الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ما سمى وما وصف الرب من نفسه.
والراسخون في العلم ـ الواقفون حيث انتهى علمهم، الواصفون لربهم بما وصف من نفسه، التاركون لما ترك من ذكرها ـ لا ينكرون صفة ما سمى منها جحدًا، ولا يتكلَّفون وصفه بما لم يُسم تعمُّقًا، لأن الحقَّ تركُ ما ترك وتسميةُ ما سمَّى ومن يتبع {غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيرًا} [النساء:115] ، وَهَبَ اللهُ لنا ولكم حُكْمًا، وألحَقَنا بالصالحين اهـ.
وهذا كله كلام ابن الماجشون الإمام فتدبره، وانظر كيف أثبت الصفات ونفى علم الكيفية موافقة لغيره من الأئمة، وكيف أنكر على من نفى الصفات بأنه يلزم من إثباتها كذا وكذا كما تقوله الجهمية: أنه يلزم أن يكون جسمًا أو [عَرَضًا فيكون] .
[قول الإمام أبي حنيفة في كتاب الفقه الأكبر] :
وفي كتاب «الفقه الأكبر» المشهور عند أصحاب أبي حنيفة،
الذي رووه بالإسناد عن أبي مطيع الحكم بن عبد الله البلخي، قال: «سألت أبا حنيفة عن الفقة الأكبر؟ فقال: لا تكفرن أحدًا بذنب، ولا تنفِ أحدًا به من الإيمان، وتأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر،
وتعلم أن ما أصابك لم يكن ليخطئك، وما أخطأك لم يكن ليصيبك. ولا [تتبرأ من] أحد من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا توالي أحدًا دون أحد، وأن ترد أمر عثمان [وعليّ إلى الله عز وجل] .
قال «أبو حنيفة» : الفقه الأكبر في الدين خير من الفقه في العلم، ولأن يفقه الرجل كيف يعبد ربه خير من أن يجمع العلم الكثير. اهـ.
قال «أبو مطيع» : قلت: أخبرنى عن أفضل الفقه؟ قال: تعلم الرجل الإيمان والشرائع والسنن، والحدود، واختلاف الأئمة، وذكر مسائل الإيمان، ثم ذكر مسائل القدر، والرد على القدرية بكلام حسن ليس هذا موضعه.
ثم قال: قلت: فما تقول فيمن يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر فيتبعه على ذلك أناس، فيخرج على الجماعة: هل ترى ذلك؟ .
قال: لا. قلت: ولمَ؟ وقد أمر الله ورسوله بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وهو فريضة واجبة؟ . قال: كذلك ولكن ما يفسدون أكثر مما يصلحون من سفك الدماء واستحلال الحرام.
قال: وذكر الكلام في قتال الخوارج والبغاة، إلى أن قال: قال «أبوحنيفة» عمن قال: لا أعرف ربي في السماء أم في الأرض: فقد كفر؛ لأن الله تعالى يقول: {الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى} [طه:5] وعرشه فوق سبع سماوات.
قلت: فإن قال: إنه على العرش استوى، ولكنه يقول لا أدري العرش في السماء أم في الأرض؟ قال: هو كافر، لأنه أنكر أن يكون في السماء، لأنه تعالى في أعلى عليين، وأنه يدعى من أعلى لا من أسفل ـ وفي لفظ ـ سألت أبا حنيفة عمن يقول: لا أعرف ربي في السماء أم في الأرض. قال: قد كفر؛ لأن الله تعالى يقول: {الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى} [طه:5] وعرشه فوق سبع سماوات، قال: فإنه يقول: {عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى} ولكن لا يدري العرش في الأرض أو في السماء.