الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وحتى أن جُلَّ المعتزلة تدخل عامة الأئمة مثل: مالك وأصحابه والثوري وأصحابه، والأوزاعي وأصحابه، والشافعي وأصحابه، وأحمد وأصحابه، وإسحاق بن راهويه، وأبي عبيد وغيرهم، في قسم المشبهة.
[إطلاق أهل البدع الألقاب الشنيعة على أهل السنة] :
وقد صنف أبو إسحاق إبراهيم بن عثمان بن درباس الشافعي جزءًا
أسماه: «تنزيه الشريعة عن الألقاب الشنيعة» وذكر فيه كلام السلف وغيرهم من معاني هذه الألقاب، وذكر أن أهل البدع كل صنف منهم يلقب أهل السنة بلقب افتراه، يزعم أنه صحيح على رأيه الفاسد، كما أن المشركين كانوا يلقبون النبي صلى الله عليه وسلم بألقاب افتروها.
فالروافض تسميهم نواصب، والقدرية يسمونهم مجبرة،
والمرجئة يسمونهم شكاكًا، والجهمية تسميهم مشبهة، وأهل الكلام يسمونهم حشوية ونَوَابت، وغثاءً،
وغُثْرًا، إلى أمثال ذلك، كما كانت قريش تسمي النبي صلى الله عليه وسلم تارة مجنونًا،
وتارة شاعرًا، وتارة كاهنًا، وتارة مفتريًا.
قالوا: فهذه علامة الإرث الصحيح والمتابعة التامة، فإن السنة هي ما كان عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم اعتقادًا واقتصادًا وقولًا وعملًا؛
فكما أن المنحرفين عنه يسمونه بأسماء مذمومة مكذوبة ـ وإن اعتقدوا صدقها بناء على عقيدتهم الفاسدة ـ فكذلك التابعون له على بصيرة الذين هم أولى الناس به في المحيا والممات، باطنًا وظاهرًا.
وأما الذين وافقوا ببواطنهم وعجزوا عن إقامة الظواهر، والذين وافقوه بظواهرهم وعجزوا عن تحقيق البواطن، أو الذين وافقوه ظاهرًا وباطنًا بحسب الإمكان: لا بد للمنحرفين عن سنته أن يعتقدوا فيها نقصًا [يذمونهم به]، ويسمونهم بأسماء مكذوبة ـ وإن اعتقدوا صدقها ـ كقول الرافضي: من لم يبغض أبا بكر وعمر، فقد أبغض عليًا، لأنه لا ولاية لعلي إلا بالبراءة منهما، ثم يجعل من أحب أبا بكر وعمر ناصبيًا، بناءً على هذه الملازمة الباطلة، التي اعتقدوها صحيحة، أو عاندوا فيها وهو الغالب.
وكقول القدري: من اعتقد أن الله أراد الكائنات وخلق أفعال العباد، فقد سلب العباد القدرة والاختيار وجعلهم مجبورين كالجمادات التي لا إرادة لها ولا قدرة.
وكقول الجهمي: من قال: إن الله فوق العرش، فقد زعم أنه محصور، وأنه جسم مركب وأنه مشابه لخلقه.
وكقول الجهمية المعتزلة: من قال: إن لله علمًا وقدرة، فقد زعم أنه جسم مركب، وهو مشبه، لأن هذه الصفات أعراض، والعَرَض لا
يقوم إلا بجوهر متحيز، وكل متحيز فجسم مركب، أو جوهر فرد، ومن قال ذلك فهو مشبه، لأن الأجسام متماثلة.
ومن حكى عن الناس «المقالات» وسماهم بهذه الأسماء المكذوبة بناءً على عقيدتهم التي هم مخالفون له فيها، فهو وربه. والله من ورائه بالمرصاد، ولا يحيق المكر السيئ إلا بأهله.