الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[كلمة مع في اللغة لا تقتضي المماسة أو المحاذاة] :
وذلك أن كلمة «مع» في اللغة إذا أطلقت، فليس في ظاهرها في اللغة إلا المقارنة المطلقة من غير وجوب مماسة أو محاذاة عن يمين وشمال، فإذا قيدت بمعنى من المعاني دلت على المقارنة في ذلك المعنى، فإنه يقال: ما زلنا نسير والقمر معنا، أو النجم معنا. ويقال: هذا المتاع معي لمجامعته لك، وإن كان فوق رأسك، فالله مع خلقه حقيقة، وهو فوق عرشه حقيقة.
[معنى قول السلف: معهم بعلمه] :
ثم هذه المعية تختلف أحكامها بحسب الموارد، فلما قال:{يَعْلَمُ مَا يَلِجُ فِي الْأَرْضِ وَمَا يَخْرُجُ مِنْهَا وَمَا يَنْزِلُ مِنَ السَّمَاءِ وَمَا يَعْرُجُ فِيهَا وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنتُمْ} [الحديد:4] دل ظاهر الخطاب على أن حكم هذه المعية ومقتضاها أنه مطلع عليكم، شهيد عليكم ومهيمن عالم بكم. وهذا معنى قول السلف:«إنه معهم بعلمه» ، وهذا ظاهر الخطاب وحقيقته.
وكذلك في قوله {مَا يَكُونُ مِن نَّجْوَى ثَلَاثَةٍ إِلَّا هُوَ رَابِعُهُمْ} إلى
قوله: {هُوَ مَعَهُمْ أَيْنَ مَا كَانُوا} [المجادلة:7]، ولما قال النبي صلى الله عليه وسلم لصاحبه في الغار:{لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللهَ مَعَنَا} [التوبة:40] كان هذا أيضًا حقًا على ظاهره، ودلت الحال على أن حكم المعية هنا ـ مع الاطلاع ـ والنصر والتأييد.
وكذلك قوله: {إِنَّ اللهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَواْ وَّالَّذِينَ هُم مُّحْسِنُونَ} [النحل:128]، وكذلك قوله لموسى وهارون:{إِنَّنِي مَعَكُمَا أَسْمَعُ وَأَرَى} [طه:46] . هنا المعية على ظاهرها، وحكمها في هذا الموطن النصر والتأييد.
وقد يدخل على صبي من يخيفه، فيبكي، فيشرف عليه أبوه من فوق السقف ويقول: لا تخف، أنا معك، أو أنا حاضر ونحو ذلك، ينبهه على المعية الموجبة بحكم الحال دفع المكروه، ففَرْقٌ بين معنى