الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
باب السلام للتحلل من الصلاة
اعلم أن السلام للتحلل من الصلاة ركن من أركان الصلاة وفرض من فروضها لا تصح
إلا به، هذا مذهب الشافعي، ومالك، وأحمد، وجماهير السلف والخلف، والأحاديث الصحيحة المشهورة مصرَّحة بذلك.
ــ
ما يرد ذلك وينبغي أن يجتهد في الدعاء في صلاة الصبح لقوله صلى الله عليه وسلم سلوا الله حوائجكم في صلاة الصبح رواه أبو يعلى في مسنده.
باب السلام للتحلل من الصلاة
قيل معنى السلام عليكم التعويذ بالله والتخصيص به سبحانه فإن السلام من أسمائه وتقديره الله حفيظ عليكم وقيل معناه السلامة والنجاة لك فيكون مصدرًا كاللداد واللداذة كما قال تعالى {فَسَلَامٌ لَكَ مِنْ أَصْحَابِ الْيَمِينِ} [الواقعة: 91] أي سلامة لكل يا محمد فلا تهتم فإنهم سلموا من عذاب الله وأنت ترى فيهم ما تحب من السلام. قوله: (أعلم أَن السَّلامَ الخ) من الأحاديث حديث عامر بن سعد عن أبيه قال كنت أرى رسول الله صلى الله عليه وسلم يسلم عن يمينه وعن يساره حتى أرى بياض خديه وحديث ابن مسعود كان صلى الله عليه وسلم يسلم عن يمينه السلام عليكم ورحمة الله حتى يرى بياض خده الأيمن وعن يساره
السلام عليكم ورحمة الله حتى يرى بياض خده الأيسر ومن هذا مع قوله صلى الله عليه وسلم صلوا كما رأيتموني أصلي وخبر مسلم تحريمها التكبير وتحليلها التسليم أخذ الشافعي وأكثر العلماء أن السلام ركن من أركان الصلاة لا تصح إلّا به كذا في شرح المشكاة لابن حجر والمعروف في حديث تحريمها التكبير الخ. وهو من حديث علي رضي الله عنه أنه رواه أبو داود والترمذي والشافعي وغيرهم بإسناد صحيح ورواه الحاكم على شرط مسلم ولم يذكروا فيمن خرجه مسلم ولعله سبق القلم من الشيخ المذكور في عزوه لمسلم والله أعلم، وأما قول ابن مسعود أنه صلى الله عليه وسلم لما علمه التشهد قال له إذا قلت هذا فقد قضيت صلاتك إن شئت أن تقوم فقم وإن شئت أن تقعد فاقعد
واعلم أن الأكمل في السلام أن يقول عن يمينه: "السلامُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ الله" وعَنْ يَسارِهِ: "السلامُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللهِ"، ولا يستحبُّ أن يقول معه: وبركاته، لأنه خلاف المشهور عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وإن كان
ــ
رواه أبو داود فابن مسعود هو القائل إن شئت الخ، باتفاق الحفاظ وإن سلم أنه من الحديث فمعنى قضيت قاربت أو قضيت معظمها وأما خبر إذا رفع الإمام رأسه من آخر ركعة وقعد ثم أحدث قبل أن يتكلم فقد تمت صلاته فضعيف وإن صح حمل على ما بعد التسليمة الأولى جمعًا بينه وبين خبر وتحليلها التسليم السابق وأما خبر عمرو بن العاص إذا أحدث وقد قعد في آخر صلاته قبل أن يسلم فقد جازت صلاته رواه أبو داود والترمذي والبيهقي فقد اتفق الحفاظ على ضعفه لأنه مضطرب أو منقطع ومن رواية عبد الرحمن بن زياد الأفريقي وهو ضعيف بالاتفاق كذا في الخلاصة للمصنف وخبر على موقوفًا عليه إذا جلس قدر التشهد ثم أحدث فقد تمت صلاته فقد اتفقوا على ضعفه كما في الخلاصة.
والمعنى في السلام أنه كان مشغولًا عن الناس ثم أقبل عليهم. قوله: (والأَكْملَ أَنْ يقولَ الخ) يبدأ بالسلام فيهما مستقبل القبلة بوجهه ندبًا وبصدره وجوبًا في الأولى وندبًا في الثانية وينهي السلام مع تمام الالتفات بوجهه حتى يرى خده الذي يلي جهة التفاته لا خداه خلافًا لمن زعم أنه كلام الشافعي وذلك للاتباع ويسن أن يدرج سلامه ليتم بتمام التفاته للخبر الصحيح حذف السلام سنة وقد يجب الاقتصار على تسليمة واحدة كأن أحدث أو خرج وقت الجمعة أو انقضت مدة مسح الخف بعد التسليمة الأولى مع تمام الالتفات. قوله: (ورحْمةُ الله) قال في شرح المشكاة يؤخذ من خبر ابن مسعود زيادة ورحمة الله. قوله: (ولا يتُسْحَبُّ أَنْ يَقولَ مَعهُ وبَركاتُهُ) قال في شرح المشكاة هذا هو الصحيح بل الصواب عند الشافعي وأصحابه إلَّا طائفة منهم استحبوا وبركاته أيضًا، ورد عليهم ابن الصلاح بأن ما قالوه شاذ نقلًا ودليلًا رد عليه جمع بأن زيادة وبركاته ثبتت في عدة طرق قالوا فالمختار دليلًا ندبها اهـ. قال الأذرعي في شرح المنهاج صح فيه حديثان أشرت إليهما في
قد جاء في رواية لأبي داود، وقد قال به جماعة من أصحابنا منهم إمام الحرمين
ــ
القنية وغيرها إذ لا يحسن قول المجموع أن الصحيح والصواب خلافه اهـ، وقال في موضع آخر من شرح المشكاة وأما وبركاته فالظاهر أن الشافعي لم يطلع على حديثها ومن ثم اختار جماعة من أصحابنا زيادتها عملًا بالحديث اهـ، وفي التحفة دون وبركاته إلَّا في الجنازة واعترض بأن فيه أحاديث صحيحة اهـ، وحكى
السبكي في زيادتها ثلاثة أوجه أشهرها لا ومختاره نعم وثالثها استحبابها في الأولى دون الثانية. قوله: (قدْ جاءَ في رِوَايةٍ الخ) قال في الخلاصة وعن وائل بن حجر رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يسلم عن يمينه السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وعن شماله السلام عليكم ورحمة الله وبركاته رواه أبو داود بإسناد صحيح وأشار بعضهم إلى تضعيفه اهـ. لكن قال الحافظ وأخرجه السراد ولم أر عندهم وبركاته وجاء في رواية أخرجها ابن حبان من طريق سفيان الثوري عن ابن مسعود كان صلى الله عليه وسلم يسلم عن يمينه وعن يساره حتى يرى بياض خديه السلام عليكم ورحمة الله وبركاته أخرجه من تلك الطريق أبو داود لكن لم يذكر فيه وبركاته وكذا أخرجه الترمذي والنسائي من رواية ابن مهدي عن سفيان وأخرجه ابن ماجة عن عبد الله بن نمير وفيه وبركاته قال الحافظ وزادها أبو العباس السراد كابن حبان كلاهما من طريق سفيان الثوري وأخرجه السراد كذلك من طريق أخرى كل هؤلاء في حديث ابن مسعود قال الحافظ فهذه عدة طرق ثبت فيها وبركاته خلاف ما يوهمه كلام الشيخ أنها فردة اهـ. قال الحافظ والأحاديث المشهورة إنما هي في مطلق التسليمتين وقد اجتمع لنا من ذلك نحو العشرين من الصحابة منها في صحيح مسلم عن سعد بن أبي وقاص وعن ابن مسعود وسائرها في السنن والمسند وغيرها أما على الكيفية التي هي أكمل أي التي أشار الشيخ إليها بقوله واعلم أن الأكمل الخ، فعن ابن مسعود قال كان صلى الله عليه وسلم يسلم عن يمينه وعن يساره السلام عليكم ورحمة الله حتى يرى بياض خده منها حديث صحيح أخرجه ابن خزيمة في صحيحه وأخرجه ابن حبان وأخرجه أبو داود والترمذي والنسائي وأبو العباس السراد
وزاهر السرخسي والروياني في "الحلية". ولكنه شاذ، والمشهور ما قدمناه والله أعلم.
وسواء كان المصلي إمامًا أو مأمومًا أو منفردًا في جماعة، قليلة أو كثيرة، في فريضة أو نافلة، ففي كل ذلك يسلِّم تسليمتين كما ذكرنا،
ــ
وأخرجه ابن ماجة وله طرق متعددة بينها الحافظ قال وزاد ابن حبان والسراد في روايتهما وبركاته اهـ، باختصار. قوله:(زَاخرٌ السرَخْسِيُّ) بالزاي ثم الهاء المكسورة فالراء المهملة والسرخسي بفتح أوليه وإسكان خائه المعجمة بعدها سين مهملة نسبة إلى مدينة سرخس من بلاد خراسان قال في لب اللباب اشتهر بالنسبة إليها كثير. قوله: (الرُّويَانِيُّ) بضم الراء وسكون الواو بغير همز بعدها تحتية وبعد الألف نون ثم ياء نسبة إلى رويان البلدة المعروفة وهي بنواحي طبرستان. قوله: (يُسلم تَسْليمَتَيْن الخ) ورد من طرق الاقتصار على تسليمة واحدة ومن طرق أخرى الإتيان بتسليمة عن اليمين وبتسليمة عن اليسار وحمل أئمتنا الأولى على الجواز والثانية على الأكمل وفي الهدى لابن القيم كان صلى الله عليه وسلم يسلم عن يمينه السلام عليكم ورحمة الله وعن يساره كذلك هذا كان فعله الراتب رواه عنه خمسة عشرة صحابيًّا وعدهم وقد روي أنه كان يسلم تسليمة واحدة تلقاء وجهه الكريم لكن لم يثبت ذلك عنه من وجه صحيح وأجود ما فيه حديث عائشة أنه صلى الله عليه وسلم كان يسلم تسليمة واحدة السلام عليكم يرفع بها صوته حتى يوقظنا وهو حديث معلول وهو في السنن لكنه
في قيام الليل والذين رووا عنه التسليمتين رووا ما شاهدوه في الفرض والنفل على أن حديث عائشة ليس صريحًا في الاقتصار على التسليمة الواحدة بل أخبرت أنه كان يسلم تسليمة يوقظهم بها ولم تنف الأخرى بل سكتت عنها وليس سكوتها مقدمًا على رواية من حفظ وضبط وهم أكثر عددًا وكثير من أحاديثهم صحاح وباقيها حسان قال ابن عبد البر روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يسلم تسليمة واحدة من حديث سعد بن أبي وقاص وعائشة وأنس إلَّا أنها معلولة ولا يصححها إلَّا أهل العلم بالحديث ثم بين علة كل حديث
ويلتفت بهما إلى الجانبين، والواجب تسليمة
واحدة، وأما الثانية، فسُنَّة لو تركها لم يضره، ثم الواجب من لفظ السلام أن يقول: السلام عليكم، ولو قال: سلام عليكم، لم يجزه على الأصح: ولو قال: عليكم السلام، أجزأه على الأصح، فلو قال: السلام عليك، أو سلامي عليك، أو سلام عليكم، أو سلام الله عليكم، أو سلامُ عليكم بغير تنوين، أو قال: السلام عليهم، لم يجزه شيء من هذا بلا خلاف، وتبطل صلاته إن قاله عامدًا عالمًا في كل ذلك، إلا في قوله: السلام عليهم، فإنه لا تبطل صلاته به
ــ
قال في الهدى وليس مع القائلين بالتسليمة غير عمل أهل المدينة وقد خالف في الاحتجاج بها سائر الفقهاء والصواب معهم السنن الثابتة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم لا ترد ولا تدفع لعمل أحد كائنًا من كان فالسنة تحكم بين الناس لا عمل أحد بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم وخلفائه اهـ، وتقدم صور يجب فيها عندنا الاقتصار على تسليمة واحدة وضابطها أن يعرض بعد التسليمة الأولى ما ينافي الصلاة. قوله (ويَلْتَفِتُ بِهما الخ) صرف الالتفات عن الوجوب المستفاد من قوله صلى الله عليه وسلم صلوا كما رأيتموني أصلي خبر عائشة فإن فيه الاقتصار على تسليمة واحدة تلقاء وجهه وممن صححه ابن حبان والحاكم وضعفه جماعة اخرون كما تقدم نقله. قوله:(ثُم الوَاجِبُ منْ لَفْظِ السلامِ أَنْ يقولَ السّلامُ عَليكمْ) ويشترط الموالاة بين السلام وعليكم وأن يسمع نفسه وألّا يزيد أو ينقص ما يغير المعنى ويجب إيقاعه إلى ميم عليكم حال القعود أو بدله وصدره للقبلة. قوله: (ولوْ قال سَلام عَليكمْ لم يُجزئْهُ) قال في الإمداد وقضية كلام النووي أنه يبطل الصلاة أن علم وتعمد وهو متجه خلافًا لمن نظر فيه وذلك لأنه لم ينقل بخلاف سلام التشهد لوروده والتنوين لا يقوم مقام أل في التعريف والعموم وغيرهما. قوله: (ولوْ قال عليكمْ السلامُ أَجْزأَهُ) أي لأنه يسمى سلامًا بخلاف أكبر