الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ذلك المجلس.
باب صفة الصلاة على رسول الله صلى الله عليه وسلم
-
قد قدمنا في كتاب أذكار الصلاة صفة الصلاة على رسول الله صلى الله عليه وسلم وما يتعلق بها، وبيان أكملها وأقلها. وأما ما قاله بعض أصحابنا وابن أبي زيد المالكي من استحباب زيادة على ذلك وهي:"وارْحَمْ مُحَمدًا وآل مُحَمّدٍ" فهذا بدعة لا أصل لها.
ــ
ما يفيده في كلام الحافظ في القولة السابقة، في المسالك للقسطلاني وعن الأوزاعي في الكتاب يكون فيه ذكر النبي صلى الله عليه وسلم مرارًا قال إن صليت عليه مرة واحدة أجزأك وفي بعض شروح الهداية لو كرر اسم الله تعالى في مجلس واحد كفاه ثناء واحد وكذا لو كرر اسمه صلى الله عليه وسلم في مجلس كفاه أن يصلي عليه مرة على الصحيح وقال الحليمي إذا قلنا بوجوب الصلاة كلما ذكر فإن الحد المجلس وكان مجلس علم أو رواية سنن احتمل أن يقال الغافل عن الصلاة عليه كما جرى ذكره إذا ختم بها المجلس أجزأه لأن المجلس إذا كان معقودًا لذكره كان حاله واحدًا كالذكر المتكرر وإن لم يكن المجلس كذلك فإن رأى أنه كلما ذكر يصلى عليه ولا أرخص في تأخير ذلك إذ ليس ذكره بأقل من حق العاطس، قال: ومن ترك الصلاة عليه عند ذكره ثم صلى عليه في المستقبل بعد التوبة والاستغفار رجونا أن يكفر عنه ولا يطلق عليه اسم القضاء قال القسطلاني وما فرق به الحليمي فرق حسن اهـ.
باب صفة الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم
قوله: (وأَمّا مَا قالهُ بعضُ أَصحابنَا الخ) قال به أيضًا بعض المالكية والحنفية كما في الدر المنضود وأسندوا في ذلك لورود الإتيان بها في التشهد أحاديث وأسانيدها ضعيفة أي والضعيف يعمل به في فضائل الأعمال وسيأتي ما فيه. وقوله (وارحَمْ محمدًا وآل محمد الخ) عبارة الرسالة اللهم صل على محمد وعلى آل محمد وارحم محمدًا وآل محمد وبارك على محمد وآل محمد كما صليت ورحمت وباركت على
وقد بالغ الإمام أبو بكر بن العربي المالكي في كتابه "شرح الترمذي" في إنكار ذلك وتخطئة ابن أبي زيد في ذلك وتجهيل فاعله، قال: لأن النبي صلى الله عليه وسلم كيفية الصلاة عليه صلى الله عليه وسلم، فالزيادة على ذلك استقصار لقوله، واستدراك عليه صلى الله عليه وسلم، وبالله التوفيق.
ــ
إبراهيم قال الصيدلاني من أئمتنا ومن الناس من يزيد وارحم محمدًا وآل محمد كما ترحمت أو رحمت على إبراهيم وهذا لم يرو وهو غير صحيح إذ لا يقال رحمت عليه بل رحمته وبأن الترحم فيه معنى التكلف والتصنع فلا يحسن إطلاقه في حق الله تعالى وحكاه الرافعي وسكت عليه وكذا أنكره ابن عبد البر في الاستذكار واعترض بأن قوله لا يقال الخ. مردود بما نقله الطبراني عن الصغاني ورده صاحب القاموس بأنه تصحيف ووهم وتقول على الصغاني بما لم يقله والذي قاله إنما هو رحمت بالتشديد وأما رحمت عليه بكسر الحاء المخفف لم يقله أحد من أئمة
اللغة المشاهير فيما علمناه وإن صح به نقل فهو في غاية الشذوذ والضعف والذي حكاه الصغاني عن بعض أئمة اللغة المتقدمين أنه قال قول الناس ترحمت عليه خطأ ولحن وإنما الصواب رحمت عليه بتشديد الحاء ترحيمًا اهـ. نعم نقل ابن يونس عن الجوهري أن ذلك يقال لي ردًّا لقول الصيدلاني أنه لا يقال وقال بعضهم دعوى أن الرحمة ضمنت معنى الصلاة فعديت بعل وكذا قوله أن الترحم فيه معنى التكلف الخ. فنقض بالمتكبر والمتفضل لكن في شرح المشكاة لابن حجر أن قلت ما المانع من أن الرحمة ضمنت معنى الصلاة فعديت بما تعدى به وأن التاء في ترحمت ليست للتكلف بل للتفرد والتخصيص كما في تكبر أو زائدة محصة كما في واستقر. قلت دعوى التضمين وأن التاء لما ذكر إنما يصار لتكلفهما إن ورد عمن يعتد به فحينئذٍ يحتاج لتأويله بما ذكر وأما في نحو الألفاظ المبتدعة فلا ينبغي أن يتكلف لصحتها بمثل هذا التكلف اهـ. قوله: (وقَدْ بَالغَ الإمامُ أبُو بكرِ بنُ العرِبي الخ) ووافقه بعض الحنفية وانتصر لهم بعض المتأخرين ممن جمع بين الفقه والحديث فقال ولا يحتج
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
بالأحاديث الواردة في زيادتها فإنها كلها واهية جدًّا إذ لا يخلو سندها من كذاب أو متهم بالكذب ويؤيده ما ذكره السبكي أن محل العمل بالحديث الضعيف ما لم يشتد ضعفه وبذلك يرد على من أيد الأخذ من تلك الروايات بأنها ضعيفة والضعيف يعمل به في الفضائل نعم حديث أبي هريرة مرفوعًا من قال اللهم صل على محمد وعلى آل محمد كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم وبارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم وترحم على محمد وعلى آل محمد كما رحمت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم شهدت له يوم القيامة وشفعت سنده رجاله رجال الصحيح إلَّا واحدًا فلم يعرف فيه جرح ولا تعديل وقد ذكره أبو حبان في الثقات على قاعدته ومن ثم قال غيره أنه حديث حسن.
ثم اختلف العلماء في الدعاء له صلى الله عليه وسلم بالرحمة لأنه يجل منصبه عن الدعاء بها قال ابن دحية ينبغي لمن ذكره صلى الله عليه وسلم أن يصلي ولا يجوز أن يترحم عليه لآية لا تجعلوا دعاء الرسول بينكم الآية وإن كانت الصلاة بمعنى الرحمة فكأنه خص بذلك تعظيمًا له اهـ. ونقل مثله عن ابن عبد البر في الاستذكار ووجهه بعض الحنفية بأن الرحمة إنما تكون غالبًا عن فعل ما يلام عليه ونحن أمرنا بتعظيمه ومقتضى قول الولي أبي زرعة الحافظ العراقي في فتاويه بعد أن ذكر كلام من منع وكلام ابن أبي زيد ولعل المنع أرجح لضعف الأحاديث التي استند إليها المحجوز اهـ. حرمته مطلقًا فيوافق ما قبله ومقتضى كلام بعض من تأخر عنه الحرمة أن ذكرها استقلالًا كقال النبي رحمه الله لا تبعًا حيث قال والجواب عن الأحاديث المشار إليها وإن صحح الحاكم إسناد بعضها أن الرحمة وقعت فيها على سبيل التبعية للصلاة والبركة ولم يرد ما يدل على وقوعها مفردة ورب شيء يجوز تبعًا لا استقلالا ألبتة قيل وعبارة الشافعي في خطبة رسالته صلى الله عليه وسلم ورحم وكرم يقتضي ذلك أيضًا وبه أخذ جمع بل نقله القاضي عياض في الإكمال عن الجمهور. وقال القرطبي وهو الصحيح وحرم لعدم جوازه يعني منفردًا الغزالي فقال لا يجوز ترحم أي بالتاء نعم ظاهر قول الأعرابي فيما رواه البخاري اللهم ارحمني وارحم محمدًا ولا
ترحم معنا أحدًا وتقريره صلى الله عليه وسلم له الجواز ولو بدون انضمام صلاة أو سلام إليها وهو الذي يتجه وتقريره خاص فيقدم على
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
العموم الذي اقتضته الآية على أنه ليس في الآية ما يمنع ذلك لأنه صلى الله عليه وسلم صح عنه في أدعيته كثرة الدعاء لنفسه بالرحمة وعلمنا أن الدعاء بالرحمة له مما يليق بقوله في التشهد السلام أيها النبي ورحمة الله وزعم أنها لا تكون غالبًا إلّا على ما يلام عليه ممنوع وأي دليل لذلك بل الأدلة قاضية برده ولا ينافي الدعاء بالرحمة أنه عينها بنص وما أرسلناك إلَّا رحمة للعالمين لأن كونه كذلك من جملة رحمة الله وتفضله إذ هي في حقه تعالى بمعنى إرادة الخير للعبد وإقداره عليه وهو قوله أجزل الخلق حظًّا من تلك الإرادة وذلك الأدب وحصول ذلك لا يمنع طلب الزيادة له إذ فضل الله لا يتناهى والكامل يقبل الكمال وينبغي حمل قول من قال لا يجوز ذلك على أن مرادهم نفي الجواز المستوي الطرفين فيصدق بأن ذلك مكروه أو خلاف الأولى وقال الحافظ سبق إلى انكار إطلاق الرحمة عليه صلى الله عليه وسلم من الفقهاء الشافعية الصيدلاني حكاه عنه الرافعي ولم يتعقبه ومن المحدثين المالكية ابن عبد البر في الاستذكار وليس بجيد منهم فإنها وردت من حديث أبي هريرة.
قلت وتقدم لفظه وهو حديث حسن أخرجه أبو جعفر الطبري ومن حديث ابن مسعود مرفوعًا ولفظه إذا تشهد أحدكم في الصلاة فليقل اللهم صل على محمد وعلى آل محمد وبارك على محمد وعلى آل محمد كما صليت وباركت ورحمت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد، قال الحافظ: رجاله رجال الصحيح إلَّا اثنين فذكر أحدهما ابن حبان في ثقاته والآخر لم يعرف الحافظ اسمه ولا حاله ومن حديث ابن عباس بسند فيه ضعف وتابعه الراوي عن ابن عباس منهم ومن حديث أبي هريرة قال قلنا يا رسول الله قد علمنا كيف نسلم عليك فكيف نصلي عليك قال قولوا اللهم اجعل صلواتك ورحمتك وبركاتك على محمد وعلى آل محمد كما جعلتها على آل إبراهيم إنك حميد مجيد قال الحافظ أخرجه المعمري وإسماعيل القاضي وفي سنده راوٍ ضعيف فهذه أحاديث يشد بعضها بعضًا أقواها أولها يدل مجموعها على أن للزيادة أصلًا ويستفاد من حديث ابن مسعود جواب صاحب الشفاء حيث أنكر أن يكون ذكر الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم في التشهد ورد عن ابن مسعود وجاء عن أبي هريرة من طرق أخر بسند ضعيف بلفظ أنه قيل له
فصل: إذا صلى على النبي صلى الله عليه وسلم فليجمع بين الصلاة والتسليم، ولا يقتصر على أحدهما. فلا يقل:"صلى الله عليه" فقط، ولا "عليه السلام" فقط.
ــ
أمرنا الله بالصلاة عليك فكيف الصلاة عليك قال قولوا اللهم صل على محمد وعلى آل محمد كما صليت على إبراهيم وآل إبراهيم وارحم محمدًا وآل محمد كما رحمت على إبراهيم وآل إبراهيم، والسلام كما قد علمتم والحديث يؤيده شاهد من حديث ابن مسعود موقوفًا وهو حديث حسن أخرجه عبد بن حميد في التفسير وابن ماجة والمعمري، قال الحافظ: أخرج الحاكم حديثًا مسلسلًا يقول كل من رواته "وعدهن في يدي" إلى أن انتهى إلى علي عن النبي عن جبريل فقال: هكذا نزلت من عند رب العزة عز وجل اللهم صل على محمد وعلى آل محمد كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد اللهم وبارك فذكر مثله اللهم وترحم فذكر مثله. أخرجه الحاكم مسلسلًا هكذا في نوع المسلسل من كتابه علوم الحديث قال وفي سنده ثلاثة من الضعفاء على الولاء نسب أحدهم إلى وضع الحديث والآخر اتهم بالكذب
والثالث متروك وقد وقع لي مسلسلًا ولكن لا أرويه لاعتمادي أنه موضوع وقد أخرجه صاحب الشفاء من طريق الحاكم وحدث به ابن العربي هكذا مسلسلًا أخرجه عنه ابن عبد البر في كتاب الإعلام بفضل الصلاة والسلام فأما أنه لم يستحضره لما أنكر الزيادة أو لم يعتد بها والعلم عند الله تعالى اهـ.
فصل
قوله: (فَليجْمَعْ بين الصلاةِ والتسليم الخ) قال المصنف في شرح مسلم وقد تضمن نص العلماء أو من نص منهم على كراهة الاقتصار على الصلاة عليه صلى الله عليه وسلم من غير تسليم والله أعلم. قال القسطلاني وكذا صرح ابن الصلاح بكراهة الاقتصار على السلام فقط وعبارة شيخه السخاوي قال ابن الصلاح: ويكره الاقتصار على قوله عليه السلام يعني للنبي عنه مطلقًا وأنها كما جرت به عادة العرب تحية الموتى لأنهم لا يتوقع منه جواب فجعلوا السلام عليهم كالجواب اهـ. وقضيتها أن المكروه عنده من صيغ إفراد السلام عليه فقط والله أعلم. قال الحافظ ابن حجر: أن كان فاعل أحدهما يقتصر عليه دائمًا فيكره له
فصل: يستحب لقارئ الحديث وغيره ممن في معناه إذا ذُكِر رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يرفع صوته بالصلاة عليه والتسليم، ولا يبالغ في الرفع مبالغة فاحشة. وممن نصّ على رفع الصوت: الإمام الحافظ أبو بكر الخطيب البغدادي وآخرون، وقد نقلته من علوم الحديث. وقد نص العلماء من أصحابنا وغيرهم أنه
ــ
ذلك من جهة الإخلال بالأمر الوارد بالإكثار منهما والترغيب فيهما وإن كان يصلي تارة ويسلم أخرى من غير إخلال بواحد منهما فلم أقف على دليل يقتضي علة الكراهة لكنه خلاف الأولى إذ الجمع بينهما مستحب لا نزاع فيه، قال: ولعل النووي اطلع على دليل لذلك.
إذا قالت حزام فصدقوها
اهـ. واعترض على المصنف بأن تعليم السلام في التشهد قبل تعليم الصلاة فقد أفرد السلام عنها ويرد بأن الإفراد في ذلك الزمن لا حجة فيه لأنه لم يقع منه صلى الله عليه وسلم قصدًا كيف والآية ناصة عليهما وإنما يحتمل أنه علمهم السلام وظن أنهم يعلمون الصلاة فسكت عن تعليمهم إياها فلما سألوه عن تعليمها أجابهم بذلك نعم الحق أن المراد بالكراهة خلاف الأولى إذ لم يوجد هنا مقتضاها من النهي المخصوص وما وقع في الأم وغيرها من الإفراد لأنا تقول هو وإن صرح به الزين العراقي وغيره فيه نظر فقد وقع كذلك من الشافعي وغيره وهو يرد على من ادعى كراهة ذلك.
تنبيه
في كتاب القسطلاني والدر المنضود وغيرهما نسبة كراهة إفراد الصلاة عن السلام إلى الأذكار وأنه تمسك في ذلك بورود الأمر بهما معًا في الآية ولم أر ذلك فيه هنا وإنما عبارته هنا مجملة وليس فيها تعرض لكراهة ولا لحرمة نعم العبارة تحتمل ذينك وخلاف الأولى نعم صرح بنقل الكراهة في شرح صحيح مسلم وقد أحسن ابن الجزري في مفتاح الحصين حيث قال: قول النووي وقد تضمن نص العلماء أو من نص منهم، فلم ينسب ذلك للأذكار ونسبه السيوطي في شرح التقريب إليه في شرح مسلم وغيره ولم ينسبه إلى الأذكار والله أعلم بحقيقة الحال.
فصل
قوله: (يستحب لقارئِ الحدِيثِ وغيرِه) أي كالمملي والمستملي. قوله: (ولا يتابع الخ) أي لأنه ربما يذهب الخشوع. قوله: (وقَدْ نَص العلماءُ الخ)