الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الأبواب ووصولنا إلى المراتب السنية والمناقب العلية بلا حجاب، {لَقَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولًا مِنْ أَنْفُسِهِمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ} .
(إفراد الصلاة عن التسليم لا يكره وكذا العكس)
تنبيه: استدل بحديث كعب وغيره مما سيأتي على أن أفراد الصلاة عن التسليم لا يكره وكذا العكس لأن تعليم السلام تقدم قبل تعليم الصلاة فأفرد التسليم مدة في التشهد قبل الصلاة عليه وقد صرح النووي رحمه الله في الأذكار وغيره بالكراهة وأستدل بورود الأمر بهما معاً في الآية قال شيخنا وفيه نظر نعم يكره أن يفرد الصلاة ولا يسلم أصلاً أما لو صلى في وقت وسلم في وقت آخر فإنه يكون ممتثلاً انتهى. وقد كان عبد الرحمن بن مهدي يستحب أن يقول صلى الله عليه وسلم ولا يقول عليه السلام لأنه عليه السلام تحية تحية المولى رواه ابن بشكوال وغيره والله الموفق.
نبذة يسيرة من فوائد قوله تعالى {إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا} هذه الآية مدنية والمقصود منها أن الله تعالى أخبر عباده بمنزلة نبيه صلى الله عليه وسلم عنجه في الملأ الأعلى بأنه يثنى عليه عند الملائكة المقربين وأن الملائكة يصلون عليه ثم أمر أهل العالم السفلي بالصلاة عليه والتسليم ليجتمع عليه من اهلي العالمين العلوي والسفلي جميعاً.
حللت بهذا حلة بعد حلة بهذا فطاب الواديان كلاهما
وفي الكشاف روى أنه لما نزل قوله تعالى {إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ} قال أبو بكر ما خصك الله يا رسول الله بشرف إلا وقد أشركنا فيه فنزلت ولم أقف على أصله حتى الآن والآية بصيغة المضارعة الدالة على الدوام والإستمرار لتدل على أنه سبحانه وتعالى وجيع ملائكته يصلون على نبينا صلى الله عليه وسلم دائماً أبداً وغاية مطلوب الأولين والأخرين صلاة واحدة من الله تعالى واني لهم بذلك بل لو قيل للعاقل إيما أحب إليك أن تكون أعمال جميع الخلائق في صحيفتك أو صلاة
من الله تعالى عليك لما أختار غير الصلاة من الله تعالى فما ظنك بمن يصلي عليه ربنا سبحانه وجميع ملائكته على الدوام والإستمرار فكيف يحسن بالؤمن أن لا يكثر من الصلاة عليه أو بغفل عن ذلك قاله الفاكهاني ولعله نظر في أول كلامه إلى أن ذلك سيق مساق الإمتنان أو إلى أن الجملة ذات الوجهين كما تدل بخبرها على التجدد والحدوث تدل بمبتدأها على الاستقرار والثبوت
…
فحينئذ الجمع بينهما يدل على ما ذكر وقد ذكر أهل المعاني أن الحكمة في العدول عن مستهزئ في قوله تعالى {اللَّهُ يَسْتَهْزِئُ بِهِمْ} قصد استمرار اإستهزاء وتجدده وقتاً فوقتاً وأفاد أيضاً أنه ليس في القرآن ولا غيره فما علم صلاة من الله على غير نبينا صلى الله عليه وآله وسلم فهي خصوصية أختصه الله بها دون سائر الأنبياء انتهى.
وقد ذكروا في هذه الآية الشريفة فوائد منها ما رواه الواحدي عن أبي عثمان الواعظ سمعت الإمام سهل بن محمد يقول هذا التشريف الذي شرف الله تعالى به محمداً صلى الله عليه وسلم بقوله {إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ} الآية أتم وأجمع من تشريف آدم عليه السلام بأمر الملائكة له بالسجود لأنه لا يجوز أن يكون الله مع الملائكة في ذلك التشريف وقد أخبر الله سبحانه عن نفيه بالصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم، ثم عن الملائكة فتشريف يصدر عنه أبلغ من تشريف يختص به الملائكة من غير أن يكون الله تعالى معهم في ذلك ومنها أن من كان قليل النوم يقرؤها عند منامه فيقول {إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ} الآية ذكره ابن بشكوال عن عبدوس الرازي أنه وصفه لإنسان قليل نوومه وسيأتي ذكره في الباب الأخير أيضاً إن شاء الله تعالى ومنها ما ذكره ابن أبي الدنيا ومن طريقه ابن بشكوال عن ابن أبي فديك سمعت بعض من أدركت يقول بلغنا أنه من وقف عند قبر النبي صلى الله عليه وسلم فتلا هذه الآية {إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا} ثم قال صلى الله عليك يا محمد حتى يقولها سبعين مرة ناداه ملك صلى الله عليك يا فلان لم تسقط لك حاجة ومنها ما أسنده بأن بشكوال عن أحمد بن محمد بن عمر اليماني قال كنت بصنعاء فرأيت رجلاً والناس مجتمعون عليه فقلت ما هذا قالوا هذا رجل كان يؤم بنا في شهر رمضان وكان حسن الصوت بالقرآن فلما بلغ {إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ} قرأ يصلون على
النبي فخرس وجذم وبرص وعمى وأقعد فهذا مكانه ومنها نا قاله القاضي عياض نقلاً عن بعض المتكلمين في تفيير كهيعص أن الكاف كاف كفاية الله تعالى لنبيه عليه الصلاة والسلام قال الله تعالى {أَلَيْسَ اللَّهُ بِكَافٍ عَبْدَهُ} والهاء هداية له قال {وَيَهْدِيَكَ صِرَاطًا مُسْتَقِيمًا} والياء تأييده له قال تعالى {هُوَ الَّذِي أَيَّدَكَ بِنَصْرِهِ} والعين عصمة له قال الله تعالى {وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ} والصاد صلاته عليه قال {إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ} الآية ومنها ما حكاه في الشفا أيضاً عن أبي بكر بن فورك أن بعض العلماء تناول قوله عليه الصلاة والسلام وجعلت قرة عيني في الصلاة أي في صلاة الله علي وملائكته وأمره الأمة بذلك إلى يوم القيامة فتكون الألف واللام على هذا واقعة على معهود الشرعية المعهودة لما فيها من المناجاة وكشف المعارج وشرح الصدر والله أعلم ومنها ما ذكره الواحدي عن الأصمعي قال سمعت المهدي على منبر البصرة يقول إن الله أمركم بأمر بدأفيه بنفيه وثنى بمرئكة قدسه فقال تشريفاً لنبيه وتكريماً {إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا} ، آثره بها من بين الرسل الكرام وأتحفكم بها من بين الأنام فقابلوا نعمه بالشكر وأكصثروا من الصلاة عليه في الذكر انتهى.
وكان الخطباء سلكوا مسلكه في عادتهم الحسنة بإيراد ذلك في خطبهم ولو ذكروع تاماً لكان حسناً والله أعلم ومنها أنه عبر فيها بالله دون غيره من اسمائه أما لأنه قيل أنه اسم الله الأعظم ولم يسم به أحد غير الله سبحانه وقد فير به قوله تعالى {هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيًّا} وأما لغير ذلك والله أعلم ومنها أنه عبر فيها بالنبي ولم يقل على محمد كما وقع لغيره من الأنبياء صلاة الله وسلامه عليهم كقوله {يَا آدَمُ اسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ} و {يَا نُوحُ اهْبِطْ بِسَلَامٍ مِنَّا} و {يَا إِبْرَاهِيمُ (104) قَدْ صَدَّقْتَ الرُّؤْيَا} و {يَا دَاوُودُ إِنَّا جَعَلْنَاكَ خَلِيفَةً فِي الْأَرْضِ} و {يَا عِيسَى إِنِّي مُتَوَفِّيكَ وَرَافِعُكَ إِلَيَّ} و {يَا زَكَرِيَّا إِنَّا نُبَشِّرُكَ بِغُلَامٍ اسْمُهُ} و {يا يحي خذا يَا يَحْيَى خُذِ الْكِتَابَ بِقُوَّةٍ} وأشباه هذا لما في ذلك من الفخامة والكرامة التي اختص بها عن سائر الأنبياء إشعاراً بعلو المقدار وإعلاماً بالتفضيل على سائر الرسل الأخيار ولما ذكر النبي صلى الله عليه وآله وسلم مع الخليل ذكر الخليل باسمه وذكر الحبيب بلقبه فقال {إِنَّ أَوْلَى النَّاسِ بِإِبْرَاهِيمَ لَلَّذِينَ اتَّبَعُوهُ وَهَذَا النَّبِيُّ} وهذه فضيلة عظيمة قد نوه العلماء بذكرها وشرفها وجعلها من المراتب العلية