المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[قول عبد العزيز بن الماجشون] : - الفتوى الحموية الكبرى

[ابن تيمية]

فهرس الكتاب

- ‌[إحكام الرسول صلى الله عليه وسلم باب الإيمان بالله اعتقادا وقولا] :

- ‌[منزلة العلم بالله تعالى] :

- ‌[استحالة تقصير السلف في أصول الدين وفروعه] :

- ‌[طريقة السلف أسلم وأعلم وأحكم] :

- ‌[منشأ الخطأ عند من فضل طريقة الخلف على طريقة السلف] :

- ‌[جمع المتكلمين بين الجهل والكذب] :

- ‌[الحيرة والشك من صفات المتكلمين] :

- ‌[اعتراف الرازي] :

- ‌[اعترافات إمام الحرمين الجويني] :

- ‌[قول الغزالي] :

- ‌[استحالة أن يكون الخلف أعلم من السلف] :

- ‌[سبب ضلال كثير من المتأخرين] :

- ‌[أدلة علو الله على خلقه] :

- ‌[دلالة القرآن على علو الله] :

- ‌[تواتر أدلة السنة على إثبات صفة العلو] :

- ‌[قول نفاة العلو ليس له مستند من الكتاب والسنة ولا عن أحد من سلف الأمة] :

- ‌[منهج النفاة في نفي الصفات] :

- ‌[مصادر شبهاتهم] :

- ‌[عود على اللوازم الباطلة المترتبة على قول النفاة] :

- ‌[افتراق الأمة وبيان الفرقة الناجية] :

- ‌[أصل مقالة التعطيل] :

- ‌[تأثر الجعد بالبيئة التي نشأ فيها] :

- ‌[مذهب النفاة من الصابئين في صفات الله] :

- ‌[ذم الأئمة لبشر المريسي وأتباعه] :

- ‌[إجماع الأئمة على ذم المريسية] :

- ‌[بعض الكتب التي عنيت بنقل مذهب السلف] :

- ‌فصل[مجمل مذهب أهل الحق في صفات الله تعالى] :

- ‌[مذهب السلف وسط بين التمثيل والتعطيل] :

- ‌[بيان أن التعطيل تمثيل والتمثيل تعطيل] :

- ‌[إثبات العلو والاستواء لله تعالى] :

- ‌[موافقة مذهب السلف للعقل والنقل] :

- ‌[اضطراب أهل التأويل] :

- ‌[الدليل على فساد منهج أهل التأويل] :

- ‌[الرد على أهل التأويل] :

- ‌[الرسول صلى الله عليه وسلم أعلم الأمة وأنصحهم لها] :

- ‌[الطوائف المنحرفة عن طريقة السلف] :

- ‌[الطائفة الأولى: أهل التخييل] :

- ‌[الطائفة الثانية: أهل التأويل] :

- ‌[هذه الفتوى رد على أهل التأويل] :

- ‌[الطائفة الثالثة: أهل التجهيل] :

- ‌[معنى التأويل] :

- ‌[التأويل في اصطلاح المتأخرين] :

- ‌[التأويل في اصطلاح جمهور المفسرين] :

- ‌[التأويل الوارد في القرآن والسنة] :

- ‌[ما المراد بتأويل الصفات] :

- ‌[اللوازم الفاسدة المترتبة على مذهب أهل التجهيل] :

- ‌[أقوال الأئمة في صفات الله تعالى] :

- ‌[قول الأوزاعي] :

- ‌[قول مكحول والزهري] :

- ‌[قول الإمام مالك وسفيان الثوري والأوزاعي والليث بن سعد] :

- ‌[قول ربيعة بن أبي عبد الرحمن في الاستواء] :

- ‌[قول الإمام مالك في الاستواء] :

- ‌[معنى قول ربيعة ومالك: الاستواء غير مجهول] :

- ‌[معنى قول الأئمة: أمروها كما جاءت] :

- ‌[قول عبد العزيز بن الماجشون] :

- ‌[قول الإمام أبي حنيفة في كتاب الفقه الأكبر] :

- ‌[تكفير أبي حنيفة لمن توقف ولم يجزم هل الله في السماء أم في الأرض] :

- ‌[قول هشام بن عبيد الله الرازي] :

- ‌[قول يحيى بن معاذ الرازي] :

- ‌[قول ابن المديني] :

- ‌[قول الإمام الترمذي] :

- ‌[قول أبي زرعة] :

- ‌[قول محمد بن الحسن صاحب أبي حنيفة] :

- ‌[قول أبي عبيد القاسم بن سلام] :

- ‌[قول عبد الله بن المبارك] :

- ‌[قول حماد بن زيد] :

- ‌[قول سعيد بن عامر الضبعي] :

- ‌[قول الإمام ابن خزيمة] :

- ‌[قول عباد بن العوام الواسطي] :

- ‌[قول عبد الرحمن بن مهدي] :

- ‌[قول الأصمعي] :

- ‌[قول عاصم بن علي بن عاصم] :

- ‌[قول الإمام مالك] :

- ‌[قول الإمام الشافعي] :

- ‌[استتابة أبي يوسف بشرا] :

- ‌[قول الإمام ابن أبي زمنين] :

- ‌[قول الإمام ابن أبي زمنين في العرش والعلو] :

- ‌[قوله في الكرسي] :

- ‌[قوله في الحجب] :

- ‌[قوله في النزول] :

- ‌[ذكره لبعض أدلة العلو] :

- ‌[قوله في الأسماء والصفات جملة] :

- ‌[قول الإمام الخطابي] :

- ‌[قول أبي نعيم الأصبهاني] :

- ‌[قول معمر بن أحمد الأصبهاني] :

- ‌[قول الفضيل بن عياض] :

- ‌[قول عمرو بن عثمان المكي] :

- ‌[قول الحارث المحاسبي] :

- ‌[قول المحاسبي في العلو] :

- ‌[قول الإمام ابن خفيف واتفاق الصحابة في أصول الدين] :

- ‌[إثبات ابن خفيف النفس لله] :

- ‌[إثبات النور لله تعالى] :

- ‌[إثبات الوجه لله] :

- ‌[إثبات اليدين والقدمين لله تعالى] :

- ‌[موقف السلف من نصوص الصفات] :

- ‌[قول أهل الحق في بعض المسائل التي خالف فيها أهل البدع] :

- ‌[أقوال بعض أهل التصوف والرد عليهم] :

- ‌[قول عبد القادر الجيلاني] :

- ‌[قول الإمام ابن عبد البر]

- ‌[قول الإمام البيهقي] :

- ‌[قول القاضي أبي يعلى] :

- ‌[قول أبي الحسن الأشعري في كتابه المقالات] :

- ‌[قول الأشعري في كتابه الإبانة] :

- ‌[تصريح الأشعري الالتزام بمذهب الإمام أحمد] :

- ‌[قول الأشعري في الاستواء على العرش] :

- ‌[رد أبي الحسن على من فسر الاستواء بالاستيلاء] :

- ‌[مذهب أبي الحسن في الصفات الخبرية] :

- ‌[قول الباقلاني في كتابه الإبانة] :

- ‌[الكتاب والسنة فيهما الغنية عن كلام كل أحد] :

- ‌[مخالفة المتكلمين لأسلافهم] :

- ‌[مشابهة من تعصب لطائفة معينة ثم لم يقبل ما معها من الحق لليهود] :

- ‌[قول أبي المعالي في رد التأويل] :

- ‌[ليس كل من حكى الشيخ قوله هنا يقول بحميع ما يقول به أهل السنة] :

- ‌[الفتوى لا تتسع لعرض الشبه والآراء والرد عليها] :

- ‌[الكتاب والسنة فيهما النور والهدى] :

- ‌[لا تعارض بين نصوص المعية وبين نصوص العلو] :

- ‌[الله معنا حقيقة وفوق العرش حقيقة] :

- ‌[كلمة مع في اللغة لا تقتضي المماسة أو المحاذاة] :

- ‌[معنى قول السلف: معهم بعلمه] :

- ‌[استعمال لفظ المعية في الكتاب والسنة في مواضع مختلفة] :

- ‌[لفظ الربوبية والعبودية واشتراك الخلق فيهما] :

- ‌[لفظ المعية هل هو من قبيل المتواطئة أو من قبيل المشترك

- ‌[معنى أن الله في السماء] :

- ‌[هل ظاهر النصوص مراد أو غير مراد] :

- ‌[مخالفة طريقة السلف لطريقة المتكلمين] :

- ‌[تصريح السلف بعلو الله على عرشه] :

- ‌[إجماع السلف على إثبات الصفات الخبرية] :

- ‌[إطلاق أهل البدع الألقاب الشنيعة على أهل السنة] :

- ‌[أقسام الناس في نصوص الصفات] :

- ‌[من يقول تجرى على ظاهرها: 1ـ أهل السنة. 2ـ المشبهة] :

- ‌[القول في الصفات كالقول في الذات] :

- ‌[من سأل عن كيفية الصفات سئل عن كيفية الذات] :

- ‌[لا يلزم من الاشتراك في الأسماء العلم بالكيفية] :

- ‌[من يقول تجرى على خلاف ظاهرها] :

- ‌[من يفوض المعنى ولا يقول ظاهرها مراد أو غير مراد] :

- ‌[الطريقة الصحيحة في آيات الصفات وأحاديثها] :

- ‌[المخرج لمن اشتبه عليه الأمر] :

- ‌[سبب ضلال كثير من المتفلسفة والمتكلمين في هذا الباب] :

- ‌[حال المتوسطين من أهل الكلام] :

- ‌[المتكلمون في قول مختلف] :

- ‌[النظر إلى أهل الكلام بعين الشرع وبعين القدر] :

الفصل: ‌[قول عبد العزيز بن الماجشون] :

لا يحتاج أن يقول: بلا كيف، فلو كان من مذهب السلف نفي الصفات في نفس الأمر لما قالوا: بلا كيف.

[معنى قول الأئمة: أمروها كما جاءت] :

وأيضًا: فقولهم: أمِرُّوها كما جاءت. يقتضي إبقاء دلالتها على [ما هي عليه، فإنها جاءت ألفاظًا دالة على معاني، فلو كانت] دلالتها منتفية لكان الواجب [أن يقال: أمِرُّوا ألفاظها مع اعتقاد أن المفهوم منها غير مراد، أو أمِرُّوا ألفاظها مع] اعتقاد أن الله لا يُوصف بما دلت عليه حقيقة، وحينئذ فلا [تكون قد أُمِرّت] كما جاءت، ولا يقال حينئذ: بلا كيف، إذ نفي الكيفية عما ليس بثابت لغوٌ من القول.

[قول عبد العزيز بن الماجشون] :

وروى [الأثرم في السنة] وأبو عبد الله بن بطة في الإبانة، [وأبو عمر الطلمنكي وغيرهم] بإسناد صحيح، عن عبد العزيز

ص: 307

بن عبد الله بن أبي سلمة الماجشون ـ وهو أحد أئمة المدينة الثلاثة الذين هم مالك بن أنس، وابن الماجشون، وابن أبي ذئب ـ وقد سئل فيما جحدت به الجهمية:

«أما بعد: فقد فهمت ما سألت عنه فيما تتابعت الجهمية ومن

ص: 308

خالفها في صفة الرب [العظيم الذي فاقت عظمته الوصف والتقدير وكَلَّت الألسن عن] تفسير صفته، وانحسرت العقول دون معرفة قدره ردت عظمته العقول فلم تجد مساغًا فرجعت خاسئة وهي حسيرة، وإنما أُمروا بالنظر والتفكر فيما خلق بالتقدير، وإنما يقال «كيف» ؟ لمن لم يكن ثم كان، فأما الذي لا يحول ولا يزول، ولم يَزَلْ، وليس له مثل، فإنه لا يعلم كيف هو إلا هو، وكيف يعرف قدر من لم يبد ومن لم يمت، ولا يبلى، وكيف [يكون] لصفة شيء منه حد أو منتهى؟ يعرفه عارف أو يحد قدره واصف على أنه الحق المبين، لا حق أحق منه، ولا شيء، أبين منه. الدليل

ص: 309

على عجز العقول في تحقيق صفته، عجزها عن تحقيق صفة أصغر خلقه، لا تكاد تراه صغرًا يحول ويزول، ولا يرى له سمع ولا بصر، لما يتقلب به ويحتال من عقله، أعضل بك وأخفى عليك مما ظهر من سمعه وبصره، فتبارك الله أحسن الخالقين، وخالقهم وسيد السادات، وربهم {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ} [الشورى: 11] .

اعرف ـ رحمك الله ـ غناك عن تَكلُّف صفة ما لم يصف الرب من نفسه بعجزك عن معرفة قدر ما وصف منها، إذا لم تعرف قدر ما وصف فما تكلفك علم ما لم يصف، هل تستدل بذلك على شيء من طاعته، أو تنزجر به عن شيء من معصيته؟

فأما الذي جحد ما وصف الرب من نفسه تعمقًا وتكلفًا، فقد {اسْتَهْوَتْهُ الشَّيَاطِينُ فِي الأَرْضِ حَيْرَانَ} [الأنعام:71] فصار يستدل بزعمه على جحد ما وصف الرب وسمى من نفسه بأن [قال] : لا بد إن كان له كذا من أن يكون له كذا فعمي عن البَيِّن بالخفي، وجحد

ص: 310

ما سمى الرب من نفسه بصمت الرب عما لم يسم منها، فلم يزل

ص: 311

يملي له الشيطان حتى جحد قول الرب عز وجل {وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَّاضِرَةٌ إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ} [القيامة:22ـ23] فقال: لا يراه أحد يوم القيامة، فجحد والله أفضل كرامة الله التي أكرم بها أولياءه يوم القيامة من النظر إلى وجهه، ونضرته إياهم {فِي مَقْعَدِ صِدْقٍ عِندَ مَلِيكٍ مُّقْتَدِرٍ} [القمر:55] ،

ص: 312

وقد قضى أنهم لا يموتون، فهم بالنظر إليه ينظرون.

إلى أن قال: وإنما جحد رؤية الله يوم القيامة إقامة للحجة الضالة المضلة؛ لأنه قد عرف إذا تجلى لهم يوم القيامة رأوا منه ما كانوا به قبل ذلك مؤمنين، وكان له جاحدًا.

وقال المسلمون: يارسول الله، هل نرى ربنا؟

فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «هل تُضَارُّون في رؤية الشمس ليس دونها سحاب؟» قالوا: لا. قال: «فهل تضارون في رؤية القمر ليلة البدر ليس دونه سحاب؟» قالوا: لا. قال: «فإنكم ترون ربكم كذلك» .

وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا تمتلئ النار حتى يضع الجبار فيها قدمه، فتقول: قط قط، وينزوي بعضها إلى بعض» .

وقال لثابت بن قيس رضي الله عنه: «لقد ضحك الله مما فعلت بضيفك

ص: 313

البارحة» .

وقال فيما بلغنا: «إن الله ليضحك من أزلِكم وقنوطكم وسرعة إجابتكم» ، فقال له رجل من العرب: إن ربنا ليضحك؟ [قال: «نعم» قال: لا نعدم من رب يضحك خيرًا» في أشباه لهذا

ص: 314

مما لم نحصه.

وقال الله تعالى: {وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ} [الشورى:11]، {وَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ فَإِنَّكَ بِأَعْيُنِنَا} [الطور:48] ، وقال تعالى:{وَلِتُصْنَعَ عَلَى عَيْنِي} [طه:39]، وقال:{مَا مَنَعَكَ أَن تَسْجُدَ لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ} [ص:75]، وقال تعالى:{وَالْأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّمَاوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ} [الزمر:67] . فوالله ما دلَّهُم على عِظَم ما وصفه من نفسه، وما تحيط به قبضته إلا صغر [نظيرها

ص: 315

منهم عندهم، إن ذلك الذي] ألقى في روعهم، وخلق على معرفة [قلوبهم] ، فما وصف الله من نفسه فسماه على لسان رسوله صلى الله عليه وسلم سميناه كما أسماه، ولم نتكلف منه صفة ماسواه ـ لا هذا ولا هذا ـ لا نجحد ما وصف، ولا نتكلف معرفة ما لم يصف.

اعلم ـ رحمك الله ـ أن العصمة في الدين أن تنتهي في الدين حيث انتهي بك ولا تجاوز ما حد لك، فإن من قوام الدين معرفة المعروف وإنكار المنكر، فما بسطت عليه المعرفة وسكنت إليه الأفئدة وذكر أصله في الكتاب والسنة وتوارث علمه الأمة، فلا تخافنّ في ذكره وصفته من ربك ما وصفه من نفسه عيبًا، ولا تتكلفنّ لما وصف لك من ذلك قدرًا.

وما أنكرته نفسك، ولم تجد ذكره في كتاب ربك ولا في الحديث عن نبيك ـ من ذكر ربك ـ فلا تتكلفن علمه بعقلك، ولا تصفه بلسانك، واصمت عنه كما صمت الرب عنه من نفسه، فإن تكلفك [معرفة]

ص: 316

ما لم يصف من نفسه كإنكارك ما وصف منها، فكما أعظمت ما جحده الجاحدون مما وصف من نفسه، فكذلك أعظم [تكلف] ما وصف الواصفون مما لم يصف منها.

فقد ـ والله ـ عَزّ المسلمون الذين يعرفون المعروف وبمعرفتهم يُعرف، وينكرون المنكر وبإنكارهم يُنكر، يسمعون ما وصف الله به نفسه من هذا في كتابه، وما بلغهم مثله من نبيه، فما مرض من ذكر هذا وتسميته قلبُ مسلم، ولا تكلَّف صفة قدرة ولا تسمية غيره من الرب مؤمن.

وما ذكر عن الرسول صلى الله عليه وسلم أنه سماه من صفة ربه، فهو بمنزلة

ص: 317