المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌455 - (11) باب: الحث على طلب ليلة القدر وبيان محلها وأرجى أوقات طلبها - الكوكب الوهاج شرح صحيح مسلم بن الحجاج - جـ ١٣

[محمد الأمين الهرري]

فهرس الكتاب

- ‌445 - (1) باب: جواز الصوم والفطر في السفر ووجوب الفطر على من أجهده الصوم

- ‌446 - (2) باب: أجر المفطر في السفر إذا تولى العمل وكون الفطر عزمة عند لقاء العدو والتخيير بين الصوم والفطر واستحباب الفطر للحاج يوم عرفة

- ‌447 - (3) باب: حكم صوم يوم عاشوراء وفضله وأي يوم يصام فيه وما المطلوب لمن كل أوله

- ‌448 - (4) باب: النهي عن صيام العيدين وأيام التشريق وتخصيص يوم الجمعة بصيام وليلتها بقيام

- ‌449 - (5) باب: نسخ الفدية وقضاء رمضان في شعبان وقضائه عن الميت

- ‌450 - (6) باب: ما يقول الصائم إذا دعي إلى طعام والنهي عن الرفث والجهل في الصيام وبيان فضله

- ‌451 - (7) باب: فضل الصيام في سبيل الله وجواز صوم النفل بنية قبل الزوال وجواز الفطر منه، وبيان حكم صوم من أكل أو شرب ناسيًا

- ‌452 - (8) باب: كيف كان صوم رسول الله صلى الله عليه وسلم في التطوع وكراهية سرد الصوم وبيان أفضل الصوم

- ‌453 - (9) باب: فضل صيام ثلاثة أيام من كل شهر وفضل صوم يوم عرفة وعاشوراء والاثنين والخميس

- ‌454 - (10) باب: صوم سرر شعبان وفضل صوم المحرم وستة أيام من شوال

- ‌455 - (11) باب: الحث على طلب ليلة القدر وبيان محلها وأرجى أوقات طلبها

- ‌أبواب الاعتكاف

- ‌456 - (12) باب: الاعتكاف في العشر الأواخر من رمضان

- ‌457 - (13) باب: للمعتكف أن يختص بموضع في المسجد فيضرب فيه خيمة ومتى يدخلها، واعتكاف النساء في المسجد

- ‌458 - (14) باب: الجد والاجتهاد في العشر الأواخر من رمضان وصوم عشر ذي الحجة

- ‌كتاب الحج والعمرة

- ‌459 - (15) باب: ما يجتنبه المحرم من اللباس والطيب

- ‌460 - (16) باب: المواقيت في الحج والعمرة

- ‌461 - (17) باب: التلبية وصفتها ووقتها ونهي المشركين عما يزيدون فيها

- ‌462 - (18) باب: بيان المحل الذي أهل منه رسول الله صلى الله عليه وسلم والإهلال من حيث تنبعث به الراحلة والصلاة في مسجد ذي الحليفة

- ‌463 - (19) باب: استحباب الطيب للمحرم لحرمه ولحله وأنه لا بأس ببقاء وبيصه وطوافه على نسائه

- ‌464 - (20) باب: تحريم الصيد المأكول البري أو ما أصله ذلك على المحرم بحج أو عمرة أو بهما

- ‌465 - (21) باب: ما يندب للمحرم وغيره قتله من الدواب في الحل والحرم

- ‌466 - (22) باب: جواز حلق المحرم رأسه إذا كان به أذى، ووجوب الفدية عليه وبيان قدرها

- ‌467 - (23) باب: جواز مداواة المحرم بالحجامة وغيرها مما ليس فيه طيب وجواز غسل بدنه ورأسه

- ‌468 - (24) باب: ما يفعل بالمحرم إذا مات؟ وهل يجوز للمحرم اشتراط التحلل في إحرامه بعذر

- ‌469 - (25) باب: صحة إحرام النفساء والحائض واستحباب اغتسالهما له وأنهما يفعلان ما يفعل الحاج من المناسك إلا الطواف

- ‌470 - (26) باب: بيان أوجه الإحرام، وجواز إدخال الحج على العمرة، ومتى يحلّ القارن من نسكه

- ‌471 - (27) باب: يجزئ القارن طواف واحد وسعي واحد

الفصل: ‌455 - (11) باب: الحث على طلب ليلة القدر وبيان محلها وأرجى أوقات طلبها

‌455 - (11) باب: الحث على طلب ليلة القدر وبيان محلها وأرجى أوقات طلبها

2643 -

(136 1)(56) وحدثنا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى. قَال: قَرَاتُ عَلَى مَالِكٍ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ رضي الله تعالى عنهما؛ أَنَّ رِجَالًا مِنْ اصْحَابِ النَّبِي صلى الله عليه وسلم أرُوا

ــ

455 -

(11) باب الحث على طلب ليلة القدر وبيان محلها وأرجى أوقات طلبها

بفتح القاف وسكون الدال سميت بذلك لعظم قدرها أي ذات القدر العظيم لنزول القرآن فيها ووصفها بأنها خير من ألف شهر أو لما يحصل لمحييها بالعبادة من القدر الجسيم أو لأن الأشياء من الكائنات تقدر فيها وتقضى لقوله تعالى فيها يفرق كل أمر حكيم بمعنى يظهر تقديرها للملائكة بأن يكتب لهم ما قدره في تلك السنة ويعرفهم إياه وليس المراد منه أنه يحدثه في تلك الليلة لأن الله تعالى قدر المقادير قبل أن يخلق السماوات والأرض في الأزل فالقدر بمعنى التقدير وهو جعل الشيء على مقدار مخصوص ووجه مخصوص حسبما اقتضت الحكمة البالغة، قيل للحسين بن الفضل: أليس قد قدر الله المقادير قبل أن يخلق السماوات والأرض؟ قال: نعم قيل له: فما معنى ليلة القدر؟ قال: سوق المقادير إلى المواقيت، وتنفيذ القضاء المقدر. وعن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما قال: "إن الله سبحانه وتعالى قدر في ليلة القدر ويكتب كل ما يكون في تلك السنة من مطر ورزق وإحياء وإماتة وغيرها إلى مثل هذه الليلة من السنة المقبلة فيسلمه إلى مدبرات الأمور من الملائكة فيسلم نسخة الأرزاق والنباتات والأمطار إلى ميكائيل، ونسخة الحروب والرياح والزلازل والصواعق والخسف إلى جبريل، ونسخة الأعمال إلى إسرافيل، ونسخة المصائب إلى ملك الموت اهـ من حدائق الروح والريحان، وقد بسطنا الكلام فيه فراجعه.

2643 -

(1136)(56)(وحدثنا يحيى بن يحيى) التميمي (قال قرأت على مالك) بن أنس المدني (عن نافع عن ابن عمر رضي الله تعالى عنهما) وهذا السند من رباعياته (أن رجالًا) لم أر من ذكر أسماءَهم (من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم أُروا) بضم الهمزة ماض مجهول مسند إلى الجماعة من الإراءة بمعنى الإخبار أي أخبروا

ص: 195

لَيلَةَ الْقَدْرِ فِي الْمَنَامِ. فِي السَّبْعِ الأوَاخِرِ. فَقَال رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "أَرَى رُؤْياكُمْ قَدْ توَاطَأتْ فِي السبْعِ الأوَاخِرِ. فَمَنْ كَانَ مُتَحَرِّيَهَا، فَلْيَتَحَرَهَا فِي السبْعِ الأَوَاخِرِ"

ــ

(ليلة القدر في المنام) أنها ليلة كذا وكذا أي أخبروا في المنام بأنها (في) ليال (السبع الأواخر) ولا يستلزم هذا رؤيتهم إياها، وظاهر الحديث أن رؤياهم كانت قبل دخول السبع الأواخر لقوله:"فليتحرها في السبع الأواخر" والظاهر أن المراد به أواخر الشهر، وقيل المراد به السبع التي أولها ليلة الثاني والعشرين وآخرها ليلة الثامن والعشرين فإن الحادية والعشرين آخر السبع الثالث من الشهر، وأول السبع الرابع إنما هو الثانية والعشرون لأن الشهر أربعة أسابيع ويومان، ولكن سياق حديث عقبة بن حريث عن ابن عمر عند المؤلف في الباب بلفظ "التمسوها في العشر الأواخر، فإن ضعف أحدكم أو عجز فلا يغلبن علي السبع البواقي" يرجح الاحتمال الأول من تفسير السبع الأواخر والله أعلم اهـ فتح الملهم، ثم يحتمل أنهم رأوا ليلة القدر وعظمتها وأنوارها ونزول الملائكة فيها وأن ذلك كان في ليلة من السبع الأواخر، ويحتمل أن قائلًا قال لهم: هي في كذا، وعين ليلة من السبع الأواخر ونسيت، أو قال: إن ليلة القدر في السبع، فهي ثلاث احتمالات اهـ قسط، وقوله (في السبع الأواخر) جمع آخرة بكسر الخاء قال في المصابيح: ولا يجوز في السبع الأخر بضم الهمزة لأنه جصع لأخرى وهي لا دلالة لها على المقصود وهو التأخير في الوجود، وإنما تقتضي المغايرة تقول: مررت بامرأة حسنة، وامرأة أخرى مغايرة لها، ويصح هذا التركيب سواء كان المرور بهذه المرأة المغايرة سابقًا أو لاحقًا وهذا عكس العشر الأول فإنه يصح لأنه جمع أولى ولا يصح الأوائل لأنه جمع أول الذي هو للمذكر، وواحد العشر ليلة وأي مؤنثة فلا توصف بمذكر اهـ قسط (فقال) لهم (رسول الله صلى الله عليه وسلم أرى) بفتح الهمزة والراء أي أعلم ومفعوله الأول قوله (رؤياكم) بالإفراد والمراد الجمع أي رؤاكم لأنها لم تكن رؤيا واحدة فهو مما عاقب الإفراد فيه الجمع لأمن اللبس اهـ قسط، والثاني قوله (قد تواطأت) بالهمز هو كتوافقت وزنًا ومعنى أي توافقت (في) رؤيتها في ليالي (السبع الأواخر فمن كان متحريها) أي طالبها وقاصدها بالجد والاجتهاد (فليتحرها) أي فليطلبها (في) ليالي (السبع الأواخر) من رمضان من غير تعيين وهي التي تلي آخره أو السبع بعد

ص: 196

2644 -

(00)(00) وحدّثنا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى. قَال: قَرَأتُ عَلَى مَالِكٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ دِينَارٍ، عَنِ ابْنِ عمَرَ رضي الله تعالى عنهما، عَنِ النَّبِي صلى الله عليه وسلم، قَال:"تَحَرَّوا لَيلَةَ الْقَدْرِ فِي السبْعِ الأَوَاخِرِ".

2645 -

(00)(00) وحدثني عَمْرٌو النَّاقِدُ وَزُهَيرُ بْنُ حَرْبٍ. قَال زُهَير: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَينَةَ، عَنِ الزهْرِيِّ، عَنْ سَالِمٍ، عَنْ أَبِيهِ رضي الله عنه

ــ

العشرين، والحمل على هذا أولى لتناوله إحدى وعشرين وثلاثًا وعشرين بخلاف الحمل على الأول فإنهما لا يدخلان ولا تدخل ليلة التاسع والعشرين على الثاني وتدخل على الأول اهـ قسط، وفي هذا الحديث دلالة على عظم قدر الرؤيا وجواز الإستناد لها في الاستدلال على الأصول الوجودية بشرط أن لا يخالف القواعد الشرعية، ويستفاد من الحديث أن توافق جماعة على رؤيا واحدة دال على صدقها وصحتها كما تستفاد قوة الخبر من التوارد على الأخبار عن جماعة، وقوله (فليتحرها) وفي بعض الروايات فالتمسوها، والفرق بينهما أن كلًّا منهما طلب وقصد ولكن معنى التحري أبلغ لاشتماله على الطلب بالجد والاجتهاد اهـ فتح. وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث أحمد [2/ 17]، والبخاري [1158].

ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة في حديث ابن عمر رضي الله عنهما فقال:

2644 -

(00)(00)(وحدثنا يحيى بن يحيى) التميمي (قال قرأت على مالك عن عبد الله بن دينار) العدوي مولاهم أبي عبد الرحمن المدني، ثقة، من (4) (عن ابن عمر رضي الله تعالى عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: تحروا) أي اطلبوا اليلة القدر في السبع الأواخر) وهذا السند من رباعياته، غرضه بيان متابعة عبد الله بن دينار لنافع.

ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة ثانيًا في حديث ابن عمر رضي الله تعالى عنهما فقال:

2645 -

(00)(00)(وحدثني عمرو) بن محمد بن بكير (الناقد) البغدادي (وزهير بن حرب) بن شداد النسائي (قال زهير حدثنا سفيان بن عيينة عن الزهري عن سالم) بن عبد الله بن عمر (عن أبيه) عبد الله بن عمر رضي الله عنه وهذا السند من

ص: 197

قَال: رَأَى رَجُلٌ أَن لَيلَةَ الْقَدْرِ لَيلَةُ سَبْعٍ وَعِشْرِينَ. فَقَال النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم: "أَرَى رُؤْياكمْ فِي الْعَشْرِ الأَوَاخِرِ. فَاطْلُبُوهَا فِي الْوتْرِ مِنْهَا".

2646 -

(00)(500) وحدثني حَرْمَلَةُ بْنُ يَحْيَى. أخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ. أَخْبَرَنِي يُونُسُ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ. أخْبَرَنِي سَالِمُ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ؛ أن أبَاهُ رضي الله عنه

ــ

خماسياته، غرضه بيان متابعة سالم لنافع في الرواية عن عبد الله بن عمر (قال) عبد الله (رأى رجل) لم أر من ذكر اسمه أي أخبر رجل في المنام (أن ليلة القدر ليلة سبع وعشرين) ورأى آخرون أنها في غيرها (فقال) لهم (النبي صلى الله عليه وسلم أوى رؤياكم) توافقت على أنها (في العشر الأواخر فاطلبوها) أي فاطلبوا ليلة القدر (في الوتر منها) أي من العشر الأواخر أي في أوتار الليالي من العشر الأواخر كالليلة الحادية والعشرين، والثالثة والعشرين، وغيرهما لا في أشفاعها، وواو الوتر فيها الفتح والكسر، وقرئ بهما في قوله تعالى {وَالشَّفْعِ وَالْوَتْرِ (3)} [الفجر: 3] كما في أنوار التنزيل، وقوله (فاطلبوها) هو أمر على جهة الإرشاد إلى وقتها وترغيب في اغتنامها فإنها ليلة عظيمة تغفر فيها الذنوب ويطلع الله تعالى فيها من شاء من ملائكته على ما شاء من مقادير خليقته على ما سبق به علمه ولذلك عظمها سبحانه وتعالى بقوله وما أدراك ما ليلة القدر إلى آخر السورة، وقوله (ليلة سبع وعشرين) إلخ ولعل غيره رأى أنها غيرها من العشر الأواخر لكن لم يذكر هنا بقرينة قوله صلى الله عليه وسلم في الجواب:"أرى رؤياكم في العشر الأواخر، فاطلبوها في الوتر منها" وسياق التصريح اختلاف مرائيهم في الروايات الآتية، وقد ورد في رواية أحمد في حديث الباب: رأى رجل أن ليلة القدر ليلة سبع وعشرين أو كذا وكذا، فقال النبي صلى الله عليه وسلم .. الحديث، وهذا يدل على كونه شاكا في تعيين سبع وعشرين أو وقوع الترديد في نفس الرؤيا والله أعلم اهـ فتح الملهم.

ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة ثالثًا في حديث ابن عمر رضي الله عنهما فقال:

2646 -

(00)(00)(وحدثني حرملة بن يحيى) التجيبي المصري (أخبرنا) عبد الله (بن وهب) المصري (أخبرني يونس) بن يزيد الأموي الأيلي (عن) محمد بن مسلم (بن شهاب) الزهري المدني (أخبرني سالم بن عبد الله بن عمر أن أباه) عبد الله بن عمر رضي الله عنه وهذا السند من سداسياته، غرضه بيان متابعة يونس لابن عيينة في

ص: 198

قَال: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ لِلَيلَةِ الْقَدْرِ: "إِن نَاسًا مِنْكُمْ قَدْ أُرُوا أَنَّهَا فِي السبع الأُوَلِ. وَأُرِيَ نَاسٌ مِنْكُمْ أَنهَا فِي السبع الْغَوَابِرِ. فَالتَمِسُوهَا فِي الْعَشْرِ الْغَوابِرِ".

2647 -

(00)(00) وحدثنا مُحَمدُ بْنُ الْمُثَنَّى. حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ. حَدَّثَنَا

ــ

رواية هذا الحديث عن الزهري (قال) ابن عمر (سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول لليلة القدر) أي في شأن ليلة القدر (إن ناسًا منكم) أيها الأصحاب (قد أُروا) بضم الهمزة كما مر أي قد أُخبروا في منامهم (أنها في السبع الأول) بضم الهمز جمع الأول، والجمع باعتبار الليالي أي قد أروا أنها في السبع الأولى من العشرة الأخيرة من رمضان أي في الحادية والعشرين إلى السابعة والعشرين (وأُري ناس) آخرون (منكم أنها في السبع الغوابر) أي في السبع الأخيرة من العشرة الأخيرة من رمضان يعني من الرابع والعشرين إلى الثلاثين؛ أي في السبع البواقي من العشرة الأخيرة، جمع غابر وهو بمعنى الباقي هنا، والمراد بالسبع الغوابر السبع التي تلي آخر الشهر أو التي تلي العشرين بعده يعني من الحادي والعشرين إلى السابع والعشرين، قال الطيبي: وهذا أمثل اهـ مبارق (فالتمسوها في العشر الغوابر) يعني البواقي وهي الأواخر، وفي صحيح البخاري من طريق عقيل عن ابن شهاب أن أناسًا أروا ليلة القدر في السبع الأواخر وأن أناسًا أروها في العشر الأواخر فقال النبي صلى الله عليه وسلم:"التمسوها في السبع الأواخر" قال الحافظ: فلما رأى قوم أنها في العشر، وقوم أنها في السبع كانوا كأنهم توافقوا على السبع فأمرهم بالتماسها في السبع لتوافق الطائفتين عليها ولأنه أيسر عليهم اهـ.

[قلت] ولما كان وقوعها في إحدى الليالي العشر أو في السبع الأول مطلقًا لا يستلزم وقوعها في السبع الأواخر، حرضهم على التماسها في العشر الغوابر في حديث الباب فإنها لا تخلو عنها لا محالة على رؤية أحد ممن رآها ثم قال في رواية عقبة بن حريث:"فإن ضعف أحدكم أو عجز فلا يغلبن علي السبع البواقي" فهذه درجة متنَزلة من الالتماس في العشر والله أعلم اهـ فتح الملهم.

ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة رابعًا فقال:

2647 -

(00)(00) (وحدثنا محمد بن المثنى حدثنا محمد بن جعفر حدثنا

ص: 199

شُعْبَةُ، عَنْ عُقْبَةَ (وَهُوَ ابْنُ حُرَيثٍ) قَال: سَمِعْتُ ابْنَ عُمَرَ رضي الله عنهما يَقُولُ: قَال رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَفَمَ: "الْتَمِسُوهَا فِي الْعَشْرِ الأَوَاخِرِ (يَعْنِي لَيلَةَ الْقَدْرِ) فَإِنْ ضَعُفَ أَحَدُكُمْ أَوْ عَجَزَ، فَلَا يغلَبَن عَلَى السبع الْبَوَاقِي".

2648 -

(00)(00) وحدثنا مُحَمدُ بْنُ الْمُثَنَّى. حَدَّثَنَا مُحَمدُ بْنُ جَعْفَرٍ. حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ جَبَلَةَ. قَال: سَمِعْتُ ابْنَ عُمَرَ رضي الله عنهما يُحَدِّثُ، عَنِ النَّبِي صلى الله عليه وسلم؛ أَنّهُ قَال:"مَنْ كَانَ مُلْتَمِسَهَا فَلْيَلْتَمِسْهَا فِي الْعَشْرِ الأَوَاخِرِ"

ــ

شعبة عن عقبة وهو ابن حريث) التغلبي بمثناة الكوفي، ثقة، من (4)(قال سمعت ابن عمر رضي الله عنهما يقول) غرضه بيان متابعة عقبة لنافع وسالم (قال رسول الله صلى الله عليه وسلم التمسوها في العشر الأواخر) من رمضان (يعني) النبي صلى الله عليه وسلم بضمير التمسوها (ليلة القدر) أي التمسوا ليلة القدر واطلبوها وهو تفسير للضمير مدرج من الراوي، وكلمة العناية غير موجودة فيما رواه البخاري عن ابن عباس، فقال شارحوه: الضمير المنصوب مبهم يفسره قوله ليلة القدر فليلة القدر عندهم من متن الحديث وكذلك هو في مشكاة المصابيح (فإن ضعف أحدكم) عن طلبها في العشر كله (أو) قال النبي صلى الله عليه وسلم فإن (عجز) أحدكم عن طلبها في جميع العشر والشك من الراوي عن ابن عمر (فلا يغلبن) بالبناء للمجهول أي لا يمنعن أحدكم ولا يعارضن (على) طلبها في (السبع البواقي) أي في السبع الأواخر، وفي بعض النسخ (عن السبع) بدل على، وكلاهما صحيح اهـ نواوي.

ثم ذكر المؤلف المتابعة خامسا في حديث عبد الله بن عمر رضي الله تعالى عنهما فقال:

2648 -

(00)(00)(وحدثنا محمد بن المثنى حدثنا محمد بن جعفر حدثنا شعبة عن جبلة) -بفتحات- بن سحيم -مصغرًا- التيمي أبي سويرة -بضم السين- الكوفي، ثقة، من (3) روى عنه في (5) أبواب (قال سمعت ابن عمر رضي الله عنهما يحدّث عن النبي صلى الله عليه وسلم غرضه بسوق هذا السند بيان متابعة جبلة بن سحيم لمن روى عن ابن عمر (أنه) صلى الله عليه وسلم (قال من كان ملتمسها) أي ملتمس ليلة القدر وطالبها أي من كان مريدا التماسها وطلبها (فليلتمسها) أي فليطلبها (في العشر الأواخر) من رمضان.

ص: 200

2649 -

(00)(00) وحدثنا أبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيبَةَ. حَدَّثَنَا عَلِي بْنُ مُسْهِرٍ، عَنِ الشَّيبَانِيِّ، عَنْ جَبَلَةَ وَمُحَارِبٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما. قَال: قَال رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "تَحَيَّنُوا لَيلَةَ الْقَدْرِ فِي الْعَشْرِ الأَوَاخِرِ" أَوْ قَال: "فِي التِّسْعِ الأَوَاخِرِ".

2650 -

(1137)(57) حدثنا أَبُو الطَّاهِرِ وَحَرْمَلَةُ بْنُ يَحْيَى. قَالا: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ. أَخْبَرَنِي يُونُسُ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرحْمَنِ، عَنْ أَبِي هُرَيرَةَ رضي الله عنه؛

ــ

ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة سادسا في حديث ابن عمر رضي الله عنهما فقال:

2649 -

(00)(00) و (حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة حدثنا علي بن مسهر) القرشي أبو الحسن الكوفي، ثقة، من (8) روى عنه في (14) بابا (عن) أبي إسحاق (الشيباني) سليمان بن أبي سليمان فيروز الكوفي، ثقة، من (5) روى عنه في (14) بابا (عن جبلة) بن سحيم الكوفي، ثقة، من (3)(ومحارب) بن دثار السدوسي أبي مطرف الكوفي، ثقة، من (4) روى عنه في (5) أبواب (عن ابن عمر رضي الله عنهما غرضه بسوق هذ السند بيان متابعة الشيباني لشعبة في رواية هذا الحديث عن جبلة بن سحيم لكن زاد الشيباني روايته عن محارب (قال) ابن عمر (قال رسول الله صلى الله عليه وسلم تحينوا ليلة القدر) أي قدروا حينها ووقتها وزمانها أي قدروا كونه منحصرا (في العشر الأواخر) من رمضان لا يخرج منها واطلبوها فيها (أو قال) النبي صلى الله عليه وسلم (في التسع الأواخر) من رمضان لا يخرج وقتها عنها، والشك من الراوي.

ثم استشهد المؤلف رحمه الله تعالى لحديث ابن عمر بحديث أبي هريرة رضي الله عنهم فقال:

2650 -

(1137)(57)(حدثنا أبو الطاهر) أحمد بن عمرو بن سرح الأموي المصري (وحرملة بن يحيى) التجيبي المصري (قالا أخبرنا ابن وهب أخبرني يونس) بن يزيد الأيلي (عن ابن شهاب عن أبي سلمة بن عبد الرحمن) بن عوف الزهري المدني (عن أبي هريرة رضي الله عنه وهذا السند من سداسياته رجاله ثلاثة منهم مدنيون واثنان

ص: 201

أن رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَال: "أُرِيتُ لَيلةَ الْقَدْرِ. ثُم أَيقَظَنِي بَعْضُ أَهْلِي. فَنُسِّيتُهَا. فَالْتَمِسُوهَا فِي الْعَشْرِ الْغَوَابِرِ". وَقَال حَرْمَلَةُ: "فَنَسِيتُهَا".

2651 -

(1138)(58) حدثنا قُتَيبَةُ بْنُ سَعِيدٍ. حَدَّثَنَا بَكْرٌ (وَهُوَ ابْنُ مُضَرَ) عَنِ ابْنِ الْهَادِ

ــ

مصريان وواحد أيلي (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: أُريت) بالبناء للمجهول ماض مسند لضمير المتكلم وهو المفعول الأول ناب عن الفاعل، والثاني قوله اليلة القدر) أي أراني ربي في المنام ليلة القدر بعينها وبعلاماتها (ثم أيقظني) أي نبهني من المنام (بعض أهلي) لم أر من ذكر ذلك البعض (فنسيتها) بضم النون وتشديد السين المكسورة؛ أي شُغلت بعارض من العوارض فرُفع عن قلبي معرفتها فنسيت تعيينها بسبب ذلك العارض (فالتمسوها) أي فاطلبوها (في العشر الغوابر) أي الأواخر من الشهر (وقال حرملة) بن يحيى في روايته (فنسيتها) بفتح النون وتخفيف السين، والمراد أنه نسي علم تعيينها في تلك السنة، وسيأتي الكلام على الاختلاف في سبب النسيان في أواخر الباب (فإن قلت) إذا جاز النسيان في هذه المسئلة جاز في غيرها فيفوت منه التبليغ إلى الأمة (قلت) نسيان الأحكام التي يجب عليه التبليغ لها لا يجوز ولو جاز ووقع لذكره الله كذا في عمدة القاري، وقال الحافظ: في الحديث أن النسيان جائز على النبي صلى الله عليه وسلم ولا نقص عليه في ذلك لا سيما فيما لم يؤذن له في تبليغه وقد يكون في ذلك مصلحة في التشريع كما في السهو في الصلاة أو بالاجتهاد في العبادة كما في هذه القصة لأن ليلة القدر لو عينت في ليلة بعينها حصل الاقتصار عليها ففاتت العبادة في غيرها، وكان هذا هو المراد بقوله (عسى أن يكون خيرًا لكم) كما ورد في حديث عبادة عند البخاري والله أعلم اهـ فتح. وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث النسائي أخرجه في الاعتكاف في الكبرى اهـ تحفة الأشراف.

ثم استشهد المؤلف رحمه الله تعالى ثانيًا لحديث ابن عمر بحديث أبي سعيد رضي الله عنهم فقال:

2651 -

(138 1)(58)(حدثنا قتيبة بن سعيد حدثنا بكر وهو ابن مضر) بن محمد بن حكيم مولى شرحبيل بن حسنة أبو محمد المصري، ثقة ثبت، من (8) روى عنه في (9) أبواب (عن) يزيد بن عبد الله بن أسامة (ابن الهاد) الليثي المدني، ثقة، من

ص: 202

عَنْ مُحَمدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، عَن أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرحْمنِ، عَنْ أَبِي سَعِيد الْخُدرِي رضي الله عنه. قَال: كَانَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يُجَاورُ فِي الْعَشْرِ التِي فِي وَسَطِ الشَّهْرِ. فَإذَا كَانَ مِنْ حِينِ تَمْضِي عِشْرُونَ لَيلَةً، ويسْتَقْبِلُ إِحْدَى وَعِشْرِينَ، يَرْجِعُ إِلَى مَسْكَنِهِ. وَرَجَعَ مَنْ كَانَ يُجَاورُ مَعَهُ. ثمَّ إِنهُ أَقَامَ فِي شَهْرٍ، جَاوَرَ فِيهِ تِلْكَ اللَّيلَةَ الَّتِي كَانَ يَرْجِعُ فِيهَا. فَخَطَبَ النَّاسَ. فَأمَرَهُمْ بِمَا شَاءَ اللهُ. ثمَّ قَال: "إِني كُنْتُ أُجَاورُ هَذِهِ الْعَشْرَ

ــ

(5)

(عن محمد بن إبراهيم) بن الحارث بن خالد التيمي أبي عبد الله المدني، ثقة، من (4) روى عنه في (9) أبواب (عن أبي سلمة بن عبد الرحمن عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه وهذا السند من سداسياته رجاله أربعة منهم مدنيون وواحد مصري وواحد بلخي (قال) أبو سعيد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يجاور) أي يعتكف في المسجد (في العشر التي في وسط الشهر فإذا كان) تامة (من) زائدة (حين) بالرفع الممنوع بحركة حرف جر زائد فاعل كان معرب لإضافته إلى معرب أي فإذا حصل زمن (تمضي) وتتم فيه (عشرون ليلة) من رمضان وهو وقت غروب شمس يومها (ويستقبل) في محل الجر معطوف على تمضي؛ أي وحين يستقبل فيه صلى الله عليه وسلم أي يبتدئ فيه (إحدى وعشرين) ليلة وهو مفعول يستقبل، يقال استقبلت الشيء إذا واجهته فهو مستقبل بالفتح (يرجع) جواب إذا، ولفظ البخاري رجع إلى مسكنه هو المناسب للسياق، والتقدير: فلما مضت ليلة العشرين واستقبل ليلة إحدى وعشرين رجع إلى مسكنه ورجع معه (فيها) أي في تلك الليلة المستقبلة وهي ليلة إحدى وعشرين (إلى مسكنه) وبيته (ورجع من كان يجاور) ويعتكف (معه) صلى الله عليه وسلم في العشر الأوسط إلى مساكنهم (ثم) بعدما تم له عشرون ليلة (إنه) صلى الله عليه وسلم (أتام) وجلس (في شهر جاور) واعتكف (فيه) العشر الأوسط أي أقام وجلس في معتكفه (تلك الليلة التي كان يرجع فيها) إلى مسكنه وهي الليلة الحادية والعشرون (فخطب الناس) في بداية تلك الليلة أي ذكرهم بالترغيب والترهيب (فأمرهم) في تلك الخطبة (بما شاء الله) سبحانه الأمر به من المعروف والاجتهاد بالعبادة في العشر الأخير (ثم) بعدما خطبهم وأمرهم (قال) موضحًا لهم سبب مخالفة عادته (إني كنت) في عادتي (أجاور) وأعتكف (هذه العشر) الأوسط بتأنيث هذه نظرًا إلى معنى العشر، ووصفناه بالأوسط نظرًا إلى لفظه لأن

ص: 203

ثُمَّ بَدَا لِي أَنْ أُجَاورَ هَذِهِ الْعَشْرَ الأوَاخِرَ. فَمَنْ كَانَ اعْتَكَفَ مَعِي فَلْيَبِتْ فِي فعْتَكَفِهِ. وَقَدْ رَأَيتُ هذِهِ اللَّيلَةَ فَأنْسِيتُهَا. فَالْتَمِسُوهَا فِي الْعَشْرِ الأوَاخِرِ. فِي كُلِّ وتْرٍ. وَقَدْ رَأَيتُنِي أَسْجُدُ فِي مَاءٍ وَطِينٍ". قَال أبُو سَعِيدٍ الْخُدْرِي: مُطِرْنَا لَيلَةَ إِحْدَى وَعِشْرِينَ. فَوَكَفَ الْمَسْجِدُ فِي مُصَلَّى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم. فَنَظَرتُ إِلَيهِ وَقَدِ انْصَرَفَ مِنْ صَلاةِ الصُّبْحِ. وَوَجْهُهُ مُبْتَلٌّ طِينًا وَمَاءً

ــ

لفظه مذكر (ثم) بعدما فرغت من اعتكاف هذه العشر الأوسط (بدا) أي ظهر (لي) بوحي أو اجتهاد (أن أجاور) وأعتكف معها (هذه العشر الأواخر فمن كان) قد (اعتكف معي) في العشر الأوسط (فليبت) هذه الليلة (في معتكفه) بفتح الكاف أي في مكان اعتكافه في العشر الأوسط فلا يخرج من المسجد، قال النواوي: هكذا هو في أكثر النسخ (فليبت) من المبيت، وفي رواية للبخاري (فليثبت) من الثبوت، وفي أخرى (فليلبث) من اللبث (وقد رأيت) في المنام (هذه الليلة) التي نطلبها أي رأيت تعيينها (فأُنسيتها) بضم الهمز من الإنساء من باب الإفعال، مبنيا للمجهول؛ أي فأنسيت تعيينها لسبب من الأسباب (فالتمسوها) أي فاطلبوها (في) ليالي (العشر الأواخر) من هذا الشهر والجار والمجرور في قوله (في كل وتر) من أوتار ليالي العشر الأواخر بدل من الجار والمجرور قبله بدل بعض من كل (و) إني (قد رأيتني) بضم التاء للمتكلم، اجتمع فيه ضميران للمتكلم أحدهما فاعل والآخر مفعول وهو من خصائص أفعال القلوب، والتقدير أي ومن علاماتها أني رأيت نفسي في المنام كأني (أسجد) سجود الصلاة (في ماء وطين) علامة جعلت لي أستدل بها عليها، زاد في رواية وما نرى في السماء قزعة (قال أبو سعيد الخدري) بالسند السابق فـ (مطرنا) تلك الليلة (ليلة إحدى وعشرين) من رمضان (فوكف المسجد) أي قطر سقفه ماء المطر لأنه كان من جريد النخل، من قولهم وكف الدمع إذا تقاطر، وكذا وكف البيت (في مصلى رسول الله صلى الله عليه وسلم أي في موضع صلاته (فنظرت إليه) صلى الله عليه وسلم (و) الحال أنه (قد انصرف) وفرغ (من صلاة الصبح ووجهه) أي والحال أن وجهه صلى الله عليه وسلم (مبتل طينًا وماءً) أي ملطخ بالطين ومصاب ببلل الماء، قال الحافظ: فيه من الفوائد ترك مسح جبهة المصلي والسجود على الحائل وحمله الجمهور على الأثر الخفيف، لكن يعكر عليه قوله في بعض طرقه ووجهه ممتلئ طينًا وماء، وأجاب النواوي: بان الامتلاء المذكور لا يستلزم ستر جميع الجبهة، قال الزين بن المنير: ويحتمل أن يكون ترك مسح الجبهة عامدًا لتصديق رؤياه. وشارك

ص: 204

2652 -

(00)(00) وحدثنا ابْن أَبِي عُمَرَ. حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ (يَعْنِي الدَّرَاوَرْدِيَّ) عَنْ يَزِيدَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرحمن، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رضي الله عنه؛ أَنَّهُ قَال: كَانَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يُجَاوز، فِي رَمَضَانَ، الْعَشْرَ التي فِي وَسَطِ الشَّهْرِ. وَسَاقَ الْحدِيثَ بِمِثْلِهِ. غيرَ أنَّه قَال:"فَلْيَثْبُتْ فِي مُعْتَكَفِهِ" وَقَال: وَجَبِينُهُ مُمْتَلِئًا طِينًا وَمَاءً

ــ

المؤلف في رواية هذا الحديث البخاري وأبو داود والنسائي اهـ تحفة الأشراف.

ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة في حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه فقال:

2652 -

(00)(00)(وحدثنا) محمد (بن أبي عمر) العدني المكي (حدثنا عبد العزيز) بن محمد (يعني الدراوردي) الجهني المدني (عن يزيد) بن عبد الله بن أسامة بن الهاد الليثي المدني (عن محمد بن إبراهيم) التيمي المدني (عن أبي سلمة بن عبد الرحمن) بن عوف الزهري المدني (عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه وهذا السند من سداسياته، غرضه بسوقه بيان متابعة عبد العزيز لبكر بن مضر في رواية هذا الحديث عن يزيد بن الهاد (أنه) أي أن أبا سعيد الخدري (قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يجاور) ويعتكف (في رمضان العشر التي وسط الشهر) مفعول يجاور، قال النواوي: هكذا هو في جميع النسخ، والمراد بالعشر الليالي وكان من حقها أن توصف بلفظ التأنيث لكن وُصفت بالمذكر على إرادة الوقت أو الزمان أو التقدير بالثلث كأنه قال الليالي العشر التي هي الثلث الأوسط من الشهر اهـ بتصرف (وساق) عبد العزيز (الحديث) السابق (بمثله) أي بمثل ما حدّث بكر بن مضر (غير أنه) أي لكن أن عبد العزيز (قال) في روايته (فليثبت) من الثبوت (في معتكفه) أي في موضع اعتكافه (وقال) عبد العزيز أيضًا (و) كان (جبينه) صلى الله عليه وسلم أي جانبا جبهته والمراد به هنا ما يقع من الوجه على الأرض حالة السجود، وقوله (ممتلئا) قال النواوي: كذا هو في معظم النسخ بالنصب، وفي بعضها (ممتلئ) بالرفع على الخبرية لقوله (وجبينه) ويقدر للمنصوب فعل محذوف أي وجبينه رأيته ممتلئًا (طينًا وماءً) تمييز محول عن الفاعل.

ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة ثانيًا في حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه فقال:

ص: 205

2653 -

(00)(500) وحدَّثني مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الأَعْلَى. حَدَّثَنَا الْمُعْتَمِرُ. حَدَّثَنَا عُمَارَةُ بْنُ غَزِيةَ الانْصَارِيُّ. قَال: سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بْنَ إِبْرَاهِيمَ يُحَدِّثُ، عَنْ أبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي سَعِيد الْخُدْرِي رضي الله عنه. قَال: إِنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم اعْتَكَفَ الْعَشْرَ الأَوَّلَ مِنْ رَمَضَانَ. ثُمَّ اعْتَكَفَ الْعَشْرَ الأَوْسَطَ. فِي قُبَّةٍ تُرْكيةٍ على سُدَّتِهَا حَصِيرٌ. قَال: فَأخَذَ الْحَصِيرَ بِيَدِهِ فَنَحَّاهَا فِي نَاحِيَةِ الْقُبَّةِ. ثمَّ أطْلَعَ رَأسَهُ فَكَلَّمَ النَّاسَ. فَدَنَوْا مِنْهُ. فَقَال: "إِني اعتَكَفْتُ الْعَشْر الأَوَّلَ

ــ

2653 -

(00)(00)(وحدثني محمد بن عبد الأعلى) القيسي أبو عبد الله الصنعاني ثم البصري، ثقة، من (10)(حدثنا المعتمر) بن سليمان التيمي البصري، ثقة، من (9)(حدثنا عمارة بن غزية) بن الحارث بن عمرو (الأنصاري) المازني المدني، وثقه أحمد وأبو زرعة، وقال في التقريب: لا بأس به، من (6)(قال سمعت محمد بن إبراهيم) بن الحارث التيمي المدني، ثقة، من (4)(يُحدّث عن أبي سلمة) بن عبد الرحمن المدني (عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه وهذا السند من سداسياته، غرضه بسوقه بيان متابعة عمارة بن غزية ليزيد بن الهاد في رواية هذا الحديث عن محمد بن إبراهيم (قال) أبو سعيد (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم اعتكف العشر الأول) ذكره وكان حقه أن يقول العشر الأول بالتانيث إما باعتبار لفظ العشر من غير نظر إلى مفرداته ولفظه مذكر فيصح وصفه بالأول، وإما باعتبار الوقت أو الزمان أي ليالي العشر التي هي الثلث الأول من الشهر اهـ قسط بتصرف (من رمضان ثم اعتكف العشر الأوسط) فيه ما في الأول من البحث أي ليالي العشر التي هي الثلث الأوسط من الشهر (في قبة) أي في خيمة صغيرة من لبود (تركية) أي مصنوعة في الترك (على سدتها) أي على باب تلك القبة والسدة -بضم السين وتشديد الدال المفتوحة- الباب نفسه، وقيل الظلة على الباب لتقي الباب من المطر، وقيل هي الساحة بين يدي الباب كذا في النهاية أي على بابها (حصير) هو منسوج خوص النخل (قال) أبو سعيد (فأخذ) رسول الله صلى الله عليه وسلم (الحصير) على الباب (بيده) الشريفة (فنحاها) أي نحى الحصير وجنبها (في ناحية القبة) أي في جانب القبة (ثم أطلع) بفتح الهمزة وسكون الطاء أي أخرج من القبة (رأسه) الشريف (فكلم الناس) المجاورين في المسجد ودعاهم (فدنوا) أي قربوا (منه) صلى الله عليه وسلم (فقال) لهم (أني اعتكفت العشر الأول) من هذا الشهر في المسجد حالة

ص: 206

أَلْتَمِسُ هذِهِ اللَّيلَةَ. ثُمَّ اعتَكَفْتُ الْعَشْرَ الأوْسَطَ. ثُمَّ أُتِيتُ. فَقِيلَ لِي: إِنَّهَا فِي الْعَشْرِ الأوَاخِرِ. فَمَنْ أَحَبَّ مِنْكُمْ أَنْ يَعْتَكِفَ فَلْيَعْتَكِفْ" فَاعْتَكَفَ النَّاسُ مَعَهُ. قَال: "وإني أُرِيتُهَا لَيلَةَ وتْرٍ، وَأَنِّي أَسْجُدُ صَبِيحَتَهَا فِي طِينٍ وَمَاءٍ" فَأَصْبَحَ مِنْ لَيلَةِ إِحْدَى وَعِشْرِينَ، وَقَدْ قَامَ إِلَى الصبْحِ. فَمَطَرَتِ السمَاءُ. فَوَكَفَ الْمَسْجِدُ. فَأَبْصَرْتُ الطِّينَ وَالْمَاءَ. فَخَرَجَ حِينَ فَرَغَ مِنْ صَلاةِ الصُّبْحِ وَجَبِينُهُ وَرَوْثَةُ أَنْفِهِ فِيهِمَا الطِّينُ وَالْمَاءُ. وَإِذَا هِيَ لَيلَةُ إِحْدَى وَعِشْرِينَ

ــ

كوني (ألتمس) وأطلب (هذه الليلة) المقدرة بنزول القرآن فيها إلى السماء الدنيا جملة في محل يقال له بيت العزة أو بنزول الملائكة فيها إلى الأرض أي أطلب مصادفتها (ثم اعتكفت العشر الأوسط) لطلبها أيضًا (ثم) بعد العشر الأوسط (أُتيت) في المنام، بضم الهمزة، وعند البخاري أن جبريل أتاه في المرتين فقال: إن الذي تطلب أمامك -بفتح الهمزة والميم- أي قدامك (فقيل لي) أي أتاني آت من ربي فقال لي (إنها) أي إن الليلة التي تلتمسها (في العشر الأواخر) قال الطيبي: في وصف الأول والأوسط بالمفرد والأخير بالجمع إشارة إلى تصوير ليلة القدر في كل ليلة من ليالي العشر الأخير دون الأولين اهـ (فمن أحب منكم أن يعتكف) العشر الأواخر معي (فليعتكف) معي أمرهم بذلك لئلا يضيع سعيهم في الاعتكاف والتحري (فاعتكف الناس معه) صلى الله عليه وسلم العشر الأواخر (قال: واني أريتها) في المنام من الإراءة (ليلة وتر) أي إنها ليلة وتر من أوتار ليالي العشر الأواخر (و) أريت أيضًا من علاماتها (أني أسجد صبيحتها) أي في صلاة صبحها (في طين وماء) قال أبو سعيد (فأصبح) رسول الله صلى الله عليه وسلم (من ليلة إحدى وعشرين وقد قام إلى) صلاة (الصبح فمطرت السماء) أي أمطرت المطر ونحن في صلاة الصبح (فوكف المسجد) أي قطر سقفه المطر، قال أبو سعيد (فأبصرت الطين والماء) في مصلى رسول الله صلى الله عليه وسلم (فخرج) رسول الله صلى الله عليه وسلم من مصلاه ليرجع إلى معتكفه (حين فرغ من صلاة الصبح وجبينه) أي جبهته لأنها المراد هنا كما مر (وروثة أنفه) بالثاء المثلثة أي طرف أنفه الذي يقع على الأرض عند السجود، ويقال لها أيضًا أرنبة الأنف كما جاء في الرواية الأخرى أي والحال أن جبينه وطرف أنفه (فيهما الطين والماء) اللذان أصابهما عند السجود، قال أبو سعيد فحسبت ليالي شهر رمضان (وإذا هي) أي الليلة التي أمطرت فيها السماء (ليلة إحدى وعشرين) حالة كونها

ص: 207

مِنَ الْعَشْرِ الأَوَاخِرِ.

2654 -

(00)(00) حدَّثنا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى. حَدَّثَنَا أبُو عَامِرٍ. حَدَّثَنَا هِشَامٌ، عَنْ يَحْيَى، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ. قَال: تَذَاكَرْنَا لَيلَةَ الْقَدْرِ. فَأَتَيتُ أَبَا سَعِيدٍ الْخُدْرِيَّ رضي الله عنه وَكَانَ لِي صَدِيقًا. فَقُلْتُ: أَلا تَخْرُجُ بِنَا إِلَى النَّخْلِ؛ فَخَرَجَ وَعَلَيهِ خَمِيصَةٌ. فَقُلْتُ لَهُ: سَمِعْتَ وَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَذْكُرُ لَيلَةَ الْقَدْرِ؛ فَقَال: نَعَمْ. اعْتَكَفْنَا مَعَ

ــ

(من العشر الأواخر) كما أخبر النبي صلى الله عليه وسلم، والواو في قوله (وإذا) عاطفة على محذوف، وإذا فجائية أي فحاسبت ليالي الشهر ففاجأني كونها ليلة إحدى وعشرين من رمضان والله سبحانه وتعالى أعلم.

ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة ثالثًا في حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه فقال:

2654 -

(00)(00)(حدثنا محمد بن المثنى حدثنا أبو عامر) عبد الملك بن عمرو القيسي العقدي البصري، ثقة، من (9)(حدثنا هشام) بن أبي عبد الله سنبر الدستوائي البصري (عن يحيى) بن أبي كثير الطائي اليامي (عن أبي سلمة) بن عبد الرحمن بن عوف (قال) أبو سلمة (تذاكرنا ليلة القدر) أي تحادثنا في شأن ليلة القدر فيما بيننا (فأتيت) بضم التاء للمتكلم (أبا سعيد الخدري رضي الله عنه وهذا السند من سداسياته، غرضه بسوقه بيان متابعة يحيى بن أبي كثير لمحمد بن إبراهيم في رواية هذا الحديث عن أبي سلمة، قال أبو سلمة (وكان) أبو سعيد (لي صديقًا) أي صديقًا وصاحبًا لي، والصديق من يفرح لفرحك ويحزن لحزنك (فقلت) له (ألا تخرج بنا) يا أبا سعيد (إلى النخل) أي إلى بستان النخل وحديقته، وألا هنا للعرض وهو الطلب برفق ولين، وفيه تأنيس الطالب للشيخ في طلب الاختلاء به ليتمكن مما يريد من مسألته وإجابة السائل لذلك (فخرج) بنا أبو سعيد إلى النخل (وعليه خميصة) أي والحال أن على أبي سعيد خميصة؛ وهي ثوب خز أو صوف معلم، وقيل لا تُسمى خميصة إلا أن تكون سوداء معلمة، وكانت لباس الناس قديمًا، جمعها خمائص (فقلت له) أي لأبي سعيد هل (سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يذكر ليلة القدر) أي شأنها ووقتها وما يتعلق بها (فقال) أبو سعيد (نعم) سمعته صلى الله عليه وسلم يذكرها وذلك لأنا (اعتكفنا مع

ص: 208

رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم الْعَشْرَ الْوُسْطَى مِنْ رَمَضَانَ. فَخَرَجْنَا صَبِيحَةَ عِشْرِينَ. فَخَطَبَنَا رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَقَال: "إِني أُرِيتُ لَيلَةَ الْقَدْرِ. وَإِنِّي نَسِيتُها (أَوْ أُنْسِيتُهَا) فَالْتَمِسُوهَا فِي الْعَشْرِ الأَواخِرِ مِن كُل وتْرٍ. وَإِني أُرِيتُ أَني أَسْجُدُ فِي مَاءٍ وَطِينٍ. فَمَنْ كَانَ

ــ

رسول الله صلى الله عليه وسلم العشر الوسطى من رمضان فخرجنا) من المسجد (صبيحة) ليلة (عشرين) وفي رواية البخاري (فخرج) أي النبي صلى الله عليه وسلم (صبيحة عشرين) وفي رواية مالك (حتى إذا كان ليلة إحدى وعشرين) وهي الليلة التي يخرج من صبيحتها من اعتكافه، قال الحافظ: وظاهره يخالف رواية الباب، ومقتضاه أن خطبته وقعت في أول اليوم الحادي والعشرين وعلى هذا يكون أول ليالي اعتكافه الأخير ليلة اثنتين وعشرين وهو مغاير لقوله في آخر الحديث: فأبصرت عيناي رسول الله صلى الله عليه وسلم وعلى جبهته أثر الماء والطين من صبح إحدى وعشرين، فإنه ظاهر في أن الخطبة كانت في صبح اليوم العشرين ووقوع المطر كان في ليلة إحدى وعشرين وهو الموافق لبقية الطرق وعلى هذا فكان قوله في رواية مالك المذكورة وهي اللية التي يخرج من صبيحتها أي من الصبح الذي قبلها ويكون في إضافة الصبح إليها تجوز، قال ابن بطال: هو مثل قوله تعالى: {لَمْ يَلْبَثُوا إلا عَشِيَّةً أَوْ ضُحَاهَا} [النازعات: 46]) فأضاف الضحى إلى العشية وهو قبلها، وكل شيء متصل بشيء فهو مضاف إليه سواء كان قبله أو بعده، وقد أطال ابن دحية في تقرير أن الليلة تضاف إلى اليوم الذي قبلها ورد على من منع ذلك، ولكن لم يوافق على ذلك، فقال ابن حزم: رواية ابن أبي حازم والدراوردي يعني رواية حديث الباب مستقيمة، ورواية مالك مشكلة، وأشار إلى تأويلها بنحو مما ذكرته ويؤيد ما تقدم في الباب من طريق محمد بن إبراهيم عن أبي سلمة بلفظ فإذا كان من حين يمضي عشرون ليلة ويستقبل إحدى وعشرين يرجع إلى مسكنه وهذا في غاية الإيضاح والله أعلم اهـ فتح الملهم (فخطبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال) في خطبته (إني أريت) -بضم الهمزة والتاء- أي أريت وأخبرت في المنام (ليلة القدر وإني نسيتها أو) قال النبي صلى الله عليه وسلم أو أبو سعيد (أنسيتها) والشك من الراوي أو ممن دونه (فالتمسوها في) ليالي (العشر الأواخر من كل وتر) أي في أوتار لياليها (واني أريت، بضمهما أيضًا (أني أسجد في ماء وطين) أي أريت سجودي في ماء وطين (فمن كان

ص: 209

اعْتَكَفَ مَعَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَلْيَرْجِعْ" قَال: فَرَجَعْنَا وَمَا نَرَى فِي السمَاءِ قَزَعَةً. قَال: وَجَاءَتْ سَحَابَةٌ فَمُطِرنَا. حَتى سَال سَقْفُ الْمَسْجِدِ. وَكَانَ مِنْ جَرِيدِ النخْلِ. وَأُقِيمَتِ الصلاة. فَرَأيتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَسْجُدُ فِي الْمَاءِ وَالطِّينِ. قَال: حَتَّى رَأَيتُ أَثَرَ الطِّينِ فِي جَبْهَتِهِ.

2655 -

(00)(00) وحدثنا عَبْدُ بْنُ حُمَيد. أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ. أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ. ح وَحَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ عَبْدِ الرحْمَنِ الدَّارِميُّ. أَخْبَرَنَا أَبُو الْمُغِيرَةِ. حَدَّثَنَا الأَوْزَاعِيُّ. كِلاهُمَا عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثير، بِهذَا الإِسْنَادِ، نَحْوَهُ

ــ

اعتكف مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في العشر الأوسط (فليرجع) إلى معتكفه في العشر الأوسط (قال) أبو سعيد (فرجعنا) إلى معتكفنا في الليلة الحادية والعشرين (وما نرى في السماء) أي والحال أنا ما نرى في السماء (قزعة) أي قطعة من السحاب، والقزعة -بفتح القاف والزاي والعين المهملة- هي القطعة الرقيقة من السحاب (قال) أبو سعيد (وجاءت سحابة) صغيرة (فمطرنا) في الليلة الحادية والعشرين (حتى سال) وقطر (سقف المسجد) مطرا (وكان) سقفه (من جريد النخل وأقيمت الصلاة) أي صلاة الصبح (فرأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يسجد في الماء والطين) وهو من ذكر المحل وإرادة الحال فهو مجاز مرسل (قال) أبو سعيد (حتى رأيت أثر الطين في جبهته) صلى الله عليه وسلم.

ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة رابعًا في حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه فقال:

2655 -

(00)(00)(وحدثنا عبد بن حميد) الكسي (أخبرنا عبد الرزاق) الصنعاني (أخبرنا معمر) بن راشد الأزدي البصري (ح وحدثنا عبد الله بن عبد الرحمن) بن الفضل بن مهران (الدارمي) أبو محمد السمرقندي، ثقة متقن، من (11)(أخبرنا أبو المغيرة) عبد القدوس بن الحجاج الخولاني الحمصي، ثقة، من (9)(حدثنا الأوزاعي) عبد الرحمن بن عمرو الشامي (كلاهما) أي كل من معمر والأوزاعي رويا (عن يحيى بن أبي كثير) صالح بن المتوكل اليامي (بهذا الإسناد) يعني عن أبي سلمة عن أبي سعيد الخدري (نحوه) أي نحو ما حدّث هشام الدستوائي عن يحيى بن أبي كثير، غرضه بسوق هذين السندين بيان متابعة معمر بن راشد والأوزاعي لهشام الدستوائي في رواية هذا

ص: 210

وَفِي حَدِيثِهمَا: رَأَيتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم حِينَ انْصَرَفَ، وَعَلَى جَبْهَتِهِ وَأرْنبَتِهِ أَثَرُ الطينِ.

2656 -

(00)(00) حدَّثنا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى وَأَبُو بَكْرِ بْنُ خَلَّادٍ. قَالا: حَدَّثَنَا عَبْدُ الأَعْلَى. حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، عَنْ أَبِي نَضْرَةَ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِي رضي الله عنه، قَال: اعْتَكَفَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم الْعَشْرَ الأَوْسَطَ مِنْ رَمَضَانَ. يَلْتَمِسُ لَيلَةَ الْقَدْرِ قَبْلَ أنْ تُبانَ لَهُ. فَلَما انْقَضَينَ أَمَرَ بِالْبِنَاءِ

ــ

الحديث عن يحيى بن أبي كثير، وفائدتها بيان كثرة طرقه (و) لكن (في حديثهما) أي في حديث معمر والأوزاعي (رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم حين انصرف) وفرغ من صلاة الصبح (و) الحال أنه (على جبهته وأرنبته) أي طرف أنفه (أثر الطين) وهذا بيان لمحل المخالفة بين الروايتين.

ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة خامسًا في حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه فقال:

2656 -

(00)(00)(حدثنا محمد بن المثنى) البصري (وأبو بكر) محمد (بن خلاد) بن كثير الباهلي البصري، ثقة، من (10)(قالا حدثنا عبد الأعلى) بن عبد الأعلى السامي أبو محمد البصري، ثقة، من (8)(حدثنا سعيد) بن أبي عروبة مهران اليشكري مولاهم أبو النضر البصري، ثقة، من (6)(عن أبي نضرة) المنذر بن مالك بن قطعة العبدي البصري، ثقة، من (3)(عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه وهذا السند من خماسياته، ومن لطائفه أن رجاله كلهم بصريون إلا أبا سعيد، غرضه بسوقه بيان متابعة أبي نضرة لأبي سلمة في رواية هذا الحديث عن أبي سعيد الخدري (قال) أبو سعيد (اعتكف رسول الله صلى الله عليه وسلم العشر الأوسط من رمضان) حالة كونه (يلتمس) ويطلب (ليلة القدر قبل أن تبان) أي توضح وتكشف تلك الليلة المباركة (له) صلى الله عليه وسلم بأنها في العشر الأواخر، قال في المصباح: بان يبين فهو بيّن وجاء بائن على الأصل، وأبان إبانة وبيّن وتبيّن واستبان كلها بمعنى الوضوح والانكشاف والاسم البيان وجميعها يستعمل لازمًا ومتعديًا إلا الثلاثي فلا يكون إلا لازمًا (فلما انقضين) أي فلما انقضت وانتهت وتمت تلك العشر الأوسط (أمر) صلى الله عليه وسلم (بالبناء) أي بإزالة

ص: 211

فَقُوِّضَ. ثُم أُبِينَتْ لَهُ أَنَّهَا فِي الْعَشْرِ الأَوَاخِرِ. فَأَمَرَ بِالْبِنَاءِ فَأُعِيدَ. ثُم خَرَجَ عَلَى الناسِ. فَقَال: "يَا أَيهَا النَّاسُ! إِنَّهَا كَانَتْ أُبِينَتْ لِي لَيلَةُ الْقَدْرِ. وَإنِّي خَرَجْتُ لأخبِرَكُمْ بِهَا. فَجَاءَ رَجُلانِ يَحْتَقَّانِ مَعَهُمَا الشيطَانُ. فَنُسيتُهَا

ــ

بنائه وقبته ورفعها عن محلها (فقوض) البناء أي أزيل عن محله ورفع وهو بقاف مضمومة وواو مشددة مكسورة وضاد معجمة معناه أُزيل يقال قاض البناء وانقاض أي انهدم وقوضته أنا (ثم) بعد تقويض البناء ورفعه (أبينت) وكشف بالبناء للمجهول من أبان الرباعي أي بُيِّن (له) بالوحي (أنها) أي أن ليلة القدر (في العشر الأواخر) من رمضان (فأمر) صلى الله عليه وسلم (بـ) إعادة (البناء) والقبة إلى محلها الأول (فأُعيد) البناء بضم الهمزة مبنيًّا للمجهول أي أعيدت القبة إلى محلها الأول فرجع صلى الله عليه وسلم إلى معتكفه الأول (ثم خرج) من معتكفه واطلع (على الناس فقال يا أيها الناس أنها) أي إن القصة أي إن الشأن والحال (كانت) زائدة لتأكيد الكلام (أُبينت) أي أوضحت وكُشفت وعُينت (لي ليلة القدر وأني خرجت) من معتكفي برأسي واطلعت عليكم (لأخبركم بها) أي بتعيينها (فجاء) إليّ (رجلان) أفاد ابن دحية أنهما عبد الله بن أبي حدرد وكعب بن مالك ولم يذكر له مستندًا، وجملة قوله (يحتقان) بتشديد القاف صفة لرجلان أي يدعي كل منهما أنه المحق، وفي حديث عبادة عند البخاري فتلاحى رجلان من التلاحي وهو التنازع والمخاصمة (معهما الشيطان) بوسوسته وتسويله يُحرش أحدهما على الآخر، قال القاضي عياض: فيه دليل على أن المخاصمة مذمومة وأنها سبب في العقوبة المعنوية أي الحرمان، وفيه أن المكان الذي يحضره الشيطان ترفع منه البركة والخير، فإن قيل: كيف تكون المخاصمة في طلب الحق مذمومة؟ (قلت) إنما كانت كذلك لوقوعها في المسجد وهو محل الذكر لا اللغو، ثم في الوقت المخصوص أيضًا بالذكر لا اللغو وهو شهر رمضان، فالذم لما عرض فيها لا لذاتها، ثم إنها مستلزمة لرفع الصوت ورفعه بحضرة الرسول صلى الله عليه وسلم منهي عنه لقوله تعالى:{لَا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ} إلى قوله تعالى: {أَنْ تَحْبَطَ أَعْمَالُكُمْ وَأَنْتُمْ لَا تَشْعُرُونَ} قال الباجي: وقد يذنب البعض فيتعدى عقوبته إلى غيره ليجزى به من لا سبب له فيه في الدنيا، وأما الآخرة فلا تزر فيها وازرة وزر أخرى اهـ فتح الملهم (فنُسيتها) بضم النون وتشديد السين المكسورة مبنيًّا للمفعول أي جُعلت ناسيًا عن تعيينها، وفي حديث عبادة عند البخاري: فرفعت أي عن

ص: 212

فَالْتَمِسُوهَا فِي الْعَشْرِ الأوَاخِرِ مِنْ رَمَضَانَ. الْتَمِسُوهَا فِي التَّاسِعَةِ وَالسَّابِعَةِ وَالْخَامِسَةِ". قَال: قُلْتُ: يَا أَبَا سَعِيدٍ! إِنَّكُمْ أَعْلَمُ بِالْعَدَدِ مِنَّا

ــ

قلبي فنسيت تعيينها للاشتغال بالمتخاصمين، وقيل المعنى فرفعت بركتها في تلك السنة، وقيل التاء في رفعت للملائكة، وقال الطيبي: قال بعضهم: رفعت أي معرفتها، والحامل له على ذلك أن رفعها مسبوق بوقوعها فإذا وقعت لم يكن لرفعها معنى، قال ويمكن أن يقال المراد برفعها أنها شرعت أن تقع فلما تخاصما رفعت بعد، فنزل الشروع منزلة الوقوع، قال القاري: وليس معناه أن ذاتها رفعت للأبد كما توهمه بعض الشيعة، إذ ينافيه قوله "فالتمسوها" بل معناه فرفعت معرفتها التي يستند إليها الإخبار، قال الحافظ: اتفقت هذه الأحاديث على سبب النسيان وهي التلاحي والمخاصمة، وقد تقدم في الباب من طريق أبي سلمة عن أبي هريرة:"ثم أيقظني بعض أهلي فنُسيتها" وهذا سبب آخر فإما أن يحمل على التعدد بأن تكون الرؤيا في حديث أبي هريرة منامًا فيكون سبب النسيان الإيقاظ وأن تكون الرؤية في حديث غيره في اليقظة فيكون سبب النسيان ما ذكر من المخاصمة، أو يحمل على اتحاد القصة ويكون النسيان وقع مرتين عن سببين، ويحتمل أن يكون المعنى أيقظني بعض أهلي فسمعت تلاحي الرجلين فقمت لأحجز بينهما فنسيتها للاشتغال بهما، وقد روى عبد الرزاق مرسل سعيد بن المسيب أنه صلى الله عليه وسلم قال:"ألا أخبركم بليلة القدر؟ قالوا: بلى، فسكت ساعة ثم قال: "لقد قلت لكم، وأنا أعلمها، ثم أنسيتها" فلم يذكر سبب النسيان وهو مما يقوي الحمل على التعدد اهـ وقد استنبط السبكي الكبير من هذه القصة؛ استحباب كتمان ليلة القدر لمن رآها، قال: ووجه الدلالة أن الله قدر لنبيه صلى الله عليه وسلم أنه لم يخبر بها والخير كله فيما قدره له فيستحب اتباعه في ذلك اهـ فضح الملهم (فالتمسوها في العشر الأواخر من رمضان التمسوها في التاسعة) لما بقي وهي ليلة إحدى وعشرين (و) في (السابعة) لما بقي وهي ليلة ثلاث وعشرين (و) في (الخامسة) لما بقي وهي ليلة خمس وعشرين، والمعنى على هذا في تسع بقين أو سبع بقين أو خمس بقين اهـ من المدونة، وهذا فيما إذا كان الشهر ناقصا، ويقال في التاسعة لما مضى والسابعة لما مضى والخامسة لما مضى وعلى هذا يكون الشهر كاملًا (قال) أبو نضرة (قلت يا أبا سعيد إنكم) معاشر الأصحاب (أعلم بالعدد) الذي أراده النبي صلى الله عليه وسلم (منا) معاشر الأتباع في قوله: التمسوها

ص: 213

قَال: أجَلْ. نَحْنُ أَحَقُّ بِذلِكَ مِنْكُمْ. قَال: قُلْتُ: مَا التاسِعَةُ وَالسابِعَةُ وَالْخَامِسَةُ؛ قَال: إِذَا مَضتْ وَاحِدَةٌ وَعِشْرونَ فَالتِي تَلِيهَا ثِنْتَينِ وَعِشْرِينَ وَهِيَ التاسِعَةُ. فَإِذَا مَضَتْ ثَلاثٌ وَعِشْرُونَ فَالتِي تَلِيهَا السابِعَةُ. فَإِذَا مَضَى خَمْسٌ وَعِشْرُونَ فَالتِي تَلِيهَا الْخَامِسَةُ. وَقَال ابْنُ خلَّادٍ (مَكَانَ يَحْتَقَّانِ): يَخْتَصِمَانِ

ــ

في التاسعة والسابعة والخامسة (قال) أبو سعيد (أجل) أي نعم (نحن أحق بذلك منكم) أي أحق وأولى بعلم ذلك العدد الذي أراده منكم لصحبتنا له ومحاورتنا معه صلى الله عليه وسلم (قال) أبو نضرة (قلت) لأبي سعيد يا أبا سعيد (ما التاسعة والسابعة والخامسة) أي التاسعة أيُّ ليلة من العشر الأواخر، والسابعة أي ليلة منها، والخامسة أي ليلة منها أي هل هي تاسعة ما مضى من العشر الأواخر أو سابعته أو خامسته أو هي تاسعة ما بقي من العشر الأواخر أو سابعته أو خامسته؟ وهذا هو وجه السؤال وهو ظاهر في التاسعة والسابعة وأما الخامسة فهي متعينة لا إشكال فيها، ومحصل ما أجاب به أبو سعيد أن المراد بالعدد تاسع ما بقي من الليالي وسابعه وخامسه، وفي حديث البخاري عن ابن عباس رضي الله عنهما في تاسعة تبقى في سابعة تبقى في خامسة تبقى (قال) أبو سعيد في بيانها (إذا مضت واحدة وعشرون) ليلة (فالتي تليها ثنتين وعشرين) هكذا بالياء في الكلمتين في أكثر النسخ وهو تصحيف من النساخ، وفي بعضها (ثنتان وعشرون) بالألف والواو وهو الصواب أي فالليلة التي تلي ليلة إحدى وعشرين هي ليلة ثنتين وعشرين (وهي التاسعة) لما بقي (فإذا مضت ثلاث وعشرون فالتي تليها) هي (السابعة فإذا مضى خمس وعشرون فالتي تليها) هي (الخامسة وقال) أبو بكر (بن خلاد) في روايته (مكان يحتقان) أي بدله (يختصمان) وهذا بيان لمحل المخالفة بين شيخيه (قوله وهي التاسعة). واعلم أن في جواب أبي سعيد الخدري تحريفًا من جهة الإعراب، ومن جهة المعنى بالنسبة إلى التاسعة، والصواب (قال) أبو سعيد (إذا مضت عشرون ليلة فالتي تليها الحادية والعشرون وهي التاسعة) لما بقي (فإذا مضت ثلاث وعشرون) ليلة (فالتي تليها) هي (السابعة) لما بقي (فإذا مضى خمس وعشرون فالتي تليها) هي (الخامسة) لما بقي، وهذا إذا كان الشهر كاملا، وأما إذا قلنا فهي التاسعة لما مضى من العشر الأواخر أو السابعة له أو الخامسة له فالمعنى صحيح سواء كان الشهر كاملا أو ناقصًا اهـ. قال السندي رحمه الله تعالى: وهذا التفسير يعني تفسير أبي سعيد لا يناسب ما ورد من

ص: 214

2657 -

(1139)(59) وحدثنا سَعِيدُ بْنُ عَمْرِو بْنِ سَهْلِ بْنِ إِسْحَاقَ بْنِ مُحَمدِ بْنِ الأَشْعَثِ بْنِ قَيس الْكِنْدِيُّ وَعَلِيُّ بْنُ خَشْرَمٍ. قَالا: حَدَّثَنَا أَبُو ضَمْرَةَ. حَدَّثَنِي الضَحَّاكُ بْنُ عُثْمَانَ (وَقَال ابْنُ خَشْرَمٍ: عَنِ الضحاكِ بْنِ عُثْمَانَ) عَنْ أَبِي النَّضْرِ،

ــ

التماسها في الأوتار وكذا ما ظهر من أنها كانت في تلك السنة ليلة إحدى وعشرين، وما سيجيء من أنها في سنة كانت ليلة ثلاث وعشرين، وما سيجيء من قول أبي كعب أنها ليلة سبع وعشرين وهذا ظاهر، قال الأبي: التاسعة لما احتملت ها هنا أي في قوله صلى الله عليه وسلم التمسوها في التاسعة والسابعة والخامسة أن تكون تاسعة ما مضى أو تاسعة ما بقي سأله عنها، وقال: أنتم أعلم بهذا العدد، ثم قال الأبي: قال في المدونة: التاسعة ليلة إحدى وعشرين، والسابعة ليلة ثلاث وعشرين، والخامسة ليلة خمس وعشرين، والمعنى على هذا تسع بقين أو سبع بقين (قلت) بناء ما في المدونة على اعتبار كون شهر رمضان ناقصا، وبناء ما عن أبي سعيد على اعتبار كونه كاملًا كما لا يخفى، ومنشأ هذا الخلاف ما رواه البخاري عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"التمسوها في العشر الأواخر من رمضان في تاسعة تبقى، في سابعة تبقى، في خامسة تبقى" قال الزركشي: الأولى ليلة إحدى وعشرين، والثانية ليلة ثلاث وعشرين، والثالثة ليلة خمس وعشرين هكذا قال مالك رحمه الله تعالى.

ثم استشهد المؤلف رحمه الله تعالى ثانيًا لحديث ابن عمر بحديث عبد الله بن أنيس رضي الله عنهم فقال:

2657 -

(1139)(59)(وحدثنا سعيد بن عمرو بن سهل بن إسحاق بن محمد بن الأشعث بن قيس الكندي) أبو عثمان الكوفي، ثقة، من (10) روى عنه في (5) أبواب (وعلي بن خشرم) بوزن جعفر بن عبد الرحمن بن عطاء بن هلال أبو الحسن المروزي، ثقة، من (10) روى عنه في (8) أبواب (قالا حدثنا أبو ضمرة) أنس بن عياض بن ضمرة الليثي أبو ضمرة المدني، ثقة، من (8) روى عنه في (9) أبواب تقريبًا (حدثني الضحاك بن عثمان) بن عبد الله بن خالد بن حزام الأسدي الحزامي أبو عثمان المدني، صدوق، من (7) روى عنه في (8) أبواب، وثقه ابن معين وأبو داود وابن سعد (وقال ابن خشرم عن الضحاك بن عثمان عن أبي النضر) سالم بن أبي أمية المدني التيمي

ص: 215

مَوْلَى عُمَرَ بْنِ عُبَيدِ اللهِ، عَنْ بُسْرِ بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ أُنَيسٍ؛ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَال:"أُرِيتُ لَيلَةَ القَدْرِ ثُم أُنسِيتُهَا. وَأَرَانِي صُبْحَهَا أَسْجُدُ فِي مَاءٍ وَطِينٍ" قَال: فَمُطِرْنَا لَيلَةَ ثَلاثٍ وَعِشْرِينَ. فَصلَّى بِنَا رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَانْصَرَفَ وإنَّ أَثَرَ الْمَاءِ وَالطِّينِ عَلَى جَبْهَتِهِ وَأَنْفِهِ. قَال: وَكَانَ عَبْدُ اللهِ بْنُ أُنيسٍ يَقُولُ: ثَلاثٍ وَعِشْرِينَ

ــ

مولاهم (مولى عمر بن عبيد الله) بن معمر القرشي التيمي المدني، ثقة، من (5) روى عنه في (9) أبواب (عن بسر بن سعيد) مولى ابن الحضرمي المدني الزاهد العابد، ثقة، من (2) روى عنه في (8) أبواب (عن عبد الله بن أنيس) مصغرًا الجهني حليف الأنصار أبي يحيى المدني الصحابي المشهور، شهد العقبة الثانية وكان يُكسر أصنام بني سلمة مع معاذ، له (24) أربعة وعشرون حديثًا، انفرد له (م) بحديث ويروي عنه (م عم) رحل إلى مصر في حديث واحد، ومات بالشام في خلافة معاوية سنة (54) أربع وخمسين. وهذا السند من سداسياته رجاله خمسة منهم مدنيون وواحد إما كوفي أو مروزي، وفيه التحديث إفرادًا وجمعًا والعنعنة والمقارنة (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال أُريت ليلة القدر) في المنام (ثم أُنسيتها) أي أُنسيت تعيينها بسبب من الأسباب (وأراني) أي أرى نفسي (صبحها) أي في صلاة صبح ليلة القدر، وفي بعض النسخ صبيحتها، وجملة قوله (أسجد في ماء وطين) مفعول ثان لأرى أي أرى نفسي ساجدا في ماء وطين في صلاة صبح ليلة القدر (قال) عبد الله بن أنيس (فمطرنا ليلة ثلاث وعشرين) وهذا يخالف ما تقدم في حديث أبي سعيد من قوله فاصبح من ليلة إحدى وعشرين وقد قام إلى الصبح فمطرت السماء الحديث والله سبحانه وتعالى أعلم بالصواب، ولكن يرجح حديث أبي سعيد لأنه لم ينفرد به مسلم بل شاركه النسائي، وحديث عبد الله بن أنيس انفرد به مسلم (فصلى بنا رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاة الصبح (فانصرف) أي فرغ من صلاة الصبح (وإن أثر الماء والطين على جبهته وأنفه قال) بسر بن سعيد (وكان عبد الله بن أنيس يقول ثلاث وعشرين) بالياء أي يقول ليلة القدر ثلاث وعشرين، قال النواوي: هكذا هو في معظم النسخ، وفي بعضها ثلاث وعشرون بالواو وهذا ظاهر، والأول جار على لغة شاذة أنه يجوز حذف المضاف وإبقاء المضاف إليه مجرورًا أي ليلة ثلاث وعشرين اهـ يعني أن عبد الله بن أنيس كان يقول ليلة القدر هي ليلة ثلاث وعشرين،

ص: 216

2658 -

(1140)(60) حدثنا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيبَةَ. حَدَّثَنَا ابْنُ نُمَيرٍ وَوَكِيعٌ، عَنْ هِشَامٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ رضي الله تعالى عنها، قَالتْ: قَال رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: (قَال ابْنُ نُمَيرٍ): "الْتَمِسُوا (وَقَال وَكِيعٌ): تَحَرَّوْا لَيلَةَ الْقَدْرِ فِي الْعَشْرِ الأَوَاخِرِ مِنْ رَمَضَانَ".

2659 -

(1141)(61) وحدثنا مُحَمَّدُ بْنُ حَاتِمٍ

ــ

ولعل لفظة ليلة سقطت من أقلام نساخ مسلم، وإلا فهي موجودة في حديث عبد الله بن أنيس كما يظهر بالمراجعة لمسند الإمام أحمد، ومأخوذة في مشكاة المصابيح، وهذا الحديث انفرد به الإمام مسلم رحمه الله كما مر آنفًا، قال أبو عمر: روى ابن جريج هذا الحديث (حديث الباب) وقال في آخره: فكان الجهني يمسي تلك الليلة يعني ليلة ثلاث وعشرين من رمضان في المسجد فلا يخرج منه حتى يصبح ولا يشهد شيئًا من رمضان قبلها ولا بعدها ولا يوم الفطر، وفي الموطأ وأبي داود: أن ابن أنيس قال: يا رسول الله إني أكون في باديتي، وأنا بحمد الله أصلي بها، فمرني بليلة من هذا الشهر أنزلها بهذا المسجد أصليها فيه، فقال صلى الله عليه وسلم:"انزل ليلة ثلاث وعشرين من رمضان فصلها فيه" اهـ من فتح الملهم.

ثم استشهد المؤلف رحمه الله تعالى لحديث ابن عمر ثالثًا بحديث عائشة رضي الله عنهم فقال:

2658 -

(1140)(60)(حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة حدثنا) عبد الله (بن نمير ووكيع) كلاهما (عن هشام) بن عروة (عن أبيه) عروة بن الزبير (عن) خالته (عائشة) أم المؤمنين (رضي الله تعالى عنها). وهذا السند من خماسياته رجاله ثلاثة منهم مدنيون واثنان كوفيان (قالت) عائشة (قال رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال ابن نمير: التمسوا، وقال وكبع: تحروا ليلة القدر) أي اجتهدوا في طلبها (في العشر الأواخر من رمضان) في ليالي أوتارها، وهذا الحديث انفرد به الإمام مسلم رحمه الله تعالى كما في تحفة الأشراف.

ثم استشهد المؤلف رحمه الله تعالى رابعًا لحديث ابن عمر بحديث ابن مسعود رضي الله عنهم فقال:

2659 -

(1141)(61)(وحدثنا محمد بن حاتم) بن ميمون السمين البغدادي

ص: 217

وَابْنُ أَبِي عُمَرَ. كِلاهُمَا عَنِ ابْنِ عُيَينَةَ. قَال ابْنُ حَاتِمٍ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَينَةَ، عَنْ عَبْدَةَ وَعَاصمِ بْنِ أَبِي النَّجُودِ. سَمِعَا زِرَّ بْنَ حُبَيْشٍ يَقُولُ: سَألْتُ أبَيَّ بْنَ كَعْبٍ رضي الله عنه. فَقُلْتُ: إِن أَخَاكَ ابْنَ مَسْعُود يَقُولُ: مَنْ يَقُمِ الْحَوْلَ يُصِبْ لَيلَةَ الْقَدْرِ. فَقَال: رحمه الله، أَرَادَ أَنْ لَا يَتَّكِلَ النَّاسُ

ــ

(و) محمد بن يحيى (بن أبي عمر) العدني المكي (كلاهما) رويا (عن) سفيان (بن عيينة) الكوفي (قال ابن حاتم حدثنا سفيان بن عيينة عن عبدة) بن أبي لبابة الأسدي مولاهم أبي القاسم الكوفي، ثقة، من (4) روى عنه في (3) أبواب (وعاصم بن أبي النجود) بفتح النون اسمه بهدلة الأسدي مولاهم أبي بكر الكوفي أحد القراء السبعة، ثقة، من (6) مات سنة (128) إمام في القراءة حجة فيها، قال العجلي: كان صاحب سنة وقراءة، وكان ثقة، رأسًا في القراءة وقال أبو زرعة: كان ثقة، وقال النسائي: ليس به بأس، وقال في التقريب: صدوق له أوهام، روى عن زر بن حبيش في الصوم، وأبي وائل وأبي صالح السمان وحميد الطويل، قرأ على أبي عبد الرحمن السلمي وزر وحدّث عنهما، ويروي عنه (خ م) مقرونًا (عم) وابن عيينة وشعبة والثوري وزائدة وغيرهم (سمعا) أي سمع عبدة وعاصم (زر) بكسر الزاي المعجمة وتشديد الراء المهملة (بن حبيش) بالتصغير ابن حباشة بضم المهملة بعدها موحدة ثم معجمة الأسدي أبا مريم الكوفي، ثقة مخضرم، من (2) روى عنه في (3) أبواب، حالة كون زر (يقول سألت أبي بن كعب) بن قيس بن عبيد الأنصاري الخزرجي أبا المنذر المدني سيد القراء، كتب الوحي وشهد بدرًا وما بعدها، الصحابي المشهور رضي الله عنه فقلت) له (أن أخاك) في الدين والصحبة عبد الله (بن مسعود) الهذلي الكوفي. وهذا السند من خماسياته رجاله ثلاثة منهم كوفيون وواحد مدني وواحد إما بغدادي أو مكي، وفيه التحديث والسماع والعنعنة والمقارنة، وجملة قوله (يقول) خبر إن أي يقول ابن مسعود (من يقم الحول) أي من يقم للطاعة في بعض ساعات كل ليالي السنة (يصب ليلة القدر) أي يدركها يقينًا لأنها مُندَمِجةٌ فيها بلا شك للإبهام في تبيينها وللاختلاف في تعيينها، قال ملا علي: وهذا يؤيد الرواية المشهورة عن إمامنا أبي حنيفة رحمه الله تعالى إذ قضيته أنها لا تختص برمضان فضلًا عن عشره الأخير فضلًا عن أوتاره فضلًا عن سبع وعشرين اهـ (فقال) أبي بن كعب رحمه الله تعالى أي رحم الله أخانا ابن مسعود إنه (أراد) بقوله ذلك (أن لا يتكل الناس) أي أن

ص: 218

أَمَا إِنَّهُ قَدْ عَلِمَ أَنهَا فِي رَمَضَانَ. وَأَنهَا فِي الْعَشْرِ الأَوَاخِرِ. وَأَنهَا لَيلَةُ سَبْع وَعِشْرِينَ. ثُم حَلَفَ لَا يَسْتَثْنِي. أَنَّهَا لَيلَةُ سَبْع وَعِشْرِينَ. فَقُلْتُ: بِأيِّ شَيءٍ تَقُول ذلِكَ؟ يَا أَبَا الْمُنْذِرِ! قَال: بِالْعَلامَةِ، أَوْ بِالآيَةِ التِي أَخْبَرَنَا رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم أَنهَا تَطْلُعُ يَوْمَئِذٍ، لَا شُعَاعَ لَهَا

ــ

لا يعتمدوا على قول أحد من الناس، وإن كان هو الصحيح الغالب على الظن الذي مبنى الفتوى عليه فلا يقومون إلا تلك الليلة ويتركون قيام سائر الليالي فتفوت حكمة الإبهام الذي نُسي بسببها عليه الصلاة والسلام (أما) حرف تنبيه أي انتبه واستمع ما أقول لك يا زر بن حبيش (إنه) أي إن ابن مسعود (قد علم) حقا، لعله بطريق الظن ويؤيده ما سيأتي في آخر الحديث (أنها) أي أن ليلة القدر (في رمضان وأنها في العشر الأواخر) منه (وأنها ليلة سبع وعشرين) منها (ثم حلف) أبي بن كعب بناء على غلبة الظن حالة كونه (لا يستثني) ولا يعلق في حلفه على مشيئة الله تعالى أي حلف جازمًا في حلفه بلا استثناء ولا تعليق فيه بأن يقول عقب يمينه إن شاء الله تعالى كان يقول الحالف لأفعلن كذا إلا أن يشإ الله أو إن شاء الله فإنه لا ينعقد اليمين وإنه لا يظهر جزم الحالف، وقال الطيبي: هو قول الرجل إن شاء الله يقال حلف فلان يمينًا ليس فيها ثني ولا ثنو ولا تثنية ولا استثناء كلها واحد، وأصلها من الثني وهو الكف والرد، وذلك أن الحالف إذا قال: والله لأفعلن كذلك إلا أن يشاء الله غيره، فقد رد انعقاد ذلك اليمين اهـ؛ أي ثم حلف أُبي جازمًا في حلفه غير مقيد بالمشيئة على (أنها ليلة سبع وعشرين) قال زر بن حبيش (فقلت) لأبي (بأي شيء) وبأي حجة (تقول ذلك) أي إنها ليلة سبع وعشرين (يا أبا المنذر) كنية أبي بن كعب (قال) أبي أقول: ذلك الذي قلته من أنها ليلة سبع وعشرين (بالعلامة) أي بالأمارة (أو) قال أُبي: أقول ذلك (بالآية) وهذا شك من زر بن حبيش في تعيين عبارة أبي فيما أراده من مدلول الأمارة (التي أخبرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم من (أنها تطلع) الشمس، هكذا في جميع النسخ من غير ذكر الشمس للعلم بها من السياق لاحقِه، مثل قوله تعالى:{حَتَّى تَوَارَتْ بِالْحِجَابِ} ونظائره (يومئذ) أي يوم إذ تكون تلك الليلة ليلة قدر، حالة كونها (لا شعاع لها) والشعاع هو ما يرى من ضوئها عند بروزها مثل الحبال والقضبان مقبلة إليك إذا نظرت إليها اهـ نووي لغلبة نور تلك الليلة ضوء الشمس مع بعد المسافة الزمانية مبالغة

ص: 219

2660 -

(00)(00) وحدثنا مُحَمدُ بْنُ الْمُثَنَّى. حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ. حَدَّثَنَا شُعْبَةُ. قَال: سَمِعْتُ عَبْدَةَ بْنَ أَبِي لُبَابَةَ يُحَدِّثُ، عَنْ زِرِّ بْنِ حُبَيش، عَنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ رضي الله عنه. قَال: قَال أُبَيٌّ، فِي لَيلَةِ الْقَدْرِ: وَاللهِ! إِني لأَعْلَمُهَا. قَال شُعْبَةُ: وَأَكْبَرُ عِلْمِي هِيَ الليلَةُ التِي أَمَرَنَا رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم بِقِيَامِهَا. هِيَ لَيلَةُ سَبْعٍ وَعِشْرِينَ. وإنَّمَا شَكَّ شُعْبَةُ فِي هذَا الْحَرْفِ: هِيَ الليلَةُ التِي أَمَرَنَا بِهَا رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم، قَال: وَحَدَّثَني بِهَا صَاحِبٌ لي عَنْهُ

ــ

في إظهار أنوارها الربانية اهـ ملا علي، وفي رواية لأحمد مثل الطست، ولابن خزيمة من حديث ابن عباس: تصبح الشمس يومها حمراء ضعيفة، قال القاري: وهذا دليل أظهر من الشمس على ما قلنا إن علمه ظني لا قطعي حيث بنى اجتهاده على هذا الاستدلال، قال ابن حجر: أي لا شعاع لها، وقد رأيتها صبيحة ليلة سبع وعشرين طلعت كذلك إذ لا يكون ذلك دليلًا إلا بانضمامه إلى كلامه. وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث أبو داود [1378]، والترمذي [793].

ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة في حديث أبي بن كعب رضي الله عنه فقال:

2660 -

(00)(00)(وحدثنا محمد بن المثنى حدثنا محمد بن جعفر) غندر (حدثنا شعبة قال) شعبة (سمعت عبدة بن أبي لبابة) -بضم اللام وتخفيف الباء الموحدة- الأسدي الكوفي (يحدّث عن زر بن حبيش عن أبي بن كعب رضي الله عنه وهذا السند من سداسياته، غرضه بيان متابعة شعبة لسفيان بن عيينة (قال) زر بن حبين (قال أُبي) بن كعب (في ليلة القدر والله إني لأعلمها) بعينها (قال شعبة وأكبر علمي) أي أغلب ظني أن عبدة بن أبي لبابة قال لي لفظة (هي) أي القصة لأنه ضمير الشأن للمؤنث تفسره الجملة المذكورة بعده فهو مبتدأ (الليلة) مبتدأ ثان (التي أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بقيامها) وإحيائها صفة لليلة (هي) ضمير فصل (ليلة سبع وعشرين) خبر للمبتدأ الثاني يعني أن القصة الليلة التي أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بقيامها هي ليلة سبع وعشرين، قال محمد بن جعفر (وإنما شك شعبة في هذا الحرف) أي في هذه الكلمة يعني بها لفظة (هي الليلة التي أمرنا بها رسول الله صلى الله عليه وسلم لا فيما بعدها يعني به هي ليلة سبع وعشرين (قال) شعبة (وحدثني بها) أي بهذه الكلمة التي وقع شكي فيها (صاحب لي عنه) أي عن عبدة بن أبي لبابة.

ص: 220

2661 -

(1142)(62) وحدَّثنا مُحَمدُ بن عَبادٍ وَابْنُ أَبِي عُمَرَ. قَالا: حَدَّثَنَا مَرْوَانُ (وَهُوَ الْفَزَارِيُّ) عَنْ يَزِيدَ (وَهُوَ ابْنُ كَيْسَانَ) عَنْ أَبِي حَازِمٍ، عَنْ أَبِي هُرَيرَةَ رضي الله عنه، قَال: تَذَاكَرْنَا لَيلَةَ الْقَدْرِ عِنْدَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم. فَقَال: "أَيُّكُمْ يَذْكُرُ، حِينَ طَلَعَ الْقَمَرُ، وَهُوَ مِثْلُ شِقِّ جَفْنَةٍ؟ "

ــ

ثم استشهد المؤلف رحمه الله تعالى خامسًا لحديث ابن عمر بحديث أبي هريرة رضي الله عنهم فقال:

2661 -

(1142)(62)(وحدثنا محمد بن عباد) بن الزبرقان المكي، صدوق، من (10) روى عنه في (4) أبواب (و) محمد بن يحيى (بن أبي عمر) العدني المكي، صدوق، من (10) روى عنه في (11) بابا (قالا حدثنا مروان) بن معاوية بن الحارث بن أسماء (وهو الفزاري) أبو عبد الله الكوفي، ثقة، من (8) روى عنه في (13) بابا (عن يزيد وهو ابن كيسان) اليشكري الكوفي، صدوق، من (6) روى عنه في (6) أبواب (عن أبي حازم) سلمان الأشجعي مولاهم مولى عزة الكوفي، ثقة، من (3)(عن أبي هريرة رضي الله عنه وهذا السند من خماسياته رجاله ثلاثة منهم كوفيون وواحد مدني وواحد مكي (قال) أبو هريرة (تذاكرنا) فيما بيننا (ليلة القدر) أي شأنها وقدرها وفضل القيام فيها وعلاماتها (عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال) رسول الله صلى الله عليه وسلم (أيكم) أيها الحاضرون (يذكر) في أوقاتها أنها (حين طلع القمر) أي في الوقت الذي يطلع فيه القمر (وهو) أي والحال أن القمر (مثل شق) -بكسر الشين المعجمة- أي نصف (جفنة) أي قصعة لنقصان قرصه، والجفنة -بفتح الجيم وسكون الفاء- القصعة المعروفة؛ والمعنى أيكم يذكر في أوقاتها أنها في الوقت الذي يطلع القمر فيه حالة كونه مثل شق جفنة، وهو آخر الشهر؛ يعني أنه المصيب منكم لأنها في أواخر الشهر حين نقصان قرص القمر، قال القاضي عياض: فيه إشارة إلى أنها إنما تكون في أواخر الشهر لأن القمر لا يكون كذلك عند طلوعه إلا في آخر الشهر والله سبحانه وتعالى أعلم. وهذا الحديث مما انفرد به الإمام مسلم رحمه الله تعالى.

وجملة ما ذكره المؤلف في هذا الباب ستة أحاديث الأول حديث ابن عمر ذكره للاستدلال به على الترجمة وذكر فيه سبع متابعات، والثاني حديث أبي سعيد الخدري ذكره للاستشهاد وذكر فيه خمس متابعات، والثالث حديث عبد الله بن أنيس ذكره

ص: 221

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

للاستشهاد، والرابع حديث عائشة ذكره للاستشهاد، والخامس حديث أبي بن كعب ذكره للاستشهاد وذكر فيه متابعة واحدة، والسادس حديث أبي هريرة ذكره للاستشهاد والله سبحانه وتعالى أعلم.

***

ص: 222