الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
باب شرائع من قبلنا
فالتفاوت بين القول الأول وبين الثالث إن في القول الأول شريعة من قبلنا تلزمنا على أنها شريعة من قبلنا، وفي القول الثالث تلزمنا على أنها شريعتنا، والتفاوت بين القول الثالث والرابع أن في القول الثالث أنها تلزمنا على أنها شريعتنا سواء قص الله تعالى أو لم يقص، وفي الرابع شرط اللزوم علينا أن يقص الله تعالى من غير إنكار، أو يقص الرسول عليه السلام من غير إنكار.
(الهدى: اسم يقع على الإيمان والشرائع) جميعًا; لأن الشرائع سبل الهدى وسبيل الله لا يكون إلا بالهدى. قال الله تعالى: (قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ) ولأن القرآن سمى هدى أي هاديًا كقوله تعالى: (هُدًى لِّلْمُتَّقِينَ) وهو يهدى إلى ماهو من موجبات العقل وإلى ماهو لا يعرف الا سمعًا، فعلم أن الكل هدى.
(ألا ترى أنها كانت تحتمل الخصوص في المكان في رسولين) أي
الاختصاص في المكان يقتضى أن يكون الرسولان في مكانين; لأن الاختصاص في المكان لكل واحد منهما إنما يكون في مكانين، فكذلك في الزمان أيضًا، ونظير رسولين بعثًا في زمان واحد من غير تبعية بينهما موسى وشعيب عليهما السلام، ونظيرهما بأن يكون أحدهما تبعًا للآخر موسى وهارون عليهما السلام، فإن النبي عليه السلام كان أصلًا في الشرائع وليس لأحد أن يقول: إن الانبياء كانوا قبله فكيف يكون هو أصلًا في شرائع النبيين قبله؟
لأنا نقول: لا يلزم من كونهم مقدمين كونهم أصلًا كالسنة قبل الظهر، فكان الأنبياء كلهم بمنزلة المؤسسين لقاعدته فكان هو أصلا في الشرائع.
(وكان وارثا لما مضى من محاسن الشريعة). قال الله تعالى: (ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ) والإرث يثبت ملكًا للوارث وهو بعينه كان ملكًا للمورث، فهذا يدل على أن شريعة من قبلنا تصير شريعة لرسولنا عليه السلام عملًا بقضية الإرث، فعلى هذا كان الرسول المتقدم بمنزلة واحد من أمة محمد عليه