الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
اللخمي: في كونها على الجاني أو العاقلة ثالثها، إن لم يكن له مال، فعلى العاقلة لأقوال مالك.
قلت: إنما عزا ابن رشد الثالث لمطرف وابن حبيب.
اللخمي: وقال عبد الملك: هي على العاقلة معجلة، ولابن القاسم في الواضحة عليها منجمة، ثم رجع لقولها وهو أحسن.
ابن رزقون: لا خلاف على أنها في مال الجاني، وأنها حالة.
[باب في الدية المغلظة في أهل الذهب والورق]
وفي تغليظها على أهل الذهب والورق قولان للمشهور، واللخمي عن أول قولي مالك في الموازية، ولم يعزه ابن رشد ألا لنقل القاضي، وعزاه الباجي لروايتي سحنون وابن عبد الحكم، وفيها تغلظ على أهل الذهب والورق، فيحمل على دية الخطأ من الذهب أو الفضة جزؤها المسمى للخارج من تسمية فضل قيمة الإبل، مغلطة على قيمة الإبل في الخطأ.
عياض: اختلف القرويون والصقليون هل هذا التقويم على أنها حالة أو منجمة.
ابن رشد: في كون التغليظ بقولها أو بحمل الفضل دون تسمية، ثالثها بإيجاب قيمة الإبل مغلظة ما لم تنقص عن دية الخطأ، لسماع ابن القاسم معها وغيره، ونقل القاضي.
قلت: عزاه اللخمي لرواية البغداديين.
ابن رشد: الأول أشهر، والثاني أظهر، وفي تغليظ دية العمد قولان، لسماع يحيى أشهب وغيره، وعزاه اللخمي لابن القاسم في الموازية.
قلت: فيها: وكذا الأب يجرح ولده أو يقطع شيئاً من أعضائه، كصنع المدجلي؛ فإن الدية تغلظ فيه.
وفي سماعه ابن القاسم، قال سحنون: إلا الجائفة والمأمونة والمنقلة، فإن الأجنبي لا يقاد من فيها.
ابن رشد: حكم تغليظ الجراح في الديتين المربعة والمثلثة، حكم الدية كاملة في الخلاف في التغليظ وصفته، إلا الجائفة والمأمومة والمنقلة، وشبهها من متالف الجراح أو أكبر، وعن ابن القاسم: إنما التغليظ فيما بلغ الثلث.
قلت: ظاهر قول ابن رشد: أن الجائفة والمأمومة والمنقلة لا تغليظ فيها، وظاهر لفظ الباجي وغيره، أنها كغيرها من الجراح، وقال ابن رزقون: روى ابن عبد الحكم: لا تغليظ في الجراح.
وقال مالك في المدنية والمبسوطة: تغلظ في الجراح كلها، وفرق عبد الملك وسحنون بين ما يقتص منه في العمد، وما لا يقتص.
الشيخ عن كتاب ابن سحنون: إن رضى الكتابيون بحكمنا، حكمنا بينهم بالتغليظ في النفس والجراح والمجوس، لا تغلظ عليهم، قاله مالك والمغيرة وعبد الملك، وأنكر سحنون قول عبد الملك في المجوس.
وقال أصحابنا: يرون أن يغلظ عليهم، ولم أر قوله في سماع، وفيها دية اليهودي والنصراني نصف دية المسلم، ودية نسائهم من ثمنمائة درهم، والمرتد إن قتله مسلم قبل استتابته لم يقتل به.
الباجي عن ابن القاسم وأشهب وأصبغ: ديته دية مجوسي في العمد، والخطأ في نفسه وجرحه، رجح للإسلام أو قتل على ردته.
ولسحنون عن أشهب: ديته دية الدين الذي ارتد إليه.
وفي المقدمات قيل: لا دية على قاتله.
وفي البيان قاله سحنون، وروى عن أشهب، وفي تعليقه الطرطوشي: من لم تبلغه الدعوه بحال كمن في جزيرة إن قتل.
قال أصحابنا: لا يضمن، ومن قول مالك: إن أقام مسلم بدار الحرب مع القدرة على خروجه لا دية فيه، وفيها مع غيرها دية نساء كل نوع نصف دية رجاله، ودية جراح غير المسلمين من دياتهم كجراح المسلم من ديته، وفيها مع غيرها في كل ذي رق قيمته، ولو زادت على أكبر دية، وفي الجنين غرة يأتي تفسيرها.
الشيخ: عن المجموعة والموازية، وروى أصحاب مالك: ليس ما في دون الموضحة من الخطأ عقل مسمى ابن القاسم وأشهب، إلا أن يبرأ على شين، ففيه حكومة.
ولمالك في المختصر: لو جرى أهل بلد على عقل مسمى فيما دونه الموضحة، رأيت أن يبطل ذلك الإمام، ولا يحكم به.
وروى: على من ضرب رجلاً فوقعت مصارينة في أنثييه، فإنما فيه حكومة.
ابن رزقون لابن كنانة في المبسوط: في الملطاة نصف عقل الموضحة، وقضى به عمر وعثمان، وكل المذهب على أن في الموضحة نصف عشر الدية، وفي المنقلة عشرها، وفي المأمومة ثلثها، والجائفة مثلها، وتقدم تفسير جميعها.
ابن القصار: لم يذكر مالك ولا أصحابه الهاشمة.
ابن رشد: لم يعرفها مالك، وقال ما أرى هاشمة في الرأس، إلا كانت منقلة، وديتها عند من عرفها من العلماء، وهم الجمهور عشرة من الإبل.
اللخمي: في كون عقلها كالموضحة أو مع حكومة، ثالثها كالمنقلة لمحمد وابن القصار والأبهري، وتعدد المواضح ببقاء فصل بينهما لم يبلغ غايتها، ولو جرح أو ورم، ولو كانت بضربة واحدة، وتتحد بعدمه ولو عظمت في ضربات في فور واحد، وكذا
المنقلة والمأمومة والجائفة.
الشيخ عن ابن القاسم وأشهب في المجموعة: لو انخرق ما بين الجائفتين لم يكن فيهما إلا دية واحدة كالموضحة تكشف من قرنة، ولو كانت بضربات إلا أنها في فور واحد، وكذا المأمومة والمنقلة، ولو لم يتحرق الجلد حتى يتصل ذلك، وأن كانت في ضربة واحدة فهي مواضح، ولو كان ما بينهما جرح لا يبلغ العظم أو ورم، وكذا المناقل والموامم.
ابن عبد السلام: جعلهم الضربات في فور واحد كالضربة الواحدة، إن كان متفقاً عليه سلم، وإلا فالقياس خلافه، ولا يبعد تخريج الخلاف فيه.
قلت: ما أنكره هو أصل المذهب في تكرير لبس المحرم وتطيبه، والأظهر في المنقلة والمأمومة والجئفة إن قصد بالتكرار في فور واحد التعذيب أن يتعدد العقل فيها، ولا يتصور هذا في المواضح؛ لأن في عمدها القصاص، ولا يتصور قصد العذاب في الخطأ، وفيها إن نفذت الجائحة، فقد اختلف فيها قول مالك، وأحب إلى أن يكون فيها ثلث الدية.
وذكره الشيخ من المجموعة قال محمد: وبه أخذ أشهب، وابن عبد الحكم وأصبغ، وقضى به أبو بكر رضي الله عنه.
اللخمي: الصواب أنها جائفة واحدة؛ لأنه إنما جعل فيها ثلث الدية لغررها، وأنها تصادف مقتل القلب أو الكبد أو غير ذلك، وهذا إنما خشى حين الضربة من خارج ويقودها، ونفوذها من داخل إلى خارج لا غرر فيه.
وفي النوادر عن أشهب: الحكومة أن يقوم ذلك أهل المعرفة بقدر شينة وضرره.
وروى غيره: الحكومة أن يقوم المجروح عبداً صحيحاً، ويقوم بذلك الشين فبما نقصه نقص مثله من ديته، ومثله الأبهري، وهو نص الجلاب بزيادة يجعل ما بين القيميتين جزءاً من ديته.
وفي تعليقه أبي عمران تفسير الحكومة: أن يقوم عبداً صحيحاً، وعبداً بجراحه فينظر ما نقص، فيكون عليه من الدية بقدر ذلك، هذا قول ابن إدريس، وتبعه عليه
أصحابنا البغداديون، والذي في تفسير ابن مزين: الحكومة أن ينظر الإمام على قدر إجنهاده، ومن يحضره.
قال أبو عنران: هذا الذي كنا نقوله قبل أن يظهر على قول ابن إدريس.
قلت: وألفاظ المدونة يأتي فيها مرة لفظ الحكومة، ومرة لفظ الاجتهاد، كما مر في نقل النوادر عن أشهب وغيره، فيحتمل أن يكونا مترادفين أو متباينين.
وقول ابن شاس: الحكومة تقدر بعد ما انمال الجرح، هو مقتضى رواياتها مع غيرها.
وللشيخ في الواضحة، قال مالك: أقول ينتظر بالقتل، ولكن ما استقر به عليه بعد السنة حكم به، وليس العثل كغيره من الجراح ينتظر برؤها.
قلت: هذا معنى قولها إن مضت السنة، أواه والعين منخسفة لن تبرأ، انتظر برؤها، وإن ضربت فسال دمعها، انتظر بها سنة، فإن لم يرق دمعها؛ ففيها حكومة، وفيها مع غيرها ما برأ من خطأ على غير شين، فلاشيء فيه.
قال: فيها إلا الموضحة، ففيها ديتها؛ لأن فيها دية مسماه.
والجائفة؛ ففيها ديتها، وما ليس فيه توفيق من الجراح، إنما فيه قدر شينة إن برأ على شين، وإلا فلا شيء فيه، وكذا كسر اليد والرجل وما بريء على شين من جناية خطأ، وليس فيه عقل مسمى، ففيها مع غيرها فيه حكومة، وما فيه عقل مسمى، إن لم يكن موضحة إندرج في عقله.
قال ابن شاس: إن كان أرش الجرح مقدرا اندراج الشين، إلا في الموضحة، وهو مقتضى تعليل أشهب، سقوط شين الموضحة، بقوله: لأن فيه دية مؤقتة، وإن كان موضحة، ففي لغو شينها، ثالثها إلا أن يكون شيناً منكراً.
لأبي عمر عن أشهب، مع روايته، ولها مع الباجي عن مالك، وابن القاسم، والشيخ عن رواية ابن وهب، مع ابن رزقون عن رواية ابن نافع: قال والثاني المشهور، وفي اعتبار زرادتها ما بلغت أو ما لم تزد على نصف عقلها، نقل ابن رزقون عن المشهور،
وأحد قولي مالك.
قلت: هذا ما ليس فيه دية كاملة، وما هي فيه؛ إنما فيه بقدر شينه.
فيها: إن برر الصلب على عثل أو حدب، ففيه الاجتهاد فحمله اللخمي على ظاهرة.
وقال الصقلي: يعني قدره من الدية، وفي النوادر عن الموازية ما نصه: قال أشهب: ما نقص من قيامه فبحسابه ابن القاسم إن مشى على شين أو حدب؛ ففيه الاجتهاد يعنى بقدر ذلك من الدية مما ذهب من قيامه.
وقال أشهب في الموازية: إن عاد الصلب بعد كسره لهيئته، لاقود فيه؛ لأنه متلف، فهو كالخطأ لا عقل فيه ولا قود إلا الأربع جراح التي ذكرناها في الرأس فيهن ديتهن، وإن برئن وفيها.
قلت: الرابعة هي الجائفة، وفي سماع سئل مالك عن من انكسرت فخذه، ثم انجبرت مستوية، أله ما أنفق في علاجه، قال: ما علمته من أمر الناس، أرأيت إن بريء على شين، أيكون له قيمة الشين الشين وما أنفق.
ابن رشد: الفقهاء السبعة على وجوب أجر الطبيب، فيما دون الموضحة من جراح الخطأة، وأخذه بعضهم من قول مالك مرة بوجوب رفو الثواب.
قلت: وهو أحروي؛ لأن الدماء آكد من الأموال، وذوات الدية في الأعضاء.
قال ابن شاس: اثنا عشر، وسمع يحيى ابن القاسم: من أصيب بعض أذنه فذهب منها بعض سمعه له في السمع من عقله بقدر ما ذهب منه، وفي ما أصيب من الأذن زائداً؛ جزأة منها عللا جزء السمع الذاهب منه.
ابن رشد: إن ذهب نصف السمع، ونصف الأذن فنصف عقل السمع فقط، وإن ذهبا ثلثا الأذن فحكومة في سدس الأذن مع ذلك، قال: إنما الدية في السمع لا الأذنين مع ذلك، قال: إنما الدية في السمع لا الأذنين إن ذهبتا، والسمع باق؛ فإنما فيهما حكومة، فإن ذهب نصفه أذنه وربع السمع؛ فله ربع الدية في ربع سمعه، وفي ربع أذنه حكومة، هذا قول ابن القاسم، وروايته في المدونة في المدونة وغيرها.
قلت: مثل قولها في المختصر، وفي النوادر، ذكر بعض البغداديين: أن مالكاً رأى مرة في أشرافها الدية كاملة، وفي الجلاب إن ذهب السمع والأذن بضربة واحدة؛ ففيهما دية واحدة، قاله ابن القاسم، والقياس عندي أن يكون فيهما دية وحكومة.
قلت: ففي كون فيهما الدية أو حكومة كطلقاً، ثالثهما: إن انفرد ما ذهب منهما عن مساوية من العقل برواية الجلاب مع البغداديين، والمشهور واختيار ابن الجلاب.
وقول ابن الحاجب: الأذنان على الأصح يخل بالمشهورة، وفي العينين الدية.
الباجي: حجاج: العين العظم المستدير حولها، ويقال هو الأعلى الذي تحت الحاجب.
قال محمد: ما أصيب منه دون كونه موضحة؛ فيرئى على عثم إن انفراد عن ذهاب شيء من البصر معه، ففيه حكومة؛ وإن أثر في البصر اندرج في عقله، وإن كان موضحة لم يندرج، وكان فيه أرشها، وتقدم نحوه، وفي عين الأعور بخلاف السمع.
وفيها: من أذهب سمع إحدى أذنيه رجل، ثم أذهب رجل سمع الأخرى؛ فعليه نصف الدية بخلاف عين الأعور، وليس الدية الدية في شيء واحد مما هو زوج في الإنسان مثل اليدين والرجلين، إلا في عين الأعور بخلاف السمع.
وفيها: من أذهب سمع إحدى أذنيه رجل سمع الأخرى؛ فعليه نصف الدية بخلاف عين الأعور، وليس الدية في شيء واحد مما هو زوج في الإنسان كثل اليدين والرجلين، إلا في عين الأعور فقط، لما جاء فيها من السنة.
الشيخ: روى علي: ولو كان أخذ في الأولى ديتها، ففي الباقية دية كاملة.
قال أشهب في الموازية: قال العراقيون: فيها نصف الدية كإحدى اليدين، وهذا غير مشتبه؛ لأنه يبصر بالعين ما يبصر بهما، قال وإن أصيب من كل عين نصفها، ثم أصيب بضربة باقيهما؛ فإنما فيهما نصف الدية.
وقال عبد الملك: كل الدية.
أشهب: وفي باقي إحداهما ربع الدية، وفي باقي الأخرى نصف الدية، ولو ذهب نصف إحدى عينيه، فأخذ نصف ديتها، ثم أصيب بنصف الصحيحة، فله ثلث الدية؛ ولو ضرب ضربة أذهبت باقيها والصحيحة، فله ألف دينار؛ لأنه باقي بصره.
قال محمد وسحنون: وهذا متفق عليه بين أصحاب مالك.
أشهب: ولو أصيب الصحيحة فقط؛ ففيها ثلثا الدية، ولو لم يبق غير نصف المصابة فأصيب، ففيه نصف الدية.
وقال أشهب: ابن القاسم، وعبد الملك: ليس فيما يصاب من السليمة مع بقاء شين من الأخرى، إلا بحساب نصف الدية، وألزم عبد الملك أشهب في النصف الباقي مع السليمة ثلثا الدية.
محمد عن أشهب: في نصف السليمة مع نصف الأخرى باقيا ثلث الدية، ثم في باقي بصره إن أصيب بضربة واحدة نصف الدية، وفي كرتين في الأولى ربعها، وفي الثانية نصفها.
وقال عبد الملك: في النصفين الباقيين من كل عين في ضربة الدية كعين واحدة، وفي ضربتين الأولى بحساب نصف الدية، والثانية بحساب الدية، وكذا لو بقى من كل عين أقل من النصف، إن ذهبا بضربة، فكأنه من عين أعور إن كان ربع جميع البصر، فهو منصف عين أعور، وإن ذهب باقي إحداهما قبل باقي الأخرى، ففي الأول بحساب نصف الدية، وفي الثاني بحساب كل الدية.
وفي كتاب ابن سحنون لأصبغ، عن ابن القاسم: من أصيب نصف عينه، ثم فقيء باقيها مع السليمة؛ ليس له ثلاثة أرباع الدية.
قال عيسى: إلا أن يذهب نصفها بأمر من الله؛ فله فيها ألف دينار.
قال أصبغ: ثم رجع ابن القاسم في الغد فقال: فيها ألف دينار؛ لأنه بصره كله، وقال أشهب.
سحنون: هذا قول أصحابنا، والأول خطأ ما علمت من يقول منهم، وفيها العين الضعيفة البصر واليد والرجل، كذلك من خلقة الله، أو بأمر من السماء، والعرق يضرب في الرجل، فتعرج إلا أنه يتمشى عليه ويبصر بالعين، ويبطش باليد؛ في كل منها الدية كاملة، زاد مالك في المجموعة: وكذا ما حدث من نقص عن كبر.
ولابن رشد في رسم القطعان، من سماع عيسى: قال بعض أهل النظر تلخيص قول عيسى: إن أصيب بعض العين بسماوي، ثم باقيها بجناية خطأ؛ ففيهما كل الدية،
ولو كثر نقصها، وإن نقصت بجناية، وإن أصيب باقيها خطأ، ففيها باقي عقلها، ولو قل نقصها.
ابن رشد: إن أصيب بسماوي وأتى النقص على أكثرها، فإنما فيها بحساب ما بقى وإن لم يأت على أكثرها، فإن أصيبت خطأً والنقص فيه بجناية، فثلاثة فيها بقدر ما بقى وقيل العقلاء كاملا، وقيل إن اقتصر للنقص للنقص أو أخذ له عقلاً؛ ففيها بقي بحسابه وإلا فالعقل كاملا.
الباجي لأشهب في الموازية: من أصاب رجله أمر من عرق يضرب أو ترمد عينه فينقض بصرها؛ فإنما له بحساب ما بقى، كما لو أصابها بمثل ذلك أحد، ومن سوى بين ما يصيبها من أمر الله، ومن الكبر فقد غلط؛ لأن كل جارحة تضعف من الكبر، والمرض يسلم منه كثير من الناس.
قلت: عزو ابن رشد: لها قدر ما بقى فقط خلاف قول ابن القاسم فيها، ثم قال مالك إن كان أخذ لها عقلاً، وإلا فالعقل تام.
وتقدم قول مالك في العين القائمة الاجتهاد والأنف، في كون الدية فيع باعتبار مارنة أو مع جميع أصله روايتان لهما، واللخمي عن المبسوط، وصوبها قال: والمارن ما لان منه دون العظم.
الشيخ عن أشهب: هو الأربنة، وتقدم الكلام على قولها في خرم أنف رجل فبريء على غير عثم.
الشيخ في الموازية: إن خرم، وسلم مارنة ففيه حكومة إن بريء على عثم، وإن خرم ما دون العظم؛ فله من الدية بحاسب ما ذهب من مارنة، وما بريء من ذلك على غير عثم؛ فلا شيء فيه الخطأ، وبيه العمد القود والشم يأتي، والذكر الدية فيه باعتبار الحشفة فقط.
فيها: إن قطع بعض الحشقة فمنها يقاس لا من أصل الذكر، فما نقص منها فيه بحسابه من الدية، والشفتان في جميعهما الدية، وفي إحداهما مطلقاً نصفها، وفيها لم يأخذ مالك بقول الن المسيب في القلى ثلثا الدية.
الشيخ: قال في المجموعة: لم يبلغني من فرق بينهما غيره وأراه، وهما عنه الباجي.
قال ابن شعبان: الشفة ما زال جلد الذقن والخدين من أعلى وأسفل مستدير بالفم، وهو كل ما ارتفع على الأسنان واللثات.
يريد: وما في الجانبين هو من الشدقين، لا من الشفتين واللسان.
فيها: إن قطع من أصله؛ ففيه الدية كاملة، إن ذهب الكلام، وإن لم يذهب منه شيء؛ ففيه الاجتهاد بقدر شينه إن شانه، وحكم الكلام يأتي.
الشيخ في الموازية والمجموعة، روى أصحاب مالك: في لسان الأخرس الاجتهاد فقط، والأسنان فيها في كل سن خمس من الإبل الأسنان والأضراس سواء.
ابن رشد في الموضأ، عن سعيد: قضى عمر في الأضراس ببعير بعير، ومعاوية بخمسة أبعرة خمسة أبعرة، فالدية تنقص في قضاء عمر، وتزيد في قضاء معاوية، فلو كنت أنا لجعلت فيها بعيرين، فتلك الدية سوداء؛ لأن الأسنان اثنا عشر سناً أربع ثنايا، وأربع رباعيات، وأربعة أنياب، لها ستون بعيراً خمسة لكل سن، والأضراس عشرون أربع ضواحك، وهي التي لي الأنياب، واثنا عشر رحى ثلاث في كل شدق، وأربع نواجد، وهي أقصاها فجمبع دياتها على قول مالك مائة وستون بعيراً.
زاد اللخمي: والنواجد سن الحلم التي تخرج أقصاها بعد الكبر.
وقال ابن شعبان: للرجل الألخى اثنان وثلاثون سناً، وللكوسج ثمانية وعشرون سناً يريد: أنه لا نواجد له.
عبد الحق لابن يزين: من يولد إلى سبعة أشهر؛ إنما له ثمانية وعشرون سناً، ومن يولد إلى ستة أشهر أو تسعة؛ فله اثنان وثلاثون سناً.
الشيخ في الموازية لأشهب: إن طرحت السن من سخنها؛ ففيها ديتها كاملة، وكذا إن كسرت من أصل ما شرف منها، ولا يحط لما بقي من الكسر من موضع سنخها شيء كبقية الذكر بعد الحشفة.
وفيها قيل إن ضربه فاسودت سنة أو احمرت أو اصفرت، قال: إن اسودت؛ تم عقلها والخضرة والحمرة والصفرة، إن كان ذلك كالسوداء؛ تم عقلها، وإلا فعلى حساب
ما نقص.
وفي سماع ابن القاسم: إن اصفرت السن؛ ففيها بقدر شينها لا يكمل عقلها حتى تسود لا بتغيرها.
ابن رشد: هذا يبين مذهبه في المدونة، إذا لم يجد فيها جواباً بيناً، ومثله قول أصبغ له في إخضرارها أكثر مما في احمرارها، وفي احمرارها أكثر مما في اصفرارها.
وعزا اللخميهذا لأشهب في الموازية قال: وقال ابن القاسم: إن كان تغيرها مثل الاسوداد؛ فقد تم عقلها وإلا فعلى حساب ما نقص، والأول أحسن إلا في الخضرة.
قلت: محمل كلامها على الخلاف، وبه يتقرر قول ابن الحاجب إثر نقله قولها، والمشهور خلافه، وحمله ابن رشد على الوفاق كابن شاس.
وفيها: في السن السواد خمس من الإبل كالصحيحة.
وفي الموطأ عن ابن المسيب: إن اسودت تم عقلها، فإن طرحت بعد أن اسودت ففيها عقلها أيضاً، وهو نقل الجلاب والتلقين وغيرهما عن المذهب، وسئل القرويون عمن أطمعته زوجته ما اسود به لونه فوقفوا.
وقال أحمد بن نصر: هي في المدونة، وأوجب عليها الدية، وقولها في السن، وقد يفرق بلزوم البياض بسن، وبعض من الآدميين أسود ابن شعبان في السن الزائدة عن الاجتهاد.
قلت: فيه نظر؛ لأن أرش الحكومة والاجتهاد، إنما يتصور في النقص، وربما كان قلع الزائدة لا يوجب نقضاَ، أو يوجب زيادة؛ فيكون كخصى العبد تعدياً، يزيد في قيمته، وقد يجري على الأصبع الزائدة.
وفيها: إن ضربت فتحركت، فإن كان اضطراباً شديداً؛ تم عقلها، وإن كان خفيفاً؛ عقل بقدر.
زاد في الموازية: وينتظر بالشديدة الاضطراب سنة.
أشهب: إن اشتد بعد السنة فكعقلها، وفي طرحها بعد ذلك الاجتهاد بقدر ما ذهب من جمالها.
ابن الحاجب: في المضطربة جداً الاجتهاد.
ابن عبد السلام: يريد فيها حكومة، فإن أراده كان تكراراً، لقوله قبل هذا، واشتداد اضطر بها كقلعها.
قلت: هذا وهم؛ لأن الأول في نزول الاضطراب، وهذا في زوال ذات الاضطراب، ولفظ ابن الحاجب، هو قول أشهب هذا.
وقال اللخمي: إن ضربت فتحركت، وبقيت فيها قوة، فعلى الضارب بحساب ما ذهب من قوتها؛ فإن أسقطها آخر، فعليه بحساب ما بقى، فإن اسودت واضطربت شديداً؛ فديتها فقط لا يكون أشد من قلعها، ولو اسود بعضها؛ واضطربت خفيفاً؛ فله مناب أكثر كسواد نصفها، وذهاب قوة ثلث قوتها له نصف عقلها فقط، ولو انكسر نصفها، واسود نصف ما بقى أو ذهب نصف قوته باضطراب، ففيما انكسر نصف عقلها، وفي الاخر ربعها، ولو اسود أو اشتد اضطرابه؛ تم عقلها.
اللخمي: إن ذهب نصفها، واصفر باقيها، فأذهب نصف جمالها، فثلاثة أرباع ديتها ولو احمرت فذهب نصف جمالها، فاخذ نصف ديتها، ثم ضربها آخر فتحركت، فأذهب بصف قوتها؛ ففيها ديتها صحيحة، كما لو أسقطها بعد أن اسودت لغرم ديتها كاملة، ولو نقص الكلام لذهاب الأسنان، عقل له الأكثر من دية الأسنان، ونقص الأسنان.
وفيها: مع سماع عيسى طرح سن الصغير يوجي وقف عقلها، إن نبتت رد ولا قود في العمد، وإن لم ينبت أو مات قبل نباتها، فالعقل في الخطأ والقود في العمد، وإن نبتت أصغر؛ ففي قدر نقصها قدره من ديتها.
الشيخ: زاد سحنون في المجموعة إن مات الرجل، ولم تنبت السن سقط القود.
قال: ولا يوقف كل العقل؛ لأن السن يكون فيها النقص، ولا يمنع ذلك من القصاص؛ بل يوقف منه ما إذا نقصت السن إليه، لم يقتص له.
قيل: كم ذلك؟ قال: هو معروف كالعين يضعف بصرها، واليد يدخلها النقص اليسير.
الشيخ: لمحمد عن أشهب: إن قلعت سن صبي أثعر، ونبتت أسنانه فله تعجيل
العقل في الخطأ، والقود في العمد، ولو أخذ المثغرة الأرش في الخطأ، ثم ردها فتنبت؛ فلا يرد شيئاً، وقاله ابن القاسم.
محمد: لأن السن عنده بخلاف غيرها؛ لأنه يرى فيها ديتها، وإن نبتت قبل أن يأخذها، والفرق بين الأذن والسن، أن الأذن تستمسك وتعود لهيئتها، ويجري فيها الدم والسن بخلاف ذلك.
وسمع ابن القاسم: كل جراح الخطأ التي يستأنى بصاحبها خوف أن يأتي فيها أكثر من الثلث، كالأصبع من اليد ما منها دون الثلث، وقف عقله إن بريء رد إليه، وإن زاد لأكثر من الثلث، رد إليه وحملته العاقلة لم يوقف عقله؛ لأنها مأمونة، والرجل قد يذهب ماله.
سحنون: إن كان الجرح تحمله العاقلة فرض له، ولا يستأنى برؤه، فإن زاد زيد على العاقلة.
ابن رشد: هذا صحيح مثل قولها في سن الصبي، وقول سحنون خلاف قولها أنه لا يفرض على العاقلة حتى يعرف ما تصير إليه المأمومة؛ لأنها ربما آلت للنفس فلم تجب الدية على العاقية إلا بقسامة، أو لما سأله فيها عن معنى تأخير فرض دية المأمومة، وهي لازمة للعاقلة أو مات.
قال: هذا الذي سمعنا؛ وإنما هو الاتباع، ومع ذلك فله وجوه صحاح، منها أن الجرح ربما آل للنفس فيجب فرض الدية على العاقلة في ثلاث سنين، فإن فرض على العاقلة دية الجرح ومنجماً؛ فقد يحل قبل موته فيئول إلى قبض دية النفس من العاقلة قبل وجوبها: ولأن حكمها أن يفرض بعد الموت في القسامة في ثلاث سنين، فتجب لورثته، فلا يصح أن يفرض له دية الجرح، إذ لا يدري يعيش فيجب له أو يموت؛ فتجب لورثته، وهذه علة صحيحة.
وقد أجمع أهل العلم؛ أنه لا يقتص من الجرح إلا بعد البرء، فكذا لا يعقل إلا بعده، فقول سحنون بعيد ولا نص فيها على أمد الوقف، ونقل الشيخ رواية المجموعة: إن أيس من نباتها؛ أخذ الصبي العقل، يقتضي أنه زمن معتاد له نباتها، والأظهر أنه
الأكثر من معتاده أو سنة.
الشيخ في الموازية لأشهب: إن كان الصبي حين قلعت سنه أثغر، ونبتت أسنانه ع
جل له العقل في الخطأ، والقود في العمد.
قلت: انظر هذا مع قاعدة المذهب في وجوب الاستنياء، ونقل ابن رشد الإجماع عليه فيجب حمله على أنه قلع دون جرح، وتقدم حكم رد السن بعد قلعها، ونحوه قبل ذكر الأحق بالدم.
الشيخ: في الموازية لأشهب: في المضطربة نصاب من ديتها بقدر ما بقى من قوتها.
الشيخ: في المجموعة، روى ابن وهب: في سن الشيخ الكبير تتحرك العقل تاماً ولو أصابها رجل فتحركت شديداً، فله بحساب نقصها، ثم إن أصيبت؛ فله بحساب ما بقى.
قال ابن القاسم وأشهب: في السن المأكولة، قد ذهب بعضها دية ما بقى منها، لابن القاسم: أصيبت عمداً أو خطأً.
أشهب: إلا أن تتآكل منها ما بال له؛ ففيها دية كاملة، كاليد تنقص أنملة.
ابن شاس: إن تآكلت كثيراً؛ ففيها بحسابها؛ وإن كان يسيراً؛ فعقلها تام.
ابن الحاجب: في المكسورة تتآكل أو غيره بحسابها.
قلت: نقل ابن شاس على مقتضى قول أشهب، ونقل ابن الحاجب على مقتضى قول ابن القاسم، وتقدم حكم المضطربة.
وقول ابن شاس: لو قلع جمبع الأسنان من ضربة واحدة؛ ففي كل سن خمس من الإبل واضح، كقولنا إن شجه ثلاث مأمومات في ضربة واحدة؛ ففيها دية كاملة، وكذا المنقلات اليدين فيهما الدية، وفي إحداهما نصفها.
فيها: إن قطعت من أصل الأصابع ومن المنكب، فقد تم عقلها، وشلل الأصابع فيه ديتها كاملة، ثم في قطعها عمداً أو خطأً حكومة.
الشيخ: روى ابن نافع في المجموعة: إن دخلها نقص؛ ففيه من ديتها بقدر ما نقص منها ومن جمالها.
زاد اللخمي: واعتبار القوة من الأصابع لا من جملة اليد.
قال: فإن ضعفت وصغرت، فإن ذهب نصف قوتها؛ ففيه نصف ديتها؛ وله بعد ذلك بقدر ما ذهب من جمالها، وإن أبان بعضها وضعف الباقي؛ ففي كل منابة من ديتها إن أبان نصف الأصابع وما بقى بعدها على قوته لم يحط له من الدية شيء ولا يزاد عليها لعطلته.
وفيها: إن لم يكن في الكف إصبغ: ففي قطعها أو بعضها حكومة، وفي الأصبعين بها بما يليها من الكف خمساً دية اليد، ولا حكومة مع ذلك.
الشيخ: عن ابن القاسم في المجموعة: إن قطعت كف ذات إصبع واحدة؛ فله دية الأصبع، وأحب إلى في باقي الكف المحكومة، ولم أسمعه.
وقال أشهب وسحنون: لا شيء له في بقية الكف المغيرة، من قطعت كفه عمداً وليس فيها إلا ثلاث أصابع، وأخذ في الأصبعين عقلاً وقوداً؛ فله عقل الأصابع دون حكومه.
وقال عبد الملك: له مع عقلها حكومة، إلا أن يكون أربع أصابع، فلا يزاد على ديتها.
وفيها مع غيرها: في كل إصبع منها عشر من الإبل.
الشيخ: في الموازنة عن ابن القاسم وأشهب: في الكف الناقصة أصبعاً دية أربع أصابع، وإن نقصت اليد أنملة، لم يأخذ لها عقلاً، كالذاهبة بمرض وشبهه؛ ففيها ديتها كاملة، وإن أخذ عقلاً؛ حوسب بها في الخطأ.
اللخمي: اختلف فيمن له ست أصابع، فلابن القاسم من له ست أصابع، في ذلك من العتبية، إن كانت السادسة قوية؛ ففيها عشر، ولو قطعت عمداً، إذا لا قصاص فيها، وفي كل يدها ستون، وإن كانت ضعيفة؛ ففيها حكومة إن انفردت، ومع اليد لا يزاد لها شيء.
ابن سحنون عنه: أن انقطعت يدها خطأ؛ ففيها نصف الدية فقط، وقيل: وحكومة
في الزائد، ولم يفرق بين قوية وضعيفة، وقول ابن القاسم أبين، وإن قطعت عمداً؛ فله أن يقتص، ويأخذ دية السادسة إن كانت قوية.
قلت: قول ابن القاسم، هو سماع يحيى ابن رشد، صفة الحكومة.
فيها: ينظر كم ينقص ذهابها من قيمته، لو كان عبداً، فيؤخذ ذلك القدر من ديته، فإن لم ينقص من قيمته شيئاً، أو لعله يزيد فيه، فإنلم يكن ذلك، لم فيه شئ، إلا الأدب في العمد، ولا يدخل في ذلك ما في العبد يخصى؛ فتزيد قيمته، لاختلافهما في المعنى، ومضي بيانه.
وفيه في المساع: إن كانت قوتها مثل سليم الأصابع، العمد فيها والخطأ سوءا معناه: في إرتفاع القود فقط دون ما يفترق فيه الخطأ من العمد؛ لأن دية العمد مربعة، والخطأ مخمسة، وقد تقطع الزائدة مع غيرها؛ فلا يبلغ ثلث الدية، فيكون العقل في ذلك على العاقلة في الخطأ.
قلت: قوله: لاختلافهما في المعنى مجرد دعوى، ومسألة الخصي مذكورة آخر الغصب، وتقدم نحوه في السن الزائدة.
وفيها مع غيرها: في كل أنملة ثلث العشرة، وأنامل غير الإبهام ثلاث.
وفي كونها ذات أنملتين فقط أو ثلاث، قولها مع الباجي عن رواية محمد.
ونقل اللخمي عن محمد: رجع مالك إلى أنها ذات ثلاث، ولم يحكه الباجي إلا عن سحنون عن رواية ابن كنانة.
قال: وإليه رجع مالك وأصحابه عن قوله الأول، وثديا المرأة فيها مع غيرها فيهما الدية في كل واحد نصفها.
فيها: إن قطع حلمتاهما، فإن أبطل مخرج اللبن؛ ففيه الدية، ونقله الباجي، وقال عن ابن الماجشون: حد وجوب ديتهما ذهاب الحلمتين.
أشهب: إن أذهب ما هو سداد لصدرها؛ ففيهما الدية، وإلا فقد شينهما.
اللخمي: إن أفسد مخرج اللبن، ولم يقطع منهما شيئاً، ولا ذهب من جمالهما شئ؛ وجبت ديتهما عند مالك، كذهاب النسل، ولو بقي الإستمتاع، وفي إذهاب اللبن
والجمال دية، والصغيرة كالكبيرة بخلاف سن الصغيرة؛ لأنها مرجوة، ولو فسد مخرج اللبن، ثم عاد ردت إليه.
قلت: ظاهر أقوالهم: فساد مخرجه من العجوز كغيرها، والأظهر أنه كيد شلاء؛ فيه الحكومة فتأمله، وسن الصغيرة تقدم في فصل الإستيناء، وما قاله عياض فيها كسنها، وفيها ليس في ثدي الرجل إلا الإجتهاد والذكر.
فيها مع غيرها: فيه الدية باعتبار الحشفة والأنثيان كذلك؛ فيهما لادية وفي كل منهما نصفها.
فيها: اليسرى واليمنى سواء، وإن قطعتا مع الذكر فديتان، وإن قطعتا قبله أو بعده؛ ففيهما الدية، وكذلك الذكر قبلهما أو بعدهما.
الشيخ: قال ابن حبيب عن ابن الماجشون: إن قطع الذكر أولاً أو آخراً؛ ففيما قطع بعده حكومة، خلاف رواية ابن القاسم.
الباجي: قال عبد الملك، روى الأخوان: إن قطع الذكر أولاً؛ ففي الآخر حكومة.
ولأبى الفرج عن عبد الملك: أيهما قطع قبل صاحبه؛ ففي الثاني حكومة.
وقال الأبهري: إختلف قول مالك فيه فقال: مرة هذا إن كان في مرة واحدة أو مرتين.
اللخمي: قال ابن حبيب: في الذكر الدية، ولو تأخر قطعة، وفي الإنثيين إن تقدم قطعهما، وإن تأخر؛ فلا دية فيهما؛ يريد: وفيهما حكومة.
ورى القاضي: في قطعهما معاً دية واحدة.
قلت: وقال ابن حارث: اتفقوا أن في قطعهما معا ديتين، فقطعهما معا في وجوب ديتين فيه، أو دية واحدة طريق ابن حارث، ورواية القاضي، وعلى التعاقب في وجوبها لكل منهما مطلقاً، أو في أولهما، وفي الثاني حكومة، ثالثها: في الذكر مطلقاً، وفي الإنثيين إان تقدمتها، وإن تأخرتا، فحكومة للمشهور.
لابن حارث عن ابن حبيب، عن ابن الماجشون، مع أبي الفرج عنه، وابن حارث عن ابن حبيب، مع الباجي عن رواية الأخوين، عن ابن حبيب، وخرج اللخمي:
سقوط دية ذكر من لا يولد له بإعترافه بذلك، أو عقمه من سقوطها في ذكر من قطعت أنثياه.
قال عن ابن حبيب: في ذكر من لا يأتي النساء الدية، وكذا الشيخ الكبير.
وفي مختصر الوقار: في ذكر العنين حكومة، وعلى أحد قولي مالك الدية كاملة، ويختلف في الحصور الذي لم يخلق له ما يصيب به النساء.
روى محمد: في ذكر من قطعت أنثياه الدية؛ قيل له: إنه لا يحمل له، قال: لكنه يبول، ومن الناس من لا يحمل له، ولا يصيب النساء؛ فعلة هذا في ذكر الحصور الدية.
وفيها: من قطعت حشفته، فأخذ الدية، ثم قطع عسيه؛ ففيه الإجتهاد، وقبله فيما إن قطع بعضها، فمنها يقاس لا من أصل الذكر.
وخرج اللخمي من القول: بقصر دية الأنف على قطعه من أصله، لا من مارنه قصر وجوب دية الذكر على قطع جميعه، قال: إن لم يكن في ذلك إجماع، والأليتان فيها فيهما من الرجل والمرأة حكومة.
الباجي: وقاله ابن وهب، وقال أشهبك فيهما من الرمأة دية كاملة، وشفرا المرأة.
الباجيك قال ابن حبيب عن الأخوين: إن سلتا حتى بدا العظم؛ ففيهما الدية، هما أعظم من ذهاب ثدييها والرجلان.
الشيخ: في الموازية والمجموعة، روى غير واحد عن مالك: فيهما الدية، وفي إحداهما نصفها.
وروى ابن وهب، وابن القاسم: كأن يقطع من الورك أو أصل الأصابع.
وذكر اللخمي: في شللهما مثل ذكر في اليد.
قال ابن شاس: ماعبر عنه ابن الحاجب بقوله، والعرج الخفيف مغتفر، إن لم يكن أخذ له أرشاً، وتقدم حكم العضو الضعيف، وما ذكره ابن رشد في ضعف البصر، مثله في ضعف الرجل بالعرج، ويتحصل فيه من قول الأشياخ، ونقلهم ثلاثة أقوال: جميع العقل، وبقدر ما بقي، وما نقله ابن شاس.
ابن شاس: قد يفوت بالجناية منافع عشر العقل المذهب فيه الدية.
ابن رشد: إن نقص بعضه؛ ففيه بحساب ذلك.
اللخمي: تجب بكونه مطبقاً لا يفيق، وإن ذهب وقتاً؛ فله في ديته بقدره، وإن ذهب يوماً ولية من الشهر؛ فله عشر ثلثها، وإن ذهب ليله دون نهاره أو عكسه؛ فلهنصف عشر ثلثها، وإن ذهب يوماً بعد يوم؛ فله نصفها، وإن كان يذهب من ذلك اليوم ليله دون نهاره أو عكسه فله ربعها، وإن لازم ولم يذهب جملة، ومع شئ من تمييز؛ فله بقدر ما ذهب يقوم عبداً سليم العقل، فإن قوم بمائة فقيده لا تمييز عنده، فإن قوم بعشرين، كان مناب عقله ثمانين، ثم يقوم على هذه الصورة من العقل، فإن قوم بأربعين فعلى الجاني ثلاثة أرباع الدية.
قلت: كذا هو في غير نسخة، أنه يقوم ثلاث فيم، فيكون على الجاني ثلاثة أرباع الدية، وابن عبد السلام، وابن هارون من عادتهما نقل كلام اللخمي في شرحيهما، وههنا لم يتعرضا لكلامه بحال، فلعله لصعوبة فهمه، وتقرير توجيه ما قاله، أنه لما كانت قيمة عقله ثمانين، وجب أن يسقط منها عن الجاني ما بقي من عقله، ولما كانت قيمته تنقص عقله، وهو من حيث اتصافه بالتمييز المفروض أربعين.
وهذه الأربعون ليست قيمة التمييز فقط؛ بل قيمته مع ذاته دية عرية عنه، وليست من العقل، فوجب إسقاطها مما هو قيمة لها مع التمييز، ليبقي مناب التمييز فقط، وقيمته كذلك عشرون فوجب إسقاطاها من قيمته مع تمييزه التي هي أربعون الباقي عشرون، وهي التمييز الباقي من جملة عقله، فيسقط من قيمة ثمانون الباقي ستون هي من الثمانين ثلاثة أرباعها، فيلزمه ثلاثة أرباع الدية.
والجاري على أصل المذهب تقويمه سليما، ثم يقوم بحالته فيقدر ما بينهما، يكون على الجاني من ديته، فإذا كانت قيمته سليماً مائة، وقيمته على ماهو عليه أربعون، كان على الجاني ثلاثة أخماس ديته، فتأمله، وتقدم في مآل أثر الضرب لأكثر من أرشه.
لأشهب في المجموعة: إن شجعه مأموة تنامت لذهاب عقله وسمعه وبصره، أن له دية كل ذلك.
وكلام ابن رشد في ذهاب العقل بالمأمومة، وقول المغيرة فيه كسمع، وفيه الدية.
الباجي: لم يختلف عنه أن فيه الدية.
أبو عمر: لو ذهب السمع وأذن بضربة واحدة، فقال ابن القاسم في ذلك دية واحدة، وقال ابن الجلاب، وعندي أن فيها حكومة، ودية أو ديتين على اختلاف الروايتين، وفيها في ذهاب سمع إحدى الأذنين نصفها.
ابن القاسم: ليس الدية عند مالك في شئ واحد مما هو زوج في الإنسان، كاليدين غلا في عين الأعور، لما جاء فه من السنة محمد وأشهب؛ ولأن الناظر بالعين الواحدة يبصر بها ما يبصر بهما معاً.
قال أشهب: إن كان يسمع بالأذن، مثل ما يسمع بالأذنين، فهو كالبصر وإلا فكاليد والرجل، وفيها مع غيرها في نقص بعضه بحسابه، ويعرف باختباره بالأمكنة كالبصر حتى يعرف صدقه.
الشيخ: عن أشهب في المجموعة: يتباعد عنه، فإن تساوت أو تقاربت ينسب للصحيحة، وأعطي بقدر ما انتقصت المصابة من الصحيحة بعد يمينه، ولم يذكر ابن وهب عنه اليمين.
قال أشهب: ويحسب له ذلك على سمع رجل وسط مثله.
الصقلي: عن أشهب: فإن إختلف قوله بأمر بين لم يكن له شئ.
قال أصبغ: هذا قول مالك وأصحابه.
قال عيسى: يعقل له الأقل مع يمينه، قال في الموازية وغيرها: فإن لم يقدر على إختباره على حقيقة، وأشكل أمره صدق المضروب مع يمينه، وقاله مالك، وقال: الظالم أحق أن يحمل عليه.
قلت: تعذر اختباره بأن لا يكون له سمع صحيح أو سليم، وفي كون قول أشهب: ويحلف وفاقاً للمدونة أو خلافاً لها احتمال؛ لأنه راجع إلى مدلول العرف، وفي استقلال العرف عن اليمين خلاف، تقدم في إرخاء الستور وغيره.
قال ابن الحاجب: ويعرف بأن يصاح من مواضع عدة مختلفة مع سد الصحيحة، فإن لم يختلف قوله؛ حلف ونسب إلى سمعه الآخر، وإلا فسمع وسط، فإن إختلف، فلا
شيء له، وقيل: له الأقل مع يمينه.
قال ابن عبد السلام: قوله وإلا فسمع وسط معناه: إن كان المجني عليه لا يسمع بإحدي أذنيه، ونقصت الجناية سمع الأخرى، أو كان يسمع بهما فنقصت الجناية سمعهما معاً، فإنه ينسب سمعه الناقص إلى سمع وسط.
وقاله ابن هارون: ولم أجده لمتقدمي أهل المذهب إلا ما تقدم من نقل.
الشيخ: عن أشهب: ومثله نقله ابن شاس غير مرتب على تعذر اختباره، فتأمله، وكلام ابن هارون أبين، ولم أجده إلا في وجيز الغزالي، قال فيه مانصه: وإذا شك في السمع جرب بصوت منكر بغته، فإن نقص، فإن نقص السمع جرب بالنسبة إلى من هو في مثل سنة بقرب المسافة وبعدها، وفي بصر العينين الدية.
وفيها: إن نقص بصر العين أغلقت الصحيحة، ثم جعل له بيضة أو شئ في مكان يختبر به منتهى بصر السقيمة، فإن رآها حولت له إلى موضع آخر، فإن تساوت الأماكن أو تقاربت؛ قيست الصحيحة، ثم أعطي بقدر ما انتقصت المصابة من الصحيحة.
وفيها: لا بن القاسم إن إدعى المضروب أن جميع سمعه أو بصره، قد ذهب اختبر إن قدر على ذلك بما وصفنا.
الصقلي: في الموازية يختبر بالإشارة في البصر والصوت في السمع، كما وصفنا ويغتفل مرة بعد مرة.
قال في الكتابين: فإن لم يقدر على اختباره على حقيقة، وأشكل أمره صدق المضروب مع يمينه، وقاله مالك، وقال الظالم أحق أن يحمل عليه.
قلت: يريد بالظالم ما يصدق على العامد والمفرط، تقدم قولها في الجراحات، وفي الأنف الدية كاملة وأما الشم، فقال ابن زرقون: واختلف فيه.
قال أبو الفرج: فيه الدية كاملة، وروى أبو الفرج فيه حكومة، ولما عدد اللخمي ما تجب فيه الدية.
قال: وفي العقل والأنف والشم.
ثم قال: إن ذهب الأنف والشم معاً، فقال ابن القاسم فيهما معا دية واحدة.
وقال ابن الجلاب: القياس ديتان، والأول أحسن قياساً على اللسان والذكر، وحاصل الروايات في ذهاب منفعة الشم، قبل ذهاب الأنف والسمع، قبل ذهاب أشراف الأذنين والبصر، قبل ذهاب العين أن في الأنف الدية؛ لوضوح الجمال به.
وفي الذهاب أشراف الأذنين، قولان الدية والحكومة، وفي العينين حكومة، وكذا لسان الأخرس بعد الكلام.
وفيها: إذا قطع اللسان من أصله، ففيه الدية كاملة، وكذا إن قطع منه ما منعه الكلام، وإن لم يمنع من الكلام شيئاً؛ ففيه الاجتهاد بقدر شينه إن شانه، وإنما الدية في الكلام لا في اللسان، كالأذنين إنما الدية في السمع لا فيهما، وإن قطع من لسانه ما ينقص من حروفه؛ فعليه بقدر ذلك، ولا يحسب في نقص الكلام على عدد الحروف رب حرف أثقل من حرف في النطق، ولكن بالاجتهاد في قدر ما نقص من كلامه.
وسمع القرينان من قطع من لسان رجل ما منعه الكلام شهرين، ثم تكلم فنقص من كلامه أحب الىّ أن يقاد منه، إذ لا يعرف له قدر في القصاص أخاف أن تسرع الحديدة، فيذهب كلامه، فأحب الىّ أن لا يقاد منه، إذ لا يعرف له قدر في القصاص وأن يعقل.
ابن رشد: يريد أو يذهب منه أكثر مما ذهب من المجني عليه أو أقل وهو بيان لماله في المدونة، يقاد منه إن كان يستطاع قوة ذلك، ولا يخاف منه.
وقال أشهب: إنه مخوف لا يقاد منه.
قلت: في المدونة؛ إنما هو في القود من كل اللسان، لا من بعضه، والسماع إنما هو في بعضه، ودليل تعليله ثبوت القود في كله؛ لبعد كون السماع مفسراً لها فتأمله.
قال: وقوله يعقل؛ يريد بقدر ما ذهب من كلامه بعد أن يجرب صدقه فيما يدعي ذهابه، ويحلف على ذلك، قاله بعد هذا، ولا ينظر في ذلك عدد الحروف، وقيل يكون بقدر ما لم ينطق عليه من عدد الحروف، وهو بعيد لاختلافها.
وفي سماع يحيى ابن القاسم: إن شكوا هل ذهب من كلامه أو عقله الثلث أو الربع أعطى الثلث، والظلم أحق أن يحمل عليه.
الصقلي عن ابن حبيب: وقال أصْبَغ عدد حروف المعجم ثمانية وعشرون حرفاً، فما نقص من هذه الحروف فبحسابه، وقاله لي جماعة أهل العلم، وحكاه اللخمي أيضاً عن أصْبَغ، ورد بعضهم قول أصْبَغ: بأن بعض الحروف الثمانية والعشرين لا حظ فيها للسان كحروف الشفة، وبأن الحروف أكثر من ثمانية وعشرون، وجيب عن الأول بأن موجب الدية؛ إنما هو ذهاب الكلام، لا ذهاب اللسان، وبأن الزائد عن الثمانية والعشرين في زعم مثبته رده غيره إليها، حسبما هو مذكور في فنه.
وفي الصوت الدية، لنقل اللخمي: إن ذهب بعض كلامه، وذهب صوته أخد الدية كاملة، ونحوه قول الجلاب: إن قطع من لسانهما منع الكلام أو لج أو عن ففيه الدية.
اللخمي: إن ذهب نصف كلامه، ونصف صوته أخذ ثلاثة أرباع الدية، لأنه يستحق نصف الدية عن ذهاب نصف الكلام، ويسقط ما قابله من الصوت، وهو النصف؛ لأنه لو ذهب جميع الكلام، وجميع الصوت لم يزد الصوت شيئاً، وبقي نصف الكلام ذهب منه نصف الصوت، فيأخذ لما ذهب من صوته ربع الدية.
فإن قلت: في كلامه نظر؛ لأنه كما اندرج نصف الصوت في نصف الكلام الذاهب، كذلك يندرج النصف الباقي من الصوت في نصف الكلام الباقي.
قُلتُ: النصف الذاهب من الكلام لا يوجب نقصاً في النصف الباقي منه، والنصف الذاهب من الصوت، يوجب في النصف الباقي منه ذهاب نصفه، وهو الربع.
والذوق: قال اللخمي فيه الدية قياساً على الشم.،ونقله ابن زرقون عن ابن رًشْد.
قُلتُ: هو قوله فينبغي على أصولهم، أن تكون فيه الدية، ولا أعلم فيه لأصحابنا نصاً.
ابن زرقون: ونحا أبو الفرج إلى أن فيه حكومة.
قُلتُ: وأخذه بعضهم من قولها في لسان الأخرس حكومة.
ابن شاس: ويجرب بالأشياء المرة المنفرة.
قُلتُ: هو نص الغزالي في الوجيز، وإذهاب الجماع فيه الدية، قاله ابن زرقون عن المذهب، وابن رُشْد واللخمي معبراً عنه بإفساد الإنعاظ، ولما امتنع فيه الاختبار، وجبت اليمين، كقولها في مدعي ذهاب بصره، وتعذر اختباره، وإذهاب النسل.
قال اللخمي: فيه الدية ودليل عد ابن رُشْد، وابن زرقون ما فيه الدية، وعدم ذكرهما إياه، أنه لا دية فيه.
وقال ابن شاس: إن رجعت إليه هذه القوة، رد الدية قرب رجوعهما، أو بعد صواب كقولهم في رجوع البصر.
والإفضاء: إزالة الحاجز بين مخرج البول، ومحل الجماع فيها مع غيرها، فيه ما شانها بالاجتهاد.
الباجي: إن فعل ذلك بأجنبية؛ فعليه حكومة في ماله، وإن جاوزت الثلث مع صداق المثل والحد، ولو فعله بزوجته، فروي محمد عن ابن القاسم إن بلغ الثلث؛ فعلى العاقلة، وإلا ففي ماله، قاله ابن هارون، والقول بلزوم الدية في الأجنبي.
حكاه ابن شاس: وهو بعيد إذ ليس مساوياً لما سن الشرع فيه الدية، ولم يتعقبه ابن عبد السلام؛ بل قال أكثر نصوصهم وجوب الحكومة، ووجوب الدية قوي؛ لأن مصيبتها به أقوى من إزالة الشفرين، ومصيبته كمصيبة ذهاب الجماع من الرجل.
قُلتُ: ووجدت للخمي في كتاب الرجم، حيث ذكرت في المدًوَّنة ما نصه، وقال ابن القاسم أيضاً، إذا بلغ بها حيث لا ينفع بها؛ فعليه الدية كاملة.
وفيها: إن زنى بامرأة فأفاضها؛ فلا شئ عليه، إن أمكنته من نفسها، وإن اغتصبها؛ فلها الصداق مع ما شانها.
قُلتُ: ظاهره اندراج البكارة في المهر، بخلاف الشين؛ لأن زوال البكارة من لزوم الوطء، بخلاف الإفضاء.
اللخمي: ما كان بطوعها، ينبغي أن تكون فيه كالزوجة تموت من جماعه، حيث تسقط الدية في الزوجة، يسقط ما شانها، وحيث تثبت يثبت.
وقال أشهب في مدونته: إذا زنى بها فأفاضها؛ ففيه حكومة، وهو أحسن، ولا فرق
بين التزويج وغيره؛ لأن كل ذلك بطوعها.
وفيها: من بنى بزوجته فأفاضها، وماتت من جماعة؛ فديتها على عاقلته، وإن لم تمت؛ فعليه ما شانها، فإن بلغ ثلث الدية، فعلى العاقلة.
اللخمي في المجموعة: من بنى ببكر صغيرة، فعنف في وطئها، فأقامت يسيراً، ثم ماتت إن علم أنها ماتت من ذلك؛ فعليه ديتها.
وقال عبد الملك: إن قويت على الوطء؛ فلا شئ عليه كالحجام والبيطار.
ولابن سَنحون عن ابن وَهْب: إن كان مثلها لا يوطأ؛ قتل بها.
وقال ابن القاسم: عليه الدية في، ماله فإن أفسدها أخرق الحاجز فعليه الدية، ورواه ابن القاسم.
قال سَنحون: وروى ابن القاسم: إن ماتت من جماعه، ومثلها يوطأ فديتها على العاقلة، وإن بلغ ما شانها الثلث، فقال بعض أصحابنا: على العاقلة، وقيل: في ماله، قال ابن سَنحون: وبه أقول.
اللخمي: إن كانت كبيرة، وكان ذلك لضعف تركيبها، فلا شئ على الزوج، وإن كان من قبله، ولم تعلم حاله، فذلك عليه، وإن كان ذلك مما يخاف عليها، فتختلف هل تكون الدية عليه أو علي العاقلة؟ وإلا كان خطأ تحمله العاقلة، إن علم أنها ماتت منه دون قسامة، إن ماتت بفور ذلك، وإن علما معاً، توقع ذلك أو جهلاه؛ سقط عنه نصف الدية، وإن كانت صغيرة، كانت عليه الدية؛ لأن رضاها لغو.
وسمع ابن القاسم في كتاب الجنايات: من دفع امرأة فسقطت عذريتها، فعليه ما شانها، وكذلك صنع ذلك بأصبعه فعل ذلك بها غلام أو رجل أو امرأة.
ابن رُشْد: يريد مع الأدب ولا خلاف في ذلك والأدب في الأصبع أكثر منه في الدفعة، ومعنى ما شانها ما نقصها من صداقها عند الأزواج، واختلف إن فعله الزوج بامرأته بأصبعه.
فقيل: صداقها، وقيل: ما شانها عند غيره، إن طلقها على ما مضى من اختلاف قول ابن القاسم في ذلك بين روايتي سَنحون وأصْبَغ في النكاح، وأما في دفعه إياها،
فليس عليه إلا ما شانها إن فارقها.
الشَّيخ: عن أًصْبًغ: إن أمسك صبيان لصبي حتى افتضها؛ فعليه وعليهم قدر ما شأنها.
وفيها: لمالك في الصلب الدية ابن القاسم، إن أقعده عن القيام، فإن مشى وبرئ على عثل أو حدب؛ ففيه الاجتهاد، ولم يحك ابن رُشْد في المقدمات غير قول ابن القاسم.
اللخمي: اختلف فيما به الدية فيه على ثلاثة أقوال، فذكر قول ابن القاسم المتقدم قال: ولمالك في المجموعة نحوه.
وروى ابن وًهْب: إن برئ على انحناء؛ ففيه بقدره، وقال أشهب: فيه الدية إن أقعده عن القيام، وما نقص عن قيامه فبحسابه، وقيل: فيه الدية إن انطوى؛ يريد: صار كراكع فما لم يبلغ ذلك فبحسابه.
وقال عبد الملك: فيه الدية إن انكسر، ولم يقدر على الجلوس، فإن نقص عن الجلوس، فبقدر ذلك.
اللخمي: ويصبح كون الدية فيه للفصلين معاً إن أبطل جلوسه، وإن قدر على المشي على انحناء، وإن لم يضر كراكع فبحسابه يقاس ما بين قيامه راكعاً، وقيامه معتدلاً، فإن تساوى ما بينهما فله نصف الدية، وإن كان أقل أو أكثر فبقدر ذلك.
وقال ابن الماجِشُون: في الصلب ثلاثة وثلاثون فقارة، وفي كل واحدة من الفقار ثلاث من الإبل؛ يريد: إذا أفسد شيئاً من الفقارات فراعى الصلب خاصة، ولم يراع ما فسد من المشي.
وقول ابن شاس: لو ضرب صلبه؛ فبطل قيامه، وقوة ذكره حتى ذهب منه أمر النساء لم يندرج، ووجبت ديتان، كقولها في الديات: من شج رجلاً موضحة خطأ، فزال من ذلك سمعه وعقله، فعلى عاقلته ديتان، ودية الموضحة.
اللخمي: وتجب الدية إذا أجذمه أو أبرصه أو سقاه ما سود جسمه.
وقال ابن الماجِشُون: يجب في الصدر إذا هدمه.
وقال ابن عبدوس: فيه حكومة.
والشوى: وهي جلدة الرأس فيها الدية، قاله في المقدمات غير معزو، كأنه المذهب، وذكره ابن زرقون عن ابن الفرج عن ابن الماجِشُون.
وفي المقدمات: الديات فيما يجني به على الرجل ثمان عشرة دية إحدى عشرة في رأسه العقل والسمع والبصر، وأشراف الأذنين عند أشهب، والشم خلاف والأنف والذوق والكلام والشفتان والشوى والأضراس والأسنان يجمع فيها على قول مالك أكثر من دية، والتي في الجسد اليدان والرجلان والصلب والذكر والأنثيان وإذهاب الجماع.
وفي المرأة ثمان عشرة أيضاً، فيها ثلاث ليست في الرجل: الشفران والحلمتان والأليتان عند أشهب، كما أن في الرجل ثلاث ديات ليست في المرأة إذهاب الجماع والذكر والأنثيان.
ومثله لابن زرقون قائلاً: والصدر إذا هدم، ولم يرجع لما كان عليه.
وقول ابن الحاجب، وغير ذلك مما فيه جمال؛ فحكومة كأشفار والعينين والحاجبين واللحية والرأس، إذا لم ينبت هو قالها مع غيرها، وذو الرق جراحه معتبرة بقيمته بعد البرء، كإفساد سلعة في غصبها، ودياتها من تعدى على عبد غيره ففقأ عينه، وقطع له جارحة أو جارحتين؛ فما كان من ذلك فساداً فاحشاً لم بق فيه منفعة، فإنه يضمن قيمته ويعتق عليه.
وكذا الأمة زاد في دياتها، فإن لم يبطله مثل أن يفقأ عيناً واحدة، أو يجذع أنفه؛ فعليه ما نقصه، ولا يعتق عليه، وقد سمعت أنه يسلم لمن فعل ذلك به ويعتق عليه، وذلك رأي إذا أبطله علي صاحبه، وفي أول دياتها، وعلى قاتل عبيد أهل الذمة قيمتهم ما بلغت كعبيد المسلمين، وإن كانت القيمة أضعاف الدية إلا في أن مأمومة العبد وجائفته في كل واحدة ثلث قيمته، وفي منقلته عشر قيمته، ونصف عشر قيمته، وفي موضحته نصف عشر قيمته، وفيما سوى ذلك من جراحه بعد ما نقصه بعد برءه، وفي جراحها.
والمرأة تعاقل الرجل في الجراح إلى ثلث ديته، ولا يستكمله، فإذا بلغت ذلك
رجعت إلى عقل نفسها؛ وتفسير ذلك أن لها في ثلاثة أصابع ونصف أنملة أحداً وثلاثين بعيراً ثلثي بعير، وهي والرجل في هذا سواء، وإن أصيب منها ثلاث أصابع وأنملة؛ رجعت الى عقلها، فكان لها ستة عشر بعيراً وثلثا بعير، ونحوه في الموطأ.
أبو عمر: قال ربيعة: قلت لابن المسيب: كم أصبع من أصابع المرأة؟ قال: عشر من الإبل. قلت: كم في أصبعين؟ قال: عشرون.
قُلتُ: كم في ثلاث؟ قال: ثلاثون، قلت: كم في أربع؟ قال: عشرون، قلت: حين عظم جرحها واشتدت بليتها نقص عقلها، قال: أعراقي أنت؟!!! قلت: بل عالم متثبت أو جاهل متعلم قال: هي السنة.
أبو عمر: هذا مذهب مالك وجمهور أهل المدينة، والليث وعمر بن عبد العزيز وعطاء وغيرهم، وروى عنه ?من مرسل عمرو بن شعيب، وقول ابن المسيب: هي السنة؛ يدل على أنه أرسله عن النبي?.
وفيها: وجوب ضم قطع أصابعها بعضها لبعض باتحاد يدها، أو فور ضربها وإلا فلا وحيث يجب فيما بلغ به عقلها ثلث عقل الرجل؛ رجعت لعقلها وما لا يبلغه فلها فيه عقله، وما يضم اعتبر كأنه أول.
ابن زرقون: في ضمها بذلك وقصره على فور واحد مع وجوب ضم ما بعده إليه مطلقاً ثلثها، ولا يجب ضمه إليه لها.
ولعبد العزيز بن أبي سلمة مع رواية المغيرة، وابنه عبد الملك مع الصقلي عن ابن وَهْب، وعزاه اللخمي لابن نافع بدل ابن وَهْب ورجحه.
قال ابن الحاجب: وحيث اتحد الفعل، أو كان في حكمه لم يعتبر اتحاد المحل كضربة واحده تبين أصابع من يدين يده حكمها حكم اليد، فلو قطع لها بعده أصبع لم يضم؛ بل تأخذ له عشراً إن كان ثانياً أو ثالثاً، أو خامساً إن كان رابعاً أو خامساً، كما لو كان في كل يد علي حيالها، فقبله ابن هارون.
وقال ابن عبد السلام، بعد أن قرر مدلول مذهب المدَوَّنة: ولكن هذا المعنى لا ينطبق عليه قول المؤلف، فلو قطع لها بعده أصبع لم يضم، فإن عدم الضم مناف
لوجوب خمس في الأصبع الرابعة أو الخامسة، ويرد بأن مراده بقوله: لم يضم أي: إلى ما بان من أصابع اليدين معاً، وقوله أو خمساً إن كان رابعاً أ، خامساً ليس مسبباً عن عدم الضم؛ بل عن اتحاد المحل، ولذا بينه بقوله: كما لو كان في كل يد على حيالها.
وقول ابن الحاجب: وقيل لا يضم شئ إلى ما قبله فيهما، قيل: ضمير فيهما عائد علي صنفي الأيدي والأرجل، وقيل: إلى اتحاد الفعل وحكمه، ولا يشترط في ضم الأصابع باتحاد الضربة كون ضمها لمثلها؛ بل لو كان لغير مثلها، فكذلك لنقل الشَّيخ عن الموازيَّة لو ضربت ويدها على رأسها فقطع لها أصبعان، وشجت منقلة؛ رجعت في ذلك لعقل نفسها.
قُلتُ: وكذلك رجلاها على ما فسرنا في اليدين.
محمد: وتضم الأسنان باتحاد الضربة، وفي ضمها باتحاد محلها قولا ابن القاسم.
أَصْبَغ: عدم الضم أحب إليَّ واختاره محمد.
الشَّيخ: لابن القاسم في المجموعة: لا تضم المواضح والمناقل إلا بكونها في فور واحد، ولو كانت المنقلة الثانية في موضع الأولى بعد برئها.
قُلتُ: هو قولها أيضاً.
الشَّيخ: عن أشهب: الفور الواحد يضمها كالسارق ينقل من الحرز قليلاً قليلاً في فور واحد لضعفه أو ليلاً يقطع هي سرقة واحدة.
وفيها: لا يضم بعض الخطأ إلى عمد اقتصت أو عفت.
ولابن رُشْد في سمَاع سَحنون من الديات: هذا قول ابن القاسم، وروايته لم يختلف في ذلك قوله.
وعن أشهب: يحسب عليها من أصابعها ما أصيبت به عمداً، وقاله سَحنون، وأبو إسحاق البرقي.
اللخمي: إن صالحت عن كل إصبع بأقل من خمس؛ لم تضم وإن صالحت عن كل أصبع بخمس الى عشر، عاد الخلاف المتقدم من قول مالك، وابن نافع وعبد الملك: ودية الخطأ الثابتة لا باعتراف تحملها العاقلة.
الشَّيخ: ومن كتاب آخر: حمل العاقلة الدية أمر قديم، كان في الجاهلية فأقره النبي?،وشرط الحمل بلوغ المحمول ثلث الدية.
وفيها: إن جنى مسلم على مجوسية خطأ ما لم يبلغ ثلث ديتها، أو ثلث ديته؛ جملته عاقلته، وكذا إن جنى على مسلمة ما لم يبلغ ثلث ديتها، حملته عاقلته، مثل أن يقطع لها أصبعين فتحمل عاقلته؛ لأنه أكثر من ديتها، ولو جنت امرأة على رجل ما لم تبلغ ثلث ديتها، حملته عاقلتها، وأصل هذا أن الجناية إن بلغت ثلث دية الجاني أو ثلث دية المجني عليه؛ حملته العاقلة.
الباجي: وهل يعتبر ثلث دية الجاني أو دية المجني عليه، فذكر عن رواية أشهب مثل قولها.
قال أشهب: قال ابن كنانة لمالك: الذي كان يعرف من قولك أن الاعتبار بدية المجروح، فأنكر ذلك، وبه قال ابن القاسم، ورواه يحيي عن لبن القاسم.
ابن زرقون: زاد أبو محمد في نوادره، قيل له، فالمرأة يقطع كفها، وفي ذلك أقل من ثلث دية الرجل، فقال: إنما ذلك بعد أن بلغت دية الرجل، ثم رجعت، فذلك على العاقلة.
ولمحمد عن ابن القاسم: لا تحمل العاقلة إلا ثلث دية رجل، يكون الجاني من كان، والمجني عليه من كان، ولفظ العتبيَّة في جواب مالك لابن كنانة: لقد كذب من قال هذا، ولقد حمل قولي على غير وجهه.
ابن رُشْد: هذا الذي أنكر، هو رواية ابن القاسم.
فيها: ورجح قصر الاعتبار علي ثلث أحدهما بالمجني عليه، ومثله للخمي.
قُلتُ: ففي قصر الاعتبار على ثلث دية أحدهما، أو ثلث دية المجني عليه ثلثها المعتبر ثلث دية الرجل، كان الجاني والمجني عليه من كان.
وفي التهذيب: إن جنى مسلم على مجوسية خطأ ما يبلغ ثلث ديتها، أو ثلث ديته؛ حملته عاقلته، وتعقب بامتناع تصور بلوغ الجناية عليها ثلث ديته بعدم فائدته، لاستلزامه ثلث ديتها.
وأجيب عن الأول بكونه بتعدد الجنايات عليها، وقد تقدم أن الدية في المرأة في ثمان عشرة، واستبعد ابن حارث: لو قتل مسلم نصرانيًا أو مجوسيًا خطأ، فذكر معروف المذهب في حمل عاقلة المسلم ديته.
قال: وسمع يحيى ابن القاسم: لا تحملها، وهم كالعبيد قل ذلك أو كثر.
وقال ابن رشد: هذا القول في هذا السماع؛ إنما هو لابن نافع، لا لابن القاسم؛ لأنه في الأصل، وسألت ابن نافع، وهو خلاف قول ابن القاسم.
وروايته في المدونة وغيرها: إلا أن يحمل على أهل الذمة من أهل العنوة، دون أهل الصلح؛ فيتخرج على أحد قولي ابن القاسم، أنهم كالعبيد المأذون لهم، ونقل اللخمي كابن حارث.
وفيها: مع غيرها والعمد ذو القصاص، وما دون الثلث في مال الجاني.
وفيها: وعقل المأمومة والجائفة عمدًا على العاقلة، ولو كان للجاني مال، وعليه ثبت مالك، وبه أقول، وكان يقول إأنها في ماله إلا أن يكون عديمًا؛ فتكون على العاقلة.
ابن زرقون: والرواية الثانية: أنها في ماله.
قُلتُ: وعزاه ابن هارون لظاهر دياتها.
وفيها: على الجاني الأدب، وكذا كل ما لا يستطاع القود منه، إذا بلغت الحكومة فيه ثلث الدية، ومن قطع يمين رجل عمدًا، ولا يمين له؛ فديتها في ماله، لا على العاقلة، وتقدم قولها: من شج رجلًا موضحة خطأ، فذهب من ذلك سمعه وعقله؛ فعلى عاقلته ديتان، ودية الموضحة؛ لأنها ضربة واحدة.
وتقدم قول ابن رشد: محل العقل عند مالك القلب، وهو قول المتكلمين من أهل السنة.
وقال ابن الماجشون: محله الدماغ، فعلى الأول من أصيب بمأمومة، فذهب منها عقله؛ فله دية المأمومة، ودية العقل العدم الإندراج باختلاف المحل، وعلى الثاني؛ إنما له دية العقل للاندراج باتحاد المحل، وتقدم أن المغلظة في مال الجاني على المشهور.
الشيخ: في الموازية روى ابن وهب: أن ابن عباس وغيره من الصحابة والتابعين
قالوا: العاقلة لا تحمل عمدًا ولا عبدًا ولا صلحًا ولا اعترافًا، وبه قال مالك، إلا أنه في الاعتراف ربما جعله كشاهد على العاقلة يوجب القسامة.
الشيخ: روى ابن عبدوس: لا تحمل العاقلة ما جنى المرء على نفسه، من عمد أو خطأ؛ لقول الله تعالى:{ومَن قَتَلَ مُؤْمِنًا خَطَئًا} [النساء: 92]، ولم يذكر قتله نفسه، وفي صلحها اختلف.
عن مالك في الإقرار بالقتل خطأ، فقيل: على المقر في ماله، وقيل: على العاقلة بقسامة.
في رواية ابن القاسم وأشهب: وفي دياتها، ومن أقر بقتيل خطأ؛ فإن اتهم أنه أراد غنى ولد المقتول كالأخ، والصديق لم يصدق، وإن كان من الأباعد صدق، إن كان ثقة مأمونًا، ولم يخف أن يرشى على ذلك.
ابن رشد: في رسم العتق من سماع عيسى من قال: قتلت فلانًا خطأ في كونه لوثًا؛ يوجب القسامة، والدية على العاقلة إن لم يتهم على إرادته غنى ولد المقتول، وكون الدية في ماله بغير قسامة، ثالثها: بقسامة.
قال: هذا إن كانت للمقتول حياة، وإن لم تكن له حياة؛ فلا قسامة اتفاقًا، هذا الذي يجب أن يحمل عليه قولها في الصلح.
عياض: على روايات ألأشياخ: لفظ مالك هنا تتحمل ثلاث روايات:
أولاها: الدية في ماله وحده دون قسامة، وقاله المغيرة، وابن الماجشون.
الثانية: على العاقلة بقسامة مات بغتًا أو بعد حياة، قاله ابن القاسم وأشهب وروياه، وظاهر ما هنا أنه لا شيء على الجاني منها، وتأوله بعض أصحابنا عن مالك في المسألة، وأن قول مالك في غير المدونة، هو كواحد منهم على الاستحسان، وما هنا وفي الديات فبينه.
والثالثة: ظاهر قول مالك هنا لا شيء عليه منها إلا بقسامة، فتأول بعض شيوخنا على أن عليه جميعها، وقاله ابن لبابة، وقيل: معناه أنه كواحد من العاقلة، إن أقسموا لزمه ما لزمهم، وهو رواية ابن المواز وابن عبدوس، وهو تأويل أكثر الشيوخ، فيكون
قولًا رابعًا.
والخامس: لا يلزمه إلا ما كان يلزمه مع العاقلة، ولا شيء عليها، ولا قسامة، قاله ابن دينار، وحكاه سحنون عن آخرين من أصحابه لم يسمهم، وذكره الجلاب عن رواية ابن وهب.
وسادسها: لغو إقراره رواه عبد الوهاب، وحكاه ابن ميسر عن ابن وهب، وابن القاسم.
ونقل قول ابن رشد: إن الخلاف في القسامة؛ إنما هو إن كانت له حياة بينة.
الشيخ: عن الموازية: العاقلة عشيرة الرجل وقومه، وفي الموطأ تعاقل الناس في زمن النبي صلى الله عليه وسلم، وفي زمن أبي بكر، قبل أن يكون ديوان؛ وإنما كان الديوان في زمن عمر، فليس لأحد أن يعقل عنه غير قومه ومواليه.
أبو عمر: كانوا يتعاقلون بالبصرة، فجرى الأمر على ذلك، حتى جعل عمر الديوان، واتفق القول بذلك.
الشيخ: عن الموازية: الكورة العظيمة عندي حضارة وحدها، إن كان فيها من يحمل ذلك، وإذا كانوا أهل ديوان؛ فالعقل على تلك العرافة التي تأخذ معهم، وإن كانوا من غير قبيلته.
قال أشهب: إن كان منهم من ليس في الديوان، لم يدخلوا مع من في الديوان، وإن كانوا كلهم من أهل الفسطاط، وإن لم يكن في أهل الديوان أقرب القبائل إليهم، وقاله أصبغ.
قال أشهب: وهذا في ديوان عطاؤه قائم، وأما إن انقطع؛ فإنما ذلك على قومه أهل ديوان أو منقطعين، وقاله مالك في الموازية والعتبية، من رواية أشهب: إن كان العطاء قائمًا؛ عقل معه من معه في الديوان من قومه، أو من غير قومه.
قُلتُ: وتمامها في سماعه: إن كان رجل من الأنصار في قريش؛ عقل عنهم وعقلوا عنه.
قُلتُ: أيعينهم قومهم ممن ليس معهم في الديوان، قال: ما يفعلون؟ قلت: أفتراه،
قال: نعم، وقد انقطع الديوان.
وقال ابن رشد: هذا خلاف ظاهر المدونة من قول مالك؛ إنما العقل على القبائل، كانوا أهل ديوان أو لا، فجعل على هذا السماع أهل الديوان الواحد، كقبيلة من القبائل، وإن كانوا من قبلئل شتى، فإن لم يكن فيهم من يحمل العقل؛ ضم إليهم قومهم من غير أهل الديوان الأقرب فالأقرب.
الشيخ: روى ابن وهب: ليس في أموال العاقلة حد إذا بلغته لزمتهم، وإن قصروا عنه لم تلزمهم.
وروى الباجي: لا حد لعدد من تقسم عليهم الدية من العاقلة؛ وإنما ذلك باجتهاد.
وعن سحنون: إن كانت العاقلة ألفًا، فهم قليل فيضم إليهم أقرب القبائل إليهم.
قال ابن الحاجب: وألحق بالعصبة أهل الديوان.
ابن عبد السلام: يحتمل أن يريد أن أهل الديوان ممن يؤدي الدية من حيث الجملة، لا أنهم يؤدونها مع العصبة، ويحتمل أن يريد أنهم مع العصبة سواء.
ثم قال: ظاهر قول مالك وأشهب وأصبغ: أن الديوان مقدم على العصبة، وهو يأتي على الاحتمال الأول.
وسمع أصبغ ابن القاسم: ويعقل المولى الأعلى، وفي الموطأ ليس لأحد أن يعقل عنه غير قومه ومواليه؛ لأن الولاء لا ينتقل.
وقال صلى الله عليه وسلم: "الولاء لمن أعتق"، قال مالك: فالولاء نسب ثابت.
الباجي: إن كان المولى من أهل ديوان آخر، ففي الموازية يعقل عنه أهل ديوانه، وإن لم يكونوا من قبيلته.
أشهب وأصبغ: إن كان فيهم من ليس من أهل الديوان، لم يدخلوا مع من في الديوان، وليضم إليهم أقرب القبائل إليهم من أهل ديوانهم.
الشيخ: روى محمد: من أسلم ولا قوم له، فالمسلمون يعقلون عنه.
اللخمي: إن كانت له عاقلة قليلة؛ لم يكن فيها ما تحمل لقلتهم حمل عليهم ما يحملونه، وما بقي على بيت المال، وفي ولائها ولد الملاعنة ينسب إلى موالي أمه، فهم يرثونه ويعقلون عنه.
وفي دياتها: وإن قال ابن الملاعنة دمي عند فلان، فإن كانت أمه معتقة؛ فلمواليها أن يقسموا ويستحقوا الدم في العمد والدية في الخطأ، وإن كانت من العرب؛ أقسمت في الخطأ أمه وأخوته لأمه، وأخذوا حظهم في الدية، وإن كان عمدًا؛ فلا قسامة فيه، وهو كمن لا عصبة له، فلا يقتل إلا ببينة.
قُلتُ: وكذا ولد الزنا.
ابن المواز: أجمع العلماء أن الموالي من الأسفل، لا يعقلون مع من أعتقهم.
قال: وهو معنى قول ابن القاسم.
ابن رشد: وقاله سحنون، وليس قول ابن المواز بصحيح؛ بل يعقلون معهم على سماع أصبغ ابن القاسم هذا، ومثله لابن كنانة في المدنية.
وفي كتاب الجنايات من المدونة: وهو قوله في المبتل في المرض، إذا لم يكن لسيده أموال مأمونة، أن جنايته جناية عبد؛ لأن العاقلة لا تحمل له جريرة حتى يحمل، هو مع العاقلة ما لزم العاقلة من الجرائر.
قُلتُ: في أخذه من هذا نظر، لاحتمال أن يريد بالعاقلة عاقلة قومه وعشيرته، لا عاقلة معتقه، وهذا الأخذ من المدونة سبقه به ابن حارث قال: واعتلال سحنون في ذلك بأنهم لا يرثونه لا يصح، إذ ليس العقل مرتبطًا بالميراث؛ لأن الرجل يعقل عمن لا يرثه من عشيرته، وكما يعقل عنه من لا يرثه من قبيلة مولاه، فكذا يعقل هو عن من لا يرثه من قبيلة مولاه، وسائر قبيلته، والعقل في هذا بخلاف القيام بالدم، لا حق للمولى الأسفل في القيام به.
الباجي: ويؤدي الجاني مع العاقلة، قاله مالك ومن أصحابنا من قال هذا
استحسان، وليس بقياس.
قُلتُ: ومقتضى عزوه عدم دخوله لبعض الأصحاب؛ أنه لا يحفظه رواية خلاف قول ابن شاس في دخول الجاني في التحمل روايتان، وتبعه ابن الحاجب، وقبله ابن عبد السلام وابن هارون.
ونقله اللخمي معبرًا عنه بقوله: وقيل لا يدخل، وعليه إن لم يكن له عاقلة تسقط الجناية، وعلى الأول إن لم يجد من يعينه فيما عادت عليه.
وقيل: على بيت المال، فإن لم تكن أو عسر تناولها، كانت عليه.
ابن الحاجب: ويبدأ بأول الديوان، فإن اضطر إلى معونة أعانهم عصبتهم.
قُلتُ: كذا وجدته في غير نسخة، بلفظ عصبتهم، يجمع الضمير المضاف إليه عصبة، وكذا هو في نسخة شرح ابن عبد السلام وابن هارون، ثم فسراه: بأن أهل الديوان يستعينون بعصبة الجاني، وهو خلاف مدلول جمع الضمير، لكن ما فسراه به هو المنقول في المذهب.
قال ابن عبد السلام: ظاهره أنهم يستعينون بعصبته الذين ليسوا معه في الديوان، وقد قدمنا فوق هذا خلافه.
قُلتُ: الذي تقدم له عن مالك ومن معه: أن أهل الديوان مقدمون على عصبة الجاني، حسبما ذكرناه من نقل ابن رشد الاختلاف في ذلك، ومعنى ذلك إذا قوي أهل الديوان على حمل الدية، وهذه المسألة؛ إنما هي إذا عجز أهل الديوان عن حملها، ولا خلاف في استعانتهم بعصبته، فتأمله.
الشيخ: عن الموازية من رواية ابن وهب: إن لم يكن ديوانه على فخذ الجاني، إن كان فيهم محمل، وإلا ضم إليهم الأقرب فالأقرب من قبائلهم، إن كانوا أهل بلد واحد مثل مصر أو الشام.
الشيخ: والصقلي لابن سحنون عنه: يضم عقل إفريقية بعضهم لبعض من اطرابلس إلى طبنة.
قُلتُ: كثيرًا ما تصحف الطلبة، وبعض جهلة المدرسين والكتبة، لفظ طبنة
فيقولون: طنجة بنون بعد الطاء وجيم، والذي قيدناه ووجدناه في النسخ العتيقة طبنة بباء موحدة من أسفل بعد الطاء ونون بعدها، وذكر لي أنها قرب بجاية.
قال ابن الحاجب: ويبدأ بالفخذ، ثم البطن، ثم العمارة، ثم العصبات، ثم القبيلة، ثم أقرب القبائل.
قُلتُ: ما ذكر من أسماء درجات العصبة، تقدم الكلام عليه في فصل درجات الأولياء في النكاح، ولا فائدة فيه في الموضعين إلا معرفة مدلول هذه الألفاظ باعتبار البعد والقرب، والروايات واضحة في كتاب الولاء والنكاح، بتأخر درجة المولى الأعلى عن العصب، ثم المولى الأسفل، ثم بيت المال، إن كان الجاني مسلمًا، قاله في الولاء منها وغيرها.
الشيخ: روى محمد: عاقلة النصراني واليهودي والمجوسي أهل إقليمه الذين يجتمعون معه في أداء الجزية، فإن عجزوا ضم إليهم أقرب القرى منهم، من كورهم كلها.
قال سحنون: إذا لزمتهم بمدينة قيروان إفريقية، دخل فيها من بإفريقية من اليهود الذي يحملون معهم الخراج.
قُلتُ: هو مقتضى قولها في الولاء، إن كان عبد نصراني بين مسلم ونصراني؛ فأعتقاه ثم جنى جناية، فنصفها على بيت المال لا على المسلم؛ لأنه لا يرثه، ونصفها على أهل خراج الذمي، الذين يؤدون معه.
قال ابن عبد السلام، في قول ابن الحاجب: ولا يعقل بيت المال عن أهل الذمة، فيه نظر؛ لأن بيت المال قد يرث الكافر إذا أعتق، ولم تكن له ورثة.
قُلتُ: ظاهره أنه إذا أعتق، ولم يكن له ورثة أن بيت المال تعقل عنه مطلقًا، وليس كذلك، لما تقدم من قولها في العبد النصراني بين المسلم والنصراني.
الشيخ: عن المجموعة، قال المغيرة: إن كانوا أهل صلح فعليهم، وإن اختلفت قبائلهم.
اللخمي: قول الموازية: إن كان من أهل صلح، فالعقل على أهل ذلك الصلح،
ولو قتل حربي دخل بأمان مسلمًا خطأ في كون ديته على أهل كورته، فإن أبوا؛ فعليه ما لزمه معهم، أو عليه في ماله.
روايتا البرقي وسحنون عن أشهب، وعزا أبو زيد الأول لابن القاسم، وفي دياتها ويحمل الغني من العقل بقدره، ومن دونه بقدره، وذلك على قدر طاقة الناس.
قال ابن القاسم: ولم يحد مالك في ذلك حدًا، وقد كان يحمل الناس في أعطياتهم من كل مائة درهم درهم ونصف.
الشيخ: عن ابن حبيب: إنما يوصف على قدر المال والسعة، وذكره الشيخ عن أشهب، وفي النوادر، وظاهره من رواية ابن وهب، وأكره أن يبعث السلطان فيما تحمله العاقلة من يأخذه، فيدخل فيه فساد كبير.
الشيخ: روى محمد: المجتمع عليه عندنا، أنها على أحرار الرجال البالغين، وفيها زيادة المسلمين، وفيما يأتي زيادة حضور القسم؛ يريدون في بعيد الغيبة ليحمل حاله.
اللخمي: من كان منقطع الغيبة، لا يدخل في العاقلة، ومن خرج لحج أو غزو دخل إذا قدم.
الباجي: عن ابن حبيب، وهي على السفيه المولى عليه بقدر حاله.
الشيخ: عن محمد ابن القاسم: وليست على المديان.
ابن الماجشون: ولا على معدم.
ابن حارث: اتفقوا على أنه لا ينظر إلى العاقلة يوم الموت؛ بل يوم الفرض، وأنها إن فرضت، ثم كبر الصبي، وأيسر العديم، وأفاق المجنون؛ أنه لا يرجع على أحد من هؤلاء بشيء.
الشيخ: عن عبد الملك: ولا يؤتنف فيها بعد قسمها حكم؛ لعدم يحدث بعد ملاء أو يسار بعد عدم، أو قدوم غائب أو عتق أو احتلام.
ابن حارث: إن مات بعض من فرضت عليه الدية أو أفلس، فسمع يحيى ابن القاسم: لا يؤخذ ذلك من تركته، ولا يحاص به الغرماء.
ولابن سحنون عنه مع عبد الملك: هي كدين توخذ من تركته، ويحاص
بها غرماؤه.
ابن حارث: لو كان بعض العاقلة بالحاضرة، وبعضها بالبادية في ضمها وعدمه، ويضم لتمام عاقلة الجاني بالحاضرة، إن كان حضريًا الأقرب إليهم حضريًا، ثالثها: يضاف الأقل من ذلك للأكثر، لقول أشهب، ولرواية ابن القاسم مع ابن وهب، وقول أشهب وعبد الملك.
قُلتُ: عزاه الشيخ له، ولأشهب قائلين: إن كانا متناصفين حمل كل فريق ما هم أهله، ورواه ابن وهب.
ولأشهب: أهل القرى، وأهل باديتهم يحملون جميعًا العقل عن الجاني، إن كان شاميًا، وأرى أن لا يكلف البادي الدنانير، وتقبل منه الإبل بقيمتها.
وفيها: ومصر والشام أجناد جندت لا يعقلون أهل مصر، مع أهل الشام، ولا أهل الشام مع أهل مصر.
اللخمي: أراد بذلك أهل الكور ومصر، من أسوان إلى الأسكندرية، وذكر متقدم قول سحنون في إفريقية.
وقال أشهب في الموازية: من وجبت عليه دية، وهو من أهل الفسطاط، لا يدخل في ذلك جميع عمل مصر، وذلك على من هو بالفسطاط، وإن لم يكن في قبيل القائل من يحمل ضم إليهم أقرب القبائل ممن بالفسطاط.
وسمع يحيى ابن القاسم: من ارتحل من البلدة التي وجبت فيها الدية على الجاني قبل فرضها؛ فلا شيء عليه منها لا خلاف أحفظه فيه، إلا أن يرتحل فرارًا منها فيلحقه حكمها حيث ما كان، قاله ابن القاسم وغيره.
ومن أدركه قسم ببلد انتقل إليه قبل القسم دخل فيه مطلقًا، وأشار بعضهم إلى تخريج شرط، تقدم انتقاله على القسم بأربعة أيام، على مسألة حبس، على جذماء بلد قدم عليه مثلهم قبل قسم الحبس.
وفيها: مع قول مالك في الموطأ: إنه سمع أن الدية تقطع في ثلاث سنين أو أربع سنين.
قال مالك: والثلاث أحب إلي الباجي، هذا حكم كل الدية وبعضها في حلوله وتأجيله روايتان.
القاضي عبد الوهاب: وعلى التأجيل ثلثها في سنة، وثلثاها في سنتين.
الباجي: الجلاب: في النصف والثلاثة الأرباع روايتان: إحداهما في سنتين، والثانية ترد إلى الاجتهاد.
محمد: بالأولى أخذ أصحاب مالك إلا أشهب في النصف.
قال: يؤخذ منه الثلثان إذا مضت سنة، وباقيه إذا مضت السنة الثانية.
وقال محمد: الثلاثة الأرباع في ثلاثة أعوام، وقاله ابن القاسم في المدونة، إلا أنه قال في خمسة أسداسها يجتهد الإمام في السدس الثاني.
محمد: إذا جازت الثلثين بأمر بين؛ فهي كالكاملة، وإن جازته باليسير، فهو كلا شيء، وغذا قلنا ما زاد على الثلثين يقطع في ثلاثة أعوام.
فقال أشهب: في كل سنة يقطع ثلثه، وإن لم يكن له بال في سنتين، واستحسن أن تكون الزيادة في آخر السنتين.
قال: وإن كانت ثلثها وزيادة يسيرة؛ فهي في سنة، وإن كان لها بال؛ ففي السنة الثانية، قاله كله سحنون.
وفيها: مع غيرها أجزاء الموزعة لتعدد جناتها بأجزاء لا تحمل في ثلاث سنين، وكذا في اتحاد جاز له عواقل؛ لكونه معتقًا لمن هم منها.
الباجي: لابن سحنون عنه: إن لزمته الدية عواقل عشرة؛ لزم كل قبيلة عشرها في ثلاث سنين، وكذا لو كانت دية مجوسي.