المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌كتاب تلاوة القرآن - الفتوحات الربانية على الأذكار النواوية - جـ ٣

[ابن علان]

فهرس الكتاب

- ‌باب الدعاء بعد التشهد الأخير

- ‌باب السلام للتحلل من الصلاة

- ‌باب ما يقول الرجل إذا كلمه إنسان وهو في الصلاة

- ‌باب الأذكار بعد الصلاة

- ‌باب الحث علي ذكر االله تعالى بعد صلاة الصبح

- ‌باب ما يقال عند الصباح وعند المساء

- ‌باب يقال في صبيحة الجمعة

- ‌باب ما إذا طلعت الشمس

- ‌باب ما يقول إذا استقلت الشمس

- ‌باب ما يقول إذا استقلت الشمس إلى العصر

- ‌باب ما يقوله بعد العصر إلى غروب الشمس

- ‌باب ما يقوله إذا سمع أذان المغرب

- ‌باب ما يقوله بعد صلاة المغرب

- ‌باب ما يقرؤه في صلاة الوتر وما يقوله بعدها

- ‌باب ما يقول إذا أراد النوم واضطجع على فراشه

- ‌باب كراهية النوم من غير ذكر الله تعالى

- ‌باب ما يقول إذا استيقظ في الليل وأراد النوم بعده

- ‌باب ما يقول إذا قلق في فراشه فلم ينم

- ‌باب ما يقول إذا كان يفزع في منامه

- ‌باب ما يقول إذا رأى في منامه ما يحب أو يكره

- ‌باب ما يقول إذا قصت عليه رؤيا

- ‌فائدة

- ‌باب الحث على الدعاء والاستغفار في النصف الثاني من كل ليلة

- ‌باب الدعاء في جميع ساعات الليل كله رجاء أن يصادف ساعة للإجابة

- ‌باب أسماء الله الحسنى

- ‌كتاب تلاوة القرآن

- ‌فصل: في الأوقات المختارة للقراءة

- ‌فصل في آداب الختم وما يتعلق به:

- ‌فصل: فيمن نام عن حزبه ووظيفته المعتادة:

- ‌فصل في الأمر بتعهد القرآن والتحذير من تعريضه للنسيان:

- ‌فصل: في مسائل وآداب ينبغي للقارئ الاعتناء بها

- ‌كتاب حمد الله تعالى

- ‌فصل:

- ‌‌‌فصل:

- ‌فصل:

- ‌كتاب الصلاة على رسول الله صلى الله عليه وسلم

- ‌باب أمر من ذكر عنده النبي صلى الله عليه وسلم بالصلاة عليه والتسيم صلى الله عليه وسلم

- ‌باب صفة الصلاة على رسول الله صلى الله عليه وسلم

- ‌باب استفتاح الدعاء بالحمد لله تعالي والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌باب الصلاة على الأنبياء وآلهم تبعًا لهم صلى الله عليهم وسلم

- ‌فصل:

- ‌فصل:

- ‌كتاب الأذكار والدعوات للأمور العارضات

- ‌باب دعاء الاستخاره

الفصل: ‌كتاب تلاوة القرآن

‌كتاب تلاوة القرآن

اعلم أن تلاوة القرآن هي أفضل الأذكار، والمطلوب القراءةُ بالتَّدَبُّرِ.

ــ

وما كان منها لا يليق بالعبد معانيها كالله والأحد والقدوس وشبهها فإنه يجب على العبد الإقرار بها والتذلل لها والاستشفاق منها وما كان منها بمعنى الوعيد كشديد العقاب عزيز ذو انتقام فإنه يجب على العبد الوقوف عند أمره واجتناب نهيه واستشعار خشيته عر وجّل كخوف وعيده وشديد عقابه هذا وجه إحصائها فهذا يدخل الجنة إن شاء الله تعالى اهـ، وقيل معنى ذلك أن يعلم أنه سميع فيكف لسانه عن القبيح وأنه حكيم فيسلم لحكمته وزاد المصنف في شرح مسلم فحكى أن معنى أحصاها عدها في الدعاء بها قلت لعل الزين العراقي في المستخرج على المستدرك بعد أن أورد رواية للشيخين بلفظ من حفظها الخ. قال البيهقي وذلك يدل على أن المراد بقوله من أحصاها من عدها اهـ، وفيه بعد بل الظاهر أن رواية الشيخين تؤيد من فسر أحصى بحفظ على أنه قد ورد في رواية لأبي نعيم من أحصاهن أو عدهن أورده العراقي وهي لكون العطف مقتض للمغايرة يأبى من تفسير الإحصاء بالعد والله أعلم، وقيل معناه العمل بها والطاعة بمعنى كل اسم منها والإيمان بما لا يقتضي عملًا وقال بعضهم المراد حفظ القرآن وتلاوته قوله لأنه مستوف له وهذا ضعيف اهـ، وفي النهاية بعد أقوال وقيل من استخرجها من كتاب الله وأحاديث رسوله صلى الله عليه وسلم لأنه صلى الله عليه وسلم لم يعدها لهم إلَّا ما جاء في رواية أبي هريرة وتكلموا فيها وقيل أراد من أخطر بباله عند ذكرها معناها وتفكر في مدلولها معظمًا لمسماها ومقدسًا ومعتبرًا بمعانيها ومتدبرًا راغبًا فيها وراهبًا والله سبحانه أعلم.

كتاب تلاوة القرآن

قوله: (اعلم أَن تلاوةَ القُرآنِ أَفضَل الأَذكَار) أي قراءة القرآن أفضل من الاشتغال بسائر الأذكار لما في حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال قال صلى الله عليه وسلم يقول الرب تبارك وتعالى من شغله ذكري عن مسألتي أعطيته أفضل ما أعطي السائلين وفضل كلام الله على سائر الكلام كفضل الله تعالى على خلقه قال في الحرز فيه الإيماء إلى أن ذكره لكلامه القديم أفضل من ذكره بالذكر الحادث وأيضًا فالقرآن

ص: 226

وللقراءة آداب ومقاصد، وقد جمعت قبل هذا فيها كتابًا مختصرًا مشتملًا على نفائسَ من آداب القراء والقراءة وصفاتها وما يتعلق بها، لا ينبغي لحامل القرآن أن يخفى عليه مثله، وأنا أشير في هذا الكتاب إلى مقاصد من ذلك مختصرة، وقد دللت من أراد ذلك وإيضاحَه على مظِنَّتِه، وبالله التوفيق.

فصل: ينبغي أن يحافظ على تلاوته ليلًا ونهارًا، سفرًا وحضرًا، وقد كانت للسلف رضي الله عنهم عادات مختلفة

ــ

مشتمل على الذكر مع زيادة ما يقتضيه من الفكر والتأمل في لطف مبانيه والعمل بما فيه فكان الاشتغال به أفضل نعم ما ورد من الذكر مختصًا بمكان أو زمان أو حال كأذكار الطواف وليلة الجمعة وحال النوم فالاشتغال به أفضل من الاشتغال بالتلاوة كما تقدم بيانه في باب فضل الذكر أوائل الكتاب. قوله: (ولِلْقَرَاءَةِ آداب) جمع أدب وهو كما تقدم يشارك السنة في أصل الطلب ويفارقها في أنها آكد منه وسيأتي في باب أدب الدعاء زيادة فيه. قوله: (ومقَاصِدُ) جمع مقصد أي أمور يقصد القارئ معرفتها. قوله: (وقَدْ جَمعْتُ الخ) سماه التبيان في علوم القرآن ثم اختصره في نحو كراسين وكذا اختصر كتاب التبيان الشيخ أبو الحسن البكري وقد نظم مقاصد التبيان العلامة ابن العماد الأقفهسي في قصيدة نونية. قوله: (لَا ينْبغي لحَاملِ القرْآنِ أَنْ يخْفى علَيهِ مثْلُهُ) لا ينبغي يكون للتحريم تارة وللكراهة أخرى كما في التحفة لابن حجر. قوله: (مَظِنَّته) بفتح الميم وكسر الظاء المعجمة وتشديد النون بعدها فوقية والمظنة ما يظن وجود الشيء فيه قال الشيخ عثمان الديمي كان حقه فتح الظاء كما هو قياس بناء أسماء المكان إلَّا أنه كسر للحاق التاء آخره.

فصل

قوله: (وقَدْ كانَتْ لِلسلَفِ عادَاتٌ مختَلفة الخ) قال الحافظ أخرج أبو بكر بن أبي داود في كتاب الشريعة بسند فيه مبهم عن مكحول قال كان أقوام من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم يقرأون القرآن في سبع وبعضهم في شهر وبعضهم في شهرين وبعضهم في أكثر من ذلك قال الحافظ هو أثر ضعيف من أجل

المبهم ومن أجل أن مكحولًا لم يسمع من الصحابة إلَّا من عدد يسير قال

ص: 227

في القدر الذي يختمون فيه، فكان جماعة منهم يختمون في كل شهرين ختمة، وآخرون في كل شهر ختمة، وآخرون في كل عشر ليال ختمة، وآخرون في كل ثمان ليال ختمة، وآخرون في كل سبع ليال ختمة، وهذا فعل الأكثرين من السلف،

ــ

البخاري سمع من أنس وواثلة وأبي هند وتبعه الترمذي وزاد ويقال أنه لم يسمع من الصحابة إلَّا من هؤلاء وتوقف أبو مسهر في سماعه من أبي هند. وقوله: (في القدر الذي يختمون فيه أي قدر الزمن الذي يختمون فيه فأل عوض عن المضاف إليه كما قيل به في قوله تعالى: {فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوَى (41)} [النازعات: 41] أي مأواه أو أن القدر عبارة عن جملة مقدرة من الزمان أي في الزمن المقدر لذلك. وفوله: (وآخرُونَ في كل شَهر) كأنهم استندوا إلى أمره صلى الله عليه وسلم لعبد الله بن عمرو أن يقرأ القرآن في كل شهر الحديث رواه مسلم قال الحافظ وعند الترمذي والنسائي عن ابن عمرو قال قلت يا رسول الله في كم اختم القرآن قال في كل شهر قال الحافظ حديث صحيح. قوله: (وآخرُون في عشر ليَالي) قال الحافظ أخرجه أبو بكر بن أبي داود بسندين عن الحسن البصري أنه كان يقرأ القرآن في كل عشر ليال مرة وبسند صحيح عن أبي الأشهب واسمه حبان بن جعفر العطاردي قال كان أبو رجاء يعني العطاردي يختم في شهر رمضان كل عشر ليال ختمة. قوله: (وآخرون في ثمانٍ) قال الحافظ أخرج أبو داود عن أبي بن كعب قال اقرأ القرآن في كل ثمان وأخرجه من طريق آخر بلفظ إني لأقرأ القرآن في كل ثمان وأخرجه سعيد بن منصور والبيهقي من طريق آخر عن أبي قلابة ان أبي بن كعب كان يختم القرآن في كل ثمان وكان تميم الداري يختم في كل سبع. قوله: (وآخرُونَ في سَبع) كأنهم استندوا إلى ما جاء من قوله صلى الله عليه وسلم لعبد الله بن عمرو لما استزاده فاقرأه في سبع ولا تزد على ذلك رواه الشيخان وله شاهد من حديث قيس بن أبي صعصعة أنه قال يا رسول الله في كم أقرأ القرآن قال في خمس عشرة قال إني أجدني أقوى من ذلك قال اقرأه في جمعة قال الحافظ حديث غريب أخرجه أبو عبيد في فضائل القرآن وأخرجه محمد بن نصر المروزي في كتاب قيام الليل وأبو بكر بن أبي داود في كتاب الشريعة

ص: 228

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

وأبو علي بن السكن في كتاب الصحابة قال ابن السكن وابن أبي داود ليس لقيس غيره زاد ابن أبي داود وهو أنصاري شهد بدرًا وزاد ابن السبكي لم يرو عنه غير لهيعة وأخرج ابن أبي داود عن عبد الرحمن بن عبد الله بن مسعود يقرأ القرآن في شهر رمضان من الجمعة إلى الجمعة قال الحافظ موقوف حسن الإسناد وأخرج ابن أبي داود عن ابن مسعود قال اقرؤوا القرآن في سبع قال المصنف في التبيان أما الذين ختموه في الأسبوع مرة فكثير نقل عن عثمان وابن مسعود وزيد بن ثابت وأبي بن كعب وعن جماعة من التابعين اهـ. وقال الحافظ ختمه في سبع أخرجه ابن أبي داود عن عثمان وابن مسعود وتميم الداري بأسانيد صحيحة وخرج أيضًا عن أبي العالية في أصحابه نحو ذلك ونقله عن الصحابة من طريق مجلز عن أئمة الحي وتقدم عن مكحول عن أقوياء الصحابة وأخرجه ابن أبي داود عن جماعة من التابعين وعن جماعة دونهم اهـ. قال القرطبي في كتاب التذكار في أفضل الاذكار كان صلى الله عليه وسلم يقرؤه في سبع تيسيرًا على الأمة وكان يبتدئ فيجعله ثلاث سور حزبًا ثم من بعده خمس سور حزب ثم من بعده سبع سور حزب ثم من بعده تسع سور حزب ثم من بعده إحدى عشرة سورة حزب ثم

من بعده المفصل حزب فذلك سبعة أحزاب قلت وهذا الخبر المرفوع قد أخرجه الحافظ من طريق الطبراني وغيره عن أوس بن حذيفة الثقفي قال قدمنا على النبي صلى الله عليه وسلم في وفد ثقيف فأبطأ علينا ذات ليلة فقال أنه طرأ علي حزبي من القرآن فكرهت أن أخرج حتى قضيته فسألنا أصحابه كيف كان صلى الله عليه وسلم يحزب القرآن فقالوا ثلاثًا وخمسًا وسبعًا وتسعًا وإحدى عشرة وثلاث عشرة وحزب المفصل قال الحافظ حديث حسن أخرجه الإمام أحمد وأبو داود ولم يقع في أكثر الروايات نسبة تحزيب القرآن للنبي صلى الله عليه وسلم صريحًا والذي وقع فيها بلفظ كيف تحزبون القرآن ولم يقع في أكثرها أيضًا تعيين أول المفصل وقد ذكره عبد الرحمن بن مهدي في روايته فقال من قرأ إلى أن يختم ومقتضاه أنه ابتدأ في العد بالبقرة وكأنه لم يذكر الفاتحة لأنه يبتدأ بها في أول كل ركعة وغالب تلاوتهم كانت في الصلاة اهـ، وذكر عن عثمان بن عفان رضي الله عنه كان يفتتح ليلة الجمعة بالبقرة إلى المائدة وليلة السبت بالأنعام إلى هود وليلة الأحد إلى مريم وليلة الاثنين بطه إلى طسم وليلة

ص: 229

وآخرون في كل ستِّ ليال، وآخرون في خمس، وآخرون في أربع، وكثيرون في كل ثلاث، وكان كثيرون يختمون في كل يوم وليلة ختمة،

ــ

الثلاث بالعنكبوت إلى ص وليلة الأربعاء بتنزيل إلى الرحمن ويختم ليلة الجمعة وهذا الأثر أخرجه ابن أبي داود بسند لين عن القاسم بن عبد الرحمن أن عثمان بن عفان كان يفتتح القرآن فذكره وقال بعض العلماء ذهب كثير من العلماء إلى منع الزيادة على السبع أخذًا بظاهر المنع في قوله فاقرأه في سبع ولا تزد والاقتداء برسول الله صلى الله عليه وسلم فلم يرو عنه صلى الله عليه وسلم أنه ختم القرآن في ليلة ولا في أقل من سبع والله أعلم بالمصالح والأجر فضل الله يؤتيه من يشاء فقد يؤتى على القليل ما لا يعطى على العمل الكثير وكأن من لم يمنع الزيادة على السبع حمل قوله ولا تزد على الرفق وخوف الانقطاع فإن أمن ذلك جاز بناء على أن ما كثر من العبادة والخير فهو أحب إلى الله عز وجل والأولى ترك الزيادة لأن قوله ولا تزد أي على السبع وكذا قوله في الخمس خرج مخرج التعليم والله أعلم بحقائق الأمور.

تنبيه

قال العلقمي في شرح الجامع الصغير المراد بالقرآن في حديث الباب يعني حديث ابن عمرو جميعه ولا يرد أن القصة وقعت قبل موته صلى الله عليه وسلم بمدة وذلك قبل أن ينزل بعض القرآن الذي تأخر نزوله لأنا نقول سلمنا ذلك لكن العبرة بما دل عليه الإطلاق وهو الذي فهمه الصحابي فكان يقول ليتني لو قبلت الرخصة ولا شك أنه بعد النبي صلى الله عليه وسلم كان قد أضاف الذي يتنزل آخرًا إلى ما نزل أولًا فالمراد بالقرآن جميع ما كان نزل إذ ذاك وهو معظمه ووقعت الإشارة إلى ما نزل بعد توزع تقسطه اهـ. قوله: (وآخَرُونَ في سِتِّ وآخرون في خَمس) أخرجه الحافظ عن منصور عن إبراهيم النخعي قال كان الأسود بن زيد يختم القرآن في ست وكان علقمة يختمه في خمس وقال بعد إخراجه من طريقين أخرجه ابن أبي داود عن منصور بلفظ كان علقمة يكره أن يختم من أقل من خمس. قوله: (وآَخرُون في أَرْبع) قال الحافظ أخرج ابن أبي داود من طريق مغيث بن سمي قال كان أبو الدرداء يقرأ القرآن في كل أربَع ومن طريق بلال بن يحيى لقد كنت أقرأ بهم ربع القرآن في كل ليلة فإذا أصبحت قال بعضهم لقد خففت بنا الليلة. قوله: (وكثيرونَ في ثلاثٍ) أخرج الحافظ عن معاذ بن جبل رضي الله عنه

ص: 230

ختم جماعة في كل يوم وليلة ختمتين،

ــ

إنه

كان يكره أن يختم في أقل من ثلاث وقال بعد تخريجه رواته ثقات إلَّا أن في سنده انقطاعًا وأخرجه ابن أبي داود من وجه آخر عن معاذ أيضًا وأخرج سعيد بن منصور وابن أبي داود عن ابن مسعود لا يقرأ القرآن في أقل من ثلاث وأخرج أبو داود من طرق عن ابن مسعود من قوله ومن فعله ومن طرف جماعة من التابعين أنهم كانوا يقرأون كذلك منهم إبراهيم النخعي وأبو إسحاق وطلحة بن مصرف وحبيب بن أبي ثابت وجاء في ذلك خبر مرفوع من عبد الله بن عمرو قال أمرني رسول الله صلى الله عليه وسلم أن لا أقرأ القرآن في أقل من ثلاث، عبد الرحمن بن زياد أحد رواته فيه مقال لكن له شاهد من حديث سعد بن المنذر أخرجه أحمد وأبو عبيد وابن أبي داود أنه قال قلت يا رسول أقرأ القرآن في ثلاث قال نعم إن استطعت فكان سعد رضي الله عنه يقرأه كذلك زاد ابن أبي داود حتى توفي وليس لسعد بن المنذر إلَّا هذا الحديث.

تنبيه

لم يذكر الشيخ من كان يقرأ في ليلتين وقد عقد له ابن أبي داود بابًا وأورد فيه عن الأسود بن يزيد النخعي أنه كان يختم القرآن في رمضان في كل ليلتين وسنده صحيح وأخرج الحافظ من طريق الدارمي عن سعيد بن جبير أنه كان يختم القرآن في كل ليلتين قال وأخرجه ابن أبي داود وأخرج ابن سعد بن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف أنه كان يفعل ذلك ومن طريق واصل بن سليمان قال صحبت عطاء بن السائب فكان يختم القرآن في كل ليلتين. قوله (وختَم جمَاعة في كل يْومٍ ولَيلةٍ ختمتَينِ) قال في التبيان منهم عثمان بن عفان وتميم الداري رضي الله عنهما وسعيد بن جبير ومَجاهد والشافعي وآخرون قال الحافظ كأن الشيخ يشير بقوله وجماعة الخ. إلى الحديث الذي جاء عن مسلم بن مخراق قال قلت لعائشة إن رجالًا يقرأ أحدهم القرآن في ليلة مرتين أو ثلاثًا فقالت قرأوا ولم يقرأوا كنت أقوم مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلة التمام فيقرأ بالبقرة وآل عمران والنساء فلا يمر بآية فيها استبشار إلَّا دعا ورغب ولا بآية فيها تخويف إلّا دعا واستعاذ والحديث حسن أخرجه ابن أبي داود وأخرج أحمد المرفوع منه فقط وللمرفوع شاهد صحيح عند مسلم عن حذيفة في قيامه مع النبي صلى الله عليه وسلم بالليل وفيه فقرأ البقرة والنساء وآل عمران إذا مر بآية فيها تسبيح

ص: 231

وآخرون في كل يوم وليلة ثلاث ختمات، وختم بعضهم في أليوم والليلة ثماني ختمات: أربعًا في الليل، وأربعًا في النهار.

وممن ختم أربعًا في الليل وأربعًا في النهار، السيد الجليل ابن الكاتب الصوفي رضي الله عنه، وهذا أكثر ما بلغنا في اليوم والليلة.

وروى السيد

ــ

سبح وإذا مر بسؤال سأل وإذا مر بتعوذ تعوذ وقد تقدم في أذكار الصلاة. قوله: (وآخَرُونَ في كلِّ يوْم ولَيلةٍ ثلاثَ ختَمَات) قال في التبيان منهم سليم بن غتر قاضي مصر في خلافة معاوية وروى أبو بكر بن أبي داوود أنه كان يختم في الليلة ثلاث ختمات وروى أبو عثمان الكندي في كتابه في قضاة مصر أنه كان يختم في الليلة أربع ختمات اهـ، وأخرج الحافظ أثره من طريق أبي عبيد القاسم بن سلام ثم حدثنا سعيد بن عفير قال حدثنا بكر بن مضر أن سليم بن غتر بكسر الغين وسكون المثناة من فوق بعدها راء كان يختم القرآن في الليلة ثلاث مرات ويجامع ثلاث مرات فلما مات قالت امرأته رحمك الله إن كنت لترضي ربك

وترضي أهلك قالوا وكيف ذلك قالت كان يقوم من الليل فيختم القرآن ثم يلم بأهله ثم يغتسل ثم يعود فيقرأ حتى يختم القرآن ثم يلم بأهله يغتسل ويعود فيقرأ حتى يختم القرآن ثم يلم بأهله ثم يغتسل فيخرج لصلاة الصبح قال الحافظ أخرجه ابن أبي داود من رواية ابن لهيب عن الحارث بن مسلم قال كان سليم بن غتر يقرأ القرآن في كل ليلة ثلاث مرات اختصره وسليم المذكور تابعي كبير شهد فتح مصر في عهد عمر ثم ولاه معاوية القصص ثم ضم إليه القاضي ومات بدمياط سنة خمس وسبعين وأخرج ابن أبي داود من طريق أبي شيخ الهنائي واسمه خبران بمعجمة وقيل بمهملة تابعي كبير مات بعد المائة قال قرأت القرآن في ليلة مرتين وثلثًا ولو شئت أن أتم الثالثة لفعلت. قوله: (وَممّنْ ختَمَ أَربعًا في اللّيْلِ وأَربعًا في النهارِ السيدُ الجَليل ابنْ الكاتب) نقله المصنف في التبيان عنه من طريق عبد الرحمن السلمي قال الحافظ أخرج هذا الأثر أبو عبد الرحمن السلمي في كتاب طبقات الصوفية عن أبي عثمان المغربي واسمه سعيد قال كان ابن الكاتب فذكره وابن الكاتب ذكره الشيخ القشيري في رسالته واسمه حسين بن أحمد يكنى أبا علي وأرخ وفاته بعد الأربعين وثلاثمائة. قوله: (وَرَوى السّيدُ

ص: 232

الجليل أحمد الدورقي بإسناده عن منصور بن زادان من عُبّاد التابعين رضي الله عنهم أنه كان يختم القرآن ما بين الظهر والعصر، ويختمه أيضًا فيما بين المغرب والعشاء، ويختمه فيما بين المغرب والعشاء في رمضان ختمتين وشيئًا، وكان يؤخر العشاء في رمضان إلى أن يمضي ربع الليل، وروى ابن أبي داود بإسناده الصحيح أن مجاهدًا رحمه الله كان يختم القرآن في رمضان فيما بين المغرب والعشاء.

ــ

الجَليل الخ) قال الحافظ بعد تخريجه عنه وهو أحمد بن إبراهيم الدورقي قال حدثني محمد بن عيينة حدثني مخلد بن الحسين قال سمعت هشام بن حسان يقول كنت أصلي إلى جنب منصور بن زادان وهو بالزاي المعجمة فالدال بينهما ألف وآخره نون فكان إذا جاء شهر رمضان ختم ما بين المغرب والعشاء خمسين ثم قرأ إلى الطواسين قبل أن تقام الصلاة وكانوا إذ يؤخرون العشاء في رمضان إلى أن يذهب ربع الليل وكان يختم القرآن فيما بين الظهر والعصر ويختمه فيما بين المغرب والعشاء وهذا أثر صحيح أخرجه محمد بن نصر المروزي عن الدورقي وأخرج الحافظ من طريق أبي نعيم من طريق آخر عن هشام بن حسان قال صليت إلى جنب منصور بن زادان يوم الجمعة في مسجد وأسط فختم القرآن مرتين وقرأ الثالثة إلى الطواسين قال مخلد ولو غير هشام حدثني بهذا لم أصدقه وأخرج من طريق أبي نعيم أيضًا عن هشام بن حسان قال صليت إلى جنب منصور بن زادان فقرأ القرآن فيما بين المغرب والعشاء وبلغ في الثانية إلى النحل وقال الحافظ وسنده صحيح.

قوله: (وَرَوَى ابْنُ أَبِي دَاوُدَ الخ) قال الحافظ أخرجه من طريق إسرائيل بن يونس عن منصور عن مجاهد أنه كان يختم القرآن فيما بين المغرب والعشاء ثم ينتظر وأخرجه من طريق قيس بن الربيع

عن منصور عن علي الأزدي فذكر مثله إلَّا أنه قال ثم يطوف أو ينبطح وإسرائيل أوثق من قيس اهـ،

وفي التبيان للمصنف عن إبراهيم عن سعد قال كان أبي يحتبي فما يحل حبوته حتى يختم القرآن.

تنبيه

هذا والذي قبله وما في معناه من أنواع الكرامات وهو المباركة في الوقت بحيث يجري فيه من الخير ما لا يجري فيما هو أطول منه، ومنه ما نقل أن المصنف نفع الله به وزعت مؤلفاته من يوم

ص: 233

وأما الذين ختموا القرآن في ركعة، فلا يحصون لكثرتهم، فمنهم عثمان بن عفان، وتميم الداري، وسعيد بن جبير.

والمختار: أن ذلك يختلف باختلاف الأشخاص، فمن كان يظهر له بدقيق الفكر لطائف ومعارف، فليقتصر على

ــ

ولادته إلى يوم وفاته كل يوم كراسًا كتابة وتأليفًا وقد ذكرنا أنواع الكرامات في شرح نظم السيوطي لموافقات عمر رضي الله عنه للقرآن. قوله: (وأَمّا الَّذِينَ خَتَمُوا القُرْآنَ) قال الحافظ لم ينقله ابن عبيد ولا ابن أبي داود في كتابيهما عن غير هؤلاء الثلاثة عثمان وتميم الداري وسعيد بن جبير فكأن الشيخ أراد بالكثرة من جاء بعدهم أما أثر عثمان فأخرج الحافظ عن عبد الرحمن بن عثمان التيمي وهو ابن أخي طلحة قال قلت لأغلبن الليلة على المقام فسبقت إليه فبينا أنا قائمًا أصلي إذ وضع رجل يده على ظهري فنظرت فإذا هو عثمان بن عفان وهو يومئذٍ خليفة فتنحيت عنه فقام يصلي فقرأ حتى فرغ من القرآن في ركعة ما زاد عليها فقلت يا أمير المؤمنين ما صليت إلا ركعة قال أجل وهي وترى وأخرجه الحافظ من طريق آخر بنحوه قال هذا موقوف صحيح من الوجهين أخرج الأول الطحاوي والبيهقي والثاني ابن أبي داود وأخرج الحافظ من طريق أبي عبيد بإسناده إلى ابن سيرين قال قالت امرأة عثمان حين دخلوا عليه أن يقتلوه أو يدعوه فقد كان يحيي الليل في ركعة يجمع فيها القرآن وأخرجه أيضًا من طريق أبي نعيم وأما أثر تميم الداري فأخرج الحافظ عن محمد بن سيرين أن تميمًا الداري رضي الله عنه كان يقرأ القرآن في ركعة وقال أخرجه ابن أبي داود من غير وجه عن عاصم بن سليمان ومحمد بن سيرين وأما أثر سعيد بن جبير فأخرج ابن أبي داود من طريق سفيان الثوري عن حماد وهو ابن سليمان عن سعيد بن جبير أنه سمعه يقول قرأت القرآن في ركعة في الكعبة وأخرج من طريق عبد الملك بن أبي سليمان عن سعيد بن جبير أنه كان يقرأ القرآن في ركعتين وأخرج من وجه ثالث عن سعيد بن جبير أنه صلى في الكعبة أربع ركعات قرأ فيهن القرآن ويجمع بأنه فعل ذلك في أوقات مختلفة وسعيد مكبر وجبير والده بضم أوله المعجم وفتح الموحدة وسكون التحنية آخره راء وسعيد تابعي جليل قتله الحجاج صبرًا. قوله: (والمخْتَار الخ) ذكر مثل هذا الجمع

ص: 234

قدر يحصل له كمال فهم ما يقرأ، وكذا من كان مشغولًا بنشر العلم، أو فصل الحكومات بين المسلمين، أو غير ذلك من مهمات الدين والمصالح العامّ للمسلمين، فليقتصر على قدر لا يحصل له بسببه إخلال بما هو مرصد له ولا فوت كماله، ومن لم يكن من هؤلاء المذكورين فليستكثر ما أمكنه من غير خروج إلى حدّ الملل أو الهذرمة في القراءة.

وقد كره جماعة من المتقدّمين الختم في يوم وليلة.

ويدل عليه ما رويناه بالأسانيد الصحيحة في

ــ

في شرح مسلم. قوله: (المَلَل) بلامين

أولاهما مفتوحة الثقل من الشيء. قوله: (والهَذْرَمةَ) بسكون المعجمة وفتح الراء المهملة سرعة الكلام الخفي. قوله: (وقَدْ كرِهَ جَمَاعَةٌ مِنَ المتقَدِّمينَ الخَتْمَ في يوْمٍ ولَيلةٍ) أخرج الحافظ عن ابن مسعود من قرأ القرآن في أقل من ثلاث فهو لأجر وقال أخرجه ابن أبي داود من طرق وأخرج أيضًا من طريق أبي عبيد عن معاذ بن جبل أنه كان يكره أن يقرأ القرآن في أقل من ثلاث رواته ثقات كما تقدم مع أثر ابن مسعود في هذا المعنى اهـ، وقد أورد القرطبي في التذكار عن ابن مسعود مرفوعًا من قرأ القرآن في أقل من ثلاث لم يفقه اهـ. قال ابن حجر في شرح المشكاة ومن لم يكره ذلك قال هذا مفهوم عدد وهو غير حجة عند الأصوليين قيل وهو المختار.

قلت أو بحمله كما تقدم في نظيره عن القرطبي على أن الحديث على سبيل التخفيف وخوف الإنقطاع. قوله: (ويَدُلُّ عليْهِ مَا رَوَينْاهُ بالأَسانِيدِ الصحِيحَةِ الخ) قال الحافظ بعد تخريجه حديث حسن غريب أخرجه أحمد وأبو داود والترمذي والنسائي ويتعجب من قول الشيخ بالأسانيد الصحيحة فإنه ليس له عندهم إلَّا سند واحد هو قتادة عن أبي العلاء عن عبد الله بن عمرو هكذا رواه جماعة عن قتادة ورواه بعض الضعفاء عن قتادة عن عبد الرحمن بن آدم عن عبد الله بن عمرو وهي رواية شاذة ولم أره من حديث قتادة إلَّا بالعنعنة وكأن الشيخ أراد أن له أسانيد إلى قتادة أي فإن أحمد رواه عن عفان بن مسلم ويزيد بن هارون كلاهما عن همام بن يحيى وأبو داود عن محمد بن المنهال وهما يرويان عن يزيد بن زريع وأخرجه الترمذي والنسائي عن سعيد بن أبي عروة وكلاهما عن قتادة والله أعلم.

ص: 235

سنن أبي داود، والترمذي، والنسائي، وغيرها، عن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا يَفْقَهُ مَنْ قرأ القرآنَ في أقل مِن ثلاثٍ" وأما وقت الابتداء والختم، فهو إلى خيرة القارئ، فإن كان ممن يختم في الأسبوع مرةً، فقد كان عثمان رضي الله عنه يبتدئ ليلة الجمعة ويختم ليلة الخميس.

وقال الإمام أبو حامد الغزالي في "الإحياء": الأفضل أن يختم ختمة بالليل، وأخرى

بالنهار، ويجعل ختمة النهار يوم الاثنين في ركعتي الفجر

ــ

قوله: (لَا يفقَه مَنْ قَرأ القُرْآنَ في أَقَلَّ مِنْ ثَلاث) ينقص فهمه وتدبيره لأنه يحتاج إلى مراعاة الألفاظ مع ما عنده من الاستعجال المشغل عن التدبر والتفهم أي إشغال وجعلت الثلاث غاية في ذلك لأنها محتملة أما من أراد فهم معناه على حقيقته فقد مضى عمره في فهم آية ولا يحيط بها ولا ببعضها هذا كله في تفهم معانيه أما الثواب على قراءته فحاصل لمن قرأه سواء فهمه أم لا للتعبد بلفظه بخلاف غيره من الأذكار فلا ثواب فيه إلَّا إن فهمه ولو بوجه كما تقدم بسطه أول الكتاب. قوله: (فَقَدْ كانَ عُثمانُ الخ) تقدم تخريجه وذكر حديث مرفوع فيه تحزيب القرآن على سبع. قوله: (الغَزَالي) قال في التبيان هو محمد بن محمد بن محمد بن أحمد هكذا يقال بتشديد الزاي وقد روي عنه أنه أنكر هذا وقال إنما أنا الغزالي بتخفيف الراي منسوب إلى قرية من طوس يقال لها غزالة اهـ. قوله:

(في رَكعَتي الفَجْر) أي سنته سواء كان يقرأ في الصلاة أو خارجها كما تقتضيه عبارته في التبيان وهي الختم للقارئ وحده يستحب أن يكون في الصلاة وقيل يستحب أن يكون في ركعتي سنة المغرب وركعتي الفجر أفضل اهـ. قال ابن حجر في شرح العباب وينبغي أخذا مما في صدقة التطوع في مبحث تأكد في الأوقات الفاضلة أن يكون المراد بذلك أن الختم إذا وقع في ذلك كان أفضل لأنه إذا فرغ منه في غير تلك الأوقات وأراد الشروع في ختم آخر سن له تأخير الختم لتلك الأوقات ويحتمل خلافه والفرق أن التأخير هنا لا يؤدي إلى ضرر أحد بخلافه

ص: 236

أو بعدهما، ولجعل ختمة الليل ليلة الجمعة في ركعتي المغرب أو بعدهما ليستقبل أوّل النهار وآخره.

وروى ابن أبي داود، عن عمرو بن مرَّة التابعي الجليل رضي الله عنه، قال: كانوا يحبون أن يختم القرآن من أول الليل أو من أول النهار. وعن طلحة بن مصرف التابعي الجليل الإمام قال: من ختم القرآن آية ساعة كانت من النهار صلت عليه الملائكة حتى يمسي، وأية ساعة كانت من الليل صلت عليه الملائكة حتى يصبح.

ــ

ثمة فإنا لو أمرناه بتأخير الصدقة لأدى إلى تضرر المحتاجين اهـ. قوله: (أَو بَعدَهُمَا) أي إن كان يختم في غير الصلاة قال في التبيان أما من يختم في غير الصلاة بالجماعة الذين يجتمعون يستحب أن يكون ختمهم أول النهار فأول الليل أفضل عند بعض العلماء اهـ، وفي التذكار يستحب أن يختم أول النهار فإن إبراهيم التيمي قال: كانوا يقولون إذا ختم الرجل القرآن أول النهار صلت عليه الملائكة بقية يومه وكذلك إذا ختم أول الليل، وقد روي هذا مرفوعًا عن مصعب بن سعد عن أبيه سعد بن أبي وقاص قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من ختم القرآن أول النهار صلت عليه الملائكة حتى يمسي ومن ختم أول الليل صلت عليه الملائكة حتى يصبح اهـ.

قوله: (وَرَوَى ابْنُ أَبِي داودَ الخ) قال الحافظ أخرجه من رواية ابن مكين عن عمرو واسم أبي مكين وهو بوزن عظيم أنوح بن ربيعة وثقه أحمد ويحيى بن معين. قوله: (وعَنْ طَلْحَةَ بْنَ مُصَرف الخ) أي وروى ابن أبي داود أيضًا عن طلحة قال الحافظ: أخرجه من رواية حماد بن سلمة عن أبي مكين عن طلحة ثم أخرجه الحافظ من وجه آخر عن طلحة وعبد الرحمن بن الأسود قالا من قرأ القرآن ليلًا أو نهارًا صلت عليه الملائكة إلى الليل أو النهار وقال أحدهما غفر له ومصرف بضم الميم وفتح المهملة وكسر الراء المهملة أيضًا وتشديدها وقيل يجوز فتح الراء وليس بشيء كذا في التبيان وفي شرح مسلم هذا أي كسر الراء هو

ص: 237

وعن مجاهد نحوه.

وروينا في مسند الإمام المجمع على حفظه وجلالته وإتقانه وبراعته أبي محمد الدارمي رحمه الله، عن سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه قال: إذا وافق ختم القرآن أول الليل صلت عليه الملائكة حتى يصبح، وإن وافق ختمه آخر الليل صلت عليه الملائكة حتى يمسي.

قال الدارمي: هذا حسن عن سعد.

ــ

المشهور المعروف في كتب الحديث وأسماء أصحاب المؤلف وأسماء أصحاب الرجال وغيرهم وحكى العلقمي الفقيه الشافعي في كتابه المهذب أنه روي بكسر الراء وفتحها وهذا الذي رواه من الفتح غريب ولا أظنه يصح ولعله قلد فيه بعض الفقهاء أو بعض النسخ أو نحو ذلك اهـ. قوله: (عن مُجاهِدِ) أي وروى ابن أبي داود أيضًا عن مجاهد ولفظه من قرأ القرآن في شهر أو دون ذلك أو أكثر فإن ختمه نهارًا صلت عليه الملائكة حتى يمسي وإن ختمه ليلًا صلت عليه الملائكة حتى يصبح وأخرج الحافظ من طريق الدارمي عن عبدة بن أبي لبابة فذكر معناه وفي التذكار قال مجاهد من ختم القرآن نهارًا وكل به سبعون ألف ملك يصلون عليه حتى يمسي ومن

ختمه ليلًا وكل به سبعون ألفًا يصلون عليه حتى يصبح اهـ، وظاهر أن هذا مما لا مجال للرأي فيه فيكون مرفوعًا حكمًا. قوله:(وَرَوَينَا في مُسْنَدِ الإِمام الخ) وكذا وقفه على سعد في التبيان وخرجه الحافظ من طريق الدارمي كذلك لكن تقدم عن التذكار للقرطبي التصريح برفعه إلَّا أنه لم يبين من خرجه ثم رأيت صاحب مسند الفردوس أورده كذلك مرفوعًا وقال رواه أبو نعيم في الحلية. قوله: (قَال الدارمي هذا حديث حسن) نازعه الحافظ في تحسينه بأن في مسنده ليث بن أبي سليم هو ضعيف الحفظ ومحمد بن حميد مختلف فيه قال وكأنه حسنه لشواهده السابقة وغيرها أو لم يرد الحسن بالاصطلاح.

ص: 238