الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
صفحة ناقصة
والحاصل أن المطلوب أن يعطوا من الخير أوفاه، وأن يثبت ذلك وأن يستمر.
فإذا قلنا: اللهم بارك على محمد، فالمعنى اللهم أدم ذكر محمد ودعوته وشريعته، وكثر أتباعه وأشياعه، وعرف أمته من يمنه وسعادته أن تشفعه فيهم وتدخلهم جناتك، وتحلهم دار رضوانك فتجمع التبريك عليه الدوام والزيادة والسعادة، والله المعين.
تنبيه: لم يصرح أحد بوجوب قوله "وبارك على محمد" فيما عثرنا عليه غير أن ابن حزم ذكر ما يفهم وجوبها في الجملة فقال: على المرء أن يبارك عليه ولو مرة في العمر وأن يقولها بلفظ أبي مسعود أوأبي حميد أوكعب بن عجرة، وظاهر كلام صاحب "المغني" من الحنابلة وجوبها في الصلاة، فإنه قال: وصفة الصلاة كما ذكرهها الخرقي، والخرقي إنما ذكر ما اشتمل عليه حديث كعب، ثم قال: وإلى هنا انتهى الوجوب.
والظاهر أن أحدا من الفقهاء لا يوافق على ذلك.
قاله المجد الشيرازي. والله أعلم.
الفصل الحادي عشر
.
إن زيادة الترحم على رسول الله صلى الله عليه وسلم في التشهد في الأحاديث الماضية واردة على ابن العربي حيث بالغ في إنكار ذلك حيث قال: حذار مما ذكره ابن أبي زيد من زيادة وترحم يعني في قوله في "الرسالة" لما ذكر ما يستحب في التشهد، ومنه اللهم صل على محمد وعلى آل محمد، فزاد وترحم على محمد وعلى آل محمد وبارك على محمد وعلى آل محمد
…
إلى آخره، إنه قريب من البدعة؛ لأنه صلى الله عليه وسلم علمهم كيفية الصلاة عليه بالوحي، ففي الزيادة عليه استدراك، أي أنه باب تعبد واتباع، فيقتصر فيه على المنصوص، ومن زاد فقد ابتدع؛ لأنه أحدث عبادة في محل مخصوص لم يرد بها نص.
قلت: ولم ينفرد بذلك فقد قال أبو القاسم الصيدلاني من الشافعية ما نصه:
ومن الناس من يزيد وارحم محمدا وآل محمد كما ترحمت على آل إبراهيم أو رحمت وهذا لم يرد في الخبر، وهو غير صحيح، فإنه لا يقال: رحمتُ عليه، وإنما يقال رحمتُه، وأما الترحم ففيه معنى التكلف والتصنع، فلا يحسن إطلاقه في حق الله تعالى.
وقال النووي في الأذكار، وأما ما قاله بعض أصحابنا وابن زيد المالكي من استحباب زيادة على ذلك وهي ارحم محمداً وآل محمد فهذا بدعة لا أصل لها وقال في شرح مسلم المختار أنه لا يذكر الرحمة لأنه عليه السلام علمهم الصلاة بدونها وإن كان معناها الدعاء والرحمة، فلا ينفرد بالذكر وكذا قاله فيره وهو ظاهر، والأحاديث في زيادتها غير واردة لأنها كما سلفت ضعيفة لكن لا يقال مع وجودها، لم يرد في الخبر، وما أحسن قول القاضي عياض لم يأت في هذا خبر صحيح، إذا تقرر هذا فلعل قول القاضي عياض لم يأت في هذا خبر صحيح، إذا تقرر هذا فلعل ابن أبي زيد كان يرى أن هذا من فضائل الأعمال التي يتساهل فيها بالحديث لبضعيف لاندراجه في العمومات فإن أصل الدعاء بالرحمة لا ينكر واستحبابه في هذا المحل الخاص ورد فيه ما هو مضعف فيتساهل في العمل به أو يكون صح عنده بعضها على أنه لم ينفرد بذلك، ففي شرح الهداية نقلاً عن الفقيه أبي جعفر، أما أنا فأقول: وأرحم محمداً وآل محمد واعتمادي على التوارث الذي وجدته في بلدي وبلدان المسلمين، ومثله عن السرخسي في مبسوطة لا بأس به لأن الأثر ورد به من طريق أبي هريرة ولا عتب علىمن أتبع الأثر ولأن احدً لم يستغنى عن رحمة الله تعالى وهكذا قال الرستفغني: وقال معنى قوله وإراحم محمداً راجع إلى الأمة وهذا كمن جنى جناية وللجاني أب شيخ كبير وأرادوا أن يقيموا العقوبة على الجاني فيقال للذي يعاقبه أرحم هذا الشيخ الكبير وذلك راجع إلى الابن حقيقة كذا هو في المحيط والله أعلم.
وقد صرح ابن العربي عقب كلامه بجواز الترحم عليه في كل وقت يعني ما عدا التشهد وخالف غيره في ذلك فعد من خصائصه صلى الله عليه وسلم تعين الدعاء بع بلفظ الصلاة عليه وأنه لا يقال رحمه الله لدلالة لفظ الصلاة على معنى من التعظيم لا يشعر به لفظ الترحم ولهذا قالوا لا يصلي على غير الأنبياء إلا تبعاً، ويطلق لفظ الترحم على غير الأنبياء قطعاً.
وحكى القاضي عياض عن ابن عبد البرانة لا يدعي بالرحمة وإنما يدعي له بالصلاة والبركة التي تختص به ويدعي لغيره بالرحمة والمغفرة ولكن يحث الإمام تقي الدين بن دقيق العيد في شرح الإلمام له في هذا فقال إن الصلاة من الله مفسرة بالرحمة ومقتضاه أن يقال اللهم ارحم محمداً لأن المترادفين إذا استويا في الدلالة قام
كل واحد منهما مقام الآخر ومال إلى الجواز أيضاً شيخنا حيث قال إن الإنكار على ابن زيد غير مسلم إلا أن يكون لكونه لم يصح وإلا فدعوى من أجعى أنه لا يقال أرحم محمداً مرودود لثبوت ذلك في عدة أحاديث أصحها في التشهد السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وسبقه إلى الجواز أيضاً شيخنا لبمجد اللغوي فإنه قال الذي أقوله أن الدلالة قائمة على جواز ذلك، وذكر منها قول الأعرابي اللهم ارحمني ومحمداً، وتقريره صلى الله عليه وسلم لذلك وقوله صلى الله عليه وسلم في حديث ابن عباس في الدعاء الطويل عقب صلاته من الليل، اللهم أني اسألك رحمة من عندك إلى آخره، وقوله في حديث عائشة اللهم أني أستغفرك لذنبي وأسأل رحمتك وقوله يا حي يا قيوم برحمتك أستغيث وقوله اللهم أرجو رحمتك، وقوله إلا أن يتغمدني الله برحمته.
قلت إلى غير ذلك من الأحاديث السالفة وغيرها وقد أخرج النسائي مرسلاً عن عكرمة قال: تظاهر رجلاً من امرأته وأصابها قبل أن يكفر فذكر ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم فقال له النبي صلى الله عليه وسلم ما حملك على ذلك قال رحمك الله يا رسول الله الحديث، وهو في السنن الأربعة مرفوعاً لكن بدون هذه اللفظة، وفي خطبة الرسالة لامنانا الشافعي ما نصه، محمد عبده ورسوله صلى الله عليه وسلم ورحم وكرم انتهى، ومحل ذلك أعني الجواز وعدمه فيما يقال مضموماً إلى السلام والصلاة كما أفاده شيخنا وغيره.
وممن صرح بجوازه كذلك أبو القاسم الأنصاري صاحب الإرشاد فقال يجواز ذلك مضافاً إلى الصلاة، لا يحوز مفرداً ووافقه على ذلك ابن عبد البر والقاضي عياض في الإكمال ونقله عن الجمهور، وقال القرطبي في المفهمأنه الصحيح لورود الأحاديث به انتهى، وجزم بعدم جوازه يعني مفرداً الغوالي فقال لا يجوز ترحم يعني بالتاء وكذا جزم ابن عبد البر بالمنع فقال لا يجوز لأحد إذا ذكر النبي صلى الله عليه وسلم أن يقول رحمه الله لأنه قال من صلى علي ولم يقل من ترحم علي وملا من دعا لي وإن كان معنى الصلاة الرحمة ولكن خص بهذا اللفظ تعظيماً له فلا يعدل عنه إلى غيره ويؤيده قوله تعالى {لَا تَجْعَلُوا دُعَاءَ الرَّسُولِ بَيْنَكُمْ كَدُعَاءِ بَعْضِكُمْ بَعْضًا} وهو كما قال شيخنا بحث حسن قال لكن في التعليل الأول