الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
458 - (14) باب: الجد والاجتهاد في العشر الأواخر من رمضان وصوم عشر ذي الحجة
2669 -
(1146)(66) حدثنا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْحَنْظَلي وَابْنُ أَبِي عُمَرَ. جَمِيعًا عَنِ ابْنِ عُيَينَةَ. قَال إِسْحَاقُ: أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَينَةَ، عَنْ أبِي يَعْفُورٍ، عَنْ مُسْلِمِ بْنِ صُبَيحٍ، عَنْ مَسْرُوقٍ، عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها. قَالتْ: كَانَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم، إِذَا دَخَلَ الْعَشْرُ، أَحْيَا اللَّيلَ وَأَيقَظَ أَهْلَهُ وَجَدَّ
ــ
458 -
(14) باب الجد والاجتهاد في العشر الأواخر من رمضان وصوم عشر ذي الحجة
والاجتهاد عطف مرادف على الجد.
2669 -
(1146)(66)(حدثنا إسحاق بن إبراهيم الحنظلي) المروزي المعروف بابن راهويه (و) محمد بن يحيى (بن أبي عمر) العدني المكي (جميعًا عن) سفيان (بن عيينة قال إسحاق أخبرنا سفيان بن عيينة) بصيغة السماع (عن) عبد الرحمن بن عبيد بن نسطاس بكسر النون وسكون السين المهملة الثعلبي العامري (أبي يعفور) التابعي الصغير الكوفي، روى عن الوليد بن العيزار في الإيمان، وأبي الضحى في الصوم، وعن السائب بن يزيد وإبراهيم النخعي، ويروي عنه (ع) وابن عيينة والثوري وابن المبارك وابن فضيل، وثقه ابن معين وأحمد، وذكره ابن حبان في الثقات، وقال في التقريب: ثقة، من الخامسة، وعندهم أبو يعفور آخر العبدي الكوفي التابعي الكبير، مشهور بكنيته اسمه وقدان بسكون القاف، وقيل واقد، روى عن ابن أبي أوفى وابن عمر وأنس وغيرهم، ويروي عنه (ع) وشعبة وزائدة والثوري وابن عيينة، وثقه أحمد وابن معين، وقال في التقريب: ثقة، من الرابعة، فليراجع ما كتبناه في كتاب الإيمان نقلًا عن النواوي وليصحح فإنه خطأ (عن مسلم بن صبيح) مصغرًا الهمداني مولاهم الكوفي، ثقة، من (4)(عن مسروق) بن الأجدع الهمداني أبي عائشة الكوفي، ثقة مخضرم، من (2)(عن عائشة رضي الله عنها وهذا السند من سداسياته رجاله أربعة منهم كوفيون وواحد مدني وواحد إما مروزي أو مكي (قالت) عائشة كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا دخل العشر) الأواخر من رمضان (أحيا الليل) أي استغرقه بالسهر في الصلاة وغيرها (وأيقظ أهله) أي أزواجه للصلاة في الليل (وجد) أي اجتهد في العبادة بالزيادة
وَشَدَّ الْمِئْزَرَ
ــ
على ما اعتاده، وفيه استحباب إحياء ليالي العشر الأواخر من رمضان بالعبادات، واستحباب إيقاظ الأهل للصلاة، وأما كراهة قيام الليل كله فمعناه كراهة المداومة عليه في الليالي كلها ولم يقل أحد بكراهة ليلة أو ليلتين والعشر ولهذا اتفقوا على استحباب إحياء ليلتي العيدين وغير ذلك أفاده النواوي (وشد المئزر) أي شد عقده على حقوه لئلا يفك، والمئزر الإزار كلحاف وملحف، يجمع على مآزر وشده كناية عن اعتزال النساء كما قال الشاعر:
قوم إذا حاربوا شدوا مآزرهم
…
دون النساء ولو باتت بأطهار
وفي فتح الملهم: قوله (أحيى الليل) أي سهره فأحياه بالطاعة، وأحيى نفسه بسهره فيه لأن النوم أخو الموت، وأضافه إلى الليل اتساعًا لأن القائم إذا حيي باليقظة أحيى ليله بحياته وهو نحو قوله:"لا تجعلوا بيوتكم قبورًا" أي لا تناموا فتكونوا كالأموات فتكون بيوتكم كالقبور، وفي العيني: قال شيخنا: وفي حديث عائشة في الصحيح أحيا الليل كله، والظاهر والله أعلم معظم الليل بدليل قولها في الحديث الصحيح: ما علمته قام ليلة إلى الصباح اهـ قوله (وأيقظ أهله) وروى الترمذي ومحمد بن نصر من حديث زينب بنت جحش وأم سلمة: لم يكن النبي صلى الله عليه وسلم إذا بقي من رمضان عشرة أيام يدع أحدًا من أهله يطيق القيام إلا أقامه، قال القرطبي: وفيه حث الأهل على القيام للنوافل وحملهم على تحصيل الخير والثواب، ويفهم منه تأكيد القيام في هذه العشر على غيره (وجد) أي اجتهد في العبادات و (شد المئزر) أي امتنع عن النساء وهذا أولى من قول من قال إنه كناية عن الجد والاجتهاد لأنه قد ذكر فحمل هذا على فائدة مستجدة أولى، وقد ذهب بعض أئمتنا إلى أنه عبارة عن الاعتكاف، وفيه بعد لقولها أيقظ أهله وهذا يدل على أنه كان معهم في البيت وهو كان في حال اعتكافه في المسجد وما كان يخرج منه إلا لحاجة الإنسان على أنه يصح أن يوقظهن من موضعه من باب الخوخة التي كانت له إلى بيته في المسجد والله أعلم. فإن حملناه على الاعتكاف فهم منه أن المعتكف لا يجوز له أن يقرب النساء بمباشرة ولا استمتاع فما فوقهما، ويدل عليه قوله تعالى:{وَلَا تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ} فإن وقع منه الجماع فسد اعتكافه ليلًا كان أو نهارًا بالإجماع، ثم هل عليه كفارة؟ فالجمهور على أن لا، وذهب الحسن والزهري إلى أن عليه ما على المواقع أهله في نهار رمضان، ورأى مجاهد أن يتصدق
2670 -
(1147)(67) حدثنا قُتَيبَةُ بْنُ سَعِيدٍ وَأبُو كَامِلٍ الْجَحْدَرِيُّ. كِلًاهُمَا عَنْ عبْدِ الْوَاحِدِ بْنِ زِيَادٍ. قَال قُتَيبَةُ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عُبَيدِ اللهِ. قَال: سَمِعْتُ إِبْرَاهِيمَ يَقُولُ: سَمِعْتُ الأَسْوَدَ بْنَ يَزِيدَ يَقُولُ: قَالتْ عَائِشَةُ رضي الله عنها: كَانَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَجْتَهِدُ فِي الْعَشْرِ الأوَاخِرِ، مَا لا يَجْتَهِدُ فِي غَيرِهِ
ــ
بدينارين، وأجرى مالك والشافعي في أحد قوليه الجماع فيما دون الفرج وجميع التلذذات من القبلة والمباشرة مجرى الجماع في الإفساد لعموم قوله تعالى:{وَلَا تُبَاشِرُوهُنَّ} ورأى أبو حنيفة وأصحابه إفساده بالإنزال كيفما كان اهـ مفهم. وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث أحمد [6/ 40 - 41]، والبخاري [2024]، وأبو داود [1376]، والنسائي [3/ 217 - 218]، وابن ماجه [1768].
ثم استشهد المؤلف رحمه الله تعالى لحديث عائشة بحديث آخر لها رضي الله تعالى عنها فقال:
2670 -
(1147)(67)(حدثنا قتيبة بن سعيد وأبو كامل الجحدري) فضيل بن حسين البصري (كلاهما عن عبد الواحد بن زياد) العبدي مولاهم أبي بشر البصري، ثقة، من (8) روى عنه في (16) بابا (قال قتيبة حدثنا عبد الواحد عن الحسن بن عبيد الله) بن عروة النخعي أبي عروة الكوفي، ثقة، من (6) روى عنه في (7) أبواب، وقال الدارقطني: ليس بقوي اهـ، وقد تفرد بهذا الحديث عن إبراهيم، وتفرد به عبد الواحد بن زياد عن الحسن ولذلك استغربه الترمذي، أما مسلم فصحح حديثه لشواهده على عادته، وقال البخاري في بعض نسخ الصحيح ولم أخرج حديث الحسن بن عبد الله لأن عامة حديثه مضطرب اهـ فتح الملهم (قال) الحسن (سمعت إبراهيم) بن يزيد النخعي الكوفي، ثقة، من (5)(يقول سمعت الأسود بن يزيد) النخعي الكوفي، ثقة مخضرم، من (5)(يقول قالت عائشة) أم المؤمنين رضي الله عنها وهذا السند من سداسياته رجاله ثلاثة منهم كوفيون واثنان بصريان أو بصري ونسائي وواحد مدنيًّا كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يجتهد) ويتحرى (في العشر الأواخر) من رمضان بأنواع العبادات (ما لا يجتهد) أي اجتهادًا لا يجتهده (في غيره) أي في غير العشر الأخير من سائر أيام السنة، وفي بعض النسخ في غيرها بالتأنيث، وفي هذا الحديث الحرص على
2671 -
(1148)(68) حدثنا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيبَةَ وَأبُو كُرَيبٍ وَإِسْحَاقُ (قَال إِسْحَاقُ: أَخْبَرَنَا. وَقَال الآخَرَانِ: حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاويَةَ) عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنِ الأَسْوَدِ، عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها. قَالتْ: مَا رَأَيتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم صَائِمًا فِي الْعَشْرِ قَطُّ
ــ
مداومة القيام في العشر الأخير إشارة إلى الحث على تجديد الخاتمة ختم الله تعالى لنا بخير آمين. وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث الترمذي ذكره في الصوم وقال: حسن صحيح غريب، والنسائي أخرجه في الاعتكاف في الكبرى، وابن ماجه أخرجه في الصوم اهـ تحفة الأشراف.
ثم استدل المؤلف رحمه الله تعالى على الجزء الأخير من الترجمة بحديث آخر لعائشة رضي الله تعالى عنها فقال:
2671 -
(1148)(68)(حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة وأبو كريب وإسحاق) بن إبراهيم الحنظلي المروزي (قال إسحاق أخبرنا وقال الآخران حدثنا أبو معاوية عن الأعمش عن (براهيم) بن يزيد النخعي (عن الأسود) بن يزيد النخعي (عن عائشة رضي الله عنها وهذا السند من سداسياته، ومن لطائفه أن رجاله كلهم كوفيون إلا عائشة فإنها مدنية وإلا إسحاق بن إبراهيم ذكره للمقارنة فإنه مروزي (قالت) عائشة (ما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم صائمًا في العشر قط) ظرف مستغرق لما مضى من الزمان متعلق برأيت، قال النواوي: قال العلماء: هذا الحديث مما يوهم كراهة صوم العشر، والمراد بالعشر هنا الأيام التسعة من أول ذي الحجة قالوا: وهذا مما يتأول فليس في صوم هذه كراهة بل هي مستحبة استحبابًا شديدًا لا سيما التاسع منها وهو يوم عرفة اهـ فقد روى الترمذي وابن ماجه بسند فيه مقال عن أبي هريرة مرفوعًا: "ما من أيام أحب إلى الله تعالى أن يتعبد له فيها من عشر ذي الحجة، يعدل صيام كل يوم منها بصيام سنة، وقيام كل ليلة منها بقيام ليلة القدر" لا سيما اليوم التاسع منها وهو يوم عرفة لما صح أنه يكفر سنتين فقد ثبت في صحيح البخاري في كتاب العيدين عن ابن عباس: "ما العمل في أيام أفضل منه في هذه" ورواه الطيالسي في مسنده والدارمي بلفظ: "ما العمل في أيام أفضل منه في عشر ذي الحجة لما ورواه الترمذي وابن ماجه وغيرهما بلفظ: "ما من أيام العمل الصالح فيها أحب إلى الله تعالى من هذه الأيام يعني أيام العشر" ولفظ
2672 -
(00)(00) وحدَّثني أبُو بَكْرِ بْنُ نَافِعٍ الْعَبْدِيُّ. حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمنِ. حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنِ الأَعْمَشِ
ــ
الترمذي من هذه الأيام العشر بدون يعني، واستدل به على فضل صيام عشر ذي الحجة لاندراج الصوم في العمل لشموله له وللصلاة والذكر والصدقة وغير ذلك، واستشكل بتحريم صوم يوم العيد، وأجيب بأنه محمول على الغالب أو الأكثر من أيام العشر، ويحمل قولها يعني عائشة إنها لم تره صائمًا فيه، وقولها لم يصم العشر على أنه لم يصمه حينًا لعارض من مرض أو سفر أو غيرهما أو أنها لم تره صائمًا فيها، ولا يلزم من ذلك عدم صيامه في نفس الأمر لأنها إنما نفت رؤيتها، ويدل عليه حديث هنيدة بن خالد عن امرأته عن بعض أزواج النبي صلى الله عليه وسلم قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصوم تسع ذي الحجة. رواه أبو داود والنسائي وأحمد، وحسنه بعض الحفاظ، وقال الزيلعي: حديث ضعيف، والمثبت مقدم على النافي، وقد كان يقسم لتسع نسوة فلم يصمها عند عائشة وصام عند غيرها، ورُد بأنه يبعد كل البعد أن يلازم عدة تسع سنين على عدم صومه في نوبتها دون غيرها، فالجواب الأول أسد، وحديث هنيدة إسناده ضعيف فلا يعارض الصحيح، وقال الحافظ في حديث الباب: إنه لا يعارض أحاديث فضائل العشر لاحتمال أن يكون ذلك لكونه كان يترك العمل وهو يحب أن يعمله خشية أن يفرض على أمته كما رواه الشيخان من حديث عائشة أيضًا، والنبي صلى الله عليه وسلم أعلم بالعمل الذي فيه صلاحية الافتراض وبما ليس كذلك، والذي يظهر أن السبب في امتياز عشر ذي الحجة إمكان اجتماع أمهات العبادة فيه؛ وهي الصلاة والصدقة والحج ولا يتأتى ذلك في غيرها اهـ. وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث أبو داود أخرجه في الصوم عن مسدد، والترمذي أخرجه في الصوم عن هناد بن السري، والنسائي أخرجه في الصيام في الكبرى عن عبد الله بن محمد الضعيف اهـ تحفة الأشراف.
ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة في حديث عائشة هذا رضي الله تعالى عنها فقال:
2672 -
(00)(00)(وحدثني أبو بكر) محمد بن أحمد (بن نافع العبدي) البصري، صدوق، من (10)(حدثنا عبد الرحمن) بن مهدي بن حسان الأزدي البصري، ثقة، من (9)(حدثنا سفيان) بن سعيد الثوري الكوفي، ثقة إمام، من (7)(عن الأعمش)
عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنِ الأسوَدِ، عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها؛ أَن النبي صلى الله عليه وسلم لَمْ يَصُمِ الْعَشْرَ
ــ
سليمان بن مهران الكوفي (عن إبراهيم) بن يزيد الكوفي (عن الأسود) بن يزيد الكوفي (عن عائشة رضي الله عنها وهذا السند من سباعياته، غرضه بيان متابعة سفيان الثوري لأبي معاوية في الرواية عن الأعمش، قالت (أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يصم العشر) أي عشر ذي الحجة أي لم يصمها لعارض مرض أو سفر أو أنها لم تره صائمًا فيها، ولا يلزم من ذلك عدم صيامه فيها، فعن بعض أزواجه صلى الله عليه وسلم أنه كان يصوم تسع ذي الحجة، ويوم عاشوراء، وثلاثة أيام من كل شهر والاثنين والخميس كما في سنن أبي داود والنسائي والله أعلم.
وجملة ما ذكره المؤلف في هذا الباب ثلاثة أحاديث كلها لعائشة، الأول ذكره للاستدلال به على الجزء الأول من الترجمة، والثاني للاستشهاد له، والثالث للاستدلال به على الجزء الأخير من الترجمة وذكر فيه متابعة واحدة.
***