المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

أحد أقوال العلماء في الأطفال والمراهقين وكذا من بلغ العشر - القول البديع في الصلاة على الحبيب الشفيع

[السخاوي]

فهرس الكتاب

- ‌المقدمة

- ‌تعريف الصلاة لغة واصطلاحاً

- ‌(فائدة في طلب المغفرة للصغير)

- ‌(حكم الصلاة)

- ‌(الصلاة على النبي تجب بالنذر)

- ‌(محل الصلاة)

- ‌(المقصود بالصلاة)

- ‌(إفراد الصلاة عن التسليم لا يكره وكذا العكس)

- ‌(تحقيق لفظ النبي)

- ‌(الفرق بين النبي والرسول)

- ‌(النبوة أفضل من الإرسال)

- ‌(ما الحكمة في إضافة الصلاة إلى الله تعالى وملائكته دون السلام)

- ‌الباب الأول

- ‌تنبيه

- ‌(هل يصلي على غير الأنبياء)

- ‌(بيان أفضل الكيفيات في الصلاة عليه)

- ‌تنبيه: إن قيل لم قال غفل ولم يقل سكت

- ‌(ما الحكمة في أن الله تعالى أمرنا أن نصلي عليه)

- ‌(الفصل الأول السلام عليكم فقد عرفناه)

- ‌(التسليم عليه يرتقي إلى الوجوب)

- ‌الفصل الثاني: المراد بقولهم كيف

- ‌الفصل الثالث: في تحقيق اللهم

- ‌الفصل الرابع: في بيان أسمائه " صلى الله عليه وسلم

- ‌(أسماؤه صلى الله عليه وسلم

- ‌الفصل الخامس: في تحقيق الأُمِّي

- ‌الفصل السادس: في ذكر زوجاته صلى الله عليه وسلم

- ‌تنبيه: قال أبو بكر بن أبي عاصم، لم تذكر أزواجه صلى الله عليه وسلم وذريته فيما أعلم إلا في هذا الحديث

- ‌الفصل السابع في تحقيق الذرية

- ‌الفصل الثامن: في تحقيق الآل

- ‌تنبيه: إن قال قائل ما وجه التفرقة بين الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم وبين الآل في الوجوب

- ‌الفصل التاسع: فيه سؤالان أحدهما لم خص إبراهيم عليه السلام بالتشبيه دون غيره من الأنبياء

- ‌الفصل العاشر: المراد بالبركة في قوله وبارك

- ‌الفصل الحادي عشر

- ‌(تحقيق ترحمت عليه)

- ‌الفصل الثاني عشر: المراد بالعالمين

- ‌الفصل الثالث عشر: في تحقيق الحميد

- ‌الفصل الرابع عشر: في تحقيق الأعلين والمصطفين والمقربين

- ‌الفصل الخامس عشر: في تحقيق قوله صلى الله عليه وسلم من سره أن يكتال بالمكيال الأوفى

- ‌الفصل السادس عشر: في ضبط ما في حديث علي من مشكل

- ‌الفصل السابع عشر: في زيادة قول المصلي سيدنا

- ‌الباب الثاني: في ثواب الصلاة على رسول الله صلى الله عليه وسلم

- ‌الفصل الأول: قال الأتليشي أي عمل أرفع وأي وسيلة أشفع وأي عمل أنفع من الصلاة على من صلى الله عليه

- ‌الفصل الثاني: قرن الله ذكر نبينا والصلاة عليه بذكره

- ‌الفصل الثالث: فائدة من جاء بالحسنة فله عشر أمثالها

- ‌الفصل الرابع: في معنى إني أكثر الصلاة عليك فكم أجعل لك من صلاتي

- ‌الفصل الخامس: حديث أولى الناس في أقربهم منه في القيامة

- ‌الفصل السادس: السلام عليه أفضل من عتق الرقاب

- ‌الباب الثالث: في تحذير من ترك الصلاة عليه عند ذكره

- ‌(فوائد نختم بها الباب الثالث)

- ‌الباب الرابع: في تبليغه صلى الله عليه وسلم سلام من يسلم عليه ورده السلام

- ‌(فوائد نختم بها الباب الرابع)

- ‌الباب الخامس: في الصلاة عليه في أوقات مخصوصة

- ‌(بعد الفراغ من الوضوء)

- ‌(وأما عقب الصبح والمغرب)

- ‌(وأما الصلاة عليه في التشهد)

- ‌(حكم الصلاة على النبي في التشهد الأول)

- ‌(الصلاة على النبي في القنوت)

- ‌(عند القيام بصلاة الليل من النوم)

- ‌(بعد الفراغ من التهجد)

- ‌(عند دخول المساجد والمرور بها والخروج منها)

- ‌(الصلاة عليه بعد الأذان)

- ‌[لم خص سائل الوسيلة وسكان المدينة صابراً على لاوائها بالشفاعة]

- ‌[ما أحدثه المؤذنون عقب الأذان]

- ‌(الصلاة عليه في يوم الجمعة وليلتها)

- ‌(الصلاة عليه في يومي السبت والأحد)

- ‌(الصلاة عليه ليلة الإثنين والثلاثاء)

- ‌(الصلاة عليه في الخطب)

- ‌(الصلاة عليه في تكبيرات صلاة العيد)

- ‌(الصلاة عليه في الصلاة على الجنازة)

- ‌(الصلاة عليه عند إدخال الميت القبر)

- ‌(الصلاة عليه في رجب)

- ‌(الصلاة عليه في شعبان)

- ‌(الصلاة عليه في أعمال الحج وزيارة قبره وما إلى ذلك)

- ‌(آداب زيارة قبره الشريف)

- ‌(الصلاة عليه عند الذبيحة)

- ‌(الصلاة عليه عند عقد البيع)

- ‌(الصلاة عليه عند كتابة الوصية)

- ‌(الصلاة عليه عند خطبة التزويج)

- ‌(الصلاة عليه في طرفي النهار وعند إرادة النوم)

- ‌(الصلاة عليه في الرسائل وبعد البسملة)

- ‌(الصلاة عليه عند الهم والشدائد)

- ‌(الصلاة عليه عند إلمام الفقر والحاجة وعند الغرق)

- ‌(الصلاة عليه عند وقوع الطاعون)

- ‌(الصلاة عليه أول الدعاء وأوسطه وآخره)

- ‌(الصلاة عليه عند طنين الأذن)

- ‌(الصلاة عليه عند العطاس)

- ‌(الصلاة عليه لمن نسي شيئاً)

- ‌(الصلاة عليه عند أكل الفجل ونهيق الحمير)

- ‌(الصلاة عليه عقب الذنب)

- ‌(الصلاة عليه عند الحاجة)

- ‌(صلاة الحاجة)

- ‌(الصلاة عليه في الأحوال كلها)

- ‌(الصلاة في الأحوال كلها)

- ‌(الصلاة عليه لمن أتهم وهو بريء)

- ‌(الصلاة عليه عند لقاء الإخوان)

- ‌(الصلاة عليه عند تفرق القوم)

- ‌(الصلاة عند ختم القرآن)

- ‌(الصلاة عليه في الدعاء)

- ‌(الصلاة عليه عند القيام من المجلس)

- ‌(الصلاة عليه في كل موضع)

- ‌(الصلاة عليه عند افتتاح الكلام)

- ‌(الصلاة عليه عند ذكره)

- ‌(الصلاة عليه عند نشر العلم والوعظ وقراءة الحديث)

- ‌(الصلاة عليه عند كتابة الفتيا)

- ‌(الصلاة عليه عند كتابه اسمه)

- ‌خاتمة

- ‌(حكم الموضوع)

- ‌(بيان الكتب المصنفة في هذا الباب)

الفصل: أحد أقوال العلماء في الأطفال والمراهقين وكذا من بلغ العشر

أحد أقوال العلماء في الأطفال والمراهقين وكذا من بلغ العشر من السنين فإن كل ذلك محتمل لأن المسألة إجتهادية فيحسن الجعاء لهم بإعتبار ذلك والله أعلم.

(حكم الصلاة)

وأما حكمها: فقد قال شيخنا رحمه الله أن حاصل ما وقف عليه من كلام العلماء فيه عشرة مذاهب أولها: قول ابن جرير الطبري وغيره كم لامستحبات وأدعى الطبري الإجماع على ذلك وأعترض عليه في ذلك وومن لمح بالإعتراض عليه أبو اليمين بن عساكر حيث قال: وحمل بعضهم ما ورد من الأمر بذلك في الآية على الندب لا على الوجوب ولا يسلم لهذا القائل قوله ولا يسلم من الإعتراض عليه فيه فإنه أدعى على ذلك الإجماع وهو محل النزاع انتهى.

وقد أول بعض العلماء هذا القول بما زاد على المرة الواحدة وهو متعين والله أعلم.

ثانيها: إنها واجبة في الجملة بغير حصر لكن أقل ما يحصل به الأجزاء مرة وأدعى بعض المالكية الإجماع عليه وعبارة ابن القصار منهم المشهور عن أصحابنا إن ذلك واجب في الجملة على الإنسان وفرض عليه أن يأتي بها مرة من دهره مع القدرة على ذلك ذكر الفاكهاني عقب هذا ما لخصه يحتمل أن يكون أحترز بقوله المشهور عن قول الطبري يعني الماضي ويحتمل أن لا مفهوم لذلك وإنما أراد أشتهر من قول الأصحاب لا إن ثم مخالفاً، وقال القاضي أبو محمد بن نصر الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم واجبة في الجملة وقال ابن عبد البر أجمع العلماء أن الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم فرض على كل مؤمن لقوله تعالى {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا} ، ثالثها تجب مرة في العمر في صلاة أو في غيرها وهي مثل كلمة التوحيد وهو محكي عن أبي خليفة وصرح به من المقلدين أبو بكر الرازي ونقل أيضاً عن مالك والثوري والأوزاعي أعني وجوبها في العمر مرة واحدة لأن الأمر مطلق لا يقتضي تكراراً والماهية تحصل بمرة قال عياض وابن عبد البر وهو قول جمهور الأمة انتهى.

ص: 24

وممن قال به ابن حزم أيضاً وقال القرطبي المفير لا خلاف في وجوبها في العمر مرة وأنها واجبة في كل حين وجوب السنن الموكدة وسبقه ابن عطية فقال الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم في كل حال واجبة وجوب السنن الموكدة التي لا يسع تركها ولا يغفلها إلا من لا خير فيه.

رابعها: تجب في العقود آخر الصلاة بين قول التشهد وسلام التحليل وإليه ذهب الشافعي ومن تبعه وتعقب من أحتج بوجوبها في هذا المحل من الشافعية كأبن خزيمة والبيهقي بحديث ابن مسعود الأتي حيث قال فيه في بعض طرقه إذا نحن صلينا عليك في صلاتنا بأنه لا دلالة فيه على ذلك بل إنما يفيد إيجاب الإتيان بهذه الألفاظ على من صلى على النبي صلى الله عليه وسلم في التشهد وعلى تقدير أنه يدل على إيجاب أصل الصلاة فلا يدل على هذا المحل المخصوص ولكن قرر البيهقي ذلك بأن الآية لما نزلت وكان النبي صلى الله عليه وآله وسلم قد علمهم كيفية السلام عليه في التشهد والتشهد داخل الصلاة فيألوا عن كيفية الصلاة فعلمهم فدل على أن المراد بذلك إيقاع الصلاة عليه في التشهد بعد الفراغ من التشهد الذي تقدم تعليمه لهم - وأما إحتمال أن يكون ذلك خارج الصلاة فهو بعيد كما قال عياض وغيره لكن قال إبن دقيق العيد ليس فيه تنصيص على أن الأمر به مخصوص بالصلاة وقال قد كثر الاستدلال به على وجوب الصلاة عليه في الصلاة.

وقرر بعضهم الاستدلال بأن الصلاة عليه واجبة بالإجماع وليست عليه خارج الصلاة واجبة بالإجماع فتعين أن تجب في الصلاة.

قال وهذا ضعيف لأن قوله لا تجب في غير الصلاة بالإجماع إن أراد به عيناً فهو صحيح لكن لا يفيد المطلوب لأنه يفيد أنه تجب في أحد الموضوعين لا بعينه.

وزعم القرافي في الذخيرة أن الشافعي هو المستدل بذلك ورد بنحو ما ورد به إبن ديقي العيد.

قال شيخنا: ولم يصب في نسبة ذلك الشافعي والذي قاله الشافعي في الأم: فرض الله الصلاة على رسول الله صلى الله عليه وسلم بقوله {إِنَّ اللَّهَ

ص: 25

وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا} ، فلم يكن فرض الصلاة عليه في موضع أولي منه في الصلاة ووجدنا الجلالة على النبي صلى الله عليه وسلم بذلك ثم ساق حديث أبي هريرة وكعب الآتي ذكرهما ثم قال الشافعي فلما روي أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يعلمهم التشهد في الصلاة وروي عنه أنه علمهم كيف يصلون عليه في الصلاة لم يجز أن تقول التشهد في الصلاة واجب والصلاة عليه فيه غير واجبة.

وقد تعقب بعذ المخالفين هذا الاستدلال من أوجه أحدها ضعف شيخ الشافعي في حديث أبي هريرة المشار إليه الثاني تقدير صحته فقوله فيه يعني في الصلاة لم يصرح بالقائل يعني الثالث قوله في حديث كعب الآتي أنه كان يقول في الصلاة وإن كان ظاهرة أن المراد الصلاة المكتوبة لكنه يحتمل أن يكون المراد بقوله في الصلاة أي صفة الصلاة عليه هو إحتمال قوي لأن أكثر الطرق عن كعب يدل على أن السؤال وقع من صفة الصلاة لا عن محلها.

الرابع أنه ليس في الحديث ما يدل على تعيين ذلك في التشهد خصوصاً بينه وبين السلام من الصلاة وقد اطنب قوم في نسبة الشافعي في ذلك إلى الشذوذ منهم أبو جعفر الطبري وعبارته أجمع جميع المتقدمين والمتأخرين من علماء الأمة على أن الصلاة عليه غير واجبة في التشهد ولا سلف للشافعي في هذا القول ولا سنة يتبعها وكذا قال أبو الطحاوي وأبو بكر بن المنذر والخطابي وأورد عياض في الشفاء مقالاتهم وقال شارح العمدة من كتب الحنفية قيل لم يقله أحد قبله وذكر ابن بطال في شرحه على البخاري أن كل من روى التشهد من الصحابة لم يذكر الصلاة على النبي صلى الله عليه وآله وسلم وعلم أبو بكر وعمر التشهد على المنبر كذلك بحضرة المهاجرين والأنصار من غير نكير فمن أوجب ذلك فقد رد الآثار وما مضى عليه السلف وأجمع عليه الخلف وروته الأمة عن نبيها صلى الله عليه وسلم انتهى وكل ذلك ليس بحيد فقد قال شيخ شيوخنا الحافظ أبو الفضل العراقي قد سمعت غير واحد من مشائخنا ينكرون على القاضي عياض إنكاره على الشافعي ونسبته إلى الشذوذ بذلك في كتاب موضوعه ضرف المصطفى مع كونه يحكي في الشفاء الخلاف في طهارة بوله ودمه واستحسن ذلك منه لزيادة شرفه بذلك فكيف ينكر

ص: 26

قوله بوجوب الصلاة عليه وهو زيادة شرف له انتهى على أنه قد أنتصر جماعة للشافعي فذكروا أدلة نقلية ونظرية ودفعوا دعوى الذوذ فنقلوا القول بالوجوب عن جماعة من الصحابة والتابعين ومن بعدهم من فقهاء الأمصار رضي الله عنهم.

فأما المحكي عن الصحابة والتابعين فأصح ما ورد في ذلك عنهم ما سيأتي في الباب الأخير عن ابن مسعود موقوفاً فإن ابن مسعود ذكر أن النبي صلى الله عليه وسلم علمهم التشهد في الصلاة وأنه قال ثم ليتخير من الجعاء فلما أثبت عن ابن مسعود الأمر بالصلاة عليه قبل الدعاء دل على أنه أطلع على زيادة ذلك بين التشهد والدعاء وأندفعت حجة من تمسك بحديث ابن مسعود في دفع ما ذهب إليه الشافعي مثل ما ذكر عياض حيث قال وهذا تشهد ابن مسعود الذي علمه له النبي صلى الله عليه وسلم ليس فيه ذكر الصلاة عليه وكذا قال الخطابي أن في آخر حديث ابن مسعود إذا قلت هذا فقد قصيت صلاتك لكن رد عليه بأن هذه الزيادة مدرجة وعلى تقدير ثبوتها فيحمل على أن مشروعية الصلاة عليه وردت بعد تعليم التشهيد ويتقوى ذلك بحديث عمر فيه أن الدعاء موقوف حتى يصلي على النبي صلى الله عليه وسلم ويقول ابن عمر لا تكون صلاة إلا بالصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم ويقول الشعبي كما سأذكر جميع ذلك في الباب الأخير إن شاء الله تعالى وذكر الماوردي عن محمد بن كعب القرظي وهو من التابعين كقول الشافعي رحمة الله عليه بل قال شيخنا رحمه الله ما نصبه لم ارو عن أحد من الصحابة والتابعين التصريح بعدم وجوب إلا ما نقل عن إبراهيم النخعي مع أنه يشعر بأن غيره كان قائلاً بالوجوب فأنه عبر بالأجزاء ما سيأتي والله أعلم، أما فقهاء الأمصار فلم يتفقوا على مخالفة الشافعي رحمه الله تعالى في ذلك بل جاء عن أحمد روايتان والظاهر أن رواية الوجوب هي الأخيرة فإن أبا زرعة الجمشقي نقل في مسائله عنه قال كنت أتهيب ذلك ثم تبينت فإذا الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم واجبة انتهى.

قال صاحب المعني فظاهر هذا أنه رجع عن قوله الأول إلى هذا وعن

ص: 27

إسحاق بن راهوية الجزم به في العمد فقال إذا تركها عمداً بطلت صلاته أو سهواً رجوت أن يجزيه وهي آخر الروايتين عنه كما أشرا إليه حرب في مسائله والخوف أيضاً عند المالكية ذكرها ابن الحاجب في سنن الصلاة ثم قال على الصحيح فقال شارحة ابن عبد السلام يريد أن في وجوبها قولين وهو ظاهر كلام ابن المواز منهم بفرضيتها يريد أنها ليست من فرائض الصلاة وقد حكى ابن القصار والقاضي عبد الوهاب أن ابن المواز يراها فريضة في الصلاة كقول الشافعي رضي الله عنه وحكى أبو يعلي العبدي المالكي عن مذهبهم ثلاثة أقوال الوجوب والسنة والندب والزم العراقي في شرح الترمذي له من قال من الحنفية بوجوب الصلاة عليه كما ذكر كالطحاوي ونقل السروجي في شرح الهدايا تصحيحه عن اصحاب المحيط والتحفة والمفيد والغنية من كتبهم أن يقولوا بوجوبها في التشهد لتقدم ذكره في أخر التشهد قال شيخنا: ولهم أن يلتزموا ذلك لكن لا يجعلونه شرطاً في صحة الصلاة، وروى الطحاوي أن حرملة أنفرد عن الشافعي بإيجاب ذلك وأنتصروا له وناصروا علبه انتهى وقد نقل ابن عبد البرفي الاستذكار عن حرملة أنه حكى عن الشافعي أن محلها في التشهد الأخير وأنه صلى قبل ذلك لم يجزه قال ولا يكاد يوجد هذا القول عن الشافعي إلا من رواية حرملة وغير حرملة إنما يروى عنه أن الصلاة على النبي صلى الله عليه وآله وسلم فرض في كل الصلاة وموضعوها التشهد الأخير قبل التسليم ولم يذكروا إعادة في من وضعها قبل التشهد الأخير إلا أن أصحابه قد تقلدوا رواية حرملة ومالوا إليها وناظروا عليها قلت: واستدل ابن خزيمة ومن تبعه كالبيهقي للوجوب بحديث فضالة الآتي في الباب الأخير وطعن ابن عبد البرفي الاستدلال به للوجوب فقال لو كان كذلك لأمر المصلي بالإعادة كما أمر المسيء صلاته وكذا أشار إليه أبن حزم وأجيب بإحتمال أن يكون الوجوب وقع عند فراغه ويكفي التمسك بالأمر في دعوى الوجوب وقال جماعة منهم الجرجاني من الحنفية لو كان فرضاً للزم تأخير البيان عن وقت الحاجة لأنه علمهم التشهد وقال فليتخير من الدعاء ما شاء ولم يذكر الصلاة عليه واجيب بإحتمال إلا تكون فرضت جينئذ وقال العراقي أيضاً قد ورد هذا في الصحيح بلفظ ثم ليتخير وثم للتراخي فدل على أنه كان هناك شيء بين التشهد والدعاء وأن الدعاء لا

ص: 28

يعقب التشهد بل أمره بما يعجب المصلي من الجعاء مقتض لتقديم الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم كما ثبت ذلك في حديث فضاله المشار إليه.

واستدل بعضهم بما ثبت في صحيح مسلم من حديث أبي هريرة رفعه إذا فرغ أحدكم من التشهد الأخير فليستعذ بالله من أربع الحديث وعلى هذا عول من جزم بإيجاب هذه الإستعادة في التشهد وتكون الصلاة على النبي صلى الله عليه وآله وسلم مستحبة عقب التشهد لا واجبة وفيه ما فيه وأنتصر ابن القيم رحمه الله للشاعي فقال أجمعوا على مشروعية الصلاة عليه في التشهد وإنما أختلفوا في الوجوب والاستحباب وفي تمسك من لم يوجيه بعمل السلف الصالح نظراً لأن عملهم كان بوفاقه إلا أن كان يريد بالعمل الاعتقاد فيحتاج إلى نقل صريح عنهم بأن ذلك ليس بواجب قال وإني يوجد ذلك قال وإما قول عياض أن الناس شنعوا على الشافعي فلا معنى له فأي شناعة في ذلك لأنه لم يخالف نصاً ولا إجماعاً ولا قياساً ولا مصلحة راجحة بل القول بذلك من محاسن مذهبه ولله در القائل:

إذا محاسني اللاتي أدل بها كانت ذنوباً فقل لي كيف اعتذر

وأما نقله الإجماع فقد تقدم رده وإما دعواه أن الشافعي أختار تشهد ابن مسعود فيدل على عدم معرفته باختيارات الشافعي فإنه اختار تشهد ابن عباس وأما ما أحتج به جماعة من الشافعية من الأحاديث المرفوعة المصرحة في ذلك فإنها ضعيفة كحديث سهل بن سعد وعايشة وأبي مسعود وبريدة وغيرهم وقد استوعبها البيهقي في الخلافيات ولا بأس بذكرها للتقوية لا إنها تنهض بالحجة انتهى والأحاديث المشار إليها سيأتي في محلها إن شاء الله تعالى تنبيه ما قدمناه من وجوبها في التشهد الأخير هو المشور وقد أغرب الجرجاني في الشافي والتحريز فحكي قولين للشافعي في وجوبها وقال بعدم الوجوب ابن المنذر أيضاً وهو معدود من الشافعية وقال أبو اليمن بن عساكر أدعى أحد أئمة العصر ولم أسمع ذلك منه من منتحلي مذهب الإمام إذ ليس على وجوب الصلاة على رسول الله صلى الله عليه وسلم في تشهد الصلاة دلالة وإشاعته شيعته ونقلته عنه قال هذه المقالة ودعواه يخدش وجه تقليده لأمامه وبعث في عضد اقتدائه به وإيتامه كيف وقد أورده الإمام في مسنده سنداً وأورده باسناده طرف حديثه المصرح به مما رواه أبو حاتم في صحيحه وأبو

ص: 29

الحسن الدارقطني في سننه وحكم فيه بصحته مما أزداد به دليله في ذلك تأبداً وتأكداً وتكثير الآدلة في المستند من الحديث الأول ونقله ليس من عمل الراسخين في العلم بل السبيل إلى معرفة صحة ذلك أن تجمع طرق الحديث والله أعلم خامسها يجب في التشهد وهو قول الشعبي وإسحق بن راهوية: سادسها تجب في الصلاة من غير تعيين المحل نقل ذلك عن أبي جعفر الباقر سابعها: يجب الإكثار منها من غير تقييد بعدد قاله أبو بكر بن بكير من المالكية وعبارته أفترض الله تعالى على خلقه أن يصلوت على نبيه ويسلموا ولم يجعل ذلك لوقت معلوم فالواجب أن يكثر المرء منها ولا يغفل عنها انتهى.

قلت: وعن بعض الملكية قال الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم فرض إسلامي جملي غير مقيد بعدد ولا وقت معين والله أعلم ثامنها كلما ذكر قاله الطحاوي وجماعة من الحنفية والحليمي والشيخ أبو حامد الاسفرائيني وجماعة من الشافعية وقال ابن العربي من المالكية أنه الأحوط قلت وعبارة الطحاوي يجب كلما سمع ذكر النبي صلى الله عليه وسلم من غيره أو ذكره بنفيه انتهى.

وجعل الحليمي في شعب الإيمان له تعظيم النبي رضي الله عنه من شعب الإيمان وقرر أن التعظيم منزلة فوق المحبة ثم قال فحق علينا أن نحبه ونبجله ونعظمه أكثر وأوفر من إجلال كل عبد سيده وكل ولد والده قال وبمثل هذا نطق الكتاب ووردت أوامر الله تعالى ثم ذكر الآيات والأحاديث وما كان من فعل الصحابة معه الدال على كما تعظيمه وتبجيله في كل حال وبكل وجه ثم قال هذا من الذين رزقوا مشاهدته وإما اليوم فمن تعظيمه الصلاة والسلام عليه كلما جرى ذكره قال الله تعالى إن الله وملائكته يصلون على النبي الآية فأمر عباده بها بعد أخبارهم أن ملائكته يصلون على نبيهم بأن الملائكة مع إنفكاكهم عن التقيد بشريعته يتقربون إلى الله تعالى بالصلاة والتسليم عليه فنحن أولى وأحق وأحرى وأخلق قلت وما قاله من إنفكاك الملائكة عن التقيد بشريعته قد أقره البيهقي وليس بمتفق عليه نعم نقل الإمام فخر الدين الرازي في أسرار التنزيل له الإجماع على أنه صلى الله عليه وسلم لم يكن مرسلاً إلى الملائكة وكذا قاله النسفي لكن نوزعا في هذا النقل بل رجح الشيخ السبكي أنه كان مرسلاً إليهم وأحتج بأشياء ليس هذا

ص: 30

محلها والله أعلم ومما يستدل به لهذا المذهب أعني وجوب الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم كلمات ذكر الآية الكريمة فإن الأمر للوجوب ويحمل على التكرار أبداً بناء على أن الأمر يدل عليه وقد أنشد الشهاب بن أبي حجلة من قصيدة له:

صلوا عليه كلما صليتم لتروا به يوم النجاة نجاح

صلوا عليه كل ليلة جمعة صلوا عليه عشية وصباحا

صلوا عليه كلما ذكر اسمه في كل حين غدوة ورواحا

فعلى الصحيح صلاتكم فرض إذا ذكر اسمهوسمعتموه صراحا

صلى عليه الله ما شب الدجى وبدا مشيب الصبح فيه ولاحا

انتهى:

ولما ذكر الفاكهاني حديث البخيل من ذكرت عنده فلم يصل علي قال هذا يقوي قول من قال بوجوب الصلاة عليه كلما ذكر وهو الذي أميل إليه قلت ونقل ابن بشكوال عن محمد بن فرح الفقيهة أنه كان ينشد بين حسان:

هجوت محمداً واجبت عنه وعند الله في ذاك الجزاء

ويزيد فيه صلى الله عليه وسلم فيقال له ليس يتزن هكذا فيقول أنا لا أترك الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم ثم عقبة بن بشكوال بقوله:

رحمه الله لقد كان يعجبني ما كان يفعله نفع الله بنيته في ذلك انتهى.

وقد اختلف القائلون بالوجوب كلما ذكر هل هو على العين فتجب على كل فرد فرداً والكفاية فإذا فعل ذلك البعض سقط عن الباقين فالأكثرون قالوا بالأول ومن القائلين بالثاني أبو الليث السمرقندي من الحنفية في مقدمته المعروفة قال شيخنا وقد تمسك القائلون بالوجوب كلما ذكر من حيث النقل بأن الأحاديث يعني الآتية التي فيها الدعاء بالرغم والإبعاد والشقا والوصف بالبخل والجفا وغير ذلك مما يقتضي الوعيد فإن الوعيد على الترك من علامات الوجوب ومن حيث المعنى بأن فائدة الأمر بالصلاة عليه مكأفاته على إحسانه وإحسانه مستمر فيتأكد إذا ذكر وتمسكوا أيضاً بقوله: لا تجعلوا دعاء الرسول بينكم كدعاء بعضكم بعضاً فلو

ص: 31

كان إذا ذكر لا يصلي عليه لكان كآحاد الناس ويتأكد ذلك إذا كان المعنى بقوله دعاء الرسول كدعاء المتعلق بالرسول قال الحليميإذا قلنا بوجوب الصلوة كلما ذكر فإن أتحد المجلس وكان مجلس علم ورواية سنن أحتمل أن يقال الغافل عن الصلاة عليه كلما جرى ذكره إذا ختم المجلس بها اجزاه لأن المجلس إذا كلن معقوداً لذكره كان كله حالة واحدة كاذلكر المتكرر وإن لم يكن المجلس كذلك فإني أرى كلما ذكر أن يصلي عليه ولا أرخص في تأخير ذلك إذ ليس ذكره بأقل من حق العاطس قال ومن ترك الصلوة عليه عند ذكره ثم صلى عليه في المستقبل بعد التوبة والإستغفار رجونا أن يكفر عنه ولا يطلق عليه اسم القضاء والله أعلم واجاب من لم يوجب ذلك بأجوبة منها أنه قول لا يعرف عن أحد من الصحابة ولا التابعين فهو قول مخترع ولو كان على عمومه للزم المؤذن إذا اذن سامعه وللزم القارئ إذا مر ذكره في القرآن وللزم الداخل في الإسلام إذا تلفظ بالشهادتين ولكان في ذلك من المشقة والحرج ما جاءت الشريعة السمحة بخلافه ولكان الثناء على الله كلما ذكر أحق بالوجوب ولم يقولوا به قلت وفي هذا الأخير نظر فقد صرح بوجوبه أيضاً منهم جماعة وفي بعض شروح الهداية أنه لو تكرر اسم الله في مجلس واحد يكفيه ثناء واحد وفي مجلسين يجب لكل مجلس وكذا لو تكرر ذكره صلى الله عليه وسلم في مجلس كفاه أيضاً مرة على الصحيح لكن من المجتبي تكرر الوجوب وفرق بينه وبين تكرار ذكر الله حيث يكفي ثناء واحد بأنه مأمور بالصلاة غير مأمور بالثناء وكذلك لو تركه لا يبقى دينا عليه بخلاف الصلاة كذا قيل قال والفرق الصحيح أن يقال أن كل وقت وقت لأداء الثناء لأنه لا يخلو عن تجدد نعم الله تعالى الموجبة للثناء فلا يكون وقتاً للقضاء كقضاء الفاتحة في الآخريين بخلاف الصلاة قلت وهذا الفرق ليس بظاهر ما صرح به بعض شراح الهداية من محققي شيوخنا وفي الجامع الكبير من كتبهم لفخر الإسلام تكراراً اسمه واجب لحفظ السنة إذ به قوام الدين والشرائع وفي إيجاب الصلوة في كل ذلك حرج فوجب وضعه ولأنه لو وجب عند ذكره لا تجد فراغاً عن الصلوة عليه مدة العمر إذا الصلاة عليه لم تخل عن ذكره وأجيب عن هذا بأنه إذا أتحد المجلس يجب التداخل كما في سجدة التلاوة إلا أنه يستحب والحالة هذه تكراراً الصلاة دون السجود انتهى ونسب إلى المتقدمين منهم القول بالوجوب مع عدم التداخل وفرقوا بينها وبين السجود بأن السجدة حق الله

ص: 32