الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قلت: وبه أفتى ابن لبابة.
الباجي: ويستتاب المرتد ثلاثة أيام، وروى ابن القصار: ويستتاب في الحال، إن لم يتب قتل.
وروى أشهب: لا عقوبة عليه إن تاب، وليس في استتابته تخويف ولا تعطيش في قول مالك.
وقال أصبغ: يخوف في الثلاثة الأيام بالقتل، ويذكر الإسلام، والعبد في ذلك كالحر والمرأة كالرجل، قاله مالك.
[باب السحر]
السحر: أمر خارق للعادة مسبب عن سبب معتاد كونه عنه، وتخرج المعجزة والكرامة (1).
الشيخ: قال محمد من قول مالك وأصحابه: إن الساحر كافر بالله، فإذا سحر هو بنفسه؛ قتل ولم يستتب، والسحر كفر.
قال مالك: هو كالزنديق إذا عمل السحر بنفسه قتل ولم يستتب، وقد أمرت حفصة في جارية لها سحرتها أن تقتل فقتلت.
ابن عبد الحكم وأصبغ: هو كالزنقة مظهراً استتيب، ميراثه لورثته المسلمين، وإن كان للسحر والزندقة مظهراً استتيب، فإن لم يتب قتل، وماله في بيت المال، ولم يصل عليه.
ولما ذكر الباجي رواية محمد أن السحر كفر، قال: إن عمله مسلم فهو مرتد، ويحتمل أن معنى قوله أنه كافر، أن فعله دليل على الكفر، ولا يقتل الساحر إلا الإمام.
قال أصبغ: وليس لسيده قتله، ولا يقتل حتى يثبت أن ما فعله من السحر الذي وصفه الله به بأنه كفر.
قال أصبغ: يكشف عن ذلك من يعلم حقيقة السحر، ويثبت ذلك عند الإمام.
وفي الموازية في الذي يقطع أذن الرجل، أو يدخل السكاكين في جوف نفسه إن كان سحراً قتل، وإن كان خلابة عوقب.
قال أبو عمر: روى ابن نافع في المبسوط في امرأة أقرت أنها عقدت زوجها عن نفسها، أو غيرها أنها تنكل لا تقتل، قال: ولو سحر نفسه لم يقتل بذلك.
قلت: الأظهر أن فعل المرأة سحر، وأن كل فعل ينشأ عنه حادث في أمر منفصل عن محل الفعل أنه سحر.
الباجي عن ابن عبد الحكم وأصبغ: هو كالزنديق، من كان للسحر والزندقة مظهراً استتيب، وحكى عبد الوهاب، أنه لا يستتاب، ولا تقبل توبته، وحمل عليه قول مالك، قال: لأنه عنده كفر، فتقرر من هذا أن قول ابن عبد الحكم وأصبغ ومحمد مخالف لقول مالك، وإن تأولوا عليه خلاف ما تأول عليه عبد الوهاب.
فإن كان الساحر ذمياً، فقال مالك: لا يقتل إلا أن يدخل بسحره ضرراً على المسلمين، فيكون نقضاً لعهده لا تقبل منه توبة غير إسلامه، وإن سحر أهل ذمته أدب إلا أن يقتل أحداً فيقتل به.
وقال سحنون في العتيبة: يقتل إلا أن يسلم.
الباجي: ظاهر قول سحنون، أنه يقتل بكل حال، إلا أن يسلم خلاف قول مالك: لا يقتل إلا أن يؤذي مسلماً أو يقتل ذمياً، ومن لم يباشر عمل السحر، وجعل من يعلمه له.
ففي الموازية: يؤدب أدباً شديداً.
وسمع عبد الملك ابن القاسم: صغير ولد المرتد، إن كان ولده قبل ردته؛ جبر على الإسلام، وضيق عليه، ولا يبلغ به الموت إن ولده بعد ردته جبروا على الإسلام وردوا إليه، وإن لم يدركوا حتى بلغوا تركوا، وأقروا على دينهم؛ لأنهم ولدوا على ذلك، وليس
ارتداد أبيهم ارتداداً لهم.
وقال ابن كنانة: يستتاب، فإن تاب وإلا قتل، وإن غفل عنه حتى يشيخ ويتزوج لم يستتب ولم يقتل.
ابن رشد: قول ابن كنانة فيما ولده بعد ردته أنهم يستتابون، فإن تابوا وإلا قتلوا مالم يشيخوا على الكفر ويتزوجوا عليه، خلاف قول ابن القاسم.
قلت: هذا فيمن أبوه مرتد، وأما إن ارتد صغير مميز أبوه مسلم، ففي الجنائز منها: من ارتد قبل البلوغ؛ لم تؤكل ذبيحته، ولا يصلى عليه.
الشيخ عن محمد: قال ابن القاسم: في ابن لمسلم ولد على الفطرة، ثم ارتد وعقل الإسلام ولم يحتلم؛ جبر على الإسلام بالضرب والعذاب، فإن احتلم على ذلك ولم يرجع؛ قتل بخلاف من يسلم، ثم يرتد ثم يحتلم على ذلك، وفرق بينهما وليس بمنزلة ولد المرتد.
وجعلهم أشهب سواء، وقال: من ولد على الفطرة، ثم ارتد بعد أن عقل وقارب الحلم، ثم احتلم على ذلك: أنه يرد إلى الإسلام بالسوط والسجن، وقاله ابن عبد الحكم.
وقال ابن القاسم: يقتل، وقال ابن القاسم: من ترك ولده الصغير مع مطلقته النصرانية؛ لأنه ابنها فغفل عنه حتى احتلم على النصرانية، إن لم يرجع للإسلام لم يقتل وترك.
الشيخ عن كتاب ابن سحنون: قال ابن القاسم: ويوقف الإمام ماله قبل أن يقتل، والمعروف إن تاب المرتد رجع إليه ماله.
وروى ابن شعبان: أنه لا يرجع إليه، وهو فئ لبيت مال المسلمين.
ابن شاس: وقاله ابن نافع.
قلت: وعزاه اللخمي في كتاب الولاء لرواية المبسوط، وفي رجوع أمهات أولاده إليه بإسلامه، ولزوم عتقهن عليه، نقل الشيخ عن محمد، قولي ابن القاسم وأشهب، مع ابن حبيب عن أصبغ: ومال العبد لسيده أو لأرباب ديون عليه، وحكم الزوجة تقدم.
وسمع عيسى ابن القاسم: في المرتد يقتل في ارتداده نصرانياً، أو يجرحه إن أسلم لم يقتل به، ولم يستقد منه في الجرح؛ لأنه ليس على دين يقر عليه، وحاله في ارتداده في القتل والجرح إن أسلم كحال المسلم، إن جرح مسلماً اقتص منه، وإن قتل نصرانياً لم يقتل به، وإن جرحه لم يستقد منه.
قال عيسى: وإن قتل على ردته؛ فالقتل يأتي على ذلك كله.
ابن رشد: اختلف قول ابن القاسم فيه، مرة نظر إلى حاله يوم الحكم في القود والدية، ومرة نظر إلى حاله فيهما يوم الجناية، ومرة فرق بين الدية والقود؛ فنظر إلى القود يوم الفعل، وإلى الدية يوم الحكم، فعلى اعتباره يوم الحكم فيهما.
قال: إن قتل مسلماً قتل به، وإن جرحه اقتص منه، وإن قتل نصرانياً أو جرحه لم يقد منه في قتل ولا اقتص منه في جرح، وكانت الدية في ذلك في ماله، وإن كان القتل خطأ كانت الدية على العاقلة؛ لأنه مسلم يوم الحكم له عاقلة تعقل عنه، وهو قوله في هذه الرواية.
وفي رسم العتق بعد هذا من هذا السماع، وعلى قوله الذي نظر فيه لحاله يوم الفعل فيهما: يقاد منه إن قتل نصرانياً؛ لأنه كان كافراً يوم الفعل، وإن جرح نصرانياً عمداً اقتص منه، وإن جرح مسلماً عبداً؛ أجري على الخلاف في النصراني يجرح العبد المسلم، وإن قتل مسلماً أو نصرانياً خطأ كانت الدية على المسلمين؛ لأنهم هم ورثته يوم الجناية ولا عاقلة له يومئذ.
وهو قول ابن القاسم في رسم الصلاة من سماع يحيى، وعلى هذا القياس يجري حكم جناياته على القول الثالث الذي فرق فيه بين القود والدية، وفي نكاحها الثالث، ونحوه في القذف إن قتل على ردته، فالقتل يأتي على كل حد أو قصاص وجب عليه للناس إلا القذف؛ فإنه يحد ثم يقتل.
وكان يجري لنا في التدريس مناقضة قولها في الكتابين بقولها في كتاب القذف: وإذا قذف حربي في بلد الحرب مسلماً، ثم أسلم الحربي بعد ذلك أو أسر فصار عبداً؛ لم يحد للقذف، ألا ترى أن القتل موضوع عنه؟.
قلت: فإسقاط حد القذف بسقوط القتل؛ دليل على دخول حد القذف في القتل، والمنصوص له خلافه فتأمله.
الشيخ عن الموازية: لو قتل عمداً في ردته، وفر لبلد الحرب؛ لم يكن لولاه القتيل في ماله شئ، وإن كان القتيل عبداً أو ذمياً؛ أخذ ذلك من ماله.
وأشهب يرى لولاة المسلم أخذ الدية من ماله إن شاءوا أو عفوا، وإن شاءوا صبروا حتى يقتلوه.
قال: وروى أبو زيد عن ابن القاسم: أنه إن قتل مسلماً خطأ؛ فديته في بيت المال؛ لأن ميراثه للمسلمين.
قلت: وتقدم هذا في كلام ابن رشد.
اللخمي عن أصبغ: ليس على من قتل مرتداً من مسلم أو ذمي عمداً قصاص للشبهة، ولا يطل دمه، والعمد فيه كالخطأ وديته للمسلمين، ولو جرحه مسلم أو ذمي قبل ردته، ثم قتل على ردته فلا قود فيه، وعقله للمسلمين، وتقدم الخلاف في حكم قاتله.
وفي ثالث نكاحها: إن راجع الإسلام وضع عنه ما كان لله قد تركه من صلاة أو صوم أو زكاة أو حد، وما كان عليه من نذر أو يمين بعتق أو بائنة أو بظهار، ويؤخذ بما كان للناس من قذف أو سرقة أو قتل أو قصاص أو غيره مما لو فعله في كفره أخذ به.
عياض: كذا روايتنا أو عليه ظهار، وهو محتمل لمجرد الظهار أو يمين بالله، وعليه اختصرها الشيخ بقوله: وتسقط أيمانه بالعتق والظهار وغيرهما، ونقلها غيره، وعليه أيمان بعتق أو ظهار.
ونقلها ابن أبي زمنين وغيره على لفظ الكتاب لاحتمال الوجهين، ولا شك أن حكم اليمين بالظهار، كاليمين بالطلاق، ولم ينص ابن القاسم على يمين الطلاق، ونص عليه غيره، فهو خلاف قول ابن القاسم، واختلف قول ابن القاسم في يمين الظهار عند محمد.
قال بعض شيوخنا: وكذا على لفظ الكتاب: لو كان الظهار حنث فيه؛ فوجبت فيه
الكفارة لأسقطها ارتداده، وتأول على ذلك مسألة الكتاب بخلاف لو كان لزمه مجرد ظهار؛ لم يحنث فيه لم يسقطه ارتداده، كمبتوتة الطلاق، ومثله في الموازية.
وقال غيره: لا فرق بين مجرد الظهار واليمين به، والردة تسقط ذلك، وأكثرهم يحملون قول ابن القاسم أن الردة لا تسقط طلاق البتات، وبعضهم يقول: إن ما ألزم الغير من ذلك واحتج به لا يلزم.
ابن القاسم: إذ لا يقوله.
وقال ابن زرب: مذهب ابن القاسم: أن الردة تسقط الطلاق، ويجوز للمطلق ثلاثاً قبل ارتداده نكاحها دون زوج، وحكاه إسماعيل القاضي عن ابن القاسم.
وقال أبو عمران: هذا الأشهر عنه، وحكى الدمياطي عنه خلافه، وأنها لا تحل له قبل زوج، وقول غيره: إذا ارتد المحلل إن ردته لا تبطل الإحلال لا يلزم.
ابن القاسم: لأن المنصوص في الدمياطية أنه يبطل ولا تحل لمطلقها، ولو ارتدا جميعاً، ثم أسلما جاز أن يتناكحا عندهم، على قول ابن القاسم، واختلفوا في أيمانه بالعتق التي أسقطها، هل هي في غير المعين، وأما المعين فيلزم كالمدبر، وقيل: المعين وغيره سواء.
عياض: والأصل في ذلك كله هل حكمه حكم الكافر الأصلي، قوله تعالى:(لَئِنْ أَشْرَكْت لَيَحْبَطَنَّ عَمَلك)[الزمر: 65]، فتبطل طاعته المتقدمة، ويسقط عنه ما يسقط عن الكافر الأصلي إذا أسلم، وإليه ذهب ابن القاسم.
أو يقال: حكمه إذا رجع للإسلام حكمه الأول، وكأنه لم يرتد، وعليه قول أشهب، ولذا ورث من مات ممن يرثه أيام ردته، وأبقى زوجته على عصمته، فعلى هذا الخلاف في ردته هل تنقض الطهارة، ويلزمه إعادة الحج، ولا خلاف أن ما يلزمه في حال الكفر الأصلي أو الردة؛ أنه يلزمه في حال رجوعه إلى الإسلام كحقوق الآدميين، وأن ما لا يلزمه من الطاعات حال كفره الأصلي، لا يلزمه بعد كسائر العبادات؛ وإنما لزمه الحج؛ لأنه ليس له وقت محصور يفوت بفواته كالصلاة والصوم، ووقت الحج موسع إلى بقية العمر.
ورجح القابسي قول الغير، وقال: قول ابن القاسم استحسان، والنظر خلافه.
وفيها: والردة تزيل إحصان المرتد من رجل أو امرأة ويأتنفان الإحصان إذا أسلما.
وقال غيره: لا تطرح ردته إحصانه، ولا أيمانه بالطلاق.
وفي أمهات الأولاد منها: إن قتل على ردته؛ عتقت أم ولده من رأس ماله ومدبروه في الثلث وتسقط وصاياه.
الباجي: من تزندق من أهل الذمة، فروى ابن حبيب عن مالك، ومطرف وابن عبد الحكم وأصبغ: لا يقتل؛ لأنه خرج من كفر إلى كفر.
وقال ابن الماجشون: يقتل؛ لأنه دين لا يقر عليه أحد، ولا تؤخذ عليه جزية.
قال ابن حبيب: لا أعلم من قاله غيره، ويحتمل أن يريد هنا بالزندقة التعطيل، ومذاهب الدهرية، مما ليس بشريعة، أو يريد الإسرار بما خرج إليه، وإظهار ما خرج عنه، والأول أظهر.
وإذا أسلم اليهودي الذي تزندق، فروى أبو زيد الأندلسي عن ابن الماجشون: يقتل كالمسلم يتزندق ثم يتوب.
وفي التجارة لأرض الحرب منها: وإذا أسلم عبده الكافر أو أمته بيعا عليه، وكذا عبده الصغير، يسلم إن عقل الإسلام؛ لأن مالكاً قال: في الصبي الحر إذا عقل الإسلام فأسلم، ثم بلغ فرجع عن الإسلام جبر على الإسلام.
وفي نكاحها الثالث: وإذا أسلم الصبي الذمي، وقد زوجه ابوه مجوسية؛ لم يفسخ نكاحه، إلا أن يثبت على إسلامه حتى يحتلم، فتقع الفرقة بينهما إلا أن تسلم هي عند ذلك.
قال ابن الحاجب: ويحكم بإسلام المميز على الأصح، ويجبر إن رجع.
قلت: عزا ابن هارون القولين لابن القاسم، وذكر مسألة كتاب النكاح الثالث فقط.
قلت: ويقوم له القول الآخر مما حكيناه عنه في التجارة بأرض الحرب.
وعزا الصقلي الأصح إلى ابن وهب، قاله في النكاح الثالث، ولم يعزهما ابن عبد
السلام بحال.
وكذلك اللخمي ذكرهما في النكاح الثالث، غير معزوين.
وفي نكاحها الثالث وغيره منها: تبعية الولد الصغير لأبيه في الدين، وأن إسلامه إسلام لصغير ولده مطلقاً.
ومن لفظها: والنصراني يسلم وولده صغارهم مسلمون.
قال سحنون: وأكثر الرواة أنهم مسلمون بإسلام أبيهم.
قال عياض: قال فضل: هذا يدل على أن من الرواة من يقول: ليس إسلام أبيهم إسلاما لهم، وإن كانوا صغاراً.
قلت: وقال ابن بشير في النكاح الثالث: إسلام الأبوين إسلام لأولادهما الصغار، وأما من ميز، فهل يكون إسلامهما إسلاماً له قولان.
قلت: وقال اللخيمي: إن كان الصغير في سن من لا يميز، فهو مسلم بإسلام أبيه وإن عقل دينه، لم يكن بإسلام أبيه مسلماً.
قلت: ففي تبعية الصغير غير المراهق لأبيه في إسلامه وكفره دون أمه، وتبعيته لأولهما إسلاماً، معروف المذهب.
ونقل الصقلي عن ابن وهب: ونقل بعضهم قصر تبعيته لأمه، كالحرية لا أعرفه في المذهب.
وفي نكاحها الثالث: من أسلم، وله ولد صغار فأقرهم حتى بلغوا اثني عشرة سنة، وشبه ذلك، فأبوا الإسلام؛ فلا يجبروا.
وقال بعض الرواة: يجبرون وهم مسلمون، وهو أكثر مذاهب المدنيين، وله ولد مراهق من أبناء ثلاث عشرة سنة، وشبه ذلك، ثم مات الأب وقف ماله إلى بلوغ الولد، فإن أسلم ورث الأب، وإلالم يرثه؛ وكان المال للمسلمين، ولو أسلم الولد قبل احتلامه، لم يعجل بأخذ ذلك؛ لأن ذلك ليس إسلام.
ألا ترى أنه لو أسلم، ثم رجع إلى النصرانية، أكره على الإسلام، ولم يقتل.
الصقلي: وقيل إسلامه إسلام ولد الميراث؛ لأنه لو رجع إلى النصرانية جبر على