الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
468 - (24) باب: ما يفعل بالمحرم إذا مات؟ وهل يجوز للمحرم اشتراط التحلل في إحرامه بعذر
؟
2772 -
(1177)(97) حدَّثنا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيبَةَ. حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَينَةَ، عَنْ عَمْرٍو، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم. خَرَّ رَجُلٌ مِنْ بَعِيرِهِ، فَوُقِصَ عُنُقُهُ، فَمَاتَ. فَقَال: "اغْسِلُوهُ بِمَاءٍ وَسِدْرٍ. وَكَفنُوهُ فِي ثَوْبَيهِ
ــ
468 -
(24) باب ما يفعل بالمحرم إذا مات وهل يجوز للمحرم اشتراط التحلل في إحرامه بعذر
2772 -
(1177)(97)(حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة حدثنا سفيان بن عيينة عن عمرو) بن دينار الجمحي المكي (عن سعيد بن جبير) الوالبي الكوفي، ثقة، من (3)(عن ابن عباس رضي الله عنهما وهذا السند من سداسياته رجاله ثلاثة منهم كوفيون وواحد طائفي وواحد مكي (عن النبي صلى الله عليه وسلم خر) أي سقط (رجل) من الصحابة لم أو من ذكر اسمه (من بعيره) أي ناقته كما تدل عليه الروايات الآتية يوم عرفة وهو واقف بها، قال الحافظ: لم أقف على اسمه، وكان سقوطه عند الصخرات من عرفة اهـ (فوقص) بضم الواو وعلى صيغة المجهول (عنقه) بالرفع نائب فاعل له أي دقت عنقه (فمات) في الحال، يقال وقصت الناقة براكها وقصًا من باب وعد إذا رمت به فدقت عنقه كما في المصباح (فقال) النبي صلى الله عليه وسلم (اغسلوه بماء وسدر) قال العيني: فيه غسله بالسدر وهذا يدل على أنه خرج من الإحرام، وعكس صاحب التوضيح فقال: غسله بالسدر يدل على أنه جائز للمحرم، وفيه رد على مالك وأبي حنيفة وآخرين حيث منعوه. (قلت) ظاهر الحديث يرد عليه كلامه لأن الأصل عدم جواز غسل المحرم بالسدر فلولا أنه خرج عن الإحرام ما أمر بغسله بالسدر اهـ، قال الحافظ: وحكى المزني عن الشافعي أنه استدل على جواز قطع سدر الحرم بهذا الحديث لقوله: "فاغسلوه بماء وسدر" والله أعلم اهـ (وكفنوه في ثوبيه) وللنسائي (في ثوبيه اللذين أحرم فيهما) وفي الحديث جواز التكفين في ثوبين وهو كفن الكفاية، وكفن الضرورة واحد وإنما لم يزده ثالثًا إكرامًا له كما في الشهيد لم يزد على ثيابه كذا في عمدة القاري، قال ابن عبد الملك: وفي الحديث أن التكفين مقدم على الدين لأن النبي صلى الله عليه
وَلَا تُخَمِّرُوا رَأْسَهُ. فَإِنَّ اللَّهَ يَبْعثُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مُلَبِّيًا".
2773 -
(00)(00) وحدّثنا أَبُو الرَّبِيعِ الزَّهْرَانِيُّ. حَدَّثَنَا حَمَّادٌ، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ
ــ
وسلم لم يسأل عن دينه اهـ (ولا تخمروا رأسه) أي لا تغطوه عند التكفين من التخمير وهو التغطية وسيأتي في الباب ولا تحنطوه، وفي رواية ولا تمسوه طيبًا، قال بمقتضى ظاهر هذا الحديث الشافعي وأحمد وإسحاق فقالوا إذا مات المحرم لا يحنط ولا يغطى رأسه، وقال مالك والكوفيون والحسن والأوزاعي إنه يفعل به ما يفعل بالحلال وكأنهم رأوا أن هذا الحكم مخصوص بذلك الرجل اهـ من المفهم، وقال العيني: احتج بهذا الحديث الشافعي وأحمد وإسحاق وأهل الظاهر في أن المحرم على إحرامه بعد الموت ولهذا يحرم ستر رأسه وتطييبه وهو قول عثمان وعلي وابن عباس وعطاء والثوري، وذهب أبو حنيفة ومالك والأوزاعي إلى أنه يصنع به ما يصنع بالحلال وهو مروي عن عائشة وابن عمر وطاوس لأنها عبادة شرعت فبطلت بالموت كالصلاة والصيام، وقال صلى الله عليه وسلم:"إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث" وإحرامه من عمله وليس من الثلاث فينبغي أن ينقطع بالموت ولأن الإحرام لو بقي لطيف به وكملت مناسكه، وقال بعضهم: وأجيب بأن ذلك ورد على خلاف الأصل فيقتصر به على مورد النص ولا سيما قد وضح أن الحكمة في ذلك استبقاء شعار الإحرام كاستبقاء دم الشهداء حيث قال (فإن الله) سبحانه وتعالى (يبعثه) أي يبعث هذا الرجل (يوم القيامة) حال كونه (ملبيًا) أي قائلًا لبيك، والمعنى أنه يحشر يوم القيامة على هيئته التي مات عليها ليكون ذلك علامة على حجه كالشهيد يأتي وأوداجه تشخب دمًا، وفيه أن من شرع في طاعة ثم حال بينه وبين إتمامها الموت يُرجى له أن الله تعالى يكتبه في الآخرة من أهل ذلك العمل ويقبله منه إذا صحت النية ويشهد لذلك قوله تعالى:{وَمَنْ يَخْرُجْ مِنْ بَيتِهِ مُهَاجِرًا إِلَى اللَّهِ} الآية. وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث البخاري [1840]، وأبو داود [1840]، والنسائي [5/ 128]، وابن ماجه [2934].
ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة في حديث ابن عباس رضي الله تعالى عنهما فقال:
2773 -
(00)(00)(وحدثنا أبو الربيع الزهراني) سليمان بن داود البصري (حدثنا حماد) بن زيد الأزدي البصري (عن عمرو بن دينار) القرشي الجمحي المكي
وَأَيُّوبَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسِ رضي الله تعالى عنهما. قَال: بَينَمَا رَجُلٌ وَاقِفٌ مَعَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم بِعَرَفَةَ. إِذْ وَقَعَ مِنْ رَاحِلَتِهِ. قَال أَيُّوبُ: فَأَوْقَصَتْهُ (أَوْ قَال: فَأَقْعَصَتْهُ) وَقَال عَمْرٌو: فَوَقَصَتْهُ. فَذُكِرَ ذلِكَ لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَقَال: "اغْسِلُوهُ بِمَاءٍ وَسِدْرٍ. وَكَفِّنُوهُ فِي ثَوْبَينِ. وَلَا تُحَنِّطُوهُ
ــ
(وأيوب) بن أبي تميمة السختياني البصري (عن سعيد بن جبير) الوالبي الكوفي (عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما) وهذا السند من خماسياته، غرضه بسوقه بيان متابعة حماد بن زيد لسفيان بن عيينة (قال) ابن عباس (بينما رجل واقف مع رسول الله صلى الله عليه وسلم بعرفة) عند الصخرات فيه إطلاق لفظ الواقف على الراكب اهـ فتح (إذ وقع) الرجل وسقط (من راحلنه) أي ناقته (قال أيوب فأوقصته) أي كسرت عنقه وقصته وأوقصته بمعنى من الإيقاص وهو شاذ لأن الأفصح هو الثلاثي أي وقصت كما في رواية عمرو، وفي فصيح ثعلب وقص الرجل إذا سقط من دابته فاندقت عنقه فهو موقوص، وعن الكسائي وقصت عنقه وقصًا ولا يكون وقصت العنق نفسها، وقال الخطابي: معناه أنها صرعته فكسرت عنقه، وقال: أقصعته بتقديم الصاد المهملة على العين المهملة ليس بشيء، والقصع هو كسر العطش، ويحتمل أن يستعار لكسر الرقبة، وأما الإقعاص في قوله (أو قال) لي سعيد (فأقعصته) أي قتلته في الحال بتقديم العين على الصاد فهو إعجال الهلاك أي لم يلبث أن مات، وقال الجوهري: يقال ضربه فأقعصه أي فتكه مكانه يقال قصع القملة أي قتلها وقصع الماء عطشه أي أذهبه وسكنه، والشك من أيوب فيما قاله سعيد (وقال عمرو فوقصته) بلا شك، قال الحافظ: يحتمل أن يكون فاعل وقصته الوقعة أو الراحلة بان تكون إصابته بعد أن وقع والأول أظهر، وقال الكرماني: فوقصته أي راحلته فإن كان الكسر حصل بسبب الوقوع فهو مجاز وإن حصل عن الراحلة بعد الوقوع فحقيقة، والمذكور في النهاية والقاموس أن الوقص كسر العنق والقعص الموت الوَحِي أي السريع، يقال مات قعصًا إذا أصابته ضربة أو رمية فمات مكانه، ويقال قعصته وأقعصته إذا قتلته قتلًا سريعًا، وأما الإيقاص في معنى الوقص فلم يوجد وإن قال ابن حجر، والمعروف عند أهل اللغة الأول والذي بالهمز شاذ اهـ (فذكر ذلك) الذي وقع بالرجل (للنبي صلى الله عليه وسلم قال في مبهمات مسلم لم يعرف هذا الذاكر (فقال اغسلوه بماء وسدر وكفنوه في ثوبين ولا تحنطوه) بالحاء المهملة أي لا تمسوه حنوطًا،
وَلَا تُخَمِّرُوا رَأْسَهُ. (قَال أَيُّوبُ) فَإِنَّ اللَّهَ يَبْعَثُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مُلَبِّيًا. (وَقَال عَمْرٌو) فَإِنَّ اللَّه يَبْعَثُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ يُلَبِّي".
2774 -
(00)(00) وَحَدَّثَنِيهِ عَمْرٌو النَّاقِدُ. حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ أَيُّوبَ. قَال: نُبِّئْتُ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيرٍ. عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله تعالى عنهما؛ أَنَّ رَجُلًا كَانَ وَاقِفًا مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَهُوَ مُحْرِمٌ. فَذَكَرَ نَحْوَ مَا ذَكَرَ حَمَّادٌ، عَنْ أَيُّوبَ.
2775 -
(00)(00) وحدّثنا عَلِيُّ بْنُ خَشْرَمٍ. أَخْبَرَنَا عِيسَى (يَعْنِي ابْنَ يُونُسَ)
ــ
وكأن الحنوط للميت كان مقررًا عندهم، قال النووي: والحنوط بفتح الحاء ويقال الحناط بكسرها وهي أخلاط من طيب تجمع للميت خاصة لا تستعمل في غيره (ولا تخمروا رأسه) أي لا تغطوه (قال أيوب) في روايته (فإن الله يبعثه يوم القيامة ملبيًا) أي قائلًا لبيك (وقال عمرو) في روايته (فإن الله يبعثه يوم القيامة) وهو (يلبي) أي يقول لبيك لبيك وهذا اختلاف لفظي.
ثم ذكر المؤلف المتابعة ثانيًا في حديث ابن عباس رضي الله تعالى عنهما فقال:
2774 -
(00)(00)(وحدثنيه عمرو) بن محمد بن بكير (الناقد) أبو عثمان البغدادي (حدثنا إسماعيل بن إبراهيم) بن مقسم الأسدي البصري (عن أيوب) السختياني العنزي البصري (قال) أيوب (نُبئت) أي أُخبرت بواسطة (عن سعيد بن جبير) الوالبي الكوفي (عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما) وهذا السند من خماسياته، غرضه بيان متابعة إسماعيل بن إبراهيم لحماد بن زيد (أن رجلًا كان واقفًا) على راحلته (مع النبي صلى الله عليه وسلم بعرفة عند الصخرات (وهو محرم) بالحج في حجة الوداع (فذكر) إسماعيل (نحو ما ذكر حماد عن أيوب).
ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة ثالثًا في حديث ابن عباس رضي الله تعالى عنهما فقال:
2775 -
(00)(00)(وحدثنا علي بن خشرم) بوزن جعفر بن عبد الرحمن الهلالي أبو الحسن المروزي (أخبرنا عيسى "يعني ابن يونس") بن أبي إسحاق السبيعي
عَنِ ابْنِ جُرَيجٍ. أَخْبَرَنِي عَمْرُو بْنُ دِينَارٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله تعالى عنهما قَال: أَقْبَلَ رَجُلٌ حَرَامًا مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم. فَخَرَّ مِنْ بَعِيرِهِ. فَوُقِصَ وَقْصًا، فَمَاتَ. فَقَال رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم:"اغْسِلُوهُ بِمَاءٍ وَسِدْرٍ وَأَلْبِسُوهُ ثَوْبَيهِ. وَلَا تُخَمِّرُوا رَأْسَهُ. فَإِنهُ يَأْتِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ يُلَبِّي".
2776 -
(00)(00) وحدّثناه عَبْدُ بْنُ حُمَيدٍ. أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ الْبُرْسَانِيُّ. أَخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيجٍ. أَخْبَرَنِي عَمْرُو بْنُ دِينَارٍ؛ أَنَّ سَعِيدَ بْنَ جُبَيرٍ أَخْبَرَهُ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما، قَال: أَقْبَلَ رَجُلٌ حَرَامٌ مَعَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم. بِمِثْلِهِ
ــ
الكوفي (عن ابن جريج) المكي (أخبرني عمرو بن دينار) المكي (عن سعيد بن جبير) الكوفي (عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما) وهذا السند من سداسياته، غرضه بيان متابعة ابن جريج لحماد بن زيد (قال) ابن عباس (أقبل) وجاء إلى عرفة (رجل) حالة كونه (حرامًا) أي محرمًا بالحج، وسوغ مجيء الحال من النكرة قصد الإبهام كما هو من المسوغات في الابتداء بالنكرة، وقال النواوي: هكذا هو في معظم النسخ، وفي بعضها حرام كما هو في الرواية التالية وهو الوجه وللأول وجه ويكون حالًا من رجل وقد جاءت الحال من النكرة على قلة اهـ بزيادة (مع النبي صلى الله عليه وسلم فخر) من الخرور وهو السقوط أي سقط (من بعيره) أي ناقته (فوقص) بالبناء للمجهول أي كسرت عنقه (وقصًا) أي كسرًا (فمات) يقال وقص الرجل فهو موقوص (فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم حين ذُكر له (اغسلوه بماء وسدر وألبسوه) أي كفنوه في (ثوبيه) اللذين مات فيهما من إزار الإحرام وردائه (ولا تخمروا رأسه فإنه يأتي يوم القيامة) على ربه حالة كونه (يلبي) أي يقول لبيك لبيك.
ثم ذكر المؤلف المتابعة رابعًا في حديث ابن عباس رضي الله تعالى عنهما فقال:
2776 -
(00)(00)(وحدثناه عبد بن حميد) بن نصر الكسي (أخبرنا محمد بن بكر) الأزدي (البرساني) البصري (أخبرنا ابن جريج أخبرني عمرو بن دينار أن سعيد بن جبير أخبره عن ابن عباس رضي الله عنهما وهذا السند من سداسياته، غرضه بيان متابعة محمد بن بكر لعيسى بن يونس (قال) ابن عباس (أقبل رجل حرام) أي محرم (مع رسول الله صلى الله عليه وسلم بعرفة على راحلته وساق محمد بن بكر (بمثله) أي بمثل
غَيرَ أَنَّهُ قَال: "فَإِنَّهُ يُبْعَثُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مُلَبِّيًا".
وَزَادَ: لَمْ يُسَمِّ سَعِيدُ بْنُ جُبَيرٍ حَيثُ خَرَّ.
2777 -
(00)(00) وحدّثنا أَبُو كُرَيبٍ. حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسِ رضي الله عنهما؛ أَنَّ رَجُلًا أَوْقَصَتْهُ رَاحِلَتُهُ، وَهُوَ مُحْرِمٌ، فَمَاتَ. فَقَال رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم:"اغْسِلُوهُ بِمَاءٍ وَسِدْرٍ. وَكَفِّنُوهُ فِي ثَوْبَيهِ. وَلَا تُخَمِّرُوا رَأْسَهُ وَلَا وَجْهَهُ، فَإِنَّهُ يُبْعَثُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مُلَبِّيًا"
ــ
حديث عيسى بن يونس (غير أنه) أي لكن أن محمد بن بكر (قال) في روايته (فإنه يبعث يوم القيامة ملبيًا وزاد) محمد بن بكر على عيسى بن يونس لفظة (لم يسم) أي لم يذكر (سعيد بن جبير حيث خر) ذلك الرجل أي مكان خروره، وقال ابن حجر: كان وقوع المحرم المذكور عند الصخرات من عرفة اهـ وفي القاموس: والصخرات موضع بعرفة اهـ وفي تاج العروس: وهو الصخرات السود موقف النبي صلى الله عليه وسلم اهـ.
ثم ذكر المؤلف المتابعة خامسًا في حديث ابن عباس رضي الله تعالى عنهما فقال:
2777 -
(00)(00)(وحدثنا أبو كريب) محمد بن العلاء بن كريب الهمداني الكوفي (حدثنا وكيع) بن الجراح الرؤاسي الكوفي (عن سفيان) بن سعيد الثوري الكوفي (عن عمرو بن دينار عن سعيد بن جببر عن ابن عباس رضي الله عنهما وهذا السند من سداسياته، غرضه بسوقه بيان متابعة الثوري لمن روى عن عمرو بن دينار (أن رجلًا) من الصحابة (أوقصته) أي كسرت عنقه (راحلته) أي ناقته (وهو محرم) بالحج واقف بعرفة (فمات) في الحال فسألوا رسول الله صلى الله عليه وسلم عن كيفية تجهيزه (فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: اغسلوه بماء وسدر وكفنوه في ثوبيه ولا تخمروا رأسه ولا وجهه فإنه يبعث يوم القيامة ملبيًا) قال الحافظ ابن حجر: وقد تمسكت الأحنات ومن وافقهم من هذا الحديث بلفظة اختلف في ثبوتها وهي قوله (ولا تخمروا وجهه) فقالوا: لا يجوز للمحرم تغطية وجهه مع أنهم لا يقولون بظاهر هذا الحديث لمن مات محرمًا، وأما الجمهور فأخذوا بظاهر الحديث وقالوا: إن في ثبوت ذكر الوجه مقالًا وتردد ابن المنذر في صحته، وقال البيهقي: ذكر الوجه غريب وهو وهم من بعض رواته
2778 -
(00)(00) وحدّثنا مُحَمَّدُ بْنُ الصَّبَّاحِ
ــ
وفي كل ذلك نظر فإن الحديث ظاهره الصحة ولفظه عند مسلم من طريق إسرائيل عن منصور وأبي الزبير كلاهما عن سعيد بن جبير عن ابن عباس فذكر الحديث، قال منصور: ولا تغطوا وجهه، وقال أبو الزبير: ولا تكشفوا وجهه، وأخرجه النسائي من طريق عمرو بن دينار عن سعيد بن جبير بلفظ "ولا تخمروا وجهه ولا رأسه" وأخرجه مسلم أيضًا من حديث شعبة عن أبي بشر عن سعيد بن جبير بلفظ "ولا يمس طيبًا خارج رأسه" قال شعبة: ثم حدثني به بعد ذلك فقال: خارج رأسه ووجهه انتهى، وهذه الرواية تتعلق بالتطيب لا بالكشف والتغطية، وشعبة أحفظ من كل من روى هذا الحديث فلعل بعض رواته انتقل ذهنه من التطيب إلى التغطية اهـ. (قلت) وهذا مع ما فيه من التعسف لم أفقه مراده فإن النهي عن التطيب ليس مقصورًا على خارج الرأس والوجه عند أحد فيما أعلمه، ومراد الحديث واضح من ألفاظ الحديث ونصه هكذا فأمر النبي صلى الله عليه وسلم أن يغسل بماء وسدر وأن يكفن في ثوبين ولا يمس طيبًا خارج رأسه قال: ثم حدثني به بعد ذلك خارج رأسه ووجهه، فقوله خارج رأسه ووجهه متعلق بقوله وأن يكفن في ثوبين أي يكفن فيهما ويبقى الرأس والوجه خارجين عنهما مكشوفين كما هو المصرح في سائر الروايات فلا منافاة بين روايات شعبة وغيره حتى ترجح روايته بالأحفظية والله أعلم، وقيل يتأول هذا الحديث على أن النهي عن تغطية وجهه ليس لكون المحرم لا يجوز تغطية وجهه بل هو صيانة للرأس فإنهم لو غطوا وجهه لم يؤمن أن يغطي رأسه اهـ.
وروى سعيد بن منصور من طريق عطاء قال: يغطى المحرم من وجهه ما دون الحاجبين أي من أعلى، وفي رواية ما دون عينيه وكأنه أراد مزيد الاحتياط لكشف الرأس والله أعلم، وتعقبه الأبي بأن هذا التعليل لا يجزئ على أصل الشافعي لأنه لا يقول بسد الذرائع.
(قلت) والعجب أنهم لم يراعوا هذا الاحتياط في المحرم الحي مع أنه أحق به من الميت كما هو الظاهر.
ثم ذكر المؤلف المتابعة سادسًا في حديث ابن عباس رضي الله تعالى عنهما فقال:
2778 -
(00)(00)(وحدثنا محمد بن الصباح) الدولابي مولدًا أبو جعفر الرازي ثم البغدادي البزاز صاحب السنن، ثقة، من (10) روى عنه في (7) أبواب تقريبًا
حَدَّثَنَا هُشَيمٌ. أَخبَرَنَا أَبُو بِشْرٍ. حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ جُبَيرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما. ح وَحَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى (وَاللَّفْظُ لَهُ). أَخْبَرَنَا هُشَيمٌ، عَنْ أَبِي بِشْرٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما؛ أَنَّ رَجُلًا كَانَ مَعَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم مُحْرِمًا. فَوَقَصَتْهُ نَاقَتُهُ، فَمَاتَ. فَقَال رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم:"اغْسِلُوهُ بِمَاءٍ وَسِدْرٍ، وَكَفِّنُوهُ فِي ثَوْبَيهِ. وَلَا تُمِسُّوهُ بِطِيبٍ. وَلَا تُخَمِّرُوا رَأْسَهُ. فَإِنَّهُ يُبْعثُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مُلَبِّدًا".
2779 -
(00)(00) وحدّثني أَبُو كَامِلٍ فُضَيلُ بْنُ حُسَينٍ الْجَحْدَرِيُّ
ــ
(حدثنا هشيم) بن بشير بن القاسم السلمي الواسطي، نزيل بغداد، ثقة، من (7) روى عنه في (18) بابا (أخبرنا أبو بشر) الوليد بن مسلم بن شهاب التميمي العنبري التابعي البصري، وثقه أبو حاتم وابن معين، وقال في التقريب: ثقة، من (5) روى عنه في (3) أبواب تقريبًا، قال النواوي: أبو بشر هذا هو العنبري واسمه الوليد بن مسلم بن شهاب البصري وهو تابعي، روى عن جندب بن عبد الله الصحابي رضي الله عنه، وانفرد مسلم بالرواية عن أبي بشر هذا، واتفقوا على توثيقه اهـ (حدثنا سعيد بن جبير عن ابن عباس رضي الله عنهما (ح) وحدثنا يحيى بن يحيى) التميمي (واللفظ) الآتي (له) أي ليحيى (أخبرنا هشيم) بن بشير (عن أبي بشر) الوليد بن مسلم (عن سعيد بن جبير عن ابن عباس رضي الله عنهما وهذا السند من خماسياته، غرضه بسوقهما بيان متابعة أبي بشر لعمرو بن دينار في رواية هذا الحديث عن سعيد بن جبير (أن رجلًا كان) واقفًا (مع رسول الله صلى الله عليه وسلم محرمًا فوقصته) أي دقت عنقه (ناقته فمات فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم اغسلوه بماء وسدر وكفنوه في ثوبيه ولا تمسوه) من الإمساس أو المس أي لا تلطخوه (بطيب ولا تخمروا رأسه فإنه يبعث يوم القيامة ملبدًا) قال العيني: هو من التلبيد وهو أن يجعل المحرم في رأسه شيئًا من الصمغ ليلتصق شعره فلا يشعث في الإحرام، وأنكر عياض رواية التلبيد وقال: ليس له معنى. (قلت) له معنى هو أن الله يبعثه على هيئته التي مات عليها قولًا وفعلًا وصفة اهـ.
ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة سابعًا في حديثه فقال:
2779 -
(00)(00)(وحدثني أبو كامل فضيل بن حسين الجحدري) البصري
حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ، عَنْ أَبِي بِشْرٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما؛ أَنَّ رَجُلًا وَقَصَهُ بَعِيرُهُ وَهُوَ مُحْرِمٌ مَعَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم. فَأَمَرَ بِهِ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم أَنْ يُغْسَلَ بِمَاءٍ وَسِدْرٍ. وَلَا يُمَسَّ طِيبًا. وَلَا يُخَمَّرَ رَأْسُهُ. فَإِنَّهُ يُبْعَثُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مُلَبِّدًا.
2780 -
(00)(00) وحدّثنا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ وَأَبُو بَكْرِ بْنُ نَافِعٍ. قَال ابْنُ نَافِعٍ: أَخْبَرَنَا غُنْدَرٌ. حَدَّثَنَا شُعْبَةُ. قَال: سَمِعْتُ أَبَا بِشْر يُحَدِّثُ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيرٍ؛ أَنَّهُ سَمِعَ ابْنَ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما يُحَدِّثُ؛ أن رَجُلًا أَتَى النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم وَهُوَ مُحْرِمٌ. فَوَقَعَ مِنْ نَاقَتِهِ فَأَقْعَصَتْهُ. فَأَمَرَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم أَنْ يُغْسَلَ بِمَاءٍ وَسِدْرٍ
ــ
(حدثنا أبو عوانة) الوضاح بن عبد الله اليشكري الواسطي (عن أبي بشر) الوليد بن مسلم البصري (عن سعيد بن جبير عن ابن عباس رضي الله عنهما وهذا السند من خماسياته، غرضه بسوقه بيان متابعة أبي عوانة لهشيم في رواية هذا الحديث عن أبي بشر (أن رجلًا وقصه) أي كسر عنقه (بعيره) أي ناقته لأن البعير يطلق على الذكر والأنثى كما يدل عليه سابق الكلام ولاحقه (وهو محرم) واقف (مع رسول الله صلى الله عليه وسلم بعرفة (فأمر به) أي في تجهيزه (رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يغسل بماء وسدر ولا يمس) بصيغة المبني للمجهول (طيبًا) أي بطيب (ولا يخمر رأسه فإنه يبعث يوم القيامة ملبدًا) على صيغة اسم الفاعل أي متصفًا بصفة التلبيد أي بأثره.
ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة ثامنًا في حديثه فقال:
2780 -
(00)(00)(وحدثنا محمد بن بشار) العبدي البصري (وأبو بكر) محمد بن أحمد (بن نافع) العبدي البصري، ثقة، من (10)(قال ابن نافع أخبرنا غندر) محمد بن جعفر الهذلي البصري (حدثنا شعبة قال سمعت أبا بشر) الوليد بن مسلم (يحدّث عن سعيد بن جبير أنه سمع ابن عباس رضي الله عنهما وهذا السند من سداسياته، غرضه بسوقه بيان متابعة شعبة لهشيم في رواية هذا الحديث عن أبي بشر (يحدّث) ابن عباس (أن رجلًا أتى النبي صلى الله عليه وسلم وهو محرم فوقع) أي سقط (من ناقته فأقعصته) أي كسرت عنقه (فأمر النبي صلى الله عليه وسلم أن يغسل بماء وسدر
وَأَنْ يُكَفَّنَ فِي ثَوْبَينِ. وَلَا يُمَسَّ طِيبًا خَارجٌ رَأْسُهُ. قَال شُعْبَةُ: ثُمَّ حَدَّثَنِي بِهِ بَعْدَ ذلِكَ: خَارِجٌ رَأْسُهُ وَوَجْهُهُ، فَإِنَّهُ يُبْعَثُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مُلَبِّدًا.
2781 -
(00)(00) حدَّثنا هَارُونُ بْنُ عَبْدِ اللهِ. حَدَّثنَا الأَسْوَدُ بْنُ عَامِرٍ، عَنْ زُهَيرٍ، عَنْ أَبِي الزُّبَيرِ. قَال: سَمِعْتُ سَعِيدَ بْنَ جُبَيرٍ يَقُولُ: قَال ابْنُ عَبَّاسٍ رضي الله تعالى عنهما: وَقَصَتْ رَجُلًا رَاحِلَتُهُ، وَهُوَ مَعَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم. فَأَمَرَهُمْ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم أَنْ يَغْسِلُوهُ بِمَاءٍ وَسِدْرٍ. وَأَنْ يَكْشِفُوا وَجْهَهُ
ــ
وأن يكفن في ثوبين ولا يمس) بالبناء للمجهول (طيبًا) أي بطيب وقوله (خارج) مبتدأ لا خبر له، وسوغ الابتداء بالنكرة اعتماده على صاحب الحال (رأسه) فاعل سد مسد الخبر، وجملة الوصف مع فاعله حال من نائب فاعل يكفن، وجملة قوله ولا يمس طيبًا معترضة بين الحال وعاملها والتقدير وأمر أن يكفن في ثوبين حالة كونه خارجًا رأسه من الكفن (قال شعبة) بالسند السابق (ثم حدثني) أبو بشر (به) أي بهذا الحديث (بعد ذلك) أي بعد ما حدثني به بلفظ خارج رأسه بلفظ (خارج رأسه ووجهه) بزيادة لفظة "ووجهه" أي حالة كونه خارجًا رأسه ووجهه كلاهما عن الكفن وكشف الوجه مبالغة في كشف الرأس احتياطًا لا لكون إحرامه في الوجه كما مر بسط الكلام فيه قريبًا (فإنه يبعث يوم القيامة ملبدًا) أي متشكلًا على شكل المتلبد.
ثم ذكر المؤلف المتابعة تاسعًا في حديث ابن عباس رضي الله تعالى عنهما فقال:
2781 -
(00)(00)(حدثنا هارون بن عبد الله) بن مروان البغدادي المعروف بالحمال، ثقة، من (10)(حدثنا الأسود بن عامر) الملقب بشاذان أبو عبد الرحمن الشامي، ثقة، من (9) مات سنة (208) روى عنه في (6) أبواب (عن زهير) بن معاوية الجعفي الكوفي، ثقة، من (7)(عن أبي الزبير) الأسدي محمد بن مسلم المكي (قال سمعت سعيد بن جبير يقول قال ابن عباس رضي الله تعالى عنهما) وهذا السند من سداسياته، غرضه بسوقه بيان متابعة أبي الزبير لأبي بشر في رواية هذا الحديث عن سعيد بن جبير (وقصت) أي دقت (رجلًا) من الصحابة (راحلته) أي ناقته (وهو) واقف بعرفة (مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فأمرهم) أي فأمر الحاضرين (رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يغسلوه بماء وسدر وأن يكشفوا وجهه) عند التكفين مبالغة في
(حَسِبْتُهُ قَال): وَرَأْسَهُ. فَإِنَّهُ يُبْعَثُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَهُوَ يُهِلُّ.
2782 -
(00)(00) وحدّثنا عَبْدُ بْنُ حُمَيدٍ. أَخْبَرَنَا عُبَيدُ اللهِ بْنُ مُوسَى. حَدَّثَنَا إِسْرَائِيلُ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله تعالى عنهما. قَال: كَانَ مَعَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم رَجُلٌ. فَوَقَصَتْهُ نَاقَتُهُ، فَمَاتَ. فَقَال النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:"اغْسِلُوهُ وَلَا تُقَرِّبُوهُ طِيبًا. وَلَا تُغطُّوا وَجْهَهُ. فَإِنَّهُ يُبْعَثُ يُلَبِّي".
2783 -
(1178)(98) حدَّثنا أَبُو كُرَيبٍ مُحَمَّدُ بْنُ الْعَلاءِ الْهَمْدَانِيُّ
ــ
كشف الرأس، قال زهير (حسبته) أي حسبت أبا الزبير وأظنه (قال ورأسه) أي ذكر لفظة رأسه مع وجهه أي أظنه قال: وأن يكشفوا وجهه ورأسه شك زهير في ذكره لفظة ورأسه مع الوجه (فإنه يبعث يوم القيامة وهو يهل) أي يرفع صوته بالتلبية والجملة الاسمية حال من الضمير المستتر في يبعث.
ثم ذكر المؤلف المتابعة عاشرًا في حديث ابن عباس رضي الله تعالى عنهما فقال:
2782 -
(00)(00)(وحدثنا عبد بن حميد) الكسي، ثقة، من (11)(أخبرنا عبيد الله بن موسى) العبسي مولاهم أبو محمد الكوفي، ثقة، من (9)(حدثنا إسرائيل) بن يونس بن أبي إسحاق السبيعي الكوفي (عن منصور) بن المعتمر بن عبد الله السلمي الكوفي (عن سعيد بن جبير) الوالبي الكوفي (عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما) وهذا السند من سداسياته غرضه بيان متابعة منصور لأبي الزبير، قال القاضي: وهذا الحديث مما استدركه الدارقطني على مسلم، وقال: إنما سمعه منصور عن الحكم عن سعيد وهو الصواب، وقيل عن منصور عن سلمة بن كهيل ولا يصح والله أعلم اهـ (قال) ابن عباس (كان مع رسول الله صلى الله عليه وسلم رجل فوقصته ناقته فمات فقال النبي صلى الله عليه وسلم: اغسلوه ولا تقربوه طيبًا ولا تغطوا وجهه) مبالغة في كشف الرأس لا لكون الإحرام فيه (فإنه يبعث) يوم القيامة حالة كونه (يلبي) أي يقول لبيك لبيك.
ثم استدل المؤلف رحمه الله تعالى على الجزء الأخير من الترجمة بحديث عائشة رضي الله تعالى عنها فقال:
2783 -
(1178)(98)(حدثنا أبو كريب محمد بن العلاء الهمداني) الكوفي
حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ، عَنْ هِشَامٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ رضي الله تعالى عنها. قَالتْ: دَخَلَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم عَلَى ضُبَاعَةَ بِنْتِ الزُّبَيرِ. فَقَال لَهَا: "أَرَدْتِ الْحَجَّ؟ " قَالتْ: وَاللهِ! مَا أَجِدُني إِلَّا وَجِعَةً. فَقَال لَهَا: "حُجِّي وَاشْتَرِطِي
ــ
(حدثنا أبو أسامة) حماد بن أسامة القرشي الكوفي (عن هشام) بن عروة الأسدي المدني (عن أبيه) عروة بن الزبير الأسدي المدني (عن عائشة) أم المؤمنين (رضي الله تعالى عنها) وهذا السند من خماسياته رجاله ثلاثة منهم مدنيون واثنان كوفيان (قالت) عائشة (دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم على ضباعة) بضم الضاد المعجمة وفتح الموحدة المخففة (بنت الزبير) بضم الزاي مصغرًا ابن عبد المطلب بنت عم رسول الله صلى الله عليه وسلم الصحابية الهاشمية رضي الله تعالى عنها، وأما قول صاحب الوسيط هي ضباعة الأسلمية فغلط فاحش، والصواب الهاشمية: وفي آخر الحديث وكانت تحت المقداد، وفي صحيح البخاري وكانت تحت المقداد بن الأسود وهو المقداد بن عمرو الكندي نسب إلى الأسود بن عبد يغوث الزهري لكونه تبناه فكان من حلفاء قريش وتزوج ضباعة وهي هاشمية فلولا أن الكفاءة لا تعتبر في النسب لما جاز له أن يتزوجها لأنها فوقه في النسب وللَّذي يعتبر الكفاءة في النسب أن يجيب بأنها رضيت هي وأولياؤه فسقط حقهم من الكفاءة وهو جواب صحيح إن ثبت أصل اعتبار الكفاءة في النسب (فقال لها) رسول الله صلى الله عليه وسلم (أردت الحج) في هذه السنة، وفي نكاح صحيح البخاري لعلك أردت الحج قال ذلك لها وهي في المدينة لحبه توجهها للحج معه في حجته كما في المرقاة (قالت) ضباعة (والله ما أجدني) أي ما أجد نفسي (إلا وجعة) بفتح الواو وكسر الجيم وهو من الصفات المشبهة أي ما أجد نفسي إلا ذات وجع أي مرض تعني أجد في نفسي ضعفًا من المرض لا أدري هل أقدر على إتمام الحج أم لا؟ واتحاد الفاعل والمفعول مع كونهما ضميرين لشيء واحد من خصائص أفعال القلوب، قال ابن حجر: وفي الحديث جواز اليمين في درج الكلام بغير قصد (فقال لها) رسول الله صلى الله عليه وسلم (حجي) أي أحرمي بالحج (واشترطي) أي واجعلي شرطًا في حجك عند الإحرام وهو اشتراط التحلل متى احتاجت إليه فكأنها قالت لما سألها النبي صلى الله عليه وسلم عن إرادتها الحج إني أريده وإني أحس من نفسي مرضًا يمنعني عن الاستمرار على الإحرام وإيفاء المناسك بالتمام أفأشترط شرطًا يجعلني في حل متى
وَقُولِي: اللَّهُمَّ! مَحِلي حَيثُ حَبَسْتَنِي" وَكَانَتْ تَحْتَ الْمِقْدَادِ.
2784 -
(00)(00) وحدّثنا عَبْدُ بْنُ حُمَيدٍ. أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّزَاقِ. أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ رضي الله تعالى عنها
ــ
أحتاج إليه فقال صلى الله عليه وسلم لها: "نعم" قالت كما في النسائي: كيف أقول في شرط التحلل؟ كما يؤخذ من قوله لها (وقولي) لدى إحرامك (اللهم محلي) بفتح الميم وكسر الحاء أي موضع تحللي من الإحرام ومحلي خروجي من الحج تعني مكانه أو زمانه (حيث حبستني) أي حيث منعتني يا الله، وقوله محلي مبتدأ خبره حيث منعتني أي موضع تحللي من الإحرام المكان الذي منعتني فيه عن إتمامه وعجزت عن الإتيان بالمناسك بسبب قوة المرض فإن لكِ على ربك ما استثنيت، قال في المبارق: وفائدة هذا الاشتراط أن تصير حلالًا بدون دم الإحصار استدل به الإمام الشافعي وأحمد على أن المحرم إذا اشترط في إحرامه أن يتحلل بعذر فله ذلك، وليس له ذلك عند أبي حنيفة ومالك لأن الحديث رخصة لضباعة خاصة بها اهـ، وقوله (وكانت) ضباعة (تحت) نكاح (المقداد) بن الأسود، هذا الكلام لا وجه لإيراده هنا والبخاري إنما أورده لأنه هو المقصود عنده من الحديث فإنه أخرج هذا الحديث في باب الأكفاء في الدين من كتاب النكاح ووجه ذلك أن المقداد هو ابن عمرو الكندي نسب إلى الأسود بن عبد يغوث الزهري فاشتهر بالمقداد ابن الأسود لكونه تبناه وكان من تبنى رجلًا في الجاهلية دعاه الناس إليه فصار بهذا السبب من حلفاء قريش وتزوج ضباعة وهي هاشمية إلى آخر ما تقدم قريبًا، ثم إن ظاهر السياق أن الكلام المذكور من قول الصديقة ويحتمل أنه من قول عروة أبي هشام كما في فتح الباري ولا تعلق له بالحج، وكان المقداد من كبار أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم. وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث أحمد [6/ 360]، والنسائي [5/ 68]، وابن ماجه [2937].
ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة في حديث عائشة رضي الله تعالى عنها فقال:
2784 -
(00)(00)(وحدثنا عبد بن حميد) الكسي (أخبرنا عبد الرزاق) بن همام الصنعاني (أخبرنا معمر) بن راشد الأزدي البصري (عن الزهري عن عروة) بن الزبير (عن عائشة رضي الله تعالى عنها) وهذا السند من سداسياته، غرضه بيان متابعة
قَالتْ: دَخَلَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم عَلَى ضُبَاعَةَ بِنْتِ الزُّبَيرِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ. فَقَالتْ: يَا رَسُولَ اللهِ! إِنِّي أَرِيدُ الْحَجَّ. وَأَنَا شَاكِيَةٌ. فَقَال النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: "حُجِّي، وَاشْتَرِطِي أَنَّ مَحِلِّي حَيثُ حَبَسْتَنِي".
2785 -
(00)(00) وحدّثنا عَبْدُ بْنُ حُمَيدٍ. أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ. أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ رضي الله تعالى عنها، مِثْلَهُ.
2786 -
(1179)(99) وحدّثنا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ. حَدَّثنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ عَبْدِ الْمَجِيدِ وَأَبُو عَاصِمٍ
ــ
الزهري لهشام بن عروة (قالت) عائشة (دخل النبي صلى الله عليه وسلم على ضباعة بنت الزبير بن عبد المطلب) بن هاشم فقال لها: هل تريد الحج معي؟ كما هو مصرح في بعض الروايات (فقالت) ضباعة نعم (يا رسول الله إني أريد الحج) معك (و) لكن (أنا شاكية) أي مريضة، والشكاية المرض (فقال) لها (النبي صلى الله عليه وسلم لا بأس عليك (حجي) أي أحرمي بالحج (واشترطي) في إحرامك (أن محلي) أي قولي في شرطك: اللهم إن موضع إحلالي من الأرض (حيث حبستني) أي هو المكان الذي منعتني فيه الوصول إلى مكة وعجزت فيه عن الإتيان بالمناسك وانحبست عنها بسبب قوة المرض عليّ، ومحلي بكسر الحاء اسم مكان بمعنى موضع التحلل من الإحرام كما مر آنفًا.
ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة ثانيًا في حديثها فقال:
2785 -
(00)(00)(وحدثنا عبد بن حميد) بن نصر (أخبرنا عبد الرزاق) بن همام الصنعاني (أخبرنا معمر) بن راشد البصري (عن هشام بن عروة عن أبيه) عروة (عن عائشة رضي الله تعالى عنها) وهذا السند من سداسياته، غرضه بيان متابعة معمر لأبي أسامة في رواية هذا الحديث عن هشام.، وساق معمر (مثله) أي مثل ما روى أبو أسامة عن هشام ولو قدم هذه المتابعة على المتاجمعة التي قبلها لكان أنسب وأوضح وأوفق لاصطلاحاته والله أعلم ثم استشهد المؤلف لحديث عائشة بحديث ابن عباس رضي الله عنهم فقال:
2786 -
(1179)(99)(وحدثنا محمد بن بشار) العبدي البصري (حدثنا عبد الوهاب بن عبد المجيد) الثقفي البصري، ثقة، من (8)(وأبو عاصم) النبيل الشيباني
وَمُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ، عَنِ ابْنِ جُرَيجٍ. ح وَحَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ (وَاللَّفْظُ لَهُ) أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ. أَخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيجٍ. أَخْبَرَنِي أَبُو الزُّبَيرِ؛ أَنَّهُ سَمِعَ طَاوُسًا وَعِكْرِمَةَ مَوْلَى ابْنِ عَبَّاسٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ؛ أَنَّ ضُبَاعَةَ بِنْتَ الزُّبَيرِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِب رضي الله تعالى عنها أَتَتْ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم. فَقَالتْ: إِنِّي امْرَأَةٌ ثَقِيلَةٌ. وَإِنِّي أُرِيدُ الْحَجَّ. فَمَا تَأْمُرُنِي؟ قَال: "أَهِلِّي بِالْحَجِّ، وَاشْتَرِطِي أَنَّ مَحِلِّي حَيثُ تَحْبِسُنِي". قَال: فَأَدْرَكَتْ
ــ
الضحاك بن مخلد بن الضحاك بن مسلم البصري، ثقة ثبت، من (9)(ومحمد بن بكر) الأزدي البرساني البصري، صدوق، من (9) كلهم (عن) عبد الملك (بن جريج) الأموي المكي، ثقة، من (6)(ح وحدثنا إسحاق بن إبراهيم) الحنظلي المروزي (واللفظ) الآتي (له) أي لإسحاق (أخبرنا محمد بن بكر) البرساني البصري (أخبرنا ابن جريج) الأموي المكي (أخبرني أبو الزبير) الأسدي مولاهم محمد بن مسلم بن تدرس المكي (أنه) أي أن أبا الزبير (سمع طاوسًا) ابن كيسان اليماني (وعكرمة) بن عبد الله البربري (مولى ابن عباس عن ابن عباس) رضي الله عنهم. وهذان السندان من سداسياته رجال الأول منهما ثلاثة منهم مكيون أو مكيان ويماني وواحد طائفي، ورجال الثاني منهما ثلاثة منهم مكيون أو مكيان ويماني وواحد طائفي، ورجال الثاني منهما ثلاثة منهم مكيون أو مكيان ويماني وواحد طائفي وواحد بصري وواحد مروزي، وفيهما التحديث والإخبار جمعًا وإفرادًا والسماع والعنعنة والمقارنة (أن ضباعة بنت الزبير بن عبد المطلب رضي الله تعالى عنها أتت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت: إني امرأة ثقيلة) أثقلني المرض وأضعفني (وإني أريد الحج) معك (فما تأمرني) أي فأي شيء تأمرني به أأحج في هذه السنة أم أتركه يا رسول الله؟ فلم يجبها عقب سؤالها انتظارًا للوحي، ثم دخل عليها فـ (قال لها أهلي بالحج واشترطي أن محلي) أي أن موضع تحللي (حيث تحبسني) يا رب أي المكان الذي منعتني فيه عن أداء المناسك فبهذا التقدير يحصل الجمع بين حديث عائشة وحديث ابن عباس لما بينهما من التعارض لأن عائشة قالت دخل النبي صلى الله عليه وسلم على ضباعة، وقال ابن عباس إن ضباعة أتت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت إني امرأة ثقيلة (قال) ابن عباس (فأدركت) ضباعة الحج ولم تتحلل حتى فرغت منه. وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث النسائي أخرجه في المناسك، وابن ماجه
2787 -
(00)(00) حدَّثنا هَارُونُ بْنُ عَبْدِ اللهِ. حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ الطَّيَالِسِيُّ. حَدَّثَنَا حَبِيبُ بْنُ يَزيِدَ، عَنْ عَمْرِو بْنِ هَرِمٍ، عَنْ سعِيدِ بْنِ جُبَيرٍ وَعِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله تعالى عنهما؛ أَنَّ ضُبَاعَةَ أَرَادَتِ الْحَجَّ. فَأَمَرَهَا النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم أَنْ تَشْتَرِطَ. فَفَعَلَتْ ذلِكَ عَنْ أَمْرِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم.
2788 -
(00)(00) وحدّثنا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ وَأَبُو أَيُّوبَ الْغَيلانِيُّ
ــ
أخرجه في المناسك أيضًا كما في تحفة الأشراف.
ثم ذكر المؤلف المتابعة في حديث ابن عباس رضي الله تعالى عنهما فقال:
2787 -
(00)(00)(حدثنا هارون بن عبد الله) بن مروان البغدادي، ثقة، من (10)(حدثنا أبو داود الطيالسي) سليمان بن داود بن الجارود البصري، ثقة، من (9)(حدثنا حبيب بن) أبي حبيب اسمه (يزيد) الجرمي البصري الأنماطي نسبة إلى الأنماط وهي البسط، روى عن عمرو بن هرم في الحج، والحسن وجماعة، ويروي عنه (م س ق) وأبو داود الطيالسي وابن مهدي وسليمان بن حرب، قال ابن عدي: أرجو أنه لا بأس به، وذكره ابن حبان في الثقات، وقال في التقريب: صدوق يخطئ، من السابعة، مات سنة (162) اثنتين وستين ومائة (عن عمرو بن هرم) الأزدي البصري، روى عن سعيد بن جبير في الحج، وعكرمة وربعي، ويروي عنه (م ت س ق) وحبيب بن يزيد وسالم المرادي، وثقه أحمد، وقال في التقريب: ثقة، من السادسة، مات قبل قتادة (عن سعيد بن جبير) الوالبي الكوفي (وعكرمة) بن عبد الله البربري المكي (عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما) وهذا السند من سداسياته، غرضه بيان متابعة عمرو بن هرم لأبي الزبير في رواية هذا الحديث عن عكرمة (أن ضباعة) بنت الزبير (أرادت الحج) مع النبي صلى الله عليه وسلم (فأمرها النبي صلى الله عليه وسلم أن تشترط) التحلل بعذر المرض (ففعلت ذلك) الذي أمرها النبي صلى الله عليه وسلم من اشتراط التحلل (عن أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم أي بأمره صلى الله عليه وسلم، فعن بمعنى الباء.
ثم ذكر المؤلف المتابعة ثانيًا في حديث ابن عباس رضي الله تعالى عنهما فقال:
2788 -
(00)(00)(وحدثنا إسحاق بن إبراهيم) الحنظلي المروزي (وأبو أيوب) المازني (الغيلاني) البصري، صدوق، من (11) روى عنه في (5) أبواب
وَأَحْمَدُ بْنُ خِرَاشٍ (قَال إِسْحَاقُ: أَخْبَرَنَا. وَقَال الآخَرَانِ: حَدَّثَنَا أَبُو عَامِرٍ، وَهُوَ عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ عَمْرٍو) حَدَّثنَا رَبَاحٌ (وَهُوَ ابْنُ أَبِي مَعْرُوفٍ) عَنْ عَطَاءٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله تعالى عنهما؛ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَال لِضُبَاعَةَ رضي الله تعالى عنها:"حُجِّي، وَاشْتَرِطِي أَنَّ مَحِلِّي حَيثُ تَحْبِسُنِي". وَفِي رِوَايَةِ إِسْحَاقَ: أَمَرَ ضُبَاعَةَ
ــ
(وأحمد) بن الحسن (بن خراش) بكسر ففتح الخراساني البغدادي، صدوق، من (11) روى عنه في (8) أبواب (قال إسحاق: أخبرنا، وقال الآخران: حدثنا أبو عامر وهو عبد الملك بن عمرو) العقدي البصري، ثقة، من (9) روى عنه في (9) أبواب (حدثنا رباح) بالموحدة (وهو ابن أبي معروف) بن أبي سارة المكي، صدوق له أوهام، من (7) روى عنه في (2) بابين (عن عطاء) بن أبي رباح أسلم القرشي مولاهم المكي، ثقة، من (3)(عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما) وهذا السند من خماسياته، غرضه بيان متابعة عطاء لمن روى عن ابن عباس (أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لضباعة رضي الله تعالى عنها) لما شاورته (حجي واشترطي) وقولي في الاشتراط يا رب (أن محلي حيث تحبسني) بعذر المرض (وفي رواية إسحاق) بن إبراهيم أن النبي صلى الله عليه وسلم (أمر ضباعة) أن تحج وتشترط وتقول: إن محلي حيث تحبسني.
وجملة ما ذكره المؤلف في هذا الباب ثلاثة أحاديث، الأول حديث ابن عباس الأول ذكره للاستدلال به على الجزء الأول من الترجمة وذكر فيه عشر متابعات، والثاني حديث عائشة ذكره للاستدلال به على الجزء الثاني من الترجمة وذكر فيه متابعتين، والثالث حديث ابن عباس الثاني ذكره للاستشهاد به لحديث عائشة رضي الله تعالى عنها وذكر فيها متابعتين والله سبحانه وتعالى أعلم.
[فائدة]: قال الأبي: موانع تمام الحج والعمرة بعد الإحرام بأحدهما خمسة: حصر العدو، وفتن الإسلام، وحصر المرض، وحبس السلطان في حق أو ظلم، ومنع السيد عبده ومنع الزوج الزوجة، زاد ابن شاس ومنع الأبوين، فحصر العدو والفتن يبيح التحلل حيث كان فيحلق ويرجع إلى بلده وإن أخّر الحلق إلى بلده فلا هدي عليه، وله أن يبقى على إحرامه إلى قابل وتأتي أحكام الحصر إن شاء الله تعالى، وحصر المرض وفي معناه فوات الوقوف بخطإِ في العدد أو خفاء الهلال أو فوت الرفقة أو الذهاب عن الطريق ونحو ذلك لا يحل صاحبه إلا بالوصول إلى البيت إذا صح ولو أقام سنين فإذا
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
وصله تحلل من حجه بأفعال العمرة فيطوف ويسعى ويحلق، وإنما قلنا بأفعال العمرة لأنا لو قلنا بعمرة لزم أن يحرم بها من الحل إذ لا بد فيها من الجمع بين الحل والحرم وهو في تحلله، إنما بنى على إحرامه السابق والعمرة لا بد لها من إحرام يخصها، وله أن يبقى على إحرامه إلى قابل ويُجزئه ولا دم عليه، والمستحب أن يتحلل، وروى ابن وهب أنه يبقى على إحرامه إلى قابل وإن فعل لم يجزه، وهذا التخيير في التحلل إنما هو إذا صح قبل أشهر الحج فإن صح فيها لم يتحلل لأن استدامة الإحرام في أشهر الحج كإنشائه فيها وممن أنشأ الإحرام في أشهر الحج لم يتحلل منه وإذا كان المحصر بمرض لا يحله إلا الوصول إلى البيت فهل لمن أراد الإحرام بأحد النسكين أن يشترط في إحرامه أنه إن مرض تحلل وينفعه شرطه، قال القاضي عياض: فمالك وأبو حنيفة لا يريانه نافعًا ويحملان الحديث على أنه قضية في عين خاصة بهذه المرأة إذ لعلها كانت مريضة أو كان لها عذر فحللها بذلك، وأجاز له أن يشترط عمر وعلي وابن مسعود وأحمد وجماعة، وللشافعي في ذلك قولان وتأول له آخرون الحديث على أن المراد بالتحلل فيه التحلل بعمرة وكذلك جاء الحديث مفسرًا من رواية ابن المسيب أنه صلى الله عليه وسلم أمر جماعة أن تشترط؛ اللهم الحج أردت فإن تيسر وإلا فعمرة، ونحوه عن عائشة أنها كانت تقول للحج خرجت فإن منعت منه بشيء فهو عمرة، وقال الأصيلي: لا يثبت في الاشتراط إسناد صحيح، وقال النسائي: لا أعلم أحدًا أسنده عن الزهري غير معمر، قال النواوي: وهذا الذي عرض به القاضي ونقله عن الأصيلي من تضعيف الحديث غلط فاحش لأن الحديث مشهور في الصحيحين والمصنفات ونبهت على ذلك لئلا يغتر به، قال القاضي: والحديث حجة على أن المحصر بمرض لا يحله إلا البيت إذ لو لم يكن كذلك لم يكن لشرطه فائدة. (قلت) والحديث حجة للمخالف، فإن (قلت) الحديث يدل على أن المرض ليس بموجب للحصر إذ لو كان كذلك لم يحتج إلى شرط (قلت) التحلل المشترط غير التحلل الذي عن حصر المرض على ما عرفت مما تقدم اهـ من الأبي.
***