الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أحدها لابن حبيب عن ابن القاسم: يحلفون يمينًا واحدة، ويستحقون الدية.
وقال مالك: وأشهب وابن عبد الحكم: يحلف المدعى عليه خمسين يمينًا، ويبرأ.
وفرق ابن القاسم في الموازية، فقال: إن لم يكن إلا قوله: دمي عند فلان، فلا قسامة فيه، وإن قام لولاته شاهد بالقتل حلف ولاته يمينًا واحدة، وأخذوا الدية، وضرب مائة، ويسجن سنة.
وحكى ابن رشد عن المغيرة: أن ولاته يقسمون يمينًا ويستحقون ديته الدية.
وقال مالك وأشهب، وابن عبد الحكم: يحلف المدعى عليه خمسين يمينًا ويبرأ.
وفرق ابن القاسم في الموازية لو أن نصرانيًا جرح فأقام أيامًا، ثم مات حلف ورثته يمينًا واجبة.
في الموازية فقال: إن لم يكن إلا قوله: دمي عند فلان، فلا قسامة فيه، وهذا مع الشاهد الواحد، وهو غريب.
الشيخ: لابن القاسم في الموازية: لو أن نصرانيًا جرح فأقام أيامًا ثم مات؛ حلف ورثته يمينًا واحدة لمات من جرحه أو من ضربه، إن كان ضربه، واستحق ديته وكذلك العبد.
اللخمي: إن ثبت جرحه بشاهدين فنزي فيه فمات بعد أيام، فقال ابن عبد الحكم: يحلف ولاته يمينًا واحدة، ويستحقون ديته.
قُلتُ: وهو نص النوادر.
قُلتُ: زاد في الواضحة: فإن نكل وليه، لم يكن له إلا عقل الجرح، إن كان فيه عقل، رواه أصبغ عن ابن القاسم، وقال: قاله مالك.
[باب في اللوث]
اللوث: سمع القرينان، هو الأمر الذي ليس بالقوي.
وفيها مع غيرها: قول الميت بالغًا عاقلًا مسلمًا حرًا، ولو كان مسخوطًا أو امرأة: قتلني فلان، ولو كان صبيًا أو عبدًا أو ذميًا أو امرأة عمدًا لورث.
وفيها: إن قال المقتول: دمي عند فلان، فذكر رجلًا أورع أهل زمانه؛ أقسم مع قوله.
ابن حارث: إن رمى بدمه متهمًا مسترابًا، أقسم بقوله اتفاقًا، وقتل المرمي، وإن رمى بذلك أصلح أهل بلده ممن لا يتهم، فأكثر أصحاب مالك على قبول قوله، ويقسم ورثته ويقتلونه.
وقال ابن عبد الحكم: لا أقول في ذلك بقول ابن القاسم، ولا أرى قبول قوله.
قال ابن سهل: ترك يحيى بن عبيد الله العمل بقول ابن القاسم وغيره، في هذا وصار إلى قول ابن عبد الحكم، وكثير من مسائله على غير مذهب مالك وأصحابه؛ لأن تتمته على محمد ابن إدريسي الشافعي في كثير من مسائله.
وقال اللخمي: قول ابن عبد الحكم صواب.
قال: واختلف إن قال ذلك على عدوه، وفيه شبهة، فيصح أن يقبل؛ لأن عدو الإنسان يفعل ذلك بعدوه، ويصح أن يقال: لا يقسم لتهمته إذا نزل ذلك به أن يستشفي من عدوه.
وفي اختصار الحريرية، وقال عبد الرحمن بن أحمد بن بقي بن مخلد: أنه متوقف عن القول في التدميات.
قُلتُ: ففي إعمال قول الميت: دمي عند فلان مطلقًا ولغوه، ثالثها: ما لم يدعه على من لا يليق به لفضله، وصلاحه لمالك وأصحابه، وعبد الرحمن بن بقي، وابن عبد الحكم مع يحيى بن عبيد الله.
وظاهر المذهب أن الزوجة في تدميتها على زوجها كالأجنبية.
ولابن هشام وابن عات، عن ابن أبي زمنين عن المغامر عن ابن مزين: إن دمت المرأة على زوجها، لم يكن عليه قود؛ لإذن الله له في ضربها.
وقال صلى الله عليه وسلم: "ادرأوا الحدود بالشبهات". قال ابن مزين: هذا الذي تعلمناه من
شيوخنا.
قلت: وفي شرط إعمال قوله: قتلني بظهور اثر الضرب به إضطراب.
اللخمي: اختلف إن قال قتلني عمداً، ولا جراح به وأبين ذلك، أن لايقسم مع قوله إلا أن يعلم أنه كان بينهما قتال، ويلزم الفراش عقب ذلك أو يتصرف تصرف متشك عليه دليل المرض، وتمادى به ذلك حتى مات.
قلت: في آخر سماع عيس، سئل ابن كنانة عمن قال لرجال: اشهدوا أن فلاناً سقاه سماً، وهو في جوفي إن مت فدمي عنده.
قال: لا قسامة في مثل هذا إلا في الضرب المشهود عليه، أو الآثار البينة من الجراح والضرب.
ابن رشد: هذا خلاق نص سماع أبي زيد.
ابن القاسم: ودليل على قوله في رسم أول عبد ابتاعه من سماع يحيى.
وقول ابن كنانة: إلا في الضرب المشهود عليه بذلك؛ يريد: الضرب الذي يثبت بالشهادة، فلو شهد على قوله شاهد واحد أنه ضربه فمات من ضربه، ولم يظهر به أثر منه، أو أنه سقاه سماً فمات منه، ولم يظهر لذلك أثر فيمن أصابه؛ لم تجب به قسامة كما لا تجب بذلك مع قول المقتول.
وقال أصبغ: تجب القسامة في ذلك مع قول المقتول، كما تجب فيه مع الشاهد الواحد.
فإحتجاج أصبغ لا يلزم أبن كنانة؛ وإنما يلزم ذلك من يفرق بين الوجهين؛ فيتحصل ثلاثة أقوال:
أحدها: لاتجب إن لم يكن بالمقتول أثر لا بشاهد واحد، ولا بقول المقتول، وهو قول ابن كنانة.
والثاني: ثبوتها فيهما معاً، وهو قول أصبغ.
والثالث: تجب مع الشاهد الواحد لا مع قول المقتول، وإذا أعملت التدمية دون أثر؛ فإنما تعمل بعد موته في إيجاب قتل المدعى عليه بالقسامة، وأما في حياته؛ فلا يسجن المدعى عليه؛ لأنه يتهم على أنه أراد سجنه بدعواه.
وقول ابن كنانة أظهر من قول ابن القاسم؛ للإختلاف في أصل المذهب، إذ لم يتابع مالكاً على قوله بإيجاب القود إلا أصحابه.
قلت: في قوله هذا خلاف نص سماع أبي زيد نظر وهذا؛ لأن الخلاف إنما هو في التدمية التي لا يعلم فيها سبب حسي يستند إليه قول المدمي، ولذا قيل فيها التدمية البيضاء.
وسماع أبي زيد هو قوله، وعن رجل ركض رجلاً برجله فى البطن، فمكث أياماً، فزعم أنه يجد من الركضة على فؤاده أمراً شديداً-قال" يخوف ويذكر الله، فإن أصر وقال: والله مازلت من يوم ركضنى بشر، وما قتلني إلا ركضه-أقسموا معه واستحقوا دمه، إن كان مضطجعاً من يوم ركضه حتى مات، وإن لم يضطجع إذا رأي به ضرر ذلك، وشبهه كان بمنزلة الاضطجاع.
قلت: وهذا كالنص في أن صورة المسألة أنه ثبت ركض الرجل إياه، وهذا سبب حسي يصح استناد قول المدمي له.
قلت: ففي إعمال التدمية البيضاء ولغوها قولان لابن رشد عن أصبغ، مع دليل سماع يحيى، ونقل ابن سهل عن عيسىبن دينا في تفسير ابن مزين، وأخذه ذلك من إطلاق الروايات.
وعن أصبغ لقوله من قال: سقاني فلان سماً ومنه أموت.
وقول ابن كنانة، مع إختيار اللخمي وابن رشد، وبه العمل، وتقدمت حكاية اللؤلؤي في مسألة الإيمان اللازمة.
وفي إعمال قوله: دمي عند فلان خطئاً روايتان لها، وللخمي عن محمد قائلاً لتهمته أنه أراد إغناء وارثه، وإلى قبوله رجع مالك، كذا نقله الباجي والمشهور الأولى.
قال اللخمي: وهي أحسن، إن كان جرحاً إلا أن يقوم دليل على كذبه.
قلت: هذا يختلف فيه.
وفيها: إن قال: دمي عند فلان عمداً أو خطأ، فلأوليائه أن يقسموا ويقتلوا في العمد، ويأخذ الدية في الخطأ، وليس لهم أن يقسموا على خلاف ما قال الشيخ عن.
فى الموازية: إن إدعى الورثة خلاف قول الميت؛ فلا قسامة لهم، ولا دية ولا دم ولا لهم أن يرجعوا أن يرجعوا إلى قول الميت، هذا قول أشهب في المجموعة، وقال: قال ابن القاسم.
فيها: إن إدعوا خلافه، فليس لهم أن يقسموا إلا على قوله، ولم أسمعه من مالك.
وفيها: وإن قال: قتلني ولم يقل عمداً ولا خطأ، فما إدعاه ولاة الدم من عمد أو خطأ، أقسموا عليه واستحقوه.
ابن حارث: قال ابن عبد الحكم: روي عن ابن القاسم في المجالس أحسن هذا أن قوله باطل.
اللخمي: اختلف في ذلك، فذكر قول ابن القاسم هذا.
قال: ولمحمد عنه في كتاب القسمة، قيل لابن القاسم: إن إجتمع ملؤهم على العمد فوقف.
وقال: أحب إلي أن لا يقسموا إلا على الخطأ.
وقال: في الإقرار يكشف عن حال المقتول وجراحه وموضعه، وحالة القتل، وهل كان بينهما عداوة، فيستدل بذلك حتى يظهر أمره، فيقسموا عليه، فإن عليه، فإن لم يظهر عمد ولا خطأ، لم يلتفت إليه.
اللخمي: وهذا أحسن.
وتعداد الضربات يدل على العمد: وفيها: إن قال بعضهم: عمداً وبعضهم: خطأ.
فإن حلفو كلهم استحقوا دية الخطا بينهم بطل القتل، وإن نكل مدعو الخطأ فليس لمدعي العمد أن يقسموا ولا دم لهم ولا دية.
اللخمي: لأشهب في الموازية: إن حلف جميعهم، فلمن أقسم على الخطأ حظه على
العاقلة، ولمن أقسم على العمد حظه من مال القاتل.
اللخمي: وهو أحسن وينبغي أن يكون حظهم من الأقل من الأرباع خمساً وعشرين من كل صنف.
ولمالك في كتاب الإقرار يقسم مدعو: الخطأ خمسين يميناً، ويكون لهم حظهم من الدية، كما لو قال بعضهم خطأ، ونكل بعضهم، فإن رجع الذين قالوا عمداً إلى دية الخطأ، فذلك لهم، وأباه أشهب وهو أحسن، وكل هذا إن استوت منازلهم، واختلف إن إختلفت.
ففي الموازية: إن ترك ابنة وعصبة، فقال: العصبة عمداً والابنة خطأ سقط دمه، ولا قسامة فيه؛ لأنه إن كان عمدا، ً فإنما ذلك للعصبة، ولم يثبت لهم ذلك الميت، وإن كان خطأ؛ فإنما فيه الديه، ولم يثبت أنه كان خطأ، ويقسم المدعي عليه ما قتله عمداً ويجوز دمه.
محمد: إن ادعى العصبة كلهم العمد، لم ينظر إلى قول ورثته من النساء؛ إذا لا عفو لهن مع الرجال.
وإن قال: العصبة كلهم خطأ، وقال: النساء عمداً-أقسم العصبة خمسين يميناً وثبت حظهم من الدية.
مالك: إن قال قتلني فلان خطأ أو عمداً، لأوليائه أن يقسموا على قوله، ويأخذوا الدية في الخطأ، ويقتصوا في العمد.
وفيها: إن قال بعضهم عمداً، وقال بعضهم: لا علم لنا بمن قتله ولا نحلف، فإن دمه يطل.
اللخمي عن ابن القاسم في العتبية: لو قال إثنان قتل عمداً، وقال بعضهم لا علم لنا، أو قال جميعهم عمداً، ونكل بعضهم أن لمن قال عمداً أن يحلفوا ويستحقوا حظهم من الدية.
قال: وإنما نكولهم عن القسامة قبل أن يجب الدم كعفوهم عنه بعد أن وجب فيصير لمن بقي حظه من الدية ويسقط القتل، وهو أحسن ولا يسقط قول مدعي العمد
بخلاف من قال: لا علم لنا، ومتى سقط إستحقاق الدم بنكول إختلاف، فإن الأيمان ترد، ويحلف المدعي عليه القتل.
وفيها: إن قال بعضهم خطأ، وقال الباقون لا علم لنا، أو نكلوا عن اليمين-حلف مدعو الخطأ وأخذوا حظهم من الدية، ولا شئ للآخرين، ثم إن أراد الآخرون أن يحلفوا بعد نكولهم، ويأخذوا حظهم من الدية، لم يكن لهم ذلك.
ولفظها في الجلاب: حلف مدعو الخطأ خمسين يميناً، واستحقوا حظهم من الدية.
إبن شاس: وقال الشيخ أبو بكر: القياس أن لايقسموا
وسمع يحيى ابن القاسم: من قال دمي عند أبي أقسم على قوله، ولم يقد منه وغلظت الدية في مال الأب.
قال: ولوقال: أضجعني أبي فذبحني أو بقر بطني، أقسم بقوله، وقتل الأب إن شاء الأولياء.
قال أشهب: لايقتل في العمد والد ولا والده بالقسامة، وأرى ذلك مالاً، وقد رأى أهل العلم -قتل عشرة بواحد، ولم يروا أن يقتلوا في القسامة عشراً.
ابن حارث: اتفقوا على أنه إن شهد شاهدان أن فلاناً جرح فلاناً، أو ضربه فعاش المجروح أو المضروب، وأكل وشرب، ثم مات؛ أن لورثته أن يقسموا ويستحقوا دمه ما لم ينفذ الجرح مقاتله، فإن أنفذها، فلا قسامة فيه، وهو كالمقتول قعصاً، وإن لم ينفذ مقاتله، وشهد به شاهد واحد فقط.
فقال ابن القاسم في كتاب الديات: لورثته القسامة.
وقال في العتبية: لا قسامة فيه.
وقال سحنون: هذا أصل تنازعه الرواة، قال بعضهم: يقسم به، وقال بعضهم: لا يقسم به، وأن يقسم به أحسن.
قلت: ما نقله عن العتبية هو سماع يحيى ابن القاسم، قال فيه ابن رشد: هذا خلاف نص قوله في المدونة، وفي نوازل سحنون، فعلى القول بالقسامة فيه يحلفون لقد جرحه وقلد مات من جرحه، ولا يحلفون مع الشاهدين على الجرح إلا لقد مات من ذلك
الجرح، ومع الشاهد على القتل، فيحلفون لقد قته، فتفترق الثلاثة الأوجه من صفة الإيمان.
ولما ذكر ابن عبد السلام القولين في القسامة بشهادة الواحد بالجرح أو الضرب قال: وإذا مكناهم من ذلك، فهل يكتفي بخمسين يميناً، لقرد ضربه ولمات من ضربه أو يحلفون يميناً واحدة لقد ضربه، ثم يحلفون خمسين يميناً لمات من ضربه؟.
وقد يجري على الحقوق المالية في الاستحقاق بشاهد واحد، هل يجمع في يمينه بين فصلي تصحيح شهادة الشاهد، وفصل الإستحقاق، أو يحلف لكل واحد من الفصلين يميناً مستقلة؟ في ذلك نظر.
قلت: ظاهر كلام ابن رشد أو نصه؛ أنه يحلف على الجرح والموت منه في كل يمين من الخمسين.
وقوله: وقد يجري على الحقوق المالية يقتضي أن الحكم فيها عنده واضح، فقوله أخيراً فيه نظر خلاف ذلك.
وفي ترجمة جامع الدعاوي من ابن سهل: من قام له شاهد واحد باستحقاق شئ، حلف مع شاهده إن حقي لحق، وحلف ما باع ولا وهب ولا خرج من يده بوجه، فجعل عليه يمينين.
قاله ابن حيبي عن مطرف وأصبغ.
وفي رسم الرهون من كتاب الرهون من العتبية مثله، والذي جرى به العمل جمع الدعاوي في اليمين الواحدة.
وكان شيخنا ابن عتاب يقول: من وجبت عليه يمين في دعوى وردت عليه يمين، فلابد له من يمينين، وحكاه عن شيخة أبي المطرف وغيره من الشيوخ، وخالفه في ذلك أو عمر بن القطان.
وقال ابن رشد في السماع المذكور: ويختلف في القسامة مع الشاهد الواحد على إقرار القاتل بالقتل عمداً.
قال أشهب: في ذلك القسامة.
ولابن القاسم في الموازية: لاقسامة، ومثله في آخر سماع سحنون، وهو ظاهر المدونة، وأصلح سحنون ما فيها ورده لمثل قول أشهب؛ لأن ابن القاسم قال فيها: وهذا عندي مخالف للدم، زاد سحنون في ذلك دم الخطأ على وجه التفسير، وهو خلاف نصه في الموازية في إقراره بالقتل عمداً، وإذا قاله في العمد فأحرى في الخطأ.
واختلف قوله أيضاً في القسامة مع الشاهد الواحد على إقرار القاتل بقتل خطأ في سماع سحنون، وإذا قاله في الخطأ فأحرى أن يقوله في العمد، ففي إيجاب القسامة فيهما، ثالثهما: الفرق بين العمد والخطأ، وإليه ذهب سحنون، وعليه أصلح المدونة، وهو أظهر الأقول.
وأما القسامة مع الشاهد على القتل أو الشاهدين على الجرح أو على قول المقتول: دمي عند فلان فثابته في المذهب إتفاقاً، وفي آخر دياتها إن شهد رجل أن فلاناً قتل فلاناً بالسيف، وقال آخر إنه قتله بحجر- فذلك باطل، ولا يقسم بذلك.
الصقلي عن سحنون: هذا إن ادعى الولي بشهادتهما معاً وإن إدعى بشهادة أحدهما، ففيه القسامة مع ذلك الشهاد.
قلت: ولايبعد تخريج الخلاف في قيامه بهما من الشاذ في ضم الشهادتين المختلفتين في الأفعال، وقد تقدم تحصيلها.
ابن حارث: الشاهد الواحد العدل لوث إتفاقاً، والذي ليس بعدل.
قال ابن القاسم: ليس بلوث، وسمع أشهب أنه لوث.
قال ابن رشد: معناه في الشاهد المجهول الحال الذي لا يتوهم فيه جرحة، ولا عدالة؛ إذ من أخل العلم من يحمل الناس على العدالة حتى تعلم جرحته، وأما الذي يتوهم فيه الجرحة، فليس بلوث على مذهبه في هذا السماع؛ لقوله بعد هذا ليس العبد لوثا.
يريد: ولو كان عدلاً، وكذا الصبي على هذا السماع.
وقال في المرأة بعد هذا: إنها لوث.
وروي مطرف: إن اللوث اللطخ البين مثل اللفيف من النساء والسواد والصبيان.
قال مطرف: وقتل بذلك عندنا بالمدينة.
قال مالك: ومثل الرجلين والنفر يشهدون على ذلك، وهم غير عدول، وليست روياة مطرف هذه بخلاف لرواية أشهب.
وقد روى ابن وهب: اللوث الشهادة غير القاطعة من شهادة النساء وشبهها قال: ومثل أن يرى المتهم بحذاء المقتول وقربه، وإن لم يكونوا رأوه حين أصابه.
قلت: نقله الجلاب بلفظ: غن وجد قتيل، وبقربه رجل مع سيف، أو بيده شئ من آلة القتل، أو عليه شئ من دم المقتول، أو عليه أثر القتل؛ فهو لوث يوجب القسامة.
قال: وفي شهادة النساء روايتان.
قال ابن الحاجب ما نصه: وفي العدل بالجرح أو الضرب بمعاينة القتل دون ثبوت القتل قولان.
ابن هارون: أي دون القتل بشاهدين، وتقدم الخلاف العدل بالضرب أو الجرح.
قلت: فألزمه التكرار.
قال: وإن كان بمعاينة القتيل والقسامة إتفاقاً.
قال: فقوله قولان وهم، وحمله ابن عبد السلام على أنه دون ثبوت موت المجروح، وهو باطل؛ لأنه يؤدي إلا إرثه، وتزويج زوجته دونثبوت موته، وهو باطل.
قلت: الأقرب حمله على معنى قول ابن شاس مانصه فرع، إن لم يقم على الضرب والجرح إلا شاهد واحد.
فقال ابن القاسم: يقسم معه، وقال غيره: لايقسم على ذلك، حتى يثبت أصل الجرح والضرب.
قلت: لأنه يشبه تدمية بيضاء، ويؤيده ما علم من إختصار كلام ابن شاس.
اللخمي: وبالسماع المستفيض.
قال ابن القاسم: مثل ما لو أن رجلاً عدا على رجل في سوق علانية، مثل سوق
الأحد، وما أشبهه من كثرة الناس والغاشية، فقطع كل من حضر عليه الشاهدة -فرأى من أرضى من أهل العلم، أن ذلك إذا كثر هذا، وتظاهر بمنزلة اللوث يجب معه القسامة.
أبو عمر: القول بأن الواحد لوث، وإن لم يكن عدلاً ضعيف لا يعمل به، ولا يعرج عليه، والروايات واضحة، بأن تعدد اللوث من حيث كونه لوثاً لا شهادة، لايثبت موجبه دون قسامة.
وفي الموطأ: قال مالك في جماعة إقتتلوا فانكشفوا، وبينهم قتيل أو جريح، لايدرى من فعل ذلك به:- أن أحسن ما سمعت في ذلك؛ أن فيه العقل على القوم الذين نازعوه، وإن كان القتيل والجريح من غير الفريقين، فعقله، على الفريقين معاً.
وفيها: ليس فيمن قتل بين الصفين قسامة.
الجلاب: إن إقتتلت فئتان، ثم إفترقتا عن قتيل، ففيها روايتان:
إحداهما: لاقود فيه وديته على الفئة التي نازعته، إن كان من أهل الفئة الأخرى، وإن كان من غيرهما فديته عليهما معاً.
والرواية الأخرى: أن وجوده بينهما لوث يوجب القسامة لولاته، فيقسمون على من إدعوا قتله، ويقتلونه به.
ولابن رشد في رسم الشجرة، من سماع ابن القاسم، قيل: في قوله: لا قسامة فيمن قتل بين الصفين؛ إنه لا قسامة فيه بحال لا بقول المقتول، ولا بشاهد على القتل، وهو رواية سحنون عن ابن القاسم، في رسم الجواب من سماع عيسى.
وقيل معناه: لا قسامة بينهم بدعوى أولياء القتيل على الطائفة التي نازعت طائفته، ولو دمي القتيل على أحد أو شهد عليه بالقتل شاهد واحد؛ وجبت بذلك القسامة، هو سماع عيسى ابن القاسم في رسم الجواب.
وقول الأخوين وأصبغ وقول أشهب: لأن كونه بين الصفين؛ لم تزد دعواه إلا قوة.
ابن المواز: وإليه رجع ابن القاسم بعد أن قال: لا قسامة فيمن قتل بين الصفين
بدعوى المقتول ولا بشاهد، ويحتمل أن يريد بقوله: ولا بشاهد إذا كان الشاهد من طائفة الىمدمي؛ لأنه لا يجيز شهادة أحد من إحدى الطائفتين على أحدٍ من الأخرى، أو إذا كان من إحدى الطائفتين على ماحكاه ابن حبيب، إذا جرح أحد منهم، فعقل جرحه على الطائفة التى نازعته، ولا يقتص من أحد بقوله إلا أن يكون له شاهد على ذلك من غير الطائفتين، واما مع شاهد من طائفة القاتل، فيجري ذلك على الخلاف في القسامة مع الشاهد غير العدل، وأما مع شاهد من طائفة المقتول، فلا إشكال في عدم القسامة معه.
وقد قال محمد: قال إبن القاسم: لا قسامة فيمن قتل بين الصفين، بقول المقتول ولا بشاهد على القتل إنه خطأ؛ لأنه حمل قوله على ظاهره من أن القسامة لا تكون فيمن قتل بين الصفين بحال، وإن كان الشاهد الذي يشهد على القتل من غير الطائفتين وتأويل قوله أولى من تخطئته.
الباجي: إن كان القتيل من غير الطائفتين أو لم يعرف من أيهما هو -فعقله في أموالهما، ورواه محمد، ولو مشت إحدى الطائفتين إلى الأخري بالسلاح، إلا منازلهم فقاتلوهم؛ ضمنت كلفرقة ما أصابت من الأخرى، رواه محمد.
وابن عبدوس قال: ولا تطل الزاحفة؛ لأن المزحوف إليهم لو شاءوا لم يقتلوهم واستردوا للسلطان قال غيره في المجموعة: هذا إن أمكن السلطان أن يحجز بينهم؛ فإن عاجلوهم ناشدوهم الله، فإن أبوا فالسيف ونحوه في المدونة.
وفي رسم الجواب من سماع عيسى قيل له: فإن كان القتيل الذي وجد بين الصفين؛ إنما كانوا قوماً يقاتلون على تأويل.
قال: فليس على الذين قتلوه قتل، وإن عرفوا ولا دية، وليس أهل التأويل كغيرهم.
ابن رشد: في الأثر من كتاب الجهاد في المدونة من قول ابن شهاب، ومثله روى
الأخوان: ومن أهل العلم من يرى أنه يقاد منه ويقتص منه، وهو قول أصبغ وعطاء.
والخلاف في القصاص منه سواء تاب أو أخذ قبل توبته، ولا يقام عليه حد الحرابة، وإن أخذ قبل أن يتوب، ولا يؤخذ منه ما أخذ من مال، وإن كان موسراً، إلا أن يوجد شئ بعينه بيده، فيرده إلى ربه.
أبو عمر: روي عن عمر وعلي رضي الله عنهما: أنهما قضيا في قتيل الزحام بالدية في بيت المال.
وقال الزهري: هي على من حضره في جمعة أو غيرها، ولاشئ فيه عند مالك والشافعي.
وسمع عيسى ابن القاسم: من قتل إنساناً في وسط الناس، فاتبعوه وهو هارب فإقتحم بيتاً، فدخل البيت بأثره، فإذا فيه ثلاثة نفر لا يدري أيهم هو إن حلف كل واحد منهم خمسين يميناً ما قلته -كان العقل عليهم، وإن نكل أحدهم كان العقل عليه.
قيل: الدية عليهم بقسامة أو دونها، وإن نكل أحدهم أيقسم عليه أم لا؟
قال: بل تكون الدية عليهم بغير قسامة.
ابن رشد: إن حلفوا كلهم، أو نكلوا كلهم؛ فالدية على جميعهم، وإن نكل بعضهم فهي على من نكل، كان واحداً أو أكثر، ولا يمين في شئ من ذلك على أولياء القتيل، وإيجاب القسامة على كل واحد منهم، هو على ما تقدم في رسم تأخير صلاة العشاء من سماع ابن القاسم، في أن المتهم بالدم يستحلف خمسين يوماً؛ لأن كل واحد منهم متهم بالدم، هذا مذهب ابن القاسم في هذه المسألة.
وقال سحنون: لاشئ عليهم، وشهادة البينة أنهم رأوه دخل فيهم، ولا يعرفونه بعينه باطل.
وفيها: إن وجد قتيل في قرية قوم، أو في دراهم ولا يدرون من قتله، لم يؤخذ به أحد، وتبطل ديته، ولا تكون في بيت مال ولا غيره.
الصقلي: يريد إن لم يوجد معه أحد، ولو وجد في دار ومعه رجل، وعليه أثر قتله قتل به مع القسامة.
ابن رشد في المقدمات: لو وقع مثل قضية حويصة ومحيصة في زماننا؛ لوجب
الحكم به، ولم يصح أن يعدى إلى غيره.
وفيها: ويمين القسامة على البت، وإن كان أحدهم أعمى أو غائباً حين القتل، ومثله في الموازية وغيرها.
قال سحنون في المجموعة: لأن العلم يحصل بالخبر والسماع، كما يحصل بالمعاينة؛ ولأنه **** عرضها على من لم يحضر القتل.
قلت: وإنما يحلف ولاة الدم فيى الخطأ على قدر مواريثهم من الميت.
اللخمي: ويحلفها الواحد؛ إن كان هو المستحق للدية، كابن أو أخ أو إبن عم والصغير لا يحلف.
الشيخ في الموازية: لو حلف أحد الكبيرين، ونكل الآخر، وثم صغير، فبلغ حلف بقدر حظه وأخذه، فإن إنكسرت عليهم يمين بأجزاء مختلفة، ففي جبرها على ذي الأكثر منها، أو من الأيمان، ثالثها: على كل ذي كسر لها.
ولنقل ابن رشد غير معزو، ومع غيره عن الموطأ من رواية يحى، خلاف رواية ابن القاسم وابن بكير، ونقل ابن الحاجب مع كافي أبي عمر، وقول ابن حارث: اتفقوا على أنها لا تجبر على كل واحد منهم، فتصير الأيمان أكثر من خمسين يقتضي نفي الثالث، وإن أنكسرت بأجزاء متساوية، ففي وجوب تكميلها على كل ذي كسر، وحلف كل منهم منابه من قسم عددها السالم عن الكسر وباقيه، يقال لهم: عينوا منكم عدداً يحلف الباقي قولان، لابن القاسم، وابن رشد عن أشهب.
ابن رشد: يجبر على كل واحد منهم الكسر الذي حلف في حظه، فيحلف في حظه، فيحلف كل منهم سبع عشرة يميناً.
وقال أشهب: يحلف كل منهم ست عشرة يميناً، ويقال لهم عينوا اثنين منكم يحلفان يميناً يميناً، فإن تشاحوا، فيمن يحلف ما بقي، فرأيت لا بن كنانة: لا يجبر الإمام أحدا منهم، ويقال له: لا تعطوا شيئاً إلا أن تحلفوا بقية الأيمان، ويشبه أن يقول أشهب
مثل هذا، أو يقرع بينهم فيها.
وقاله بعض أهل النظر، وساقه على قول ابن القاسم، ولا يصح إلا على قول أشهب.
وفيها: إن لزم واحداً نصف اليمين، وآخر ثلثها، وآخر سدسها؛ حلفها صاحب النصف، فصورت فبنت وزج وأم وعاصب، ولا يستحق الدية إلا بحلف خمسين يميناً، فلو تعذر بعض الورثه، لغيبة أو صغر، لم يستحف من حضر حظه إلا بحلف الخمسين، ومن بعده بقدر حظه.
فيها: إن لم يدع الميت إلا ابنة صغيرة بغير عصبة؛ حلفت خمسين يميناً، وأخذت نصف الدية، وإن جاءت مع العصبة حلفت خمسة وعشرين يميناً، والعصبة مثلها، وإن كانت بنت وإبن غائب، لم تأخذ البنت ثلث الدية حتى تحلف خمسين يميناً، فإذا قدم الابن الغائب، حلف ثلثي الأيمان، وأخذ ثلثي الدية.
وسمع عيسى: من أقسمت خمسين يميناً، وأخذت حظها من دية الخطأ، ثم نزعت وردت ما أخذت، ثم أتت أخت لها؛ فإنما يحلف بقدر حظها؛ لأن يمين الأولى حكم مضى، وفي المقدمات والبيان: إن نكلوا عن الأيمان أو بعضهم، ففيه خمسة أقوال:
الأول: رد الأيمان على العاقلة يحلفون كلهم، ولو كانوا عشرة آلاف، والقاتل كأحدهم فمن حلف، فلا غرم عليه، ومن نكل غرم ما يجب عليه، وهو أحد قولي ابن القاسم، وهو أصحها.
الثاني: يحلف من العاقلة خمسون رجلاً يميناً يميناً، فإن حلفوا برئت العاقلة من الدية كلها، وإن حلف بعضهم برئ، ولزم بقية العاقلة الدية كلها حتى يتموا خمسين يميناً، وهو قول ابن القاسم الثاني.
والثالث: أنهم إن نكلوا، فلا حق لهم أو نكل بعضهم، فلا حق لمن نكل، ولا يمين على العاقلة؛ لأن الدية لم تجب لهم بعد إنما تجب بالفرض، قاله ابن الماجشون.
والرابع: أن اليمين ترجع على المدعى عليه وحده، إن حلف برئ، وإن نكل لم يلزم العاقلة بنكوله شئ؛ لأن العاقلة لا تحمل الإقرار، والنكول كالإقرار، وإنما هو
بنكوله شاهد على العاقلة، رواه ابن وهب.
والخامس: أن الأيمان ترد على العاقلة، إن حلفت برئت، وإن نكلت غرمت نصف الدية، قاله ربية على ماروي عن عمر في قضائه على السعديين.
وفيها: إن إدعى العمد، لم يقتل المدعى عليه إلا بقسامة رجلين فصاعداً، فإن حلف معه آخر من ولاة الدم، ولم يكن مثله في العدد قتل، وإلا ردت الأيمان على المدعى عليه، فإن حلف خمسين يميناً برئ، وإن نكل حبس حتى يحلف.
وفى الموطأ: لا يقسم في قتل العمد من المدعيين إلا إثنانا فصاعداً، تردد الأيمان عليهما حتى يحلفا خمسين يميناً، ثم قد إستحقا الدم، وذلك الأمر عندنا، وفيه في الرجل يقتل عمداً، أنه إذا قام عصبة المقتول أو مواليه، فقالوا: نحن نحلف، ونستحق دم صاحبنا بذلك لهم.
ابن رشد: الأصل في أن لايقسم في العمد أقل من رجلين، قوله صلى الله عليه وسلم:((أتحلفون وتستحقون دم صاحبكم؟)) فجمعهم في الأيمان، ولم يفرد الأخ بها دون بني عمه.
قلت: قاله أبو عمر قبلهم، مثله ابن رشد، ومن جهة المعنى، لما كان لا يقتل بأقل من شاهدين، لم يستحق دمه إلا بقسامة رجلين.
قال أشهب: قد جعل الله لكل شهادة رجل في الزنا يميناً في الزوج في لعانه.
الباجي وغيره: إنما يقسم في العمد الرجال الأولياء، ومن له تعصيب.
وسمع يحيى ابن القاسم: إن لم يكن للقتيل عمداً عصبة ولا وارث، أتقسم القبيلة التي هو منها، وهو معروف الإنتماء إليهم يعقل معهم ويعقلون معه؟.
قال: لا قسامة لهم به، ولا لأحد إلا بوراثة لنسب ثابت أو لولاء ولا يقسم الموالي الأسفلون.
ابن رشد: لا أحفظ في هذا اختلافاً.
وفيها: من لا عصابة له لا قسامة فيه، ولا يقتل فيه إلا ببينة.
الصقلي: لمحمد عن ابن القاسم: عدم من يحلف كنكول الأولياء في رد الأيمان على أولياء القاتل.
الشيخ: لابن حبيب عن الأخوين: من التقط لقيطاً فقتل بعد أن بلغ فرمىبدمه رجلاً فلا يقسم فيه ملتقطه، وترد الأيمان على المدعى عليه، فيحلف خمسين يميناً، فإن حلف ضرب مائة ويسجن سنة، وإن نكل سجن أبداً حتى يحلف أو يموت، وكذا من قتل من المسلمين أو العرب ولا عصبة له، وقاله ابن القاسم وابن نافع وابن عبد الحكم وأصبغ.
وفيها: إن نكل ولاة الدم عن الأيمان، ردت على المدعى عليه، فإن حلف خمسين يميناً، برئ وإن نكل حبس حتى يحلف.
اللخمى: وقال أشهب: إن نكل كانت عليه الدية، وأرى أن يخير الأولياء في حبسه أبداً حتى يحلف، أو أخذه بالدية.
وفي المقدمات: إن نكل ولاة الدم والقسامة بقول المقتول، أو بشاهد على القتل؛ ففيه ثلاثة أقوال.
الأول: ردها على المدعى عليه يحلف خمسين يميناً، أو يحلفها عنه رجلان فأكثر من ولاته إن طاعوا بذلك، ولا يحلف هو معهم، رواية سحنون عن ابن القاسم ومحمد عنه.
الثاني: ردها على المدعي عليهم، يحلف منهم رجلان فأكثر خمسين يميناً، ويحلف معهم المتهم، فإن نكلوا أو لم يوجد غير المتهم لم يبرأ حتى يحلف خمسين يميناً وحده، قاله ابن القاسم في العتبيه.
والثالث: أن المدعى عليه يحلف وحده، ولا يكون له أن يستعينن بأحد، قاله مطرف في الواضحة.
قلت: ذكره ابن حارث رواية له، والشيخ قولاً له.
ورواية ابن رشد: وإن وجبت القسامة بشاهدين على الجرح؛ ففي رد الأيمان على القاتل قولان
أحدهما: ردها على المدعى عليه يحلف ما مات من ضربي، إن نكل سجن حتى يحلف، فإن حلف ضرب مائة وسجن سنة، وإن أقر قتل، قاله ابن القاسم وابن الماجشون.
وفي الموازية: ويقتص منه في الجرح، إن نكل الأولياء عن القسامة حلف؛ يريد حلف المدعى عليه أو نكل؛ لأن الجرح ثبت بشاهدين، وإن كانت القسامة بشاهد على القتل، فلا يقتص من الجرح حلف القاتل خمسين يميناً أو نكل؛ لأنه لا يقتص في الجراح إلا بيمين وارثه، قاله محمد، وهو صحيح.
وقد تأول على ابن القاسم: أنه يقتص منه، والجرح إذا كان جرحاً معروفاً، وهو بعيد، لم يقله ابن القاسم إلا في القساممة بشاهدين على الجرح.
قال محمد: وروى ابن القاسم قولاً: لم يصح عند غيره أنه إن ردت الأيمان على المدعى عليهم في العمد فنكلوا، فالعقل عليهم في مال الجاني خاصة، ويقتص منه من الجرح سوء العقل.
وروى عنه أيضاً: إن حلف ضرب مائة ويسجن سنة، وإن نكل حبس حتى يحلف ولا دية فيه، وهو الصواب
**** أن الأيمان لا ترد عليه ولا يحلف؛ لأن يمينه غموس، فعلى هذا القول إن أقر لم يقتل، وهو قول أشهب وابن عبد الحكم وأصبغ.
وفي الموطأ معها: ليس للنساء في قتل العمد قسامة.
في المقدمات: إن كان ولاة الدم رجلين حلف كل منهما خمسة وعشرين يميناً، ولو طاع أحدهما أن يحمل منهما أكثر من خمس وعشرين يميناً، لم يجز ذلك.
قلت: هو نقل الشيخ عن ابن القاسم في الموازية.
ابن رشد: فإن كان الأولياء أكثر من إثنين إلى خمسين رجلاً، وهم في العدد سواء وتشاحوا في حملها قسمت على عددهم، فإن وقع فيها كسر ككونهم عشرين فتبقى من الأيمان عشر، يقال لهم: لا سبيل لكم إلى الدم حتى تأتوا بعشرة منكم يحلفون ما بقي، فإن أبوا بطل الدم كنكولهم، فإن طاع إثنان فحمل الخمسين؛ جاز عند ابن القاسم.
وقال المغيرة وأشهب وابن الماجشون: لا بد أن يحلفوا كلهم، ومن لم يحلف منهم كنكوله، وإن زاد عددهم على خمسين، فاتفقوا على أنه إن حلف منهم خمسون أجزأتهم ورأيت لابن الماجشون أنه لا بد أن يحلف كل واحد منهم يميناً يميناً، وإلا لم يستحقوا الدم.
في كتاب مجهول قالاً: فإن كان ولي الدم الذي له العفو رجلاً واحداً، فلا يستحقه بقسامة إلا أن يجد من العصبة والعشيرة من يقسم مع ممن يلقاه إلى أبٍ معروف، فإن وجد رجلاً معروفاً، حلف كل منهما خمساً وعشرين يميناً، وإن وجد أكثر من رجل، قسمت الأيمان على عددهم، فإنرضوا بحمل أكثر مما لم يجب عليهم لم يجز، وإن رضي هو بحمل أكثر مما يجب عليه، فذلك جائز مما بينه وبين خمس وعشرين، ولا يجوز له أن يحلف أكثر من ذلك.
فإن كان أولياء الدم رجلين؛ فلهما أن يستعينا بغيرهما من الأولياء الذين دونهم في المرتبة، وتقسم الأيمان بينهم على عددهم، ولا يجوز أن يحمل المستعان بهم أكثر مما يجب عليهم، وإن رضي الوليان أن يحلف كل واحد منهم أكثر مما يجب عليه؛ جاز أن يحلف بعض المستعان بهم أكثر من بعض.
وإن حلف أحدهما خمساً وعشرين يميناً، ثم وجد صاحبه معيناً، فالأيمان التي حلف المستعان به لا تكون محسوبة للمستعين؛ بل تقسم بين الوليين، فإن لم تقسم بينهما وحسبت كلها للمستعين، فحلف ما بقي من الخمسين يميناً، يزاد عليه حتى يستكمل نصف ما بقي من الخمسين يميناً بعد الأيمان التي حلف المستعان به، قاله عبد الملك، وزاد.
قال: إلا أن يكون الأول حلف على إياس ممن يعينه، ورأي أن يحلف بغير معين، فلا يزاد شئ من الأيمان على المستعين، وتكون الأيمان التي حلف المستعان به محسوبة لا تقسم بينه وبين صاحبه.
وفيها: إن كان أولاد المقتول صغاراً أو كباراً، فإن كان الكبار إثنين، فلهم أن
يقسموا ويقتلوا ولا ينتظروا بلوغ الصغير، وإن لم يكن إلا ولد كبير وصغير، فإن وجد الكبير رجلاً من ولاة الدم يحلف معه، وإن لم يكن ممن له العفو حلفا جميعاً خمسين يميناً وكان للكبير أن يقتل.
ابن الحاجب: فإن كان واحداً استعان بواحد من عصبته، ولا ينتظر الصغير إلا أن لا يوجد حالف، فيحلف نصفها.
قال ابن عبد السلام: يعني إن كان ولي الدم كبيراً، ومعه في درجته صغير حلف الكبير، ويستعين بمن هو أبعد منه، ولا ينتظر بلوغ الصبي، وهذا هو المشهور، وتقدم الكلام على هذا المعنى.
قلت: يريد المشهور في عدم إنتظار الصغير، لا في استعانة الولي الواحد.
قال ابن حارث: اتفقوا على أن له أن يستعين.
وقول ابن شاس: نكول المعين لغو واضح، لعدم استحقاقه ما يحلف عليه.
ابن رشد: إن نكل بعض الأولياء عن القسامة، وهم في القعدد سواء، أو عفا عن الدم قبلها؛ ففي سقوط الدم والدية أو الدم، ويحلف من بقي لأخذ حقه، ثالثهما: هذا إن نكل على وجه العفو عن حقه، وإن نكل تحرجاً وتورعاً؛ حلف من بقي لابن القاسم مع ابن المجاشون، وأشهب وابن نافع.
اللخمي: إن نكل بعض الأولياء، وأكذب نفسه أو عفا والأولياء بنوناً أو بنو بنين أو إخوة أو أعماماً أو بنو أعمام.
فقال مالك وابن القاسم: ترد الأيمان على القاتل، وليس لمن نكل أن يحلف.
ولمالك أيضاً: إن بقي إثنان، كان لهما أن يحلفان ويستحقا حقهما من الدية.
اللخمي: وينبغى أن يكون ذلك لمن لم ينكل، وإن كان واحداً يحلفه خمسين يميناً؛ لأن الأمر عاد إلى الخطأ.
قال: وإختلف عنه إن كان الأولياء أعماماً، أو بني أعمام أو أبعد منهم من العصبة، فنكل بعضهم، فجعل فيهم الجواب مرة كالبنين.
وقال أيضاً: لمن لم ينكل إذا كانوا إثنين فصاعداً أن يحلفوا، ويقتلوا؛ لأنه عنده لا عفو لهم إلا بإجتماع البنين، والأول أبين، ولا فرق بين ذلك، إذا إستووا في القعدد أم لا.
قلت: في فهم تعليله إشكال، والروايتان حكاهما ابن الجلاب.
قال: وعلى رواية سقوط القود هل للباقين أن يحلفوا ويستحقوا حظهم من الدية يتخرج على روايتين:
إحداهما: لهم ذلك، والأخرى: لا قود لهم، ولا دية، وترد الأيمان على المدعى عليهم.
وسمع القرينان قيل: من قتل من له أولياء كثيرة، فعفا أحد الذين يجوز لهم العفو، فلا يكون إلى القتل سبيل وتجب الدية، قيل له: بالقسامة؟ قال: بالقسامة وغيرها، وكذا إن نكل أحدهم عن القسامة.
قال سحنون: وقال ابن نافع: إن نكل على وجه التورع والتحرج، حلف من بقي وكانت له الدية، وهذا الذي أرى.
ابن رشد: في قول مالك: هذا إلباس، والظاهر أن مراده أن عفو الأولياء، وهم في القعدد سواء، يبطل القتل دون الدية، فإن كان العفو بعد القسامة، فلمن بقي حظهم من الدية.
وإختلف الشيوخ في قول ابن نافع، فحمله بعضهم على التفسير لقول مالك وقال: لا خلاف في أن نكول الناكل إن لم يكن على وجه العفو والترك؛ بل تورعاً وتحرجاً، فلمن بقي أن يقسم ويقتل، ومنهم من حمله على الخلاف، وهو الأظهر.
وفرق ابن القاسم، فقال: إن كان قبل القسامة، بطل القتل والدية، ولم يكن لمن بقي من الأولياء أن يقسم، ويأخذ حظهمن الدية، وإن كان بعدها بطل الفتل، ولمن بقي حظه من الدية.
وابن الماجشون يسوي بين أن يكون العفو قبل القسامة أو بعدها، في بطلان الدية بكل حال، ولا يكون لمن بقي شئ من الدية، والنكول على القسامة عند جميعهم
كالعفو سواء كل على مذهبه، فهي ثلاثة أقوال.
ومن قول ابن القاسم في المدونة: أن رجوع أحد الأولياء بعد القسامة، وتكذيبه نفسه؛ يبطل حق من بقي من الأولياء، كما إذا عفا أو نكل قبل القسامة.
ابن الحاجب: فإن نكل فثلاثة: الحبس حتى يحلف خمسين يميناً وله أن يستعين والدية والحبس حتى يحلف أو يطول.
قلت: الأول حكاه ابن حارث عن ابن الماجشون
والثاني تقدم عزو ابن رشد إياه، لنقل محمد عن رواية لابن القاسم، لم تصح عند غيره.
والثالث: تقدم لابن الجلاب وتقدم لابن حارث، أنه يحلف ولا يستعين عن رواية مطرف.
الشيخ: روى محمد: إن اتهم بالدم جماعة حلف كل منهم خمسين يميناً ولو كثروا، قال مع عبد الملك: لأن كل واحد عن نفسه يحلف إذ لعله الذي كان يقسم عليه، ومن حلف برئ إلا من ضرب مائة وسجن سنة، ومن نكل سجن حتى يحلف.
قال عبد الملك في المجموعة والموازية والواضحة: ولكل منهم أن يستعين في أيمانه التي يحلف بمن شاء من عصبته.
ابن الواز: وقاله ربيعة ومالك.
قال عبد الملك: وإن كانوا كلهم من بطن واحد، فذلك لهم ولا ينقص رجل منهم من خمسين يميناً، ولو كانوا من فخذ واحد، استعان بسبعة وأربعين منهم، فحلفوا معه، ولمن يحلف بعده من المتهمين أن يستعين بهم أنفسهم، وبالمتهم نفسه الذي حلف عنه، وكذا مع الثالث، وليس لهم أن يجمعوهم في واحد فيقولون: ما قتله فلان، ولا فلان ولا فلان، وليحلف الثلاثة الثلاثة الأيمان، ولا بد من تكريرهم الأيمان مع كل واحد منهم.
وموجبها: العقل في العمد، والدية في الخطأ، فإن إنفرد المرمى عليه، وإن تعدد والموجب قتل.
فقال ابن حارث وغيره: قال مالك في موطئه: لايقسم إلا على رجل واحد، ولا يقتل غيره، ولم تعلم قسامة قط كانت إلا على رجل واحد.
ولابن عبدوس: أن المغيرة يقول: يقتل الجماعة بالقسامة، وكذا كان في الدم الأول حتى كانت أيام معاوية وعليً.
قال الباجي والصقلي: روى ابن القاسم في المجموعة: لا يقسم إلا على واحد بكل حال.
وقال أشهب: إن شاءوا أقسموا على واحد أو على إثنين أو أكثر، ثم لا يقتلون إلا واحداً ممن أدخلوه في قسامتهم.
قلت: ولسحنون قول ثالث فيما حكاه ابن حارث.
قال: اختلفوا في ثلاثة احتملوا صخرة رموها على رجل قتلوه بها، وقام بذلك شاهد واحد.
فقال ابن القاسم: لا يقسم إلا على رجل واحد، وقال: سحنون: على جميعهم، وليس هذا من العمد الذي لايقتل فيه بالقسامة إلا رجل واحد؛ إنما ذلك إن ضربوه واحد على الرأس، وآخر على البطن، وآخر على الظهر، هذا لايقسم فيه إلا على واحد.
الباجي: وعلى الأول يقسمون لمات من ضربه لا من ضربهم، قاله محمد وابن عبدوس، وابن حبيب عن ابن القاسم.
وسمع عيسى ابن القاسم: من قدم للقتل بقسامة، فقال رجل: أنا قتلته، فقال ربيعة: يقتل هذا بالقسامة، والآخر بإقراره، ولا أخذ به لم يقتله إثنان؛ بل واحد فيقتلون أحدهما، ويتركون الآخر.
ابن رشد عن مالك، وابن عبد الحكم وأصبغ، مثل قول ربيعة حكاه محمد عنهم، وعن ابن القاسم، مثل قوله في السماع.
محمد: وإذا قتل المقر، فقال ابن القاسم: مرة بقسامة، ومرة بغير قسامة، وأنكر الأول.
أصبغ: وقيل ليس باختلاف، والأول على أنه كانت للمقتول حياة، والثاني على
أنها لم تكن؛ وإنما وجبت القسامة على غير المقر بشاهدين على الجرح أو بقول المقتول: دمي عند فلان، لقوله في رسم العتق بعد هذا: يقسمون على ذلك إن كانت حياة.
وفي رسم الصبرة من سماع يحيى: في نفر جرحوا رجلاً، فحمل مجروحاً فيموت، فتجب القسامة عليهم، أنهم لو أقروا أجمعون بقتله، لم يقتل واحد منهم حتى يقسموا على أيهم أحبوا فقط، فيقتلونه وليس لهم أن يقتلوا واحداً بالقسامة، وسائرهم بالإقرار، قال: وكذا إن لم يقر منهم إلا واحد، لم يقتلوه حتى يقسموا عليه، ولا يقسموا على غيره ويقتلوا المقر بإقراره، ليس لهم أن يقسموا إلا على واحد منهم، فيقتلونه كما لو لم يقروا، فسواء على قول ابن القاسم: كان المقر بالقتل ممن وجبت عليهم القسامة، أو من غيرهم.
وكذلك قول ربيعة ومالك، ومن ذكر معه، وقاله المغيرة في المجموعة، وفرق سحنون، فإختار قول المغيرة، ومن قال بقوله: إن كان المقر بالقتل ممن وجبت عليه القسامة.
وقال: ليس قول ابن القاسم هنا بشئ، فإذا أقروا جميعاً بالقتل قتلوا كلهم، كما قال المغيرة وكذا إن أقروا إلا واحداً قتلوا جميعاً بالإقرار، وأقسموا على المنكر، وقتلوه إن شاءوا، ولو لم يكن للمقتول حياة، فأقر القاتل أنه قتله قتلاً مجهزاً، قتل بغير قسامة اتفاقاً -كان المقر بالقتل ممن وجبت عليه القسامة بشاهد على القتل، أو من غيرهم، والفرق بين الموضعين بين.
ألا ترى أن من أقر أنه فتل رجلاً قتلاً مجهزاً، لا يقبل رجوعه، ومن أقر أنه جرح فلاناً، ومات من جرحه، ثم رجع عن إقراره يقبل رجوعه؛ لأنه يقول: كنت ظننت أنه مات من جرحي، ثم تحققت أنه لم يمت منه، وقبول رجوعه في هذا الموضع رواه محمد.
الشيخ: لابن حبيب عن أصبغك من رمى بدمه نفراً، فأخذ أحدهم، فسجن وتغيب الباقون، وطلب الأولياء بقاءه حتى يجدوا من غاب فتختاروا من يقسمون عليه.
وقال المسجون: إما أقسمتم علي، وإما أطلقتموني، فذلك لهم ويستأنى به قدر ما
يطلبون، ويرجى الظفر بهم، ويتلوم لهم في ذلك، فإن تم التلوم، ولم يجدوا قيل للولاة: أقسموا على هذا واقتلوه، ثم ليس لكم على من وجدتم من الباقين إلا ضرب مائة وسجن سنة، وأن يحلف خمسين يميناً، فإن نكل سجن حتى يحلف.
قال: ولهم صلح المسجون على مال، ثم لهم القسامة على من شاءوا من الباقين، ويسجن المصالح سنة بعد ضربه مائة.
قال عن ابن القاسم وأشهب في الموازية والمجموعة: في ثلاثة حملوا صخرة أو خشبة ضربوا بها رأس رجل.
قال في الموازية: أو ألقوها عليه فمات بعد أن عاش أياماً، ليس لأوليائه أن يقسموا ويقتلوا إلا على واحد.
قال أشهب: كما لو أجافه كل واحد جائفة.
قلت: قول أشهب هذا خلاف ماتقدم له من تخيير الأولياء في الحلف على أكثر من واحد إلا أن يقال: إنما حصر هنا في الواحد المجموع من الحلف مع القتل فتأمله.
ومن المجموعة والموازية، قال مالك: إن قال: ضربني فلان وفلان وفلان وفلان منهم أنفذ مقاتلي لم يقسموا إلا عليه.
قال فيى الموازية: وليس على الباقين ضرب ولاسجن، قاله مالك وعبد المبلك، وابن عبد الحكم وأصبغ، ومثله في سماع يحيى ابن القاسم، فيمن قال: فلان طعننى بالرمح، وفلان ضربني بالسيف، وأوضحني فلان، وخنقني فلان، من فعلهم أموت، قال: إن لم يرم بدمه واحداً دون أصحابه، نظر لما جرحه به كل واحد فيمن أنفذ مقاتله منهم أقسموا عليه، فإن أنفذها أكثر من واحد أقسموا على من أحبوا منهم.
الشيخ: قال ابن القاسم في المجموعة: إن قال لهم: أقسموا على فلان، فليس لهم أن يقسموا على غيره لعلمهم بأشد ذلك عليه.
قلت: ومثله سماع يحيى، ولم يزد فيه ابن رشد شيئاً.
الشيخ: عن ابن القاسم في المجموعة: إن قال ذلك في الخطأ، فالذي يقع في القلب أن لايقبل منه، وليقسموا على جميعهم، ثم إن حمل ثلثه حظ من عافاه سقط عنه.
الشيخ: قال ابن القاسم في المجموعة، وفي سماع يحيى هو وأشهب: إن أقسموا على واحد من الجماعة، ثم أرادوا تركه، وأن يقسموا على غيره منهم، وزعموا أن جرحه كان على وليهم أشهد، وأنه شبه لهم أولاً، فليس ذلك لهم في الثانى والأول، إن تركوه على أن الآخر صاحبهم، وإبراء للأولن فليس لهم قتل الأول، وإن إنتقلوا للثاني غضباً عليه، وندماً في تركهم له، ولم يبرئوا الأول، فلهم قتل الأول بقاسمتهم.
وفرق ابن القاسم فيها بين العمد والخطأ، قال: لأنهم في العمد لو أقسموا على جميعهم، لم يجب الدم على جميعهم، فهذا الذي قصدوه بالقسم عليه لاحجة له أن يقول: لاتقسموا علي دون أصحابي؛ لأنه يقال له: لا منفعة لك هنا هم إن أقسموا على جماعتكم وجه لهم دمك وفي الخطأ إن قصدوا واحداً بالقسم عليه كانت له الحجة أن يمنعهم؛ لأنه يقول: الضرب منا جميعاً، والدية على قبائلنا.
قلت: إنما يتقرر هذا على القول أن لايقتل بالقسامة إلا واحد، وأن السؤال؛ إنما هو على تخصيص لفظ الحلف بواحد في العمد، وتعميمه في الخطأ، وإن كان السؤال عن تخصيص موجب القسامة، وهو القتل بواحد في العمد، وتعميم في الخطأ، وهو الغرم لم يتم الجواب، إلا بزيادة إمكان التوزيع على الجميع في موجب الخطأ، وهو الدية وإستحالته في القتل.
فإن قيل: يلزم على قول المغيرة يقتل أزيد من واحد بالقسامة، وجوب دية على عاقلة كل واحد، رد بأن قتل الجماعة بالواحد مشروع، وعقل الواد بأزيد من الدية لم يرد.
وقول ابن عبد السلام في فرق ابن القاسم بين، ولكنه لا يعم جميع الصور غير بين، وحقه أن يبين مايبطل عمومه، وذكر ابن الحاجب هنا مسألة من أقر بقتل خطأ، وقد تقدمت.
قال في الجلاب: فيها أربع روايات:
الأولى: لاشئ عليه ولا على عاقلته.
والثانيه: يقسم ولاة الدم ويستحقون الدية على عاقلته.
والثالثة: أن كل الدية في ماله.
والرابعة: فضمها عليه وعلى عاقلته، فما أصابه غرمه وما أصابها سقط.
وفيها: إن شهد شاهد على إقرار القاتل أنه قتله خطأ؛ فلا يثبت ذلك من إقراره إلا بشاهدين، فيقسموا حينئذ معهما بخلاف شاهد على إقراره، أخذت الدية من ماله، فهو عند الجهود كمن اعترف بدين، ثم رجع، وعلى القول إنها على العاقلة بقسامة يصير كشاهد رجع عن شهادته، قبل أدائها تسقط، ولو شهد واحد على قول المقتول أن فلاناً قتله.
فقال محمد عن عبد الملك: يقسم معه، وقال ابن عبد الحكم وغيره: لا يجوز على قول المقتول إلا شاهدان، وقاله ابن القاسم في العتبية، قال: لأن الميت كشاهد فلا يثبت قوله إلا بشاهدين.
الصقلي: وبه قال محمد.
قلت: مانقله عن العتبية هو سماعه سحنون، قال فيه ابن رشد: لا إشكال فيه ولا خلاف.
فلت: في عدم إطلاعه على قول عبد الملك بعد عن مقاماه في الحفظ.
وفيها: لو شهد رجل على رجل أنه قتل فلاناً خطأ، وشهد آخر على إقرار القاتل بذلك؛ فلا يجب على العاقلة بذلك شئ إلا بالقسامة.
اللخمي: لا تضم الشهادتان وللأولياء أن يقسموا مع شهادة من عاين القتل.
عياض: قال ابن أبي زمنين: إنما يقسمون مع شهادة من شهد بمعاينة القتل.
وقال غيره: لهم أن يقسموا مع شهادة الإقرار، ويأخذوا الدية من ماله، وفي جوابه إشكال عن السؤال؛ لأنه سأله عن شاهد واحد على الإقرار مع آخر على المعاينة، فأجابه على إنفراد بشاهد المعاينة، وتمام شهادة الإقرار منفردة.
قال ابن أبي زمنين: لم يعطنا فيها جواباً بيناً، وبين المختصرين فيها خلاف، قال
بعضهم: لا يجب على العاقله بذلك شئ إلا بالقسامة، وقال بعضهم: الشهادة جائزة.
عياض: ظاهر هذا تلفيقها دون قسامة، وهو خطأ لأنها في الإقرار بالخطأ شهادة على شهادة واحد في النقل لا يجوز: ولأن المقر في الخطأ شاهد على العقالة، وهذا على أن الدية في إقرار الخطأ على العاقلة بقسامة، وهو أحد أقواله في كتاب الصلح من المدونة، وتقدم الكلام على ذلك، فعلى أنها على غير العاقلة يصلح تلفيق الشهادتين.
وفيها: لا قسامة في الجراح، ولكن من أقام شاهداً عدلاً على جرح عمداً أو خطاً، فليحلف معه يميناً واحدة، ويقتص في العمد، ويأخذ العقل في الخطأ.
قيل لابن القاسم: لم قال مالك ذلك في جراح العمد، وليست بمال؟ قال: كلمت مالكاً في ذلك، فقال: إنه لشئ استحسناه وما سمعت فيه شيئاً، ومن لفظ ابن الحاجب في المسألة.
وقال مالك حين استشكل العمد: إنه لشئ استحسناه، فجوز ابن عبد السلام ضبط استشكل على أنه مبني للفاعل، والمستشكل مالك.
قلت: وهو بعيد لا موجب لارتكابه، والأظهر أنه مبني لما لم يسم فاعله والمستشكل، هو سائل ابن القاسم، وهو أسد بن الفرات، وتقدم ذكر الخلاف في الشاهد الواحد في ذلك، وعلى الحلف معه إن نكل من قام به حلف الجارح، فإن نكل؛ قال ابن القاسم: حبس حتى يحلف ..
الشيخ عن محمد: وقيل ينقطع وتقدم نقل الجلاب: إن طال الحبس أطلق وعزه ابن عبد السلام لابن القاسم لا أعرفه.
وفيها: قال مالك في نصراني قام على قتله شاهد واحد عدل مسلم يحلف، ولاته يميناً واحدة، ويستحقون الدية على قاتله مسلماً كان أو نصرانياً، ومثله في رسم أوصى من سماع عيسى من الجنايات، ومن سماع أشهب في الديات.
ابن سحنون: رشد وقيل: دم النصراني لا يستحق بالشاهد واليمين، وهو قول أشهب، وظاهر سماع يحيى في الديات، وفيه قول ثالث: هو أن يحلف أولياؤه مع شاهدهم خمسين يميناً، ويستحقون ديته، وهو قول المغيرة.
ولمالك في المدنية، من رواية محمد بن يحيى السبائي: أنه يستحقه بغير يمين، وتقدم نقل كلام ابن زرقون في هذا وفي العبد.
وفيها: إن ضربت امرأة، فألفت جنيناً ميتاً، وقالت: دمى عند فلان، ففي المرأة القسامة، ولا شئ في الجنين إل ببينة تثبت؛ لأنه كجرح من جراحها، ولا قسامة في الجرح ولا يثبت إلا ببينة أو شاهد عدل، فيحلف ولاته مع يميناً واحدة ويستحقون ديته.
الصقلي: يريد يحلف كل واحد ممن يرث الغرة يميناً أنه قتله.
وفيها: إن قالت: دمي عند فلان فخرج جنينها حياً فاستهل صارخاً، ثم مات ففي الأم القسامة، ولا قسامة في الولد؛ لأنها لو قالت: قتلنى وقتل فلاناً معى لم يكن في فلان قسامة.
الصقلي: قال في الموازية: إذ لا يجوز شهادتها لنفسها، ولا لزوجها إن كان أباه، ولا لإخوته 'ن كانوا ولدها.
وفي القسامة في فلان بقولها: وقتل فلاناً معي: قولا أشهب وابن القاسم، بناء على أن قول المرأة لوث أو لا، ولابن رشد في رسم أول عبد من سماع يحيى: من قال: دمي عند فلان أو فلان على وجه الشك تدميته ساقطة اتفاقاً، ولو رمي رجلاً، ثم دمى على غيره، وأبرأ الأخير أولاً، أو برأ بعض من دمى عليهم أو دمى على رجل، ثم دمى عليه مع غيره.
أو قيل له: من بك؟ فقال: لا أدري لأني كنت سكراناً، ثم دمي على رجل ثم ففي بطلان تدميته في الجميع وصحتها، ثالثها: هذا في تدميته على رجل عليه مع غيره لسماع يحيى ابن القاسم مع أشهب، وابن الماجشون وأصبغ، وأظهرها الأول.