الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وليس يجوز في لسان العرب ولا في عادة أهل الخطاب أن يقول القائل: عملت كذا بيديّ، ويريد بها النعمة، وإذا كان الله إنما خاطب العرب بلغتها، وما يجري مفهومًا من كلامها، ومعقولاً في خطابها، وكان لا يجوز في خطاب أهل اللسان أن يقول القائل: فعلت بيديّ، ويعني به النعمة، بطل أن يكون معنى قوله تعالى:{بِيَدَيَّ} النعمة. وذكر كلامًا طويلًا في تقرير هذا ونحوه» .
[قول الباقلاني في كتابه الإبانة] :
وقال القاضي أبو بكر «محمد بن الطيب [الباقلاني] المتكلم»
ـ وهو أفضل المتكلمين المنتسبين إلى الأشعري، ليس فيهم مثله لا قبله ولا بعده ـ قال في كتاب «الإبانة» تصنيفه:
«فإن قال: فما الدليل على أن لله وجهًا ويدًا؟ قيل له: قوله تعالى: {وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ} [الرحمن:72]، وقوله تعالى:{مَا مَنَعَكَ أَن تَسْجُدَ لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ} [ص:75] فأثبت لنفسه وجهًا ويدًا.
فإن قال: فلم أنكرتم أن يكون وجهه ويده جارحة إذ كنتم لا تعقلون وجهًا ويدًا إلا جارحة؟ .
قلنا: لا يجب هذا كما لا يجب إذ لم نعقل حيًا عالمًا قادرًا إلا جسمًا أن نقضي نحن وأنتم بذلك على الله سبحانه، وكما لا يجب في كل شيء كان قائمًا بذاته أن يكون جوهرًا، لأنا لا نجد قائمًا بنفسه في شاهدنا إلا كذلك، وكذلك الجواب لهم، إن قالوا: فيجب أن يكون علمه وحياته وكلامه وسمعه وبصره وسائر صفاته عرضًا واعتلوا بالوجود.
قال: فإن قال: تقولون: إنه في كل مكان؟
قيل له: معاذ الله؛ بل هو مستوٍ على العرش كما أخبر في كتابه فقال: {الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى} [طه:5]، وقال تعالى:{إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ} [فاطر:10]، وقال:{أَأَمِنتُم مَّن فِي السَّمَاءِ أَن يَخْسِفَ بِكُمُ الأَرْضَ فَإِذَا هِيَ تَمُورُ} [الملك:16] .
قال: ولو كان في كل مكان، لكان في بطن الإنسان وفمه، والحشوش، والمواضع التي يرغب عن ذكرها، ولوجب أن يزيد بزيادة الأمكنة إذا خلق منها ما لم يكن، وينقص بنقصانها إذا بطل منها ما كان، ولصح أن يرغب إليه إلى نحو الأرض، وإلى خلفنا وإلى يميننا وإلى شمالنا، وهذا قد أجمع المسلمون على خلافه وتخطئة قائله.
وقال أيضًا في هذا الكتاب: صفات ذاته التي لم يزل ولا يزال موصوفًا بها، وهي الحياة، والعلم والقدرة، والسمع والبصر، والكلام، والإرادة والبقاء، والوجه، والعينان، واليدان، والغضب، والرضا» .