الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فصل:
حمد الله تعالى ركن في خطبة الجمعة وغيرها، لا يصحُّ شيء منها إلا به، وأقل الواجب: الحمد لله، والأفضل أن يزيد من الثناء، وتفصيله معروف في كتب الفقه. ويشترط كونها بالعربية.
فصل: يستحبُّ أن يختم دعاءه بالحمد لله رب العالمين، وكذلك يبتدئه بالحمد لله، قال الله تعالى:{وَآخِرُ دَعْوَاهُمْ أَنِ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالمِينَ} [يونس: 10]، وأما ابتداء الدعاء بحمد الله وتمجيده، فسيأتي دليله من الحديث الصحيح قريبًا في "كتاب الصلاة على رسول الله صلى الله عليه وسلم" إن شاء الله تعالى.
ــ
وآخر دعوى أهل الجنة وهي لكونها جملة اسمية دالة على ثبوت ذلك واستمرار الدوام له سبحانه وتعالى أبلغ من الجملة الفعلية الدالة على التجدد والحدوث وكأن هذا من حكم افتتاح الكتاب العزيز بذلك أي الإشارة إلى أنه المحمود في الأزل وفيما لا يزال وفي قوله رب العالمين أي مربيهم بنعمة الإيجاد ثم بنعمة التسمية والإمداد تحريض وحث للمتقنطين على القيام بحمده وشكره كل وقت وحين.
فصل
قولهء: (وأَقل الواجبِ الحمدُ لله) المراد لفظ الله ولفظ حمده فيحصل بقول الحمد وأحمد الله ونحمد أو أحمد أو لله الحمد لا بنحو الحمد للرحمن ولا بنحو الشكر لله. قوله (ويشترط كونُها) أي أركانها بالعربية أي وإن لم يفهمها القوم وذلك لاتباع السلف والخلف فإن أمكن تعلمها وجب على الجميع على سبيل فرض الكفاية فيسقط بتعلم واحد فإن لم يفعل عصوا ولا جمعة لهم فإن لم يمكن تعلمها ترجم بلغته فإن لم يحسن أن يترجم فلا جمعة، فإن قلت ما فائدة الخطبة بالعربية إذا لم يعرفها القوم قلت أجيب بأن فائدتها العلم بالوعظ من حيث الجملة ولذا صحت الجمعة فيما إذا سمع الأربعون الخطبة وإن لم يفهموا معناها.
فصل
قوله: (وآخرُ دَعواهُمْ الخ) قال الزجاج أعلم الله تعالى أنهم يبتدئون بتعظيمه وتنزيهه ويختمون بشكره والثناء عليه ثم الدعوى مصدر كالدعاء قال الواحدي في سورة الأعراف والدعوى اسم يقوم مقام الادعاء والدعاء حكى سيبويه اللهم أشركنا في صالح دعوكما المسلمين اهـ. قوله: (أتى الحمدُ لله الخ) أن مخففة
فصل: يستحب حمد الله تعالى عند حصول نعمة، أو اندفاع مكروه، سواء حصل ذلك لنفسه، أو لصاحبه، أو للمسلمين.
روينا في "صحيح مسلم" عن أبي هريرة رضي الله عنه، "أن النبي صلى الله عليه وسلم أتيَ ليلة أُسْرِيَ به بقدحين من خمر ولبن فنظر إليهما، فأخذ اللبن، فقال له جبريل صلى الله عليه وسلم: الحمد لله الذي هداك للفطرة، لو أخذت الخمر غوت أمتك".
ــ
من الثقيلة واسمها ضمير شأن محذوف وجملة الحمد لله الخ. خبر أن وأن وخبرها
خبر عن آخر وقرئ أن بالتشديد وزعم صاحب النظم أن أن زائدة والحمد لله خبر وآخر دعواهم قال في النهر وهو مخالف لنص النحويين اهـ. قوله: (وتمجيدهِ) المجد العظمة ونهاية الشرف هذا هو المشهور كذا في شرح مسلم للمصنف.
فصل
قوله: (يُستحَبُّ حمدُ الله الخ) لأن ذلك من شكر النعمة وشكر النعم سبب لزيادتها ودوامها ولذا استحب سجود الشكر عند حدوثها بشرطه. قوله: (رَوَينَا في صحيح مُسلم) قال الحافظ بعد تخريجه هذا حديث صحيح متفق عليه وعجب من اقتصار الشيخ على مسلم فقد أخرجه البخاري في أول كتاب الأشربة بتمامه وأخرجه أيضًا باختصار وأخرجه مسلم في الأشربة وفي الإيمان وأخرجه النسائي وغيره. قوله: (أُتِي ليلةَ أُسْرِيَ بهِ بقدَحَينِ مِنْ خَمْرٍ ولبَنٍ الخ) في صحيح مسلم أن ذلك بأيلياء. قال المصنف في شرحه: وهو بالمد والقصر ويقال بحذف الباء الأولى ثم في هذه الرواية محذوف تقديره أتي بقدحين فقيل له اختر أيهما شئت كما جاء مصرحا به وقد ذكره مسلم في كتاب الإيمان أول الكتاب فألهمه الله تعالى اختيار اللبن لما أراد سبحانه وتعالى من توفيق أمته واللطف بها ولله الحمد والمنة. قول جبريل "أصبت الفطرة" قيل في معناه أقوال: المختار منها أن الله تعالى أعلم جبريل أن اختبار اللبن كان كذا، وأما الفطرة فالمراد بها هنا الإسلام والاستقامة كذا في كتاب الأشربة، وفي باب الإسراء منه معناه والله أعلم اخترت علامة الإسلام والاسنقامة وجعل اللبن علامة لكونه سهلًا طيبًا طاهرًا سائغًا للشاربين. وأما الخمر فإنها أم الخبائث وجالبة لأنواع الشر في الحال والمآل والله أعلم. قوله:(غَوَتْ أُمَّتُكَ) معناه ضلت وانهمكت في الشر اهـ.
فصل: روينا في كتاب الترمذي وغيره عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إذا مَاتَ وَلَدُ العَبْدِ قال اللهُ تَعَالى لِمَلائِكَتِهِ: قَبَضتُمْ وَلَدَ عَبْدِي؟ فَيَقُولُونَ:
نَعَمْ، فَيَقُولُ: قَبَضْتُم ثَمَرَةَ فُؤَادِهِ؟ فَيَقُولُون: نَعَمْ؟ فيَقُولُ: فماذَا قال عَبْدي؟ فيَقُولونَ: حَمِدَكَ وَاسْترْجَع، فَيَقُول الله تعالى: ابْنُوا لِعَبْدي بَيتا في الجَنَّةِ، وسَمُّوهُ بَيتَ الحَمْدِ" قال الترمذي: حديث حسن. والأحاديث في فضل الحمد كثيرة مشهورة، وقد سبق في أول الكتاب جملة من الأحاديث
ــ
فصل
قوله: (رَوَينَا في كتَابِ الترمذِيِّ الخ) وأحمد وابن حبان في صحيحه أيضًا. وقال الحافظ: الحديث حسن وقال الترمذي فيه حسن غريب واختلف في توثيق أبي سنان أحد رواته وتضعيفه واعتمد ابن حبان توثيقه فأخرج الحديث في صحيحه والله أعلم. قوله: (قَال الله تَعَالى لملائكتِهِ الخ) أي تنبيهًا لهم على عظيم فضل ثواب الصابرين وإلّا فهو غني عن هذه المسألة فقد أحاط علمه بكل
شيء. قوله: (فَيقُول قَبضتمْ ثمرةَ فُؤَادِهِ الخ) القول فيه التنبيه على عظيم صبره لعظيم مصابه وترقى من قوله ولد عبدي أي فرع شجرته إلى ثمرة الفؤاد المكنى بها عن الولد لكونه بمنزلة خلاصة الخلاصة إذ القلب خلاصة البدن وخلاصته اللطيفة الموضوعة فيه من كمال الإدراكات والعلوم التي خلق لها وشرف بشرفها فلشدة شغف هذه اللطيفة بالولد صار كأنه ثمرتها المقصود منها فبين هذا الترقي وجه عظمة هذا المصاب وعظمة الصبر عليه مع ذلك. قال في النهاية، سمي الولد ثمرة لأن الثمرة ما تنتج الشجرة والولد نتيجة الأب اهـ. ثم إن المصاب ترقى من مرتبة الصبر إلى مقام الحمد كما أخبرت عنه الملائكة. قوله:(حَمِدَكَ واسْتَرْجَعَ) أي قال الحمد لله إنا لله وإنا إليه راجعون يقال منه رجع واسترجع. قوله: (ابْنُوا لِعبدِي بيتًا في الجنّةِ الخ) قال العلماء لما عظم على المصاب المصيبة ومع ذلك لم يعدها مصيبة من كل وجه بل من وجه فاسترجع ونعمة من وجه آخر فحمد ناسب أن يقال بالحمد حتى يسمى محله به. وفي الخبر الجمع بين الحمد والاسترجاع وما روي عن داود عليه السلام من أنه يقول في المصيبة هذا موضع استرجاع وللحمد مكان محمول
الصحيحة في فضل: سبحان الله والحمد لله ونحو ذلك.
فصل: قال المتأخرون من أصحابنا الخراسانيين: لو حلف إنسان ليحمدن الله تعالى بمجامع الحمد -ومنهم من قال: بأجَلِّ التحاميد- فطريقه في
ــ
على المصيبة الدينية والجمع بينهما على المصيبة الدنيوية والله أعلم.
فصل
قوله: (قَال المتأخرونَ مِنْ أصحابِنا الخ) قال من الأصحاب المذكورين القاضي حسين وتبعه المتولي، وإمام الحرمين وتبعه الغزالي وذكره الرافعي في الشرح الكبير. قوله:(ومِنهُمْ مَنْ قَال بأَجل التحاميدِ) نقله في الروض عن المتولي والتحاميد جمع تحميد مصدرحمد المضاعف. قوله: (فَطرِيقهُ في بِرِّ يَمينِهِ الخ) قال الرافعي في الشرح الكبير إن جبريل علمه لآدم عليهما السلام وقد قال علمتك مجامع الحمد وقال الحافظ قال ابن الصلاح هذا حديث منقطع الإسناد وحدث به الرافعي في أماليه جل رجاله ثقات عن محمد بن النضر الحارثي قال قال آدم يا رب شغلتني بكسب يدي فعلمني شيئًا فيه مجامع الحمد والتسبيح فأوحى الله تبارك وتعالى إليه يا آدم إذا أصبحت فقل ثلاثًا وإذا أمسيت فقل ثلاثًا الحمد لله رب العالمين حمدًا يوافي نعمه ويكافئ مزيده فذلك مجامع التحميد والتسبيح لكن محمد بن النضر لم يكن صاحب حديث ولم يجئ عنه شيء مسند، وقد روى عنه من كلامه جماعة منهم عبد الله بن المبارك وعبد الرحمن بن مهدي وأبو أسامة حماد بن أسامة وقال كان من أعبد أهل الكوفة، وأبو نضر راوي الأثر عن محمد بن النضر اسمه عبد العزيز. وجاء عن محمد بن
النضر في التحميد أثر آخر ثم أخرجه الحافظ من طريق أبي نعيم في الحلية عن محمد بن عيسى قال جاء رجل إلى محمد بن النضر فسأله عن تحميد الرب فقال سبحان ربي العظيم وبحمده حمدًا خالدًا بخلوده حمدًا لا منتهى له دون علمه حمدًا لا أمد لدون مشيئته حمدًا لا جزاء لقائله دون رضاه قال أبو نعيم كان محمد بن النضر أعبد أهل الكوفة ولم يكن الحديث شأنه وإنما كانوا يكتبون عنه من كلامه ثم ساق إليه عدة آثار وحديثين مرفوعين رواهما عن الأوزاعي بغير سند من الأوزاعي إلى النبي صلى الله عليه وسلم ويستفاد من ذلك معرفة طبقته وإن شيوخه من أتباع التابعين ولعله بلغه الأثر الأول عن بعض والله أعلم. اهـ، وفي الإمداد لابن
بَرِّ يمينه أن يقول: الحمد لله
حمدًا يوافي نعمه ويكافئ مزيده، ومعنى يوافي نعمه: أي يلاقيها فتحصل معه، ويكافئ، بهمزة في آخره: أي يساوي مزيد نعمه، ومعناه: يقوم بشكر ما زاده من النعم والإحسان. قالوا: ولو حلف ليثنينَّ على الله تعالى أحسن الثناء، فطريق البَر أن يقول: لا أحصي ثناءً عليك أنت كما أثنيت على نفسك. وزاد بعضهم في آخره: ذلك الحمد حتى ترضى. وصوّر أبو سعد المتولي المسألة فيمن حلف: ليثنين على الله تعالى بأجل الثناء وأعظمه، وزاد في أول الذكر: سبحانك.
وعن أبي نصر التمار عن محمد بن النضر رحمه الله تعالى قال: قال آدم صلى الله عليه وسلم: يا رَب شَغَلْتَني بِكَسْب يَدي، فعَلِّمْنِي شَيْئًا فيهِ مَجامِعُ الحَمْدِ وَالتَّسْبِيح، فأوحى اللَّهُ تبارك وتعالى إليه: يا آدَمُ إذَا أصْبَحتَ فَقُلْ ثَلاثًا، وإذَا أمْسَيْتَ فَقُلْ ثَلاثًا: الحَمْدُ لَلهِ رَب العَالمِينَ حَمْدًا يوافِي نِعَمَهُ ويكَافِئُ مَزِيدَهُ، فَذلِكَ مَجَامِعُ الحَمْدِ والتسْبيحِ والله أعلم.
ــ
حجر بعد ذكر المسألة وما ذكر عن جبريل رواه ابن الصلاح بإسناد معضل تارة وضعيف منقطع أخرى ومن ثم قال في الروضة ليس لهذه المسألة دليل معتمد أي من الأحاديث وإلا فدليله من حيث المعنى ظاهر وفي التحفة ولو قيل يبر بيا ربنا لك الحمد كما ينبغي لجلال وجهك وعظيم سلطانك لكان أقرب بل ينبغي أن يتعين لأنه أبلغ معنى وصح به الخبر اهـ. قال ابن عطية في شرح الإرشاد قال الزركشي روي في سبل الخيرات أن رجلًا حج وأخذ بحلقة الباب وقال الحمد لله بجميع محامده ما علمت منها وما لم أعلم على جميع نعمه ما علمت منها وما لم أعلم مدى خلقه كلهم ما علمت منهم وما لم أعلم ثم جاء العام الثاني وهم أن يقولها فناداه ملك قد أتعبت الحفظة من العام الأول إلى الآن لم يفرغوا مما قلت ولا شك أن في هذا زيادة فينبغي أن لا يبر إلّا به اهـ قوله: (يُوافي نِعمَهُ أَي يُلاقِيهَا فتحصُلُ معهُ) بمعنى أن الحمد يفي بالنعم ويقوم بحقوقها. قوله: (وزَادَ بعضهمْ) هو إبراهيم