المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌باب خبر الواحد - الكافي شرح أصول البزدوي - جـ ٣

[الحسام السغناقي]

الفصل: ‌باب خبر الواحد

‌باب خبر الواحد

(وهو الفصل الثالث من القسم الأول). المراد من القسم الأول الاتصال، ومن الفصل الثالث اتصال فيه شبهة صورة ومعنى.

أما الصورة: فلأنه لم يتصل برسول الله صلى الله عليه وسلم قطعًا.

وأما المعنى: فلأنه لم تتقله الأمة جمعيًا بالقبول بخلاف المشهور؛ لأن فيه ضرب شبهة صورة من حيث إنه كان في الأصل من الآحاد وليس فيه شبهة معنى؛ لأن الأمة تلقته بالقبول بخلاف المعاملات، فإنه إذا اشترى من صبي عاقل أو عبد يجوز معتمدًا على قولهما بأننا مأذونان.

ص: 1254

(فاستقام أن يثبت غير موجب علم اليقين) أي أن يثبت وجوب العمل حال كونه غير موجب للعلم.

ص: 1255

({وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ} وكل واحد إنما يخاطب بما في وسعه) إلى آخره، ولا يدخل عليه الفاسق فإنه داخل في عموم الأمر بالبيان، ثم لا يقبل بيانه في الدين؛ لأنه مخصوص من هذا النص بنص آخر، وهو ما فيه أمر بالتوقف في خبر الفاسق بقوله:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا} ، وهذا في كتاب الله تعالى أكثر من أن يحصى، منه قوله تعالى:{إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنزَلْنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالْهُدَى} .

ص: 1256

(وقد ذكر محمد- رحمه الله تعالى- في هذا) أي في عمل الصحابة ومحاجتهم غير حديث أي غير حديث واحد بل ذكر فيه أحاديث كثيرة

ص: 1257

(فإذا اجتمع الآحاد حتى تواترت حدث حقية الخبر ولزوم الصدق باجتماعهم)، وهذا جواب ما قال في الباب الأول:((إن المتواتر صار جميعًا بالآحاد وخبر كل واحد محتمل)) فمن أين يتأتى اليقين؟

وتفسير الجواب هو أن لا ينكر في المحسوس والمعقول والمشروع أن يثبت لاجتماع الأفراد ما لا يثبت للأفراد عند عدم الاجتماع. ألا رى أن الحبل إذا اجتمع من الطاقات يثبت له من القوة ما لا يثبت من تلك القوة لطاقة أو لطاقتين، وألا ترى أن كل كلمة من القرآن على الانفراد ليست بمعجزة، فإذا اجتمعت صارت معجزة، والحجج العقلية صارت حجة باجتماع المقدمات وكل مقدمة ليست بحجة، فعلم بهذا أن اجتماع الأفراد يثبت حكمًا ما لا يثبته الأفراد بدون الاجتماع، والعقل أيضًا يقتضي ذلك؛ لأن التركب حدث بعد

ص: 1258

أن لم يكن، فيجب أن يثبت له حكم بحياله لم يكن ذلك الحكم قبله، وكذلك في المشروع فإن القاضي لا يقضي بشهادة الفرد، فإذا صار الشاهد اثنين يقضي بهما.

(إذ العقد فضل على العلم والمعرفة، وليس من ضروراته) أي عقد القلب ليس من ضرورات العلم.

ألا ترى أن أهل الكتاب كانوا يعرفون حقية النبي عليه السلام بالنبوة ولا يعتقدونها، والمقلد يعتقد شيئًا بالتقليد لغيره ولا يعلمه؛ إذ العلم هو: تبين المعلوم على ما هو به ويحتمل أن يكون اعتقاد المقلد شيئًا كان على خلاف ما هو به، فعلم بهذا أن العقد مع العلم ينفك أحدهما عن الآخر وجودًا وعدمًا ولم يكن وجود كل واحد منهما من ضرورات الآخر.

ص: 1259