الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
باب الطعن يلحق الحديث
(إما أن يقع الطعن مبهمًا) بان قال: هذا الحديث غير مقبول، أو قال: هو مطعون، ولم يفسر سبب الطعن، أو قال: إن الراوي فاسق، أو مطعون ولم يفسر.
(وأما القسم الأول) وهو طعن الصحابة- رضي الله عنهم فيما لا يحتمل الخفاء.
(علم أن القسمة من رسول الله- صلى الله عليه وسلم) أي خير بين أصحابه حين أفتحها.
فقال: طبق الراكع كفيه أي جعلهما بين فخذيه، (لكنه رأى رخصة) أي رخصة تخفيف؛ لأنه كانت يلحقهم المشقة في التطبيق مع طول الركوع، لأنهم كانوا يخافون السقوط على الأرض فأمروا بالأخذ بالركب تيسيرًا عليهم لا تعيينًا عليهم، فلأجل هذا التأويل لم يترك العمل بظاهر الحديث الذي فيه أمر بالأخذ بالركب الدس: الإخفاء.
فقد (طعن) بعض المتعنتين (في أبي حنيفة- رضي الله عنه) أنه دس ابنه ليأخذ كتب أستاذه حماد- رضي الله عنه وكان يروي من ذلك، وهذا في أصله ليس بصحيح، ولئن صح فإنه- رحمه الله أعلى حالًا وأجل منصبًا من أن ينسب إلى أنه دس ابنه ليأخذ الكتب على وجه التمويل والاستتار، بل إن
كان للاستيناف ومقابلة حفظه بكتب أستاذه بإجازة من له ولاية الإجازة فيزداد معنى الإتقان له، فإنه كان لا يستجيز الرواية إلا عن حفظ.
(التدليس): كتمان عيب السلعة عن المشتري، (وذلك أن تقول: حدثني فلان عن فلان من غير أن يتصل الحديث بقوله: حدثنا) أي لا يقول: قال حدثنا فلان قال حدثنا فلان. يعني بإعادة قال حدثنا لا بإعادة عن.
(لأن هذا يوهم شبهة الإرسال) أي يحتمل أن يكون ترك راويًا آخر بينهما لإفادة علو الإسناد؛ لأنه يجوز أن يقل لمن لم يكن وقت النبي
عليه السلام: عن النبي عليه السلام أنه قال: كذا، وهذا لأنه لو قال: حدثنا فلان عن فلان عن رسول الله عليه السلام كان هو صادقًا، وإن حدثه فلان بواسطة عشرة رواة، وأما إذا قال: حدثنا فلان قال حدثنا فلان إلى أن قال: حدثنا رسول الله عليه السلام كذا- لم يبق فيه شبهة الإرسال؛ لأن ذلك يستعمل في المشافهة.
(مثل قول سفيان الثوري حدثني أبو سعيد) أراد به الحسن البصري.
(مثل الكلبي وأمثاله) كالحسن البصري ومسروق، ...........
وعلقمة، (وقد يحسن في منزل القدوة ما يقبح في منزل العزلة) كالمزاح بالجد وأكل الأطعمة الشهية، وتكثير الاختلاط بالناس وتقبيل امرأته وهي صائمة أو حائض أو هو صائم.
(وينعكس ذلك مرة) بان يحسن في منزل العزلة ويقبح في منزل القدوة، وذلك عكس ما ذكرناه، وإن تجانب امرأته في الليل والنهار ترك الاختلاط بالناس.
ألا ترى إلى معاملة موسى عليه السلام مع العبد الصالح كيف حسن عنده ما قبح عند موسى عليه السلام، وموسى عليه السلام كان من أهل القدوة، والعبد الصالح من أهل العزلة، فقال له موسى حين قتل نفسًا منكرًا لقتله:{أَقَتَلْتَ نَفْسًا زَكِيَّةً بِغَيْرِ نَفْسٍ} فحسن قتل النفس عنده، وقبح عند موسى عليه السلام، ولذلك يجب على المفتي أن يأمر الناس في بعض المواضع بأخ الرخص كما في ماء الحمام وغيره تيسيرًا عليهم، ولا يرضاه الزهاد من المجاهدين.
(ومثال ذلك) أي ومثال ما لا يعد ذنبًا في الشريعة؛ (الركض): در ائيدن ستور باي زدن من حد نصر.
(وطعن بعضهم بالمزاح). المزح: الدعاء به من حد منع، والاسم المزاح- بالضم-، وأما المزاح- بالكسر- فمصدر مازحة. كذا في ((الصحاح)) فكان هاهنا بالكسر بدلالة قوله:(بركض الدابة)(وهو أمر ورد به الشرع)،
وهو ما روي عن النبي عليه السلام حيث قال لمن سأله الناقة: ((لأحملنك على ولد الناقة، فقال السائل: كيف يطيق لي ولد الناقة! فقال النبي عليه السلام: كل ناقة ولد الناقة)) فقال السائل: كيف يطيق لي ولد الناقة، ومثله أيضًا حديث العجوز وهو معروف.
(وهذا أثبت متنًا من حديث أبي سعيد) الخدري- رضي الله عنه أي
حديث عبد الله بن ثعلبة بن صغير العذري- رضي الله عنه أثبت متنًا؛ لأن فيه الأمر بأداء نصف صاع من بر.
وأما متن حديث أبي سعيد الخدري ((كنا نؤدي على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم صاعًا منا لحنطة)) فليس فيه ما يدل على الوجوب لاحتمال أن يكون ذلك
زيادة على الواجب، ونحن لا ننكر ذلك.
(وقد ذكرنا بعضه فيما تقدم) وهو نحو عمل الراوي بخلافه بعد ما بلغه الحديث، ونحو الإنكار والامتناع عن العمل. (ومن طلبها في مظانها) وهي كتب الجرح والتعديل.
(التعارض): هو أن يتعرض لحكم الدليل الأول بالإبطال لا لنفس الدليل والتناقض: هو أن يتعرض للدليل الأول بالإبطال على وجه لا
يبقى هو حجة أصلًا، والله أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.
* * *