الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الشَّيخ عن ابن حبيب: روى مُطَرِّف: من قال لرجل: ليست أمك فلانة لم يحد.
[باب الصيغة الصريحة للقذف]
الصيغة: صريحة وهي ما دل عليه بذاته، فلا تقبل دعوى إرادة غيره.
الباجي: من قال لرجل: يا زان.
وقال: أردت أنه زان في الجبل.
يقال: زنأت في الجبل إذا صعدت.
قال أَصْبَغ: يحد ولا يقبل قوله إلا أن يكونا في ذلك الحال، وتبين أنه الذي أراده ولم يقله في مسابة.
قال ابن حبيب: يريد: ويحلف.
[باب في التعريض بالقذف]
وتعريض وهي ما دل عليه بقرينة بينة.
قال ابن شاس: كقوله: أما أنا لست بزان.
قُلتُ: إن قال رجل لرجل في مشاتمة: إني لعفيف الفرج، وما أنا بزان ففي الموازيَّة يحد.
قُلتُ: فقيد الحد في قوله: ما أنا بزان بكونه في مشاتمة.
وقيده ابن شاس بقوله: أما أنا.
وفي المدَوَّنة: من قال لرجل: ما أنا بزان، أو أخبرت أنك زان، ولم يقيدها الصقلي بشيء، وفي الموطأ تقييده بالمسابة.
الباجي عن ابن الماجِشُون: من قال لامرأة في مشاتمة: إني لعفيف، حد، ولو قاله لرجل حد إلا أن يدعي أنه أراد عفيف في المكسب والمطعم، فيحلف ولا يحد وينكل، ومن قال في مشاتمة: إنك لعفيف الفرج؛ حد.
الشَّيخ: روى ابن وَهْب: من قال لرجل: يا ابن العفيفة حلف ما أراد قذفًا، وعوقب أَصْبَغ إن كان على وجه المشاتمة حد.
وسمع أشهب في الذي يشهر بالمرأة في الشعر، فيوقف على ذلك، فيقول: قول قلته ليس له عندي أصل ما رأيت أحدًا حد في مثل هذا، ولم يزل الشعراء يقولون، فما رأيت من حد فيه إلا أن يكون الشيء البين جدًّا؛ لأن للشعراء استعارات لطيفة، ومجازات بعيدة.
وقال ابن حرز في كتاب اللعان: من عرض لولده في القذف، لم يحد لبعده من التهمة في ولده، ولذا لم يقتل به إلا أن يتبين عمده.
وعزاه الشَّيخ في القذف لابن الماجِشُون، ومرة لمالك.
وفيها: من قال لعربي: يا مولى أو يا عبد حد.
وفيها: من قال لعربي: لست من العرب، أو قال له: يا حبشي أو يا فارسي أو يا
رومي حد، وإن قال لفارسي أو لبربري: يا عربي لم يحد.
واختلف قول مالك: فيمن قال لبربري أو لرومي: ياحبشي، هل يحد أو لا؟ وأرى أن لا حد عليه.
اللخمي: من قال لرجل: يا ابن اليهودي، أو يا ابن النصراني.
فقال ابن القاسم: يحد.
وقال أشهب: لا يحد.
قُلتُ: وربما أجريا على القولين في التكفير بنفي الصفات وعدمه.
قال: وكذا قوله: يا ابن الأقطع أو يا ابن الأعور، ويا ابن الأحمق أو يا ابن الأقرن أو يا ابن الآدم، وليس أحد من آبائه كذلك حد عند ابن القاسم، وعلى قول أشهب لا يحد.
وإن قال: يا ابن الحجام أو يا ابن الخياط، وليس في آبائه من عمل ذلك.
فقال ابن القاسم: إن كان المقول له ذلك من العرب حد، وإن كان من الموالي لم يحد.
وروى ابن وَهْب: يحد فيهما، إلا أن يكون من آبائه من عمل ذلك.
وقال أشهب: لا حد عليه فيهما، إن حلف أنه لم يرد نفيه من آبائه.
وفيها: من قال لرجل: زنى فرجك أو يدك أو رجلك حد.
الصقلي عن محمد: قال أشهب: لا يحد في قوله: زنت يداك أو رجلاك وينكل.
الباجي: من قال لرجل: ليس لك أصل ولا فصل، ففي الموازيَّة والعتبيَّة لا حد عليه.
وقال أشهب: يحد.
وقيل: إن كان من العرب، ففيه الحد، ولابن حبيب عن ابن الماجِشُون إن قاله في مشاتمة، فإن لم يكن من العرب؛ ففيه الأدب في الخفيف مع السجن، وإن قاله لعربي حد إلا أن يعذر بجهل، فيحلف ما أراد قطع نبسه، وعليه ما على من قاله لغير عربي، وإن لم يحلف حد.
وفي زاهي ابن شعبان: لو قال مولى لعربي: أنا خير منك حد، وقاله الزهري وكذا لو كانا ابني عم، قاله أحدهما لصاحبه، وفي هاتين المسألتين اختلاف، وبهذا أقول.
وروى اللخمي وغيره: من قال لرجل: لا أبى لك لا شيء عليه إلا أن يريد النفي، وهذا مما يقوله الناس في الرضا، ومن قاله في مشاتمة أو غضب، فهو شديد، ويحلف ما أراد نفيًا.
وفيها: إن قال له: أنت ابن فلان نبسة إلى جده، ولو في مشاتمة لم يحد، وكذا لو نبسه إلى جده لأمه، ولو نسبه إلى عمه أو خاله أو زوج أمه حد، وكذا إن نسبه إلى غير أبيه على غير سباب.
ولما ذكر الباجي قول ابن القاسم: لا يحد.
وقال أشهب: يحد، قال محمد: قول ابن القاسم أحب إلي إلا أن يعرف أنه أراد القذف، مثل أن يتهم الجد بأمه ونحوه، وإلا لم يحد قد ينسب إليه لشبهه في طبع أو خلق.
ثم ذكر قول ابن القاسم في نسبته إياه إلى عم أو خال أو زوج أم، قال: وقال أشهب: لا حد عليه إلا أن يقوله في مشاتمة.
وقال أَصْبَغ ومحمد، قال أَصْبَغ: قد سمى الله تعالى العم أبًا، فقال تعالى:{إِلَهَكَ وَإِلَهَ آبَائِكَ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ} [البقرة:133] ونحوه.
ونقل اللخمي وابن شاس: وطاهره أو نصه أن قول أَصْبَغ كأشهب.
وقال ابن الحاجب: لو نسبه إلى جده في مشاتمة، لم يحد إلا ببيان القذف بخلاف عمه.
وقال أشهب: يحد فيهما.
وقال أَصْبَغ: لا يحد فيهما بخلاف خاله، وزوج أمه وما نقله عن أَصْبَغ خلاف نقل ما تقدم عنه، ولعله نص قول أَصْبَغ بالجد والعم من مفهوم استدلاله.
اللخمي: من قال لامرأة يا زانية، فقالت: بك زنيت.
فقال مالك: تحد للرجل وللزنا إلا أن تنزع عن قولها؛ فتحد للرجل فقط، ولا يحد
لها؛ لأنها صدقته.
وقال أشهب: إن نزعت، وقالت: ما قلت ذلك إلا على وجه المجاوبة، ولم أرد قذفًا، ولا إقررارًا؛ فلا تحد ويحد الرجل.
وقال أَصْبَغ: يحد كل منهما لصاحبه، وإن نزعت عن قولها، ولو قال ذلك لامرأته فأجابته بذلك.
فقال الشَّيخ عن عيسى عن ابن القاسم: لا حد عليها للقذف، وعليه الحد لها إلا أن يلاعن.
قال عيسى: لا حد عليه ولا لعان.
قال: وقال محمد عن ابن شهاب: من قال لرجل: يازان، فأجابه: أنت أزنى مني أنه قذف منه، وإقرار بالزنا.
وهذا يؤيد قول ابن القاسم: وأبى ذلك مالك، وقال: يحدان جميعًا، ـ وإليه نزع أَصْبَغ.
اللخمي: من قال لرجل: يا ابن الزانية، فأجابه بقوله: أخزى الله ابن الزانية.
فقال ابن القاسم: يحلف المجيب أنه ما أراد قذفًا، فإن لم يحلف سجن حتى يحلف.
وقال أَصْبَغ: هو معرض، ويحد ثمانين، وقول ابن القاسم أبين.
وسمع أَصْبَغ ابن القاسم، في مسلم قال لنصراني: يا ابن الفاعلة، فقال له أخزى الله ابن الفاعلة، يحلف النصراني بالله ما أراد قذفًا، فإن لم يحلف سجن حتى يحلف، وقال أَصْبَغ: يحد؛ لأنه جواب في مشاتمة، فهو تعريض.
ابن رُشْد: إن طال أمره ولم يحلف تخرج على قولين: أحدهما: أنه يطلف ولا يكون عليه شيء،؟؟؟: أنه يحد.
وفيها: من قال لزوجته: زنيت وأنت مستكرهة، أو قال ذلك لأجنبيه لاعن للزوجة وحد للأجنبية، ولو جاء في هذا ببينة لم يحد.
الصقلي في الموازيَّة: يحد وإن أقام البينة؛ لأنها ليست بذلك زانية.
وعزاه اللخمي لمحمد وسَحنون، وحملاه على إرادة التعريض بما كان طوعًا؛ لأن
المستكرهة لا ينسب الفعل إليها.
فيقال لها: زنيت، وإنا يقال: زني بها، والأول أبين؛ لأن ذلك مما لا تميزه العامة.
قُلتُ: فينتج الفرق بين العامي وغيره.
اللخمي: قال ابن القاسم: من قال لزوجته: زنيت وأنت صبية أو أنت نصرانيَّة أو مستكرهة لاعن؛ لأنه قاذف أو معرض.
وعلى قول أشهب وعبد الملك: لا لعان عليه، إذا أثبت ما رماها به، وهو أحسن، ولم يذكر ابن القاسم صفة لعانه، ويشبه أنه إن شهد أربع شهادات بالله أنه لم يرد تعريضًا؛ وإنما أراد ما أثبت أنه كان في الصبا أو الكفر، ولا لعان عليها.
وفيها: من قال لعبد أو أمة قد عتقا: زنيتما في حال رقكما، أو قال لهما: يا زانيا، ثم أقام بي
نة أنهما زنيا في الرق، لم يحد؛ لأن اسم الزنا لازم لهما في حال الرق، وإن لم تقم البينة حد.
ولو قال: زنيتما في حال الصبا أو الكفر، وأقام بذلك بينة، لم ينفعه ذلك، وحد؛ لأن هذا لا يقع عليه اسم زنا.
اللخمي: ولو قال: لمن يعرض له جنون، ثم يفيق: يا زان، أو زنيت وأنت مجنون.
فعلى قول ابن القاسم: يحد ولو أثبت ذلك.
وعلى قول عبد الملك: لا يحد إن أثبت ذلك.
وعلى قول أشهب: يحد إن قاله في مشاتمة، وإن قاله في غير مشاتمة لم يحد، وإن لم يثبت ذلك.
قُلتُ: دليل قول ابن القاسم، أنه غير منصوص له.
وفيها: في أوائل الرجم: ويحد قاذف المجنون، وكان يجري لنا مناقضتها بقولها في القذف: كل ما لا يقام فيه الحد ليس على من رمى به رجلًا حد الفرية، ويجاب بحمل قولها في الرجم على المجنون الذي يفيق أحيانًا.
الشَّيخ في الموازيَّة: من قال لجماعة: أحدكم زان أو ابن زانية لم يحد، إذ لا يعرف من
أراد، وإن قام به جماعتهم.
فقد قيل: لا يحد، ولو أدعي أحدهم أنه أراده، لم يقبل منه إلا بالبيان أنه أراده.
وقال ابن رشد في رسم العرية، من سماع عيسي ما حكاه ابن المواز: أنه قد قيل لا يجد، وقد قام به جماعتهم بعيد؛ لأنه يعلم أنه قال: أحدهم، فلا حجة له إذا قام به جميعهم، ووجه على بعد أنه لما جهل المقذوف منهم لم يحد؛ لأن الحد؛ إنما هو لإسقاط المعرة عن المقذوف، والمعرة لم تلحق بواحد منهم بعينه، فيحد له ولا لجميعهم، إذ لم يقذف إلا واحداً منهم.
وسمع عيسي ابن القاسم: من قال لرجل يا زوج الزانية، وتحته امرأتان، فعفت واحدة، وطلبت الأخرى حدها، إن حلف أنه ما أراد بالقذف إلا التي عفت بريء، فإن نكل حد.
ابن رشد: وكذا لو كانت إحداهما قد ماتت، وقامت الحية بحدها؛ لكان القول قوله مع يمينه، أنه إنما أراد الميتة.
وذكر الباجي مسألة عيسي لابن القاسم في العتيبة والواضحة، قال: وهذا خلاف ما ذكر محمد في القائل لجماعة: أحدكم زان ويحتمل أن الجماعة في مسألة محمد خرجوا بكثرتهم عن حد التعيين، وأن الاثنين وما قرب في حد التعيين.
الشيخ عند محمد: من قال لرجل: يا قرنان حد، إن قامت به امرأته؛ لأنه عند الناس زوج الفاعلة، وقال ابن القاسم.
وقال يحيي بن عمر: لا يحد ويضرب عشرين سوطاً.
قال ابن شاس: قال القاضي أبو عبد الله بن هارون المالكي البصري: من قال لرجل: يا نغل حد؛ لأنه قذف، ولو قال الرجل لنفسه: أنا نغل حد؛ لأنه قذف أمه، وكذا لو نسب نفسه لبطن أو نسب أو عشيرة غير بطنه أو نسبة وعشيرته حد؛ لأنه قذف أمه.
قلت: واللفظة بالنون والغين المعجمة.
قال الجوهري: نغل الأديم بالكسر أي: فسد، فهو نغل، ومنه قولهم: فلان نغل إذا
كان فاسد النسب.
قلت: فينبغي ضبط الغين بالكسر على وزن حذر.
قال ابن عبد السلام: وطرد هذا أن من قال لرجل: يا ولد زني، ثم عفا المقول له ذلك عن القاذف أن للأم القيام بحقها في الحد.
قلت: وهذا اللازم حق، وهو مقتضي قولها: ومن قال لعبده وأبواه حران مسلمان، لست لأبيك، ضرب سيده الحد.
وقال اللخمي: وذكر سحنون عن أشهب: لا حد على من قطع نسب عبد، وإن كان أبواه حرين؛ لأنه يصح أنها أتت به، وزعمت أنها ولدته؛ فلا يكون قذفاً لواحد منهما.
وفيها: من قذف ولده أو ولد ابنه، أو ولد ابنته، فقد استثقل مالك، أن يجد: لولده وقال: ليس ذلك من البر.
ابن القاسم: إن قام بحقه حد له، ويجوز عفوه عنه عند الإمام، وكذا ولد الولد.
زاد الشيخ عنه في الموازية:: يحد له، ثم لا تقبل شهادة الولد في شيء، لقوله تعالي:{فَلا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ} } [الإسراء:23] وهذا يضرب بظهره.
ولابن حبيب عن أصبغ: لا يحد له أصلاً.
واستشكل الشيخ عز الدين الحكم له بحده مع تجريحه؛ لأن الحاكم لا يحكم بمعصية.
وذكر ابن عبد السلام الخلاف في حده لابنه بصريح القذف وتعريضه.
وتقدم لابن محرز عن المذهب.
وللشيخ عن ابن الماجشون: أنه لا يحد في تعريضه بابنه.
وفيها: من قال بنيه: ليسوا بولدي، فقام عليه إخوتهم لأمهم نم رجل غيره بحده وقد ماتت، إن حلف أنه لم يرد قذفاً، وإنما اراد في قلة طاعتهم لم يحد، وإن نكل حد.
وسمع ابن القاسم: من شتمه خاله أو عمه أو جده لا أرى له عليهم شيئاً، إن كان على وجه الأدب له، وكأني رأيت مالكاً لا يري الأخ مثلهم إذا شتمه.