الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
التطهر بماء البحر فقال هو الطهور ماؤه الحل ميتته، ولم يكن في سؤالهم ذكر ميتة البحر.
والوجه الثاني: أن جوابه صلى الله عليه وسلم لمن سأله ورد بزيادات ونقص وإنما يحمل على الوجوب ما أتفقت الروايات عليه، إذ لو كان الكل واجباً لما اقتصر في بعض الأوقات على بعضه، وفي بعض الطرق الصحيحة اسقاط الصلاة على الآل وذلك في صحيح البخاري، في حديث أبي سعيد لكنه أثبتها في البركة مع أنهم لم يسألوه عن البركة ولا أمر بها في الآية وأيضاً فحديث أبي حميد المتفق عليه ليس فيه الصلاة على الآل ولا فيه البركة أيضاً، إنما قال على أزواجه وذريته وبين الذرية والآل عموم وخصوص.
فإن قيل: فلم أقتصرتم في الوجوب في كيفية الصلاة عليه على لفظ اللهم صل على محمد ولم توجبوا بقية كلامه في التشبيه، قلنا لسقوط التشبيه في بعض أجوبته وذلك في حديث زيد بن خارجه كما تقدم فدل على عدم وجوبه.
الفصل التاسع: فيه سؤالان أحدهما لم خص إبراهيم عليه السلام بالتشبيه دون غيره من الأنبياء
صلوات الله عليهم والجواب أن ذلك وقع أما إكراماً له أو مكافأة على ما فعل حيث دعل لأمة محمد بقوله رب أغفر لي ولوالدي وللمؤنمنين يوم يقوم الحساب أو لعدم مشاركة غيره من الأنبياء له في ذلك واختصاصها بالصلاة إما لأنه كان خليلاً ومحمد صلى الله عليه وسلم حبيباً أو لأن إبراهيم كان منادي الشريعة حيث أمره الله بقوله {وَأَذِّنْ فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالًا وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ} ، ومحمد صلى الله عليه وسلم كان منادي الدين بقوله ربنا أننا سمعنا منادياً ينادي للإيمان، أو لأنه سأل الله عز وجل في ذلك حيث رأى الجنة في المنام وعلى أشجارها مكتوب لا إله إلا الله محمد رسول الله، وسأل جبريل عن ذلك فأخبره عن حالة فقال يارب أجر ذكري على لسان أمه محمد أو لقوله {وَاجْعَلْ لِي لِسَانَ صِدْقٍ فِي الْآخِرِينَ} أو لأنه أفضل من بقية الأنبياء عليهم الصلاة والسلام أو لأن الله سماه أبا المؤمنين في قوله:{مِلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ} ، أو لأمر النبي صلى الله عليه وسلم باتباعه لا سيما في
أركان الحج، أو لأنه لما بنى البيت دعا بقوله اللهم من حج هذا البيت من شيوخ أمة محمد فهبه مني ومن أهل بيتي ثم دعا إسماعيل للكهول ثم إسحاق للشباب ثم سارة للحرائر من الإناث ثم هاجر للموالي فلذلك أختص بذكره هو وأهل بيته قلت وفي أكثر هذه الأجوبة ما يحتاج إلى صحة النقل والله الموفق.
وثانيهما: قال شيخنا أشتهر السؤال عن موقع التشبيه في قوله كما صليت على إبراهيم مع أن المقرر أن المشبه دون المشبه به والواقع ههنا عكسه لأن محمداً صلى الله عليه وسلم وحده، أفضل من إبراهيم وآل إبراهيم لا سيما وقد أضيف إليه آل محمد، وقضية كونه أفضل أن تكون الصلاة المطلوبة له أفضل من كل صلاة حصلت أو تحصل لغيره وأجيب عن ذلك بأحوبة، الأول أنه قال ذلك قبل أن يعلم أنه أفضل من إبراهيم وقد أخرج مسلم من حديث أنس أن رجلاً قال للنبي صلى الله عليه وسلم: يا خير البرية، قال ذلك إبراهيم، أشار إليه ابن العربي، وأيده أنه سأل لنفيه التسوية مع إبراهيم، وأمر أمته أن يسألوا له ذلك فزاده الله تعالى بغير سؤال، أن فصله على إبراهيم، وتعقب بأنه لو كان كذلك لغير صفة الصلاة عليه بعد أن علم أنه أفضل.
الثاني: إنه قال ذلك تواضعاً وشرع لأمته ذلك ليكتسبوا بذلك الفضيلة الثالثة: إن التشبيه إنما هو لا صل الصلاة بأصل الصلاة، لا للقدر بالقدر فهو كقوله تعالى {إِنَّا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ كَمَا أَوْحَيْنَا إِلَى نُوحٍ} ، قوله {كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ} فإن المختار فيه أن المراد أصل الصيام لأوقته وعينه، وهو فقول القائل، أحسن إلى ولدك كما أحسنت إلى فلان ويريد ذلك أصل الإحسان لا قدره، ومنه قوله تعالى {وَأَحْسِنْ كَمَا أَحْسَنَ اللَّهُ إِلَيْكَ} ، ورجح هذا الجواب القرطبي في المفهم، فقولهم كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم معناه أنه تقدمت منك الصلاة على إبراهيم وعلى آل إبراهيم فنسأل منك الصلاة على محمد وعلى آل محمد صلى الله عليه وسلم بطريق الأولى، لأن الذي يثبت للفاضل يثبت للأفضل بطريقالأولى.
ومحصل هذا الجواب أن التشبيه ليس من باب الحاق الكامل بالأكمل بل من باب التهيج ونحوه، أو من بيان حال ما لا يعرف بما يعرف لأنه فيما يستقبل والذي
يحصل له صلى الله عليه وسلم من ذلك أقوى وأكمل، الرابع، أن الكاف للتعليل كما في قوله تعالى {كَمَا أَرْسَلْنَا فِيكُمْ رَسُولًا مِنْكُمْ} وفي قوله تعالى {وَاذْكُرُوهُ كَمَا هَدَاكُمْ} ، وقال بعضهم الكاف على بابها من التشبيه ثم عدل عنه للإعلام بخصوصية المطلوب، الخامس: أن المراد أن يجعله خليلاً كما جعل إبراهيم وأن يجعل لسان صدق كما جعل لإبراهيم مضافاً إلى ما حصل له من المحبة، وقد حصل له ذلك فقال ولكن صاحبكم خليل الله، ويرد عليه ما يرد على الأول قلت وهو نحو ما أجاب به القرافي في قواعده كما سأذكره قريباً، وقربه بأنه مثل رجلين يملك الفا ويملك الأخر الفين فيسأل صاحب الألفين أن يعطي الا أخرى نظير الذي أعطيها للأول، فيصير المجموع للثان اضعاف ما للأول، الساس: أن قوله اللهمة صل على محمد مقطوع عن التشبيه فيكون التشبيه متعلقاً بقوله وعلى آل محمد، وتعقبه ابن دقيق العيد بأن غير الأنبياء لا يمكن أن يساويهم فكيف يطلب لهم وقوع ما لا يمكن وقوعه انتهى.
وعبر شيخنا عن هذا بقوله عن أن غير الأنبياء لا يمكن أن يساووا الأنبياء فكيف تطلب لهم صلاة التي وقعت لإبراهيم والأنبياء من آله. ثم قال ويمكن الجواب عن ذلك بأن المطلوب الثواب الحاصل لهم لا جميع الصلاة التي كانت سبباً للثواب، قلت وهذا قريب مما أجاب به البلقيني فأنه قال ما لفظه، إن تشبيه الصلاة غلى الآل بالصلاة على إبراهيم وآله ليس تشبيهاً في القدر ولا في الرتبة حتى يقال أن غير الأنبياء لا يمكن أن يساويهم بل التشبيه ههنا في أصل الصلاة وذلك قدر مشترك بين الأنبياء والآل، أعني مطلق الصلاة وإذا كان كذلك فلا يلزم من طلب الصلاة للآل كالصلاة على إبراهيم وآله أن يكون طلباً لما لم يمكن وقوعه وهو المساواة فيسقط السؤال انتهى. وقد نقل العمراني في البيان عن الشيخ أبي حامد أنه نقل هذا الجواب عن نص الشافعي حيث قيل له، رسول الله صلى الله عليه وسلم أفضل الأنبياء فكيف قيل في الصلاة عليه اللهم صلي الله عليه وعلى آل محمد كما صليت على إبراهيم فقال قوله اللهم صل على محمد كلام تام وقوله وآل محمد عطف وكما صليت على إبراهيم راجع إلى الذي يليه وهو آل محمد. قلت: وأدعى ابن القيم أنه باطل عن الشافعي قال لأنه مع فصاحته
ومعرفته بلسلن العرب لا يقول هذا الكلام الذي يستلزم هذا التركيب الركيك المعيب من كلام العرب، قال شيخنا كذا قال وليس التركيب المذكور بركيك بل التقدير، اللهم صل على محمد وصل على آل محمد كما صليت إلى آخره، غلا يمتنع تعلق التشبيه بالجملة الثانية انتهى. لكن قد تعقبه الزركشي بأنه أيضاً مخالف لقاعدته الأصولية في رجوع المتعلقات إلى جميع الجمل وبأن التشبيه قد جاء في بعض الروايات من غير ذكر الآل والله أعلم.
قلت قريب من هذا الجواب قول ابن عبد السلام شبه الصلاة على آل النبي صلى الله عليه وسلم بالصلاة على آل إبراهيم والله أعلم.
السابع: أن التشبيه إنما هو للمجموع فإن الأنبياء من آل إبراهيم كثيرة فإذا قوبلت تلك الذوات الكثيرة من إبراهيم وآل إبراهيم بالصفاة الكثيرة التي لمحمد أمكن التفاضل ونحوه عن ابن عبد السلام فإنه قال آل إبراهيم أنبياء وآل رسول الله صلى الله عليه وسلم ليسوا أنبياء والتشبيه إنما وقع بين المجموع الحاصل لرسول الله صلى الله عليه وسلم وآله والمجموع الحاصل لإبراهيم عليه السلام وآله فيحصل لآل إبراهيم عليه السلام من تلك العطية أكثر مما يحصل لآل رسول الله صلى الله عليه وسلم من هذه العطية فيكون الفاضل لرسول الله صلى الله عليه وسلم بعد أخذ آله من هذه العطية أكثر من الفاضل لإبراهيم من تلك العطية وإذا كانت عطية الله صلى الله عليه وسلم أعظم كان أفضل فاندفع الاشكال.
قلت وعبر ابن عبد السلام عن هذا أيضاً في أسرار الصلاة له بقوله تشبيه الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم وآله بالصلاة على إبراهيم وآله فيحصل لنبينا صلى الله عليه وسلم ةلآله من أثار الرحمة والرضوان ما يقارب ما حصل لآل إبراهيم ومعظم الأنبياء آل إبرايهم لأنهم ابناؤه ثم نقسم الجملة فلا يحصل لآل محمد مثل ما حصل لآل إبرايهم ولن يبلغ آل محمد إلى مراتب الأنبياء فيتوفر ما بقي من أثار الرحمة الشاملة لمحمد وآله على محمد صلى الله عليه وسلم فيكون ذلك مشعراً بأن محمداً صلى الله عليه وسلم أفضل من إبراهيم انتهى.
وقال أبو اليمن بن عساكر، وتعقبه شيخنا فقال ويعكر على هذا الجواب أنه وقع في حديث أبي سعيد يعني الماضي مقابلة الاسم بالاسم فقط ولفظه اللهم صل على محمد كما صليت على إبراهيم، قلت وسبقه إلى العقبة القرافي في القواعد لكن من وجه آخر حيث جعل التشبيه في الدعاء كالتشبيه في الخبر، قال وليس كذلك لأن التشبيه في الخبر يصح في الماضي والحال والاستقبال والتشبيه في الدعاء لا يكون إلا في الاستقبال ههنا إنما وقع بين عطية تحصل الرسول صلى الله عليه وسلم لم تكن حصلت له قبل الدعاء فإن الدعاء إنما يتعلق بالمعدوم المستقبل وبين عطية حصلت لإبراهيم وحينئذ يكون الذي حصل له قبل الدعاء لم يدخل في التشبيه وهو الذي فضل به إبراهيم عليه السلام، قال فاندفع السؤال من أصله لأن التشبيه وقع في دعاء لا في خبر نفم لو قيل أن العطية التي حصلت لرسول الله صلى الله عليه وسلم مثل العطية التي حصلت إبراهيم لزم الإشكال لكون التشبيه وقع في الخبر لكن التشبيه ما وقع إلا في الدعاء والله أعلم الثامن. أن التشبيه بالنظر إلى ما يحصل لمحمد وآل محمد من صلاة كل فرد، فرد فيحصل من مجموع صلاة المصلين من أول التعليم إلى آخر الزمان أضعاف ما كان لآل إبراهيم مما لا يحصيه إلا الله عز وجل.
وعبر ابن العربي عن هذا بقوله المراد دوام ذلك واستمراره، قلت وقد قال شيخ الإسلام تقي الدين السبكي رحمه الله، إذا صلى عبد على نبيه صلى الله عليه وسلم بهذه الكيفية فقد سأل الله أن يصلي على محمد كما صلى على إبراهيم وآله، ثم إذا قالها عبد آخر فقد طلب صلاة أخرى غير التي طلبها الداعي الأول ضرورة أن المطلوبين وأن تشلبها مفترقان بافتراق الطالب، وأن الدعوتين مستجابتان إذ الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم دعوة مستجابة فلا بد أن يكون ما طلبه هذا فير ما طلبه ذاك لئلا يلزم تحصيل الحاصل كما قال ولده التاج: أن الله تعالى يصلص على النبي صلى الله عليه وسلم صلاو مماثلة لصلاة على إبراهيم عليه السلام وآله كلما دعا عبد فلا تنحصر الصلوات عليه من ربه التي كل زاحدة منها بقدر ما حصل لإبراهيم وآله إذ لا ينحصر عدد من صلى عليه بهذه الصلاة والله أعلم.
التاسع: أن التشبيه راجع إلى المصلي فيما يحصل له من الثواب لا بالنسبة
إلى ما يحصل للنبي صلى الله عليه وسلم، قال شيخنا وهذا ضعيف لأنه يصير كأنه قال اللهم أعطني ثواباً على صلاتي على النبي صلى الله عليه وسلم كما صليت على إبراهيم، ويمكن أن يجاب بأن المراد مثل ثواب المصلي على إبراهيم، العاشر: رفع المقدمة المذكورة أولاً وهي أن المشبه به يكون أرفع من المشبه وإن ذلك ليس مطرداً بل قد يكون التشبيه بالمثل بل والدون كما في قوله تعالى {مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكَاةٍ} ، واين يقع نور المشكاه من نوره تعالى لكن لما كان المراد من المشبه أن يكون شيئاً ظاهراً واضحاً للسامع حسن أن يشبه النور بالمشكاه: وكذا ههنا لما كان تعظيم إبراهيم وآل إبراهيم بالصلاة عليهم مشهوراً واضحاً عند جميع الطوائف حسن إن يطلب لمحمد وآل محمد بالصلاة عليهم مثل ما حصل لإبراهيم وآل إبراهيم.
ويؤيد ذلك ختم المطلب المذكور بقوله في العالمين، أي كما أظهرت الصلاة على إبراهيم وعلى آل إبراهيم في العالمين، ولهذا لم يقع قوله في العالمين إلا في ذكر آل إبراهيم دون ذكر آل محمد يعني في الحديث الذي وردت فيه وهو حديث أبي سعيد المخرج عند مالك ومسلم وغيرهما، وعبر الطبسي عن ذلك بقوله ليس التشبيه المذكور من باب الحاق الناقص بالكامل، لكن من باب الحاق ما لم يشتهر بما أشتهر، وقال الحليمي، سبب هذا التشبيه أن الملائكة قالت في بيت إبراهيم رحمه الله وبركاته عليكم أهل البيت أنه حميد مجيد، وقد علم أن محمداً وآل محمد من أهل بيت إبراهيم فكأنه قال أجب دعاء الملائكة الذين قالوا ذلك في محمد وآل محمد كما أجبتها عندما قالوها في آل إبراهيم الموجودين حينئذ، ولذلك ختم بما ختمت به الآية وهو قوله إنك حميد مجيد.
وقال النووي بعد أن ذكر بعض هذه الأحوبة، أحسنها ما نسب إلى الشافعي أو التشبيه لأصل الصلاة بأصل الصلاة أو المجموع بالمجموع، وقال ابن القيم: بعد أن زيف أكثر هذه الأجوبة، ألا تشبيه المجموع بالمجموع وأحسن منه أن يقال هو صلى الله عليه وسلم من آل إبراهيم، وقد ثبت ذلك عن ابن عباس، في تفيير قوله تعالى {إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى آدَمَ وَنُوحًا وَآلَ إِبْرَاهِيمَ وَآلَ عِمْرَانَ عَلَى الْعَالَمِينَ} ، قال، محمد من آل إبراهيم فكأنه أمرنا أن نصلي على محمد وعلى آل محمد. خصوصاً بقدر ما صلينا عليه مع إبراهيم وآل إبراهيم عموماً، فيحصل