المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌باب البيان ذكر في الكتاب في الباب الذي يلي هذا الباب - الكافي شرح أصول البزدوي - جـ ٣

[الحسام السغناقي]

الفصل: ‌ ‌باب البيان ذكر في الكتاب في الباب الذي يلي هذا الباب

‌باب البيان

ذكر في الكتاب في الباب الذي يلي هذا الباب حد البيان: ما يظهر به ابتداء وجوده، أي ابتداء وجود الكلام.

(وقد يستعمل هذا) أي لفظ البيان (مجازا وغير مجاوز) أي متعديا وغير متعد، فمعني غير المتعدي فيما إذا كان البيان مصدر الثلاثي من بان

ص: 1422

يبين: ظهر

وأما إذا كان هو مصدر بين من باب التفعيل كالكلام والسلام والصلاة فيجيء فيه غير متعد أيضا.

قال في "الصحاح ": والتبين أيضا الوضوح، وفي المثل: قد تبين الصبح لذي عينين اي قد وضح وظهر.

(والمراد به في هذا الباب عندنا) أي عند أصحاب أصول الفقه. هكذا كان بخط شيخي- رحمه الله

" غن من البيان لسحرا" أي كما ان بالسحر تستمال القلوب فكذا بالبيان الفصيح واللسان البليغ تستمال القلوب، أو كما أن للسحر إراءة الباطل في لباس الحق فكذا في البيان البليغ إراءة المعني الذي هو غير متين، فكان فيهما إراءة لغير الدليل دليلا.

(وقوله: فهي خمسة أقسام) اتفق الشيخان في كون البيان خمسة

ص: 1423

واتفقا أيضاً في التسمية بهذه الأسامي، إلا أن الغمام فخر الإسلام رحمه الله لما جعل الاستثناء والتعليق كليهما من قبيل بيان التغيير انتقص مسمي بيان التبديل فجعل النسخ مسمي بيان بيان التبديل فتم البيان خمسة.

والإمام شمس الأئمه رحمه الله جعل بيان التغيير الاستثناء، وبيان التبديل التعليق، فازداد اسما البيان، واخرج النسخ من كونه بيانا لانعدام حد البيان فيه فقال: حد البيان غير حد النسخ؛ لأن البيان: إظهار حكم الحادثة عند وجوده ابتداء، والنسخ رفع للحكم بعد الثبوت، فلم يكن بيانا.

(لأن اسم الجمع كان عاما يحتمل الخصوص) كما في قوله {فَنَادَتْهُ الْمَلائِكَةُ} أي جبريل ومثله {وَلا

طَائِرٍ يَطِيرُ بِجَنَاحَيْهِ} أي كان قوله {وَلا طَائِرٍ} حقيقة في حق الطائر الحقيقي إلا انه يحتمل أن يراد به غير الطائر الحقيقي بطريق المجاز؛ لانه يقال لمن يخف في مشيه ويسرع في أمره كأنه طائر، ويقال: فلان يطير بهمته، فكان

ص: 1424

قوله {يَطِيرُ بِجَنَاحَيْهِ} قطعا لذلك المجازالذي يراد بالطيران السرع، وكذلك تأكيد القلوب بكونها في الصدور في قوله تعالى {وَلَكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ} . أيضا بيان تقرير.

وقوله: (أنت طالق)، (وقال عنيت به الطلاق من النكاح)، وهو يحتمل الطلاق عن القيد الحسي، فإذا قال من النكاح قرر موجب الكلام.

(وقال عنيت به العتق عن الرق) فغن التحرير يحتمل من غير الرق وهو التخلية عن غيره، ولأن الحر يستعمل في معني الكريم. يقال رجل حر أي رجل كريم فلما قال: من الرق كان مقررا لكون مراده من الحرية الحرية عن الرق.

(ولما قلنا أنه مقرر) أي لا مغير، وإنما يشترط الوصل في بيان التغيير، ولأن هذا البيان لو لم يلحقه لكان الذي قرره هذا المراد، فلذلك كان لحوق هذا البيان في أي وقت كان جائزا؛ لأن وجوده وعدمه بمنزله في تحقيق المراد،

ص: 1425

فيجوز لحوق هذا البيان في أي وقت كان

(فبيان المجمل والمشترك): أما بيان المجمل فيحتمل التراخي لما فيه من تقرير المقصود من الخطاب وهو الابتلاء، فان الابتلاءيوجد في المجمل مرتين، أحدهما: الابتلاء باعتقاد الحقية فيما هو المراد به مع انتظار البيان للعمل به، وبعد البيان الابتلاء بالعمل به، فلذلك حسن بيان تأخير المجمل، وكذلك بيان المشترك يحتمل التراخي أيضا لما قلنا، إلا أن التفاوت بينهما هو أن إدراك بغالب الرأي في المشترك قائم وفي المجمل لا، وهذا التفاوت لا يمنع التراخي في البيان؛ لأن حكم كل واحد منهما في الحال التوقف مع حقية المراد، والمشترك يحتمل البيان من صاحب الشرع أيضا، فحينئذ يصير مفسرا.

(وهذا مذهب واضح لأصحابنا) رحمهم الله أي للفقهاء، فإن في هذا خلاف بعض المتكلمين، فان علي قول بعض المتكلمين عدم جواز تأخير بيان المجمل والمشترك عن أصل الكلام، لأن العمل بدون البيان غير ممكن،

ص: 1426

والمقصود بالخطاب فهمه والعمل به، وإذا كان ذلك لا يحصل بدون البيان، فلو جوزنا مع ذلك تأخير البيان أدي ذلك إلي تكليف ما ليس في الوسع

ص: 1427

وجواب هذا ما ذكرنا من أن خطاب الشارع مفيد فائدته قبل البيان وهي ابتلاء علي ما ذكرنا وهو مذكور في الكتاب.

(وقد قال علماؤنا فيمن أوصي بهذا الخاتم لفلان وبفصه لفلان غيره) إلى آخره.

ص: 1428

فإن قلت: إيراد الخاتم نظير للعام ليس بمستقيم؛ لأن العام هو: اللفظ الذي ينتظم جمعا من المسميات التي هي متحدة الحدود كالمؤمنين والمسلمين والرجال والنساء، والخاتم ليس له أفراد.

ولو قيل إن الحلقة والفص له أفراد لا يستقيم ذلك أيضا لوجهين:

أحدهما: أن أفراد العام يجب أن يكون أقله ثلاثة، وهذا اثنان لا ثلاثة.

والثاني: أن أفراد العام يجب أن تكون متحدة الحدود كما ذكرنا، والحلقة في الخاتم ليست علي حد الفص وكذلك الفص ليس علي حد الحلقة لتغايرهما في ذاتيهما صورة ومعني فكيف يكونان أفرادا للعام؟

قلت أن هذا الذي ذكره هو نظير للعام من حيث الشمول كما في العام، فإن لفظ الخاتم يتناول الحلقة والفص جميعا كلفظ الشيء ولفظ الإنسان، فإن كلا منهما عام وأفرادهما في التحقيق مخالف بعضها لبعض في الحد والحقيقة.

ألا تري أن حد الجوهر غير حد العرض، وكذلك حد حيوان علي خلاف حد الجماد، واسم الشيء يتناولهما بطريق العموم، وكذلك حد الرجل علي خلاف حد المرأة والصبي، واسم الإنسان يتناولهم بطريق العموم.

ص: 1429

فعلم بهذا أن المعنى الأصلي في العام هو معني الشمول والتناول لا اتحاد أفراد من حيث الحد والحقيقة.

أو نقول: أورد الخاتم نظيرا للعام لا أن يكون عين العام لمشاركته في معني الشمول كالعام.

ألا تري أن مشايخنا رحمهم الله أوردوا الواحد بعد العشرة نظير صفات الله تعالى مع ذاته من حيث إن كلا منهما لا هو ولا غيره مع أن ذات الله تعالى وصفاته متعالية عن النظير إذ ليس كمثله شيء، ولأن الواحد إن لم يكن عين العشرة ولا غيرها لكن هو جزء منها فليست صفة الله تعالى بجزء من ذاته فلا يكون نظيرا لصفاته، ولكن لما وجدوه نظيرا فيما قصدوا إليه جعلوه نظيرا لها لزيادة تفهيم المتعلمين، فكذا هنا لما وجدوا الخاتم متناولا للحلقة والفص كالعام فإنه متناول لأفراد جعلوه نطيرا له.

وقال الشافعي رحمه الله: يجوز متصلا ومتراخيا، وهذا الخلاف بناء علي دليل الخصوص بيان تغيير أم لا؟ وهذا الخلاف أيضا مبني علي أن العام قبل الخصوص هل يوجب الحكم قطعا أم لا؟

(ولو احتمل الخصوص متراخيا لما أوجب الحكم قطعا) إذ بالخصوص يتبين أن المخصوص لم يدخل تحت العام من الابتداء، فيلزم أن يلزمنا اعتقاد

ص: 1430

أنه موجبٌ قطعاً في جميع أفراده وغير موجب في الجميع وهذا تناقض، فلا يجوز القول بالتراخي.

وقال الإمام شمس الأئمة رحمه الله:إن الخصم يوافقنا في القول بالعموم، وقد أوضحنا ذلك بالدليل، ثم من ضرورة القول بالعموم لزوم اعتقاد العموم فيه، والقول بجواز تأخير دليل الخصوص يؤدي إلي أن يقال يلزمنا اعتقاد الشيء علي خلاف ما هو عليه، وهذا في غاية الفساد.

(بل ما كان بيانا محضا صح القول فيه بالتراخي)، وهو بيان المجمل والمشترك، وما كان بيان التغيير لا يصح فيه التراخي، وما كان بيان التقرير صح القول فيه بالتراخي. هذه الوجوه كلها بالإجماع، فإختلفنا في دليل الخصوص وجعلناه من قبيل بيان التغيير فإشترطنا الوصل، والشافعي جعله من قبيل بيان التقرير؛ لأن بعد التخصيص بقاء موجب العام كما كان قبل التخصيص عنده فلم يتغير حكم العام بالتخصيص من القطع غلي الاحتمال فصح القول بالتراخي.

ص: 1431

وليس هذا باختلاف في حكم البيان، أي اختلافنا مع الشافعي في جواز تأخير تخصيص العام وعدم جوازه ليس بسبب اختلاف بيننا وبينه في حكم البيان، بل الاجماع منعقد بيننا وبينه في أن البيان الحقيقي وهو بيان المجمل والمشترك يجوز فيه التراخي.

وأما تخصيص العام فهو عندنا من قبيل بيان التغيير، فلذلك لا يجوز تأخيره، وعنده من قبيل بيان التقرير فيجوز.

(وما ليس ببيان خالص لكنه تغيير أو تبديل لم يحتمل القول بالتراخي) أراد بالتغيير الاستثناء، وبالتبديل الشرط، وهذه التسمية هنا وقعت علي موافقة تسمية الإمام شمس الأئمة السرخسي رحمه الله.

وأما عند المصنف رحمه الله فالشرط والاستثناء كلاهما من قبيل بيان التغيير دون التبديل، فإن بيان التبديل عنده النسخ والتراخي فيه لازم، فلم يصح قوله:" لم يحتمل القول بالتراخي" في حق النسخ.

(ألا تري أنه يبقي علي أصله في الايجاب) يعني أن العام بأصله يحتمل

ص: 1432

التخصيص، فورود الخصوص يقرر ما احتمله العام قبل التخصيص فبقي العام بعد التخصيص علي ما كان قبل التخصيص، فكان هذا علامة كون البيان للتقرير فلم يكن هذا في الحقيقة باختلاف في البيان المحض؛ لأن في البيان المحض وهو بيان المجمل والمشترك جواز البيان بالتراخي.

(وهذا عندنا يقيد المطلق وزيادة علي النص فكان نسخا)، والنسخ لا يجوز إلا متراخيا. بيان ان قوله {بَقَرَةً} في قوله {أَنْ تَذْبَحُوا بَقَرَة ً} نكرة مطلقة في موضع الإثبات، وعندنا أن النكرة المفردة في موضع الإثبات خاص فلا يحتمل القول بالتخصيص لكن يحتمل بالتقييد؛ لأن الفرد يحتمل الصفة وهي تقييد له، فلذلك قيد بما ذكر الله تعالى في قوله {إِنَّهَا بَقَرَةٌ لا ذَلُولٌ تُثِيرُ الأَرْضَ وَلا تَسْقِي الْحَرْثَ مُسَلَّمَةٌ لا شِيَةَ فِيهَا} وهذا زيادة علي مطلق البقرة والتقييد نسخ عندنا، وعند الشافعي المطلق عام وهو يبني الأمر في هذا علي مذهبه وهو أن المطلق عام عنده، فلا يلزمنا ما أورده هنا

ص: 1433

والدليل على أن ذلك كان بطريق النسخ ما ذكره ابن عباس رضي الله عنهما بقوله: لو أنهم عمدوا إلي أي بقرة كانت فذبحوها لاجزأت عنهم، ولكنهم شددوا فشدد الله عليهم فدل أن الأمر الأول قد كان تخفيف، وأنه قد إنتسخ ذلك بأمر فيه تشديد عليهم. فعلم بهذا أن الزيادة علي المطلق كانت بمنزلة النسخ.

(إلا أن نوح عليه السلام قال) إلي آخره جواب لإشكال مقدر وهو أن يقال: لو لم يكن الأهل متناولا للإبن لما قال نوح عليه السلام {إِنَّ ابْنِي مِنْ أَهْلِي} ؟

ص: 1434

قلنا: إنما قال ذلك بناء علي العلم البشري وحسن ظنه به أنه لما رأي الطوفان عسي أن يكون نادما علي فعله ويؤمن بالله عند ذلك.

(ولكنهم كانوا متعنتين فزاد في البيان إعراضا عن تعنتهم) يعني أن القوم كانوا متعنتينيجادلون بالباطل بعد ما تبين لهم، فحين عارضوا بعيسي عليه السلام والملائكة علم رسول الله عليه السلامتعنتهم في ذلك، وأنهم يعلمون أن الكلام غير متناول لمن عارضوا به، وقد كانوا أهل اللسان، فأعرض عن جوابهم امتثالا لقوله تعالى {وَإِذَا سَمِعُوا اللَّغْوَ أَعْرَضُوا عَنْهُ} ثم بين الله تعالى تعنتهم فيما عارضوا به بقوله:{إِنَّ الَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُمْ مِنَّا الْحُسْنَى أُوْلَئِكَ عَنْهَا مُبْعَدُونَ} ومثل هذا يكون ابتلاء كلام، وإن لم يكن محتاجا إليه في حق من لا يتعنت، كما في قوله {فَإِنَّ اللَّهَ يَاتِي

ص: 1435

بِالشَّمْسِ} وكلامنا فيما يكون محتاجا إليه في البيان، فتوقف به علي ما هو المراد.

(أما في هذه الآية - وهي قوله: {إِنَّ أَهْلَهَا كَانُوا ظَالِمِينَ} فظلمهم كان علة إهلاكهم، ولوط وأهله سوي امرأتهليسوا بظالمين، فلم يكن قوله: {إِنَّا مُهْلِكُوا أَهْلِ هَذِهِ الْقَرْيَةِ} متناولا لهم، فكان ذلك استثناء لهم من حيث المعني، فصار كأنه قال: إن مهلكوا أهل هذه القرية إلا لوطا وأهله سوي امرأته، وهو معني قوله: (وذلك استثناء واضح) أي معني.

وقوله: (غير أن إبراهيم) جواب سؤال يرد علي قوله؛ " لان البيان كان متصلا به" بأن يقال لو كان البيان متصلا به لما اعترض عليه إبراهيم عليه السلام بقوله: {إِنَّ فِيهَا لُوطًا} ، وصرح بذلك السؤال والجواب الإمام شمس

ص: 1436

الأئمة رحمه الله فقال: فإن قيل: فما معني سؤال إبراهيم عليه السلامالرسل بقوله: {إِنَّ فِيهَا لُوطًا} ؟

قلنا: فيها معنيان:

أحدهما: ان العذاب النازل قد يخص الظالمينكما كان في قصة أصحاب السبت، وقد يصيب الكل فيكون عذابا في حق الظالمين ابتلاء في المطيعينكما قال تعالى {وَاتَّقُوا فِتْنَةً لا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً} فأراد الخليل عليه السلام أن يبين له أن عذاب أهل تلك القرية من أي الطريقين.

والثاني: أنه علم يقينا أن لوط عليه السلام ليس من المهلكين معهم، ولكنه خصه في سؤاله ليزداد طمأنينة وليكون فيه زيادة تخصيص للوط، وهو نظير قوله تعالى:{رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِ الْمَوْتَى}

وقد كان عالما متيقنا بإحياء الموتي، ولكن سأله لينضم العيان إلي ما كان له من علم اليقين، فيزداد

ص: 1437

به طمأنينة قلبه.

وقوله: (ذلك) إشارة إلي قوله " أراد الإكرام للوط عليه السلام".

(وهذا عندنا من قبيل بيان المجمل) ـ، وذلك لان النبي عليه السلام قسم سهم ذوي القربيواعطي بني هاشم وبني عبد المطلب، فقال جبير بن مطعم وعثمان بن عفان رضي الله عنهما يا رسول الله لا ننكر فضل بني هاشم لمكانك الذي وضعك الله فيهم، فما بالنا حرمتنا وأعطيت بني عبد المطلب ونحن وهم في النسبة إليك سواء؟ فقال عليه السلام:" إنهم لم يفارقوني في الجاهلية والإسلام وهم بني هاشم كشيء واحد. وشبك بين أصابعه"

ص: 1438

وهذا من رسول الله عليه السلام بيان ان المراد بالقربي (قربي النصر لا قرب النسب) ولا قربي يحتملهما، فكان الحديث بيانا للمجمل لا تخصيصا، وبيان المجمل يجوز فيه التراخي.

وذكر أصل هذا الحديث في الباب الأول من سير "المبسوط "فقال:

إن أصل النسب وهو عبد مناف كان له أربعة بنين: هاشم والمطلب ونوفل وعبد شمس، ورسول الله عليه السلام كان من أولاد هاشم بن عبد مناف، وكان بنو هاشم أولاد جده وجبير بن مطعم كان من بني نوفل، وعثمان بن عفان رضي الله عنه كان من بني عبد شمس، وولد جد الإنسان أقرب إليه من ولد أخي جده، وهذا معني قولهما:"لا ننكر فضل بني هاشم".

فأما بنو نوفل وبنو عبد شمس كانو مع بني عبد المطلب في القرابة أسوة.

وقيل: بنو نوفل وبنو عبد شمس فكانو أقرب إليه من بني عبد المطلب؛ لأن نوفل وعبد شمس كانا أخويهاشم لأب وأم، والمطلب كان أخا هاشم لأبيه لا لأمه، ووالاخ لأب وأم أقرب إلي المرء من أخ لأب، ثم أعطي رسول الله عليه السلام بني عبد المطلب ولم يعط بني نوفل وبني عبد شمس، فأشكل ذلك عليهما، فلهذا سألاه، فأزال رسول الله عليه السلام إشكالهما ببيان علة

ص: 1439

الاستحقاق أنها النصرة لا القرابة، ولم يرد به نصرة القتال، فقد كانت هي موجودة في عثمان وجبير بن مطعم رضي الله عنهما وإنما أراد نصرة الإجتماع للنبي عليه السلام للمؤانسة في حال ما هجره الناس إلي آخره.

(وإجماله أن القربي يتناول غير النسب) من القرب بالنصرة ومن القرب بالموافقة ومن القرب بإعطاء المال (ويتناول وجوبها من النسب مختلفة) وهي القرابة القريبة والقرابة البعيدة والقرابة المتوسطة.

ص: 1440