الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(الصلاة عليه بعد الأذان)
وأما الصلاة عليه بعد الأذان فعن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول إذا سمعتم المؤذن فقولوا مثل ما يقول ثم صلوا علي فإنه من صلى علي صلاة صلى الله تعالى عليه بها عشراً ثم سلوا الله تعالى الوسيلة فإنها منزلة في الجنة لا تنبغي إلا لعبد من عباد الله تعالى وأرجو أن أكون هو أنا فمن سأل الله لي الوسيلة حلت له الشفاعة رواه مسلم والأربعة إلا ابن ماجة والبيهقي وابن زنجويه وغيرهم وهو عند ابن أبي عاصم في كتابه مطولاً ومختصراً فالمطول بنحو الذي هنا ولفظ المختصر سلوا الله تعالى لي الوسيلة فإنها منزلة في الجنة لعبد من عباد الله وأرجوا أأكون أنا هو من سألها لي حلت له شفاعتي يوم القيامة تنبيه: معنى حلت وجبت كما ثبت التصريح به في عدة روايات واستحقت أو نزلت به فعلى الأول يكون مضارعه يحل بكسر الحاء المهملة وعلى الأخير بضمها ولا يجوز أن يكون حلت من الحل لأنها لم تكن قبل ذلك محرمة واللام بمعنى على ويؤيده رواية مسلم حلت عليه وفيه إشارة عظيمة لفاعل ذلك حيث بشره بحلول الشفاعة وهي إنما تكون للمسلمين من أمته صلى الله عليه وسلم.
وقد استشكل بعضهم كما سيأتي قريباً جعل ذلك ثواباً لقائل ذلك مع ما ثبت من الشفاعة للمذنبين وأجيب بأن له صلى الله عليه وسلم شفاعات أخرى يأتي تعيينها مع جواب آخر عن ذلك قريباً إن شاء الله تعالى. ونقل عياض عن بعض شيوخه أنه كان يرى اختصاص ذلك بمن قال مخلصاً مستحضراً إجلال النبي صلى الله عليه وسلم لا من قصد بذلك مجرد الثواب ونحو ذلك قال شيخنا وهو تحكم غير مرض ولو كان أخرج الغافل اللاهي لكان أشبه والله الموفق.
[فائدة طلب الوسيلة له]
فإن قيل: ما فائدة طلب الوسيلة له مع قوله وأرجو أن أكون أنا هو ورجاؤه عليه السلام لا يخيب فالجواب أن طلبنا إياها له عائدة علينا بامتثال ما أمرنا به من جهته الكريمة وهذا نحو صلاتنا وسلامنا عليه مع أنه قد غفر له ما تقدم من ذنبه
وما تأخر كما أسلفناه في المقدمة والله أعلم.
وعن جابر رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: من قال حين ينادي المنادي اللهم رب هذه الدعوة التامة والصلاة القائمة صل على محمد وأرض عنه رضاء لا سخط بعده أستجاب الله دعوته رواه أحمد في مسنده وابن السني في عمل اليوم والليلة والطبراني في الأوسط وابن وهب في جامعة ولفظه من قال حين يسمع المؤذن اللهم رب هذه الدعوة التامة والصلاة القائمة صل على محمد عبدك ورسولك وأعطه الوسيلة والشفاعة يوم القيامة حلت له شفاعتي وفيه ابن الهيعة لكن أصل الحديث عند البخاري بدون ذكر الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم ولفظه من قال حين يسمع النداء اللهم رب هذه التامة والصلاة القائمة آت محمداً الوسيلة والفضيلة وأبعثه مقاماً محموداً الذي وعدته حلت شفاعتي يوم القيامة.
[فائدة ظاهر لفظ حديث جابر أنه يقول الذكر المذكور حال سماع الأذان]
فائدة ظاهر لفظ حديث جابر أنه يقول الذكر المذكور حال سماع الأذان ولا يتقيد بفراغه لكن يحتمل أن يكون تالمراد من النداء إتمامه إذ المطلق يحمل على الكامل ويؤيده الحديث الذي قبله حيث قال فيه قولوا مثل ما يقول ثم صلوا ثم سلموا والله أعلم.
[المراد بقوله رضاء لا سخط بعده]
وقوله رضاء لا سخط بعده المراد به ما جاء في الحديث الآخر من قول الله تبارك وتعالى يا اهل الجنة اليوم أحل لكم رضواني فلا سخط عليكم بعده أبداً وعن ابن عمر رضي الله عنهما نحوه أخرجه المستغفري في الدعوات وعن أبي الدرداء رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقول إذا سمع المؤذن اللهم رب هذه الدعوة التامة والصلاة القائمة صل على محمد وآته سؤله يوم القيامة وكان يسمعها من حوله ويجب أن يقولوا مثل ذلك إذا سمعوا المؤذن. ومن قال مثل ذلك إذا سمع المؤذن وجبت له شفاعة محمد صلى الله عليه وسلم يوم القيامة أخرجه ابن أبي عاصم والطبراني في الدعاء والكبير والأوسط ولفظه: كان
رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا سمع النداء قال اللهم رب هذه الدعوة التامة والصلاة القائمة صلي على محمد عبدك ورسولك وأجعلنا في شفاعته يوم القيامة، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من قال هذا عند النداء جعله الله في شفاعتي يوم القيامة وفيها صدقة بن عبد الله السمين.
[تحقيق لفظ سؤله]
وقوله (سؤله) هو بضم السين المهملة وهمزة ساكنة معناه حاجته والسؤال والسؤلة ما سأله الشخص من حاجته والمراد به الشفاعة العظمى والدرجة العليا والمقام المحمود والحوض المورود ولواء الحمد ودخول الجنة قبل الخلائق إلى غير ذلك مما أعده الله تعالى لنبيه من الكرامات في ذلك اليوم لله الفضل على ما أنعم وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من سمع النداء فقال أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وإن محمداً عبده ورسوله اللهم صل على محمد وبلغه درجة الوسيلة عندك وأجعلنا في شفاعته يوم القيامة وجبت له الشفاعة رواه الطبراني في الكبير وفيه إسحاق ابن عبد الله بن كيسان وهو لين الحديث.
وعن ابن مسعود رضي الله عنه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ما من مسلم يقوم حين يسمع النداء بالصلاة فيكبر ويشهد أن لا إله إلا الله ويشهد أن محمداً رسول الله ثم يقول اللعم أعط محمداً الوسيلة والفضيلة وأجعل في الأعلين درجته وفي المصطفين محبته وفي المقربين ذكره إلا وجبت له الشفاعة يوم القيامة رواه الطحاوي والطبراني ومن طريقه الحافظ عبد الغني وقد تقدم بعضه في حديث مطول في الباب الأول. وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال إذا صليتم علي فيلوا الله لي الوسيلة قيل وما الوسيلة يا رسول الله قال درجة في الجنة لا ينالها إلا رجل واحد وأرجو أن أكون أنا هو أخرجه عبد الرزاق هكذا وابن أبي عاصم مختصراً وفي سنده ليث وقد سبقه شيء من هذا في الباب الثاني.
وعن أنس رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا قال
الرجل حين يؤذن المؤذن اللهم رب هذه الدعوة التامة والصلاة القائمة أعط محمداً سؤله، نالته شفاعتي صلى الله عليه وسلم رواه الحافظ عبد الغني المقدسي وغيره، وعن الحسن البصري ما تقدم في أوائل هذا الباب في الصلاة عليه عند إقامة الصلاة. وعن عبد الكريم أنه قال كان يقال إذا سمع الرجل النداء الأول فقال الله أكبر، الله أكبر أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمداً رسول الله اللهم صل على محمد وأبلغه درجة الوسيلة من الجنة فإنه تجب لمن قال ذلك الشفاعة يوم القيامة وإذا قال حي على الصلاة قال لا حول ولا قوة إلا بالله وإذا قال حي على الفلاح قال اللهم أجعلنا من أهل الفلاح، أخرجه النميري من طريق ابن وهب.
[فائدة تحقيق الوسيلة والفضيلة والمقام المحمود]
فائدة (الوسيلة) قال اللغويون هي ما يتقرب به إلى الملك الكبير يقال توسلت أي تقربت ويطلق على المنزلة العلية كما صرح به قوله فإنها منزلة في الجنة ويمكن ردها إلى الأول بأن الواصل إلى ذلك المنزلة قريب من الله فتكون كالقربة التي يتوسل بها. وقد أختلف المفيرون في قوله تعالى: {وَابْتَغُوا إِلَيْهِ الْوَسِيلَةَ} على قولين: أحدهما إنها القربة وهو محكي عن ابن عباس ومجاهد وعطاء والفرا، وقال قتادة تقربوا إليه بما يرضيه وقال أبو عبيده توسلت إليه تقربت واختاره الواحدي والبغوي والزمخشري فقال الوسيلة كما يتوسل به أي يتقرب من قرابة أو صنيعة ومن هذا القول التوسل إلى الله تعالى بنبيه صلى الله عليه وسلم. والقول الثاني إنها المحبة أي تحببوا إلى الله حكاه الماوردي وأبو الفرج عن أبي زيد وهو راجع إلى المعنى الأول. و (الفضيلة) المراد بها ههنا المرتبة الزائدة على سائر الخلائق ويحتمل أن تكون منزلة أخرى أو تفيير للوسيلة و (المقام المحمود) وهو المراد بقوله تعالى:{عَسَى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَامًا مَحْمُودً} أي يحمد القائم فيه وهو يلالق على كل ما يجلب الحمد من أنواع الكرامات و (عسى) من الله للتحقيق والوقوع كما صح ذلك عن ابن عيينة واختلف في المقام المحمود فقيل هو شهادته على أمته بالاجابة من تصديق أو تكذيب وقيل لأن الله تعالى أعطاه لواء الحمد يوم القيامة وقيل هو أن يجلسه الله عز وجل على العرش وقيل على الكرسي حكاهما ابن الجوزي عن