المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌فصل في آداب الختم وما يتعلق به: - الفتوحات الربانية على الأذكار النواوية - جـ ٣

[ابن علان]

فهرس الكتاب

- ‌باب الدعاء بعد التشهد الأخير

- ‌باب السلام للتحلل من الصلاة

- ‌باب ما يقول الرجل إذا كلمه إنسان وهو في الصلاة

- ‌باب الأذكار بعد الصلاة

- ‌باب الحث علي ذكر االله تعالى بعد صلاة الصبح

- ‌باب ما يقال عند الصباح وعند المساء

- ‌باب يقال في صبيحة الجمعة

- ‌باب ما إذا طلعت الشمس

- ‌باب ما يقول إذا استقلت الشمس

- ‌باب ما يقول إذا استقلت الشمس إلى العصر

- ‌باب ما يقوله بعد العصر إلى غروب الشمس

- ‌باب ما يقوله إذا سمع أذان المغرب

- ‌باب ما يقوله بعد صلاة المغرب

- ‌باب ما يقرؤه في صلاة الوتر وما يقوله بعدها

- ‌باب ما يقول إذا أراد النوم واضطجع على فراشه

- ‌باب كراهية النوم من غير ذكر الله تعالى

- ‌باب ما يقول إذا استيقظ في الليل وأراد النوم بعده

- ‌باب ما يقول إذا قلق في فراشه فلم ينم

- ‌باب ما يقول إذا كان يفزع في منامه

- ‌باب ما يقول إذا رأى في منامه ما يحب أو يكره

- ‌باب ما يقول إذا قصت عليه رؤيا

- ‌فائدة

- ‌باب الحث على الدعاء والاستغفار في النصف الثاني من كل ليلة

- ‌باب الدعاء في جميع ساعات الليل كله رجاء أن يصادف ساعة للإجابة

- ‌باب أسماء الله الحسنى

- ‌كتاب تلاوة القرآن

- ‌فصل: في الأوقات المختارة للقراءة

- ‌فصل في آداب الختم وما يتعلق به:

- ‌فصل: فيمن نام عن حزبه ووظيفته المعتادة:

- ‌فصل في الأمر بتعهد القرآن والتحذير من تعريضه للنسيان:

- ‌فصل: في مسائل وآداب ينبغي للقارئ الاعتناء بها

- ‌كتاب حمد الله تعالى

- ‌فصل:

- ‌‌‌فصل:

- ‌فصل:

- ‌كتاب الصلاة على رسول الله صلى الله عليه وسلم

- ‌باب أمر من ذكر عنده النبي صلى الله عليه وسلم بالصلاة عليه والتسيم صلى الله عليه وسلم

- ‌باب صفة الصلاة على رسول الله صلى الله عليه وسلم

- ‌باب استفتاح الدعاء بالحمد لله تعالي والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌باب الصلاة على الأنبياء وآلهم تبعًا لهم صلى الله عليهم وسلم

- ‌فصل:

- ‌فصل:

- ‌كتاب الأذكار والدعوات للأمور العارضات

- ‌باب دعاء الاستخاره

الفصل: ‌فصل في آداب الختم وما يتعلق به:

والعشر الأخير من رمضان، ومن الشهور: رمضان.

‌فصل في آداب الختم وما يتعلق به:

قد تقدم أن الختم للقارئ وحده يستحب أن يكون في صلاة.

وأما من يختم في غير صلاة كالجماعة الذين يختمون مجتمعين، فيستحب أن يكون

ختمهم في أول الليل أو أول النهار كما تقدم. ويستحب صيام يوم الختم، إلا أن يصادف يومًا نهى الشرع عن صيامه. وقد صح عن طلحة بن مصرف، والمسيب بن رافع، وحبيب بن أبي ثابت، التابعيين الكوفيين رحمهم الله أجمعين، أنهم

ــ

ذي الحجة الحديث وهو يقتضي أفضليتها على عشر رمضان الأخير ولذا قيل به لكنه غير صحيح والمراد أفضليته على ما عدا رمضان لصحة الخبر بأنه سيد الشهور مع ما يميز به من فضائل آخر واختار عشرة لصوم الفرض وهذا العشر لصوم النفل أدل دليل على تمييز عشر رمضان فزعم أن عشر رمضان أفضل من حيث الليالي لأن فيه ليلة القدر وعشر ذي الحجة من حيث الأيام لأن فيه يوم عرفة غير صحيح وإن أطنب قائله في الاستدلال له بما لا نفع فيه فضلًا عن صراحته أشار إليه ابن حجر في التحفة وظاهر أن الكلام بالنسبة إلى مجموع العشر الأول فلا توقف أن يوم عرفة أفضل من كل يوم من أيام السنة كما جاء في الحديث ولا يقدح اختيار يوم رمضان لصوم الفرض ويوم عرفة لصوم النفل لأن فيه من الفضائل ما يقوم مقام ذلك ويزيد وبالله التوفيق والتسديد. قوله: (والعشرَ الأخيرَ من رمضَان) أي لأنه أفضله رجاء مصادفة ليلة القدر. قوله: (سيد الشهورِ رمَضَانُ) أي لخبر الصحيحين أن جبريل كان يلقى النبي صلى الله عليه وسلم في كل سنة في رمضان حتى ينسلخ فيعرض صلى الله عليه وسلم القرآن عليه.

فصل في آداب الختم وما يتعلق به

قوله: (وأَمَا منْ يختِمُ الخ) أي وحده بدليل مقابلته بما عطف عليه بقوله والجماعة الخ. فيستحب أن يكون ختمهم في أول الليل الخ، زاد في التبيان وأول النهار أفضل عند بعض العلماء قال

القرطبي في التذكار يستحب أن يختم أول النهار فإن إبراهيم التيمي قال كانوا يقولون إذا ختم القرآن أول النهار صلت عليه الملائكة بقية يومه وكذلك إذا ختم أول الليل وقد روي هذا مرفوعًا قلت وقد ذكرنا في الفصل السابق. قوله: (وقَدْ صَحَّ) أي جاء بإسناد صحيح قال

ص: 242

كانوا يصبحون صيامًا في اليوم الذي كانوا يختمون فيه. ويستحب حضور مجلس الختم لمن يقرأ، ولمن لا يحسن القراءة.

فقد روينا في الصحيحين: "أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر الحُيَّضَ بالخروج يوم العيد ليشهدْنَ الخير ودعوة المسلمين".

وروينا في مسند الدارمي، عن ابن عباس رضي الله عنهما،

ــ

في التبيان وقد روى ابن ابن أبي داود بإسناد صحيح أن طلحة بن مصرف الخ اهـ، وقال الحافظ أنه على شرط الصحة. قوله:(كانوا يُصبحونَ صيامًا اليومَ الذي يَختمونَ فيهِ) كأن حكمة ذلك شكر نعمة تيسير ذلك والتوصل إلى تعدد أسباب إجابة الدعاء ونقل المصنف في التبيان والقرطبي في التذكار ما ذكر قوله: (يسْتحب حُضورُ مجلس الختم الخ) في التبيان يستحب حضور مجلس ختم القرآن استحبابا متأكدًا. قوله: (فقدَ رَوَينَا في الصحيحين) رواه عن أم عطية رضي الله عنها ولفظها عندهما كان صلى الله عليه وسلم يأمرنا أن نخرج العواتق وذوات الخَدور فأما الحيض فيعتزلن المصلى ويشهدن الخير ودعوة المسلمين قال الحافظ بعد تخريجه حديث صحيح أخرجه الشيخان قلت وفي لفظ لهما عنهما أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نخرج الحيض يوم العيدين وذوات العواتق فيشهدن جماعة المسلمين ودعوتهم وتعتزل الحائض عن مصلاهن الحديث ورواه أبو داود بنحوه. قوله: (الحيض بضم الحاء وتشديد التحتية جمع حائض قوله.: (فيشهدن الخيرَ) أي مواطن الخير والفيوض الإلهية وأهل الخير هم القوم لا يشقى بهم جليسهم. قوله: (ودَعوةَ المسلمينَ) أي لتعود بركتها وبركتهن عليه. قوله: (مُسْندِ الدارمي) قال الحافظ لكن ذكره الشيخ هنا بالمعنى واللفظ الذي ذكره الدارمي بإسناده عن قتادة قال كان رجل يقرأ القرآن في مسجد المدينة فكان ابن عباس قد وضع عليه الرصد فإذا كان ختمه فتحول إليه وأخرجه أبو عبيد وابن الضريس بضم المعجمة وفتح الراء آخره سين مهملة كلاهما في فضائل القرآن وابن أبي داود في كتاب الشريعة من طرق متعددة لهم إلى صالح المزي بضم الميم وتشديد الزاي عن قتادة وصالح زاهد مشهور من أهل البصرة وهو ضعيف الحديث عندهم وفيه علة أخرى الانقطاع بين ابن عباس وقتادة.

الدرامي هو أبو محمد عبد الله بن عبد الرحمن الدارمي السمرقندي الحافظ من بين دارم بن مالك بن حنطة بن زيد مناة من تميم روى عنه أئمة كمسلم وأبي داود

ص: 243

أنه كان يجعل رجلًا يراقب رجلًا يقرأ القرآن، فإذا أراد أن يختم أعلم ابن عباس رضي الله عنهما فيشهد ذلك.

وروى ابن أبي داود بإسنادين صحيحين، عن قتادة التابعي الجليل الإمام صاحب أنس رضي الله عنه، قال: كان أنس بن مالك رضي الله عنه إذا ختم القرآن جمع أهله

ــ

والترمذي وأبي زرعة قال أبو حاتم هو إمام أهل زمانه ولد سنة إحدى وثمانين ومائة ومات يوم التروية سنة خمس وخمسين ومائتين

والغالب على مسنده الصحة ولما بلغ البخاري نعيه بكى وأنشد:

إن تبق تفجع في الأحبة كلهم

وفناء نفسك لا أبا لك أفجع

وذكر الترمذي أنه سمع البخاري يحدث عنه بحديث من شيع الجنازة وابن عدي أن النسائي حدث عنه. قوله: (أَنه كَانَ الخ) أورده القرطبي في التذكار ولم يذكر مخرجه ولفظه روي عن قتادة أن رجلًا يقرأ القرآن في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم فكان ابن عباس يجعل عليه رقيبًا فإذا أراد أن يختم قال لجلسائه قوموا بنا حتى نحضر الخاتمة. قوله: (وَرَوى ابْن أَبِي دَاوُدَ) رواه في كتابه المصاحف وقال الحافظ بعد تخريجه من طريق أبي بكر بن أبي شيجة أخرجه ابن أبي داود عن علي بن محمد عن وكيع عن مسعر عن قتادة وأخرجه أيضًا من رواية ثابت البناني أن أنسًا كان إذا ختم القرآن جمع أهله وولده ودعا لهم ولفظ الطبراني وأهل بيته هذا موقوف صحيح أخرجه سعيد بن منصور في كتابه وأخرجه أبو داود من رواية ابن عطية عن أنس وزاد في آخره والدعاء عند ختم القرآن مستجاب والحكم فيه ضعيف لكن له شاهد عن ابن مسعود أخرجه ابن عبيد وابن الضريس بسند فيه انقطاع عن ابن مسعود قال من ختم القرآن فله دعوة مستجابة وكان عبد الله إذا ختم جمع أهله ثم دعا وأمنوا على دعائه وجاء أوله في حديث مرفوع أخرجه الطبراني في معجمه بسند ضعيف عن العرباض بن سارية قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من ختم القرآن فله دعوة مستجابة وقد وجدت لحديث أنس الموقوف المتقدم ذكره طريقًا أخرى مرفوعة عن قتادة عن أنس قال كان صلى الله عليه وسلم إذا ختم القرآن جمع

ص: 244

ودعا.

وروى بأسانيد صحيحة، عن الحكم بن عتيبة -بالتاء المثناة فوق ثم المثناة تحت ثم الباء الموحدة- التابعي الجليل الإمام قال: أرسل إليَّ مجاهد وعَبْدَة بن أبي لبابة فقالا: إنا أرسلنا إليك لأنا أردنا أن نختم القرآن، والدعاء مستجاب عند ختم القرآن. وفي بعض رواياته الصحيحة: أنه كان يقال: إن الرحمة تنزل عند خاتمة القرآن.

ــ

أهله ودعا قال أبو نعيم الحافظ غريب من حديث مسعر قال الحافظ قلت رواته وثقون ثم قال ان في سنده من يضعف أو يجهل والصحيح الموقوف عن أنس وسيأتي آثار آخر الفصل الذي بعده إن شاء الله تعالى. قوله: (ودَعَا) لأن الدعاء مستجاب عند ختم القرآن كما سيأتي عن مجاهد بل الدعاء مستجاب عقب تلاوة القرآن من أي منه كان روى الترمذي عن عمران بن الحصين رضي الله عنهما أنه مر على قارئ يقرأ ثم سأل فاسترجع ثم قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول من قرأ القرآن فليسأل الله فإنه سيجيء أقوام يسألون به الناس. قوله: (لأنا أردنا أن نختم) أورده القرطبي في التذكار نريد أن نختم فأحببنا أن تشهدونا فإنه يقال إذا ختم القرآن نزلت الرحمة عند ختمه اهـ، وقد أخرجه كذلك ابن أبي شيبة كما تقدم وابن أبي داود لكن بلفظ كان يقال إذا ختم القرآن نزلت الرحمة عند ختمه أو حضرت الرحمة عند خاتمته أورده كذلك في السلاح. قوله:(وعبدة بْنُ أَبِي لُبَابة) هو بالعين المهملة ثم الباء الموحدة

ثم الدال المهملة بعدها فوقية اسم ابن أبي لبابة وإنما ضبطه لأنه في بعض النسخ وعنده بالنون وهو تصحيف اهـ. وكان المراد خاصة وإلا فالرحمة والسكينة تنزل على المجتمعين لدراسة الكتاب الشريف كما سبق من حديث وما اجتمع قوم في بيت من بيوت الله يقرأون القرآن ويتدارسونه إلّا غشيتهم السكينة ونزلت عليهم الرحمة وفي الحصين في أحوال الإجابة وبعد تلاوة القرآن رواه الترمذي

ص: 245

وروى بإسناده الصحيح عن مجاهد قال: كانوا يجتمعون عند ختم القرآن ويقولون: إن الرحمة تنزل عند ختم القرآن.

فصل: ويستحب الدعاء عقب الختمة استحبابًا متأكدًا شديدًا لما قدمناه.

وروينا في مسند الدارمي، وعن حميد الأعرج رحمه الله قال: من قرأ القرآن ثم دعا أمّن على دعائه أربعة آلاف ملك.

وينبغي

ــ

لا سيما بعد ختم القرآن رواه الطبراني عن عمران مع ما قبله وابن أبي شيبة في مصنفه من قول عبدة بن أبي لبابة ومجاهد وهما تابعيان. قوله: (ورَوى بأسانيد صحِيحَة الخ) أخرجه الحافظ عن الحكم بن عبسة قال كان مجاهد وعبدة بن أبي لبابة وناس يعرضون المصاحف فلما كان اليوم الذي أرادوا أن يجتمعوا فيه أرسلوا إلي وإلى سلمة بن كهل وقالوا أنا كنا نعرض المصاحف وأنا أردنا أن نختم القرآن فأحببنا أن تشهدوا أنه كان يقال إذا ختم القرآن نزلت الرحمة قال الحافظ موقوف صحيح الإسناد أخرجه ابن أبي داود وأخرجه الحافظ من وجه آخر وقال أخرجه ابن أبي داود أيضًا عن الحكم أرسل إلى مجاهد وعبدة أنا نريد أن نختم القرآن وكان يقال أن الدعاء يستجاب عند ختم القرآن موقوف صحيح وكأن مجاهدًا وعبدة ذكرا الأثرين معًا فحفظ بعض ما لم يحفظ الآخر عن الحكم أو حدث الحكم بهذا مرة وبهذا مرة والأول من طريق جرير وسفيان الثوري والثاني عند ابن أبي داود عن شعبة اهـ.

فصل

قوله: (يستحب الدعَاءُ) أي استحبابًا مؤكدًا كما في التبيان وفي التذكار روى عطاء عن ابن عباس رضي الله عنهما قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من قرأ يعني القرآن حتى ختمه كانت له دعوة مستجابة وروى قتادة عن أنس بن مالك عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال عند ختم القرآن دعوة مستجابة وتقدم حال الحديث وأخرج البيهقي مع كل ختمة دعوة مستجابة. قوله: (وَرَوَينا في مُسْنَد الدارمي الخ) قال الحافظ بعد تخريجه من طريق الدارمي أثر مقطوع وسنده ضعيف ويغني عنه

ص: 246

أن يُلحَّ في الدعاء، وأن يدعوَ بالأمور المهمة والكلمات الجامعة، وأن يكون

معظمُ ذلك أو كله في أمورِ الآخرة وأمورِ المسلمين، وصلاح سلطانهم وسائرِ ولاة أمورهم، وفي توفيقهم للطاعات، وعصمتهم من المخالفات، وتعاونهم على البر والتقوى، وقيامِهم بالحق واجتماعهم عليه، وظهورهم على أعداء الدين وسائر المخالفين، وقد أشرت إلى أحرف من ذلك في كتاب "آداب القرآن"، وذكرت فيه دعوات وجيزة من أرادها نقلها منه، وإذا فرغ من الختمة، فالمستحب أن يشرع في أخرى متصلًا بالختم، فقد استحبه السلف.

ــ

أثر مجاهد وعبدة السابق في الفصل الذي قبله وتقدم قبل ذلك ابن مسعود والحديث المرفوع عن العرباض وقد وجدت مثل حديث العرباض حديثًا عن أنس أخرجه أبو نعيم في ترجمة مسعر من الحلية وسنده ضعيف أيضًا اهـ. قلت هذا لا مجال للرأي فيه فيكون مستنده في التوقيف فيكون مرفوعًا حكمًا. قوله: (أَنْ يُلِحَّ) بضم التحتية وكسر اللام وتشديد الحاء المهملة من الإلحاح وهو المبالغة أي يبالغ في الدعاء بالمداومة

والمواظبة في الإلحاح ولا يكتفي بمرة ولا بمرات وفي الخبر إن الله يحب الملحين في الدعاء. قوله: (وأَنْ يدعوَ بالأمور المهمةِ) التي هي أهم والحاجة إليها أتم لأن المهم المقدم والله أعلم. قوله: (والكلماتَ الجامعةِ) أي بالكلمات الجامعة لأغراضه الصالحة أو الجامعة للثناء على الله سبحانه أو لآداب المسألة والمراد بها ما كان لفظه يسيرًا ومعناه كثيرًا شاملًا لأمر الدارين حائزًا للخيرين. قوله: (وأَنْ يكونَ مُعظمُ ذلكَ الخ) أما أمور الآخرة فلورود الأمر بسؤال خيرها كخبر إذا سألتم فاسألوا الله الفردوس والاستعاذة من شرها كخبر كان صلى الله عليه وسلم يستعيذ من عذاب النار وأما الدعاء للمسلمين فلما فيه أداء حقهم الناشئ عما قام عنده من عظيم الشفقة ومزيد الرحمة مع ما فيه من إجابة الدعاء ففي الحديث دعوة المرء المسلم لأخيه بظهر الغيب مستجابة

ص: 247

واحتجوا فيه بحديث أنس رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"خَيْرُ الأعْمالِ الحِلُّ والرحْلَةُ"، قيل: وما هما؟ قال: "افْتِتاحُ القُرآن وختْمُهُ".

ــ

عند رأسه ملك موكل كلما دعا لأخيه بخير قال الملك الموكل به آمين ولك بمثل رواه مسلم قال المصنف في شرح مسلم ولو دعا لجماعة من المسلمين حصلت هذه الفضيلة ولو دعا لجملة المسلمين فالظاهر حصولها أيضًا وكان بعض السلف إذا أراد أن يدعو لنفسه يدعو لأخيه بتلك الدعوة لتستجاب ويحصل له مثلها اهـ. قوله: (واحتجوا فيه بحدِيثِ أنسٍ الخ) قال الطاهر الأهدل في هامش أصله لم يعز المصنف هذا الحديث إلى مخرجه وهو حديث غريب خرجه الترمذي في جامعه والبيهقي في شعب الإيمان ومداره على صالح المزي وقال ضعيف وقال البخاري منكر وقال النسائي متروك وعلى الجملة فصالح معضل ضعيف اهـ. لكن قال الحافظ حديث أنس المذكور أخرجه ابن أبي داود بسند فيه من كذب وعجيب للشيخ كيف اقتصر على هذا ونسب للسلف الاحتجاج به ولم يذكر حديث ابن عباس وهو المعروف في الباب وقد أخرجه بعض الستة وصححه بعض الحفاظ ثم أخرج الحافظ من طريق عن ابن عباس قال قال رجل يا رسول الله أي العمل أفضل قال عليك بالحال المرتحل قال وما الحال المرتحل قال صاحب القرآن يضرب من أوله إلى آخره ويضرب من آخره إلى أوله كلما حل ارتحل ثم أخرجه الحافظ عن ابن عباس من طريق آخر لكن قال فيه أي الكلام أحب إلى الله ولم يقل في آخره كلما حل قال الحافظ حديث غريب أخرجه الترمذي عن الهيثم بن الربيع عن صالح وقال غريب لا نعرفه من حديث ابن عباس إلّا من هذا الوجه ثم أخرجه من وجه آخر عن صالح ولم يذكر فيه عن ابن عباس ورجح هذه المرسلة وتعقبه المزي في الأطراف بأن الهيثم لم ينفرد بوصل تلك الرواية بل تابعه غيره وأخرجه الحاكم وقال تفرد به صالح وكان من زهاد البصرة اهـ، وهو ممن يتعجب منه لإخراجه له في

المستدرك وصالح عندهم ضعيف بسبب سوء حفظه وكأنه تساهل فيه لكونه من فضائل الأعمال اهـ، وبه يعلم ما وقع فيه الأهدل من الوهم فإن الذي انفرد به صالح

ص: 248