المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌تعريف الصلاة لغة واصطلاحا - القول البديع في الصلاة على الحبيب الشفيع

[السخاوي]

فهرس الكتاب

- ‌المقدمة

- ‌تعريف الصلاة لغة واصطلاحاً

- ‌(فائدة في طلب المغفرة للصغير)

- ‌(حكم الصلاة)

- ‌(الصلاة على النبي تجب بالنذر)

- ‌(محل الصلاة)

- ‌(المقصود بالصلاة)

- ‌(إفراد الصلاة عن التسليم لا يكره وكذا العكس)

- ‌(تحقيق لفظ النبي)

- ‌(الفرق بين النبي والرسول)

- ‌(النبوة أفضل من الإرسال)

- ‌(ما الحكمة في إضافة الصلاة إلى الله تعالى وملائكته دون السلام)

- ‌الباب الأول

- ‌تنبيه

- ‌(هل يصلي على غير الأنبياء)

- ‌(بيان أفضل الكيفيات في الصلاة عليه)

- ‌تنبيه: إن قيل لم قال غفل ولم يقل سكت

- ‌(ما الحكمة في أن الله تعالى أمرنا أن نصلي عليه)

- ‌(الفصل الأول السلام عليكم فقد عرفناه)

- ‌(التسليم عليه يرتقي إلى الوجوب)

- ‌الفصل الثاني: المراد بقولهم كيف

- ‌الفصل الثالث: في تحقيق اللهم

- ‌الفصل الرابع: في بيان أسمائه " صلى الله عليه وسلم

- ‌(أسماؤه صلى الله عليه وسلم

- ‌الفصل الخامس: في تحقيق الأُمِّي

- ‌الفصل السادس: في ذكر زوجاته صلى الله عليه وسلم

- ‌تنبيه: قال أبو بكر بن أبي عاصم، لم تذكر أزواجه صلى الله عليه وسلم وذريته فيما أعلم إلا في هذا الحديث

- ‌الفصل السابع في تحقيق الذرية

- ‌الفصل الثامن: في تحقيق الآل

- ‌تنبيه: إن قال قائل ما وجه التفرقة بين الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم وبين الآل في الوجوب

- ‌الفصل التاسع: فيه سؤالان أحدهما لم خص إبراهيم عليه السلام بالتشبيه دون غيره من الأنبياء

- ‌الفصل العاشر: المراد بالبركة في قوله وبارك

- ‌الفصل الحادي عشر

- ‌(تحقيق ترحمت عليه)

- ‌الفصل الثاني عشر: المراد بالعالمين

- ‌الفصل الثالث عشر: في تحقيق الحميد

- ‌الفصل الرابع عشر: في تحقيق الأعلين والمصطفين والمقربين

- ‌الفصل الخامس عشر: في تحقيق قوله صلى الله عليه وسلم من سره أن يكتال بالمكيال الأوفى

- ‌الفصل السادس عشر: في ضبط ما في حديث علي من مشكل

- ‌الفصل السابع عشر: في زيادة قول المصلي سيدنا

- ‌الباب الثاني: في ثواب الصلاة على رسول الله صلى الله عليه وسلم

- ‌الفصل الأول: قال الأتليشي أي عمل أرفع وأي وسيلة أشفع وأي عمل أنفع من الصلاة على من صلى الله عليه

- ‌الفصل الثاني: قرن الله ذكر نبينا والصلاة عليه بذكره

- ‌الفصل الثالث: فائدة من جاء بالحسنة فله عشر أمثالها

- ‌الفصل الرابع: في معنى إني أكثر الصلاة عليك فكم أجعل لك من صلاتي

- ‌الفصل الخامس: حديث أولى الناس في أقربهم منه في القيامة

- ‌الفصل السادس: السلام عليه أفضل من عتق الرقاب

- ‌الباب الثالث: في تحذير من ترك الصلاة عليه عند ذكره

- ‌(فوائد نختم بها الباب الثالث)

- ‌الباب الرابع: في تبليغه صلى الله عليه وسلم سلام من يسلم عليه ورده السلام

- ‌(فوائد نختم بها الباب الرابع)

- ‌الباب الخامس: في الصلاة عليه في أوقات مخصوصة

- ‌(بعد الفراغ من الوضوء)

- ‌(وأما عقب الصبح والمغرب)

- ‌(وأما الصلاة عليه في التشهد)

- ‌(حكم الصلاة على النبي في التشهد الأول)

- ‌(الصلاة على النبي في القنوت)

- ‌(عند القيام بصلاة الليل من النوم)

- ‌(بعد الفراغ من التهجد)

- ‌(عند دخول المساجد والمرور بها والخروج منها)

- ‌(الصلاة عليه بعد الأذان)

- ‌[لم خص سائل الوسيلة وسكان المدينة صابراً على لاوائها بالشفاعة]

- ‌[ما أحدثه المؤذنون عقب الأذان]

- ‌(الصلاة عليه في يوم الجمعة وليلتها)

- ‌(الصلاة عليه في يومي السبت والأحد)

- ‌(الصلاة عليه ليلة الإثنين والثلاثاء)

- ‌(الصلاة عليه في الخطب)

- ‌(الصلاة عليه في تكبيرات صلاة العيد)

- ‌(الصلاة عليه في الصلاة على الجنازة)

- ‌(الصلاة عليه عند إدخال الميت القبر)

- ‌(الصلاة عليه في رجب)

- ‌(الصلاة عليه في شعبان)

- ‌(الصلاة عليه في أعمال الحج وزيارة قبره وما إلى ذلك)

- ‌(آداب زيارة قبره الشريف)

- ‌(الصلاة عليه عند الذبيحة)

- ‌(الصلاة عليه عند عقد البيع)

- ‌(الصلاة عليه عند كتابة الوصية)

- ‌(الصلاة عليه عند خطبة التزويج)

- ‌(الصلاة عليه في طرفي النهار وعند إرادة النوم)

- ‌(الصلاة عليه في الرسائل وبعد البسملة)

- ‌(الصلاة عليه عند الهم والشدائد)

- ‌(الصلاة عليه عند إلمام الفقر والحاجة وعند الغرق)

- ‌(الصلاة عليه عند وقوع الطاعون)

- ‌(الصلاة عليه أول الدعاء وأوسطه وآخره)

- ‌(الصلاة عليه عند طنين الأذن)

- ‌(الصلاة عليه عند العطاس)

- ‌(الصلاة عليه لمن نسي شيئاً)

- ‌(الصلاة عليه عند أكل الفجل ونهيق الحمير)

- ‌(الصلاة عليه عقب الذنب)

- ‌(الصلاة عليه عند الحاجة)

- ‌(صلاة الحاجة)

- ‌(الصلاة عليه في الأحوال كلها)

- ‌(الصلاة في الأحوال كلها)

- ‌(الصلاة عليه لمن أتهم وهو بريء)

- ‌(الصلاة عليه عند لقاء الإخوان)

- ‌(الصلاة عليه عند تفرق القوم)

- ‌(الصلاة عند ختم القرآن)

- ‌(الصلاة عليه في الدعاء)

- ‌(الصلاة عليه عند القيام من المجلس)

- ‌(الصلاة عليه في كل موضع)

- ‌(الصلاة عليه عند افتتاح الكلام)

- ‌(الصلاة عليه عند ذكره)

- ‌(الصلاة عليه عند نشر العلم والوعظ وقراءة الحديث)

- ‌(الصلاة عليه عند كتابة الفتيا)

- ‌(الصلاة عليه عند كتابه اسمه)

- ‌خاتمة

- ‌(حكم الموضوع)

- ‌(بيان الكتب المصنفة في هذا الباب)

الفصل: ‌تعريف الصلاة لغة واصطلاحا

‌تعريف الصلاة لغة واصطلاحاً

المقدمة في تعريف الصلاة لغة واصطلاحاً وحكمها محلها والمقصود بها أما أصلها لغة فيرجع إلى معنيين احدهما الدعاء والتبرك فمنه: {وَصَلِّ عَلَيْهِمْ إِنَّ صَلَاتَكَ سَكَنٌ لَهُمْ} ، وقوله وصلاة السول وقوله، {وَلَا تُصَلِّ عَلَى أَحَدٍ مِنْهُمْ} ومنه الصلاة على الجنازة أي الجعاء للميت أنشدوا:

وقابلها الريح في دنها وصلى على دنها وارتم

قال أبو عمر النميري ومنه قول الأعشى:

لها حارس لا يبرح الجهر ينهها وإن ما دعت صلى عليها وزمزما

وسمي الدعاء صلاة لأن قصد الداعي جميع المقاصد الحسنة الجميلة والمواهب السنية الرفيعة أولاً وآخراً ظاهراً وباطناً دينا ودنيا بحسب إختلاف السائلين ففيه معنى الجمعية كما سيأتي والله أعلم.

والمعنى الثاني، العبادة، ومنه قوله عليه الصلاة والسلام إذا دعى أحدكم إلى طام فإن كان صائماً فليصل وقد فير بالمعنى الأول أيضاً وهو الأكثر وقيل أن الصلاة في اللغة الدعاء وهو على نوعين دعاء عبادة ودعاء مسألة فالعابد داع كالسائل وبهما فير قوله تعالى أدعوني أستجب لكم فقيل أطيعوني أثبكم وقيل سلوني أعطكم وقوله {أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ} .

ص: 17

قال ابن القيم: والصواب أن الدعاء يعم النوعين قال وبهذا تزول الإشكالات الواردة على اسم الصلاة الشرعية هل هو منقول عن موضوعه في اللغة فيكون حقيقة شرعية لا مجازاً شرعياً فعلاً هذا تكون الصلاة باقية على مسماها في اللغة وهو الدعاء والدعاء دعاء عبادة ودعاء مسألة والمصلي من حين تكبيره إلى سلامه بين دعاء العبادة ودعاء المسألة فهة في صلاة حقيقة لا مجازاً ولا منقولة ولكن خص اسم الصلاة بهذه العبادة المخصوصة كسائر الألفاظ التي يخصها أهل اللغة والعرف ببعض مسماها كالدابة والرأس ونحوهما فهذا غاية تخصيص اللفظ وقصره على بعض موضوعه وهذا لا يوجب نقلاً ولا خروجاً عن موضوعه الأصلي انتهى.

ولما ذكر العلامة اللغوي مجد الدين اختلاف العلماء هل هي الدعاء أو مشتقة من الصلاة بالقصر وهي النار أو الملازمة أو الترحم أو التعظم أو غير ذلك مما ذكر عن الحليمي عقب ذلك بقوله ونحن بتأييد الله وتوفيقه لا نعرج على شيء مما ذكروه وعندنا فيها قول هو القول إن شاء الله تعالى.

وذلك أن مادة ص ل وو ل ي موضوعه لأصل واحد وملحوظ لمعنى مفرد وهو الضم والجمع وجميع تفاريعها راجعة إلى هذا المعنى وكذلك سائر تقاليبها كيف ما تصرفت وتقلبت كان مرجعها إلى هذا المعنى وبيان ذلك أن ص ل ومنها الصلاة وسط الظهر من الإنسان ةمن كل ذي أربع وقيل ما أنحدر من الوركين كل ذلك لما فيه من الإنضمام والإجتماع ومنه صلاة بالنار شواه لأنه ينضم ويجتمع اجزاؤه وصلا يده سخنها وادفاها لأنضمام الحرارة إليها وصلاه خاتله وخدعه لأنه ينضم ويجتمع لخدعه كإنضمام الصياد منه الصلاية لمدق الطيب يجمع فيه الطيب والمصلي من أفراس الحلبة يجمع مع السابق والصلاة كنايس اليهود لاجتماعهم فيها ومنها ص ول منه صال على قرنه صولا إذا سطا عليه ووثب إليه والمصولة المكنسة لأنه يجمع بها الكناسة والصيلة بالكسر عقدة في العدبة والمصول شيء يجمع فيه الحنظل وينقع لتذهب مرارته والتصويل كنس نواحي البيدر أي جمع مل تفرق منها.

الثالثة: ل وص تقول لا ص لوصا إذل لمح من خلل الباب كالمختفي وكذلك لا وص ملاوصة واللصوص واللواص والملوس الفالوذ لانعقاده وانجماعه

ص: 18

واللواص أيضاً العسل لذلك أو لاجتماعه في الخلية ولا ص حاد عن الطريق كأنه طلب الإختفاء والإجتماع وكذلك ل ي ص.

والرابعة: ل ص وو ل ص ي تقول لصاه يلصوه ولصا إليه إذا أنضم إليه لريبة وكذلك لصى يلصى كرمى يرمي ولصى يلصى كرضى يرضي.

والخامسة: وص ل وصله وصلا وصله لامه ووصل الشيء ووصل إلى الشيء وصولا ووصلا وصلة بلغه وأجتمع به وأنتهى إليه ومنه الوصيلة الناقة التي وصلت بين عشرة البطن والشاة التي ولدت سبعة أبطن عناقين عناقين فظهر بذلك معنى الضم والجمع في جميع مواد الكلمة فيميت الأفعال المشروعة المخصوصة صلاة لما فيها من اجتماع الجوارح الظاهرة والخواطر الباطنة وإزاحة المصلي عن نفيه جميع المفرقات والمكدرات وجمعه جميع المهمات المجتمعات للحاظر المسكنات أو لاشتمالها على جميع المقاصد والخيرات وكونها أصل العبادات وأم الطاعات انتهى.

وتستعمل الصلاة بمعنى الاستغفار أيضاً ومنه قوله صلى الله عليه وسلم أني بعثت إلى أهل البقيع لأصلي عليهم إنه فير في الراوية الأخرى أمرت أن أستغفر لهم وتستعمل بمعنى البركة ومنه قوله صلى الله عليه وسلم اللهم صل على آل أبي أوفى وتستعمل بمعنى القراءة ومنه قوله {لَا تَجْهَرْ بِصَلَاتِكَ وَلَا تُخَافِتْ بِهَا} وبمعنى الرحمة والمغفرو وأما قول الأعشى:

تراوح من صلاة المليك فطورا سجودا وطورا جوارا

فالمراد به الصلاة الشرعية التي فيها الركوع والسجود والحوار هنا الرجوع إلى القيام والقعود إذا تقرر هذا فليعلم أن الصلاة يختلف حالها بحسب حال المصلي والمصلي له والمصلي عليه ففي البخاري عن أبي العاليه أن معنى صلاة الله على نبيه ثناؤه عليه عند ملائكته ومعنى صلاة الملائكة عليه الدعاء له وكذا روينا في أواخر الثامن من حديث الخرساني عن الربيع بن أنس في قوله أن الله ملائكته يصلون على النبي قال صلاة الله عليه ثنلؤه عند ملائكته وصلاة الملائكة عليه الجعاء له وقوله يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه أدعوا له وعند ابن أبي خاتم في تفييره عن

ص: 19

سعيد بن جبير مقاتل بن حيان هو الذي يصلي عليكم يغفر لكم ويأمر الملائكة أن يستغفروا لكم وعن ابن عباس أن معنى صلاة الملائكة الدعاؤ بالبركة وقد علق ذلك البخاري عنه فقال وقال ابن عباس يصلون يبركون وتقل الترمذي عن سفيان الثوري وغير واحد من أهل العلم قالوا صلاة الرب الرحمة وصلاة الملائكة الاستغفار وهو منقول عن ابي العالية والضحاك إلا أنهما قالا صلاة الملائكة الدعاء وقال الضحاك بن المزاحم أيضاً صلاة رحمته وفي رواية عنه مغفرته وصلاة الملائكة الدعاء أخرجهما إسماعيل القاضي من طريقه فكأنه يريد الدعاء بالمغفرة نحوها ورجع الشيخ شهاب الذين القرافي أن الصلاة من الله المغفرة وكذا فيرها الأرموي والبيضاوي وقال الإمام فخر الدين الرازي والأمدي أنها الرحمة.

وروى ابن أبي حاتم في تفييره أيضاً عن الحسن أن بني إسرائيل سألوا موسى هل يصلي ربك قال فكان لك كبر في صدر موسى فأوحى الله إليه أخبرهم أني أصلي وأن صلاتي وأن رحمتي سبقت غضبي وهو في معجمي الطبراني الأوسط والصغير عن عطاء بن أبي رياح عن أبي هريرة عنه رفعه قلت يا جبرائيل أيصلي ربك جل ذكره قال نعم قلت ما صلاته قال سبوح قدوس سبقت رحمتي غضبي وعنابن حاتم أيضاً من طريق عطاء المذكور في قوله تعالى أن الله ولا ملائكته يصلون على النبي قال صلاته تبارك وتعالى سبوح قدوس سبقت رحمني غضبي وقال المبرد الصلاة من الله الرحمة ومن الملائكة رقة تبعث على استدعاء الرحمة وتعقب بأن الله تعالى غاير بين الصلاة والرحمة في قوله تعالى أولئك عليهم صلات من ربهم ورحمة وكذلك فهم الصحابة المغايرة من قوله صلوا عليه وسلموا تسليماً حتى سألوا عن كيفية الصلاة مع ما تقدم من ذكر الرحمة في تعليم السلام حيث جاء بلفظ السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته وأقرهم النبي صلى الله عليه وسلم فلو كانت الصلاة بمعنى الرحمة لقال لهم قد علمتم ذلك في السلام وقد قال ابن الإعرابي الصلاة من الله الرحمة ومن الآدميين وغيرهم من الملائكة والجن الركوع والسجود والدعاء والتسبيح ومن الطير والهوام التسبيح قال تعالى كل قد علم صلاته وتسبيحه وقال ابن عطية صلوات الله على عبيده عفوه ورحمته وبركته وتشريفه أياهم في الدنيا والآخرة وقال في قوله تعالى هو الذي يصلي عليكم

ص: 20

وملائكته صلاة الله على العبد هي رحمته له وبركته لديه ونشره الثناء الجميل عليه وصلاة الملائكة دعاؤهم وقال غيره صلاة الملائكة رقة ودعل وقال الراغب الصلاة في اللغة الدعاء والتبريك والتحميد ومن الله التزكية، ومن لملائكة الإستغفار ومن الناس الدعاء وقال الزمخشري لما كان من شأن المصلي أن يتعطف في ركوعه وسجوده أستعير لمن يتعطف على غيره حنوا عليه وترؤفا كعائد المريض في انعطافه عليه والمرأة في حنوها على ولدها ثم كثر حتى استعمل في الرحمة والترؤف ومنه قولهم صلى الله عليك أي ترحم وترأف حكاه المجد اللغوي وقال بعده فإن قلت هو الذي يصلي عليكم إن فيرته بترحم وترأف فما تصنع بقوله تعالى ملائكته قلت هي مثل قولهم اللهم صلي على المؤمنين جعلوا لكونهم مستجابي الدعوى كأنهم فاعلون للرحمة والرأفة وقال الماوردي هو اسم مشترك لمعان فمن الله في أظهر الوجوه الرحمة ومن الملائكة الاستغفار ومن المؤمنين الدعاء وقال إنما أكدها بالعطف مع اختلاف اللفظ لأنه أبلغ - انتهى.

وجوز الحليمي أن يكون الصلاة بمعنى السلام عليه فإن شيخنا وفيه نظر وحديث كعب وغيره يعني من الإحاديث الآتية يرد على ذلك وأولى الأقوال ما تقدم عن أبي العالية أن معنى صلاة الله تعالى على نبيه ثناؤه وتعظيمه وصلاة الملائكة وغيرهم طلب ذلك له من الله تعالى والمراد طلب الزيادة لا طلب أصل الصلاة وقيل صلاة الله على خلقه تكون عامة فصلاته على انبيائه هي ما تقدم من الثناء والتعظيم وصلاته على غيرهم الرحمة فهي التي وسعت كل شيء ونقل عياض عن بكر القشيري قال الصلاة على النبي من الله تشريف وزيادة تكرمه وعلى من دون النبي رحمة.

وبهذا التقرير يظهر الفرق بين النبي صلى الله عليه وسلم وبين سائر المؤمنين حيث قال الله تعالى أنه الله وملائكته يصلون على النبي وقال قبل ذلك في السورة المذكورة هو الذي يصلي عليكم وملائكته ومن المعلوم أن القدر الذي يليق بالنبي صلى الله عليه وسلم من ذلك أرفع مما يليق بغيره والإجماع منعقد على أن في هذه الآية من تعظيم النبي صلى الله عليه وسلم والتنويه به ما ليس في غيرها - أنتهى.

ص: 21

وجعل الحليمي أن معنى صلاة الله تعالى على نبيه تعظيمه له فقال في شعب الإيمان له إما الصلاة في اللسان فهي التعظيم وقيل للصلاة المعهودة صلاة لما فيها من حني الصلاة وهو وسط لأن انحناء الصغير للكبير إذا رآه تعظيماً منه له في العادات ثم سموا قرائتها أيضاً صلاة إذ كان المراد من عامة ما في الصلاة من قيام وقعود وغيرهما تعظيم الرب ثم توسعوا فيموا كل دعاء صلاة إذا كان الدعاء تعظيماً للمدعو بالرغبة إليه والتبؤس له وتعظيماً للمدعو به بإبتغاء ما يبتغي له من فضل الله تعالى وجميل نظره وقيل الصلاة لله أي الأذكار التي يراد بها التعظيم المذكور والإعتراف له بحلالة القدر وعلو الرتبة وكلها لله تعالى أي هو مستحقها لا يليق بأحد سواه فإذا قلنا اللهم صل على محمد فإنما نريد اللهم عظم محمداً في الدنيا باعلاء ذكره وإظهار دينه وإبقاء شريعته وفي الآخرة بتشفيعه في أمته وإجزال أجره ومثوبته وإبداء فضله للأولين والأخرين بالمقام المحمود وتقديمه على كافة المقربين والشهود قال وهذه الأمور وإن كان الله تعالى قد أوجبها للنبي صلى الله عليه وسلك فإن كان شيء منها ذات درجات ومراتب فقد يجوز إذا صلى عليه واحد من أمته وأستجيب دعؤه فيه أن يزاد للنبي صلى الله عليه وسلم بذلك الدعاء في كل شيء مما سميناه رتبة ودرجة ولهذا كانت الصلاة مما يقصد بها قضاء حقه ويتقرب بادائها إلى الله عز وجل ويدل على أن قولنا اللهم صلي على محمد صلاة منا عليه لنا لا نملك إيصال ما يعظم به أمره ويعلو به قدره إليه إنما ذلك بيد الله تعالى فصح أن صلاتنا عليه الدعاء بذلك وابتغاؤه من الله جل ثناؤه قال وقد يكون للصلاة على رسول الله صلى الله عليه وسلم وجه آخر وهو أن يقال الصلاة على رسول الله صلى الله عليه وسلم كما يقال السلام على رسول الله والسلام على فلان وقد قال الله عز وجل {أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ} ومعناه لتكن أو كانت الصلاة على رسول الله صلى الله عليه وسلم كما يقال صلى الله عليه أي كانت من الله عليه الصلاة أو لتكن الصلاة من الله عليه ووجه هذا أن التمني على الله سؤال ألا ترى أنه يقال غفر الله لك ورحمك فيقوم ذلك مقام اللهم أغفر له اللهم أرحمه والله أعلم - انتهى.

كلام الحليمي: وقوله أن معنى الصلاة عليه التعظيم قال شيخنا لا يعكر

ص: 22