الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
453 - (9) باب: فضل صيام ثلاثة أيام من كل شهر وفضل صوم يوم عرفة وعاشوراء والاثنين والخميس
2626 -
(1130)(50) حدَّثنا شَيبَانُ بْنُ فَرُّوخَ. حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ، عَنْ يَزِيدَ الرِّشْكِ. قَال: حَدَّثَتْنِي مُعَاذَةُ الْعَدَويَّةُ؛ أَنَّهَا سَألَتْ عَائِشَةَ زَوْجَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: أَكَانَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَصُومُ مِنْ كُل شَهْرٍ ثَلاثَةَ أَيَّامٍ؟ قَالتْ: نَعَمْ. فَقُلْتُ لَهَا: مِنْ أَيِّ أيَّامِ الشَّهْرِ كَانَ يَصُومُ؟ قَالتْ: لَمْ يَكُنْ يُبَالِي مِنْ أَيِّ أَيَّامِ الشَّهْرِ يَصُومُ
ــ
453 -
(9) باب فضل صيام ثلاثة أيام من كل شهر وفضل صوم يوم عرفة وعاشوراء والاثنين والخميس
2626 -
(1130)(50)(حدثنا شيبان بن فروخ) الحبطي الأبلي، صدوق، من (9)(حدثنا عبد الوارث) بن سعيد بن ذكوان التميمي العنبري أبو عبيدة البصري، ثقة، من (8)(عن يزيد الرشك) بكسر الراء وسكون الشين المعجمة لقب له بالفارسية معناه كث اللحية ابن أبي يزيد الضبعي أبي الأزهر البصري الذرّاع القسّام المعروف بالرشك، وقد تقدم البحث عنه في كتاب الصلاة، وثقه أبو زرعة وأبو حاتم والترمذي وابن سعد، وقال النسائي: ليس به باس، وذكره ابن حبان في الثقات، وقال في التقريب: ثقة عابد، من السادسة (قال) يزيد (حدثتني معاذة) بنت عبد الله (العدوية) أم الصهباء البصرية امرأة صلة بن أشيم، ثقة، من (3) روى عنها في (4) أبواب (أنها سألت عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم رضي الله تعالى عنها. وهذا السند من خماسياته رجاله ثلاثة منهم بصريون وواحد مدني وواحد أبلي (أكان) أي هل كان (رسول الله صلى الله عليه وسلم يصوم من كل شهر ثلاثة أيام قالت) عائشة (نعم) يصومها قالت معاذة (فقلت لها) أي لعائشة (من أي أيام الشهر كان يصوم) هذه الثلاثة أيصوم من أوله أو من وسطه أو من آخره أيصومها متصلة أو متفرقة (قالت) عائشة (لم يكن) النبي صلى الله عليه وسلم (يبالي) ويكترث (من أي أيام الشهر يصوم) أي لم يهتم لتعيين بل كان يصومها بحسب ما يقتضيه رأيه الشريف، قال الزرقاني: وبه جمع البيهقي بين أحاديث غير عائشة المعينة المختلفة التعيين فقال كل من رآه فعل نوعًا ذكره، ورأت عائشة جميع ذلك فأطلقت، قال بعضهم: ولعله صلى الله عليه وسلم لم يواظب على ثلاثة معينة لئلا يظن تعيينها، قال:
2627 -
(1131)(51) وحدّثني عَبْدُ اللهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أسْمَاءَ الضُّبَعِيُّ
ــ
وقد جعل الله تعالى صيام هذه الثلاثة الأيام من الشهر بمنزلة صيام الدهر كما سيأتي في الباب، ولأن الثلاثة أقل حد الكثرة اهـ، قال القرطبي: قوله (لم يكن يبالي من أي أيام الشهر كان يصوم) تعني أنه لم يكن يعين لصوم الثلاثة زمانًا مخصوصًا من الشهر يداوم عليه، وإنما كان يصومها مرة في أوله، ومرة في آخره، ومرة في وسطه، وهذا والله أعلم لئلا يتخيل متخيل وجوبها لو لُوزمت في وقت بعينه أو ليبين فرق ما بين الواجب والتطوع فإن الواجبات في الغالب معينة بأوقات أو ذلك بحسب تمكنه والله تعالى أعلم غير أنه قد جاء في حديث صحيح ذكره النسائي من حديث جرير بن عبد الله تخصيص أيام البيض بالذكر المعين فقال صلى الله عليه وسلم:"صيام ثلاثة من كل شهر صيام الدهر أيام البيض صبيحة ثلاث عشرة وأربع عشرة وخمس عشرة" رواه النسائي [4/ 221]. روينا هذا اللفظ عن متقني مشايخنا برفع (أيام) و (صبيحة) على إضمار المبتدإ كأنه قال: هي أيام البيض عائدًا على ثلاثة أيام و (صبيحة) يرتفع على البدل من (أيام) وأما الخفض فيهما فعلى البدل من (أيام) المتقدمة، هذا أولى ما يوجه في إعرابها، وعلى التقديرين فهذا الحديث مقيد لمطلق الثلاثة الأيام التي صومها كصوم الدهر على أنه يحتمل أن يكون النبي صلى الله عليه وسلم عئن هذه الأيام لأنها وسط الشهر وأعدله كما قال:"خير الأمور أوسطها" وعلى هذا يدل قوله صلى الله عليه وسلم: "هل صمت من سرة هذا الشهر شيئًا" على ما يأتي إن شاء الله تعالى.
والحاصل أن ثلاثة أيام من كل شهر صيام الدهر حيث صامها وفي أي وقت أوقعها واختلاف الأحاديث في هذا عن النبي صلى الله عليه وسلم تدل على أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يكن يرتب على زمان بعينه من الشهر كما قالته عائشة رضي الله تعالى عنها، وأن كل ذلك قد فعله النبي صلى الله عليه وسلم اهـ من المفهم. وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث أحمد [6/ 145 - 146]، وأبو داود [2453]، والترمذي [763]، وابن ماجه [1709].
ثم استشهد المؤلف لحديث عائشة بحديث عمران بن حصين رضي الله تعالى عنهما فقال:
2627 -
(1131)(51)(وحدثني عبد الله بن محمد بن أسماء الضبعي) بضم
حَدَّثنَا مَهْدِيٌّ (وَهُوَ ابْنُ مَيمُونٍ) حَدَّثنَا غَيلانُ بْنُ جَرِيرٍ، عَنْ مُطَرِّفٍ، عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَينٍ رضي الله عنه؛ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَال لَهُ (أَوْ قَال لِرَجُلٍ وَهُوَ يَسْمَعُ):"يَا فُلانُ أَصُمْتَ مِنْ سُرَّةِ هذَا الشَّهْرِ؟ " قَال: لَا. قَال: "فَإِذَا أَفْطَرْتَ، فَصُمْ يَوْمَينِ"
ــ
المعجمة وفتح الموحدة أبو عبد الرحمن البصري، ثقة، من (15) روى عنه في (3) أبواب (حدثنا مهدي وهو ابن ميمون) الأزدي المعولي بكسر المهملة وسكون العين، نسبة إلى معولة بطن من الأزد أبو يحيى البصري، ثقة، من صغار (6) روى عنه في (7) أبواب (حدثنا فيلان بن جرير) الأزدي المعولي البصري، ثقة، من (5) روى عنه في (7) أبواب (عن مطرف) بن عبد الله بن الشخير العامري البصري، ثقة، من (2) روى عنه في (9) أبواب (عن عمران بن حصين) بن عبيد الخزاعي أبي نجيد مصغرًا البصري رضي الله عنه وهذا السند من خماسياته، ومن لطائفه أن رجاله كلهم بصريون (أن النبي صلى الله عليه وسلم قال له) أي لعمران (أو قال لرجل) آخر (وهو) أي والحال أن عمران (يسمع) كلام النبي صلى الله عليه وسلم، وهذا شك من مطرف، ورواه أحمد من طريق سليمان التيمي (قال- لعمران) بغير شك (يا فلان) وفي مطبوع البخاري (يا أبا فلان) بأداة الكنية (أصمت من سرة هذا الشهر) -بضم السين المهملة وتشديد الراء وبعدها هاء- وهي وسطه لأن السرة وسط قامة الإنسان، والشهر المشار إليه في هذا الحديث هو شعبان، قال: وهذا تصريح من مسلم بأن رواية عمران الأولى بالهاء والثانية بالراء، ولهذا فرق بينهما بحديث أبي قتادة وأدخل الأول مع حديث عائشة كالتفسير له فكأنه يقول يستحب أن تكون الأيام الثلاثة من سرة الشهر وهي وسطه وهذا متفق على استحبابه وهو استحباب كون الثلاثة هي الأيام البيض من كل شهر ثلاثة والذي ندب إلى إمساكه بدلًا عنها كما في الحديث اثنان فلا توفيق إلا إذا حمل السرر على معنى آخر الشهر وهو يومان من آخره لاستسرار القمر فيهما اهـ، قال العلامة السندي: الظاهر أن هذا الحديث وحديث سرر هذا الشهر واحد وإنما وقع الاختلاف من بعض الرواة سهوًا أو ظنًّا منه أن السرر معناه السرة كما قال غير واحد فنقل بالمعنى والله أعلم اهـ (قال) عمران أو الرجل (لا) أي ما صمت من سرره فـ (قال) له النبي صلى الله عليه وسلم (فإذا أفطرت) أي من رمضان كما هو في الرواية الآتية (فصم يومين) بدلًا عنهما استحبابًا، قال
2628 -
(132 1)(52) وحدثنا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى التَّمِيمِيُّ وَقُتَيبَةُ بْنُ سَعِيدٍ. جَمِيعًا عَنْ حَمَّادٍ. قَال يَحْيَى:
ــ
القرطبي: (قوله صلى الله عليه وسلم للرجل هل صمت من سرر شعبان شيئًا) المعروف عند اللغويين وغيرهم أن سرار الشهر آخره يقال سراره وسرره وسِرُّهُ آخره، وهو حين يستسر الهلال، وقال أبو داود عن الأوزاعي: سره أوله، وقيل: وسطه، قال ابن السكيت: سرار الأرض أكرمها وأوسطها، وسرار كل شيء وسطه وأفضله، قال القاضي عياض: وقد يكون سرر الشهر من هذا أي أفضل أيامه كما جاء في حديث جرير في ذكر الأيام البيض كما تقدم أقلت، فإن حملنا السرار في هذا الحديث على أول الشهر لم يكن فيه إشكال، هان حملناه على آخر الشهر عارضه قوله صلى الله عليه وسلم:"لا تقدموا رمضان بصوم يوم ولا يومين" رواه السبعة من حديث أبي هريرة رضي الله عنه ويرتفع ما يتوهم من المعارضة بأن يحمل النهي على من لم تكن له عادة بصوم شيء من شعبان فيصومه لأجل رمضان، وأما من كانت له عادة أن يصوم فليستمر على عادته، وقد جاء هذا أيضًا في بقية الخبر فإنه قال:"إلا أن يكون أحدكم يصوم صومًا فليصمه" كما تقدم. (قوله فصم يومين مكانه) هذا منه صلى الله عليه وسلم حمل على ملازمة عادة الخير حتى لا تقطع، وحض على أن لا يمضي على المكلف مثل شعبان فلم يصم منه شيئًا فلما فاته صومه أمره أن يصوم من شوال يومين ليحصل له أجر من الجنس الذي فوته على نفسه.
[قلت] ويظهر لي أنه إنما أمره بصوم يومين للمزية التي يختص بها شعبان فلا بُعْد في أن يقال إن صوم يوم منه كصوم يومين في غيره، وشهد لهذا أنه صلى الله عليه وسلم كان يصوم منه أكثر مما كان يصوم من غيره اغتناما لمزية فضيلته والله أعلم اهـ من المفهم.
وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث أحمد [4/ 443 - 444]، وأبو داود [2328].
ثم استشهد المؤلف رحمه الله تعالى ثانيًا لحديث عائشة بحديث أبي قتادة رضي الله عنهما فقال:
2628 -
(1132)(52)(وحدثنا يحيى بن يحيى التميمي) النيسابوري (وقتيبة بن سعيد) الثقفي البلخي (جميعًا عن حماد) بن زيد بن درهم الأزدي البصري (قال يحيى
أَخْبَرَنَا حَمَّادُ بْنُ زيدٍ، عَنْ غَيلانَ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ مَعْبَدٍ الزِّمَّانِي، عَنْ أَبِي قَتَادَةَ: رَجُلٌ أَتَى النبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَقَال: كَيفَ تَصُومُ؟ فَغَضِبَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم
ــ
أخبرنا حماد بن زيد عن غيلان) بن جرير الأزدي المعولي البصري، ثقة، من (5)(عن عبد الله بن معبد الزماني) -بكسر الزاي وتشديد الميم- نسبة إلى زمان بن مالك بطن من ربيعة كما في اللباب البصري، روى عن أبي قتادة في الصوم، وعبد الله بن عتبة في التفسير، وأبي هريرة، ويروي عنه (م عم) وغيلان بن جرير وقتادة وثابت، وثقه النسائي، وقال العجلي: بصري تابعي ثقة، وذكره ابن حبان في الثقات، وقال في التقريب: ثقة، من الثالثة (عن أبي قتادة) الأنصاري السلمي -بفتح السين واللام- الحارث بن ربعي المدني رضي الله عنه. وهذا السند من خماسياته رجاله ثلاثة منهم بصريون وواحد مدني وواحد إما نيسابوري أو بلخي، قال أبو قتادة (رجل) سائل أو رجل من الأصحاب، وهو مبتدأ خبره جملة قوله (أتى النبي صلى الله عليه وسلم وسوغ الابتداء بالنكرة قصد الجنس كقولهم بقرة تكلمت أو وصفه بصفة محذوفة معلومة من السياق كما قدرناه، أو قصد الإبهام قال النواوي: (قوله رجل أتى النبي صلى الله عليه وسلم هكذا هو في معظم النسخ رجل بالرفع على أنه خبر مبتدإ محذوف تقديره هو أي الشأن والحال رجل أتى النبي صلى الله عليه وسلم، وقد أصلح في بعض النسخ أن رجلًا أتى النبي صلى الله عليه وسلم وكان موجب هذا الإصلاح جهالة انتظام الأول وهو منتظم كما ذكرته فلا يجوز تغييره اهـ، وكلام النواوي هذا سهو منه أو سبق قلم والصواب الموافق للعربية ما قلناه فالكلام صحيح فصيح لا غبار عليه (فـ) سأله عن صومه و (قال) له صلى الله عليه وسلم الرجل (كيف تصوم) أنت يا رسول الله (فغضب رسول الله صلى الله عليه وسلم أي ظهر أثر الغضب في وجهه من قول الرجل وسوء سؤاله وكان حق السائل أن يقول كيف أصوم أو كم أصوم فيخص السؤال بنفسه ليجاب بمقتضى حاله كما أجاب غيره بمقتضى أحوالهم اهـ من المرقاة قال النواوي: قال العلماء: سبب غضبه كراهة مسألته لأنه خشي من جوابه مفسدة وهي أنه ربما يعتقد السائل وجوبه أو يستقله أو يقتصر عليه والنبي صلى الله عليه وسلم إنما لم يبالغ في الصوم لأنه كان مشتغلًا بمصالح المسلمين وحقوق أزواجه وأضيافه ولئلا يقتدي به كل واحد فيتضرر به بعضهم وكان حق السائل أن
فَلَمَّا رَأَى عُمَرُ رضي الله عنه غَضَبَهُ قَال: رَضِينَا بِاللهِ رَبا، وَبِالإِسْلامِ دِينا، وَبِمُحَمدٍ نَبِيًّا. نَعُوذُ بِاللهِ مِنْ غَضَبِ اللهِ وَغَضَبِ رَسُولِهِ. فَجَعَلَ عُمَرُ رضي الله عنه يُرَدِّدُ هذَا الْكَلامَ حَتَّى سَكَنَ غَضَبُهُ. فَقَال عُمَرُ: يَا رَسُولَ اللهِ! كَيفَ بِمَنْ يَصُومُ الدهْرَ كُلهُ؟
ــ
يقول كيف أصوم أو كم أصوم فيخص السؤال بنفسه ليجاب بمقتضى حاله كما أجاب غيره بمقتضى أحوالهم اهـ وأيضًا كان صومه صلى الله عليه وسلم لم يكن على منوال واحد بل كان يختلف باختلاف الأحوال فتارة يكثر الصوم وتارة يقله، ومثل هذا الحال لا يمكن أن يدخل تحت المقال فيتعذر جواب السؤال، ولذا وقع لجماعة من الصحابة أنهم سألوا عن عبادته لله تعالى فتقالوها، فبلغه، فاشتد غضبه عليهم قال: أنا أتقاكم لله وأخوفكم له، يعني ولا يلزم منه كثرة العبادة بل حسنها ومراعاة شرائعها وحقائقها ودقائقها وتقسيمها في أوقاتها اللائقة بها اهـ فتح الملهم، وقال القاضي عياض: غضبه لأنه كلفه ما يشق الجواب عنه لأنه إن أعلمه بصومه فلعله يقلده فيه فيعتقد وجوبه فيلحق بالفرض ما ليس منه أو يعلمه ما لا يقدر عليه فيتكلف ما يشق أو بأقل مما يقدر عليه فيعتقد أنه لا يسوغ له أن يصوم أكثر من صومه صلى الله عليه وسلم فيقصر عن فضائل كثيرة اهـ إكمال المعلم (فلما رأى عمر رضي الله عنه غضبه) صلى الله عليه وسلم أي أثر غضبه على السائل وخاف من دعائه عليه خاصة ومن السراية على غيره عامة لقوله تعالى: {وَاتَّقُوا فِتْنَةً لَا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً} كذا في المرقاة (قال) عمر رضي الله عنه اعتذارًا عنه واسترضاء منه لقوله تعالى: {أَلَيسَ مِنْكُمْ رَجُلٌ رَشِيدٌ} أي حتى يأتي بكلام سديد (رضينا بالله) أي بقضائه (ربًا وبالإسلام) أي وبأحكام الإسلام (دينًا وبـ) متابعة (محمد) صلى الله عليه وسلم (نبيًّا) ورسولًا، والمنصوبات تمييزات، ويحتمل أن تكون حالات مؤكدة، قاله القاري في المرقاة (نعوذ بالله) أي نلتجئ إلى الله ونتعوذ بذاته وعصمته (من غضب الله) تعالى علينا بسبب غضب رسوله علينا (و) من (غضب رسوله) صلى الله عليه وسلم علينا بسبب سوء أدبه (فجعل عمر) بن الخطاب رضي الله عنه يردد) أي يكرر (هذا الكلام) الذي قاله (حتى سكن) وهدأ (غضبه) صلى الله عليه وسلم (فقال عمر يا رسول الله) أي فلما سكت غضبه صلى الله عليه وسلم قال عمر كيف بمن يصوم الدهر) والسنة كله) أي جميعه إلا الأيام المنهي عنها صومها أي هل هو
قَال: "لَا صامَ وَلَا أَفْطَرَ"(أَوْ قَال): "لَمْ يَصُمْ وَلَمْ يُفْطِرْ" قَال: كَيفَ مَنْ يَصُومُ يَوْمَينِ ويفْطِرُ يَوْمًا؟ قَال: "ويطِيقُ ذلِكَ أَحَدٌ؟ " قَال: كَيفَ مَنْ يَصُومُ يَوْمًا ويفْطِرُ يَوْمًا؟ قَال: "ذَاكَ صَوْمُ دَاوُدَ عليه السلام " قَال: كَيفَ مَنْ يَصُومُ يَوْمًا ويفْطِرُ يَوْمَينِ؟ قَال: "وَدِدْتُ أَني طُوِّقْتُ ذلِكَ" ثُمَّ قَال رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم:
ــ
محمود أو مذموم؟ انظر حسن الأدب حيث بدأه بالتعظيم، ثم سأل السؤال على جه التعميم، ولذا قيل حسن السؤال نصف العلم (قال) له رسول الله صلى الله عليه وسلم (لا صام) أي لا صام صومًا فيه كمال الفضيلة (ولا أفطر) فطرًا يمنع جوعه وعطشه اهـ مرقاة، وفي شرح السنة معناه الدعاء عليه زجرًا له لكونه مظنة لتفويت الحقوق الواجبة، ويجوز أن يكون إخبارًا اهـ لأنه إذا اعتاد ذلك لم يجد رياضة ولا كلفة يتعلق بها مزيد الثواب وحيث لم ينل راحة المفطرين ولذتهم فكأنه لم يفطر اهـ فتح الملهم (أو قال) النبي صلى الله عليه وسلم أو عمر والشك من الراوي أو ممن دونه (لم يصم) صيامًا فيه فضيلة (ولم يفطر) فطرًا يمنع الجوع والعطش، ثم (قال) عمر (كيف من يصوم يومين ويفطر يومًا) هل هو محمود أو مذموم؟ فـ (قال) رسول الله صلى الله عليه وسلم أ (ويطيق ذلك) الصوم الذي قلته (أحد) من الناس بتقدير همزة الاستفهام أي أتقول ذلك ويطيقه أحد، وفيه إشارة إلى أن العلة في النهي إنما هو الضعف فيكون المعنى إن أطاقه أحد فلا بأس أو فهو أفضل كذا في شرح المشكاة للقارئ، ثم (قال) عمر كيف من يصوم يومًا ويفطر يومًا) هل هو ممدوح أو مذموم؟ (قال) رسول الله صلى الله عليه وسلم (ذاك) الذي قلته (صوم داود عليه السلام) فهو أفضل الصيام يعني وهو في غاية من الاعتدال ومراعاة لجانبي العبادة والعادة بأحسن الأحوال (قال) عمر كيف من يصوم يومًا وبفطر يومين) هل فيه فضل أم لا؟ (قال) النبي صلى الله عليه وسلم (وددت) أي أحببت وتمنيت (أني طوقت ذلك) بالبناء للمجهول؛ أي جعلني الله مطيقًا ذلك الصيام المذكور اهـ مرقاة، قال النواوي: قال القاضي؛ معناه وددت أن أمتي تطوقه لأنه صلى الله عليه وسلم كان يطيقه وأكثر منه، وكان يواصل ويقول:"إني لست كأحدكم، إني أبيت عند ربي يطعمني ويسقيني". [قلت] ويؤيد هذا التأويل قوله صلى الله عليه وسلم في الرواية الثانية: "ليت أن الله قوانا لذلك" أو يقال إنما قاله لحقوق نسائه وغيرهن من المسلمين المتعلقين والقاصدين إليه اهـ فتح الملهم (ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم
"ثَلاثٌ مِنْ كُل شَهْرٍ. وَرَمَضَانُ إِلَى رَمَضَانَ. فَهذَا صِيَامُ الدهْرِ كُلِّهِ. صِيَامُ يَومِ عَرَفَةَ، أَحْتَسِبُ عَلَى اللهِ أَنْ يُكَفِّرَ السَّنةَ التي قَبْلَه. وَالسَّنةَ الَّتي بَعْدَهُ
ــ
ثلاث) أيام (من كل شهر) أي صيامها من كل شهر، وقوله ثلاث على صيغة المؤنث، ولو قال ثلاثة بالهاء لكان صحيحًا لأن المعدود المميز إذا كان غير مذكور لفظًا جاز تذكير مميزه وتأنيثه، يقال صمنا ستًّا وستة وخمسًا وخمسة، وإنما يلزم إثبات الهاء مع المذكر إذا كان مذكورًا لفظًا وحذفها مع المؤنث إذا كان كذلك، وهذه قاعدة مسلوكة صرح بها أهل اللغة وأئمة النحاة كذا في نيل الأوطار (ورمضان إلى رمضان) ذكره لدفع توهم دخوله في كل شهر (فهذا صيام الدهر كله) قال القاري: أي حكمًا أي كصيامه لقوله تعالى: {مَنْ جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا} كذا قيل، ولا يخفى أن الكلية الحكمية إنما هي في غير رمضان؛ والمعنى أن صيامه كصيامه في الثواب لكنه من غير تضعيف على حد {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} تعدل ثلث القرآن، قيل ثلاث مبتدأ خبره قوله فهذا صيام الدهر والفاء زائدة، وقال الطيبي: أدخل الفاء في الخبر لتضمن المبتدأ معنى الشرط وذلك إن ثلاث مبتدأ ومن كل شهر صفة له أي صيام ثلاثة أيام يصومها الرجل من كل شهر صيام الدهر كله (صيام يوم عرفة) وهو التاسع من المحرم (أحتسب على الله) أي أرجو من الله تعالى (أن يكفر السنة التي قبله) أي أن يكون كفارة لذنوب السنة التي قبله أي لصغائرها (والسنة التي بعده) أي لصغائرها، وفي النهاية: الاحتساب في الأعمال الصالحة هو البدار إلى طلب الأجر وتحصيله باستعمال أنواع البر والقيام بها على الوجه المرسوم فيها طلبًا للثواب المرجوفيها، قال الطيبي: كان الأصل أن يقال أرجو من الله أن يكفر فوضع موضعه أحتسب وعداه بعلى الذي للوجوب على سبيل الوعد مبالغة لحصول الثواب، قوله (أن يكفر) قال إمام الحرمين: والمكفر الصغائر، قال القاضي عياض: وهو مذهب أهل السنة والجماعة، وأما الكبائر فلا يكفرها إلا التوبة أو رحمة الله. [قلت] ورحمة الله تحتمل أن تكون مكفرة بغيره أي بغير صوم تاسوعاء، وقال النواوي المراد بالذنوب الصغائر وإن لم تكن الصغائر يرجى تخفيف الكبائر وإن لم تكن رفعت الدرجات، قال المظهر: وتكفير السنة الآتية أن يحفظه من الذنوب فيها، وقيل أن يعطيه من الرحمة والثواب قدرا يكون كفارة للسنة الماضية والقابلة إذا جاءت واتفقت له ذنوب كذا في المرقاة، وسبق بيان مثل هذا في كتاب الطهارة والصلاة، وتقدم بيان حكم
وَصِيَامُ يَوْمِ عَاشُورَاءَ، أَحْتَسِبُ عَلَى اللهِ أَنْ يُكَفِّرَ السنَةَ الَّتي قَبْلَهُ".
2629 -
(00)(00) حدثنا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى وَمُحَمّدُ بْنُ بَشَّارٍ (وَاللَّفْظُ لابْنِ الْمُثَنَّى) قَالا: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ. حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ غَيلانَ بْنِ جَرِيرٍ. سَمِعَ عَبْدَ اللهِ بْنَ مَعْبَدٍ الزِّمَّانِيَّ، عَنْ أبِي قَتَادَةَ الأَنْصَارِي رضي الله عنه؛ أَن رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم سُئِلَ عَنْ صَوْمِهِ؟ قَال: فَغَضِبَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم. فَقَال عُمَرُ رضي الله عنه: رَضِينَا بِاللهِ رَبًّا، وَبِالإِسْلامِ دِينا. وَبِمُحَمَّدٍ رَسُولًا، وَبِبَيعَتِنَا بَيعَةً
ــ
صوم عرفة في باب استحباب الفطر للحاج بعرفات يوم عرفة فليراجع (وصيام يوم عاشوراء أحتسب على الله) تعالى أي أرجو من الله تعالى (أن يكفر السنة التي قبله) أي ذنوبها، تقدم بسط الكلام فيه في باب عاشوراء، وظاهر الحديث أن صيام يوم عرفة أفضل، وقد قيل الحكمة في ذلك أن يوم عاشوراء منسوب إلى موسى عليه السلام ويوم عرفة منسوب إلى النبي صلى الله عليه وسلم فلذلك كان أفضل. وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث أبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجه كما في تحفة الأشراف.
ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة في حديث أبي قتادة رضي الله عنه فقال:
2629 -
(00)(00)(حدثنا محمد بن المثنى ومحمد بن بشار) البصريان (واللفظ) الآتي الابن المثنى قالا حدثنا محمد بن جعفر) الهذلي البصري (حدثنا شعبة) بن الحجاج البصري (عن غيلان بن جرير) الأزدي البصري (سمع عبد الله بن معبد الزماني) البصري (عن أبي قتادة الأنصاري) السلمي المدني رضي الله عنه وهذا السند من سداسياته، ومن لطائفه أن رجاله كلهم بصريون دمالا أبا قتادة فإنه مدني، غرضه بسوقه بيان متابعة شعبة لحماد بن زيد في رواية هذا الحديث عن غيلان بن جرير (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سئل) بالبناء للمجهول أي سأله سائل (عن) كيفية (صومه) صلى الله عليه وسلم (قال) أبو قتادة (فغضب رسول الله صلى الله عليه وسلم لسؤال الرجل أي ظهر أثر الغضب في وجهه صلى الله عليه وسلم من قول الرجل وسوء سؤاله (فقال عمر) بن الخطاب رضي الله عنه: رضينا بالله ربًا وبالإسلام دينًا وبمحمد) صلى الله عليه وسلم (رسولًا وببيعتنا) معه صلى الله عليه وسلم على الإسلام (بيعة)
قَال: فَسُئِلَ عَنْ صِيَامِ الدَّهْرِ؟ فَقَال: "لَا صامَ وَلَا أَفطَرَ (أَوْ مَا صامَ وَمَا أَفْطَرَ)، قَال: فَسُئِلَ عَنْ صَوْمِ يَوْمَينِ وَإِفْطَارِ يَوْمٍ؟ قَال: "وَمَنْ يُطِيقُ ذلِكَ؟ " قَال: وَسُئِلَ عَنْ صَوْمِ يَوْمٍ وإفْطَارِ يَوْمَينِ؟ قَال: "لَيتَ أَن الله قوَّانَا لِذلِكَ" قَال: وَسُئِلَ عَنْ صَوْمِ يَوْمٍ وَإِفطَارِ يَوْمٍ؟ قَال: "ذَاكَ صَوْمُ أَخِي دَاوُدَ عليه السلام " قَال: وَسُئِلَ عَنْ صَوْمِ يَوْمِ الاثْنَينِ؟ قَال: "ذَاكَ يَوْمٌ وُلِدْتُ فِيهِ. ويوْم بُعِثْتُ (أَوْ أُنْزِلَ عَلَيَّ فِيهِ) "
ــ
مرضية عند الله تعالى، وهذا من المواضع التي خالفت فيها هذه الرواية الرواية الأولى (قال) أبو قتادة (فسئل) رسول الله صلى الله عليه وسلم السائل هو عمر كما هو المصرح في الرواية السابقة (عن صيام الدهر فقال) رسول الله صلى الله عليه وسلم (لا صام) من صام الدهر (ولا أفطر أو) قال النبي صلى الله عليه وسلم أو عمر رضي الله عنه، والشك من الراوي أو ممن دونه (ما صام) من صام الدهر صومًا له فضيلة وأجر (وما أفطر) فطرًا يدفع عنه الجوع والعطش، بكلمة ما بدل لا النافية (قال) أبو قتادة (فسئل) رسول الله صلى الله عليه وسلم أي سأله عمر أيضًا (عن صوم يومين وإفطار يوم قال) رسول الله صلى الله عليه وسلم (ومن يطيق ذلك) الصوم (قال) أبو قتادة (وسئل) أيضًا رسول الله صلى الله عليه وسلم (عن صوم يوم وإفطار يومين قال) رسول الله صلى الله عليه وسلم (ليت أن الله) أي أتمنى أن الله سبحانه وتعالى (قوّانا لذلك) وأقدرنا عليه (قال) أبو قتادة (وسئل) رسول الله صلى الله عليه وسلم (عن صوم يوم وإفطار يوم قال) رسول الله صلى الله عليه وسلم (ذاك) الصوم المذكور (صوم أخي) في النسب لأنهما ابنا عم أو في العقائد (داود عليه السلام قال) أبو قتادة (وسئل عن صوم يوم الاثنين) بهمزة الوصل وإنما نبهت على ذلك وإن كان ظاهرًا لأن كثيرًا من أهل الفضل يقرؤونه بقطع الوصل ثم السؤال عن ذلك يحتمل احتمالين أن يكون من كثرة صيامه صلى الله عليه وسلم فيه، وأن يكون من مطلق الصيام وخصوص فضله من بين الأيام كذا في المرقاة (قال) رسول الله صلى الله عليه وسلم (ذاك) اليوم (يوم ولدت فيه، وبوم بعثت أو) قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ويوم (أنزل على فيه) الوحي فحصلت لي فيه البركة من الله تعالى فأصومه شكرًا لله تعالى على تلك البركة أي أنزل على فيه {اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ} إلى قوله {أَلَمْ يَعْلَمْ} . قال القاري: يعني حصل لي فيه بدء الكمال الصوري وطلوع الصبح المعنوي المقصود الظاهري والباطني، والتفضل الابتدائي والانتهائي فوقت يكون منشأ للنعم الدنيوية
قَال: فَقَال: "صَوْمُ ثَلاثةٍ مِنْ كُلِّ شَهْرٍ، وَرَمَضَانَ إِلَى رَمَضَانَ، صَوْمُ الدَّهْرِ" قَال: وَسُئِلَ عَنْ صَوْمِ يَوْمِ عَرَفَةَ؟ فَقَال: "يُكَفِّرُ السَّنَةَ الْمَاضِيَةَ وَالْبَاقِيَةَ" قَال: وَسُئِلَ عَنْ صَوْمِ يَوْمِ عَاشُورَاءَ؟ فَقَال: "يُكَفِّرُ السّنَةَ الْمَاضِيَةَ". وَفِي هذَا الْحَدِيثِ مِنْ رِوَايَةِ شُعْبَةَ قَال: وَسُئِلَ عَنْ صَوْمِ يَوْمِ الاثْنَينِ وَالْخَمِيسِ؟ فَسَكَتْنَا عَنْ ذِكْرِ الْخَمِيسِ لما نَرَاهُ وَهْمًا
ــ
والأخروية حقيق بأن يوجد فيه الطاعة الظاهرية والباطنية فيجب شكره تعالى على والقيام بالصيام لدي لما أولى من تمام النعمة إلي، قال الطيبي اختيارًا للاحتمال الثاني: أي فيه وجود نبيكم، وفيه نزول كتابكم وثبوت نبوته، فأي يوم أولى بالصوم منه، فاقتصر على العلة أي سئل عن فضيلته لأنه لا مقال في صيامه فهو من الأسلوب الحكيم اهـ والمتبادر أن السؤال عن فضيلته فالجواب طبق السؤال إذ لا يليق سؤال الصحابي عن جوازه لا سيما إن رأى أو علم أنه صلى الله عليه وسلم صامه، وحاصل التنَزل أنه لا بد من تقدير مضاف وهو إما فضل أو جواز إذ لا معنى للسؤال عن نفس الصوم فدل الجواب على أن التقدير فضل كذا في شرح المواهب (قال) أبو قتادة (فقال) رسول الله صلى الله عليه وسلم (صوم ثلاثة) أيام (من كل شهر ورمضان إلى رمضان صوم الدهر) أي كصوم الدهر لكن لا تضعيف فيه (قال وسئل) رسول الله صلى الله عليه وسلم (عن صوم يوم عرفة) هل له فضل أم لا (فقال) رسول الله صلى الله عليه وسلم صوم يوم عرفة (يكفر السنة الماضية) أي صغائر السنة الماضية أي السابقة (والباقية) أي صغائر السنة المستقبلة (قال) أبو قتادة (وسئل) رسول الله صلى الله عليه وسلم (عن صوم يوم عاشوراء فقال) أرجو أن (يكفر السنة الماضية) أي السابقة (قال) المؤلف رحمه الله تعالى (وفي هذا الحديث) يعني حديث أبي قتادة (من رواية شعبة قال) أبو قتادة (وسئل) رسول الله صلى الله عليه وسلم (عن صوم يوم الاثنين والخميس) بزيادة الخميس (فسكتنا) في جامعنا هذا (عن ذكر الخميس لما) بفتح اللام وتشديد الميم ظرف زمان بمعنى حين متعلق بسكتنا (نراه) قال النواوي: بفتح النون وضمها وهما صحيحان اهـ، وقوله (وهما) بفتح الواو وسكون الهاء أي سكتنا عن ذكره في جامعنا حين رأيناه وعلمناه وهما أي كونه وهمًا وخطأ من بعض الرواة، قال النواوي: قال القاضي عياض رحمه الله تعالى: إنما تركه وسكت عنه لقوله (فيه ولدت، وفيه بعثت، أو أنزل عليّ) وهذا إنما هو في يوم الاثنين كما جاء في
2630 -
(00)(00) وحدَّثناه عُبَيدُ اللهِ بْنُ مُعَاذٍ. حَدَّثَنَا أبِي. ح وَحَدَّثَنَا أبُو بَكْرِ بْنُ أبِي شَيبَةَ. حَدَّثَنَا شَبَابَةُ. ح وَحَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ. أخْبَرَنَا النَّضْرُ بْنُ شُمَيلٍ. كُلُّهُمْ عَنْ شُعْبَةَ. بِهذا الإِسْنَادِ
ــ
سائر الروايات يوم الاثنين دون ذكر الخميس فلما كان في رواية شعبة ذكر الخميس تركه مسلم لأنه رآه وهمًا اهـ وقال القاضي: ويحتمل صحة رواية شعبة ويرجع الوصف بالولادة والإنزال إلى يوم الاثنين دون الخميس، وهذا الذي قاله القاضي متعين والله أعلم، قال الحافظ: وقد ورد في صيام يوم الاثنين والخميس عدة أحاديث صحيحة؛ منها حديث عائشة أخرجه أبو داود والترمذي والنسائي وصححه ابن حبان من طريق ربيعة الجرشي عنها ولفظه أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يتحرى صيام الاثنين والخميس، وحديث أسامة رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يصوم يوم الاثنين والخميس فسألته فقال: "إن الأعمال تعرض يوم الاثنين والخميس فأحب أن يرفع عملي وأنا صائم، أخرجه النسائي وأبو داود وصححه ابن خزيمة وقد يشكل على هذه الأحاديث حديث عائشة حين سأل عنها علقمة هل كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يخص من الأيام شيئًا؟ قالت: لا كان عمله ديمة. والجواب عنه أن يقال: لعل المراد بالأيام المسئول عنها الأيام الثلاثة من كل شهر فكان السائل لما سمع أنه صلى الله عليه وسلم يصوم ثلاثة أيام، ورغب في أنها تكون أيام البيض سأل عائشة هل كان يخصها بالبيض؟ فقالت: لا كان عمله ديمة؛ تعني لو جعلها البيض لتعينت وداوم عليها لأنه كان يحب أن يكون عمله دائمًا لكن أراد التوسعة بعدم تعينها فكان لا يبالي من أي الشهر صامها والله تعالى أعلم اهـ فتح الملهم.
ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة ثانيًا في حديث أبي قتادة رضي الله عنه فقال:
2630 -
(00)(00)(وحدثناه عبيد الله بن معاذ) العنبري البصري (حدثنا أبي) معاذ بن معاذ التميمي البصري (ح وحدثنا أبو بكر بن أبي شيبة حدثنا شبابة) بن سوار الفزاري المدائني (ح وحدثنا إسحاق بن إبراهيم) الحنظلي المروزي (أخبرنا النضر بن شميل) المازني البصري (كلهم) أي كل من معاذ بن معاذ وشبابة بن سوار والنضر بن شميل رووا (عن شعبة بهذا الإسناد) يعني عن غيلان عن عبد الله عن أبي قتادة، غرضه
2631 -
(00) وحدّثني أحْمَدُ بْنُ سَعِيدٍ الدَّارِميُّ. حَدَّثَنَا حَبّانُ بْنُ هِلالٍ. حَدَّثَنَا أَبَانُ الْعَطَّارُ. حَدَّثَنَا غَيلانُ بْنُ جَرِيرٍ، فِي هذَا الإِسْنَادِ. بِمِثْلِ حَدِيثِ شُعْبَةَ. غَيرَ أَنَّهُ ذَكَرَ فِيهِ الاثْنَينِ. وَلَمْ يَذْكُرِ الْخَمِيسَ.
2632 -
(00)(00) وحدثني زُهَيرُ بْنُ حَرْبٍ. حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِي. حَدَّثَنَا مَهْدِي بْنُ مَيمُونٍ، عَنْ غَيلانَ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ مَعْبَدِ الزِمَّانِي، عَنْ أَبِي قَتَادَةَ الأَنْصَارِي رضي الله عنه؛ أن رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم سُئِلَ عَنْ صَوْمِ يوم الاثْنَينِ؟ فَقَال:"فِيهِ وُلِدْتُ. وَفِيهِ أُنْزِلَ عَلَيَّ"
ــ
بيان متابعة هؤلاء الثلاثة لمحمد بن جعفر في رواية هذا الحديث عن شعبة.
ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة ثالثًا في حديث أبي قتادة رضي الله عنه فقال:
2631 -
(00)(00)(وحدثني أحمد بن سعيد) بن صخر (الدارمي) السرخسي، ثقة، من (11)(حدثنا حبان بن هلال) -بفتح الحاء المهملة والباء الموحدة المشددة- الباهلي البصري، ثقة، من (9)(حدثنا أبان) بن يزيد (العطار) أبو يزيد البصري، ثقة، من (7)(حدثنا غيلان بن جرير) الأزدي البصري (في هذا الإسناد) أي بهذا الإسناد يعني عن عبد الله الزماني عن أبي قتادة (بمثل حديث شعبة) غرضه بيان متابعة أبان لشعبة (غير أنه) أي لكن أن أبانًا (ذكر فيه) أي في الحديث (الاثنين ولم يذكر) أبان في حديثه (الخميس) كما ذكره شعبة فخالفه في ذلك.
ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة رابعًا فقال:
2632 -
(00)(00)(وحدثني زهير بن حرب) بن شداد النسائي (حدثنا عبد الرحمن بن مهدي) بن حسان الأزدي البصري، ثقة، من (9)(حدثنا مهدي بن ميمون) الأزدي البصري، ثقة، من (6)(عن فيلان) بن جرير البصري (عن عبد الله بن معبد الزماني) البصري (عن أبي قتادة الأنصاري رضي الله عنه المدني، غرضه بيان متابعة مهدي بن ميمون لشعبة (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سئل عن صوم يوم الاثنين) أي عن فضله (فقال) في جواب السائل (فيه) أي في يوم الاثنين (ولدت، وفيه أنزل عليّ) القرآن.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
وجملة ما ذكره المؤلف في هذا الباب ثلاثة أحاديث الأول حديث عائشة ذكره للاستدلال به على الجزء الأول من الترجمة، والثاني حديث عمران بن حصين ذكره للاستشهاد، والثالث حديث أبي قتادة ذكره للاستدلال به على باقي الترجمة وذكر فيه أربع متابعات والله أعلم.
***