الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قال بن قدامة (1) رحمه الله: لا نعلم خلافًا في أن بني هاشم لا تحل لهم الصدقة المفروضة، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم:"إِنَّ الصَّدَقَةَ لا تَنْبَغِي لآلِ مُحَمَّدٍ إِنَّما هِيَ أَوْسَاخُ النَّاسِ"(2).
وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: أخذ الحسن تمرة من تمر الصدقة، فقال النبي صلى الله عليه وسلم:"كِخْ كِخْ " لِيَطْرَحَهَا ثُمَّ قَالَ: "أَمَا شَعَرْتَ أنَّا لا نَأْكُلُ الصَّدَقَةَ"(3).
واختلف الفقهاء في بني المطلب، هل يمنعون من الزكاة كبني هاشم
؟
1 -
فذهب الشافعي (4) إلى أنه ليس لهم الأخذ من الزكاة مثل بني هاشم، وأحتجوا لذلك بما رواه البخاري عن جبير بن مطعم رضي الله عنه قال: مَشَيْتُ أنَّا وَعُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ إِلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَقُلنَا: يَا رَسُولَ اللهِ أَعْطَيْتَ بَنِي المُطَّلِبِ وَتركْتَنَا وَنَحْنُ وَهُمْ مِنْكَ بمَنْزِلَةٍ وَاحِدَةٍ فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "إنَّما بَنُو المُطَّلِب وَبَنُو هَاشِمٍ شَيْءٌ وَاحِدٌ"(5).
قال ابن حزم (6) رحمه الله: فصح أنه لا يجوز أن يفرق بين حكمهم في شيء أصلًا لأنهم شيء واحد بنص كلامه صلى الله عليه وسلم، فصح أنهم آل محمَّد، وإذا هم آل محمَّد فالصدقة عليهم حرام.
وهو رواية في مذهب أحمد (7).
(1) المغني (4/ 109، 110).
(2)
رواه مسلم: كتاب الزكاة، باب ترك استعمال آل النبي صلى الله عليه وسلم على الصدقة (1784).
(3)
رواه البخاري: كتاب الزكاة -باب ما يذكر في الصدقة للنبي صلى الله عليه وسلم وآله (1396)، ومسلمٌ: كتاب الزكاة، باب تحريم الزكاة على رسول الله صلى الله عليه وسلم وعلى آله (1778).
(4)
المجموع (6/ 244) وما بعدها.
(5)
رواه البخاري: كتاب فرض الخمس، باب ومن الدليل على أن الخمس للإمام (2907).
(6)
المحلى (6/ 210).
(7)
المغني (4/ 111، 112).
2 -
وذهب الحنفية (1)، وهو رواية عن أحمد (2) أنه يجوز دفع الزكاة لبني المطلب، قال ابن قدامة (3) رحمه الله في المغني بعد أن ساق الرواية الأولى قال: "والرواية الثانية لهم الأخذ منها، وهو قول أبي حنيفة لأنهم دخلوا في عموم قوله تعالى:{إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَابْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ} (4).
لكن خرج بنو هاشم لقول النبي صلى الله عليه وسلم: "إِنَّ الصَّدَقَةَ لا تَنْبَغِي لآلِ مُحَمَّدٍ"(5) فيجب أن يختص المنع لهم، ولا يصح قياس بني طالب علي بني هاشم لأن بني هاشم أقرب إلى النبي صلى الله عليه وسلم وأشرف، وهم آل النبي صلى الله عليه وسلم ومشاركة بني المطلب لهم في خمس الخمس ما استحقوه بمجرد القرابة بدليل أن بني شمس وبني نوفل يساوونهم في القرابة. ولم يعطوا شيئًا وإنما شاركوهم بالنصرة أو بهما جميعًا، والنصرة لا تقتضي منع الزكاة.
قال الشيخ محمَّد بن عثيمين (6) رحمه الله: "والصحيح الرواية الأخرى -وهي المذهب- أنه يصح دفع الزكاة إلى بني المطلب لأنهم ليسوا من آل محمَّد صلى الله عليه وسلم ولعموم الأدلة {إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ} (7)، فيدخل فيهم بنو المطلب، ويجاب عن تشريكهم في الخمس بأنه مبني على المناصرة والمؤازرة بخلاف الزكاة فإنهم لما
(1) البدائع (2/ 49).
(2)
المرجع السابق.
(3)
المرجع السابق.
(4)
سورة التوبة: 60.
(5)
سبق تخريجه، (ص: 143).
(6)
الشرح الممتع (6/ 256).
(7)
سورة التوبة: 60.