ لَهُ لَمْ يَصِحَّ وَلَوْ وَكَّلَهُ بِبَيْعِ شَيْءٍ بِمِائَةٍ فَبَاعَهُ بِأَزْيَدَ جَازَ وَإِدْخَالُ الْعِوَضِ فِي مِلْكِ الْمُوَكِّلِ مِنْ غَيْرِ تَعَرُّضٍ لَهُ جُمْلَة بَعِيد وَلَيْسَ ذَلِكَ كَالزِّيَادَةِ التَّابِعَةِ مَرْدُودٌ كَمَا عَلِمْت مِمَّا مَرَّ مِنْ أَنَّ قَوْلَهُ؛ لِأَنَّهُ وَكَّلَهُ أَنْ يُطَلِّقَهَا بِلَا عِوَضٍ مَمْنُوعٍ إذْ التَّوْكِيلُ فِي الطَّلَاقِ لَا يَقْتَضِي عَدَمَ الْعِوَضِ غَايَتُهُ أَنَّهُ لَا يَقْتَضِي الْعِوَضَ بِخِلَافِ التَّوْكِيلِ فِي الْهِبَةِ لَكِنَّ قَوْلَهُمَا وَمُقْتَضَاهُ إلَخْ مُعْتَرَضٌ بِأَنَّ ذَلِكَ لَيْسَ مُقْتَضَاهُ؛ لِأَنَّ كَلَامَهُ إنَّمَا هُوَ فِيمَا إذَا خَالَفَ الْوَكِيلُ الزَّوْجَ فِي الْعَدَدِ وَالْمُقْتَضَى الْمَذْكُور فِيمَا إذَا لَمْ يُخَالِفْ فِيهِ وَيُرَدُّ هَذَا الِاعْتِرَاضُ بِأَنَّ كَلَامَ الْقَفَّالِ اشْتَمَلَ عَلَى الْمُخَالَفَةِ فِي شَيْئَيْنِ النَّقْصِ مِنْ الْعَدِّ وَذِكْرِ الْمَالِ فَرُبَّمَا يَقْتَضِي أَنَّ مُطْلَقَ الْمُخَالَفَةِ يَقْتَضِي عَدَمَ الْمَالِ وَلَا شَكَّ أَنَّهُ لَوْ طَلَّقَهَا ثَلَاثًا بِالْأَلْفِ كَانَ فِيهِ مُخَالَفَةٌ وَكَوْنُ كَلَامِهِ إنَّمَا هُوَ فِيمَا إذَا خَالَفَ فِي الْعَدَدِ دَعْوَى مُرَادٍ وَهُوَ وَإِنْ سَلِمَ لَا يَدْفَعُ الْإِيرَادَ وَاعْتِرَاضُ قَوْلِ الرَّافِعِيِّ أَيْضًا عَلَى الْوَجْهِ الَّذِي هُوَ خَيْرٌ بِأَنَّهُ لَا خَيْرِيَّةَ فِيهِ لِتَفْوِيتِهِ الرَّجْعَةَ عَلَيْهِ وَهُوَ غَفْلَةٌ عَنْ صُورَةِ الْمَسْأَلَةِ إذْ الصُّورَةُ أَنَّهُ وَكَّلَهُ فِي التَّطْلِيقِ ثَلَاثًا فَكَيْفَ يُقَالُ فَوَّتَ عَلَيْهِ الرَّجْعَةَ.

فَإِذَا قَالَ لَهُ طَلِّقْهَا ثَلَاثًا فَخَالَفَ فَمُخَالَفَته قَدْ تَكُونُ فِي الْعَدَدِ وَالصِّفَة وَهِيَ مَسْأَلَةُ الْقَفَّال وَذَلك بِأَنْ يُطَلِّقَ وَاحِدَةً بِعِوَضٍ وَقَدْ تَكُونَ بِالصِّفَةِ فَقَطْ بِأَنْ يُطَلِّقَ ثَلَاثًا بِعِوَضٍ وَهِيَ مَسْأَلَةُ الرَّافِعِيِّ الَّتِي أَلْزَمَ بِهَا الْقَفَّالُ فَإِنْ قُلْت فَمَا الْفَرْق بَيْنَ الْمَسْأَلَتَيْنِ غَيْر مَا أُشِيرَ إلَيْهِ فِيمَا مَرَّ حَيْثُ لَمْ يَثْبُت الْمَالُ فِي الْأُولَى وَثَبَتَ فِي الثَّانِيَةِ قُلْتُ الْمُخَالَفَةُ فِي الْأُولَى أَفْحَشُ فَوَقَعَ الطَّلَاقُ لِشِدَّةِ تَعَلُّقِهِ وَلُزُومِهِ وَلَمْ يَثْبُتْ الْمَالُ لِعَدَمِ التَّصَرُّفِ عَلَى الْوَجْه الْمَأْذُون فِيهِ بِخِلَافِ الثَّانِيَةِ فَإِنَّ مَنْ رَضِيَ بِإِيقَاعِ الثَّلَاثِ مَجَّانًا فَلَأَنْ يَرْضَى بِهَا بَعُوضٍ أَوْلَى وَلَا يُقَالُ قَدْ يَقْصِد مُحَابَاة الزَّوْجَةِ؛ لِأَنَّا نَقُول الطَّلَاق إنَّمَا يَكُونُ عَنْ تَبَاغُضٍ وَتَنَافُرٍ فَكَانَ قَصْدُ الْمُحَابَاةِ فِيهِ بَعِيدًا فَلَمْ يُلْتَفَتْ إلَيْهِ بِخِلَافِ نَظِير ذَلِكَ فِي الْوَكَالَة فِيمَا إذَا عَيَّنَ لَهُ الثَّمَنَ وَالْمُشْتَرِي كَبِعْهُ لِزَيْدٍ فَإِنَّ الْقَرِينَةَ قَاضِيَةٌ هُنَا بِقَصْدِ الْمُحَابَاة ثُمَّ الضَّمِيرُ فِي قَوْل الشَّيْخَيْنِ وَلَا يَبْعُدُ ثُبُوتُهُ رَاجِعٌ إلَى مَسْأَلَتهمَا الَّتِي أَبْدَيَاهَا وَهِيَ مَا لَوْ طَلَّقَهَا ثَلَاثًا بِالْأَلْفِ كَمَا عُلِمَ مِمَّا مَرَّ لَا إلَى مَسْأَلَةِ الْقَفَّال خِلَافًا لِمَنْ وَهِمَ فِيهِ

[بَابُ الْغَصْبِ]

(وَسُئِلَ) لَوْ أَتْلَفَ زَرْعًا لِغَيْرِهِ أَوَّلَ خُرُوجِهِ أَوْ ثَمَرًا كَذَلِكَ بِحَيْثُ يَكُونُ لَا قِيمَةَ لَهُ أَوْ لَهُ قِيمَةٌ قَلِيلَةٌ وَلَوْ بَقِيَ إلَى وَقْتِ كَمَالِهِ لَتَضَاعَفَتْ قِيمَتُهُ فَمَاذَا يَجِبُ عَلَيْهِ فِيمَا أَتْلَفَهُ هَلْ يَجِبُ عَلَيْهِ قِيمَتُهُ لَوْ بَقِيَ إلَى حَالَةِ كَمَالِهِ كَمَا قَالَ بِذَلِكَ إسْمَاعِيلُ الْحَضْرَمِيُّ صَاحِب ثَمَرَةِ الرَّوْضَةِ أَوْ الْوَاجِبُ غَيْرُ ذَلِكَ؟

(فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ إذَا أَتْلَفَ مَا لَا قِيمَةَ لَهُ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ سِوَى التَّعْزِير أَوْ مَاله قِيمَةٌ قَلِيلَةٌ لَزِمَهُ قِيمَتُهُ عِنْدَ تَلَفِهِ وَلَا نَظَرَ إلَى أَنَّهُ لَوْ بَقِيَ إلَى وَقْتِ كَمَالِهِ لَتَضَاعَفَتْ قِيمَتُهُ؛ لِأَنَّ النَّظَر فِي قِيمَةِ الْمُتْلَفِ إنَّمَا هُوَ إلَى وَقْتِ إتْلَافِهِ كَمَا صَرَّحُوا بِهِ قَالُوا وَلَا عِبْرَةَ بِالزِّيَادَةِ بَعْدَ التَّلَفِ كَمَا لَا عِبْرَةَ بِالنَّقْصِ بِالْكَسَادِ وَمَا نُقِلَ عَنْ إسْمَاعِيلَ الْحَضْرَمِيِّ مِمَّا يُخَالِفُ ذَلِكَ اخْتِيَارٌ لَهُ غَرِيبٌ أَوْ شَاذٌّ فَلَا يُعَوَّلُ عَلَيْهِ، وَاَللَّه أَعْلَم.

(وَسُئِلَ) عَمَّنْ أَتْلَفَ زَرْعًا لَا قِيمَةَ لَهُ عِنْدَ الْإِتْلَاف أَوْ لَهُ قِيمَةٌ مَا حُكْمُهُ؟

(فَأَجَابَ) - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - بِأَنَّ مَنْ أَتْلَفَ زَرْعًا لَا قِيمَة لَهُ عِنْد الْإِتْلَافِ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ غَيْرُ التَّغْزِير كَمَا صَرَّحَ بِهِ أَصْحَابنَا حَيْثُ قَالُوا لَا يَصِحُّ بَيْعُ مَا لَا يُتَمَوَّلُ كَحَبَّتَيْ

ص: 92

بُرٍّ أَوْ زَبِيب وَمَعَ هَذَا يَحْرُمُ غَصْبُ ذَلِكَ وَيَكْفُرُ مُسْتَحِلُّهُ وَيَجِبُ رَدُّهُ فَإِنْ أُتْلِفَ فَلَا ضَمَانَ إذْ لَا مَالِيَّةَ لِذَلِكَ.

وَقَضِيَّتُهُ أَنَّ التَّعْبِيرَ بِحَبَّتَيْ حِنْطَةٍ مِثَالٌ وَمِنْ ثَمَّ عَبَّرَا فِي التَّتِمَّة وَالْبَحْر بِحَبَّاتِ حِنْطَة وَبِهِ يُعْلَمُ أَنَّ كُلَّ مَا لَا يُعَدُّ مَالًا فِي الْعُرْفِ لِقِلَّتِهِ لَا يُضْمَنُ وَلَا يَصِحُّ بَيْعُهُ وَهُوَ مَا اعْتَمَدَهُ الزَّرْكَشِيُّ قَالَ كَعِشْرِينَ حَبَّةِ خَرْدَلٍ بِخِلَافِ عِشْرِينَ حَبَّةِ حِنْطَةٍ. اهـ.

وَاعْتَرَضَ تَمْثِيلَهُ بِذَلِكَ بِمَا رَدَدْته فِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ وَأَمَّا إذَا كَانَ لَهُ قِيمَةٌ قَلِيلَةٌ فَإِنَّهَا تَلْزَمُهُ وَيُعَزَّرُ أَيْضًا وَشَرْطُ تَعْزِيرِهِ مُطْلَقًا أَنْ يَتَعَمَّدَ الْإِتْلَافَ عَالِمًا بِحُرْمَتِهِ فَإِنْ قُلْت مَا تَقَرَّرَ مِنْ أَنَّ نَحْو الْحَبَّتَيْنِ مِنْ الْحِنْطَة وَالزَّبِيب لَا يُعَدَّانِ مَالًا مُعْتَرِض وَإِنْ جَرَى عَلَيْهِ الشَّيْخَانِ فِي الْبَيْعِ بِأَنَّهُمَا صَرَّحَا فِي الْإِقْرَارِ بِأَنَّ الزَّبِيبَةَ حَيْثُ يَكُونُ لَهَا قِيمَةُ مَالٍ كَذَا زَعَمَهُ الْإِسْنَوِيُّ لَكِنْ رَدَّهُ الزَّرْكَشِيُّ بِأَنَّ الْمُرَاد هَهُنَا أَنَّهُ لَا يُعَدُّ مَالًا يُتَمَوَّلُ لَا أَنَّهُ لَا مَالِيَّةَ فِيهِ أَصْلًا وَاسْتَدَلَّ لِذَلِكَ بِكَلَامِهِمْ هُنَا وَثَمَّ وَضَبَطَ الْإِمَامُ الْمُتَمَوَّل بِأَنَّهُ الَّذِي يُقَدَّرُ لَهُ أَثَرٌ فِي النَّفْعِ أَوْ الَّذِي يُفْرَضُ لَهُ قِيمَةٌ عِنْدَ غَلَاءِ الْأَسْعَارِ وَالْمَالُ بِخِلَافِهِ هُنَا. اهـ.

وَاَلَّذِي يُضْمَنُ إنَّمَا هُوَ الْمُتَمَوَّلُ دُونَ مُطْلَقِ الْمَالِ فَإِنْ قُلْت قَالَ الْقَفَّالُ وَمَنْ تَبِعَهُ مَنْ أَتْلَفَ حَبَّتَيْ حِنْطَةٍ ضَمِنَهُمَا قُلْت هَذِهِ مَقَالَةٌ ضَعِيفَةٌ وَالْمُعْتَمَدُ مَا مَرَّ مِنْ عَدَمِ الضَّمَانِ فَإِنْ قُلْت يَلْزَمُ عَلَى عَدَمِ الضَّمَانِ عَدَمِ سَمَاعِ الدَّعْوَى بِذَلِكَ فَكَيْفَ قُلْتُمْ يُعَزَّرُ قُلْت لَا يَلْزَمُ ذَلِكَ بَلْ تُسْمَعُ الدَّعْوَى بِهِ؛ لِأَنَّ فَائِدَتَهَا لَا تَنْحَصِرُ فِي التَّغْرِيمِ بَلْ قَدْ يَكُونُ مِنْ مَقَاصِدِهَا إثْبَاتُ فِسْقِهِ وَطَلَبُ تَعْزِيره، وَاَللَّه أَعْلَم.

(وَسُئِلَ) فِي دَارٍ مُشْتَرَكَةٍ بَيْنَ وَرَثَةٍ مَشَاعًا فَقَامَ أَحَدُ الْوَرَثَة وَهَدَمَ وَبَنَى وَعَمَّرَ وَأَصْلَحَ وَأَدْخَلَ فِيهَا أَنْقَاضًا مِنْ مَالِهِ كَأَحْجَارٍ وَغَيْرِ ذَلِكَ بِحَيْثُ تَعَذَّرَ تَمْيِيزُ الْأَنْقَاضِ الْقَدِيمَةِ مِنْ الْأَنْقَاضِ الْحَادِثَةِ الْمُسْتَجَدَّةِ وَزَادَ فِيهَا أَيْضًا زِيَادَاتٌ مِنْ الْمَنَافِعِ وَالسُّكْنَى بِأَنْقَاضٍ مُنْفَرِدَةٍ حَادِثَةٍ مِنْ مَالِهِ بِغَيْرِ إذْنِ شُرَكَائِهِ فَهَلْ لَهُمْ الْمُطَالَبَةُ بِرَفْعِ الزِّيَادَاتِ الْمُنْفَرِدَةِ الْمُسْتَجَدَّةِ بِإِنْقَاضِهِ أَوْ يُجْبَرُونَ عَلَى إبْقَائِهَا بِأُجْرَةِ الْمِثْلِ أَمْ لَا فَإِذَا قُلْتُمْ بِنَقْضِهَا وَرَفْعِهَا وَتَسْوِيَةِ أَرْضِهَا فَهَلْ يَلْزَمُهُمْ بِسَبَبِ نَقْضِهَا لِذَلِكَ شَيْءٌ أَمْ لَا وَمَا الْحُكْمُ فِي الْأَنْقَاضِ الْقَدِيمَة وَالْأَنْقَاضِ الْحَادِثَة الْمُخْتَلِطَة الَّتِي تَعَذَّرَ تَمْيِيزُ بَعْضِهَا عَنْ بَعْض إذَا لَمْ يَصْطَلِحُوا عَلَى شَيْءٍ؟

(فَأَجَابَ) لِبَقِيَّةِ الْوَرَثَة مُطَالَبَةُ الْمُتَعَدِّي الْمَذْكُورِ بِرَفْعِ بِنَائِهِ وَلَا يُجْبَرُونَ عَلَى إبْقَائِهِ بِأُجْرَةٍ وَلَا غَيْرِهَا وَلَا يَضْمَنُونَ بِسَبَبِ هَدْمِهِ وَيَلْزَمُهُ تَسْوِيَةُ الْأَرْض بَعْد الْهَدْمِ وَالْأُجْرَةُ مِنْ حِين وَضْعِ بِنَائِهِ إلَى إزَالَتِهِ وَإِذَا تَعَدَّى بِخَلْطِ أَنْقَاضِهِ بِأَنْقَاضِ غَيْرِهِ الَّتِي وَضَعَ يَدَهُ عَلَيْهَا تَعَدِّيًا وَتَعَذَّرَ التَّمْيِيزُ غَرِمَ قِيمَةَ أَنْقَاضِ غَيْرِهِ، وَاَللَّه تَعَالَى أَعْلَم.

(وَسُئِلَ) سَعَى بِآخَرَ إلَى ظَالِمٍ فَأَخَذَ مِنْهُ مَالًا هَلْ يَرْجِعُ عَلَى السَّاعِي؟

(فَأَجَابَ) لَيْسَ عَلَى السَّاعِي الْمَذْكُورِ ضَمَانٌ وَإِنَّمَا عَلَيْهِ الْإِثْمُ الشَّدِيدُ إذْ السِّعَايَةُ مِنْ الْكَبَائِرِ وَفِي نِهَايَةِ الْغَرِيب حَدِيث السَّاعِي مُتْلِبٌ أَيْ مُهْلِكٌ بِسِعَايَتِهِ نَفْسَهُ وَالْمُسْعَى بِهِ وَإِلَيْهِ، وَاَللَّه أَعْلَم.

(وَسُئِلَ) اُعْتِيدَ فِي جِهَةٍ أَنَّ الدَّابَّةَ لَا يُرْغَبُ فِي اسْتِئْجَارِهَا فِي بَعْضِ أَيَّامِ الْأُسْبُوعِ فَلَوْ غُصِبَتْ فَهَلْ تُعْتَبَرُ أُجْرَةُ مِثْلهَا فِي مُدَّةِ أَيَّامِ الْأُسْبُوعِ؟

(فَأَجَابَ) نَعَمْ يُعْتَبَرُ ذَلِكَ فَإِنَّ الْمَنَافِعَ كَالْأَعْيَانِ فَالْقِيمَةُ فِيهَا ذَاتِيَّةٌ وُجِدَ رَاغِبٌ بِالْفِعْلِ أَمْ لَا وَمِنْ ثَمَّ أَفْتَى بَعْضُ شُرَّاحِ الْإِرْشَادِ فِي أَرْضٍ لَا تُؤَجَّرُ قَطُّ بِأَنَّهَا تُعْتَبَرُ بِأَقْرَبِ الْبِلَادِ إلَيْهَا، وَاَللَّه أَعْلَم.

(وَسُئِلَ) عَنْ شَخْصٍ دُفِعَ إلَيْهِ ثَوْبٌ وَقَالَ أَحْرِقْهُ أَوْ ارْمِهِ فِي الْبَحْرِ فَاسْتَعْمَلَهُ ثُمَّ حَرَقَهُ أَوْ رَمَاهُ فَهَلْ يَضْمَنُهُ؟

(فَأَجَابَ) - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - أَبْدَى فِيهَا الْقَاضِي وَجْهَيْنِ أَحَدُهُمَا نَعَمْ؛ لِأَنَّهُ دَخَلَ فِي ضَمَانِهِ بِالِاسْتِعْمَالِ وَالْإِلْقَاءِ وَالثَّانِي لَا قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَالزَّرْكَشِيُّ وَالْأَوَّلُ أَقْيَسُ اهـ وَعَلَيْهِ فَالْمُرَادُ بِالدُّخُولِ فِي الضَّمَانِ أَنَّهُ يَضْمَنُ أُجْرَتَهُ مُدَّةَ اسْتِعْمَالَهُ أَوْ يَضْمَنُ جُمْلَتَهُ كُلّ مُحْتَمَل وَلَعَلَّ الثَّانِيَ أَقْرَب وَلَا نُسَلِّم أَنَّ الْإِتْلَافَ مَأْذُونٌ فِيهِ الْآن؛ لِأَنَّهُ لَمَّا اسْتَعْمَلَهُ صَارَ غَاصِبًا لَهُ لِتَعَدِّيهِ بِاسْتِعْمَالِهِ فِيمَا لَمْ يُؤْذَنْ لَهُ فِيهِ وَالْغَاصِبُ لَا يَبْرَأُ إلَّا بِالرَّدِّ وَلَمْ يَحْصُلْ وَأَمَّا فِعْلُهُ مَا أَمَرَ بِهِ فَلَا يُضَافُ حِينَئِذٍ إلَى الْإِذْنِ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا اسْتَعْمَلَهُ أَعْرَضَ عَنْ الْإِذْنِ وَصَارَ مُتَصَرِّفًا فِيهِ لِنَفْسِهِ فَلَزِمَهُ بَعْدَ التَّصَرُّفِ فِيهِ رَدُّهُ إلَى مَالِكِهِ وَإِلَّا ضَمِنَهُ وَالتَّعْبِيرُ يَدْخُلُ فِي ضَمَانِهِ لَا يُنَافِي ضَمَانَ جَمِيعِهِ بَلْ جَعْلُهُ الْإِلْقَاءَ سَبَبًا لِلضَّمَانِ

ص: 93

ظَاهِرٌ فِي ضَمَانِ جَمِيعِهِ إذْ لَوْ ضَمِنَ أُجْرَة اسْتِعْمَالِهِ فَقَطْ لَمْ يَكُنْ لِلْإِلْقَاءِ دَخْلٌ فِي الضَّمَانِ مُطْلَقًا فَإِنْ قُلْت هُوَ وَكِيلٌ وَتَعَدِّيهِ لَا يَمْنَعُ تَصَرُّفه قُلْت مَمْنُوعٌ؛ لِأَنَّ التَّوْكِيلَ فِي الْمَعَاصِي بَاطِلٌ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

(وَسُئِلَ) عَمَّنْ أَوْصَلَ غُصْنًا لَهُ بِشَجَرَةِ غَيْرِهِ عُدْوَانًا فَأَثْمَرَ فَالثَّمَرَةُ لِمَنْ؟

(فَأَجَابَ) بِقَوْلِهِ أَفْتَى الْبَغَوِيّ بِأَنَّهَا لِصَاحِبِ الْغُصْنِ فَقَطْ وَقَاضِي حَمَاة الْبَارِزِيِّ بِأَنَّهَا بَيْنهمَا نِصْفَيْنِ؛ لِأَنَّهَا حَصَلَتْ مِنْ مِلْكهَا وَالْأَوْجَه الْأَوَّل كَمَا لَوْ غَرَسَهُ فِي أَرْض غَيْره عُدْوَانًا فَصَارَ شَجَرَة فَأَثْمَرَ بَلْ يَلْزَم الثَّانِي أَنَّهُ لَوْ أَنْزَى فَحْلَهُ عَلَى شَاة غَيْره عُدْوَانًا كَانَ النِّتَاج بَيْنَهُمَا لِتَوَلُّدِهِ مِنْ مِلْكَيْهِمَا وَلَا قَائِلَ بِذَلِكَ مِنْ أَصْحَابنَا.

(وَسُئِلَ) - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - عَمَّا إذَا زَرَعَ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ فِي الْأَرْضِ الْمُشْتَرَكَةِ بِغَيْرِ إذْنِ شَرِيكِهِ فَهَلْ لِلشَّرِيكِ الْآخَرِ قَلْعُهُ مَجَّانًا؟

(فَأَجَابَ) بِقَوْلِهِ نَعَمْ لَهُ ذَلِكَ وَغَلِطَ مَنْ قَالَ لَهُ أُجْرَة الْمِثْل وَلَا يُقْلَعُ مَجَّانًا؛ لِأَنَّهُ انْتَفَعَ بِمَالِهِ فِيهِ شَرِكَة وَذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ غَاصِبٌ لَنَصِيبِ شَرِيكِهِ فَلَا حُرْمَةَ لِمَا فَعَلَهُ.

(وَسُئِلَ) عَمَّنْ رَكِبَ فَرَسًا مُشْتَرَكًا بَيْنَهُ وَبَيْنَ غَيْرِهِ وَأَجْهَدَهُ فِي السُّوقِ فَأَسْقَطَتْ مُهْرًا مَيِّتًا فَهَلْ يَضْمَنُهُ؟

(فَأَجَابَ) بِقَوْلِهِ أَفْتَى بَعْضُهُمْ بِأَنَّهُ يَضْمَنُهُ وَالْأَصَحُّ خِلَافُهُ.

(وَسُئِلَ) عَمَّنْ نَجَّسَ ثَوْبَ آخَرَ وَلَمْ يَنْقُص بِالْغَسْلِ فَهَلْ يَلْزَمهُ تَطْهِيره؟

(فَأَجَابَ) بِقَوْلِهِ لَا يَلْزَمهُ بَلْ وَلَا يَجُوز لَهُ بِغَيْرِ إذْن صَاحِبه وَإِنْ كَانَ لِغَسْلِهِ مُؤْنَة فَإِنْ طَهَّرَهُ فَنَقَصَ ضَمِنَ أَرْش النَّقْص وَلَوْ رَدَّهُ نَجِسًا فَمُؤْنَةُ التَّطْهِير عَلَيْهِ وَكَذَا الْأَرْشُ اللَّازِم مِنْهُ.

(وَسُئِلَ) عَمَّنْ أَخَذَ مِنْ الصَّبِيِّ شَيْئًا لَمْ يَبْرَأ بِرَدِّهِ إلَيْهِ مُطْلَقًا بِخِلَافِ الْعَبْد فَمَا الْفَرْقُ؟

(فَأَجَابَ) بِقَوْلِهِ الْفَرْق أَنَّ الْعَبْدَ أَهْلٌ لِلْيَدِ فِي الْجُمْلَة فَمَا احْتَوَتْ عَلَيْهِ يَدُهُ بِإِذْنِ سَيِّدِهِ كَانَتْ كَيَدِ السَّيِّد بِخِلَافِ الصَّبِيِّ فَإِنَّ يَدَهُ كَلَا يَدٍ إذْ مَا فِيهَا عُرْضَةٌ إلَى الضَّيَاع وَلِهَذَا جَازَ أَخْذُهُ لِلرَّدِّ عَلَى وَلِيِّهِ أَوْ الْحَاكِم حِسْبَةً بِخِلَافِ مَا بِيَدِ الْعَبْدِ وَلَا فَرْقَ بَيْنَ مَلْبُوسِ الصَّبِيِّ وَغَيْرِهِ فِيمَا مَرَّ.

(وَسُئِلَ) - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - عَمَّنْ غَصَبَ شَيْئًا فَاسْتَأْجَرَ مَنْ يَحْمِلُهُ فَهَلْ يَسْتَحِقُّ الْأَجِيرُ أُجْرَةَ الْمِثْلِ أَوْ الْمُسَمَّى؟

(فَأَجَابَ) بِقَوْلِهِ الَّذِي ذَكَرَهُ الرَّافِعِيُّ فِي الِاسْتِئْجَارِ لِحَجِّ التَّطَوُّعِ أَنَّهُ يَسْتَحِقُّ أُجْرَةَ الْمِثْلِ لَا الْمُسَمَّى وَبِهِ صَرَّحَ فِي الْبَيَانِ وَقَيَّدَهُ ابْنُ عُجَيْلٍ بِمَا إذَا لَمْ يَعْلَمْ الْغَصْبَ وَإِلَّا لَمْ يَسْتَحِقَّ شَيْئًا بَلْ يَضْمَنهُ أَيْضًا.

(وَسُئِلَ) عَمَّنْ غَصَبَ أَرْضًا وَلَمْ يُعْتَدْ إيجَارُهَا إلَّا بِطَعَامٍ فَمَا الَّذِي يَلْزَمُهُ؟

(فَأَجَابَ) بِقَوْلِهِ نَقَلَ بَعْضُهُمْ عَنْ جَمَاعَةٍ مِنْ الْمُحَقِّقِينَ فِي نَظِيرِهِ أَنَّهُ يَجْرِي عَلَى عَادَةِ الْبَلَدِ فِيمَا يَقُومُ بِهِ مِنْ طَعَامٍ وَغَيْره فَإِذًا يَلْزَمهُ مِنْ الطَّعَام مَا يُسْتَأْجَرُ بِهِ عَادَةً وَقَالَ بَعْضُهُمْ إنَّهُ يَلْزَمُهُ قِيمَة ذَلِكَ الطَّعَام الَّذِي يَسْتَأْجِرُ بِهِ مِنْ نَقْدِ الْبَلَدِ وَنَقَلَهُ عَنْ غَيْرِهِ.

(وَسُئِلَ) عَمَّنْ قَطَعَ لِسَانَ بَقَرَةٍ مَثَلًا فَتَرَكَهَا الْمَالِكُ بِلَا ذَبْحٍ حَتَّى مَاتَتْ فَهَلْ يَضْمَنُ الْأَرْشَ فَقَطْ كَمَا لَوْ ذَبَحَهَا فَتَرَكَهَا الْمَالِكُ حَتَّى أَنْتَنَتْ؟

(فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ يَضْمَنُهَا فِي الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى بِجَمِيعِ قِيمَتِهَا؛ لِأَنَّ التَّلَف حَصَلَ بِسِرَايَتِهِ فَهُوَ كَمَا لَوْ جَرَحَ رَجُلًا فَسَرَى لِنَفْسِهِ وَمَاتَ مَعَ قُدْرَتِهِ عَلَى مُدَاوَاتِهَا بِخِلَافِهِ فِي الثَّانِيَةِ فَإِنَّ الْأَرْش اسْتَقَرَّ بِالذَّبْحِ وَمَا حَدَثَ بَعْده مِنْ كَوْنِ الْأَنْفُسِ صَارَتْ تَعَافُهَا لَيْسَ مِنْ سَرَايَته وَأَيْضًا فَلَحْمُهَا لَمْ يَحْرُمْ بِالنَّتْنِ بِخِلَافِهِ فِي الْأُولَى فَإِنَّهُ حُرِّمَ بِوَاسِطَةِ فِعْلِهِ.

(وَسُئِلَ) - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - عَمَّنْ غَصَبَ عَبْدًا فَمَرِضَ عِنْدَهُ ثُمَّ رَدَّهُ مَرِيضًا فَمَكَثَ فِي يَدِ السَّيِّدِ مُدَّةً ثُمَّ زَالَ مَرَضُهُ فَهَلْ عَلَيْهِ أُجْرَة مِثْلِ الْمُدَّة الَّتِي كَانَ مَرِيضًا فِيهَا فِي يَد السَّيِّد؟

(فَأَجَابَ) بِقَوْلِهِ كَلَام الْبَغَوِيِّ فِي فَتَاوِيهِ صَرِيحٌ فِي وُجُوبِ ذَلِكَ وَهُوَ مُتَّجَه خِلَافًا لِبَعْضِ الْمُتَأَخِّرِينَ حَيْثُ قَالَ لَا أُجْرَةَ؛ لِأَنَّهُ بِالرَّدِّ إلَى الْمَالِك زَالَ الضَّمَانُ وَالنَّقْصُ الَّذِي قَدْ حَصَلَ بِالْمَرَضِ فِي يَده قَدْ ضَمِنَهُ بِالْأَرْشِ. اهـ.

وَيُرَدُّ بِأَنَّ هَذَا مُتَوَلِّدٌ مِنْ فِعْلِهِ فَضَمِنَهُ بِالْأُجْرَةِ وَإِنْ كَانَ ضَمِنَهُ أَوَّلًا بِالْأَرْشِ.

(وَسُئِلَ) عَمَّنْ غَصَبَ أَرْضًا أَوْ اشْتَرَاهَا شِرَاءً فَاسِدًا وَهِيَ تُزْرَعُ بُرًّا وَذُرَة وَغَيْرهمَا فَمَا الَّذِي يَضْمَنهُ؟

(فَأَجَابَ) بِقَوْلِهِ الَّذِي يَضْمَنهُ هُوَ أُجْرَةُ مِثْل أَعْلَاهَا مَنْفَعَةً كَمَا لَوْ غَصَبَ عَبْدًا يُحْسِنُ صِنَاعَاتٍ مُخْتَلِفَةً فَإِنَّهُ يَضْمَن أَعْلَاهَا.

(وَسُئِلَ) عَمَّنْ سَعَى بِآخَرَ إلَى السُّلْطَانِ فَغَرَّمَهُ لِأَجْلِ السِّعَايَة شَيْئًا فَهَلْ يَرْجِعُ بِهِ عَلَى السَّاعِي؟

(فَأَجَابَ) بِقَوْلِهِ قَضِيَّةُ قَوَاعِدِ مَذْهَبِنَا أَنَّهُ لَا يَرْجِع عَلَيْهِ بِشَيْءٍ وَهُوَ كَذَلِكَ خِلَافًا لِابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ

ص: 94

وَيُفَرَّق بَيْنه وَبَيْن تَغْرِيمِ الشَّاهِدِ إذَا رَجَعَ بِأَنَّ الشَّاهِدَ أَلْجَأَ الْحَاكِمَ شَرْعًا إلَى الْحُكْمِ الْمُقْتَضِي لِتَغْرِيمِ الْمَشْهُودِ عَلَيْهِ بِخِلَافِ السَّاعِي فَإِنَّهُ لَمْ يُلْجِئْ السُّلْطَانَ لِذَلِكَ وَيُفَرَّقُ أَيْضًا بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَا لَوْ قَالَ هَذِهِ الدَّارُ لِزَيْدٍ بَلْ لِعَمْرٍو بِأَنَّهُ ثَمَّ أَحَلَّ بَيْنَ عَمْرٍو وَبَيْنَ دَارِهِ بِإِثْبَاتِهَا لِلْأَوَّلِ بِطَرِيقٍ شَرْعِيٍّ نَاقَضَهَا قَوْلُهُ بَعْدَ ذَلِكَ فَنَاسَبَ أَنْ يَغْرَمَ لِتَحَقُّقِ حَيْلُولَتِهِ بَيْنَ عَمْرٍو وَبَيْنَ حَقِّهِ وَهُنَا لَمْ يَتَحَقَّقْ مِنْهُ حَيْلُولَةٌ وَلَا إلْجَاءٌ شَرْعِيّ فَلَمْ يَضْمَنْ شَيْئًا.

(وَسُئِلَ) عَمَّنْ أَتْلَفَ وَلَدَ بَهِيمَةٍ فَنَقَصَ لَبَنُهَا فَهَلْ يَلْزَمُهُ أَرْشُ النَّقْص؟

(فَأَجَابَ) بِقَوْلِهِ أَفْتَى بَعْضهمْ بِأَنَّهُ يَلْزَمهُ فَتُقَوَّمُ لَبُونًا تَحْلُب كُلَّ يَوْم كَذَا وَتُقَوَّمُ نَاقِصَة عَمَّا كَانَ وَهُوَ كَذَا فَمَا نَقَصَ مِنْ الْقِيمَةِ وَجَبَ عَلَيْهِ غُرْمُهُ.

(وَسُئِلَ) عَمَّنْ غَصَبَ طَعَامًا وَأَضَافَ بِهِ الْمَالِكُ بَرِئَ هَلْ هُوَ عَلَى إطْلَاقِهِ؟

(فَأَجَابَ) بِقَوْلِهِ إنْ قَدَّمَهُ لَهُ عَلَى حَالِهِ أَوْ بَعْدَ تَغَيُّرِهِ وَلَمْ تَنْقُصْ قِيمَتُهُ فَلَا كَلَامَ فِي الْبَرَاءَة أَوْ بَعْد أَنْ نَقَصَتْ وَلَمْ يَسِرْ لِلتَّلَفِ ضَمِنَ نَقْصَهَا وَبَرِئَ مِنْ الْبَاقِي أَمَّا إذَا قَدَّمَهُ وَقَدْ صَارَ سَارِيًا لِلتَّلَفِ فَلَا يَبْرَأُ بِأَكْلِ الْمَالِك حِينَئِذٍ كَمَا بَحَثَهُ بَعْضُهُمْ بِنَاءً عَلَى أَنَّ حُكْمَ ذَلِكَ حِينَئِذٍ حُكْمُ التَّالِفِ وَهُوَ الْأَصَحُّ فَالضَّمَان قَدْ صَارَ مُسْتَقِرًّا فِي ذِمَّةِ الْغَاصِب قَبْل الْأَكْلِ فَلَا يَسْقُطُ بِهِ وَأَيْضًا فَإِنْ قُلْنَا بِبَقَائِهِ عِنْدَ صَيْرُورَتِهِ إلَى هَذِهِ الْحَالَةِ عَلَى مِلْكِ الْمَالِكِ فَلَا كَلَامَ أَوْ بِانْتِقَالِهِ إلَى مِلْكِ الْغَاصِبِ فَقَدْ حَمَلَهُ عَلَيْهِ ضِيَافَتُهُ فَلَا يَسْقُطُ بِهِ مَا اسْتَقَرَّ فِي ذِمَّتِهِ مِنْ الضَّمَانِ.

(وَسُئِلَ) بِمَا لَفْظُهُ اطَّرَدَتْ عَادَةُ أَهْلِ بَلَدِ بِإِجَارَةِ أَرَاضِيهِمْ بِنَوْعٍ مِنْ الْحُبُوبِ فَغَصَبَ شَخْصٌ أَرْضًا مِنْهَا فَهَلْ تَلْزَمهُ الْأُجْرَةُ حَبًّا أَوْ نَقْدًا؟

(فَأَجَابَ) بِقَوْلِهِ قَالَ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ الْمُحَقَّق عِنْد جَمَاعَةٍ مِنْ الْمُحَقِّقِينَ فِي نَظِيرِهِ أَنَّهُ يَجْرِي عَلَى عَادَة الْبَلَد فِيمَا تَقُومُ بِهِ مِنْ طَعَامٍ وَغَيْرِهِ وَقَدْ يُؤَيِّدهُ قَوْلهمْ لَوْ غَلَبَ مِنْ جِنْس الْعُرُوضِ نَوْعٌ كَالطَّعَامِ انْصَرَفَ الذِّكْرُ إلَيْهِ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ فِي عَقْدِ الْبَيْعِ كَالنَّقْدِ فَإِلْحَاقُهُ بِالنَّقْدِ فِي ذَلِكَ يُومِئُ إلَى إلْحَاقِهِ بِهِ فِي غَرَامَةِ الْمُتْلَفَاتِ.

(وَسُئِلَ) عَمَّنْ أَكَلَ مِنْ يَد آخَرَ طَعَامًا وَكَانَ فِي الْأَصْلِ مَغْصُوبًا وَلَمْ يَعْلَم فَهَلْ يُؤَاخَذُ بِهِ فِي الْآخِرَةِ؟

(فَأَجَابَ) بِقَوْلِهِ نَقَلَ الْغَزِّيُّ عَنْ الْبَغَوِيِّ أَنَّ الْمَأْكُولَ مِنْهُ إنْ كَانَ مَعْرُوفًا بِالصَّلَاحِ لَمْ يُؤَاخِذْ بِهِ الْآكِلُ وَإِلَّا أُوخِذَ بِهِ ثُمَّ قَالَ الْغَزِّيُّ وَأَظُنُّهُ لَا يُوَافِقُ عَلَيْهِ أَيْ بَلْ لَا يُؤَاخَذُ بِهِ مُطْلَقًا لِعَدَمِ الْعِلْمِ وَقَدْ يُقَالُ مُقْتَضَى الْمُطَالَبَةِ بِمَا يُتْلِفهُ نَاسِيًا أَوْ جَاهِلًا الْمُطَالَبَة هُنَا مُطْلَقًا؛ لِأَنَّ هَذَا مِنْ بَابِ خِطَابِ الْوَضْعِ فَلَيْسَتْ مُطَالَبَتُهُ بِفِعْلٍ حَرَامٍ بَلْ بِإِتْلَافِ مَاله وَإِنْ كَانَ جَاهِلًا.

(وَسُئِلَ) عَنْ شَخْصٍ غَصَبَ عَيْنًا مِثْلِيَّةً وَأَتْلَفَهَا وَقُلْتُمْ يَضْمَنُ مِثْلَهَا وَإِنْ أَعْوَزَهُ وَوَجَدَهُ بِأَكْثَرَ ضَمِنَهَا بِقِيمَةِ الْمِثْلِ وَقْتَ الْمُحَاكَمَةِ وَالتَّأْدِيَةِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهَا مِثْلٌ ضَمِنَهَا بِقِيمَتِهَا أَكْثَرَ مَا كَانَتْ مِنْ حِينَ الْغَصْبِ إلَى حِينَ التَّلَفِ مَفْهُومُ ذَلِكَ أَنَّهُ إذَا كَانَ أَكْثَرُ الْقِيمَةِ مَا بَيْنَ الْغَصْب وَالتَّلَف دُون ثَمَن الْمِثْلِ فَلَهُ قَبُولُهُ بَيِّنُوا لَنَا صُورَةَ الْأَقَلِّ وَالْأَكْثَرِ فِي الْقِيمَة فِي الْمُدَّة وَأَوْضِحُوا ذَلِكَ مُفَصَّلًا؟

(فَأَجَابَ) بِقَوْلِهِ الْحَاصِلُ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَة أَنَّ مَنْ غَصَبَ عَيْنًا مِثْلِيَّةً وَأَتْلَفَهَا يَلْزَمهُ مِثْلُهَا فَإِنْ فَقَدَهُ أَوْ وَجَدَهُ بِزِيَادَةٍ عَلَى ثَمَنِ مِثْلِهِ لَزِمَهُ أَقْصَى قِيمَة مِنْ وَقْتِ الْغَصْب إلَى وَقْتِ فَقْدِ الْمِثْلِ فَلَوْ كَانَ وَقْتَ الْغَصْبِ يُسَاوِي مِائَةً وَوَقْتَ الْفَقْدِ يُسَاوِي مِائَتَيْنِ وَفِيمَا بَيْنَ الْوَقْتَيْنِ يُسَاوِي أَلْفًا لَزِمَهُ الْأَلْفُ وَقِسْ عَلَى ذَلِكَ وَأَمَّا الْمُتَقَوِّمُ فَيُضْمَن بِأَقْصَى قِيمَةٍ مِنْ الْغَصْبِ إلَى التَّلَفِ، وَاَللَّه أَعْلَم.

(وَسُئِلَ) عَمَّنْ شَغَلَ بُقْعَةً مِنْ الْمَسْجِدِ بِمَتَاعٍ لَهُ فَهَلْ يَحْرُمُ عَلَيْهِ وَتَلْزَمُهُ أُجْرَةُ الْمِثْلِ؟

(فَأَجَابَ) بِقَوْلِهِ نَقَلَ النَّوَوِيُّ رحمه الله فِي فَتَاوِيهِ عَنْ الْغَزَالِيِّ أَنَّهُ تَلْزَمُهُ أُجْرَة الْبُقْعَة مَا لَمْ يَغْلِقْ بَاب الْمَسْجِدِ وَإِلَّا لَزِمَهُ أُجْرَةُ جَمِيعِهِ ثُمَّ قَالَ وَهَذَا صَحِيحٌ مُعْتَبَرٌ وَتُصْرَفُ الْأُجْرَة فِي مُصَالَح الْمَسْجِد وَظَاهِرُ حُرْمَةِ ذَلِكَ وَإِنْ لَمْ يُضَيِّق عَلَى الْمُصَلِّينَ.

(وَسُئِلَ) - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - بِمَا صُورَتُهُ قَالُوا لَوْ غَصَبَ خَشَبَةً وَأَدْرَجَهَا فِي سَفِينَةٍ لَمْ تُقْلَعْ مِنْهَا فِي اللُّجَّةِ إنْ خَشِيَ تَلَفَ نَفْسٍ أَوْ مَالٍ مُحْتَرَمٍ مَا الْمُرَادُ بِالْمُحْتَرَمِ؟

(فَأَجَابَ) بِقَوْلِهِ الْمُرَاد بِالْمُحْتَرَمِ فِي غَيْر هَذَا الْبَاب مَا حَرُمَ قَتْلُهُ أَوْ إتْلَافُهُ وَيُحْتَمَلُ إلْحَاق هَذَا الْبَابِ بِغَيْرِهِ وَيُحْتَمَلُ خِلَافُهُ وَاَلَّذِي يَتَّجِهُ أَنْ يُقَالَ إنْ خَشِيَ إتْلَافَ نَفْسٍ اشْتَرَطَ

ص: 95

أَنْ لَا تَكُونَ مُحْتَرَمَةً كَحَرْبِيٍّ وَمُرْتَدٍّ وِزَانٍ مُحْصَنٍ وَإِنْ خُشِيَ إتْلَافُ مَالٍ فَإِنْ كَانَ حَيَوَانًا فَهُوَ مُحْتَرَمٌ وَإِنْ كَانَ لِغَيْرِ مُحْتَرَمٍ وَإِنْ كَانَ غَيْرَهُ فَقَدْ صَرَّحُوا بِأَنَّ مَالَ الْحَرْبِيِّ غَيْرُ مُحْتَرَمٍ وَيُحْتَمَلُ إلْحَاق الْمُرْتَدِّ بِهِ لِقَوْلِ بَعْضِهِمْ كَنَفْسِ الْحَرْبِيِّ وَمَالِهِ فَأُتِيَ بِالْكَافِ الدَّالَّةِ غَالِبًا عَلَى عَدَمِ الْحَصْرِ فِي مَدْخُولِهَا وَيُحْتَمَلُ الْفَرْقَ بِأَنَّ مَالَ الْمُرْتَدِّ لِبَيْتِ الْمَالِ إنْ مَاتَ مُرْتَدًّا وَإِلَّا فَهُوَ لَهُ وَأَيْضًا مَنْ اسْتَوْلَى عَلَيْهِ لَا يَمْلِك شَيْئًا مِنْهُ بِخِلَافِ مَالِ الْحَرْبِيِّ وَأَيْضًا فَالْحَرْبِيُّ إذَا مَاتَ عَلَى حِرَابَتِهِ انْتَقَلَ لِوَارِثِهِ الْحَرْبِيِّ وَهُوَ غَيْرُ مَعْصُومٍ بِخِلَافِ الْمُرْتَدِّ فَإِنَّهُ إذَا مَاتَ عَلَى حَالَتِهِ انْتَقَلَ لِلْمُسْلِمِينَ فَلَهُمْ حَقٌّ مُتَأَكِّدٌ فِي مَالِهِ بِخِلَافِ مَالِ الْحَرْبِيِّ.

(وَسُئِلَ) عَمَّنْ خَلَطَ الْمَغْصُوبَ وَصَارَ غَيْرَ مُتَمَيِّزٍ فَهَلْ يَمْلِكُهُ أَوْ لَا؟

(فَأَجَابَ) بِقَوْلِهِ إذَا خَلَطَهُ بِمَا لَا يَتَمَيَّزُ عَنْهُ مَلَكَهُ سَوَاءً أَكَانَ مِنْ جِنْسِهِ أَوْ غَيْرِهِ وَسَوَاءً أَكَانَ مَا خَلَطَهُ بِهِ لَهُ أَوْ لِمَالِكٍ آخَرَ هَذَا هُوَ الْمُعْتَمَد مَذْهَبًا وَلَا يُكَلَّفُ الْمَالِكُ أَنْ يَأْخُذَ مِنْ الْمُخْتَلِطِ بِغَيْرِ جِنْسِهِ مُطْلَقًا بِخِلَافِ الْمُخْتَلِطِ بِجِنْسِهِ فَإِنَّهُ يُجْبَرُ عَلَى أَخْذِ بَعْضِ الْمُخْتَلَطِ بِالْأَجْوَدِ أَوْ الْمِثْلِ لَا الْأَرْدَإِ وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ أَنَّ الْغَاصِبَ يَجُوزُ لَهُ التَّصَرُّفُ بِنَفْسِ الْخَلْطِ سَوَاءٌ أَعْطَى الْمَالِكُ الْبَدَلَ أَوْ لَا وَيُؤَيِّدُهُ قَوْلُهُمْ أَنَّ الْحَقَّ انْتَقَلَ بِالْخَلْطِ إلَى ذِمَّتِهِ لَكِنْ لَوْ قِيلَ إنَّهُ يَحْرُمُ عَلَيْهِ التَّصَرُّف قَبْلَ رَدِّ الْبَدَلِ وَأَنَّهُ لَا يَنْفُذُ مِنْهُ لَمْ يَبْعُدْ قِيَاسًا عَلَى الْوَرَثَةِ حَيْثُ يَحْرُمُ عَلَيْهِمْ التَّصَرُّفُ فِي تَرِكَةِ مُوَرِّثِهِمْ إذَا كَانَ مَدِينًا مَعَ أَنَّهَا مِلْكُهُمْ وَالدَّيْنُ فِي ذِمَّةِ مُورَثِهِمْ وَلَوْ بَعْدَ الْمَوْتِ رِعَايَةً لِصَاحِبِ الدَّيْنِ وَلَا يُقَالُ إنَّ التَّرِكَةَ مَرْهُونَةٌ بِالدَّيْنِ شَرْعًا بِخِلَافِ هَذَا؛ لِأَنَّا نَقُولُ وَالْعَيْنُ الْمُخْتَلِفَةُ بِمَا يُجْبَرُ عَلَى الْقَبُولِ مِنْهَا يَنْبَغِي أَنْ تَكُونَ مَرْهُونَةً بِحَقِّ الْمَالِكِ كَذَلِكَ رِعَايَةً لَحَقِّهِ.

(وَسُئِلَ) هَلْ تَجِبُ إرَاقَةُ الْخَمْرِ الْغَيْرِ الْمُحْتَرَمَةِ وَإِنْ قَصَدَ صَاحِبُهَا التَّخَلُّل وَمَا هِيَ؟

(فَأَجَابَ) بِقَوْلِهِ الْأَوْجَهُ أَنَّهَا الَّتِي عُصِرَتْ بِقَصْدِ الْخَمْرِيَّةِ وَحِينَئِذٍ فَتَجِبُ إرَاقَتُهَا فَوْرًا وَلَا يُجَابُ لِلْحَيْلُولَةِ بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا إلَى التَّخَلُّلِ نَعَمْ إنْ قَصَدَ قَبْل تَخَمُّرهَا اتِّخَاذَهَا لِلْخَلِيَّةِ لَمْ تَجِبْ إرَاقَتُهَا؛ لِأَنَّهُ أَبْطَلَ النِّيَّةَ الْأُولَى بِالنِّيَّةِ الثَّانِيَة.

(وَسُئِلَ) - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - عَنْ قَوْلِ الْإِرْشَادِ وَضَمِنَ آخِذٌ مِنْ غَاصِبٍ لَا بِنِكَاحٍ وَفِي شَرْحِ الْمِنْهَاجِ فِي بَاب الْغَصْب لَوْ زَوَّجَ الْغَاصِبُ الْأَمَةَ الْمَغْصُوبَةَ فَفَاتَتْ مَنَافِعُهَا تَحْتَ يَدِ الزَّوْجِ فَغُرْمهَا رَجَعَ بِهَا عَلَى الْغَاصِبِ وَإِذَا مَاتَتْ عِنْدَهُ وَغَرِمَ قِيمَتَهَا رَجَعَ بِهَا. اهـ.

وَهَذَا يُنَاقِضُ مَا اقْتَضَتْهُ عِبَارَةُ الْإِرْشَادِ مِنْ عَدَمِ الضَّمَانِ فَتَأَمَّلُوا الْجَمْعَ بَيْنَهُمَا بِأَيِّ شَيْءٍ أَثَابَكُمْ اللَّهُ؟

(فَأَجَابَ) بِقَوْلِهِ لَا تَنَافِي بَيْنَ عِبَارَةِ الْإِرْشَادِ.

وَعِبَارَةِ شَرْحِ الْمِنْهَاجِ الْمَذْكُورَةِ بَلْ هُمَا مُتَّحِدَتَانِ مَفَادُهُمَا وَاحِدٌ كَمَا يُفْهِمُهُ قَوْلُ الْإِرْشَادِ عَقِبَ لَا بِنِكَاحٍ وَرَجَعَ إلَخْ إذْ مَعْنَى لَا بِنِكَاحٍ أَنَّ مَنْ تَزَوَّجَ الْمَغْصُوبَةَ مِنْ الْغَاصِبِ جَاهِلًا فَتَلْفِت عِنْدَهُ لَا يُطَالَبُ بِقِيمَتِهَا؛ لِأَنَّ الزَّوْجَةَ مِنْ حَيْثُ هِيَ زَوْجَةٌ لَا تَدْخُلُ تَحْتَ الْيَدِ نَعَمْ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ يَنْبَغِي تَخْصِيصُهُ بِمَا إذَا تَلِفَ بِغَيْرِ الْوِلَادَةِ وَإِلَّا فَيَضْمَنُهَا كَمَا لَوْ أَوْلَدَ أَمَةَ غَيْرِهِ بِشُبْهَةٍ وَمَاتَتْ بِالْوِلَادَةِ فَإِنَّهُ يَضْمَنُهَا كَمَا قَالُوهُ. اهـ.

وَفِيهِ شَيْءٌ بَيَّنْته فِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ وَإِذَا عَلِمَ أَنَّ الْغَاصِبَ لَا يَضْمَنُ قِيمَتَهَا لَوْ تَلِفَ عِنْدَهُ فَلَوْ غَرَّمَهَا لَهُ الْمَالِكُ رَجَعَ بِهَا عَلَى الْغَاصِبِ كَمَا أَفَادَ قَوْلُ الْإِرْشَادِ وَرَجَعَ إلَخْ وَكَذَا مَنَافِعُهَا الْفَائِتَةُ فِي يَد الزَّوْجِ مِنْ غَيْرِ فِعْلِهِ لَا يَضْمَنُهَا لِمَا تَقَرَّرَ أَنَّ الزَّوْجَةَ مِنْ حَيْثُ هِيَ زَوْجَةٌ لَا تَدْخُلُ تَحْتَ الْيَدِ فَإِذَا غَرَّمَهُ الْمَالِكُ إيَّاهَا رَجَعَ بِهَا عَلَى الْغَاصِبِ كَمَا يُفِيدُهُ قَوْلُ الْإِرْشَادِ وَرَجَعَ إلَخْ بِخِلَافِ مَا لَوْ غَرَّمَهُ مَهْرَ وَطْئِهِ أَوْ أُجْرَةَ الْمَنَافِعِ الَّتِي اسْتَخْدَمَهَا فِيهَا فَإِنَّهُ لَا يَرْجِعُ بِهِ؛ لِأَنَّهُ شَرَعَ فِي الْعَقْدِ عَلَى أَنْ يَضْمَنَ الْمَهْرَ وَلِأَنَّ الْغَاصِبَ لَمْ يُسَلِّطْهُ بِالتَّزْوِيجِ عَلَى الِاسْتِخْدَامِ فَظَهَرَ لِمَنْ لَهُ أَدْنَى تَأَمُّلٍ أَنْ لَا تَخَالُفَ بَيْنَ الْعِبَارَتَيْنِ بِوَجْهٍ وَأَنَّ تَوَهُّمَ الْمُخَالَفَةِ بَيْنَهُمَا إنَّمَا نَشَأَتْ عَنْ الْغَفْلَةِ عَنْ مَعْنَى قَوْلِهِ لَا بِنِكَاحٍ وَعَنْ قَوْلِهِ عَقِبَهُ وَرَجَعَ إلَخْ.

(وَسُئِلَ) عَمَّنْ غَصَبَ عَبْدًا يَعْرِفُ صَنْعَةً فَنَسِيَهَا وَقُلْنَا يَغْرَمُ قِيمَةَ هَذَا الْوَصْفِ مِنْ الْمُصَدَّقِ فِي النِّسْيَانِ لَوْ تَذَكَّرَ فَادَّعَى الْغَاصِبُ أَنَّهُ مُتَذَكِّرٌ فَلَا عَلَيْهِ غُرْم وَالْمَالِك أَنَّهُ مُتَعَلِّمٌ فَالْغُرْمُ مِنْ الْمُصَدَّقِ مِنْهُمَا هَذَا عَلَى قَوْلِ الْفَرْقِ بَيْنَ التَّذَكُّرِ وَالتَّعْلِيمِ؟

(فَأَجَابَ) بِقَوْلِهِ الَّذِي دَلَّ عَلَيْهِ كَلَامُهُمْ أَنَّ الْغَاصِبَ هُنَا هُوَ الْمُصَدَّقُ؛ لِأَنَّ الْمَالِك يَدَّعِي عَلَيْهِ

ص: 96

إحْسَانَ قِنِّهِ لِحِرْفَةٍ فَأَتَتْ فِي يَدِهِ فَلَزِمَهُ قِيمَتُهَا وَالْغَاصِبُ يَدَّعِي بَقَاءَ تِلْكَ الْحِرْفَةِ أَوْ عَدَمَهَا مِنْ أَصْلِهَا فَلَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ وَالْأَصْلُ بَرَاءَةُ ذِمَّتِهِ مِمَّا يَدَّعِيهِ عَلَيْهِ الْمَالِكُ حَتَّى يَثْبُتُ مُوجِبُهُ وَأَيْضًا فَإِنْ اتَّفَقَا عَلَى وُجُودِ تِلْكَ الْحِرْفَةِ وَاخْتَلَفَا فِي النِّسْيَانِ فَالْأَصْلُ دَوَامُهُ وَإِنْ لَمْ يَتَّفِقَا عَلَى وُجُودِهَا بِأَنْ اخْتَلَفَا فِيهِ فَالْأَصْلُ عَدَمُهَا وَكُلٌّ مِنْ هَذَيْنِ الْأَصْلَيْنِ مُسَاعِدٌ لِأَصْلِ بَرَاءَةِ ذِمَّةِ الْغَاصِبِ فَقَوِيَ جَانِبُهُ بِاعْتِضَادِ دَعْوَانَا أَصْلُ بَرَاءَةِ الذِّمَّةِ مَعَ أَصْلِ الدَّوَامِ فِي الْأُولَى أَوْ أَصْلُ الْعَدَمِ فِي الثَّانِيَةِ وَمِمَّا يَشْهَدُ لِتَصْدِيقِهِ قَوْلُهُمْ لَوْ اخْتَلَفَا فِي كَوْنِ الْمَغْصُوبِ كَاتِبًا أَوْ مُحْتَرِفًا صُدِّقَ الْغَاصِبُ بِيَمِينِهِ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ بَرَاءَةُ ذِمَّتِهِ وَعَدَمُ مَا ادَّعَاهُ الْمَالِكُ.

وَقَوْلُهُمْ لَوْ رَدَّ الْغَاصِبُ الْمَغْصُوبَ أَعْمَى مَثَلًا وَقَالَ هَكَذَا غَصَبْته وَقَالَ الْمَالِكُ بَلْ حَدَثَ عِنْدَهُ صُدِّقَ الْغَاصِبُ بِيَمِينِهِ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ بَرَاءَةُ ذِمَّتِهِ عَمَّا يَزِيدُ عَلَى تِلْكَ الصِّفَةِ فَتَأَمَّلْ هَذَا كَاَلَّذِي قَبْلَهُ تَجِدْهُ صَرِيحًا فِي تَصْدِيقِ الْغَاصِبِ فِي صُورَةِ السُّؤَالِ وَالْمُعْتَمَدُ الَّذِي صَرَّحَ بِهِ الشَّيْخَانِ وَغَيْرُهُمَا أَنَّ تَعَلُّمَ الصَّنْعَةِ كَتَذَكُّرِهَا وَعَلَى الْفَرْقِ بَيْنَهُمَا الَّذِي ذَكَرَهُ السَّائِلُ فَالْمُصَدَّقُ فِيمَا ذَكَرَهُ الْغَاصِبُ أَيْضًا كَمَا عُلِمَ مِمَّا قَرَّرْته عَلَى الْأَصَحِّ فِي صُورَةِ اخْتِلَافِهِمَا فِي النِّسْيَانِ.

(وَسُئِلَ) عَنْ مَغْصُوبٍ تَحَقَّقَ جَهْلُ مَالِكِهِ هَلْ هُوَ حَرَامٌ مَحْضٌ أَوْ شُبْهَةٌ وَهَلْ يَحِلُّ التَّصَرُّفُ فِيهِ كَاللُّقَطَةِ أَوْ كَغَيْرِهَا؟

(فَأَجَابَ) بِقَوْلِهِ لَا يَحِلُّ التَّصَرُّفُ فِيهِ مَا دَامَ مَالِكُهُ مَرْجُوَّ الْوُجُودِ بَلْ يُوضَعُ عِنْدَ قَاضٍ أَمِينٍ إنْ وُجِدَ وَإِلَّا فَعَالِمٌ كَذَلِكَ فَإِنْ أَيِسَ مِنْ مَعْرِفَةِ مَالِكِهِ صَارَ مِنْ جُمْلَةِ أَمْوَالِ بَيْتِ الْمَالِ كَمَا فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ فَإِنَّهُ قَالَ مَا مُلَخَّصُهُ مَنْ مَعَهُ مَالٌ حَرَامٌ وَأَيِسَ مِنْ مَعْرِفَةِ مَالِكِهِ وَلَيْسَ لَهُ وَارِثٌ فَيَنْبَغِي أَنْ يَصْرِفَهُ فِي الْمُصَالَحِ الْعَامَّةِ كَالْقَنَاطِرِ وَالْمَسَاجِدِ وَإِلَّا فَيَتَصَدَّقُ بِهِ عَلَى فَقِيرٍ أَوْ فُقَرَاءَ.

وَيَتَوَلَّى صَرْفَهُ الْقَاضِي إنْ كَانَ عَفِيفًا وَإِلَّا حَرُمَ التَّسْلِيمُ إلَيْهِ وَضَمِنَهُ الْمُسْلِمُ بَلْ يَنْبَغِي أَنْ يُحَكِّمَ رَجُلًا مِنْ أَهْلِ الْبَلَدِ دَيِّنًا عَالِمًا فَإِنْ فَقَدْ تَوَلَّاهُ بِنَفْسِهِ وَأَخْذُ الْفَقِيرِ لِلْمَدْفُوعِ إلَيْهِ حَلَالٌ طَيِّبٌ وَلَهُ أَنْ يَتَصَدَّقَ بِهِ عَلَى نَفْسِهِ وَعِيَالِهِ إنْ كَانُوا فُقَرَاءَ وَالْوَصْفُ مَوْجُودٌ فِيهِمْ بَلْ هُمْ أَوْلَى مَنْ يَتَصَدَّقُ عَلَيْهِمْ وَلَهُ أَنْ يَأْخُذَ مِنْهُ قَدْرَ حَاجَتِهِ؛ لِأَنَّهُ أَيْضًا فَقِيرٌ كَذَا ذَكَرَهُ الْأَصْحَابُ وَنُقِلَ عَنْ مُعَاوِيَةَ وَأَحْمَدَ وَالْحَارِثِ الْمُحَاسِبِيِّ وَغَيْرِهِمْ مِنْ أَهْل الْوَرَعِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ إتْلَافُ الْمَالِ وَلَا رَمْيُهُ فِي الْبَحْرِ فَلَمْ يَبْقَ إلَّا مَصَالِحَ الْمُسْلِمِينَ. اهـ.

وَقَدْ سَبَقَهُ إلَيْهِ الْغَزَالِيُّ فِي الْإِحْيَاءِ وَغَيْرِهِ هَذَا فِي الْحَرَامِ الْمَحْضِ كَمَا تَقَرَّرَ أَمَّا مَا لَمْ يَتَحَقَّقْ فِيهِ ذَلِكَ فَهُوَ شُبْهَةٌ وَالِاشْتِرَاءُ مِنْهُ مَكْرُوهٌ وَإِنْ غَلَبَ الْحَرَامُ كَمَا فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ وَقَالَ الْغَزَالِيُّ حَرَامٌ قِيلَ وَيُسْتَثْنَى مِنْ الْأَوَّلِ مَا قَالَهُ الشَّيْخُ عِزُّ الدَّيْنِ مِنْ أَنَّهُ لَوْ اخْتَلَطَ ثَوْبٌ مُبَاحٌ بِنَحْوِ أَلْفِ ثَوْبٍ مَغْصُوبٍ فَيَجِبُ الْجَزْمُ بِتَحْرِيمِ الشِّرَاءِ؛ لِأَنَّ الْمُبَاحَ مَغْمُورٌ تَافِهٌ بِالنِّسْبَةِ إلَى الْحَرَامِ وَيُؤَيِّدُهُ قَوْلُهُمْ فِي بَابِ الصَّيْدِ لَوْ اخْتَلَطَ حَمَامٌ مَمْلُوكٌ غَيْرُ مَحْصُورٍ بِحَمَامٍ مُبَاح مَحْصُورٍ حَرُمَ الِاصْطِيَادُ مِنْهُ. اهـ.

وَمَا مَرَّ مِنْ وَضْعِ مَا لَمْ يَيْأَسْ مِنْ مَالِكه فِي يَدِ مَنْ مَرَّ هُوَ قَضِيَّةُ كَلَامِ الْأَصْحَابِ وَصَرَّحَ بِهِ الْأَذْرَعِيُّ وَقَوْلُ ابْنِ الصَّلَاحِ فِي كُتِبَ الْمُسْلِمِينَ الَّتِي بِيَدِ الْفِرِنْجِ هَلْ يَحِلُّ شِرَاؤُهَا أَنَّ اسْتِنْقَاذَهَا حَسَنٌ ثُمَّ لَا يَجُوزُ الْقِرَاءَةُ وَالِانْتِفَاعُ بِهَا حَالًا وَالظَّاهِرُ أَنَّهَا إذَا عَرَّفَهَا سَنَةً جَازَ تَمَلُّكُهَا كَاللُّقَطَةِ مَرْدُودٌ وَمِمَّنْ رَدَّهُ الْأَذْرَعِيُّ فَقَالَ فِي تَوَسُّطِهِ الْأَقْرَبُ أَنَّهُ لَا يَلْحَقُ بِاللُّقَطَةِ بَلْ يَحْفَظُ إلَى الْيَأْسِ مِنْ الْعُثُورِ عَلَى مَالِكِهِ ثُمَّ يَصْنَعُ بِهِ مَا يَصْنَعُ بِالْمَالِ الضَّائِعِ أَيْ يَصْرِفُهُ فِي الْمَصَالِحِ عِنْدَ الْيَأْسِ مِنْ مَعْرِفَةِ مَالِكِهِ.

(وَسُئِلَ) عَنْ أَرْضٍ لَا تُؤَجَّرُ قَطُّ فَمَاذَا يَلْزَمُ غَاصِبَهَا؟

(فَأَجَابَ) بِقَوْلِهِ أَفْتَى بَعْضُهُمْ بِأَنَّهُ تَجِبُ أُجْرَةُ أَقْرَبِ الْأَرَاضِي إلَيْهَا وَهُوَ مُحْتَمَلٌ مُنْقَاسٌ وَيُقَاسُ بِهِ غَيْرُهُ.

(وَسُئِلَ) عَنْ دَارٍ مُشْتَرِكَةٍ بَيْنَ أَخَوَيْنِ فَسَكَنَا فِيهَا وَلَمْ يَسْتَأْجِرْ أَحَدُهُمَا مِنْ الْآخَرِ وَلَا اسْتَعَارَ وَلَا اسْتَبَاحَ لَكِنْ أَحَدُهُمَا وَحْدَهُ وَالْآخَرُ لَهُ عِيَالٌ فَهَلْ لِكُلٍّ الرُّجُوعُ عَلَى الْآخَرِ أَوْ لَا؟

(فَأَجَابَ) بِقَوْلِهِ نَعَمْ لِكُلٍّ مِنْهُمَا مُطَالَبَةُ الْآخَرِ بِأُجْرَةِ سُكْنَاهُ فِي نَصِيبِهِ بِأُجْرَةِ الْمِثْلِ بِقِسْطِهِ عَلَى قَدْرِ السُّكَّانِ.

(وَسُئِلَ) - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - عَمَّا إذَا اخْتَلَطَ الْمَغْصُوبُ أَوْ الْمَنْهُوبُ بِغَيْرِهِ مِنْ الْمَمْلُوكِ اخْتِلَاطَ امْتِزَاجٍ بِحَيْثُ لَا يُمْكِنُ تَمْيِيزُهُ كَزَيْتٍ وَحِنْطَةٍ بَيْضَاءَ بِمِثْلِهَا فَهَلْ

ص: 97

يَمْلِكُهُ الْغَاصِبُ بِمُجَرَّدِ ذَلِكَ وَكَيْفَ يُمْكِنُ الْقَوْلُ بِذَلِكَ مَعَ تَعَدِّيهِ؟

(فَأَجَابَ) بِقَوْلِهِ هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ لَمْ تَزَلْ مَعْرُوفَةً بِالْإِشْكَالِ قَدِيمًا وَحَدِيثًا وَلَكِنَّ الَّذِي صَحَّحَهُ الشَّيْخَانِ أَنَّ الْمَغْصُوبَ كَالْهَالِكِ حَتَّى يَتَمَكَّنَ الْغَاصِبُ مِنْ إعْطَائِهِ قَدْرَ حَقّه مِنْ غَيْرِ الْمُخْتَلِطِ وَلَنَا قَوْلُ أَنَّهُمَا يَشْتَرِكَانِ وَنَصَرَهُ جَمْعٌ فَيَرْجِعُ فِي قَدْرِ حَقِّهِ مِنْ نَفْسِ الْمَخْلُوطِ نَفْسه وَوُجِّهَ بِأَنْ خُلِطَ بِالْمِثْلِ اشْتَرَكَا أَوْ بِالْأَجْوَدِ أَوْ الْأَرْدَإِ فَكَالْهَالِكِ.

وَالْمُعْتَمَدُ أَنَّهُ كَالْهَالِكِ مُطْلَقًا وَانْتَصَرَ جَمَاعَةٌ لِلْقَوْلِ بِالِاشْتِرَاكِ بِالْقِيَاسِ عَلَى مَا لَوْ سَالَتْ صُبْرَةُ أَحَدِهِمَا عَلَى صُبْرَةِ الْآخَرِ وَفَرَّقَ السُّبْكِيّ بِأَنَّهُ لَيْسَ هُنَاكَ تَصَرُّفُ مُكَلَّفٍ بِحَالِ الضَّمَانِ عَلَيْهِ بِخِلَافِهِ هُنَا فَالضَّرُورَةُ هُنَا لَمْ تَدْعُ إلَى الِاشْتِرَاكِ.

وَأَجَابَ صَاحِبُ الذَّخَائِرِ عَنْ أَشْكَالِ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ بِمَا حَاصِلُهُ مَعَ الْإِيضَاحِ أَنَّهُ لَمَّا تَعَذَّرَ وُصُولُ الْمَالِكِ لِعَيْنِ حَقِّهِ بِسَبَبِ خَلْطِ الْغَاصِبِ الْمُقْتَضِي لِضَمَانِهِ جَعَلَ الْمَخْلُوطَ كَالتَّالِفِ وَجَعَلَ شَغْلَ ذِمَّتِهِ بِالْغُرْمِ وَتَمْكِينِ الْمَالِكِ مِنْ أَخْذِهِ حَالًا مُقْتَضِيًا لَمِلْكِ الْغَاصِبِ بِخِلَافِ الْمَغْصُوبِ مِنْهُ إذْ لَمْ يَتَصَرَّفْ فِي مِلْكِ الْغَاصِبِ حَتَّى يَضْمَنَهُ فَيَدْخُلَ فِي مِلْكِهِ بِالتَّعَذُّرِ الْمَذْكُورِ وَتَعَدِّي الْغَاصِبِ لَا يَقْتَضِي جَعْلَ عَيْن مَالِهِ مَمْلُوكًا لِلْمَغْصُوبِ مِنْهُ مَجَّانًا إذْ الظَّالِمُ لَا يَظْلِمُ بَلْ يُنْتَصَفُ مِنْهُ وَالْعَبْدُ الْمَغْصُوبُ إذَا أَبَقَ مَرْجُوُّ الْعَوْدِ فَلَمْ يَتَعَذَّرْ رَدُّهُ بِإِبَاقِهِ فَتَوَجَّهَ فِيهِ ضَمَانُ الْقِيمَةِ لِلْحَيْلُولَةِ بِخِلَافِ مَا نَحْنُ فِيهِ لِتَعَذُّرِ رَدِّهِ مُطْلَقًا فَالْوَاجِبُ فِيهِ يَكُونُ لِلْفَيْصُولَةِ وَقَدْ قَالَ جَمْعٌ وَإِنْ كَانَ الْمُعْتَمَدُ خِلَافَهُ إنْ اخْتَلَطَ تَمْرُ الْبَائِعِ بِتَمْرِ الْمُشْتَرِي يُفْسَخُ الْبَيْعُ لِتَعَذُّرِ التَّسْلِيمِ الْمُسْتَحَقِّ فَإِذَا جَعَلُوا الْمِلْكَ فِي الْمَبِيعِ مُنْتَقِلًا لِلْبَائِعِ بِسَبَبِ تَعَذُّرِ التَّسْلِيمِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ الْخَلْطُ مِنْ فِعْلِهِ فَكَذَلِكَ هُنَا وَعَلَى الرَّاجِحِ لَوْ أَرَادَ الْقِسْمَةَ بِحَسَبِ الْقِيمَتَيْنِ امْتَنَعَ لِلرِّبَا وَرَجَّحَ السُّبْكِيّ قَوْل الشَّرِكَةِ وَفَرَّعَ عَلَيْهِ مَا مَرَّ وَأَطَالَ فِي الِانْتِصَارِ لَهُ وَأَنَّ قَوْلَ الْهَلَاكِ بَاطِلٌ لَكِنْ أَطَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَغَيْرُهُ فِي الرَّدِّ عَلَيْهِ وَأَنَّهُ نَاقَضَ نَفْسَهُ وَكَيْفَ يَكُونُ بَاطِلًا وَهُوَ مَوْجُودٌ فِي الْمَذَاهِبِ الْأَرْبَعَةِ قَالَ بَعْضُهُمْ وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ لَا يَخْلُو قَوْلٌ مِنْ الْأَقْوَالِ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ مِنْ مَحْذُورٍ وَأَنَّ الْقَوْلَ بِالْهَلَاكِ يَنْدَفِعُ مَحْذُورُهُ بِمَا قَالَهُ الزَّرْكَشِيُّ فِي شَرْحِ الْمِنْهَاجِ وَابْنُ الْمُقْرِي فِي تَمْشِيَتِهِ مِنْ أَنَّا وَإِنْ قُلْنَا بِمِلْكِ الْغَاصِبِ ذَلِكَ فَإِنَّهُ يُمْنَعُ مِنْ التَّصَرُّفِ فِيهِ حَتَّى يُعْطِيَ الْمَغْصُوبَ مِنْهُ مَا وَجَبَ لَهُ؛ لِأَنَّ لَهُ حَقُّ الْحَبْسِ فِيمَا مَلَّكَهُ إيَّاهُ بِعِوَضٍ وَرَضِيَ فَكَيْفَ إذَا مَلَّكَهُ بِغَيْرِ رِضَاهُ قِيلَ وَهُوَ حَسَنٌ وَإِنْ كَانَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْأَصْحَابِ خِلَافَهُ وَيَظْهَرُ أَنَّ مَحَلَّهُ إذَا كَانَ مُوسِرًا قَالَ السُّبْكِيّ وَقَدْ يُتَوَهَّمُ مِنْ فَرْضِ الْمَسْأَلَةِ فِي الزَّيْتِ وَالْحِنْطَةِ اخْتِصَاصَهَا بِالْمِثْلِيِّ وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ خَلْطُ الْمُتَقَوِّم كَذَلِكَ ثُمَّ حَكَى عَنْ ابْنِ الصَّبَّاغِ وَغَيْرِهِ أَنَّهُمْ جَزَمُوا بِأَنَّ قَوْلَ الْهَلَاكِ لَا يَأْتِي فِي خَلْطِ الدَّرَاهِمِ بِمِثْلِهَا وَوَجَّهَهُ بِأَنَّ كُلَّ دِرْهَمٍ مُتَمَيِّزٌ فِي نَفْسِهِ وَإِنْ لَمْ يَتَمَيَّزْ لَنَا وَلَيْسَ كَالزَّيْتِ فَإِنَّهُ يَحْصُلُ لَهُ بِالِاخْتِلَاطِ حَقِيقَةٌ أُخْرَى وَرُدَّ بِأَنَّ مَا ذُكِرَ لَا يَأْتِي فِي خَلْطِ الْقَمْحِ بِمِثْلِهِ لِتَمَيُّزِ كُلِّ حَبَّةٍ فِي نَفْسِهَا وَمُقْتَضَى كَلَامِ الشَّيْخَيْنِ أَنَّ الدَّرَاهِمَ كَالْحِنْطَةِ فِيمَا مَرَّ فَيَأْتِي فِيهَا مَا تَقَدَّمَ أَيْضًا مِنْ كَلَامِ الزَّرْكَشِيّ وَابْنِ الْمُقْرِي وَلَوْ غَصَبَ مِنْ اثْنَيْنِ زَيْتًا ثُمَّ خَلَطَهُ قَالَ السِّرَاجُ الْبُلْقِينِيُّ فَالْمَعْرُوفُ عِنْدَ الشَّافِعِيَّة أَنَّ الْغَاصِبَ لَا يَمْلِكُ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ وَلَا يَكُونُ كَالْهَالِكِ لَكِنْ حَكَى صَاحِب الْبَحْر وَجْهَيْنِ فِيمَا إذَا غَصَبَ دَرَاهِمَ مِنْ اثْنَيْنِ وَخَلَطَهَا أَحَدُهُمَا تُقْسَمُ بَيْنَهُمَا وَالثَّانِي يَتَخَيَّرَانِ بَيْنَ الْقِسْمَةَ وَالْمُطَالَبَةَ بِالْمِثْلِ. اهـ.

وَفِي فَتَاوَى النَّوَوِيِّ رحمه الله وَرَضِيَ عَنْهُ إذَا أَخَذَ الْمَكَّاسُ مِنْ إنْسَانٍ دَرَاهِمَ فَخَلَطَهَا بِدَرَاهِمِ الْمَكْس ثُمَّ رَدَّ عَلَيْهِ قَدْرَ دَرَاهِمِهِ مِنْ ذَلِكَ الْمُخْتَلِطِ لَا يَحِلُّ لَهُ إلَّا أَنْ يَقْسِمَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الَّذِي أُخِذَتْ مِنْهُ وَهُوَ يُرَجِّحُ الْوَجْهَ الْأَوَّل مِنْ وَجْهَيْ الْبَحْرِ وَرَجَّحَ الشَّيْخَانِ أَيْضًا أَنَّهُ لَوْ حَدَثَ فِي الْمَغْصُوبِ مَا يَسْرِي لِلتَّلَفِ كَبَلِّ الْحِنْطَةِ وَتَعَفُّنِهَا وَجَعْلِهَا هَرِيسَةً وَغَصْبِ تَمْرٍ وَدَقِيقٍ وَسَمْنٍ وَجَعْلِهِ عَصِيدَةً فَهُوَ كَالْهَالِكِ وَيَغْرَمُ بَدَلَ كُلِّ مَغْصُوبٍ مِمَّا ذُكِرَ مِنْ مِثْلٍ أَوْ قِيمَةٍ وَقِيلَ يَرُدُّهُ مَعَ أَرْشِ النَّقْصِ وَقِيلَ يَتَخَيَّرُ الْمَالِكُ بَيْنَ مُوجِبِ الْقَوْلَيْنِ وَاسْتَحْسَنَهُ فِي الشَّرْحِ الصَّغِيرِ وَاخْتَارَهُ السُّبْكِيّ وَقِيلَ يَتَخَيَّرُ الْغَاصِبُ بَيْنَ إمْسَاكِهِ وَغُرْم بَدَلِهِ وَرَدِّهِ مَعَ أَرْشِ النَّقْصِ وَعَلَى الْأَوَّلِ فَهَلْ

ص: 98

الْمَغْصُوبُ لِمَالِكِهِ أَوْ لِلْغَاصِبِ فِيهِ وَجْهَانِ وَجْهُ الْأَوَّلِ الْقِيَاسُ عَلَى مَا لَوْ قَتَلَ شَاةً فَإِنَّ الْمَالِكَ يَكُونُ أَحَقَّ بِجِلْدِهَا مَعَ قِيمَتِهَا وَوَجْهُ الثَّانِي أَنَّ الْغَاصِبَ غَرِمَ لَهُ مَا يَقُومُ مَقَامَ التَّالِفِ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ فَالْأَوَّلُ لَا وَجْهَ لَهُ كَمَا قَالَهُ الْمُتَوَلِّي وَمِنْ ثَمَّ صَحَّحَ الثَّانِي وَقَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ إنَّهُ مُقْتَضَى كَلَامِ الْإِمَامِ فَإِنَّهُ اسْتَبْعَدَ مُقَابِلِهِ وَفَارَقَ مَسْأَلَةَ الشَّاةِ بِبَقَاءِ الْمَالِيَّةِ هُنَا وَقَوْلُ الزَّرْكَشِيُّ النَّظَائِرُ تَقْتَضِي تَرْجِيحَ الْأَوَّلِ فِيهِ نَظَرٌ وَلَا فَرْقَ عَلَى الثَّانِي بَيْنَ أَنْ يَكُونَ لِلْحِنْطَةِ وَالْهَرِيسَةِ مَالِيَّةٌ أَمْ لَا وَعَلَى الثَّانِي فَهَلْ يَأْتِي هُنَا مَا مَرَّ مِنْ أَنَّهُ لَا يَحِلُّ لِلْغَاصِبِ التَّصَرُّفُ حَتَّى يَغْرَم الْبَدَلَ أَوْ يُفَرَّقَ بِأَنَّ مَنْعَهُ هُنَا يُؤَدِّي إلَى إتْلَافِ مَالٍ بِخِلَافِهِ ثُمَّ فَإِنَّ التَّأْخِيرَ لَيْسَ فِيهِ إتْلَافٌ لَهُ مَحَلُّ نَظَرٍ وَالثَّانِي مُنْقَدِحٌ إنْ لَمْ يَجِدْ قَاضِيًا يَقُومُ مَقَامَ الْمَالِكِ أَوْ كَانَ مُعْسِرًا كَمَا مَرَّ وَلَوْ غَصَبَ خَشَبًا وَأَحْرَقَهُ فَالرَّمَادُ كَالْهَرِيسَةِ فِيمَا مَرَّ، وَاَللَّه أَعْلَم.

(سُؤَال) وَسُئِلَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - بِمَا لَفْظُهُ الْحَمْد لِلَّهِ وَحْدَهُ أَسْأَل اللَّه الْكَرِيم رَبَّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ أَنْ يَمُنَّ وَيَتَفَضَّلَ عَلَيْنَا وَعَلَى الْمُسْلِمِينَ بِطُولِ حَيَاة سَيِّدنَا وَمَوْلَانَا وَعُمْدَتِنَا وَعُدَّتِنَا وَمَلَاذِنَا وَسَيِّدِنَا وَبَرَكَتِنَا وَشَيْخِنَا وَأُسْتَاذِنَا شَيْخِ مَشَايِخِ الْإِسْلَامِ عُمْدَةِ الْأَنَامِ مَنْ إلَيْهِ الْمَرْجِعُ وَعَلَيْهِ الْمُعَوَّلُ شِهَابِ الدَّيْنِ أَحْمَدَ بْنِ حَجَرٍ حَفِظَهُ اللَّهُ وَأَطَالَ بَقَاءَهُ لَنَا وَلِلْمُسْلِمِينَ وَبَعْدُ فَتَفَضَّلُوا بِوَضْعِ جَوَابِكُمْ الشَّافِي الْوَافِي لَا زِلْتُمْ أَهْلًا وَمَلَاذًا لِحَلِّ الْمُشْكِلَاتِ وَرَفْعِ الْمُعْضِلَاتِ عَلَى إشْكَالٍ فِي مَسْأَلَةٍ ذَكَرَهَا فِي الْعُبَابِ فِي الْغَصْبِ فِي فَرْعٍ.

كَمَا أَنَّ ذَلِكَ غَيْرُ خَافٍ عَلَى شَيْخِنَا حَيْثُ قَالَ فَرْعٌ لَوْ غَصَبَ حِنْطَةً قِيمَتُهَا خَمْسُونَ فَطَحَنَهَا فَعَادَتْ عِشْرِينَ فَخَبَزَهَا فَبَلَغَتْ خَمْسِينَ ثُمَّ تَلِفَتْ ضَمِنَ ثَمَانِينَ بِسَبَبِ نَقْصِ الطَّحْنِ وَلَا عِبْرَةَ بِزِيَادَةِ قِيمَةِ الْخُبْزِ كَأَنْ نَسِيَ الْعَبْدُ الْحِرْفَةَ وَتَعَلَّمَ أُخْرَى. اهـ.

مَا فِي الْعُبَابِ وَنُقِلَ هَذَا فِي التَّجْرِيدِ عَنْ الْقَاضِي حُسَيْنٍ وَكَذَلِكَ فِي أَدَبِ الْقَضَاءِ لِلْغَزِّيِّ وَتَبِعَهُ الشَّيْخُ زَكَرِيَّا فِي مُخْتَصَرِهِ وَنَقَلَهَا فِي الْجَوَاهِرِ وَكَذَلِكَ مُوسَى بْنُ الزَّيْنِ فِي كَوْكَبِهِ وَكُلُّهُمْ سَاكِتُونَ عَنْهَا مَعَ أَنَّهَا مُشْكَلَةٌ عَلَى الْقَاعِدَةِ فِي أَنَّ الْمِثْلِيَّ إذَا تَغَيَّرَ مِنْ حَالَةٍ إلَى أُخْرَى ضَمِنَهُ الْغَاصِبُ بِالْأَغْبَطِ مِنْهُمَا فَفِي التَّمْشِيَة وَالْأَنْوَار أَنَّهُ إذَا غَصَبَ حِنْطَةً وَطَحَنَهَا ثُمَّ خَبَزَهَا فَلِلْمَالِكِ الْأَغْبَطُ فَإِنْ قُلْت فِي تَصْوِيرِ الْعُبَابِ زِيَادَةٌ وَهِيَ نُقْصَانُ الْقِيمَةِ ثُمَّ عَوْدُهَا قُلْنَا الْقَاعِدَةُ أَنَّ الْمِثْلِيَّ لَا يَتَغَيَّرُ ضَمَانُهُ بِنَقْصِ الْقِيمَةِ اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يُقَالَ هَذَا إنْ لَمْ يَصِرْ مُتَقَوِّمًا كَمَا فِي الْعُبَابِ أَوْ يُقَالُ إنَّ الْفَرْع الَّذِي فِي الْعُبَابِ مَعْرُوفٌ لِلْقَاضِي الْحُسَيْنِ وَقَدْ عُرِفَ مِنْ الرَّوْضَةِ أَنَّ طَرِيقَةَ الْقَاضِي أَنَّ الْمِثْلِيَّ يُضْمَنُ بِالْقِيمَةِ الْجَوَاب لَا عَدِمَكُمْ الْمُسْلِمُونَ وَلَا أَخْلَى الْوُجُودَ مِنْكُمْ وَهَدَى بِكُمْ كُلَّ ضَالٍّ آمِينَ سُؤَال آخَرُ) ذَكَر فِي الْإِرْشَادِ تَبَعًا لِلشَّيْخَيْنِ أَنَّ زَوْجَ الْمَغْصُوبَة إذَا كَانَ جَاهِلًا وَتَلِفَتْ عِنْدَهُ لَا يَضْمَنُ لَا طَرِيقًا وَلَا قَرَارًا وَصَرَّحَ بِهِ فِي الرَّوْضِ وَأَقَرَّهُ عَلَيْهِ الشَّيْخُ زَكَرِيَّا فِي شَرْحِهِ عَلَيْهِ وَكَذَلِكَ فِي الْعُبَابِ كُلُّ ذَلِكَ فِي أَوَّلِ الْبَابِ وَفِي آخِرِهِ ذَكَرَ فِي الرَّوْضَةِ إذَا غَرِمَ قِيمَتَهَا يَرْجِعُ بِهَا عَلَى الْغَاصِبِ وَكَذَا أُجْرَةُ الْمُدَّةِ الَّتِي لَمْ يَسْتَخْدِمْهَا فِيهَا وَجَرَيَا فِي الرَّوْضَةِ وَالْعُبَابِ عَلَى الْأُجْرَةِ وَسَكَتَا عَنْ الْقِيمَةِ وَلَمْ يَظْهَرْ بَيْنَهُمَا فَرْقٌ وَاَلَّذِي فِي آخِرِ الْبَابِ يُشْكِلُ عَلَى الَّذِي فِي أَوَّلِهِ فَمَا الظَّاهِرُ مَا ذُكِرَ أَوَّلًا أَوْ آخِرًا أَوْ كُلٌّ مِنْهُمَا مُقَرَّرٌ وَعَلَيْهِ فَمَا الْفَرْقُ (الْجَوَاب) مَا فِي الْعُبَاب هُوَ الْمَنْقُولُ الْمُعْتَمَدُ وَلَا يُخَالِفُ مَا ذَكَرُوهُ فِي الْمِثْلِيّ؛ لِأَنَّ هَذَا مِنْ صُوَرِ مَا إذَا صَارَ الْمِثْلِيُّ مُتَقَوِّمًا؛ لِأَنَّ الْعِبْرَةَ فِي ذَلِكَ بِالْآخَرِ وَهُوَ بِاعْتِبَارِهِ كَذَلِكَ وَحِينَئِذٍ فَلَا نَظَرَ لِكَوْنِهِ صَارَ مِثْلِيًّا ثُمَّ مُتَقَوِّمًا وَقَدْ صَرَّحُوا فِي هَذَا الْقِسْمِ بِأَنَّهُ يَجِبُ الْمِثْلُ إلَّا أَنْ يَكُونَ الْمُتَقَوِّمُ أَكْثَرَ قِيمَةً فَتَجِبُ قِيمَتُهُ فَعُلِمَ وُجُوبُ الثَّمَانِينَ هُنَا؛ لِأَنَّهَا الْأَغْبَطُ وَإِنْ اخْتَلَفَ سَبَبُ وُجُوبِهَا أَمَّا الْخَمْسُونَ فَلِأَنَّهَا الْقِيمَةُ حِينَ التَّلَفِ وَأَمَّا الثَّلَاثُونَ فَلِأَنَّهَا أَرْشُ جِنَايَتِهِ عَلَى الْمَغْصُوبِ بِطَحْنِهِ الَّذِي نَقَصَتْ بِهِ قِيمَتُهُ وَقَاعِدَةُ الْبَابِ أَنَّ مَا ضَمِنَهُ بِجِنَايَتِهِ لَا يَعُودُ بِفِعْلِهِ فِيهِ مَا سَاوَى قِيمَةَ أَرْشِ تِلْكَ الْجِنَايَةِ وَمِنْ ثَمَّ شَبَّهَ الْقَاضِي هَذِهِ بِمَا إذَا غَصَبَ عَبْدًا يَعْرِف حِرْفَةً تَزِيدُ بِهَا قِيمَتُهُ فَنَسِيَهَا عِنْده فَإِنَّهُ يَضْمَن أَرْش نَقْصِهَا وَإِنْ عَلَّمَهُ حِرْفَةً أُخْرَى تُسَاوِيهَا أَوْ تَزِيدُ عَلَيْهَا؛ لِأَنَّ فِعْلَهُ فِي الْمَغْصُوبِ وَلَوْ بِمَا يَزِيدُ فِيهِ غَيْرُ

ص: 99

مُحْتَرَمٍ فَلَا يُقَابَلُ بِمَالٍ وَمِنْ ثَمَّ قَالَ فِي أَصْلِ الرَّوْضَة لَوْ نَسِيَ صَنْعَةً وَتَعَلَّمَ أُخْرَى أَوْ أَبْطَلَ صَنْعَةَ الْحُلِيّ وَأَحْدَثَ أُخْرَى فَلَا انْجِبَارَ بِحَالٍ وَعَلَى هَذَا لَوْ تَكَرَّرَ النَّقْصُ وَكَانَ النَّاقِصُ فِي كُلِّ مَرَّة مُغَايِرًا لِلنَّاقِصِ فِي الْمَرَّةِ الْأُخْرَى ضَمِنَ الْجَمِيعَ حَتَّى لَوْ غَصَبَ جَارِيَةً قِيمَتُهَا مِائَةٌ فَسَمِنَتْ وَبَلَغَتْ أَلْفًا وَتَعَلَّمَتْ صَنْعَةً فَبَلَغَتْ أَلْفَيْنِ ثُمَّ هَزِلَتْ وَنَسِيَتْ الصَّنْعَة وَعَادَتْ قِيمَتُهَا مِائَةً يَرُدَّهَا وَيَغْرَم أَلْفًا وَتِسْعَمِائَةٍ اهـ وَبِهِ كَاَلَّذِي قَبْله يَعْلَمُ أَنَّ مَحَلَّ قَوْلِهِمْ الْمِثْلِيُّ لَا يَتَغَيَّرُ ضَمَانُهُ بِنَقْصِ الْقِيمَةِ حَيْثُ كَانَ النَّقْص لِمُجَرَّدِ الرُّخْصِ أَمَّا إذَا كَانَ مِنْ فِعْلِهِ فَضَمِنَهُ وَإِنْ انْجَبَرَ وَزَادَ مِنْ فِعْلِهِ أَوْ غَيْرِ فِعْلِهِ كَمَا تَقَرَّرَ وَبِهَذَا يُجَابُ عَنْ قَوْلِ السَّائِلِ نَفَعَ اللَّهُ بِعُلُومِهِ فَإِنْ قُلْت إلَخْ وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ إطْلَاقَ نَقْصِ الْقِيمَةِ فِي إشْكَالِهِ وَجَوَابِهِ غَيْرُ مُعَوَّلٍ عَلَيْهِ وَإِنَّمَا النَّقْصُ الَّذِي يُضْمَنُ مَا كَانَ عَنْ فِعْلِهِ عَادَ أَمْ لَا بَلْ وَكَذَا إنْ لَمْ يَكُنْ عَنْ فِعْلِهِ لِمَا تَقَرَّرَ فِي النِّسْيَانِ عِنْدَهُ وَاَلَّذِي لَا يُضْمَنُ هُوَ مَا كَانَ عَنْ الرُّخْصِ فَقَطْ وَرَدَّ الْعَيْنَ كَمَا هِيَ وَحِينَئِذٍ فَالْجَوَابُ لَا يُلَاقِي السُّؤَالَ؛ لِأَنَّ النَّقْصَ الَّذِي فِي عِبَارَةِ الْعُبَابِ مِمَّا يُضْمَنُ وَحِينَئِذٍ فَقَوْلُ السَّائِلِ ثُمَّ عَوْدُهَا يُوهِمُ ارْتِفَاعَ هَذَا النَّقْصِ بِعَوْدِ الْقِيمَةِ لِلْخَمْسِينَ وَلَيْسَ كَذَلِكَ لِمَا تَقَرَّرَ مِنْ وُجُوبِ الثَّلَاثِينَ مُطْلَقًا وَمِنْ وُجُوب قِيمَةِ الصَّنْعَةِ الْفَائِتَة وَإِنْ خَلَّفَتْهَا صَنْعَة أُخْرَى أَزْيَدُ قِيمَةً مِنْهَا وَالنَّقْصُ الَّذِي فِي جَوَابِهِ وَهُوَ قَوْلُهُ لَا يَتَغَيَّرُ ضَمَانُهُ بِنَقْصِ الْقِيمَةِ مِمَّا لَا يُضْمَنُ كَمَا هُوَ وَاضِحٌ مِمَّا قَرَّرْته فَلْيُتَأَمَّلْ وَقَوْلُهُ اللَّهُمَّ إلَخْ جَوَابُهُ أَنَّ صَيْرُورَتَهُ مُتَقَوِّمًا لَا دَخْلَ لَهَا فِي وُجُوبِ أَرْشِ النَّقْصِ الَّذِي يُضْمَنُ لِمَا تَقَرَّرَ مِنْ وُجُوبِهِ وَإِنْ عَادَ مَا يَجْبُرُهُ وَرَدُّ الْمُتَقَوِّمِ كَالْعَبْدِ بِهِ لِإِلْغَاءِ فِعْلِ الْغَاصِبِ وَالزِّيَادَة فِي يَدِهِ فَلَمْ يَتَجَبَّرْ بِهِمَا نَقْصٌ ضَمِنَهُ وَقَوْلُهُ أَوْ يُقَالُ إنَّ الْفَرْعَ إلَخْ جَوَابُهُ إنَّ كَلَامَ الْقَاضِي فِي هَذَا الْفَرْعِ مَاشٍ عَلَى كَلَامِ الْأَصْحَابِ فَلَا يُؤَثِّرُ فِيهِ أَنَّ لَهُ رَأْيًا يُخَالِفُ كَلَامَهُمْ فِي الْمِثْلِيِّ عَلَى أَنَّهُ لَا يُخَالِفُهُ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ كَمَا سَتَعْلَمُهُ نَعَمْ يُشْكِلُ عَلَى كَلَامِهِ أَنَّ مُقْتَضَى كَلَامِهِمْ فِي الْمِثْلِيِّ أَنَّهُ فِي صُورَةِ الْقَاضِي يَرُدُّ مِثْلَ الْحِنْطَةِ وَالثَّلَاثِينَ الَّتِي هِيَ أَرْشُ جِنَايَتِهِ أَمَّا الْأَوَّلُ فَلِأَنَّهُمْ فِي صُورَةِ مَا إذَا صَارَ الْمِثْلِيُّ مُتَقَوِّمًا أَوْجَبُوا الْمِثْلَ حَيْثُ لَمْ يَكُنْ الْمُتَقَوِّمُ أَغْبَطَ وَهُنَا لَيْسَ الْخَبَرُ أَغْبَطَ مِنْ الْحِنْطَةِ؛ لِأَنَّ قِيمَتَهَا خَمْسُونَ وَقِيمَتُهُ خَمْسُونَ فَهُمَا مُتَسَاوِيَانِ فَلَا أَغْبَط وَحَيْثُ لَا أَغْبَط تَعَيَّنَ الْمِثْلُ فَإِيجَابُ الْقَاضِي الْقِيمَة وَهِيَ خَمْسُونَ مُخَالِفٌ لِكَلَامِهِمْ وَأَمَّا الثَّلَاثُونَ فَلِأَنَّهَا أَرْشُ جِنَايَتِهِ فَلْتَجِبْ وَإِنْ رَدَّ الْمِثْلَ فَإِنْ قُلْت فِي الرَّوْضَة عَنْ الْقَاضِي فِيمَا إذَا غَصَبَ حِنْطَةً ثُمَّ طَحَنَهَا ثُمَّ جَعَلَهَا خُبْزًا وَأَتْلَفَهُ وَقُلْنَا لَا مِثْلَ لِلدَّقِيقِ أَنَّهُ يَغْرَمُ أَكْثَرَ الْقِيَمِ وَلَا يُطَالَبُ بِالْمِثْلِ أَيْ؛ لِأَنَّهُ تَلِفَ وَهُوَ مُتَقَوِّمٌ كَمَا عَلَّلَهُ بِهِ بَعْضُهُمْ وَكَلَامُهُ السَّابِقُ إنَّمَا يَأْتِي عَلَى هَذَا لِأَنَّهُ لَمَّا تَلِفَ وَهُوَ مُتَقَوِّمٌ وَجَبَتْ الْخَمْسُونَ مَعَ الثَّلَاثِينَ وَكَلَامُهُ هَذَا ضَعِيفٌ فَكَيْفَ سَكَتُوا عَلَيْهِ قُلْت لَيْسَ كَلَامُهُ هَذَا ضَعِيفًا مِنْ كُلِّ وَجْهٍ بَلْ هُوَ مُوَافِقٌ لِقَوْلِهِمْ لَوْ صَارَ الْمِثْلِيُّ مُتَقَوِّمًا وَجَبَ الْمِثْلُ إلَّا أَنْ يَكُونَ الْمُتَقَوِّم أَكْثَرَ قِيمَةً إلَّا فِي صُورَةِ مَا لَوْ كَانَتْ قِيمَةُ الْحِنْطَةِ فِي صُورَةِ الرَّوْضَةِ أَكْثَرَ فَعِنْدَ الْقَاضِي تَجِبُ قِيمَتُهَا وَعَلَى الْأَصَحِّ يَجِبُ مِثْلُهَا وَلَيْسَتْ هَذِهِ الصُّورَةُ نَظِيرَةً لِصُورَتِنَا فَلَا يَضُرُّنَا ضَعْفُ كَلَامِهِ فِيهَا وَمَا لَوْ سَاوَتْ قِيمَتُهَا قِيمَةَ الْخُبْزِ فَعَلَى الْأَصَحِّ يَجِبُ مِثْلُ الْحِنْطَةِ وَقَضِيَّةُ كَلَامِ الْقَاضِي وُجُوبُ الْقِيمَةِ نَظَرًا لِلتَّعْلِيلِ السَّابِقِ وَهُوَ كَوْنُهُ يَنْظُرُ إلَى حَالِهِ وَقْتَ تَلَفِهِ أَيْ فِيمَا إذَا سَاوَتْ الْقِيمَةَ أَوْ زَادَتْ قِيمَتُهُ مُتَقَوِّمًا وَكَذَا لَوْ زَادَتْ مِثْلِيًّا وَيُوَجَّهُ اعْتِبَارُهُ الْقِيمَةَ فِي هَذِهِ بِيَوْمِ التَّلَفِ بِأَنَّهُ يَعْتَبِرُهُ فِيهَا بِالنِّسْبَةِ لِأَصْلِ وُجُوبِ الْقِيمَةِ وَإِذَا اُعْتُبِرَتْ الْقِيمَةُ وَجَبَ النَّظَرُ لِأَكْثَرِ أَحْوَالهَا وَإِذَا تَقَرَّرَ هَذَا فَكَلَامُ الْقَاضِي فِي فَرْعِ الْجَوَاهِرِ وَغَيْرِهَا إنَّمَا يُوَافِقُ رَأْيَهُ فِي صُورَةِ الرَّوْضَةِ وَلَك أَنْ تَقُولَ يُمْكِنُ تَخْرِيجُهُ عَلَى الْأَصَحّ أَيْضًا كَمَا أَشَرْت إلَيْهِ بِقَوْلِي أَوَّلًا؛ لِأَنَّهَا الْأَغْبَطُ وَإِنْ اخْتَلَفَ سَبَبُ وُجُوبِهَا وَإِيضَاحُهُ أَنَّ الثَّلَاثِينَ لَمَّا كَانَتْ مُقَابِلَةً لِنَقْصِ أَجْزَاءِ الْعَيْنِ وَجَبَ ضَمُّهَا إلَيْهَا فَصَارَتْ مُسَاوِيَة لِثَمَانِينَ لَا لِخَمْسِينَ وَالثَّمَانُونَ أَغْبَطُ مِنْ قِيمَةِ الْحِنْطَة فَوَجَبَتْ حَتَّى عَلَى الْأَصَحِّ وَحِينَئِذٍ يُؤْخَذُ مِنْ هَذَا تَقْيِيدُ قَوْلِهِمْ حَيْثُ لَا أَغْبَطَ فِي صُورَةٍ إذَا صَارَ الْمِثْلِيُّ مُتَقَوِّمًا يَجِبُ الْمِثْلُ مَا لَمْ يَكُنْ

ص: 100