المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌447 - (3) باب: حكم صوم يوم عاشوراء وفضله وأي يوم يصام فيه وما المطلوب لمن كل أوله - الكوكب الوهاج شرح صحيح مسلم بن الحجاج - جـ ١٣

[محمد الأمين الهرري]

فهرس الكتاب

- ‌445 - (1) باب: جواز الصوم والفطر في السفر ووجوب الفطر على من أجهده الصوم

- ‌446 - (2) باب: أجر المفطر في السفر إذا تولى العمل وكون الفطر عزمة عند لقاء العدو والتخيير بين الصوم والفطر واستحباب الفطر للحاج يوم عرفة

- ‌447 - (3) باب: حكم صوم يوم عاشوراء وفضله وأي يوم يصام فيه وما المطلوب لمن كل أوله

- ‌448 - (4) باب: النهي عن صيام العيدين وأيام التشريق وتخصيص يوم الجمعة بصيام وليلتها بقيام

- ‌449 - (5) باب: نسخ الفدية وقضاء رمضان في شعبان وقضائه عن الميت

- ‌450 - (6) باب: ما يقول الصائم إذا دعي إلى طعام والنهي عن الرفث والجهل في الصيام وبيان فضله

- ‌451 - (7) باب: فضل الصيام في سبيل الله وجواز صوم النفل بنية قبل الزوال وجواز الفطر منه، وبيان حكم صوم من أكل أو شرب ناسيًا

- ‌452 - (8) باب: كيف كان صوم رسول الله صلى الله عليه وسلم في التطوع وكراهية سرد الصوم وبيان أفضل الصوم

- ‌453 - (9) باب: فضل صيام ثلاثة أيام من كل شهر وفضل صوم يوم عرفة وعاشوراء والاثنين والخميس

- ‌454 - (10) باب: صوم سرر شعبان وفضل صوم المحرم وستة أيام من شوال

- ‌455 - (11) باب: الحث على طلب ليلة القدر وبيان محلها وأرجى أوقات طلبها

- ‌أبواب الاعتكاف

- ‌456 - (12) باب: الاعتكاف في العشر الأواخر من رمضان

- ‌457 - (13) باب: للمعتكف أن يختص بموضع في المسجد فيضرب فيه خيمة ومتى يدخلها، واعتكاف النساء في المسجد

- ‌458 - (14) باب: الجد والاجتهاد في العشر الأواخر من رمضان وصوم عشر ذي الحجة

- ‌كتاب الحج والعمرة

- ‌459 - (15) باب: ما يجتنبه المحرم من اللباس والطيب

- ‌460 - (16) باب: المواقيت في الحج والعمرة

- ‌461 - (17) باب: التلبية وصفتها ووقتها ونهي المشركين عما يزيدون فيها

- ‌462 - (18) باب: بيان المحل الذي أهل منه رسول الله صلى الله عليه وسلم والإهلال من حيث تنبعث به الراحلة والصلاة في مسجد ذي الحليفة

- ‌463 - (19) باب: استحباب الطيب للمحرم لحرمه ولحله وأنه لا بأس ببقاء وبيصه وطوافه على نسائه

- ‌464 - (20) باب: تحريم الصيد المأكول البري أو ما أصله ذلك على المحرم بحج أو عمرة أو بهما

- ‌465 - (21) باب: ما يندب للمحرم وغيره قتله من الدواب في الحل والحرم

- ‌466 - (22) باب: جواز حلق المحرم رأسه إذا كان به أذى، ووجوب الفدية عليه وبيان قدرها

- ‌467 - (23) باب: جواز مداواة المحرم بالحجامة وغيرها مما ليس فيه طيب وجواز غسل بدنه ورأسه

- ‌468 - (24) باب: ما يفعل بالمحرم إذا مات؟ وهل يجوز للمحرم اشتراط التحلل في إحرامه بعذر

- ‌469 - (25) باب: صحة إحرام النفساء والحائض واستحباب اغتسالهما له وأنهما يفعلان ما يفعل الحاج من المناسك إلا الطواف

- ‌470 - (26) باب: بيان أوجه الإحرام، وجواز إدخال الحج على العمرة، ومتى يحلّ القارن من نسكه

- ‌471 - (27) باب: يجزئ القارن طواف واحد وسعي واحد

الفصل: ‌447 - (3) باب: حكم صوم يوم عاشوراء وفضله وأي يوم يصام فيه وما المطلوب لمن كل أوله

‌447 - (3) باب: حكم صوم يوم عاشوراء وفضله وأي يوم يصام فيه وما المطلوب لمن كل أوله

2519 -

(1092)(13) حدَّثنا زُهَيرُ بْنُ حَرْبٍ. حَدَّثَنَا جَرِيرٌ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها؛ قَالتْ: كَانَتْ قُرَيشٌ تَصُومُ عَاشُورَاءَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ

ــ

447 -

(3) باب حكم صوم يوم عاشوراء وفضله وأي يوم يصام فيه وما المطلوب لمن كل أوله

2519 -

(1092)(13)(حدثنا زهير بن حرب) النسائي (حدثنا جرير) بن عبد الحميد الضبي الكوفي (عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة رضي الله عنها وهذا السند من خماسياته رجاله ثلاثة منهم مدنيون وواحد كوفي وواحد نسائي (قالت) عائشة كانت قريش تصوم) يوم (عاشوراء في الجاهلية) أي قبل الإسلام، قال الحافظ في أبواب الصيام: أما صيام قريش لعاشوراء فلعلهم تلقوه من الشرع السالف ولهذا كانوا يعظمونه بكسوة الكعبة فيه وغير ذلك، ثم رأيت في المجلس الثالث من مجالس الباغندي الكبير عن عكرمة أنه سئل عن ذلك فقال: أذنبت قريش ذنبًا في الجاهلية، فعظم في صدورهم، فقيل لهم: صوموا عاشوراء يُكفِّر ذلك هذا أو معناه، ثم قال الحافظ في باب أيام الجاهلية: تقدم شرح الحديث في كتاب الصيام، وذكرت هناك احتمالًا أنهم أخذوا ذلك عن أهل الكتاب، ثم وجدت في بعض الأخبار أنهم كانوا أصابهم قحط ثم رُفع عنهم فصاموه شكرًا اهـ فتح، وقوله (عاشوراء) بالمد على المشهور، وحكي فيه القصر، قال الزركشي: وزنه فاعولاء والهمزة فيه للتأنيث وهو معدول عن عاشر للمبالغة والتعظيم أي عاشر وأي عاشر كذا في المرقاة، وقال القرطبي رحمه الله تعالى: عاشوراء معدول عن عاشرة للمبالغة والتعظيم وهو في الأصل صفة لليلة العاشرة إلَّا أنهم لما عدلوا به عن الصفة غلبت عليه الاسمية فاستغنوا عن الموصوف فحذفوا الليلة فصار هذا اللفظ علمًا على اليوم العاشر اهـ، وقوله (في الجاهلية) يطلق غالبًا على ما قبل البعثة وعلى ما مضى، والمراد ما قبل إسلامهم وضابط آخره غالبًا فتح مكة، ومنه قول مسلم في مقدمة صحيحه: أن أبا عثمان وأبا رافع أدركا الجاهلية، وقول أبي رجاء العطاردي: رأيت في الجاهلية قردة زنت، وقول ابن عباس: سمعت أبي يقول في الجاهلية: اسقنا

ص: 43

وَكَانَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَصُومُهُ. فَلَمَّا هَاجَرَ إِلَى الْمَدِينَةِ صَامَهُ وَأَمَرَ بِصِيَامِهِ. فَلَمَّا فُرِضَ شَهْرُ رَمَضَانَ قَال: "مَنْ شَاءَ صَامَهُ، وَمَنْ شَاءَ تَرَكَهُ"

ــ

كأسًا دهاقًا، وابن عباس إنما وُلد قبل البعثة، وأما قول عمر رضي الله عنه نذرت في الجاهلية فمحتمل، وقد نبّه على ذلك العراقي في الكلام على المخضرمين من علوم الحديث كذا قال الحافظ في الفتح (وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصومه) وفي رواية البخاري (يصومه في الجاهلية) أي قبل أن يهاجر إلى المدينة (فلما هاجر) رسول الله صلى الله عليه وسلم (إلى المدينة صامه وأمر) الناس (بصيامه فلما فرض شهر رمضان) فوّض الأمر في صومه إلى رأي المتطوع و (قال من شاء صامه ومن شاء تركه) أفادت هذه الرواية تعيين الوقت الذي وقع فيه الأمر بصيام عاشوراء وقد كان أول قدومه المدينة ولا شك أن قدومه المدينة كان في ربيع الأول فحينئذ كان الأمر بذلك في أول السنة الثانية وفي السنة الثانية فرض شهر رمضان في شعبان فعلى هذا لم يقع الأمر بصيام عاشوراء إلَّا في سنة واحدة ثم فُرِض الأمر في صومه إلى رأي المتطوع فعلى تقدير صحة قول من يدعي أنه قد كان فُرِض فقد نُسخ فرضه بهذه الأحاديث الصحيحة، ونقل عياض أن بعض السلف كان يرى بفاء فرضية عاشوراء لكن انقرض القائلون بذلك، ونقل ابن عبد البر الإجماع على أنه الآن ليس بفرض، والإجماع على أنه مستحب، وكان ابن عمر كره قصده بالصوم، ثم انقرض القول بذلك كذا في الفتح، قال القرطبي: قوله (باب صيام عاشوراء) عاشوراء وزنه فاعولاء والهمزة فيه للتأنيث وهو معدول عن عاشرة للمبالغة والتعظيم وهو في الأصل صفة لليلة العاشرة لأنه مأخوذ من العشر الذي هو اسم للعقد الأول واليوم مضاف إليها فإذا قلت يوم عاشوراء كأنك قلت يوم الليلة العاشرة إلَّا أنهم لما عدلوا به عن الصفة غلبت عليه الاسمية فاستغنوا عن الموصوف فحذفوا الليلة وعلى هذا فيوم عاشوراء هو العاشر قاله الخليل وغيره، وقيل هو التاسع كما قاله ابن عباس فيما سيأتي، وسُمي عاشوراء على عادة العرب في الإظماء وذلك أنهم إذا وردوا الماء لتسعة سموه عشرًا وذلك يحسبون في الإظماء يوم الورود، فإذا أقامت الإبل في الرعي يومين ثم وردت في الثالث قالوا وردت أربعًا، وإذا وردت في الرابع قالوا وردت خمسًا لأنهم حسبوا في كل هذا بقية اليوم الذي وردت فيه قبل الرعي وأول اليوم الذي ترد فيه بعده، وهذا فيه بعد إذ لا يمكن أن يعتبر في عدد ليالي العشر وأيامه ما يعتبر في الإظماء فتأمله، وعلى القول الأول سعيد والحسن ومالك وجماعة من السلف، وذهب قوم إلى

ص: 44

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

أنه التاسع وبه قال الشافعي متمسكًا بما ذكر في الإظماء وبحديث ابن عباس الآتي إن شاء الله تعالى وذهب جماعة من السلف إلى الجمع بين صيام التاسع والعاشر وبه قال الشافعي في قوله الآخر وأحمد وإسحاق وهو قول من أشكل عليه التعيين فجمع بين الأمرين احتياطًا اهـ من المفهم.

وقول عائشة رضي الله تعالى عنها (كانت قريش تصوم عاشوراء في الجاهلية) يدل على أن صوم هذا اليوم كان عندهم معلوم المشروعية والقدر، ولعلهم كانوا يستندون في صومه إلى أنه من شريعة إبراهيم وإسماعيل صلوات الله وسلامه عليهما فإنهم كانوا ينتسبون إليهما ويستندون في كثير من أحكام الحج وغيره إليهما، وصوم رسول الله صلى الله عليه وسلم له يحتمل أن يكون بحكم الموافقة لهم عليه كما وافقهم على أن حج معهم على ما كانوا يحجون أعني حجته الأولى التي حجها قبل هجرته وقبل فرض الحج إذ كل ذلك فعل خير، ويمكن أن يقال أذن الله تعالى له في صيامه فلما قدم المدينة وجد اليهود يصومونه فسألهم عن الحامل لهم على صومه فقالوا ما ذكره ابن عباس: أنه يوم عظيم أنجى الله فيه موسى وقومه وغرق فرعون وقومه، فصامه موسى شكرًا فنحن نصومه فقال النبي صلى الله عليه وسلم:"فنحن أحق وأولى بموسى منكم" فحينئذ صامه بالمدينة وأمر بصيامه أي أوجب صيامه وأكد أمره حتى كانوا يصوّمون الصغار فالتزمه صلى الله عليه وسلم وألزمه أصحابه إلى أن فرض شهر رمضان، ونُسخ وجوب صوم يوم عاشوراء فقال إذ ذاك: إن الله لم يكتب عليكم صيام هذا اليوم ثم خَيَّرَ في صومه وفطره وأبقى عليه الفضيلة بقوله (وأنا صائم) كما جاء في حديث معاوية، وعلى هذا فلم يصم النبي صلى الله عليه وسلم عاشوراء اقتداءً باليهود فإنه كان يصومه قبل قدومه عليهم وقبل علمه بحالهم لكن الذي حدث له عند ذلك إلزامه والتزامه ائتلافًا لليهود واستدراجًا لهم كما كانت الحكمة في استقباله قبلتهم وكان هذا الوقت هو الوقت الذي كان النبي صلى الله عليه وسلم يحب فيه موافقة أهل الكتاب فيما لم ينه عنه. وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث أحمد [6/ 162]، والبخاري [3831]، والترمذي [753].

ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة في حديث عائشة رضي الله تعالى عنها فقال:

ص: 45

2520 -

(00)(00) وحدَّثنا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيبَةَ وَأَبُو كُرَيبٍ. قَالا: حَدَّثَنَا ابْنُ نُمَيرٍ، عَنْ هِشَامٍ، بِهذَا الإِسْنَادِ. وَلَمْ يَذْكُرْ فِي أَوَّلِ الْحَدِيثِ: وَكَانَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَصُومُهُ. وَقَال فِي آخِرِ الْحَدِيثِ: وَتَرَكَ عَاشُورَاءَ. فَمَنْ شَاءَ صَامَهُ وَمَنْ شَاءَ تَرَكَهُ. وَلَمْ يَجْعَلْهُ مِنْ قَوْلِ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم. كَرِوَايَةِ جَرِيرٍ.

2521 -

(00)(00) حدّثني عَمْرٌو النَّاقِدُ. حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها؛ أَنَّ يَوْمَ عَاشُورَاءَ كَانَ يُصَامُ فِي الْجَاهِلِيَّةِ. فَلَمَّا جَاءَ الإِسْلامُ، مَنْ شَاءَ صَامَهُ وَمَنْ شَاءَ تَرَكَهُ.

2522 -

(00)(00) حدَّثنا حَرْمَلَةُ بْنُ يَحْيَى. أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ. أَخْبَرَنِي

ــ

2520 -

(00)(00)(وحدثنا أبو بكر بن أبي شيبة وأبو كريب قالا حدَّثنا) عبد الله (ابن نمير عن هشام بهدا الإسناد) يعني عن أبيه عن عائشة، غرضه بيان متابعة عبد الله بن نمير لجرير (و) لكن (لم يذكر) ابن نمير (في أول الحديث: وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصومه وقال) ابن نمير (في آخر الحديث: وترك عاشوراء فمن شاء صامه ومن شاء تركه ولم يجعله) أي ولم يجعل ابن نمير لفظ من شاء صامه ومن شاء تركه (من قول النبي صلى الله عليه وسلم كرواية جرير) أي كما جعله جرير من قول النبي صلى الله عليه وسلم في روايته حين قال (قال من شاء صامه ومن شاء تركه).

ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة ثانيًا في حديثها فقال:

2521 -

(00)(00)(حدثني عمرو) بن محمد بن بكير (الناقد) البغدادي (حدثنا سفيان) بن عيينة (عن الزهري عن عروة عن عائشة رضي الله عنها غرضه بيان متابعة الزهري لهشام (أن يوم عاشوراء كان يصام في الجاهلية فلما جاء الإسلام) أي وهاجروا إلى المدينة، وفُرض رمضان في شعبان في السنة الثانية من الهجرة خُيّر في صومه وتركه كما تقدم من رواية هشام، ويأتي من طريق الزهري نفسه فـ (من شاء صامه ومن شاء تركه).

ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة ثالثًا في حديثها فقال:

2522 -

(00)(00)(حدثنا حرملة بن يحيى) التجيبي (أخبرنا ابن وهب أخبرني

ص: 46

يُونُسُ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ. أَخْبَرَني عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيرِ؛ أَنَّ عَائِشَةَ رضي الله عنها. قَالتْ: كَانَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَأْمُرُ بِصِيَامِهِ قَبْلَ أَنْ يُفْرَضَ رَمَضَانُ. فَلَمَّا فُرِضَ رَمَضَانُ، كَانَ مَنْ شَاءَ صَامَ يَوْمَ عَاشُورَاءَ، وَمَنْ شَاءَ أَفْطَرَ.

2523 -

(00)(00) حدَّثنا قُتَيبَةُ بْنُ سَعِيدٍ وَمُحَمَّدُ بْنُ رُمْحٍ. جَمِيعًا عَنِ اللَّيثِ بْنِ سَعْدٍ. قَال ابْنُ رُمْحٍ: أَخْبَرَنَا اللَّيثُ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ؛ أَنَّ عِرَاكًا أَخْبَرَهُ؛ أَنَّ عُرْوَةَ أَخْبَرَهُ؛ أَنَّ عَائِشَةَ أَخْبَرَتْهُ؛ أَنَّ قُرَيشًا كَانَتْ تَصُومُ عَاشُورَاءَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ. ثُمَّ أُمِرَ

ــ

يونس) بن يزيد الأيلي (عن ابن شهاب أخبرني عروة بن الزبير أن عائشة رضي الله عنها. غرضه بيان متابعة يونس لسفيان (قالت كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يأمر) الناس (بصيامه) أي بصيام عاشوراء حين قدم المدينة في أول السنة الثانية (قبل أن يُفرض رمضان) في شعبان من السنة الثانية (فلما فُرض رمضان) أي صيامه في الثانية في شهر شعبان كما مر (كان من شاء صام يوم عاشوراء ومن شاء أفطر) فعلى هذا لم يقع الأمر بصومه إلَّا في سنة واحدة، وعلى تقدير صحة القول بفرضيته فقد نُسخ، ولم يرو عنه صلى الله عليه وسلم أنه جدد للناس أمرًا بصيامه بعد فرض رمضان بل تركهم على ما كانوا عليه من غير نهي عن صيامه فإن كان أمره صلى الله عليه وسلم بصيامه قبل فرض صيام رمضان للوجوب فإنه يُبنى على أن الوجوب إذا نُسخ هل ينسخ الاستحباب أم لا؟ فيه اختلاف مشهور، وإن كان أمره للاستحباب فيكون باقيًا على الاستحباب اهـ قسط.

ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة رابعًا في حديثها فقال:

2523 -

(00)(00)(حدثنا قتيبة بن سعيد ومحمد بن رمح) بن المهاجر المصري (جميعًا عن الليث بن سعد) المصري (قال ابن رمح أخبرنا الليث عن يزيد بن أبي حبيب) سويد مولى شريك بن الطفيل الأزدي أبي رجاء المصري عالمها، ثقة، من (5) روى عنه في (11) بابا (أن عراكًا) ابن مالك الغفاري المدني، ثقة، من (3) روى عنه في (7) أبواب (أخبره) أي أخبر ليزيد بن أبي حبيب (أن عروة) بن الزبير (أخبره) أي أخبر لعراك (أن عائشة أخبرته) أي أخبرت لعروة، وهذا السند من سداسياته رجاله ثلاثة منهم مدنيون وثلاثة مصريون، غرضه بيان متابعة عراك لهشام وابن شهاب (أن قريشًا كانت تصوم عاشوراء في الجاهلية) أي قبل الإسلام (ثم أمر) ضبطوا أمر هنا بوجهين

ص: 47

رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم بِصِيَامِهِ. حَتَّى فُرِضَ رَمَضَانُ. فَقَال رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "مَنْ شَاءَ فَلْيَصُمْهُ، وَمَنْ شَاءَ فَلْيُفْطِرْهُ".

2524 -

(1093)(14) حدَّثنا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيبَةَ. حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ نُمَيرٍ. ح وَحَدَّثَنَا ابْنُ نُمَيرِ (وَاللَّفْظُ لَهُ) حَدَّثَنَا أَبِي. حَدَّثَنَا عُبَيدُ اللهِ، عَنْ نَافِعٍ. أَخْبَرَنِي عَبْدُ اللهِ بْنُ عُمَرَ رضي الله عنهما؛ أَن أَهْلَ الْجَاهِلِيَّةِ كَانُوا يَصُومُونَ يَوْمَ عَاشُورَاءَ. وَأَنَ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم صَامَهُ، وَالْمُسْلِمُونَ. قَبْلَ أَنْ يُفْتَرَضَ رَمَضَانُ

ــ

أظهرهما بفتح الهمزة والميم أي أَمَر (رسول الله صلى الله عليه وسلم الناس (بصيامه) والثاني أُمر بضم الهمزة وكسر الميم على صيغة المبني للمجهول، ولم يذكر القاضي عياض غيره، قال الحافظ: والظاهر أن صيامه عاشوراء ما كان إلَّا عن توقيف ولا يضرنا في هذه المسألة اختلافهم هل كان صومه فرضًا أم نفلًا اهـ (حتى) إذا (فرض رمضان فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من شاء فليصمه ومن شاء فليفطره) قال النواوي معناه أنه ليس متحتمًا فأبو حنيفة يُقدره ليس بواجب، والشافعية يقدرونه ليس متأكدًا كل التأكيد، وعلى المذهبين فهو سنة مستحبة الآن من حين قال النبي صلى الله عليه وسلم هذا الكلام.

ثم استشهد المؤلف رحمه الله تعالى لحديث عائشة بحديث ابن عمر رضي الله عنهما فقال:

2524 -

(1093)(14)(حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة، حدثنا عبد الله بن نمير (ح) وحدثنا) محمد بن عبد الله (بن نمير واللفظ له حدثنا أبي) عبد الله بن نمير (حدثنا عبيد الله) بن عمر بن حفص بن عاصم بن عمر بن الخطاب العدوي المدني (عن نافع) مولى ابن عمر قال (أخبرني عبد الله بن عمر) بن الخطاب رضي الله عنهما وهذا السند من خماسياته رجاله اثنان منهم مدنيان واثنان كوفيان وواحد مكي (أن أهل الجاهلية كانوا يصومون يوم عاشوراء وأن رسول الله صلى الله عليه وسلم صامه) بنفسه (والمسلمون) صاموا معه (قبل أن يفترض) أي يفرض، وافتعل هنا بمعنى الثلاثي أتى به للمبالغة في معنى الثلاثي أي قبل أن يفرض صوم شهر (رمضان) في السنة الثانية في

ص: 48

فَلَمَّا افْتُرِضَ رَمَضَانُ، قَال رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم:"إِنَّ عَاشُورَاءَ يَوْمٌ مِنْ أَيَّامِ اللهِ. فَمَنْ شَاءَ صَامَهُ وَمَنْ شَاءَ تَرَكَهُ".

2525 -

(00)(00) وحدّثناه مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى وَزُهَيرُ بْنُ حَرْبٍ. قَالا: حَدَّثَنَا يَحْيَى (وَهُوَ الْقَطَّانُ) ح وَحَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيبَةَ. حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ. كِلاهُمَا عَنْ عُبَيدِ اللهِ. بِمِثْلِهِ. فِي هذَا الإِسْنَادِ.

2526 -

(00)(00) وحدَّثنا قُتَيبَةُ بْنُ سَعِيدٍ. حَدَّثَنَا لَيثٌ. ح وَحَدَّثَنَا ابْنُ رُمْحٍ. أَخْبَرَنَا اللَّيث، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما؛ أَنَّهُ ذُكِرَ عِنْدَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَوْمُ عَاشُورَاءَ. فَقَال

ــ

شعبان (فلما افترض رمضان) أي صيام شهره (قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أن عاشوراء) أي إن يومه (يوم من أيام الله) أي مثل سائر أيام السنة لا فضيلة له عليها بوجوب صومه (فمن شاء صامه ومن شاء تركه). شارك المؤلف رحمه الله تعالى في رواية هذا الحديث أحمد [57 و 143]، والبخاري [4501]، وأبو داود [2443].

ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة في حديث ابن عمر رضي الله تعالى عنهما فقال:

2525 -

(00)(00)(وحدثناه محمد بن المثنى وزهير بن حرب قالا حدثنا يحيى) بن سعيد (وهو القطان) التميمي البصري، ثقة إمام، من (9)(ح وحدثنا أبو بكر بن أبي شيبة حدثنا أبو أسامة) حماد بن أسامة القرشي الكوفي (كلاهما) أي كل من القطان وأبي أسامة (عن عبيد الله) بن عمر وساقا (بمثله) أي بمثل ما روى عبد الله بن نمير عن عبيد الله (في هذا الإسناد) أي بهذا الإسناد يعني عن نافع عن ابن عمر، والغرض بيان متابعة يحيى القطان وأبي أسامة لعبد الله بن نمير.

ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة ثانيًا في حديث ابن عمر رضي الله تعالى عنهما فقال:

2526 -

(00)(00)(وحدثنا قتيبة بن سعيد حدثنا ليث ح وحدثنا) محمد (بن رمح أخبرنا الليث عن نافع عن ابن عمر رضي الله عنهما وهذا السند من رباعياته، غرضه بيان متابعة ليث بن سعد لعبيد الله بن عمر (أنه) أي أن الشأن والحال (ذُكر) بالبناء للمجهول (عند رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم عاشوراء) أي صيامه (فقال

ص: 49

رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "كَانَ يَوْمًا يَصْومُهُ أَهْلُ الْجَاهِلِيَّةِ. فَمَنْ أَحَبَّ مِنْكُمْ أَنْ يَصُومَهُ فَلْيَصُمْهُ. وَمَنْ كَرِهَ فَلْيَدَعْهُ".

2527 -

(00)(00) حدَّثنا أبُو كُرَيبٍ. حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ، عَنِ الْوَلِيدِ (يَعْنِي ابْنَ كَثِيرٍ) حَدَّثَنِي نَافِعٌ؛ أَنَّ عَبْدَ اللهِ بْنَ عُمَرَ رضي الله عنهما حَدَّثَهُ؛ أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ، فِي يَوْمِ عَاشُورَاءَ:"إِنَّ هذَا يَوْمٌ كَانَ يَصُومُهُ أَهْلُ الْجَاهِلِيَّةِ. فَمَنْ أَحَبَّ أَنْ يَصُومَهُ فَلْيَصُمْهُ. وَمَنْ أَحَبَّ أَنْ يَتْرُكَهُ فَلْيَتْرُكْهُ". وَكَانَ عَبْدُ اللهِ رضي الله عنه لَا يَصُومُهُ، إِلَّا أَنْ يُوَافِقَ صِيَامَهُ.

2528 -

(00)(00) وحدّثني مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ أَبِي خَلَفٍ

ــ

رسول الله صلى الله عليه وسلم كان) يوم عاشوراء (يومًا يصومه أهل الجاهلية فمن أحب منكم أن يصومه فليصمه ومن كره) أن يصومه ولم يرد بصيامه (فليدعه) أي فليتركه لأنه ليس بواجب ولا متأكد الندب.

ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة ثالثًا في حديث ابن عمر رضي الله تعالى عنهما فقال:

2527 -

(00)(00)(حدثنا أبو كريب حدثنا أبو أسامة عن الوليد يعني ابن كثير) القرشي المخزومي مولاهم أبي محمد المدني سكن الكوفة، صدوق، من (6) روى عنه في (9) أبواب (حدثني نافع أن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما حدثه أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم وهذا السند من خماسياته، غرضه بيان متابعة الوليد بن كثير لعبيد الله بن عمر (يقول في يوم عاشوراء إن هذا) اليوم (يوم كان يصومه أهل الجاهلية فمن أحب أن يصومه فليصمه) ندبًا (ومن أحب أن يتركه فليتركه) قال نافع (وكان عبد الله رضي الله عنه ابن عمر (لا يصومه إلَّا أن يوافق) يوم عاشوراء (صيامه) الذي اعتاده كورد يوم الاثنين والخميس.

ثم ذكر المؤلف المتابعة رابعًا في حديث عبد الله بن عمر رضي الله تعالى عنهما فقال:

2528 -

(00)(00)(وحدثني محمد بن أحمد بن أبي خلف) اسمه محمد

ص: 50

حَدَّثَنَا رَوْحٌ. حَدَّثَنَا أَبُو مَالِكٍ عُبَيدُ اللهِ بْنُ الأَخْنَسِ. أَخْبَرَنِي نَافِعٌ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما. قَال: ذُكِرَ عِنْدَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم صَوْمُ يَوْمِ عَاشُورَاءَ. فَذَكَرَ مِثْلَ حَدِيثِ اللَّيثِ بْنِ سَعْدٍ، سَوَاءً.

2529 -

(00)(00) وحدَّثنا أَحْمَدُ بْنُ عُثْمَانَ النَّوْفَلِيُّ. حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ. حَدَّثنَا عُمَرُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ زيدٍ الْعَسْقَلانِيُّ. حَدَّثنَا سَالِمُ بْنُ عَبْدِ اللهِ. حَدَّثَنِي عَبْدُ اللهِ بْنُ عُمَرَ رضي الله عنهما. قَال: ذُكِرَ عِنْدَ

ــ

السلمي مولاهم أبو عبد الله البغدادي، ثقة، من (10) روى عنه في (9) أبواب (حدثنا روح) بن عبادة بن العلاء القيسي البصري، ثقة، من (9) روى عنه في (14) بابا (حدثنا أبو مالك عبيد الله بن الأخنس) الخزاز بمعجمات النخعي الكوفي، ولكن حديثه في البصريين، روى عن نافع في الصوم، وأبي الزبير في اللباس وابن أبي مليكة وابن بريدة، ويروي عنه (ع) وروح بن عبادة ويحيى القطان وغيرهم، وثقه أحمد وابن معين والنسائي، وذكره ابن حبان في الثقات، وقال: يخطئ كثيرًا، وقال في التقريب: صدوق، من السابعة (أخبرني نافع عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما وهذا السند من خماسياته، غرضه بيان متابعة أبي مالك لليث بن سعد (قال) ابن عمر (ذُكر عند النبي صلى الله عليه وسلم صوم يوم عاشوراء فذكر) أبو مالك (مثل حديث الليث بن سعد) حالة كون حديثهما (سواء) أي متساويين لفظًا ومعنى.

ثم ذكر المؤلف المتابعة خامسًا في حديث ابن عمر رضي الله تعالى عنهما فقال:

2529 -

(00)(00)(وحدثنا أحمد بن عثمان) بن عبد النور بن عبد الله بن سنان (النوفلي) أبو عثمان البصري، ثقة، من (11) روى عنه في (7) أبواب (حدثنا أبو عاصم) الضحاك بن مخلد بن مسلم الشيباني أبو عاصم النبيل البصري، ثقة ثبت، من (9) روى عنه في (12) بابا (حدثنا عمر بن محمد بن زيد) بن عبد الله بن عمر بن الخطاب العمري المدني ثم (العسقلاني) نسبة إلى عسقلان مدينة بساحل الشام اهـ تهذيب، ج (12) ص (498) ثقة من (6) روى عنه في (10) أبواب (حدثنا سالم بن عبد الله) بن عمر بن الخطاب المدني (حدثني عبد الله بن عمر رضي الله عنهما وهذا السند من خماسياته، غرضه بيان متابعة سالم بن عبد الله لنافع (قال) ابن عمر (ذُكر عند

ص: 51

رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَوْمُ عَاشُورَاءَ. فَقَال: "ذَاكَ يَوْمٌ كَانَ يَصُومُهُ أَهْلُ الْجَاهِلِيةِ. فَمَنْ شَاءَ صَامَهُ، وَمَن شَاءَ تَرَكَهُ".

2530 -

(1094)(15) حدَّثنا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيبَةَ وَأَبُو كُرَيبٍ. جَمِيعًا عَنْ أَبِي مُعَاويَةَ. قَال أَبُو بَكْرٍ: حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاويةَ، عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ عُمَارَةَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَن بْنِ يَزِيدَ. قَال: دَخَلَ الأَشْعَثُ بْنُ قَيسٍ عَلَى عَبْدِ اللهِ. وَهُوَ يَتَغَدَّى. فَقَال: يَا أَبَا مُحَمَّدٍ! ادْنُ إِلَى الْغَدَاءِ. فَقَال: أَوَ لَيسَ الْيَوْمُ يَوْمَ عَاشُورَاءَ؟ قَال: وَهَلْ تَدْرِي مَا يَوْمُ عَاشُورَاءَ؟ قَال: وَمَا هُوَ؟ قَال: إِنَّمَا هُوَ يَوْمٌ كَانَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَصُومُهُ

ــ

رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم عاشوراء فقال) رسول الله صلى الله عليه وسلم (ذاك) اليوم (يوم كان يصومه أهل الجاهلية فمن شاء) منكم (صامه ومن شاء تركه).

ثم استشهد المؤلف رحمه الله تعالى ثانيا لحديث عائشة بحديث عبد الله بن مسعود رضي الله عنهما فقال:

2530 -

(1094)(15)(حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة وأبو كريب جميعًا عن أبي معاوية قال أبو بكر حدثنا أبو معاوية عن الأعمش عن عمارة) بن عمير التيمي تيم الله الكوفي، ثقة من (4) روى عنه في (5) أبواب (عن عبد الرحمن بن يزيد) بن قيس النخعي أبي بكر الكوفي، ثقة، من (3) روى عنه في (9) أبواب، وقال العجلي: كوفي تابعي ثقة (قال) عبد الرحمن بن يزيد (دخل الأشعث بن قيس) بن معدي كرب الكندي أبو محمد الكوفي الصحابي المشهور رضي الله عنه له تسعة أحاديث، اتفقا على حديث واحد (على عبد الله) بن مسعود (وهو) أي والحال أن عبد الله (يتغدى) أي يأكل الغداء وهو ما يؤكل نصف النهار. وهذا السند من سداسياته، ومن لطائفه أن رجاله كلهم كوفيون (فقال) عبد الله (يا أبا محمد) كنية الأشعث (ادن) أمر من دنا يدنو كدعا يدعو إذا قرب إلى الشيء أي اقرب (إلى الغداء) لتأكل معي (فقال) الأشعث (1) تتغدى يا أبا عبد الرحمن (وليس اليوم يوم عاشوراء) فإن صيامه سنة (قال) عبد الله (وهل تدري) وتعلم يا أبا محمد (ما يوم عاشوراء) أي ما بداية صومه وما حكم صومه؟ (قال) الأشعث (وما هو) يا أبا عبد الرحمن أي ما بداية صومه وما حكم صومه الآن؟ (قال) عبد الله (إنما هو) أي إنما يوم عاشوراء (يوم كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصومه

ص: 52

قَبْلَ أَنْ يَنْزِلَ شَهْرُ رَمَضَانَ. فَلَمَّا نَزَلَ شَهْرُ رَمَضَانَ تُرِكَ. وَقَال أَبُو كُرَيبٍ: تَرَكَهُ.

2531 -

(00)(00) وحدَّثنا زُهَيرُ بْنُ حَرْبٍ وَعُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيبَةَ. قَالا: حَدَّثنَا جَرِيرٌ، عَنِ الأَعْمَشِ، بِهذَا الإِسْنَادِ. وَقَالا: فَلَمَّا نَزَلَ رَمَضَانُ تَرَكَهُ.

2532 -

(00)(00) وحدَّثنا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيبَةَ. حَدَّثَنَا وَكِيعٌ وَيَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ الْقَطَّانُ، عَنْ سُفْيَانَ. ح وَحَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ حَاتِمٍ (وَاللَّفْظُ لَهُ). حَدَّثنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ. حَدَّثنَا سُفْيَانُ. حَدَّثَنِي زُبَيدٌ الْيَامِيُّ، عَنْ عُمَارَةَ بْنِ عُمَيرٍ،

ــ

قبل أن ينزل شهر رمضان) أراد بنزوله نزول الأمر بصيامه ولا يبعد أن يراد نزول قوله تعالى: {شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ} (فلما نزل شهر رمضان ترك) صوم عاشوراء على سبيل الوجوب فمن شاء صامه ومن شاء تركه (وقال أبوكريب) في روايته فلما نزل رمضان (تركه) رسول الله صلى الله عليه وسلم أي ترك صيامه والأمر بصيامه.

وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث النسائي أخرجه في الكبرى في كتاب الصوم.

ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة في حديث ابن مسعود رضي الله عنه فقال:

2531 -

(00)(00)(وحدثنا زهير بن حرب وعثمان بن أبي شيبة قالا: حدثنا جرير) بن عبد الحميد الضبي الكوفي (عن الأعمش بهذا الإسناد) يعني عن عمارة عن عبد الرحمن عن ابن مسعود، غرضه بيان متابعة جرير لأبي معاوية أو بيان متابعة زهير وعثمان لأبي بكر وأبي كريب ولكنها متابعة ناقصة (و) لكن (قالا) أي قال زهير وعثمان في روايتهما عن جرير (فلما نزل رمضان تركه) أي ترك رسول الله صلى الله عليه وسلم صيام عاشوراء أي على سبيل الوجوب.

ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة ثانيًا في حديث عبد الله رضي الله عنه فقال:

2532 -

(00)(00)(وحدثنا أبو بكر بن أبي شيبة حدثنا وكيع ويحيى بن سعيد القطان عن سفيان) بن سعيد الثوري (ح وحدثني محمد بن حاتم) بن ميمون السمين البغدادي (واللفظ له) أي لمحمد بن حاتم (حدثنا يحيى بن سعيد) القطان (حدثنا سفيان) الثوري (حدثني زبيد) بن الحارث (اليامي) أبو عبد الرحمن الكوفي (عن عمارة بن عمير)

ص: 53

عَنْ قَيسِ بْنِ سَكَنٍ؛ أَنَّ الأَشْعَثَ بْنَ قَيسٍ دَخَلَ عَلَى عَبْدِ اللهِ، يَوْمَ عَاشُورَاءَ. وَهُوَ يَأْكُلُ. فَقَال: يَا أبَا مُحَمَّدٍ! ادْنُ فَكُلْ. قَال: إِنِّي صَائِمٌ. قَال: كنَّا نَصْومُهُ، ثُمَّ تُرِكَ.

2533 -

(00)(00) وحدّثني مُحَمَّدُ بْنُ حَاتِمٍ. حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ مَنْصُورٍ. حَدَّثَنَا إِسْرَائِيلُ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عَلْقَمَةَ. قَال: دَخَلَ الأَشْعَثُ بْنُ قَيسٍ عَلَى ابْنِ مَسْعُودٍ. وَهُوَ يَأْكُلُ، يَوْمَ عَاشُورَاءَ. فَقَال: يَا أَبَا

ــ

التيمي الكوفي (عن قيس بن سكن) الأسدي الكوفي، روى عن عبد الله بن مسعود في الصوم، ويروي عنه (م س) وعمارة بن عمير وأبو إسحاق، وثقه ابن حبان، له عندهما حديث واحد وهو هذا، وقال في التقريب: ثقة، من الثانية، مات قبل السبعين (70)(أن الأشعث بن قيس دخل على عبد الله) بن مسعود (يوم عاشوراء وهو يأكل) الغداء. وهذان السندان من سباعياته، غرضه بسوقهما بيان متابعة قيس بن سكن لعبد الرحمن بن يزيد في رواية هذا الحديث عن عبد الله بن مسعود (فقال) عبد الله (يا أبا محمد ادن) أي اقرب إليّ (فكل) معنا (قال) الأشعث (إني صائم قال) عبد الله (كنا نصومه) أي نصوم عاشوراء في عهد النبي صلى الله عليه وسلم (ثم ترك) صومه.

ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة ثالثًا في حديث عبد الله بن مسعود رضي الله عنه فقال:

2533 -

(00)(00)(وحدثني محمد بن حاتم) السمين البغدادي (حدثنا إسحاق بن منصور) السلولي مولاهم أبو عبد الرحمن الكوفي، صدوق، من (9) روى عنه في (5) أبواب (حدثنا إسرائيل) بن يونس بن أبي إسحاق الهمداني السبيعي أبو يوسف الكوفي، ثقة، من (7) روى عنه في (8) أبواب (عن منصور) بن المعتمر السلمي الكوفي، ثقة، من (5) روى عنه في (19) بابا (عن إبراهيم) بن يزيد النخعي الكوفي، ثقة، من (5) روى عنه في (11) بابا (عن علقمة) بن قيس النخعي، ثقة مخضرم، من (2) روى عنه في (4) أبواب (قال) علقمة (دخل الأشعث بن قيس على) عبد الله (بن مسعود) الهذلي الكوفي رضي الله عنه. وهذا السند من سباعياته، ومن لطائفه أن رجاله كلهم كوفيون إلَّا محمد بن حاتم، غرضه بسوقه بيان متابعة علقمة لعبد الرحمن بن يزيد (وهو) أي والحال أن عبد الله (يأكل) الغداء (يوم عاشوراء فقال) علقمة بن قيس (يا أبا

ص: 54

عَبْدِ الرَّحْمَنِ! إِنَّ الْيَوْمَ يَوْمُ عَاشُورَاءَ. فَقَال: قَدْ كَانَ يُصَامُ قَبْلَ أَنْ يَنْزِلَ رَمَضَانُ. فَلَمَّا نَزَلَ رَمَضَانُ، تُرِكَ. فَإِنْ كُنْتَ مُفْطِرًا، فَاطْعَمْ.

2534 -

(1095)(15) حدَّثنا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيبَةَ. حَدَّثَنَا عُبَيدُ اللهِ بْنُ مُوسَى. أَخْبَرَنَا شَيبَانُ، عَنْ أَشْعَثَ بْنِ أَبِي الشَّعْثَاءِ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ أَبِي ثَوْرٍ، عَنْ جَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ رضي الله عنه. قَال: كانَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَأْمُرُنَا بِصِيَامِ يَوْمِ عَاشُورَاءَ. وَيَحُثُّنَا عَلَيهِ. وَيَتَعَاهَدُنَا عِنْدَهُ. فَلَمَّا فُرِضَ رَمَضَانُ، لَمْ يَأْمُرْنَا، وَلَمْ يَنْهَنَا، وَلَمْ يَتَعَاهَدْنَا عِنْدَهُ

ــ

عبد الرحمن) كنية ابن مسعود (إن اليوم يوم عاشوراء) فكيف تأكل أوَلَا تصومه (فقال) عبد الله (قد كان يُصام) يوم عاشوراء (قبل أن ينزل رمضان) أي قبل نزول الأمر بصيام رمضان (فلما نزل رمضان ترك فإن كنت مفطرًا فاطعم) معنا.

ثم استشهد المؤلف رحمه الله تعالى ثالثًا لحديث عائشة بحديث جابر بن سمرة رضي الله عنهم فقال:

2534 -

(1095)(15)(حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة حدثنا عبيد الله بن موسى) العبسي بموحدة مولاهم أبو محمد الكوفي، ثقة، من (9)(أخبرنا شيبان) بن عبد الرحمن التميمي مولاهم النحوي الكوفي، ثقة، من (7)(عن أشعث بن أبي الشعثاء) سليم بن الأسود المحاربي الكوفي، ثقة، من (6) روى عنه في (6) أبواب (عن جعفر بن أبي ثور) عكرمة السوائي نسبة إلى سواءة بن عامر أبي ثور الكوفي، قال في التقريب: مقبول، من (3)(عن جابر بن سمرة رضي الله عنه السوائي الكوفي. وهذ السند من سداسياته، ومن لطائفه أن رجاله كلهم كوفيون (قال) جابر بن سمرة (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يأمرنا) أمر إيجاب (بصيام يوم عاشوراء ويحثنا) أي يحضنا (عليه) أي على صيامه ويرغبنا فيه (ويتعاهدنا) أي يتحافظنا ويراعي حالنا (عنده) أي عند عاشر المحرم، ويبحث عن حالنا هل صمنا أم لم نصم (فلما فرض رمضان) أي صيام شهره (لم يأمرنا) بصيام عاشوراء أمر إيجاب ولا ندب (ولم ينهنا) عن صيامه نهي تحريم ولا كراهة (ولم يتعاهدنا) أي ولم يراعنا ولم يتفقدنا ولم يبحث عن صيامنا (عنده) أي عند عاشر المحرم، وهذا الحديث انفرد به الإمام مسلم رحمه الله تعالى كما في تحفة الأشراف.

ص: 55

2535 -

(1096)(16) حدّثني حَرْمَلَةُ بْنُ يَحْيَى. أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ. أَخْبَرَنِي يُونُسُ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ. أَخْبَرَنِي حُمَيدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ؛ أَنَّهُ سَمِعَ مُعَاويَةَ بْنَ أَبِي سُفْيَانَ، خَطِيبًا بِالْمَدِينَةِ (يَعْنِي فِي قَدْمَةٍ قَدِمَهَا) خَطَبَهُمْ يَوْمَ عَاشُورَاءَ، فَقَال: أَينَ عُلَمَاؤُكُمْ؟ يَا أَهْلَ الْمَدِينَةِ! سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ (لِهذَا الْيَوْمِ): "هذَا يَوْمُ عَاشُوراءَ

ــ

ثم استشهد المؤلف رابعًا لحديث عائشة بحديث معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنهم فقال:

2535 -

(1096)(16)(حدثني حرملة بن يحيى أخبرنا ابن وهب أخبرني يونس عن ابن شهاب أخبرني حميد بن عبد الرحمن) بن عوف الزهري المدني (أنه سمع معاوية بن أبي سفيان) القرشي الأموي الشامي الصحابي الجليل رضي الله عنه. وهذا السند من سداسياته رجاله اثنان منهم مدنيان واثنان مصريان وواحد منهم شامي وواحد أيلي، وفيه التحديث والإخبار والسماع والعنعنة ورواية تابعي عن تابعي حالة كون معاوية (خطيبًا) للناس (بالمدينة يعني) أي حميد بن عبد الرحمن وهو من كلام ابن شهاب أي يعني حميد بن عبد الرحمن أنه سمع معاوية حين قام خطيبًا (في قدمة) -بفتح القاف وسكون الدال- لأنه من المصادر التي تدل على المرة أي في مرة من قدماته التي (قدمها) أي قدم المدينة فإنه كانت له قدمات إلى المدينة من الشام، وفي صحيح البخاري (عام حج) فقال ابن حجر: وكأنه تأخر بمكة أو المدينة في حجته إلى يوم عاشوراء، وذكر أبو جعفر الطبري أن أول حجة حجها معاوية بعد أن استخلف كانت في سنة (44) أربع وأربعين، وآخر حجة حجها سنة (57) سبع وخمسين، والذي يظهر أن المراد بها في هذا الحديث الحجة الأخيرة اهـ (خطبهم يوم عاشوراء فقال) معاوية في خطبته (أين علماؤكم يا أهل المدينة) قال ابن حجر: في سياق هذه القصة إشعار بأن معاوية لم ير لهم اهتمامًا بصيام عاشوراء فلذلك سأل عن علمائهم أو بلغه عمن يكره أو يوجبه اهـ قال عياض: واستدعاؤه للعلماء تنبيه لهم على الحكم واستعانة بما عندهم على ما عنده أو توبيخ لهم اهـ قال القرطبي: إنما خص العلماء بالنداء ليلقنوا عنه وليصدقوه، إذ قد كان علم ذلك عند كثير منهم وذلك لأنهم أعلم بأحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم وأحواله من غيرهم، فإني (سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول لهذا اليوم) أي في شأن هذا اليوم وصيامه، وقوله (هذا يوم عاشوراء) إلى آخره كله

ص: 56

وَلَمْ يَكْتُبِ اللهُ عَلَيكُمْ صِيَامَهُ. وَأَنَا صَائِمٌ. فَمَنْ أَحَبَّ مِنْكُمْ أَنْ يَصُومَ فَلْيَصُمْ. وَمَنْ أَحَبَّ أَنْ يُفْطِرَ فَلْيُفْطِرْ"

ــ

من كلام النبي صلى الله عليه وسلم هكذا جاء مُبيَّنًا في رواية النسائي اهـ نووي، وقال ابن حجر: هذا كله من كلام النبي صلى الله عليه وسلم كما بينه النسائي في روايته، وقد استدل به على أنه لم يكن فرضًا قط ولا دلالة فيه لاحتمال أن يريد (ولم يكتب الله عليكم صيامه) على الدوام كصيام رمضان، وغايته أنه عام خُص بالأدلة الدالة على تقدم وجوبه أو المراد أنه لم يدخل في قوله تعالى:{كُتِبَ عَلَيكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ} ثم فسره بأنه شهر رمضان ولا يناقض هذا الأمر السابق بصيامه الذي صار منسوخًا (وأنا صائم فمن أحب منكم أن يصوم فليصم ومن أحب أن يفطر فليفطر) هذا كله من كلام رسول الله صلى الله عليه وسلم كما مر آنفًا، قال ابن الملك: قوله صلى الله عليه وسلم (ولم يكتب الله عليكم صيامه) يعني لم يفرض الله صومه عليكم في هذه السنة وما بعدها قاله حين انتسخ فرضيته بشهر رمضان اهـ، قال ابن حجر: ويؤيد ذلك أن معاوية إنما صحب النبي صلى الله عليه وسلم من سنة الفتح والذين شهدوا أمره بصيام عاشوراء والنداء بذلك شهدوه في السنة الأولى أوائل العام الثاني من الهجرة، ويؤخذ من مجموع الأحاديث أنه كان واجبًا لثبوت الأمر بصومه، ثم تأكد الأمر بذلك، ثم زيادة التأكيد بالنداء العام، ثم زيادته بأمر من أكل بالإمساك، ثم زيادته بأمر الأمهات أن لا يرضعن فيه الأطفال، وبقول ابن مسعود الثابت في مسلم لما فُرض رمضان ترك عاشوراء مع العلم بأنه ما ترك استحبابه بل هو باق فدل على أن المتروك وجوبه، وأما قول بعضهم المتروك تأكد استحبابه والباقي مطلق استحبابه فلا يخفى ضعفه بل تأكد استحبابه باق ولا سيما مع استمرار الاهتمام به حتى في عام وفاته صلى الله عليه وسلم حيث يقول:"لئن عشت لأصومن التاسع والعاشر" ولترغيبه في صومه وأن يكفر سنته وأي تأكيد أبلغ من هذا انتهى كلام الحافظ ابن حجر.

[تنبيه]: - قال علي القاري في شرح المشكاة: هذا كله على تقدير صحة رواية النسائي، قوله (ولم يكتب الله عليكم صيامه) من كلامه صلى الله عليه وسلم وإلا فالحفاظ اتفقوا على أنه من كلام معاوية مدرج اهـ.

وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث أحمد [4/ 95]، والبخاري [2003].

ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة في حديث معاوية رضي الله عنه فقال:

ص: 57

2536 -

(00)(00) حدّثني أَبُو الطَّاهِرِ. حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ وَهْبٍ. أَخْبَرَني مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، فِي هذَا الإِسْنَادِ، بِمِثْلِهِ.

2537 -

(00)(00) وحدَّثنا ابْنُ أَبِي عُمَرَ. حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَينَةَ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، بِهذَا الإِسْنَادِ. سَمِعَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ فِي مِثْلِ هذَا الْيَوْمِ:"إِنِّي صَائِمٌ. فَمَنْ شَاءَ أَنْ يَصُومَ فَلْيَصُمْ" لَمْ يَذْكُرْ بَاقِيَ حَدِيثِ مَالِكٍ ويونُسَ.

2538 -

(1017)(17) حدَّثنا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى. أَخْبَرَنَا هُشَيمٌ، عَنْ أَبِي بِشْرٍ. عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما

ــ

2536 -

(00)(00)(حدثني أبو الطاهر حدثنا عبد الله بن وهب أخبرني مالك بن أنس عن ابن شهاب في هذا الإسناد) يعني عن حميد بن معاوية وساق مالك (بمثله) أي بمثل ما حدّث يونس عن ابن شهاب، وغرضه بيان متابعة مالك ليونس.

ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة ثانيًا في حديث معاوية رضي الله عنه فقال:

2537 -

(00)(00)(وحدثنا) محمد بن يحيى (بن أبي عمر) العدني المكي، صدوق، من (10)(حدثنا سفيان بن عيينة عن الزهري بهفي الإسناد) يعني عن حميد عن معاوية، غرضه بيان متابعة ابن عيينة ليونس أيضًا، وفائدة هاتين المتابعتين تأكيد السند الأول كما هو معلوم من اصطلاحاتهم أي حدثنا سفيان عن الزهري بهذا الإسناد أن معاوية بن أبي سفيان (سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول) في حياته (في مثل هذا اليوم) يعني يوم عاشوراء (إني صائم فمن شاء أن يصوم فليصم ولم يذكر) سفيان (باقي حديث مالك ويونس) من قوله (من أحب أن يفطر فليفطر).

ثم استشهد المؤلف رحمه الله تعالى خامسًا لحديث عائشة بحديث ابن عباس رضي الله عنهم فقال:

2538 -

(1017)(17)(حدثنا يحيى بن يحيى أخبرنا هشيم) بن بشير بن القاسم السلمي الواسطي، ثقة، من (7)(عن أبي بشر) جعفر بن أبي وحشية إياس اليشكري الواسطي، ثقة، من (5)(عن سعيد بن جبير) الوالبي مولاهم أبي محمد الكوفي، ثقة، من (3)(عن ابن عباس) الهاشمي الطائفي رضي الله عنهما. وهذا السند من

ص: 58

قَال: قَدِمَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم الْمَدِينَةَ. فَوَجَدَ الْيَهُودَ يَصُومُونَ يَوْمَ عَاشُورَاءَ. فَسُئِلُوا عَنْ ذلِكَ؟ فَقَالُوا: فذَا الْيَوْمُ الَّذِي أَظْهَرَ اللهُ فِيهِ مُوسَى وَبَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى فِرْعَوْنَ. فَنَحْنُ نَصُومُهُ تَعْظِيمًا لَهُ. فَقَال النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: "نَحْنُ أَوْلَى بِمُوسَى مِنْكُمْ". فَأَمَرَ بِصَوْمِهِ

ــ

خماسياته رجاله اثنان منهم واسطيان وواحد طائفي وواحد كوفي وواحد نيسابوري (قال) ابن عباس (قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة) مهاجرًا إليها (فوجد اليهود يصومون يوم عاشوراء) قال الحافظ رحمه الله تعالى: واستشكل ظاهر الخبر لاقتضاء أنه صلى الله عليه وسلم حين قدومه المدينة وجد اليهود صيامًا يوم عاشوراء، وإنما قدم المدينة في ربيع الأول. فالجواب عن ذلك أن المراد أن أول علمه بذلك وسؤاله عنه كان بعد أن قدم المدينة لا أنه قبل أن يقدمها علم ذلك، وغايته أن في الكلام حذفًا تقديره قدم النبي صلى الله عليه وسلم المدينة فأقام إلى يوم عاشوراء فوجد اليهود فيه صيامًا، فالحاصل أن علمه بذلك تأخر إلى أن دخلت السنة الثانية اهـ ما قاله الحافظ (فسُئلوا) أي سئلت اليهود (عن ذلك) أي عن صيامهم يوم عاشوراء أي سألهم رسول الله صلى الله عليه وسلم كما سيصرحه في الرواية الآتية عن سبب صيامهم يوم عاشوراء (فقالوا) أي فقالت اليهود (هذا) اليوم هو (اليوم الذي أظهر الله) أي نصر الله سبحانه (فيه) أي في ذلك اليوم (موسى وبني إسرائيل على فرعون) وقومه بغرقهم في بحر القلزم؛ أي جعلهم ظاهرين عليه غالبين، ولأحمد من حديث أبي هريرة: وهو اليوم الذي استوت فيه السفينة على الجودي فصامه نوح شكرًا فلا معارضة لاحتمال أن يكون كل من استواء السفينة وغرق فرعون في يوم عاشوراء تلك السنة (فنحن نصومه تعظيمًا له) أي لذلك اليوم (فقال النبي صلى الله عليه وسلم نحن أولى) أي أحق (بموسى منكم) وأقرب إلى متابعته فإنا موافقون له في أصول الدين ومصدقون لكتابه وأنتم مخالفون لهما في التغيير والتحريف بالأمر المشوب بالتزييف لقوله تعالى {فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهْ} (فأمر) بصيغة المبني للمعلوم أي أمر النبي صلى الله عليه وسلم الناس (بصومه) أي بصيام يوم عاشوراء وهذا هو الظاهر، ويحتمل بناؤه للمجهول أي أمر النبي صلى الله عليه وسلم أي أمره الله بصومه، ولم يذكر القاضي عياض غيره، قال القرطبي: وسؤال النبي صلى الله عليه وسلم لليهود عن يوم عاشوراء

ص: 59

2539 -

(00) وحدّثناه ابْنُ بَشَّارٍ وَأَبُو بَكْرِ بْنُ نَافِعٍ. جَمِيعًا عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ جَعْفَرٍ، عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ أَبِي بِشْرٍ، بِهذَا الإِسْنَادِ، وَقَال: فَسَأَلَهُمْ عَنْ ذلِكَ.

2540 -

(00)(00) وحدّثني ابْنُ أَبِي عُمَرَ. حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ سَعِيدِ بْنِ جُبَيرٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما؛

ــ

إنما كان ليستكشف السبب الحامل لهم على الصوم فلما علم ذلك قال لهم كلمة حق تقتضي تأنيسهم واستجلابهم وهي: نحن أحق وأولى بموسى منكم، ووجه هذه الأولوية أنه علم من حال موسى وعظيم منزلته عند الله وصحة رسالته وشريعة ما لم يعلموه هم ولا أحد منهم اهـ من المفهم. وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث أحمد [1/ 291 و 310]، والبخاري [2004]، وأبو داود [2444]، وابن ماجه [1734].

ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة في حديث ابن عباس رضي الله عنهما فقال:

2539 -

(00)(00)(وحدثناه) محمد (بن بشار) العبدي البصري (وأبو بكر) محمد بن أحمد (بن نافع) العبدي البصري، صدوق، من (10)(جميعًا) أي كلاهما رويا (عن محمد بن جعفر) الهذلي البصري ربيب شعبة (عن شعبة) بن الحجاج البصري (عن أبي بشر) جعفر بن أبي وحشية اليشكري الواسطي (بهذا الإسناد) يعني عن سعيد عن ابن عباس، غرضه بيان متابعة شعبة لهشيم بن بشير (و) لكن (قال) شعبة في روايته (فسألهم) النبي صلى الله عليه وسلم بصيغة المبني للمعلوم (عن ذلك) أي عن سبب صيامهم يوم عاشوراء.

ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة ثانيًا في حديث ابن عباس رضي الله تعالى عنهما فقال:

2540 -

(00)(00)(وحدثني) محمد بن يحيى (بن أبي عمر) العدني المكي (حدثنا سفيان) بن عيينة المكي (عن أيوب) السختياني البصري (عن عبد الله بن سعيد بن جبير) الأسدي مولاهم الكوفي، روى عن أبيه في الصوم، ويروي عنه (خ م ت س) وأيوب، كان ثقة خيارًا، مات شابًّا، وقال في التقريب: ثقة فاضل، من السادسة (عن أبيه) سعيد بن جبير (عن ابن عباس رضي الله عنهما وهذا السند من سداسياته غرضه

ص: 60

أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَدِمَ الْمَدِينَةَ. فَوَجَدَ الْيَهُودَ صِيَامًا، يَوْمَ عَاشُورَاءَ. فَقَال لَهُمْ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم:"مَا هذَا الْيَوْمُ الَّذِي تَصُومُونَهُ؟ " فَقَالُوا: هذَا يَوْمَ عَظِيمٌ. أَنْجَى اللهُ فِيهِ مُوسَى وَقَوْمَهُ. وَغَرَّقَ فِرْعَوْنَ وَقَوْمَهُ. فَصَامَهُ مُوسَى شُكْرًا. فَنَحْنُ نَصُومُهُ. فَقَال رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "فَنَحْنُ أَحَقُّ وَأَوْلَى بِمُوسَى مِنْكُمْ" فَصَامَهُ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم. وَأَمَرَ بِصِيَامِهِ

ــ

بيان متابعة عبد الله بن سعيد لأبي بشر في رواية هذا الحديث عن سعيد بن جبير (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قدم المدينة فوجد اليهود صيامًا) أي صائمين (يوم عاشوراء فقال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم ما هذا اليوم الذي تصومونه فقالوا هذا يوم عظيم أنجى الله فيه موسى وقومه) من الغرق (وغرق) بتشديد الراء من التغريق (فرعون وقومه فصامه موسى شكرًا) لله سبحانه على إنجائهم (فنحن) معشر اليهود (نصومه) اتباعًا لموسى عليه السلام (فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم فنحن أحق وأولى) معطوف على أحق عطف رديف (بموسى منكم) أيها اليهود (فصامه رسول الله صلى الله عليه وسلم وأمر) أصحابه (بصيامه) والحاصل أنه عليه السلام كان يصومه كما تصومه قريش في مكة، ثم قدم المدينة فوجد اليهود يصومونه فصامه أيضًا بوحي أو تواتر أو اجتهاد لا بمجرد إخبار آحادهم كما في النووي، وعُلم من هذا أن المطلوب منه الموافقة لموسى لا الموافقة لليهود فلا يشكل بأنه يحب مخالفة اليهود لا موافقتهم قاله السندي، وقال الحافظ: واستشكل رجوعه إليهم في ذلك، وأجاب المازري: باحتمال أن يكون أوحي إليه بصدقهم أو تواتر عنده الخبر بذلك، زاد عياض أو أخبره به من أسلم منهم كعبد الله بن سلام ثم قال: ليس في الخبر أنه ابتدأ الأمر بصيامه بل في حديث عائشة التصريح بأنه كان يصومه قبل ذلك فغاية ما في القصة أنه لم يحدث له بقول اليهود تجديد حكم وإنما هي صفة حال وجواب سؤال ولم تختلف الروايات عن ابن عباس في ذلك، ولا مخالفة بينه وبين حديث عائشة إن أهل الجاهلية كانوا يصومونه كما تقدم إذ لا مانع من توارد الفريقين على صيامه مع اختلاف السبب في ذلك قال القرطبي: ولعل قريشًا كانوا يستندون في صومه إلى شرع من مضى كإبراهيم، وصوم رسول الله صلى الله عليه وسلم يحتمل أن يكون بحكم الموافقة لهم كما في الحج أو أذن الله له في صيامه

ص: 61

2541 -

(00)(00) وحدَّثنا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ. أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ. حَدَّثَنَا مَعْمَرٌ، عَنْ أَيُّوبَ، بِهذَا الإِسْنَادِ. إِلَّا أَنَّهُ قَال: عَنِ ابْنِ سَعِيدِ بْنِ جُبَيرٍ. لَمْ يُسَمِّهِ.

2542 -

(1098)(18) وحدَّثنا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيبَةَ وَابْنُ نُمَيرٍ، قَالا: حَدَّثنَا أَبُو أُسَامَةَ، عَنْ أَبِي عُمَيسٍ، عَنْ قَيسِ بْنِ مُسْلِمٍ،

ــ

على أنه فعل خير فلما هاجر ووجد اليهود يصومونه وسألهم وصامه، وأمر بصيامه احتمل أن يكون ذلك استئلافًا لليهود كما استألفهم باستقبال قبلتهم، ويحتمل غير ذلك وعلى كل حال فلم يصمه اقتداء بهم فإنه كان يصومه قبل ذلك، وكان ذلك في الوقت الذي يحب فيه موافقة أهل الكتاب فيما لم يُنْهَ عنه اهـ قال القرطبي: أيضًا مع انضمام أن من شرعه تعظيم الأيام التي أظهر الله سبحانه فيها الرسل فاستحسن الصوم فيها اهـ فتح الملهم.

ثم ذكر المؤلف المتابعة ثالثًا في حديث ابن عباس رضي الله تعالى عنهما فقال:

2541 -

(00)(00)(وحدثنا إسحاق بن إبراهيم أخبرنا عبد الرزاق حدثنا معمر عن أيوب بهذا الإسناد) يعني عن عبد الله عن أبيه عن ابن عباس، غرضه بيان متابعة معمر لسفيان بن عيينة (إلا أنه) أي لكن أي معمرًا (قال) في روايته (عن ابن سعيد بن جبير) حالة كونه (لم يسمه) أي لم يذكر اسم أبي سعيد بأنه عبد الله كما صرح سفيان باسمه.

ثم استشهد المؤلف رحمه الله تعالى سادسًا لحديث عائشة حديث أبي موسى الأشعري رضي الله تعالى عنهما فقال:

2542 -

(1098)(18)(وحدثنا أبو بكر بن أبي شيبة وابن نمير قالا: حدثنا أبو أسامة) حماد بن أسامة القرشي الكوفي (عن أبي عميس) صدقة بن أبي عمران الكوفي قاضي الأهواز، روى عن قيس بن مسلم في الصوم، وعون بن أبي جحيفة وإياد بن لقيط، ويروي عنه (م ق) وأبو أسامة والبرساني، قال أبو حاتم: صدوق ليس بذاك المشهور، وقال ابن معين: ليس بشيء، وقال في التقريب: صدوق، من السابعة (عن قيس بن مسلم) الجدلي -بفتحتين- أبي عمرو الكوفي، وثقه ابن معين وأبو حاتم

ص: 62

عَنْ طَارِقِ بْنِ شِهَابٍ، عَنْ أَبِي مُوسَى رضي الله عنه. قَال: كَانَ يَوْمُ عَاشُورَاءَ يَوْمًا تُعَظِّمُهُ الْيَهُودُ، وَتَتَّخِذُهُ عِيدًا. فَقَال رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم:"صُومُوهُ أَنْتُمْ".

2543 -

(00)(00) وحدّثناه أَحْمَدُ بْنُ الْمُنْذِرِ

ــ

والنسائي، وقال في التقريب: ثقة، من (6) رُمي بالإرجاء، مات سنة (120) روى عنه في (4) أبواب (عن طارق بن شهاب) بن عبد شمس البجلي الأحمسي أبي عبد الله الكوفي، رأى النبي صلى الله عليه وسلم ولم يسمع منه، صحابي أو ثقة، وثقه ابن معين، مات سنة (83) روى عنه في (4) أبواب (عن أبي موسى) الأشعري عبد الله بن قيس الكوفي رضي الله عنه وهذا السند من سداسياته، ومن لطائفه أن رجاله كلهم كوفيون، وفيه التحديث والعنعنة والمقارنة ورواية صحابي عن صحابي على قول (قال) أبو موسى (كان يوم عاشوراء يومًا تعظمه اليهود وتتخذه عيدًا) أي يوم فرح وزينة (فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم صوموه) أي صوموا يوم عاشوراء (أنتم) أيها المسلمون، ظاهره أن الباعث على الأمر بصومه محبة مخالفة اليهود حتى يصام ما يفطرون فيه لأن يوم العيد لا يُصام، وحديث ابن عباس يدل على أن الباعث على صيامه موافقتهم على السبب وهو شكر الله تعالى على نجاة موسى لكن لا يلزم من تعظيمهم له واعتقادهم بأنه عيد أنهم كانوا لا يصومونه فلعلهم كان من جملة تعظيمهم في شرعهم أن يصوموه، وقد ورد ذلك صريحًا في حديث أبي موسى هذا فيما أخرجه البخاري في الهجرة بلفظ (إذا أناس من اليهود يعظمون عاشوراء ويصومونه) ولمسلم من وجه آخر عن قيس بن مسلم بإسناده قال (كان أهل خيبر يصومون يوم عاشوراء ويتخذونه عيدًا ويلبسون نساءهم فيه حليهم وشارتهم) اهـ فتح. وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث البخاري والنسائي.

ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة في حديث أبي موسى رضي الله عنه فقال:

2543 -

(00)(00)(وحدثناه أحمد بن المنذر) بن الجارود البصري أبو بكر القزاز، روى عن أبي أسامة في الصوم، وزيد بن الحباب في النكاح، وعبد الصمد بن عبد الوارث في البيوع والأدب والرؤيا، ويروي عنه (م) وإبراهيم بن فهد وعبد الله بن أحمد، قال ابن أبي حاتم: سألت أبي عنه فقال: لا أعرفه، وعرضت عليه حديثه فقال:

ص: 63

حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ أُسَامَةَ. حَدَّثَنَا أَبُو الْعُمَيسِ. أَخْبَرَنِي قَيسٌ. فَذَكَرَ، بِهذَا الإِسْنَادِ، مِثْلَهُ. وَزَادَ: قَال أَبُو أُسَامَةَ: فَحَدَّثَنِي صَدَقَةُ بْنُ أَبِي عِمْرَانَ، عَنْ قَيسِ بْنِ مُسْلِمٍ، عَنْ طَارِقِ بْنِ شِهَابٍ، عَنْ أَبِي مُوسَى رضي الله عنه. قَال: كَانَ أَهْلُ خَيبَرَ يَصُومُونَ يَوْمَ عَاشُورَاءَ. يَتَّخِذُونَهُ عِيدًا. وَيُلْبِسُونَ نِسَاءَهُمْ فِيهِ حُلِيَّهُمْ وَشَارَتَهُمْ. فَقَال رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "فَصُومُوهُ أَنْتُمْ"

ــ

حديث صحيح، وقال في التقريب صدوق، من الحادية عشرة، قديم الموت مات سنة (235) خمس وثلاثين ومائتين (حدثنا حماد بن أسامة) الهاشمي أبو أسامة الكوفي (حدثنا أبو العميس) صدقة بن أبي عمران الكوفي (أخبرني قيس) بن مسلم الكوفي (فذكر) أحمد بن المنذر (بهذا الإسناد) يعني عن طارق عن أبي موسى (مثله) أي مثل ما حدّث أبو بكر بن أبي شيبة عن أبي أسامة، غرضه بسوق هذا السند بيان متابعة أحمد بن المنذر لأبي بكر بن أبي شيبة، وأفرد ضمير مثله نظرًا إلى أن المقصود في المتابعة المقرون به لا المقرون، وكان مقتضى السياق أن يقول مثلهما بالتثنية يعني بالضمير العائد إلى أبي بكر ومحمد بن نمير (و) لكن (زاد) أحمد بن المنذر على أبي بكر بن أبي شيبة (قال) لنا (أبو أسامة فحدثني صدقة بن أبي عمران عن قيس بن مسلم عن طارق بن شهاب عن أبي موسى رضي الله عنه قال) أبو موسى (كان أهل خيبر) من اليهود (يصومون يوم عاشوراء يتخذونه) أي يجعلون يوم عاشوراء (عيدًا) لهم أي يوم زينة وفرح وسرور، وقوله (ويلبسون نساءهم فيه حليهم وشارتهم) هو ما زاده أحمد بن المنذر على أبي بكر بن أبي شيبة، والحُلي جمع حلي كثدي وثدي وهو كل ما يتزين به من ذهب وفضة وسائر الجواهر كما قال تعالى:{يُحَلَّوْنَ فِيهَا مِنْ أَسَاورَ مِنْ ذَهَبٍ} وقوله أيضًا {وَحُلُّوا أَسَاورَ مِنْ فِضَّةٍ} وقوله (وشارتهم) أي يلبسونهن لباسهم الجميل الحسن، في النهاية: الشورة بالضم الهيئة الحسنة والشارة مثله (فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم للمسلمين (فصوموه أنتم) مخالفة لليهود، فالباعث على الصيام في هذا غير الباعث في حديث ابن عباس السابق إذ هو باعث على موافقته يهود المدينة على السبب وهو شكر الله تعالى على نجاة موسى مع موافقة عادته أو الوحي كما مر تقريره اهـ قسط.

ثم استدل المؤلف رحمه الله تعالى على الجزء الثاني من الترجمة بحديث آخر لابن عباس رضي الله تعالى عنهما فقال:

ص: 64

2544 -

(1099)(19) حدَّثنا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيبَةَ وَعَمْرٌو النَّاقِدُ. جَمِيعًا عَنْ سُفْيَانَ. قَال أَبُو بَكْرٍ: حَدَّثَنَا ابْنُ عُيَينَةَ، عَنْ عُبَيدِ اللهِ بْنِ أَبِي يَزِيدَ. سَمِعَ ابْنَ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما. وَسُئِلَ عَنْ صِيَامِ يَوْمِ عَاشُورَاءَ. فَقَال: مَا عَلِمْتُ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم صَامَ يَوْمًا، يَطْلُبُ فَضْلَهُ عَلَى الأَيَّامِ، إِلَّا هذَا الْيَوْمَ. وَلَا شَهْرًا إِلَّا هذَا الشَّهْرَ. يَعْنِي رَمَضَانَ

ــ

2544 -

(1099)(19)(حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة وعمرو) بن محمد بن بكير بن شابور (الناقد) البغدادي (جميعًا عن صفيان) بن عيينة (قال أبو بكر حدثنا ابن عيينة عن عبيد الله بن أبي يزيد) المكي مولى آل قارظ بن شيبة، روى عن ابن عباس في الصوم والحج والفضائل، ونافع بن جبير في الفضائل، ومجاهد في الدعاء، وابن عمر والحسين بن علي بن أبي طالب، ويروي عنه (ع) وابن عيينة وابن جريج وحماد بن زيد وورقاء بن عمر وعدة، وثقه العجلي والنسائي وأبو زرعة وابن سعد وقال: كثير الحديث، وقال في التقريب: ثقة كثير الحديث، من الرابعة، مات سنة (126) ست وعشرين ومائة، وله ست وثمانون (86) سنة (سمع ابن عباس رضي الله عنهما وهذا السند من رباعياته رجاله اثنان منهم كوفيان وواحد مكي وواحد طائفي (و) الحال أن ابن عباس قد (سُئل عن صيام يوم عاشوراء فقال) ابن عباس (ما علمت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم صام يومًا) من الأيام حالة كونه (يطلب فضله) أي يريد إظهار فضله (على) سائر (الأيام) وباقيها (إلا هذا اليوم) أي يوم عاشوراء (ولا) صام (شهرًا) من أشهر السنة، والحال أنه يريد إظهار فضله على سائر الأشهر (إلا هذا الشهر يعني) ابن عباس باسم الإشارة شهر (رمضان) قيل لعل هذا على فهم ابن عباس وإلا فيوم عرفة أفضل الأيام، ودُفع بأن الكلام في فضل الصوم في اليوم لا في فضل اليوم مطلقًا كذا في المرقاة، ويُدفع هذا الدفع بما رُوي عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال:"صوم يوم عرفة يكفر سنتين ماضية ومستقبلة، وصوم عاشوراء يكفر سنة ماضية" قالوا: والحكمة في زيادة صوم يوم عرفة في التكفير على صوم عاشوراء لأنه من شريعة سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم وصوم عاشوراء من شريعة الكليم ولا كلام في أفضلية شرع خاتم الأنبياء عليهم الصلاة والسلام، ويُعلم مما تقدم في باب استحباب الفطر للحاج بعرفات يوم عرفة مندوبية صوم يوم عرفة لغير الحاج لأنه ربما يضعفه صومه عن المطلوب له يومه اهـ

ص: 65

2545 -

(00)(00) وحدّثني مُحَمَّدُ بْنُ رَافِعٍ. حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ. أَخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيجٍ. أَخْبَرَنِي عُبَيدُ اللهِ بْنُ أَبِي يَزِيدَ، فِي هذَا الإِسْنَادِ، بِمِثْلِهِ.

2546 -

(110)(20) وحدّثَنِي أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيبَةَ. حَدَّثَنَا وَكِيعُ بْنُ الْجَرَّاحِ، عَنْ حَاجِبِ بْنِ عُمَرَ، عَنِ الْحَكَمِ بْنِ الأَعْرَجِ. قَال:

ــ

من بعض الهوامش. وشارك المؤلف في رواية هذا الأثر البخاري [2006] بنحوه، وانظره في الترغيب والترهيب برقم (1506).

ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة فيه فقال:

2545 -

(00)(00)(وحدثني محمد بن رافع) القشيري النيسابوري، ثقة، من (11)(حدثنا عبد الرزاق أخبرنا ابن جريج أخبرني عبيد الله بن أبي يزيد في هذا الإسناد) يعني عن ابن عباس (بمثله) أي بمثل ما روى سفيان عن عبيد الله، غرضه بيان متابعة ابن جريج لسفيان ولكن في هذا السند نزول بدرجة لأنه من خماسياته، وقوله (إلَّا هذا اليوم) الإشارة فيه راجعة إلى نوع اليوم لا إلى شخصه، ومثله قوله تعالى:{وَلَا تَقْرَبَا هَذِهِ الشَّجَرَةَ} فيما ذكره الفخر الرازي في تفسيره، قال الحافظ: وهذا يقتضي أن يوم عاشوراء أفضل الأيام للصائم بعد رمضان، لكن ابن عباس أسند ذلك إلى علمه فليس فيه ما يرد علم غيره، وقد روى مسلم من حديث أبي قتادة مرفوعًا أن صوم عاشوراء يكفر سنة وأن صيام يوم عرفة يكفر سنتين، وظاهره أن صيام يوم عرفة أفضل من صيام يوم عاشوراء، وقد قيل في الحكمة في ذلك أن يوم عاشوراء منسوب إلى موسى عليه السلام، ويوم عرفة منسوب إلى النبي صلى الله عليه وسلم فلذلك كان أفضل، (وقوله يعني رمضان) وإنما جمع ابن عباس بين عاشوراء ورمضان وإن كان أحدهما واجبًا والآخر مندوبًا لاشتراكهما في حصول الثواب والفضل اهـ فتح الملهم.

ثم استدل المؤلف رحمه الله تعالى على الجزء الثالث من الترجمة بحديث ابن عباس رضي الله تعالى عنهما فقال:

2546 -

(1100)(20)(وحدثني أبو بكر بن أبي شيبة حدثنا وكيع بن الجراح) بن مليح الرؤاسي أبو سفيان الكوفي، ثقة، من (9)(عن حاجب بن عمر) الثقفي أبي خشينة مصغرًا البصري، ثقة، من (6) روى عنه في (2) بابين الإيمان والصوم (عن الحكم) بن عبد الله بن إسحاق (بن الأعرج) البصري، ثقة، من (3) روى عنه في (3) أبواب (قال)

ص: 66

انْتَهَيتُ إِلَى ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما. وَهُوَ مُتَوَسِّدٌ رِدَاءَهُ فِي زَمْزَمَ. فَقُلْتُ لَهُ: أَخْبِرْنِي عَنْ صَوْمِ عَاشُورَاءَ. فَقَال: إِذَا رَأَيتَ هِلال الْمُحَرَّمِ فَاعْدُدْ. وَأَصْبِحْ يَوْمَ التَّاسِعِ صَائِمًا. قُلْتُ: هكَذَا كَانَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَصُومُهُ؟ قَال: نَعَمْ

ــ

الحكم (انتهيت) أي وصلت (إلى ابن عباس رضي الله عنهما وهو متوسدٌ رداءه في زمزم) أي عندها كما في الرواية التالية؛ وهي البئر المعروفة بمكة في داخل الحرم. وهذا السند من خماسياته رجاله اثنان منهم بصريان واثنان كوفيان وواحد طائفي، قال الحكم (فقلت له) أي لابن عباس (أخبرني عن صوم عاشوراء) وفي رواية الترمذي من طريق هناد وأبي كريب عن وكيع أخبرني عن يوم عاشوراء أي يوم أصومه؟ وهذا ظاهر في أن مقصوده السؤال عن كيفية صوم عاشوراء لا عن تعيين يوم عاشوراء أي يوم هو (فقال) ابن عباس (إذا رأيت هلال المحرم فاعدد) من عبد من باب شد أي فاحسب أيامه (وأصبح يوم التاسع صائمًا) أي وكن صباح اليوم التاسع من يوم الاستهلال صائمًا، قال الحكم (قلت) لابن عباس (هكذا كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصومه) أي يصوم يوم عاشوراء (قال) ابن عباس (فعم) هكذا يصومه لو بقي إلى العام المقبل لأنه قد أخبر بذلك ولا بد من هذا لأنه صلى الله عليه وسلم مات قبل صوم التاسع. وهذا الحديث شارك المؤلف في روايته أحمد [1/ 239 و 280]، وأبو داود [2446]، والترمذي [754].

وقول ابن عباس (وأصبح يوم التاسع صائمًا) وفي رواية الترمذي: ثم أصبح من يوم التاسع صائمًا، وفيه تنبيه لمن يريد صوم عاشوراء أن يبتدئ من اليوم التاسع فيصومه على وجه التوطئة والتمهيد لصوم عاشوراء ولا ينبغي أن يقتصر على صوم العاشر فقط، وقد رُوي عن ابن عباس ما يدل على هذا المعنى، قال الطحاوي: حدثنا ابن مرزوق، قال: ثنا روح، قال: ثنا ابن جريج قال: أخبرني عطاء، أنه سمع ابن عباس يقول:(خالفوا اليهود، وصوموا اليوم التاسع والعاشر) فبهذا ظهر مراد ابن عباس.

قال الشوكاني: الأولى أن يقال: إن ابن عباس أرشد السائل له إلى اليوم الذي يُصام فيه وهو التاسع، ولم يجب عليه بتعيين يوم عاشوراء أنه اليوم العاشر لأن ذلك مما لا يُسئل عنه ولا يتعلق بالسؤال عنه فائدة فابن عباس لما فهم من السائل أن مقصوده

ص: 67

2547 -

(00)(00) وحدّثني مُحَمَّدُ بْنُ حَاتِمٍ. حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ الْقَطَّانُ، عَنْ مُعَاويَةَ بْنِ عَمْرٍو. حَدَّثَنِي الْحَكَمُ بْنُ الأَعْرَجِ. قَال: سَأَلْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما، وَهُوَ مُتَوَسِّدٌ رِدَاءَهُ عِنْدَ زَمْزَمَ، عَنْ صَوْمِ عَاشُورَاءَ. بِمِثْلِ حَدِيثِ حَاجِبِ بْنِ عُمَرَ

ــ

تعيين اليوم الذي يُصام فيه أجاب عليه بأنه التاسع اهـ وهذا كما بينا آنفًا واضح من سياق الترمذي ومتأيد بما رواه الطحاوي عن ابن عباس موقوفًا، وقوله نعم بعد قول السائل أهكذا كان النبي صلى الله عليه وسلم يصوم بمعنى نعم هكذا كان يصوم لو بقي لأنه قد أخبر بذلك، قال القرطبي: وقول ابن عباس (هكذا كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصومه) يعني أنه لو عاش لصامه كذلك لوعده الذي وعبد به لا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم صام اليوم التاسع بدل العاشر إذ لم يسمع ذلك عنه ولا رُوي قط اهـ من المفهم.

ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة في حديث ابن عباس رضي الله تعالى عنهما فقال:

2547 -

(00)(00)(وحدثني محمد بن حاتم) بن ميمون السمين البغدادي (حدثنا يحيى بن سعيد القطان) البصري (عن معاوية بن عمرو) بن خالد بن غلاب -بفتح المعجمة وتخفيف اللام النصري بالنون نسبة إلى بني نصر بن معاوية البصري بالموحدة، روى عن الحكم بن الأعرج في الصوم، وعن أبيه والحسن وجماعة، ويروي عنه (م د س) ويحيى القطان وابنه عمرو وحماد بن سلمة ومعاذ بن معاذ وعدة، وثقه ابن معين والنسائي، وقال في التقريب: ثقة، من السادسة (حدثني الحكم بن الأعرج) البصري (قال سألت ابن عباس رضي الله عنهما وهذا السند من خماسياته رجاله ثلاثة منهم بصريون وواحد طائفي وواحد بغدادي، غرضه بسوقه بيان متابعة معاوية بن عمرو لحاجب بن عمر (وهو) أي والحال أنه (متوسدٌ) أي متمخد (رداءه عند زمزم عن صوم عاشوراء) وساق معاوية بن عمرو (بمثل حديث حاجب بن عمر).

ثم استشهد المؤلف رحمه الله تعالى لحديث ابن عباس رضي الله عنهما بحديث آخر له فقال:

ص: 68

2548 -

(1101)(21) وحدّثني الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ الْحُلْوَانِيُّ. حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي مَرْيَمَ. حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ أَيُّوبَ. حَدَّثَنِي إِسْمَاعِيلُ بْنُ أُمَيَّةَ؛ أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا غَطَفَانَ بْنَ طَرِيفٍ الْمُرِّيَّ يَقُولُ: سَمِعْتُ عَبْدَ اللهِ بْنَ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما يَقُولُ: حِينَ صَامَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَوْمَ عَاشورَاءَ، وَأَمَرَ بِصِيَامِهِ، قَالوا: يَا رَسُولَ اللهِ! إِنَّهُ يَوْمٌ تعَظِّمُهُ الْيَهُود وَالنَّصَارى. فَقَال رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "فَإِذَا كَانَ الْعَامُ الْمُقْبِلُ، إِنْ شَاءَ الله، صُمْنَا الْيَوْمَ التَّاسِعَ". قَال: فَلَمْ يَأْتِ الْعَامُ الْمُقْبِلُ، حَتَّى تُوُفِّيَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم

ــ

2548 -

(1101)(21)(وحدثني الحسن بن علي الحلواني) المكي أبو علي الهذلي، ثقة، من (11)(حدثنا) سعيد بن الحكم (بن أبي مريم) الجمحي المصري، ثقة، من (10)(حدثنا يحيى بن أيوب) الغافقي أبو العباس المصري، صدوق، من (7)(حدثني إسماعيل بن أمية) بن عمرو بن سعيد بن العاص الأموي المكي، ثقة، من (6)(أنه سمع أبا غطفان) بفتحات، سعد (بن طريف المري) المدني، ثقة، من (3) روى عنه في (3) أبواب (يقول سمعت عبد الله بن عباس رضي الله عنهما وهذا السند من سداسياته رجاله اثنان منهم مكيان واثنان مصريان وواحد طائفي وواحد مدني، حالة كون ابن عباس (يقول حين صام رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم عاشوراء وأمر بصيامه قالوا) أي قال الأصحاب (يا رسول الله إنه يوم تعظمه اليهود والنصارى) قال الحافظ: واستشكل بأن التعليل بنجاة موسى وغرق فرعون يختص بموسى واليهود، وأُجيب باحتمال أن يكون عيسى كان يصومه وهو مما لم ينسخ من شريعة موسى لأن كثيرًا منها ما نُسخ بشريعة عيسى لقوله تعالى:{وَلِأُحِلَّ لَكُمْ بَعْضَ الَّذِي حُرِّمَ عَلَيكُمْ} [آل عمران: 50] ويقال إن أكثر الأحكام الفرعية إنما تتلقاها النصارى من التوراة، وقد أخرج أحمد من وجه آخر عن ابن عباس زيادة في سبب صيام اليهود له وحاصلها أن السفينة استوت على الجودى فيه فصامه نوح وموسى شكرًا، وقد تقدمت الإشارة إلى ذلك قريبًا، وكان ذكر موسى دون غيره هنا لمشاركته لنوح في النجاة وغرق أعدائهما اهـ (فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم فإذا كان العام المقبل إن شاء الله) تعالى (صمنا اليوم التاسع) مع العاشر (قال) ابن عباس (فلم يأت العام المقبل حتى توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم قال الحافظ: ثم ما همّ به من صوم التاسع يحتمل معناه أنه لا يقتصر عليه بل

ص: 69

2549 -

(00)(00) وحدَّثنا أبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيبَةَ وَأَبُو كُرَيبٍ. قَالا: حَدَّثنَا وَكِيعٌ، عَنِ ابْنِ أَبِي ذِئبٍ، عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ عَبَّاسٍ،

ــ

يضيفه إلى اليوم العاشر إما احتياطًا له وإما مخالفة لليهود والنصارى وهو الأرجح، وبه يشعر بعض روايات مسلم، ولأحمد من وجه آخر عن ابن عباس مرفوعًا (صوموا يوم عاشوراء، وخالفوا اليهود، صوموا يومًا قبله، أو يومًا بعده) وفي إسناده ابن أبي ليلى وقد تكلم فيه، وقد أخرج البيهقي بمثل اللفظ الذي رواه أحمد ذكره الحافظ في التلخيص وسكت عنه، قال الحافظ رحمه الله تعالى: وهذا كان في آخر الأمر، وقد كان صلى الله عليه وسلم يُحب موافقة أهل الكتاب فيما لم يؤمر فيه بشيء ولا سيما إذا كان فيما يخالف فيه أهل الأوثان، فلما فُتحت مكة واشتهر أمر الإسلام أحب مخالفة أهل الكتاب أيضًا كما ثبت في الصحيح فهذا من ذلك فوافقهم أولًا وقال نحن أحق بموسى منكم، ثم أحب مخالفتهم فأمر بأن يضاف إليه يوم قبله ويوم بعده خلافًا لهم، ويؤيده رواية الترمذي من طريق أخرى بلفظ أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بصيام عاشوراء يوم العاشر، وقال بعض أهل العلم: قوله صلى الله عليه وسلم في صحيح مسلم (لئن عشت إلى قابل لأصومن التاسع) يحتمل أمرين أحدهما أنه أراد نقل العاشر إلى التاسع، والثاني أراد أن يضيفه إليه في الصوم، فلما توفي صلى الله عليه وسلم قبل بيان ذلك كان الاحتياط صوم اليومين، وعلى هذا فصيام عاشوراء على ثلاث مراتب؛ أدناها أن يصام وحده، وفوقه أن يصام التاسع معه، وفوقه أن يصام التاسع والحادى عشر اهـ فتح الملهم. وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث أحمد [1/ 225 و 236]، وابن ماجه [1736].

ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة في حديث ابن عباس رضي الله عنهما فقال:

2549 -

(00)(00)(وحدثنا أبو بكر بن أبي شيبة وأبو كريب قالا حدثنا وكيع عن) محمد بن عبد الرحمن بن المغيرة بن الحارث (بن أبي ذئب) هشام بن شعبة القرشي العامري أبي الحارث المدني، ثقة، من (7) روى عنه في (8) أبواب (عن القاسم بن عباس) بن محمد بن معتب - بمثناة - بن أبي لهب الهاشمي أبي العباس المدني، روى عن عبد الله بن عمير في الصوم، وعبد الله بن رافع مولى أم سلمة في دلائل النبوة،

ص: 70

عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَيرٍ. (لَعَلَّهُ قَال: عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما: ) قَال: قَال رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "لَئِنْ بَقِيتُ إِلَى قَابِلِ لأَصُومَنَّ التَّاسِعَ". وَفِي رِوَايَةِ أَبِي بَكْرٍ: قَال: يَعْنِي يَوْمَ عَاشُورَاءَ.

2550 -

(1102)(22) حدَّثنا قُتَيبَةُ بْنُ سَعِيدٍ. حَدَّثَنَا حَاتِمٌ (يَعْنِي ابْنَ إِسْمَاعِيلَ) عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي عُبَيدٍ، عَنْ سَلَمَةَ بْنِ الأَكْوَعِ رضي الله عنه؛ أَنَّهُ قَال: بَعَثَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم رَجُلًا مِنْ أسْلَمَ

ــ

ونافع بن جبير، ويروي عنه (م د ت ق) وابن أبي ذئب وبكير بن الأشج، وثقه ابن معين، وذكره ابن حبان في الثقات، وقال في التقريب: ثقة، من السادسة، قُتل سنة (131) إحدى وثلاثين ومائة (عن عبد الله بن عمير) مولى ابن عباس، وقيل مولى أم الفضل بنت الحارث الهلالية المدني، روى عن ابن عباس ويروى عنه (م ق) والقاسم بن عباس، قال ابن سعد: ثقة، وقال في التقريب: ثقة، من الثالثة، مات سنة سبع عشرة ومائة (117) قال القاسم بن عباس (لعله) أي لعل عبد الله بن عمير (قال عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما وهذا السند من سداسياته رجاله ثلاثة منهم مدنيون واثنان كوفيان وواحد طائفي، غرضه بيان متابعة عبد الله بن عمير لأبي غطفان بن طريف في رواية هذا الحديث عن ابن عباس (قال) ابن عباس (قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لئن بقيت إلى) عام (قابل) أي مقبل (لأصومن) اليوم (التاسع) مع العاشر (وفي رواية أبي بكر) بن أبي شيبة زيادة (قال) ابن عباس (يعني) النبي صلى الله عليه وسلم بالتاسع (يوم عاشوراء) أي صومه مع يوم عاشوراء، وفي فتح الملهم: لا أدري ممن هذا التفسير.

ثم استدل المؤلف على الجزء الأخير من الترجمة بحديث سلمة بن الأكوع رضي الله عنه فقال:

2550 -

(1102)(22)(حدثنا قتيبة بن سعيد حدثنا حاتم يعني ابن إسماعيل) العبدري مولاهم أبو إسماعيل المدني، صدوق، من (8)(عن يزيد بن أبي عبيد) الأسلمي مولى سلمة بن الأكوع المدني، ثقة، من (4) روى عنه في (6) أبواب (عن سلمة) بن عمرو (بن الأكوع) اسم الأكوع سنان بن عبد الله بن قشير السلمي أبي مسلم المدني الصحابي المشهور رضي الله عنه، وهذا السند من رباعياته ثلاثة منهم مدنيون

ص: 71

يَوْمَ عَاشُورَاءَ. فَأَمَرَهُ أَنْ يُؤَذِّنَ فِي النَّاسِ: "مَنْ كَانَ لَمْ يَصُمْ، فَلْيَصُمْ. وَمَنْ كَانَ أَكَلَ، فَلْيُتِمَّ صِيَامَهُ إِلَى اللَّيلِ"

ــ

وواحد بلخي (أنه قال بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم رجلًا من أسلم) اسمه هند بن أسماء الأسلمي، وفي مسند أحمد من حديث هند بن أسماء الأسلمي (قال: بعثني رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى قومي من أسلم فقال: مُرْ قومك فليصوموا) الحديث اهـ تنبيه المعلم بمبهمات مسلم. وقال الحافظ رحمه الله تعالى: اسم هذا الرجل هند بن أسماء بن حارثة، له ولأبيه ولعمه صحبة، ويظهر من بعض الروايات أن الرجل المبعوث هو أسماء بن حارثة أبو هند فيحتمل أن يكون كل منهما أرسلا بذلك اهـ منه أي بعثه (يوم عاشوراء) إلى قرى الأنصار التي حول المدينة كما سيصرحه في الرواية الآتية (فأمره) رسول الله صلى الله عليه وسلم أي أمر ذلك الرجل المبعوث (أن يوذن) وينادي (في الناس) من أهل القرى المذكورة (من كان لم يصم) أي لم ينو الصوم من الليل ولم يأكل (فليصم) أي فليمسك بقية يومه من المفطرات لحرمة الوقت لأنه لم يبيت النية لأن صوم عاشوراء كان فرضًا في أول مرة (ومن كان أكل) في النهار (فليتم صيامه) أي إمساكه عن المفطرات (إلى) دخول (الليل) لحرمة الوقت أيضًا، قال النواوي: وفي رواية (من كان أصبح صائمًا فليتم صومه، ومن كان أصبح مفطرًا فليتم بقية يومه) ومعنى الروايتين أن من كان نوى الصوم فليتم صومه، ومن كان لم ينو الصوم ولم يأكل أو أكل فليمسك بقية يومه لحرمة الوقت كما لو أصبح يوم الشك مفطرًا، ثم ثبت أنه من رمضان يجب إمساك بقية يومه لحرمة الوقت، واحتج أبو حنيفة بهذا الحديث لمذهبه أن صوم رمضان وغيره من الفرض يجوز نيته في النهار ولا يشترط تبييتها، قال: لأنهم نووا في النهار وأجزأهم، قال الجمهور: لا يجوز رمضان ولا غيره من الصوم الواجب إلَّا بنية من الليل، وأجابوا على هذا الحديث بأن المراد إمساك بقية النهار لا حقيقة الصوم، والدليل على هذا أنهم أكلوا ثم أمروا بالإتمام، وقد وافق أبو حنيفة وغيره على أن شرط إجزاء النية في النهار في الفرض والنفل أن لا يتقدمها مفسد للصوم من أكل أو غيره، وجواب آخر أن صوم عاشوراء لم يكن واجبًا عند الجمهور كما سبق في أول الباب وإنما كان سنة متأكدة، وجواب ثالث أنه ليس فيه أنه يجزئهم ولا يقضونه بل لعلهم قضوه، وقد جاء في سنن أبي داود في هذا الحديث "فأتموا بقية يوم واقضوه" اهـ من النواوي، قال الخطابي: أمره صلى الله عليه وسلم للاستحباب، وليس بإيجاب وذلك

ص: 72

2551 -

(1103)(23) وحدّثني أَبُو بَكْرِ بْنُ نَافِع الْعَبْدِيُّ. حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ الْمُفَضَّلِ بْنِ لاحِقٍ. حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ ذَكْوَانَ، عَنِ الرُّبَيِّعِ بِنْتِ مُعَوِّذِ بْنِ عَفْرَاءَ. قَالتْ: أَرْسَلَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم غَدَاةَ عَاشُورَاءَ إِلَى قُرَى الأَنْصَارِ، الَّتِي حَوْلَ الْمَدِينَةِ:"مَنْ كَانَ أَصْبَحَ صَائِمًا، فَلْيُتِمَّ صَوْمَهُ. وَمَنْ كَانَ أَصْبَحَ مُفْطِرًا، فَلْيُتِمَّ بَقِيَّةَ يَوْمِهِ"

ــ

لأن أوقات الطاعة ذمة ترعى ولا تهمل، فأحب النبي صلى الله عليه وسلم أن يرشدهم إلى ما فيه الفضل والحظ لئلا يغفلوه عند مصادفتهم وقته، وقد صار هذا أصلًا في مذهب العلماء في مواضع مخصوصة اهـ من العون. وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث البخاري والنسائي أخرجاه في الصوم اهـ تحفة.

ثم استشهد المؤلف رحمه الله تعالى لحديث سلمة بن الأكوع بحديث الربيع بنت معوذ رضي الله تعالى عنهما فقال:

2551 -

(1103)(23)(وحدثني أبو بكر) محمد بن أحمد (بن نافع العبدي) البصري (حدثنا بشر بن المفضل بن لاحق) الرقاشي مولاهم أبو إسماعيل البصري، ثقة، من (8)(حدثنا خالد بن ذكوان) المدني ثم البصري أبو الحسن، روى عن الربيع بنت معوذ في الصوم ويروي عنه (ع) وبشر بن مفضل، وثقه ابن معين، وقال في التقريب: صدوق، من الخامسة، وهو تابعي صغير ليس له سماع من الصحابة سوى الربيع بنت معوذ (عن الربيع) بتشديد الياء مصغرًا (بنت معوذ) بكسر الواو المشددة بوزن معلم (بن عفراء) وعفراء هي أم معوذ الأنصارية النجارية المدنية، من صغار الصحابة، شهدت الشجرة، لها أحد وعشرون حديثًا، اتفقا على حديثين، وانفرد (خ) بحديثين، يروي عنه (ع) وخالد بن ذكوان وسليمان بن يسار. وهذا السند من رباعياته رجاله اثنان منهم مدنيان واثنان بصريان (قالت) الربيع (أرسل رسول الله صلى الله عليه وسلم كداة عاشوراء) أي صباحها (إلى قرى الأنصار التي حول المدينة) مناديًا ينادي (من كان) كان زائدة أي من (أصبح صائمًا فليتم صومه) وجوبًا أي فليستمر عليه إلى تمامه (ومن كان) أي ومن (أصبح مفطرًا فليتم بقية يومه) أي فليتم الإمساك في بقية يومه استحبابًا لحرمة الوقت، قال القرطبي: وإنما خص هذا الوقت بالإرسال لأنه الوقت الذي أوحي إليه فيه في شأن صوم عاشوراء، وهذا مما يدل على أنه كان واجبًا إذ لا ينتهي الاعتناء بالندب غالبًا إلى

ص: 73

فَكُنَّا، بَعْدَ ذلِكَ، نَصُومُهُ. وَنُصَوِّمُ صِبْيَانَنَا الصِّغَارَ مِنْهُمْ، إِنْ شَاءَ اللهُ. وَنَذْهَبُ إِلَى الْمَسْجِدِ. فَنَجْعَلُ لَهُمُ اللُّعْبَةَ مِنَ الْعِهْنِ. فَإِذَا بَكَى أَحَدُهُمْ عَلَى الطَّعَامِ، أعْطَينَاهَا إِيَّاهُ عِنْدَ الإِفْطَارِ،

ــ

أن يفعل فيه هكذا من الإفشاء والأمر به وبيان أحكامه والإبلاغ لمن بعد وشدة التهمم، ولما فهمت الصحابة هذا التزموه وحملوا عليه صغارهم الذين ليسوا بمخاطبين بشيء من التكاليف تدريبًا وتمرينًا ومبالغة في الامتثال والطواعية على أن جمهور من قال من العلماء: إن الصغار يؤمرون بالصلاة وهم أبناء سبع، ويضربون عليها وهم أبناء عشر، ذهبوا إلى أنهم لا يؤمرون بالصوم لمشقته عليهم بخلاف الصلاة، وقد شذ عروة فقال: إن من أطاق الصوم منهم وجب عليه، وهذا مخالف لما عليه جمهور المسلمين، ولقوله صلى الله عليه وسلم (رُفع القلم عن ثلاثة عن الصبي حتى يبلغ، وعن المجنون حتى يفيق، وعن النائم حتى يستيقظ) رواه أبو داود والترمذي من حديث ابن عباس رضي الله تعالى عنهما، ولقوله تعالى {وَإِذَا بَلَغَ الْأَطْفَالُ مِنْكُمُ الْحُلُمَ فَلْيَسْتَأْذِنُوا} [النور / 59] اهـ من المفهم (قالت) الرُبَيِّعُ (فكنا) معاشر الصحابة (بعد ذلك) اليوم الذي بعث فيه النبي صلى الله عليه وسلم إلى قرى الأنصار، وأمرنا فيه بصيامه (نصومه) أي نصوم عاشوراء معاشر المكلفين (ونصوم) -بتشديد الواو المكسورة- من التصويم أي نأمر (صبياننا) أي أولادنا (الصغار) الذين لم يبلغوا الحلم (منهم) بصيامه (إن شاء الله) تعالى (ونذهب) بهم من البيت (إلى المسجد) لئلا يتذكروا الطعام والشراب في البيت فيطلبوهما (فنجعل لهم) أي نهيِّئ لهم (اللعبة) -بضم اللام وسكون العين- ما يلعب به وهي التي يقال لها لعب البنات المصنوعة (من العهن) -بكسر العين المهملة وسكون الهاء- هو الصوف مطلقًا، وقيل الصوف المصبوغ (فإذا بكى أحدهم) حرصًا (على الطعام) وشوقًا إليه (أعطيناها) أي أعطينا اللعبة (اياه) أي أحدهم ونشغلهم بها حتى يكون (عند الإفطار) ويتم صومه. وشارك المؤلف في روايته أحمد [6/ 359 - 360] والبخاري [1960].

وفي الحديث مشروعية تمرين الصبيان على الطاعات وتعويدهم العبادات، وفي حديث رَزِينَة -بفتح الراء وكسر الزاي- عند ابن خزيمة بإسناد لا بأس به أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يأمر برضعائه في عاشوراء ورضعاء فاطمة فيتفل في أفواههم ويأمر أمهاتهم أن لا يرضعن إلى الليل، وهو يرد على القرطبي حيث قال في حديث

ص: 74

2552 -

(00)(00) وحدَّثناه يَحْيَى بْنُ يَحْيَى. حَدَّثَنَا أبُو مَعْشَرٍ الْعَطَّارُ، عَنْ خَالِدِ بْنِ ذَكْوَانَ. قَال: سَأَلْتُ الرُّبَيِّعَ بِنْتَ مُعَوِّذٍ عَنْ صَوْمِ عَاشُورَاءَ؟ قَالتْ: بَعَثَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم رُسُلَهُ فِي قُرَى الأنْصَارِ. فَذَكَرَ بِمِثْلِ حَدِيثِ بِشْرٍ. غَيرَ أَنَّهُ قَال: وَنَصْنَعُ لَهُمُ اللُّعْبَةَ مِنَ الْعِهْنِ. فَنَذْهَبُ بِهِ مَعَنَا. فَإِذَا سَأَلُونَا الطَّعَامَ، أَعْطَينَاهُمُ اللُّعْبَةَ تُلْهِيهِمْ. حَتَّى يُتِمُّوا صَوْمهُمْ

ــ

الربيع: هذا أمر فعله النساء بأولادهن ولم يثبت علمه صلى الله عليه وسلم بذلك وبعيد أن يأمر بتعذيب صغير بعبادة شاقة اهـ ومما يقوي الرد عليه أيضًا أن الصحابي إذا قال: فعلنا كذا في عهده صلى الله عليه وسلم كان حكمه الرفع، لأن الظاهر اطلاعه صلى الله عليه وسلم على ذلك وتقريرهم عليه مع توفر دواعيهم على سؤالهم إياه عن الأحكام مع أن هذا مما لا مجال للاجتهاد فيه فما فعلوه إلا بتوقيف اهـ من إرشاد الساري.

ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة في حديث الربيع رضي الله تعالى عنها فقال:

2552 -

(00)(00)(وحدثناه يحيى بن يحيى) التميمي النيسابوري (حدثنا أبو معشر العطار) البرَّاء، وكان يبري العود ولذلك سُمي البراء، البصري، روى عن خالد بن ذكوان في الصوم، وعبد الله بن الأخنس وأبي حازم بن دينار، ويروي عنه (م) فرد حديث، ووثقه وضعفه ابن معين، وقال في التقريب: صدوق ربما أخطأ، من السادسة (عن خالد بن ذكوان قال سألت الربيع بنت معوذ) الأنصارية المدنية (عن صوم عاشوراء) وهذا من رباعياته أيضًا، غرضه بيان متابعة أبي معشر لبشر بن المفضل في رواية هذا الحديث عن خالد بن ذكوان (قالت) الربيع (بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم رسله في قرى الأنصار) التي حول المدينة (فذكر) أبو معشر (بمثل حديث بشر) بن المفضل (غير أنه) أي لكن أن أبا معشر (قال) في روايته (ونصنع لهم اللعبة من العهن) بدل قول بشر فنجعل لهم اللعبة (فنذهب به) أي بأحد الصبيان (معنا) إلى المسجد (فإذا سألونا) أي طلبوا منا (الطعام أعطيناهم اللعبة) حالة كون اللعبة (تلهيهم) بضم التاء، من ألهى الرباعي أي تشغلهم تلك اللعبة عن طلب الطعام (حتى يتموا صومهم) بغروب الشمس.

وجملة ما ذكره المؤلف في هذا الباب اثنا عشر حديثًا، الأول حديث عائشة ذكره للاستدلال به على الجزء الأول من الترجمة وذكر فيه أربع متابعات، والثاني حديث ابن

ص: 75

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

عمر ذكره للاستشهاد وذكر فيه خمس متابعات، والثالث حديث ابن مسعود ذكره للاستشهاد أيضًا وذكر فيه ثلاث متابعات، والرابع حديث جابر بن عبد الله ذكره للاستشهاد أيضًا، والخامس حديث معاوية ذكره للاستشهاد وذكر فيه متابعتين، والسادس حديث ابن عباس ذكره للاستشهاد وذكر فيه ثلاث متابعات، والسابع حديث أبي موسى ذكره للاستشهاد وذكر فيه متابعة واحدة، والثامن حديث ابن عباس ذكره للاستدلال به على الجزء الثاني من الترجمة وذكر فيه متابعة واحدة، والتاسع حديث ابن عباس ذكره للاستدلال به على الجزء الثالث من الترجمة وذكر فيه متابعة واحدة، والعاشر حديث ابن عباس أيضًا ذكره للاستشهاد وذكر فيه متابعة واحدة، والحادي عشر حديث سلمة بن الأكوع ذكره للاستدلال به على الجزء الأخير من الترجمة، والثاني عشر حديث الربيع بنت معوذ ذكره للاستشهاد وذكر فيه متابعة واحدة والله سبحانه وتعالى أعلم.

***

ص: 76