الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
467 - (23) باب: جواز مداواة المحرم بالحجامة وغيرها مما ليس فيه طيب وجواز غسل بدنه ورأسه
2766 -
(1173)(93) حدَّثنا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيبَةَ وَزُهَيرُ بْنُ حَرْبٍ وَإِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ (قَال إِسْحَاقُ: أَخْبَرَنَا. وَقَال الآخَرَانِ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَينَةَ) عَنْ عَمْرٍو، عَنْ طَاوُسٍ وَعَطَاءٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما؛ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم احْتَجَمَ وَهُوَ مُحْرِمٌ.
2767 -
(1174)(94) وحدّثنا أَبُو بَكْرِ بْنُ أبِي شَيبَةَ. حَدَّثَنَا الْمُعَلَّى بْنُ
ــ
467 -
(23) باب جواز مداواة المحرم بالحجامة وغيرها مما ليس فيه طيب وجواز غسل بدنه ورأسه
2766 -
(1173)(93)(حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة) العبسي الكوفي (وزهير بن حرب) بن شداد الحرشي النسائي (وإسحاق بن إبراهيم) الحنظلي المروزي (قال إسحاق أخبرنا وقال الآخران) يعني أبا بكر وزهيرًا (حدثنا سفيان بن عيينة) الأعور الهلالي الكوفي (عن عمرو) بن دينار الجمحي المكي (عن طاوس) بن كيسان اليماني (وعطاء) بن أبي رباح المكي كلاهما (عن ابن عباس رضي الله عنهما الهاشمي الطائفي. وهذا السند من خماسياته، وفيه التحديث والإخبار والعنعنة والمقارنة (أن النبي صلى الله عليه وسلم احتجم وهو محرم) قال القرطبي: لا خلاف بين العلماء في جواز الحجامة للمحرم حيث كانت من رأس أو جسد للضرورة، وأما لغير الضرورة في جسده حيث لا يحلق شعرًا فجمهورهم على جوازه، ومالك يمنعه، واتفقوا على أنه إذا احتجم برأسه فحلق لها شعرًا أنه يفتدى وجمهورهم على أن حكم شعر الجسد كذلك إلا داود فإنه لا يرى في حلق شعر الجسد لضرورة الحجامة دمًا، والحسن يوجب عليه الدم بالحجامة اهـ من المفهم. وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث أحمد [1/ 215]، والبخاري [1939]، وأبو داود [2372]، والترمذي [777]، وابن ماجه [1672].
ثم استشهد المؤلف رحمه الله تعالى لحديث ابن عباس بحديث ابن بحينة رضي الله عنهم فقال:
2767 -
(1174)(94) (وحدثنا أبو بكر بن أبي شيبة حدثنا المعلى بن
مَنْصُورٍ. حَدَّثَنَا سُلَيمَانُ بْنُ بِلالٍ، عَنْ عَلْقَمَةَ بْنِ أَبِي عَلْقَمَةَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الأَعْرَجِ، عَنِ ابْنِ بُحَيْنَةَ؛ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم احْتَجَمَ بِطَرِيقِ مَكَّةَ، وَهُوَ مُحْرِمٌ، وَسَطَ رَأْسِهِ
ــ
منصور) الحنفي أبو يعلى البغدادي، ثقة، من (10) مات سنة (211) روى عنه في (4) أبواب (حدثنا سليمان بن بلال) التيمي أبو محمد المدني، ثقة، من (8) مات سنة (177) روى عنه في (13) بابا (عن علقمة بن أبي علقمة) بلال التيمي مولاهم مولى عائشة المدني، وهو علقمة ابن أم علقمة، واسمها مرجانة، روى عن الأعرج في الحج، وأنس وابن المسيب، ويروي عنه (ع) وسليمان بن بلال في الحج، ومالك، وثقه ابن معين وأبو داود والنسائي، وقال أبو حاتم: صالح الحديث لا بأس به، وذكره ابن حبان في الثقات، وقال في التقريب: ثقة علامة، من الخامسة، وكان أديبًا نحويًّا، قال ابن سعد: مات في أول خلافة المنصور سنة بضع وثلاثين ومائة (عن عبد الرحمن) بن هرمز (الأعرج) الهاشمي مولاهم أبي داود المدني، ثقة، من (3)(عن) عبد الله بن مالك بن جندب الأزدي الأسدي أبي محمد المدني المعروف بـ (ابن بحينة) مصغرًا اسم أمه الصحابي المشهور رضي الله عنه. وهذا السند من سداسياته رجاله أربعة منهم مدنيون وواحد بغدادي وواحد كوفي، وفيه التحديث والعنعنة (أن النبي صلى الله عليه وسلم احتجم) قال النواوي: هو محمول على الضرورة (بطريق مكة) وفي رواية البخاري (بلحي جمل) بفتح اللام وسكون الحاء المهملة بعدها مثناة تحتية، وجمل بفتح الجيم والميم اسم موضع بين مكة والمدينة وإلى المدينة أقرب (وهو) أي والحال أنه صلى الله عليه وسلم (محرم) جملة حالية أي في حجة الوداع كما جزم به الحازمي وغيره (وسط رأسه) بفتح السين متوسطه وهو فوق اليافوخ منه وما بين القرنين، وقد روي في حديث مرفوع (في حجامة وسط الرأس شفاء من النعاس والصداع والأضرس) رواه الطبراني، وفيه عمر بن رباح العبدى وهو متروك كذا في المجمع، قال الليث: وليس في وسطه لكن في فأس الرأس وهو مؤخره، وأما في وسط الرأس فقد يُعمي البصر اهـ من المفهم واستدل بهذا الحديث على جواز الفصد وبط الجرح والدمل وقطع وقلع الضرس وغير ذلك من وجوه التداوي إذا لم يكن في ذلك ارتكاب ما نُهي عنه المحرم من تناول الطيب وقطع الشعر ولا فدية عليه في شيء من ذلك والله أعلم. وشارك المؤلف في رواية هذا
2768 -
(1175)(95) حدَّثنا أَبُو بَكْرِ بْنُ أبِي شَيبَةَ وَعَمْرٌو النَّاقِدُ وَزُهَيرُ بْنُ حَرْبٍ. جَمِيعًا عَنِ ابْنِ عُيَينَةَ. قَال أَبُو بَكْرٍ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَينَةَ. حَدَّثَنَا أَيُّوبُ بْنُ مُوسَى، عَنْ نُبَيهِ بْنِ وَهْبٍ. قَال: خَرَجْنَا مَعَ أَبَانِ بْنِ عُثْمَانَ. حَتَّى إِذَا كُنَّا بِمَلَلٍ، اشْتكَى عُمَرُ بْنُ عُبَيدِ اللهِ عَينَيهِ. فَلَمَّا كُنَّا بِالرَّوْحَاءِ اشْتَدَّ وَجَعُهُ. فَأَرْسَلَ إِلَى أَبَانَ بْنِ عُثْمَانَ يَسْألُهُ. فَأَرْسَلَ إِلَيهِ أَنِ اضْمِدْهُمَا
ــ
الحديث البخاري [1836]، والنسائي [5/ 194]، وابن ماجه [3481].
ثم استدل المؤلف رحمه الله تعالى على الجزء الثاني من الترجمة بحديث عثمان بن عفان رضي الله عنه فقال:
2768 -
(1175)(95)(حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة وعمرو) بن محمد (الناقد) البغدادي (وزهير بن حرب جميعًا عن ابن عيينة قال أبو بكر حدثنا سفيان بن عيينة حدثنا أيوب بن موسى) بن عمرو بن سعيد بن العاص الأموي أبو موسى الكوفي، ثقة، من (7) مات سنة (133) روى عنه في (10) أبواب (عن نبيه) مصغرًا (بن وهب) بن عثمان بن أبي طلحة العبدري الحجبي المدني، روى عن أبان بن عثمان في الحج والنكاح، وأبي هريرة ومحمد بن الحنفية، ويروي عنه (م عم) وأيوب بن موسى ونافع وسعيد بن أبي هلال وغيرهم، وثقه النسائي، وقال في التقريب: ثقة، من صغار الثالثة، مات سنة (126) ست وعشرين ومائة وليس عندهم نبيه إلا هذا (قال) نبيه (خرجنا) من المدينة حاجين (مع أبان بن عثمان) بن عفان الأموي أبي سعيد المدني، روى عن أبيه عثمان رضي الله عنهم في الحج والنكاح، وزيد بن ثابت، ويروي عنه (م عم) ونبيه بن وهب والزهري وأبو الزناد، وثقه العجلي وابن سعد، وقال في التقريب: ثقة، من الثالثة، مات سنة (105) خمس ومائة، قال القطان: فقهاء المدينة عشرة منهم أبان (حتى إذا كنا بملل) بفتح الميم وبلامين موضع على ثمانية وعشرين ميلًا من المدينة، وقيل على اثنين وعشرين حكاهما القاضي عياض في المشارق (اشتكى) أي شكى أي ذكر وأخبر لمن معه (عمر بن عبيد الله) بن معمر التيمي المدني (عينيه) أي وجعهما (فلما كنا بالروحاء) موضع معروف بينهما كما مر (اشتد) وزاد (وجعه) أي وجع عيني عمر (فأرسل) عمر بن عبيد الله (إلى أبان بن عثمان) وكان أبان أمير الحجاج في موسم الحج، حالة كون عمر (يسأله) أي يسأل أبان عن علاج عينيه (فأرسل) أبان (إليه) أي إلى عمر (أن اضمدهما)
بِالصَّبِرِ. فَإِنَّ عُثْمَانَ رضي الله عنه حَدَّثَ عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فِي الرَّجُلِ إِذَا اشْتَكَى عَينيهِ، وَهُوَ مُحْرِمٌ، ضَمَّدَهُمَا بِالصَّبِرِ
ــ
أي اضمد العينين والطخهما (بالصبِر) بفتح الصاد وكسر الباء ويجوز إسكانها مع كسر الصاد دواء معروف، وأن هذه مفسرة، وقوله (أن اضمدهما) بكسر الميم على صيغة الأمر، والمعنى ضع عليهما بالصبر وداوهما بالاكتحال به، والصبر دواء مر يعصر من ماء شجر المر في الأرميا هرغيس، وأصل الضمد الشد، ويقال للخرقة التي يشد بها العضو المأوف أي المصاب بالآفة ضماد، وفي القاموس الصبر ككتف ولا يسكن إلا في ضرورة الشعر عصارة شجر مر، يقال ضمد الجرح يضمده من باب ضرب، وضمده بالتشديد إذا شده بالضماد وهي العصابة، وقال الطيبي: أصل الضمد الشد، يقال ضمد رأسه وجرحه إذا شده بالضماد وهو خرقة يشد بها العضو المأوف أي المصاب بالآفة، ثم قيل لوضع الدواء على الجرح وغيره وإن لم يشد (فإن) والدي (عثمان) بن عفان رضي الله عنه حدّث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في الرجل) وكذا المرأة (إذا اشتكى) ومرض (عينيه وهو محرم ضمدهما) بتشديد الميم أي ضمد العينين واكتحلَهما (بالصبر) وقوله ضمدهما بصيغة الماضي مشددًا كذا في المرقاة، وقال النووي: بتخفيف الميم وتشديدها، وقوله اضمدهما جاء على لغة التخفيف اهـ.
قال الخطابي: الصبر ليس بطيب ولذلك رخص له أن يتعالج به، فأما الكحل الذي لا طيب فيه فلا بأس به، قال الشافعي: وأنا له في النساء أشد كراهة مني له في الرجال، ولا أعلم على واحد منهما الفدية، ورخص في الكحل للمحرم سفيان الثوري وأبو حنيفة وأصحابه وأحمد وإسحاق، وكره الإثمد للمحرم سفيان وإسحاق اهـ عون. واعلم أنه إذا اكتحل المحرم بكحل فيه طيب فعليه صدقة إلا أن يكون كثيرًا فعليه دم، ولو اكتحل بكحل ليس فيه طيب فلا بأس به ولا شيء عليه، ولو عصب شيئًا من جسده سوى الرأس والوجه فلا شيء عليه ويكره، وأما لو غطى ربع رأسه أو وجهه فصاعدًا فعليه دم، وفي أقل من الربع صدقة، وروى البيهقي عن عائشة رضي الله تعالى عنها أنها قالت في الإثمد والكحل الأسود: إنه زينة نحن نكرهه ولا نحرمه، وبه قال مالك وأحمد وإسحاق رحمهم الله تعالى إلا عند الحاجة، وأجمعوا على حله حيث لا طيب فيه، وأما الحناء فهو طيب عند الأحناف، وروى البيهقي أن نساء النبي صلى الله عليه وسلم يختضبن
2769 -
(00)(00) وحدّثناه إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْحَنْظَلِيُّ. حَدَّثَنَا عَبْدُ الصَّمَدِ بْنُ عَبْدِ الْوَارِثِ. حَدَّثَنِي أَبِي. حَدَّثَنَا أَيُّوبُ بْنُ مُوسَى. حَدَّثَنِي نُبَيْهُ بْنُ وَهْبٍ؛ أَنَّ عُمَرَ بْنَ عُبَيدِ اللهِ بْنِ مَعْمَرٍ رَمِدَتْ عَينُهُ. فَأَرَادَ أَنْ يَكْحُلَهَا فَنَهَاهُ أَبَانُ بْنُ عُثْمَانَ. وَأَمَرَهُ أَنْ يُضَمِّدَهَا بِالصَّبِرِ. وَحَدَّثَ عَنْ عُثْمَانَ بْنِ عَفَانَ، عَنِ النَّبِي صلى الله عليه وسلم؛ أَنَّهُ فَعَلَ ذلِكَ
ــ
بالحناء وهن محرمات أي مريدات للإحرام كذا قال القاري في شرح المشكاة، وسند هذا الحديث من سداسياته رجاله ثلاثة منهم مدنيون وثلاثة كوفيون. وشارك المؤلف في روايته أحمد [1/ 60]، وأبو داود [1838]، والترمذي [952]، والنسائي [5/ 143].
ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة في حديث عثمان رضي الله عنه فقال:
2769 -
(00)(00)(وحدثناه إسحاق بن إبراهيم الحنظلي)(المروزي (حدثنا عبد الصمد بن عبد الوارث) بن سعيد العنبري البصري، صدوق، من (9)(حدثني أبي) عبد الوارث بن سعيد بن ذكوان التميمي البصري، ثقة، من (8)(حدثنا أيوب بن موسى) الكوفي (حدثني نبيه بن وهب) المدني. وهذا السند من سباعياته، غرضه بيان متابعة عبد الوارث بن سعيد لسفيان بن عيينة في رواية هذا الحديث عن أيوب بن موسى (أن عمر بن عبيد الله بن معمر) التيمي (رمدت عينه) أي أصابها الرمد وهو مرض خاص بالعين (فأراد) عمر (أن يكحلها) بكحل فيه طيب (فنهاه) أي نهى عمرَ (أبانُ بن عثمان) أن يكحلها بما فيه طيب، قال القرطبي: ونهي أبان بن عثمان للسائل أن يكحل عينه ليس على إطلاقه وكأنه إنما نهاه أن يكحلها بما فيه طيب اهـ من المفهم (وأمره) أي أمر أبان عمر (أن يضمدها) بتشديد الميم أي أن يكحلها (بالصبر) وتضميد العين هو لطخها بالصبر، والصبر ليس بطيب (وحدّث) أبان (عن) والده (عثمان بن عفان عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه) صلى الله عليه وسلم (فعل ذلك) أي أمر بفعل ذلك الضماد ولا خلاف في جواز مثل هذا مما ليس فيه طيب ولا زينة، فلو اكتحل المحرم أو المحرمة بما فيه طيب افتديا، وكذلك المرأة إذا اكتحلت للزينة وإن لم يكن فيه طيب كالإثمد، فلو اكتحل الرجل للزينة فأباحه قوم وكرهه آخرون وهم أحمد وإسحاق والثوري وعلى القول بالمنع فهل تجب الفدية أم لا؟ قولان: وبالثاني قال الشافعي رجلًا كان أو امرأة اهـ من المفهم.
2770 -
(1176)(96) وحدّثنا أَبُو بَكْرِ بْنُ أبِي شَيبَةَ وَعَمْرٌو النَّاقِدُ وَزُهَيرُ بْنُ حَرْبٍ وَقُتَيبَةُ بْنُ سَعِيدٍ. قَالُوا: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَينَةَ، عَنْ زَيدِ بْنِ أَسْلَمَ. ح وَحَدَّثَنَا قُتَيبَةُ بْنُ سَعِيدٍ. وَهذَا حَدِيثُهُ، عَنْ مَالِكِ بْنِ أَنَسٍ. فِيمَا قُرِئَ عَلَيهِ، عَنْ زيدِ بْنِ أَسْلَمَ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ حُنَينٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَبَّاسٍ وَالْمِسْوَرِ بْنِ مَخْرَمَةَ، أَنَّهُمَا اخْتَلَفَا بِالأَبْوَاءِ. فَقَال عَبْدُ اللهِ بْنُ عَبَّاسٍ: يَغْسِلُ الْمُحْرِمُ رَأْسَهُ. وَقَال الْمِسْوَرُ: لَا يغْسِلُ الْمُحْرِمُ رَأْسَهُ. فَأَرْسَلَنِي ابْنُ عَبَّاسٍ إِلَى أَبي أَيُّوبَ الأَنْصَارِيِّ أَسْأَلُهُ عَنْ ذلِكَ
ــ
ثم استدل المؤلف على الجزء الأخير من الترجمة بحديث أبي أيوب الأنصاري رضي الله عنه فقال:
2770 -
(1176)(96)(وحدثنا أبو بكر بن أبي شيبة وعمرو) بن محمد بن بكير (الناقد) البغدادي (وزهير بن حرب وقتيبة بن سعيد قالوا حدثنا سفيان بن عيينة عن زيد بن أسلم) العدوي المدني، ثقة، من (3)(ح وحدثنا قتيبة بن سعيد، وهذا) الحديث الآتي (حديثه) أي لفظ حديث قتيبة (عن مالك بن أنس فيما قرئ عليه عن زيد بن أسلم عن إبراهيم بن عبد الله بن حنين) الهاشمي مولاهم أبي إسحاق المدني، ثقة، من (3)(عن أبيه) عبد الله بن حنين الهاشمي مولاهم مولى ابن عباس المدني، ثقة، من (3)(عن عبد الله بن عباس) الهاشمي الطائفي رضي الله تعالى عنهما (والمسور بن مخرمة) بن نوفل بن أهيب بن عبد مناف بن زهرة الزهري أبي عبد الرحمن المدني الصحابي المشهور رضي الله عنه، له (22) حديثًا، روى عنه في (6) أبواب (أنهما) أي أن ابن عباس والمسور بن مخرمة (اختلفا) في جواز غسل المحرم رأسه وبدنه، والحال أنهما نازلان (بالأبواء) موضع بين الحرمين معروف كما مر وفي رواية ابن عُيينة (بالعرج) وهو بفتح أوله وإسكان ثانيه قرية جامعة قريبة من الأبواء (فقال عبد الله بن عباس يغسل المحرم رأسه، وقال المسور لا يغسل المحرم رأسه) قال عبد الله بن حنين (فأرسلني ابن عباس إلى أبي أيوب) خالد بن زيد بن كليب بن ثعلبة (الأنصاري) النجاري المدني نزل عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم حين دخل المدينة رضي الله عنه حالة كوني (أسأله) أي أسأل أبا أيوب (عن ذلك) الحكم أي عن حكم غسل المحرم رأسه هل يجوز أم لا؟ . وهذان السندان من سداسياته الأول منهما رجاله أربعة منهم مدنيون أو ثلاثة منهم
فَوَجَدْتُهُ يَغْتَسِلُ بَينَ الْقَرْنَينِ. وَهُوَ يَسْتَتِرُ بِثَوْبٍ. قَال: فَسَلَّمْتُ عَلَيهِ. فَقَال: مَنْ هذَا؟ فَقُلْتُ: أَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ حُنَينٍ. أَرْسَلَنِي إِلَيكَ عَبْدُ اللهِ بْنُ عَبَّاسٍ. أَسْألكَ كَيفَ كَانَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَغْسِلُ رَأْسَهُ وَهُوَ مُحْرِمٌ؟ فَوَضَعَ أَبُو أَيُّوبَ رضي الله عنه يَدَهُ عَلَى الثَّوْبِ. فَطَأْطَأَهُ حَتَّى بَدَا لِي رَأْسُهُ
ــ
مدنيون وواحد طائفي واثنان كوفيان أو كوفي وبغدادي أو كوفي ونسائي أو كوفي وبلخي، ورجال الثاني منهما خمسة منهم مدنيون وواحد بلخي أو أربعة منهم مدنيون وواحد طائفي وواحد بلخي كما مر آنفًا بيانه، قال عبد الله بن حنين (فوجدته) أي فذهبت إلى أبي أيوب فوجدته (يغتسل بين القرنين) أي قرني البئر، وكذا هو لبعض رواة الموطأ وكذا في رواية ابن عيينة وهما العمودان المنتصبان لأجل وضع عود البكرة عليهما، وقال النووي: القرنان هما الخشبتان القائمتان على جانبي رأس البئر وشبههما من البناء وتمد بينهما خشبة يجر عليها الحبل المستقى به أو لتعلق عليها البكرة اهـ منه، وفي المختار: وبكرة البئر ما يستقى عليها، وجمعها بكر بفتحتين وهو من شواذ الجمع لأن فعلة لا تجمع على فعل إلا أحرفًا مثل حلقة وحلق وحمأة وحمأ وبكرة وبكر وتجمع على بكرات أيضًا اهـ (وهو) أي والحال أن أبا أيوب (يستتر) عن الناس (بثوب قال) عبد الله بن حنين (فسلمت عليه) أي على أبي أيوب (فقال) لي أبو أيوب بعد رد السلام عليّ (من هذا) المُسلّم عليّ (فقلت) له (أنا عبد الله بن حنين أرسلني إليك عبد الله بن عباس) حالة كوني (أسألك كيف كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يغسل رأسه وهو محرم فوضع أبو أيوب رضي الله عنه يده على الثوب) أي على الطرف الأعلى من الثوب الذي استتر به (فطأطأه) أي فطأطأ الثوب وخفضه وكشفه عن رأسه (حتى بدا) وظهر (لي رأسه) أي رأس أبي أيوب، قال ابن عبد البر: الظاهر أن ابن عباس كان عنده في ذلك نص عن النبي صلى الله عليه وسلم أخذه عن أبي أيوب أو غيره، ولهذا قال عبد الله بن حنين لأبي أيوب يسألك كيف كان يغسل رأسه ولم يقل هل كان يغسل رأسه أو لا على حسب ما وقع فيه اختلاف بين المسور وابن عباس. (قلت) ويحتمل أن يكون عبد الله بن حنين تصرف في السؤال لفطنته كأنه لما قال له سله هل يغتسل المحرم أو لا؟ فجاء فوجده يغتسل فهم من ذلك أنه يغتسل، وأحب أن لا يرجع إلا بفائدة فسأله عن كيفية الغسل وكأنه خص الرأس بالسؤال لأنه موضع الإشكال في هذه المسئلة لأنها محل الشعر الذي
ثُمَّ قَال لإِنْسَانٍ يَصُبُّ: اصْبُبْ. فَصَبَّ عَلَى رَأْسِهِ. ثُمَّ حَرَّكَ رَأْسَهُ بِيَدَيهِ. فَأَقْبَلَ بِهِمَا وَأَدْبَرَ. ثُمَّ قَال: هكَذَا رَأَيتُهُ صلى الله عليه وسلم يَفْعَلُ
ــ
يُخشى انتتافه بخلاف بقية البدن غالبًا كذا في الفتح اهـ. وقال السندي في حاشيته (قوله كيف كان) لا يخلو عن إشكال لأن الاختلاف بينهما كان في أصل الغسل لا في كيفيته فالظاهر أن إرساله كان للسؤال عن أصله إلا أن بقال أرسله يسأله عن الغسل، والكيفية على تقدير جواز الأصل معًا فلما علم جواز الأصل بمباشرة أبي أيوب سكت عنه وسأل عن الكيفية لكن قد يقال محل الخلاف كان الغسل بلا احتلام فمن أين علم بمجرد فعل أبي أيوب جواز ذلك إلا أن يقال لعله علم ذلك بقرائن وأمارات والله تعالى أعلم. قال المنذري: أجمعوا على أن للمحرم أن يغتسل من الجنابة واختلفوا فيما عدا ذلك، وروى مالك في الموطأ عن نافع أن ابن عمر كان لا يغسل رأسه وهو محرم إلا من احتلام وقال عياض: دل كلامهما على أنهما اختلفا في تحريك الشعر إذ لا خلاف في غسل المحرم رأسه في غسل الجنابة ولا بد من صب الماء فخاف المسور أن يكون في تحريكه باليد قتل بعض الدواب أو طرحها، وابن عباس كان يعلم أن عند أبي أيوب علمًا لقوله كيف يغسل رأسه. (قلت) فمستند المسور الاجتهاد ومستند ابن عباس النص ولذا رجع إليه المسور قاله الأبي رحمه الله اهـ (ثم قال) أبو أيوب (لإنسان يصب) عليه الماء (اصبب) الماء على رأسي (فصب) الإنسان الماء (على رأسه) فيه جواز الاستعانة بالصاحب والخادم في الطهارة (ثم حرك) أبو أيوب (رأسه) أي شعر رأسه (بيديه فأقبل بهما) أي وضع بهما على قبالة رأسه ومقدمه (وأدبر) بهما أي أذهب بهما إلى دبر رأسه ومؤخرها (ثم قال) أبو أيوب (هكذا) أي مثل ما فعلته (رأيته صلى الله عليه وسلم يفعل) أي رأيته يفعل مثل ما فعلته في تحريك الشعر باليدين والله أعلم. قال القرطبي: اختلاف ابن عباس والمسور لم يكن في جواز أصل غسل الرأس لأنه من المعلوم عندهما وعند غيرهما أنه يغتسل من الجنابة إن أصابته، ويغتسل لدخول مكة، وللوقوف بعرفة، وإنما كان الاختلاف بينهما في كيفيته فهل يدلكه أو لا يدلكه لأنه يخاف منه قتل الهوام أو إنقاؤها عن رأسه وجسده وإزالة الشعث ولإمكان هذه الأمور منع منه المسور، ولم يلتفت ابن عباس إلى إمكان تلك الأمور لأنه إذا ترفق في ذلك سلم مما يتقى من تلك الأمور، وقد كان ابن عباس علم ذلك من حديث أبي أيوب ولذلك أحال عليه وأرسل إليه والله تعالى أعلم اهـ من المفهم، وقال القاري في شرح المشكاة: يجوز للمحرم
2771 -
(00)(00) وحدّثناه إِسْحَاقُ بن إِبْرَاهِيمَ وَعَليُّ بْنُ خَشْرَمٍ. قَالا: أَخْبَرَنَا عِيسَى بْنُ يُونُسَ. حَدَّثَنَا ابْن جُرَيجٍ. أَخْبَرَنا زيدُ بْنُ أَسْلَمَ، بِهذَا الإِسْنَادِ. وَقَال: فَأَمَرَّ أَبُو أَيُّوبَ بِيَدَيهِ عَلَى رَأْسِهِ جَمِيعًا. عَلَى جَمِيعِ رَأْسِهِ. فَأَقْبَلَ بِهِمَا وَأَدْبَرَ. فَقَال الْمِسْوَرُ لابْنِ عَبَّاسٍ: لَا أُمَارِيكَ أَبَدًا
ــ
غسل رأسه بحيث لا ينتف شعرًا بلا خلاف، أما لو غسل رأسه بالخطمي فعليه دم عند أبي حنيفة رحمه الله تعالى وبه قال مالك وقالا صدقةٌ ولو غسل بأشنان فيه طيب فإن كان من رآه سماه أشنانًا فعليه الصدقة وإن سماه طيبًا فعليه الدم كذا في قاضيخان، ولو غسل رأسه بالحُرض والصابون والسدر ونحوه لا شيء عليه بالإجماع، وجاء عن ابن عباس بسند ضعيف أنه دخل حمامًا بالجحفة وهو محرم وقال: ما يعبأ الله بأوساخنا يعني فليس فيه من فدية، ففيه رد على مالك أن في إزالة الوسخ صدقة، والتحقيق أنه لا ينبغي للمحرم أن يقصد بغسله إزالة الوسخ لقوله صلى الله عليه وسلم:"المحرم أشعث أغبر" اهـ. وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث البخاري [1840]، وأبو داود [1840]، والنسائي [5/ 128]، وابن ماجه [2934].
ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة في حديث أبي أيوب الأنصاري رضي الله عنه فقال:
2771 -
(00)(00)(وحدثناه إسحاق بن إبراهيم) الحنظلي المروزي (وعلي بن خشرم) بزنة جعفر بن عبد الرحمن بن عطاء المروزي، ثقة، من (10)(قالا أخبرنا عيسى بن يونس) بن أبي إسحاق السبيعي الكوفي، ثقة، من (8)(حدثنا ابن جريج أخبرنا زيد بن أسلم) العدوي المدني. غرضه بسوق هذا السند بيان متابعة ابن جريج لسفيان بن عيينة ومالك بن أنس أي حدثنا ابن جريج عن زيد بن أسلم (بهذا الإسناد) يعني عن إبراهيم عن أبيه عن أبي أيوب الأنصاري (و) لكن (قال) ابن جريج في روايته (فأمر أبو أيوب) أي دلك (بيديه على رأسه جميعًا) تأكيد ليديه، وقوله (على جميع رأسه) بدل من قوله على رأسه والمعنى أمر بيديه جميعًا على جميع رأسه، وقوله (فأقبل بهما وأدبر) تفسير للإمرار بهما قال عبد الله بن حنين: فرجعت إلى ابن عباس وإلى المسور فأخبرتهما بما فعل أبو أيوب (فقال المسور لابن عباس) والله (لا أماريك) أي لا أجادلك ولا أخاصمك ولا أنازعك في شيء (أبدًا) أي في زمن من الأزمنة المستقبلة
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
ولفظ أبدًا ظرف مستغرق لما يستقبل من الزمان ملازم للنفي كقطُّ لما مضى من الزمان، وفي فتح الملهم (لا أماريك أبدًا) أي لا أجادلك وأصل المراء استخراج ما عند الإنسان يقال مارى فلان فلانًا إذا استخرج ما عنده قاله ابن الأنباري وأطلق ذلك في المجادلة لأن كلًّا من المتجادلين يستخرج ما عند الآخر من الحجة. وفي هذا الحديث من الفوائد مناظرة الصحابة في الأحكام ورجوعهم إلى النصوص وقبولهم لخبر الواحد ولو كان تابعيًّا، وإن قول بعضهم ليس بحجة على بعض، قال ابن عبد البر: لو كان معنى الاقتداء في قوله صلى الله عليه وسلم: "أصحابي كالنجوم" يراد به الفتوى لما احتاج ابن عباس إلى إقامة البينة على دعواه بل كان يقول للمسور: أنا نجم وأنت نجم فأينا اقتدى به من بعدنا كفاه، ولكن معناه كما قال المزني وغيره من أهل النظر: أنه في النقل لأن جميعهم عدول وفيه اعتراف للفاضل بفضله وإنصاف الصحابة بعضهم بعضًا، وفيه استتار الغاسل عند الغسل، والاستعانة في الطهر، وجواز الكلام والسلام حالة الطهارة ولكن لا بد من غض البصر عنه، وجواز غسل المحرم وتشريبه شعره بالماء ودلكه بيده إذا أمن تناثره. واستدل به على أن تخليل شعر اللحية في الوضوء باق على استحبابه خلافًا لمن قال يكره كالمتولي من الشافعية خشية انتتاف الشعر لأن في الحديث ثم حرك رأسه بيده ولا فرق بين شعر الرأس واللحية إلا أن يقال إن شعر الرأس أصلب، والتحقيق أنه خلاف الأولى في حق بعض دون بعض قاله السبكي الكبير والله سبحانه وتعالى أعلم اهـ منه.
وجملة ما ذكره المؤلف في هذا الباب أربعة أحاديث الأول حديث ابن عباس ذكره للاستدلال به على الجزء الأول من الترجمة، والثاني حديث ابن بحينة ذكره للاستشهاد، والثالث حديث عثمان بن عفان ذكره للاستدلال به على الجزء الثاني من الترجمة وذكر فيه متابعة واحدة، والرابع حديث أبي أيوب الأنصاري ذكره للاستدلال به على الجزء الأخير من الترجمة وذكر فيه متابعة واحدة والله أعلم.
***