الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
عن فضالة بن عبيد الله، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إذا صلى أحَدُكمْ فَليَبْدأ بِتَحميدِ اللهِ تعالى والثناءِ عَليهِ، ثم يُصَلي على النبِي صلى الله عليه وسلم، ثم يَدعُو بِمَا شاءَ".
باب الحث علي ذكر االله تعالى بعد صلاة الصبح
اعلم أن أشرف أوقات الذِّكْر في النهار، الذِّكْر بعد صلاة الصبح.
روينا عن أنس رضي الله عنه
ــ
رأى رجلًا الخ، وأخرجه ابن السني مقتصرًا على الحديث دون القصة قال الحافظ وليس في سنده من يوصف بالضعف إلَّا ابن لهيعة وكأن المصنف ضعفه بسببه وابن لهيعة لم ينفرد به بل رواه غيره كما ترى وعجيب من اقتصاره على تضعيف هذا السند دون غيره من الأحاديث التي أوردها قبل من كتاب ابن السني مع أن أكثرها ضعيف وهذا صحيح المتن رواته ثقات مخرج لهم في الصحيح إلَّا واحدًا فاتفقوا على ضعفه وقد ذكر المصنف في المجموع الحديث وقال رواه أبو داود وابن ماجة وابن حبان والحاكم قال الترمذي حسن صحيح وقال الحاكم صحيح على شرط مسلم فكأنه لم يستحضر ذلك هنا اهـ. قوله:(عَنْ فضالة بنِ عُبيْدٍ) وهو فضالة بن الفاتح بن عبيد بن ناقد الأنصاري الأوسي العمري شهدا أحدًا وما بعدها مع رسول الله صلى الله عليه وسلم وشهد فتح مصر زمن عمرو وسكن دمشق وولي قضاءها لمعاوية وأمره على غزو الروم في البحر مات سنة ثمان وخمسين وقيل قبلها بدمشق وذكر أن معاوية حمل نعشه وقال لا يحمل بعده مثله روي له فيما قيل. انفرد مسلم منها بحديثين وخرج عن الأربعة وغيرهم. قوله: (صلى أحدُكمْ) أجدكم الصلاة ذات الركوع وهذا الحديث من جملة أدلة إمامنا الشافعي على وجوب الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم بعد التشهد وسبق بسطه. قوله: (وليثنَ علَيهِ بمَا هو أَهلهُ) عطف تفسير على قوله ليحمد الله أي ليثن عليه والثناء ما علمه النبي صلى الله عليه وسلم لأصحابه منَ التشهد ففيه أعظم الثناء وأفضله ويحتمل أن يقال صلى أحدكم أي فرغ من صلاته وهو ظاهر صنيع المصنف وفيه تنبيه على بعض آداب الدعاء وسبب استجابته والله أعلم.
باب الحث علي ذكر الله تعالى بعد صلاة الصبح
قوله: (اعلْم أَن أشْرَفَ أَوقاتِ الذكرِ في النهارِ) خرج به الليل والدعاء فيه أفضل منه في النهار
في كتاب الترمذي وغيره، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "مَنْ صَلَّى الفَجرَ في جَماعة ثم قَعَدَ
ــ
لأنه وقت التجليات الإلهية وفيه ساعات الإجابة ولهذا كان نفل الليل المطلق أفضل من نفل النهار وإنما فضل الذكر ذلك الوقت لكونه تشهده الملائكة قال تعالى {وَقُرْآنَ الْفَجْرِ إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كَانَ مَشْهُودًا (78)} [الإسراء: 78] ورأيت أصلًا مقروءًا على ابن العماد ضرب فيه على قوله في النهار ويقتضي أن الذكر بعد صلاة الصبح أفضل منه في جوف الليل. قوله: (في كِتاب الترمذِي وغيْرهِ الخ) فرواه كالطبراني لكن عن أبي أمامة بلفظ انقلب بأجر حجة وعمرة ورواه أحمد والترمذي والنسائي وابن ماجة عن جابر بن سمرة أنه صلى الله عليه وسلم كان إذا صلى الغداة جلس في مصلاه حتى تطلع الشمس وقال الحافظ بعد تخريج الحديث باللفظ الذي أورده المصنف هذا حديث غريب أخرجه المعمري عن عمر بن موسى بن عبد العزيز بن مسلم عن أبي ظلال عن أنس وقد خولف أبو ظلال في لفظ هذا الحديث فأخرجه أبو داود والطبراني في الدعاء من رواية موسى بن خلف عن قتادة عن أنس بلفظ لأن أقعد مع قوم يذكرون الله من صلاة الغداة إلى أن تطلع الشمس أحب إلي من أعتق أربع رقاب من ولد إسماعيل قال الحافظ وهذا أصح من حديث أبي ظلال يعني الحديث الذي رواه المصنف عن الترمذي قال وله شاهد من حديث أبي هريرة بنحوه أخرجه الطبراني في الدعاء وشاهد آخر من حديث أبي أمامة أخرجه الطبراني قال الحافظ وأخرج يعني الطبراني من طريق يزيد الرقاشي عن أنس مثله لكن قال ثمانية من ولد إسماعيل ويزيد ضعيف وجاء عن أنس مرفوعًا بلفظ لأن أجلس بعد صلاة الغداة أذكر الله حتى تطلع الشمس أحب إليّ مما طلعت عليه الشمس أخرجه الحافظ من طريق أبي يعلى الموصلي قال الحافظ ووجدت لحديث أبي ظلال شاهدًا من حديث ابن عمر قال قال صلى الله عليه وسلم من صلى الصبح ثم جلس في مسجده حتى يصلي الضحي ركعتين كتب له حجة وعمرة متقبلتين حديث حسن أخرجه الطبراني من وجهين سند أحدهما ضعيف ورجال الآخر ثقات إلَّا أن في سماع خالد الراوي عن ابن عمر من ابن عمر نظرًا وله شاهد آخر أخرجه الطبراني أيضًا من حديث أبي أمامة وعتبة بن عبد جمعًا ولفظه حتى يسبح سبحة الضحي والباقي بنحوه اهـ. قوله: (ثم قعدَ) قال في الحرز أي استمر على حال ذكره سواء كان قائمًا أو
يَذكُرُ اللَّهَ تعالى حتى تَطْلُعَ الشمْسُ ثم صَلى رَكعَتَيْنِ كانَتْ كأجْرِ حَجَّةٍ وعُمْرَةٍ تامَّةٍ تامَّةٍ تامَّةٍ" قال الترمذي: حديث حسن.
وروينا في كتاب الترمذي
ــ
قاعدًا أو مضطجعًا والجلوس أفضل إلَّا إذا عارضه أمر كالقيام لطواف أو صلاة جنازة أو لحضور درس ونحوها اهـ. وما ذكره في القيام للطواف جرى على مثله المحقق الشهاب الرملي وفي التحفة لابن حجر وأفتى بعضهم بأن الطواف بعد الصبح أفضل من الجلوس ذاكرًا إلى طلوع الشمس وصلاة ركعتين وفيه نظر ظاهر بل الصواب أن الثاني أفضل لأنه صح في الأخبار الصحيحة ما
يقارب ذلك ولأن بعض الأئمة كره الطواف بعد الصبيح ولم يكره أحد تلك الجلسة بل أجمعوا على ندبها وعظيم فضلها اهـ. قوله: (يذْكرُ الله) جملة حالية. قوله: (تطْلُعَ) بضم اللام. قوله (صلى ركعتَيْن) قال ابن حجر في شرح المشكاة أي ثم بعد طلوعها وإن لم ترتفع كرمح يصلي ركعتين صلاة الإشراق وهي غير صلاة الضحي خلافًا لمن وهم فيه أو من صلاة الضحي بناء على دخول وقتها بطلوع الشمس وعليه جماعة من أئمتنا أما على الأصح أن وقت الضحي إلَّا بعد ارتفاعها كرمح فلا يصليهما من الضحي إلَّا بعد ارتفاعها كذلك والحديث لا ينافي هذا لأن العطف فيه بثم المقتضية لتراخي صلاة الركعتين عن الطلوع وليس فيه تعرض لصلاة الاشراق إلَّا لو كان العطف بالفاء ومشينا على الأصح أن وقت الضحي لا يدخل إلَّا بالارتفاع بل لو ورد ذلك لم يصح دلالته عليها أيضًا لأن التعقيب في كل شيء بحسبه كتزوج فولد له والارتفاع قريب من الطلوع فلا يؤخذ من الحديث ندب صلاة الإشراق أصلًا اهـ. قوله: (كانتْ) أي مثوبة هذا الفعل أو هذه الحالة المركبة من تلك الأوصاف كلها. قوله: (كأَجرِ حَجةٍ وعُمرَةٍ تامَّةٍ تامةٍ تَامةٍ) في المشكاة قال النبي صلى الله عليه وسلم تامة الخ. قال ابن حجر أعاده لئلا يتوهم أن الوصف بالتمام وتكريره من قول أنس وتكريرها ثلاثًا للمبالغة في تأكيد وصف كل منهما بأنه تام في مرتبته غير ناقص وقال ابن الجزري تكريره تأكيد لتحقق ذلك وفي شرح المشكاة لابن جمر شبه ذلك بالنسكين ثم كرر الوصف بالتمام مبالغة وترغيبا للعاملين في المحافظة على هذا العمل سيما وفيه ما سيأتي من تطهير النفس من مساويها الناشئة عن أخلاطها وطبائعها
وغيره، عن أبي ذر رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "مَن قال في دُبُرِ صلاةِ الصُّبْحِ
ــ
فاستحق أن يلحق حثًّا عليه بما هو أكمل منه إيهامًا لتسوية بره وفضله عليه من النسكين التامين اهـ، وقال الطيبي التشبيه في هذا الحديث وأمثاله ليس للتسوية بل من الحادق الناقص بالكامل ترغيبًا وقوله تامة وصف لكل منهما، وفي الحرز ولا يبعد أن تكون الثلاثة وصفًا لعمرة حيث وقعت في مقابلة ثلاث سنن من الجماعة والاستمرار وصلاة ركعتين اهـ، وينبغي حمل السنن في كلامه على معنى الطريقة لموافقة مذهبنا القائل بأن الجماعة فرض كفاية ومذهب أحمد القائل بأنه فرض عين قال ابن الجزري في مفتاح الحصين وهذا وأشباهه ورد كثيرًا في الحديث مثل قوله من صام ثلاثة أيام من كل شهر فكأنما صام الدهر وفيمن قرأ ({قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ (1)} [الإخلاص: 1]، تعدل ثلث القرآن يريد الأجر بغير مضاعفة بخلاف من فعل فإن له الأجر بالمضاعفة الحسنة بعشر أمثالها إلى سبعين ضعفًا إلى سبعمائة ضعف إلى أضعاف كثيرة اهـ. قوله:(وغيْرهِ) أي كالنسائي فإنه رواه عن عبد الرحمن بن غنم عن أبي ذر وزاد فيه بيده الخير وزاد فيه وكان بكل واحدة قالها عتق رقبة ورواه أيضًا من حديث معاذ وليس فيه يحيي ويميت وقال فيه وكان له عدل عشر نسمات ولم يلحقه في ذلك اليوم ذنب ومن قالهن حين ينصرف من صلاة العصر أعطى مثل ذلك في ليلته كذا في السلاح وكالطبراني في الأوسط وابن السني عن أبي أمامة وفيه من قال ذلك مائة مرة كما في الحصين وكأحمد من حديث عبد الرحمن بن غنم بفتح المعجمة وسكون النون وفي رواية تقديم قوله وبيده الخير على قوله يحيي ويميت وفيه ولا يحل لذنب أن يدركه إلَّا الشرك وكان
من أفضل الناس عملًا إلَّا رجلًا يقول أفضل مما قال قال الحافظ هكذا أرسله همام ولم يذكر أبا ذر ولا معاذًا وأخرجه أحمد هكذا وعبد الرحمن لا تثبت صحبته قال الحافظ بعد تخريج الحديث من طريق الترمذي ومن طريق ابن أبي الضياء المقدسي باللفظ المذكور في الكتاب هذا حديث حسن غريب وأخرجه النسائي من طريق عبد الرحمن بن غنم عن أبي ذر ومن أخرى عن عبد الرحمن عن معاذ بن جبل بدل أبي ذر وزاد في المتن من الطريقين بعد يحيي ويميت بيده الخير وقال بعد تخريجه شهر ضعيف وأخرجه الحافظ من حديث معاذ بن جبل
وهْوَ ثاني رِجْلَيهِ قبلَ أن يَتكَلَّمَ: لا إلهَ إلا اللهُ وحْدَهُ لا شَرِيكَ لهُ، لهُ المُلْكُ ولهُ الحَمْدُ يُحْيِي ويُمِيتُ وهُوَ على كل شَيءٍ قَديرٌ عَشْرَ مَرات كُتِبَ لهُ عَشْرُ حَسناتٍ، ومُحِيَ عَنْهُ عَشْرُ سيئَات، ورُفِعَ لَهُ عَشْرُ دَرَجَات، وكانَ يَومَهُ ذلكَ في حِرْز من كل مَكْرُوه وحُرِسَ مِنَ الشَّيطَانِ
ــ
قال والحديث كما ذكر في رواية أبي ذر لكن ليس فيه وهو ثانٍ رجليه وزاد فيه وذكر فيه قدر عشر نسمات وزاد في آخره ومن قال ذلك حين ينصرف من صلاة المغرب أعطى مثل ذلك ليلته وقال الحافظ أخرجه النسائي في اليوم والليلة والمعمري في اليوم والليلة أيضًا وأخرجه الطبراني في الدعاء لكن قال عن أبي هريرة بدل عن معاذ وأخرجه جعفر الغريابي في الذكر فخالف الجميع فقال عن عبد الله بن عبد الرحمن بن حسين عن شهر قال حدثني أبو أمامة وذكر الحافظ لحديث أبي أمامة طريقًا أخرى وفي المتن بعض مخالفة وللحديث شاهد من حديث أبي عياش الأنصاري سيأتي ذكره في الباب الذي يلي هذا الباب إن شاء الله تعالى وللحديث شاهد أيضًا عن أبي الدرداء أخرجه الطبراني في الكبير بسند حسن ولفظه كالترمذي وفيه يحيي ويميت بيده الخير وزاد في آخره وكان له بكل كلمة عتق رقبة من ولد إسماعيل ثمن كل رقبة اثنا عشر ألفًا ومن قالها بعد صلاة المغرب كان له مثل ذلك ووقع الحديث في الصحيحين والموطأ من حديث أبي هريرة لكن ليس فيه التقييد بصلاة الصبح ولا الزيادة التي في الذكر اهـ. قوله: (وهُو ثاني رجْليْهِ) أي عاطفهما كما كان في التشهد قبل أن ينهض. قوله: (قبلَ أَنْ يَتكلَمَ) أي بأجنبي كما سبق. قوله: (وَرُفِعَ لهُ عشْرُ دَرجاتٍ) أن قلت ما الفرف بينها وبين العشر حسنات قلت يمكن الفرف بان الحسنات هذه تكتب له في صحائف حسناته وتوزن معها وتؤخذ فيما عليه من الحقوق كسائر حسناته بخلاف العشر الدرجات فإنها معدة له بعد دخول الجنة ولا وزن قيها ولا أخذ منها فهما نوعان متغايران بتغاير أحكامهما التي ذكرتها كذا في شرح المشكاة لابن حجر. قوله: (وحُرِسَ مِنَ الشَّيْطانِ) أفرده مع أنه أشد المكروهات لبيان أن الحذر منه ينبغي أن يكون أقوى من
ولمْ يَنْبَغِ لِذَنْبٍ أنْ يُدْرِكَهُ في ذلكَ اليَومِ إلا الشركَ باللَّهِ تعالى" قال الترمذي: هذا حديث حسن، وفي بعض النسخ: صحيح.
وروينا في "سنن أبي داود"
ــ
سائرها. قوله: (ولْم ينبَغِ) في رواية أحمد ولم يحل على معنى ينبغ لأن الروايات يفسر بعضها بعضًا. قوله: (أَنْ يدْركهُ) أي يلحقه ويستأصله بالإحاطة به من سائر جوانبه حتى يهلكه بالعقاب الدائم عليه لحلوله بما قاله في حرمة التوحيد الآمن حرمها ودخوله في ساحة الذكر المنيع سورها. قوله: (إلا الشركَ بالله تعالى) أي فإنه إن وقع منه لكونه لا يغفر ولا يكفر بدليل إن الله لا يغفر أن يشرك
ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء يحيط به ويستأصله بالعقاب الدائم عليه لخروجه من ذلك الحصين الحصين ورضاه بموالاة الشيطان الرجيم اللعن فحشر معه في الدرك الأسفل من النار. قوله: (وفي بعْضِ النسخِ الخ) قال الحافظ وهي رواية أبي يعلى السنجي عن المحبوبي وهو غلط لأن سنده مضطرب وشهر بن حوشب مختلف في توثيقه وسقط في سنده راو بين زيد بن أبي أنيسة وبين شهر بن حوشب وهو عبد الله بن عبد الرحمن بن حسين وهو عند غير الترمذي من باقي الروايات ثابت هكذا زيد عن عبد الله عن شهر عن عبد الرحمن بن غنم وفي سنده اختلاف آخر بينه الحافظ وقد عزاه في المشكاة إلى الترمذي كما في بعض النسخ التي أشار إليها المصنف وزاد غريب ويحتمل أن يكون ساقطًا من أصل المؤلف أو ثابتًا فيه وسكت عنه لعدم تعلق غرضه به أو لعدم منافاة تلك الغرابة عنده لقبوله.
قوله: (وَرَوينا في سُننِ أَبِي دَاوُدَ الخ) وكذا رواه النسائي أي في الكبرى وابن حبان في صحيحه لكن قالا عن الحارث بن مسلم التميمي قال في السلاح وعند أبي داود عن الحارث بن مسلم عن أبيه مسلم بن الحارث قال أبو عمر بن عبد البر وهو الصواب إن شاء الله تعالى وسئل أبو زرعة الرازي عن مسلم بن الحارث أو الحارث بن مسلم فقال الصحيح الحارث بن مسلم بن الحارث عن أبيه وقال أبو حاتم الحارث بن مسلم تابعي اهـ، وليس للحارث ولا لأبيه في الكتب الستة سوى هذا الحديث اهـ. كلام السلاح قال الحافظ وهو حديث حسن قال ورجح أبو زرعة وأبو حاتم رواية الحارث بن مسلم عن أبيه مسلم بن الحارث وصنيع ابن حبان يقتضي خلاف ذلك فإنه أخرج الحديث
عن مسلم بن الحارث التميمي الصحابي رضي الله عنه، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه أسر إليه فقال: "إذا انْصَرَفْتَ مِنْ صَلاةِ المَغْرِبِ فَقُلِ: اللهُم أجرني
مِنَ النارِ سَبعَ مَراتٍ، فإنكَ إذا قُلْتَ ذلكَ ثم مُتَّ مِنْ لَيلَتِكَ كُتِبَ لكَ جِوارٌ مِنها، وإذا صَلَّيْتَ الصبْحَ فَقُلْ كذَلكَ، فإنكَ إن مُتَّ مِن يَومِكَ كُتِبَ لَكَ جوارٌ مِنها".
ــ
في صحيحه عن مسلم بن الحارث عن أبيه الحارث بن مسلم فكأنه ترجح عنده أن الصحابي في هذا الحديث هو الحارث بن مسلم اهـ. قوله: (عنْ مسلمِ بْنِ الحَارثِ) قال في أسد الغابة مسلم بن الحارث بدل التميمي روى عنه ابنه الحارث بن مسلم قال بعثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم في سرية فلما هجمنا على القوم تقدمت أصحابي على فرسي فاستقبلنا النساء والصبيان يصيحون فقلت لهم تريدون أن تحرزوا قالوا نعم قلت قولوا أشهد أن لا إله إلَّا الله وأن محمدًا رسول الله فقالوها فلامني أصحابي وقالوا أشرفنا على الغنيمة فمنعتنا ثم انصرفنا إلى النبي صلى الله عليه وسلم فأخبروه فقال لقد كتب له من الأجر من كل إنسان كذا وكذا ثم قال لي إذا صليت المغرب فقل اللهم أجرني من النار سبع مرات فإنك إذا قلت ذلك ثم من من ليلتك كتب لك جوار منها وإذا صليت الصبح فقل مثل ذلك فإنك أن من من يومك كتب لك جوار منها ثم أسنده وقال أخرجه الثلاثة يعني ابن عبد البر وابن منده وأبو نعيم اهـ، وقد أخرج الحديث بطوله ابن حبان إلَّا أنه سماه الحارث وسمى ولده مسلمًا كما تقدم وزاد فيه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال له أما إني سأكتب لك كتابًا لأئمة المسلمين من بعدي أوصي بك قال فكتب لي كتابًا وختمه ودفعه إلي قال ثم أتيت أبا بكر بالكتاب ففضه وقرأه وأمر لي بعطاء ثم ختم عليه ثم أتيت عمر ففعل مثل ذلك ثم عثمان ففعل مثل ذلك قال يعني ولد الحارث ومات الحارث في خلافة عثمان فلم يزل الكتاب عندنا حتى بعث إلى عمر بن عبد العزيز فقرأه وأمر لي بعطاء وأخرجه الحافظ وغيره. قوله (أَجرْني) من
الإجارة أي احفظني. قوله: (سبع مراتٍ) ظرف لقل أي كرر ذلك سبع مرات ولعل النكتة في هذا العدد مراعاة سبعة أبواب النار أو طبقاتها أو سبعة أعضاء المتكلم بها. قوله: (جِوَارٌ) أي خلوص منها أي من النار أي دخولها أو خلوده فيها إشارة لحسن
وروينا في مسند الإمام أحمد، وسنن ابن ماجه، وكتاب ابن السني، عن أم سلمة رضي الله عنها قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا صلى الصبح قال: "اللهُم إنَّي أسألُكَ عِلمًا نافِعًا، وعَمَلًا مُتَقَبَّلًا؛ ورِزقاً طيبًا".
وروينا فيه عن صُهيب رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يحرك شفتيه بعد صلاة الفجر بشيء، فقلت: يا رسول الله! ما هذا الذي تقول؟ قال: "اللهُم بِكَ أحَاولُ، وبِكَ أصَاولُ، وبكَ
ــ
الخاتمة والجوار في الأصل البراءة تكون مع الرجل في الطريق حتى لا يدفعه أحد من المرور وحينئذٍ فلا يدفعه إلا تحلة القسم وذكر الصديق الأهدل فيه جواز بالزاي أيضًا.
قوله: (وَرَوَينا في مُسنَدِ أَحْمد الخ) ورواه النسائي في الكبرى وابن ماجة وقال في روايته إذا صلى أو حين سلم بالشك وأبو يعلى وأخرجه الدارقطني في الأفراد والطبراني في الصغير كما في الحصين وهو حديث حسن لشاهده كما قال الحافظ وخرجه من طرق. قوله: (أَسأَلُكَ عِلمًا نافِعًا) أي شرعيًّا أعمل به وقدم على ما بعده لأنه طريق إلى معرفة الحلال وأسباب القبول وفي رواية الحصين تقديم سؤال الرزق عليهما قال شارحه وقدم على ما بعده لأنه أساس لهما ولا يعتد بهما دونه كما قال تعالى كلوا من الطيبات واعملوا صالحًا. قوله: (وعمَلًا مُتقبلًا) بفتح الباء أي مقبولًا بأن يكون مقرونًا بالإخلاص. قوله: (ورِزْقا طيبًا) أي حلالًا ملائمًا للقوة معينًا على الطاعة والعبادة. قوله: (فيهِ) أي في كتاب ابن السني كما في الحصين ولم يبال بإيهام عود الضمير لغيره من أحمد ومن بعده لأن القاعدة أن الضمير يعود لأقرب مذكرر إلَّا لقرينة قاله الحافظ. قوله: (عنْ صُهَيْب) لم ينسبه هنا ولا في كتاب ابن السني والمسمى بصهيب من الصحابة اثنان صهيب بن سنان المشهور بالرومي أحد المعذبين في الله وصهيب بن النعمان في أسد الغابة. قوله: (بعْدَ صلاةِ الفَجْرِ) في الحصين بعد صلاة الضحي وكذا هو في أصل مصحح من كتاب عمل اليوم والليلة لابن السني وفي نسخة منه بعد صلاة الصبح والله أعلم. قوله: (بكَ أحاولُ) أي بحولك وقوتك وعونك وحولك أحاول أي أعالج أموري وقال البيهقي أي أطالب. قوله: (أُصاولُ)
أقاتِلُ" والأحاديث بمعنى ما ذكرته كثيرة، وسيأتي في الباب الآتي من بيان الأذكار التي تقال في أول النهار، ما تقرُّ به العيون إن شاء الله تعالى.
وروينا عن أبي محمد البغوي في "شرح السنة" قال: قال علقمة بن قيس: بلغنا أن الأرض
ــ
أي أدافع من الصيال وقال ابن الجزري أي أسطو وأقهر. قوله: (أُقاتِل) أي أخاصم وأجاهد ولا يخفى ما اشتمل عليه هذا الذكر من التبري من الحول والقوة ورد الأمر إليه تعالى. قوله: (والأَحادِيثُ في معْنَى مَا ذَكرْتهُ كَثِيرة) قال الحافظ منها حديث صهيب
أيضًا ومنها ما جاء أن كعب الأحبار قال أن داود عليه السلام كان أول ما فرغ من صلاته قال اللهم أصلح لي ديني الذي جعلته عصمة أمري وأصلح لي دنياي التي جعلت فيها معاشي وأصلح لي آخرتي التي جعلت فيها معادي اللهم إني أعوذ برضاك من سخطك الخ. قال كعب وحدثني صهيب أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يصرف بهذا الدعاء من صلاته قال الحافظ حديث حسن أخرجه النسائي مختصرًا وابن خزيمة وذكر النسائي فيه اختلافًا وقال أبو مروان يعني الراوي عن كعب لهذا الحديث لا يعرف وذكر غيره أنه صحابي وعد هذا الحديث من رواية الصحابي عن التابعي ويقال أن اسمه مغيث بمعجمة ومثلثة وقيل أبوه وبكونه تابعيًّا فقد توالى في سنده أربعة تابعيون على نسق هم موسى بن عقبة عن عطاء بن أبي مروان عن أبيه عن كعب اهـ، ومن الأحاديث ما أخرجه الطبراني في الدعاء من حديث أنس قال جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال يا نبي الله أفدني فإني شيخ نسي فلا تكثر عليّ قال أعلمك دعاء تدعو به كلما صليت الغداة ثلاثة مرار يفتح لك أبواب الجنة تقول اللهم اهدني من عندك وأفض علي من فضلك وأسبغ علي رحمتك وأنزل علي بركتك هذا حديث غريب رجاله ثقات إلَّا عباد بن عبد الصمد أي الراوي عن أنس فضعيف لكن له شاهد من حديث قبيصة بن مخارق صاحب القصة قال أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال يا قبيصة ما مررت بحجر ولا شجر ولا مدر إلَّا استغفر لك
تعجُّ إلى الله تعالى من نومة العالِم بعد صلاة الصبح، والله أعلم.
ــ
إذا صليت الفجر فقل ثلاثًا سبحان الله العظيم وبحمده فذكر الحديث وفيه قل اللهم إني أسألك مما عندك افض علي من فضلك وانشر علي من رحمتك حديث غريب أخرجه أحمد وقال الحافظ بعد أن ذكر أحوال سنده ولولا الرجل المبهم لكان السند حسنًا اهـ. قوله: (تعِجُّ) كأن المراد ترفع شكواها إلى الله من ذلك الفعل والعج في اللغة رفع الصوت وفي الحديث أفضل الحج العج والثج قال في النهاية العج رفع الصوت بالتلبية. قوله: (العالِم) بكسر اللام. قوله: (بعْدَ صلاة الصبحِ) أي لأنه أشرف النهار ومفتتحه فهو حري بأن يعمر بالطاعات وفي النوم ترك ذلك وأيضًا فهو وقت قسمة الأرزاق والنائم محرض عن أثر ذلك وقد بينت في جزيل الغنائم فيما يسن فيه إيقاظ النائم أنه يسن إيقاظ من نام بعد طلوع الفجر وقبل طلوع الشمس لما روي أنه صلى الله عليه وسلم قال الصبحة تذهب الرزق وعن بعضهم قال ابن العماد وأظنه عمر بن عبد العزيز أنه رأى ابنًا له نائمًا في هذا الوقت فأيقظه وقال الأرزاق تقسم وأنت نائم وساق التلمساني في شرح الشفاء مثل هذه القصة عن العباس رضي الله تعالى عنه وزاد فإنما النوم على ثلاثة أقسام حمق وهو بعد صلاة العصر لا ينامه إلّا سكران أو شيطان وخلق وهو القائلة وخرق وهو بعد الصبح اهـ، ومحله إن كان لغير عذر إلَّا بأن غلبه النوم ولم يقدر على دفعه فلا بأس.
وفي الأحكام السلطانية للماوردي لما أراد ابن الزبير هدم الكعبة أرسل إلى عبيد بن نمير فقيل هو نائم فأرسل إليه وأيقظه وقال أما بلغك أن النبي صلى الله عليه وسلم قال إن الأرض تضج إلى الله من نومة العلماء اهـ. فأفاد أنه مرفوع وفي غريب أبي عبيد في حديث عمر إياكم ونومة الغداة فإنها منجرة مجفرة مجعرة قال أبو العباس المجفرة يبس الطبيعة والمجعرة مقطعة النكاح اهـ، وفي شرح الشفاء للتلمساني
قال عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما النوم على ثلاثة أوجه نوم خرق ونوم خلق ونوم حمق فأما نوم الخرق فنوم الضحي تقضى الناس حوائجهم وهو نائم وأما نوم الخلق فنوم القائلة إلى نصف النهار وأما نوم الحمق فالنوم حين