الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فصل: فيمن نام عن حزبه ووظيفته المعتادة:
روينا في "صحيح مسلم": عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "مَن نامَ عَنْ حِزْبهِ مِنَ الليلِ أو عَنْ شَيءٍ مِنْهُ، فقَرَأهُ ما بَيْنَ صلاةِ الفَجْرِ وصلاةِ الظهْرِ كُتِبَ لهُ كأنما قرأة منَ الليلِ".
فصل في الأمر بتعهد القرآن والتحذير من تعريضه للنسيان:
روينا في "صحيحي البخاري ومسلم" عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
ــ
رواية ابن عباس لا رواية أنس المذكورة في المتن والله أعلم وفي النهاية أنه سئل أي الأعمال أفضل فقال الحال المرتحل قيل وما الحال قال الخاتم المفتتح هو الذي يختم القرآن بتلاوته ثم يفتتح التلاوة من أوله شبهه بالمسافر يبلغ المنزل فيحل فيه ثم يفتتح سيره أي يبتدئه وكذلك قراء أهل مكة إذا ختموا القرآن ابتدأوا وقرأوا الفاتحة وخمس آيات من أول سورة البقرة إلى وأولئك هم المفلحون ثم يقطعون القراءة ويسمون فاعل ذلك الحال المرتحل أي أنه ختم القرآن وابتدأ بأوله ولم يفصل بينهما بزمان وقيل أراد بالحال المرتحل المغازي الذي لا يفعل إلّا عقبه بأخرى اهـ.
فصل
قوله: (رَوَينا في صَحِيح مسلم الخ) تقدم الكلام عليه في الفصل. قوله: (حِزْبِهِ) هو بكسر الحاء المهملة وإسكان الزاي أي ما عليه من الورد من قرآن أو غيره. قوله: (فقرأَهُ مَا بينَ الخ) خص هذا الوقت بذلك لأنه مضاف عند العرب إلى الليل وفي الحديث الاعتناء بالرواتب وقضاء الراتب المؤقت قال الحافظ ظاهر الحديث أن القراءة بالليل أفضل من القراءة بالنهار وقد جاء ذلك صريحًا ثم أخرج من طريق أبي نعيم في المستخرج عن جابر قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول أيكم خاف ألا يقوم من آخر الليل فليوتر ثم يرقد ومن وثق باليقظة من الليل فليوتر من آخر الليل فإن قراءة آخر الليل محضورة وذلك أفضل، حديث صحيح أخرجه مسلم اهـ.
فصل في الأمر بتعهد القرآن والتحذير من تعريضه للنسيان
قوله: (رَوَينْا في صَحِيحِي البُخارِي ومسلم) وكذا رواه الإمام أحمد في مسنده كما في
"تَعاهَدُوا هَذا القُرآنَ، فوَالذي نَفْسُ مَحَمدِ بيَدِهِ لَهُوَ أشَدُّ تَفَلُّتا مِنَ الإبل في عُقُلِها".
وروينا في "صحيحيهما" عن ابن عمر رضي الله عنهما، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"إنما مَثَلُ صَاحِبِ القُرآنِ كَمَثَلِ الإبلِ المُعَقَّلةِ، إنْ عاهَدَ عَلَيها أمْسَكَها، وَإنْ أطْلَقها ذَهَبَتْ".
وروينا في كتاب أبي داود، والترمذي، عن أنس رضي الله عنه قال: قال
رسول الله صلى الله عليه وسلم: "عُرِضَتْ عَليّ
ــ
الجامع الصغير وخرجه الحافظ من طرق عديدة قوله: (تعاهدُوا هذَا القرآنَ) أي واظبوا على تلاوته وداوموا على تكرار دراسته كيلا ينسى. قوله: (عقُلهَا) بضم العين المهملة والقاف ويجوز إسكان القاف كنظائره وهو جمع عقال ككتاب وكتب والعقال الحبل الذي يعقل به البعير حتى لا يند ولا يشرد شبَّه
القرآن في حفظه بدوام تكراره ببعير أحكم عقاله ثم أثبت له التفلت الذي هو من صفات المشبه به أشده وأبلغه تحريضًا على مداومة تعهده وعدم التفريط في شيء من حقوقه ولم لا وهو الكلام القديم المتكفل لقارئه بكل مقام كريم وما هو كذلك حقيق بدوام التعهد وخليق باستمرار التفقد. قوله: (وروَينا في صحيحَه) وكذا رواه كما في الجامع الصغير أحمد في مسنده والنسائي وابن ماجة وكذا أخرجه ابن حبان وأبو نعيم وعند مسلم في رواية له وابن ماجة بلفظ مثل القرآن إذا عاهد عليه صاحبه آناء الليل وآناء النهار كمثل صاحب الإبل أن عقلها حفظها وإن أطلق عنها ذهبت. قوله: (مثلِ صاحب القرآن) مثل بفتحتين أي صفة قال المصنف في شرح مسلم نقلًا عن القاضي عياض معنى صاحبَ القرآن الذي ألفه والمصاحبة المؤالفة ومنه فلان صاحب فلان وأصحاب الجنة وأصحاب النار وأصحاب الحديث اهـ. قوله: (كمثل صَاحب الابلِ الخ) لا ينافيه تشبيه القرآن فما مر لأنه كما شبه بها فيما مر شبه هنا صاحبه بصاحبها في احتياج كل منهما لتعهد ما عنده حتى لا يفقده فكما أن صاحب الإبل إن لم يحكم عقلها ذهبت ونفرت فلا يقدر على تحصيلها إلَّا بعد مزيد تعب ومشقة فكذا صاحب القرآن إن لم يتعهده بالتكرار آناء الليل وأطراف النهار انفلت منه فلا يقدر على عوده إلّا بعد غاية الكلفة والمشقة ففي الحديث الحث على تعاهد القرآن وتلاوته والحذر من تعريضه للنسيان.
قوله: (وَرَوَينَا في كِتَاب أَبِي دَاوُدَ والترمذي الخ) قال الحافظ
أجُورُ أمتي حتَّى القَذَاةُ يُخْرِجُها الرَّجُلُ مِن المَسْجدِ، وعُرِضَتْ عَليَّ ذُنوبُ أمتي، فلَمْ أرَ ذَنْبًا أعْظَمَ مِنْ سُورَةِ مِنَ القُرْآنِ أو آيَةٍ أوتِيَهَا رَجُلٌ ثمَّ نَسِيَها" تكلم الترمذي فيه.
ــ
المنذري في الترغيب رواه أبو داود والترمذي وابن ماجة وابن خزيمة في صحيحه كلهم من رواية المطلب بن عبد الله بن حنطب عن أنس رضي الله عنه وقال الترمذي حديث غريب لا نعرفه إلَّا من هذا الوجه قال وذاكرت به محمد بن إسماعيل يعني البخاري فلم يعرفه واستغربه وقال محمد لا أعرف للمطلب بن عبد الله سماعًا من أحد من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم إلّا قوله حدثني من شهد خطبة النبي صلى الله عليه وسلم قال سمعت عبد الله بن عبد الرحمن يقول لا نعرف للمطلب سماعًا من أحد من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم قال عبد الله وأنكر على ابن المديني أن يكون المطلب سمع من أنس رضي الله عنه وهذا مراد المصنف بقوله الآتي تكلم فيه الترمذي وقال الحافظ رواه حجاج بن محمد وهو أثبت أصحاب ابن جرير عنه فلم يسم المطلب أخرجه أبو عبيد القاسم بن سلام حجاج عن ابن جرير قال حدثت عن أنس فذكر الحديث مثله لكن قال أكثر بدل أعظم وأخرج عن ابن جرير قال حدثت عن سلمان الفارسي قال قال صلى الله عليه وسلم من أكبر ذنب توافي به أمتي يوم القيامة سورة من كتاب الله كانت مع أحدكم قرأها فنسيها سنده منقطع أيضًا وأخرج أحمد في كتاب الزهد بسند جيد عن أبي العالية واسمه رفيع بالفاء مصغرًا من كبار التابعين قال كنا نعد من أعظم الذنوب أن يتعلم الرجل القرآن ثم ينام عه حتى ينساه اهـ. قال المنذري قالوا أبو زرعة المطلب ثقة أرجو أن يكون سمع من عائشة ومع هذا ففي إسناده عبد المجيد بن عبد العزيز بن أبي
داود وفي توثيقه خلاف اهـ. قوله: (أجورُ أمتي) أي أجور أعمالها. قوله، (حتى القذَاة) أي أجر إخراجها والقذاة ما يقع في العين من نحو تراب وحتى إما جارة بمعنى إلى أي إلى إخراج القذاة وجملة يخرجها من المسجد استئناف بياني أو عاطفة على أجور فالقذاة مبتدأ ويخرجها خبره. قوله:(فلم آرَ ذنْبًا أعظم الخ) أي لم أرَ ذنبًا مترتبًا على نسيان سورة من القرآن وبقولنا
وروينا في سنن أبي داود، ومسند الدارمي،
ــ
مترتبًا الخ. اندفع ما قيل إن الذنوب فيها أعظم من هذا بكثير، أخذ أصحابنا من هذا الحديث وحديث أبي داود الآتي أن نيسان أعظم من ذنب نسيان القرآن أو شيء منه ولو حرفًا واحدًا بعد البلوغ بعد حفظه عن ظهر قلب إذا كان بغير عذر من نحو طول مرض أو غيبة عقل كبيرة وقول الطيبي في شرح المشكاة أنه ليس بكثير عجيب مع تصريح أئمتنا بذلك أي بناء على المختار في حدها انها كل جريمة تؤذن بقلة اكتراث أي اعتناء مرتكبها بالدين ورقة الديانة ثم في التعبير بقوله أوتيها الإشارة إلى أن حفظ الآية نعمة عظيمة أولاها الله إياه ليقوم بها ويشكر موليها فلما نسيها كان إثمه أعظم إثمًا من نسيان ما سواها قيل شطر الحديث مقتبس من قوله تعالى:{قَال كَذَلِكَ أَتَتْكَ آيَاتُنَا فَنَسِيتَهَا} [طه: 126 - 126]، وكذلك اليوم تنسى اهـ. قال في فتح الإله وهذا على قول في الآية وأكثر المفسرين على أنها في المشرك قال القرطبي في التذكار وسياق الآية ظاهر في تلاوة القرآن وقيل المراد بالترك في الآية والنسيان في الحديث ترك العمل به وهو تأويل حسن فيه ترجية إلَّا أن ظاهر الآية والحديث التلاوة والله أعلم.
فإن قلت ما المناسبة بين شطري الخبر، قلنا هي أن المسجد بيته تعالى والقرآن كلامه سبحانه فكما اقتضى القيام بخدمة بيته المدح للفاعل اقتضى ترك كلامه المؤدي للنسيان إلى المبالغة في ذمه بأنه لا أعظم من ذنبه وقال لما عد إخراج القذاة التي ينوبه بها من الأجور تعظيمًا لبيت الله تعالى عد أيضًا النسيان من أعظم الجرم تعظيمًا لكلامه سبحانه فكأن فاعل ذلك عد الحقير عظيمًا بالنسبة إلى العظيم فأزاله عنه وصاحب هذا عد العظيم حقيرًا فأزاله عن قلبه فانظر إلى هذه الأسرار العجيبة التي احتوتها هذه الكلمات اليسيرة والحمد لله الذي هدانا لهذه الآية اهـ. قوله:(ورَوَينَا في سنن أَبِي داوُدَ) قال المنذري في الترغيب رواه أبو داود عن يزيد بن أبي زياد عن عيسى بن فايد عن سعد قال المنذري ويزيد بن أبي زياد هو الهماشمي مولاهم الكوفي يكنى أبا عبد الله قلت قال الحافظ ابن حجر في التقريب ضعيف كبر فتغير وصار يتلقن وكان شيعية خرج عنه البخاري في التاريخ ومسلم والأربعة اهـ. قال المنذري ومع هذا فعيسى بن فايد إنما روى عمن سمع سعدًا قاله عبد الرحمن بن أبي حاتم وغيره. قوله: (ورَوينَا في سُنَنِ أبِي دَاوُدَ ومُسندِ الدارمي) قال بعد تخريجه حديث غريب أخرجه
عن سعد بن عبادة رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "مَنْ قَرَأ القُرآنَ ثم نَسِيَه
ــ
أحمد والطبراني وأخرجه أبو داود وأشار الحافظ إلى اضطراب في سنده ووقع في رواية لأحمد ولابنه عبد الله ولأبي بكر بن أبي داود عن عبادة بن الصامت بدل سعد بن عبادة والراجح الأول والله أعلم، وجاء في رواية وهو مجزوم.
قوله: (عَنْ سَعْد بنِ عبَادَةَ) هو سعد بن عبادة بن دليم بن حارثة بن أبي خزيمة بن ثعلبة بن طريف بن الخزرج بن ساعدة بن كعب بن الخزرج الأنصاري سيد الخزرج يكنى أبا ثابت وقيل أبا قيس كان من نقباء العقبة واختلف في شهوده بدرًا روى عنه بنوه قيس وسعيد وإسحاق وابن عباس وآخرون قال ابن عيينة هو عقبي بدري نقيبًا وقال ابن سعد تهيأ للخروج إلى بدر فنهش فأقام قال الحافظ ابن حجر في التقريب وقع في صحيح مسلم أنه شهد بدرأ والمعروف عند أهل المغازي أنه تهيأ للخروج فنهش اهـ، وكان يسمى الكامل لأنه كان يحسن الكتابة والعوم والرمي وكان من الأجواد كانت جفنته تدور مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في بيت أزواجه وكان يذهب كل ليلة بثمانين من أهل الصفة يعشيهم وكان مناديه ينادي على أطعمة من كان يريد شحمًا أو لحمًا فليأت سعدًا وكان يقول، اللهم هب لي حمدًا وهب لي مجدًا: لا مجدًا إلّا بفعال ولا فعال إلا بمال اللهم أنه لا يصلحني القليل ولا أصلح عليه. وقيل كان عبادة ينادي على أطعمة بذلك قال ابن عبد البر يقال أنه لم يكن في الأوس والخزرج أربعة يطعمون يتوالون في بيت واحد إلّا قيس بن عبادة بن دليم قال ولا كان مثل ذلك في العرب أيضًا إلا ما ذكرناه عن صفوان بن أمية قال في سعد بن عبادة وسعد بن معاذ جاء الخبر المشهور أن قريشًا سمعوا صائحًا يصيح ليلًا على أبي قبيس:
فإن يسلم السعدان يصبح محمد
…
بمكة لا يخشى خلاف المخالف
قال فطنت قريش أنهما سعد بن زيد مناة وسعد بن هذيم فلما كانت الليلة الثانية سمعوا صوتًا على أبي قبيس.
أيا سعد سعد الأوس كن أنت نصرًا
…
ويا سعد سعد الخزرجين الغطارف
أجيبا إلى داعي الهدى وتمنيا
…
على الله في الفردوس نية عارف
لَقِيَ اللهَ تعالى يَومَ القِيامَةِ أجْذمَ".
ــ
فإن ثواب الله للطالب الهدى
…
جنان من الفردوس ذات رفارف
ووجد سعد ميتًا في مغتسله وقد أحضر جسده ولم يشعروا بموته حتى سمعوا قائلًا يقوله ولا يرونه.
قد قتلنا سيد الخز
…
رج سعد بن عبادة
ورميناه بسهميـ
…
ـن فلم نخط فؤاده
فيقال إن الجن قتلته وقال ابن سيرين أنه بال قائمًا فلما رجع قال لأصحابه اني أجد دبيبًا فمات واختلف في وفاته فقيل مات بحوران سنة خمس عشرة وقيل أربع عشرة وقيل إحدى عشرة وقيل أنه مات ببصرى وهي أول مدينة فتحت بالشام رضي الله عنه قال الحافظ في التقريب روى عنه الأربعة. قوله: (لَقِيَ الله تَعالى يوم القيامةِ أَجْذَمَ) الجذام في الحديث على ظاهره ووجه مناسبة العقوبة أن القرآن نور أي نور ترتاح به النفس وتقر به العين باطنًا وظاهرًا سيماهم في وجوههم فعوقب من فوته
بالترك والإهمال بضده من سواد الوجه وغيره وشناعة الخلقة إذ الجذام داء يحمر منه العضو ثم يسود ويتقطع ويتناثر اللحم وذلك يوجب هجر الناس له ونفرتهم ما أمكن استقذارًا له وخوفًا من شره قال صلى الله عليه وسلم فر من المجزوم فرارك من الأسد، فالجذام في الحديث على ظاهره وقيل معناه مقطوع اليد من الجذم القطع واحتج له أبو عبيد كما في الغريبين بقول علي رضي الله عنه من نكث بيعته لقي الله وهو أجذم ليس له يداه ورد بأن الاجذم معنى حقيقي متعارف في الشرع هو ما قدمته ولا يجوز حمله على غيره إلَّا بدليل لما هو مقرر من تعين حمل كلام صاحب الشرع على المعنى الشرعي فإن منع منه مانع شرعي فعلى اللغوي فالعرفي وهذا له معنى شرعي لم يمنع منه مانع فوجب الحمل عليه والفرق بين ما هنا وقول علي رضي الله عنه المذكور واضح فلا يتم احتجاج أبي عبيد إذ البيعة إنما تعقد باليد كما كانوا يفعلون فبين علي كرم الله وجهه أن نكث ما باليد عقوبته قطع اليد لأنه من جنسه وكذلك هنا لأن النسيان الذي هو سبب العقوبة أمر قائم بالقلب وهو رئيس البدن الذي به صلاحه وفساده فسرى فساده إلى جميع البدن فابتلي بالجذام في سائر بدنه لتتم محاكاة العقوبة لما به الذنب وقد صرح بما ذكرناه ابن قتيبة حيث قال الأجذم هنا من ذهبت أعضاؤه كلها وليست يد الناسي أولى بالعقوبة من سائر
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
أعضائه يقال رجل جذم إذا تهافتت أعضاؤه من الجذام اهـ، وقيل معناه أنه أجذم الحجة لا لسان له يتكلم به فلا حجة في اليد واليد يراد بها الحجة ألا ترى أن الصحيح اليد يقول لصاحبه قطعت يدي أي أبطلت حجتي ويرد بأنه بعيد فلا يصرف اللفظ عن ظاهره إليه من غير حاجة لما علمت من صحة إجراء اللفظ على ظاهره بل تعينه وقال الخطابي معناه ما ذكر ابن الأعرابي أي خالي اليد عن الخير وكنى باليد عما تحويه اليد اهـ، ورد بأنه مجاز لا حاجة إليه بوجه إذ لا أبلغية فيه بل حمله على الظاهر المتعين في مثله من كل ما صح فيه إجراء النص على ظاهره أبلغ وعبر بعضهم بقوله معناه منقطع السبب ألا ترى لحديث القرآن سبب بيد الله وسبب بأيديكم فإذا ترك القرآن انقطع ذلك السبب قال أبو عبيد يقال أن وجه هذا الحديث إنما هو على التارك لتلاوة القرآن الجافي عنه ومما يبين ذلك قوله استدركوا القرآن وقوله تعهدوا القرآن فليس يقال هذا إلَّا للتارك قال الضحاك بن مزاحم ما من أحد تعلم القرآن ثم نسيه إلا بذنب يحدثه ثم قال يقول الله تعالى وما أصابكم من مصيبة الآية ونسيان القرآن من أعظم المصائب قال أبو عبيد فالحديث إنما هو على الترك أما من دأب على تلاوته وهو حريص على حفظه إلَّا أن النسيان يغلبه فليس من ذلك في شيء وقد كان صلى الله عليه وسلم ينسى الشيء من القرآن حتى يذكره ومنه حديث عائشة أنه سمع رجلًا يقرأ في المسجد فقال رحم الله فلانًا لقد أذكرني آيات اهـ.
تنبيه
قال الجلال البلقيني والزركشي وغيرهما محل كون نسيانه كبيرة عند من قال به إذا كان عن تكاسل وتهاون اهـ، وكأنه احتراز عما إذا اشتغل عنه بنحو إغماء أو مرض مانع من القراءة وغيرهما من كل ما يتأتى معه القرآن وعدم التأثم حينئذٍ واضح لأنه مغلوب عليه ولا اختيار له فيه بوجه بخلاف ما إذا اشتغل عنه بما يمكنه القراءة معه وإن كان ما اشتغل به أهم كتعلم العلم العيني لأنه ليس من شأن
تعلمه الاشتغال عن القرآن المحفوظ حتى ينسى ويؤخذ من قولهم أن نسيان آية منه كبيرة أيضًا أنه يجب على من يحفظه بصفة من إتقان أو توسط ونحوهما كان يتوقف فيه أو يكثر غلطه فيه أن يستمر على تلك الصفة التي حفظه عليها ولا يحرم عليه إلَّا نقصها من حافظته أما زيادتها على ما كان في حافظته فهو وإن كان أمرا مؤكدا ينبغي الاعتناء به لمزيد