المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[باب الكناية في العتق] - المختصر الفقهي لابن عرفة - جـ ١٠

[ابن عرفة]

فهرس الكتاب

- ‌[باب الخطأ في الدماء]

- ‌باب فيما يوجب الضمان من الأسباب التي يقصد بها التلف

- ‌[باب فيما يتقرر على العاقلة من الخطأ]

- ‌[باب في القطع والكسر والجرح وإتلاف منفعة من الجسم]

- ‌[كتاب الديات]

- ‌[باب في الدية المخمية]

- ‌[باب في دية الفضة والذهب]

- ‌[باب في المربعة في الإبل]

- ‌[باب في المربعة على أهل الذهب]

- ‌[باب في المثلثة في أهل الإبل]

- ‌[باب في الدية المغلظة في أهل الذهب والورق]

- ‌[باب الغرة]

- ‌[باب ما تجب فيه الكفارة في القتل]

- ‌[باب في الكفارة في القتل]

- ‌[كتاب القسامة]

- ‌[باب في سبب القسامة]

- ‌[باب في اللوث]

- ‌[كتاب الجنايات باب البغى]

- ‌[باب الردة]

- ‌[باب فيما تظهر به الردة]

- ‌[باب الزنديق]

- ‌[باب السحر]

- ‌[باب الزنا]

- ‌[باب في الإكراه على الزنا]

- ‌[باب في شرط إيجاب الزنا الحد]

- ‌[باب في شرط الإحصان الموجب للرجم]

- ‌[باب في الحد والتغريب]

- ‌[باب القذف]

- ‌[باب الصيغة الصريحة للقذف]

- ‌[باب في التعريض بالقذف]

- ‌[باب في شرط وجود حد القذف]

- ‌[باب في شرط الحد…يفعل الزنا]

- ‌[باب في شرط الحد في المقذوف المنفي]

- ‌[باب العفاف الموجب حد قاذفه]

- ‌[كتاب السرقة]

- ‌[باب النصاب]

- ‌[باب في المعتبر في المقوم]

- ‌[باب فيمن يقوم السرقة]

- ‌[باب الحرز]

- ‌[باب في شرط قطع السارق]

- ‌[باب موجب السرقة]

- ‌[كتاب الحرابة]

- ‌[باب في موجب الحرابة وحدها]

- ‌[باب الشرب الموجب للحد]

- ‌[باب فيما يثبت به الحد في الشرب]

- ‌[باب صفة الشاهد بالرائحة]

- ‌[كتاب العتق]

- ‌[باب المعتق]

- ‌[باب المعتق]

- ‌[باب صيغة العتق]

- ‌[باب صريح صيغة العتق]

- ‌[باب الكناية في العتق]

- ‌[باب القرعة فى العتق]

- ‌[كتاب الولاء]

- ‌[باب معنى من له الولاء]

- ‌[كتاب المدبر]

- ‌[باب المدبر]

- ‌كتاب الكتابة

- ‌[باب المكاتب]

- ‌[كتاب أم الولد]

- ‌[كتاب الوصية]

- ‌[باب في الموصي]

- ‌[باب الموصى به]

- ‌[باب فيما تدخل فيه الوصية]

- ‌[باب في وقت اعتبار الثلث في التركة من الوصية]

- ‌[باب في شروط الوصي]

- ‌[كتاب الفرائض]

الفصل: ‌[باب الكناية في العتق]

[باب الكناية في العتق]

والكناية وهبت لك نفسك واذهب واعزب ونحوه.

وشرط الكناية النية.

قلتُ: مقتضاه شرط النيَّة في وهبت لك نفسك، وفي المدَوَّنة خلافه.

قال ابن القاسم: سمعت مالكًا يقول: في الرجل يقول لعبده: قد وهبت لك نفسك أنه حر.

وسألت مالكًا عن رجل وهب لعبده نصفه قال: هو حر كله.

وفيها: إن أراد أن يقول لزوجته: أنت طالق أو لأمته أنت حرة، فقال لها: ادخلي الدار ونحو ذلك؛ لم يلزمه شيء حتى ينوى أن الأمة حرة، والزوجة طالق بما يلفظ به

ص: 311

من القول، وكذا إن قال لجاريته: أن برية أو خلية أو بائن أو بانت، أو قال لها: كلي أو اشربي أو تقنعي؛ يريد بذلك: اللفظ الحرية، فهي حرة.

اللخمي: ولأشهب في الموازيَّة: إن أراد به العتق أو الطلاق، لم يلزمه عتق ولا طلاق، وإن أراد: إذا قلتِ هذا؛ فأنت حر أو طالق، لزمه.

قلتُ: خرجه بعض المتأخرين على أن اللغات توقيفية، وتحصيل الصيغة أن ما لا ينصرف عن العتق بالنيَّة ولا غيرها صريح، وما يدل على العتق بذاته وينصرف عنه بالنيَّة ونحوها كناية ظاهرة، وما لا يدل عليه إلا بالنيَّة كناية خفية فالأول كأعتقت، وأنت حر، ولا قرينة لفظية قارنته.

والثاني: كقولها: أنت حر اليوم من هذا العمل، وكقوله: لا سبيل لي عليك، ولا ملك لي عليك، والثالث واضح.

وفي كونه عتقًا باللفظ أو بالنيَّة قولان؛ لظاهر نصوص المذهب، وزعم اللخمي، قاله في الطلاق ابن شاس، لو قال في حال المساومة وهو عبد جيد حر، لم يلزمه شيء لصرف القرينة إلى المدح دون العتق.

قلتُ كقولها: ومن عجب من عمل عبده أو من شيء رآه، فقال له: ما أنت إلا حر لا شيء عليه، ولو قامت بذلك بينة.

وفي فتاوى ابن زَرْب: من عقد عليها وثيقة عبر فيها عن مملوكها بمولاتها فزعمت المملوكة أنها حرة، واحتجت بهذه اللفظة، وقالت المرأة المولاة: عندي والمملوكة سواء

فقال: نزلت هذه المسألة، وأفتى فيها أبو إبراهيم واللؤلؤي بأنها حرة، وبه أقول، وكان أهل المجلس اختلفوا فيها.

وفيها: من قال لعبده: إن بعتك فأنت حر، فباعه عتق على البائع ورد الثمن.

اللخمي: وقال ربيعة وعبد العزيز ابن أبي سلمه: لا حرية للعبد، وهو رق لمشتريه.

قلتُ: وعزاه الصقلي أيضًا لعبد الملك ابن الماجِشُون، خلاف ما يأتي للخمي عنه.

قال اللخمي: واختلف إن قال: بعتك فأنت حر إلى سنة، ففي الموازيَّة يفسخ بيع

ص: 312

العبد، ويكون حرًا إلى سنة.

وقال ابن الماجِشُون: لا حرية له، وهو رق لمشتريه؛ لأن إنما يقع الحنث بعد بيعه، وإنما اعتق ملك غيره، ووافق مالكًا إذا قال: فأنت حر، ولم يقل إلى سنة.

قلتُ: تعليله في مسألة إلى سنة يوجب استواء المسألتين.

وقال ابن رُشْد في أول مسألة من رسم القطعان من سمَاع عيسى من الأيمان بالطلاق ما نصه: قول مالك فيمن قال لعبده: أنت حر إن بعتك فباعه، أنه حر على البائع استحسان على غير قياس.

والقياس فيها: قول من قال: إنه لا شيء على البائع؛ لأن العتق إنما وقع من البائع بعد حصول العبد لمشتريه، ومثله اختار اللخمي.

وفي توجيه المشهور بأن العتق والبيع وقعا معًا، فغلب العتق لقوته كتبديته في الوصايا، أو لأن محمله، فأنت حر قبل بيعي إياك، ثالثهما: لحنثه بمجرد بيعه المنكشف بقبول المشتري على الحنث بالأقل، للخمي عن محمد وإسماعيل القاضي وسَحنون وعلى المشهور.

قال اللخمي: في افتقاره إلى حكم قولان، لقول الموازيَّة: إن كانت أمة فأولدها المشتري غرم قيمة الولد يقاص بها من الثمن.

وقول محمد: لا شيء على المبتاع في الولد لم يرها في القول الأول حرة بنفس البيع، ورأى محمد أنها حرة به، والأول أحسن لشهرة الخلاف.

وفي تبعية العبد ماله وبقائه لبائعه، تخريج اللخمي على تعليل إسماعيل مع محمد، وقول سَحنون.

ابن رُشْد: وفيه نظر؛ لأن الذي يتأول على المذهب: أن العتق وقع بأول البيع قبل تمامه إذ لو تم فيه البيع لمل لزم العتق، وإذا وقع العتق قبل تمام البيع، وجب المال للعبد، ووجه قوله: إنه قصد إلى عتقه بالبيع وحكم البيع بقاء المال للبائع، صار كأنه استثناء؛ لأنه قال: المال للبائع؛ لأن البيع أوجب العتق فصار البائع أولى بالمال، هذا نص قوله.

ص: 313

الصقلي قال بعض أصحابنا: ولو كان المشتري استثنى مال العبد كان تبعًا للعبد لانتقاض البيع للعتق، فبطل كونه للمشتري فكان للعبد.

الصقلي: ولأن المشتري إنما استثناه للعبد، فإن كان البائع؛ إنما باع نصفه ولم يستثن المشتري ماله، فنصف ماله انتزعه السيد ببيعه إياه، والنصف الثاني باق للعبد، فإذا عتق عليه النصف الذي لم يبعه بالحكم، بيع العبد نصف ماله الذي بقي عليه ملكه، وقاله أبو عمران.

وفيها: ولو قال رجل مع ذلك: إن ابتعتك فأنت حر فابتاعه؛ فعلى البائع يعتق لأنه مرتهن بثمنه.

قلتُ: وعلى قول عبد الملك: يعتق على المشتري.

وفيها: من قال لعبد إن اشتريتك أو ملكتك فأنت حر فابتاعه بيعًا فاسدًا؛ عتق عليه بقيمته ورد الثمن.

قال ابن رُشْد: وعلى القول: إن البيع الفاسد لا ينقل الملك لا حنث عليه، قاله في رسم بيع من سمَاع عيسى.

الصقلي لابن سَحنون عنه: من حلف بحرية عبده إن باعه بيعًا فاسدًا، فلا حنث عليه.

وقال: محمد يحنث ويعتق عليه.

الصقلي: صواب وسمع يحيى ابن القاسم، من قال أول عبد ابتاعه فهو حر فابتاع رقيقًا صفقة واحدة؛ حنث في جميعها، كما لو ابتاع شقصًا من عبد؛ فإنه يقوم عليه.

ابن رُشْد: مثله لابن حبيب عن ابن الماجِشُون في الميراث، فأحرى أن يقوله في الشراء.

وقيل: يعتق أحدهم بالسهم.

وقيل: يختار واحدًا فيعتقه، والقولان لابن القاسم في أول سمَاع سَحنون: فيمن قال: من بشرني بكذا فهو حر، فيأتيه ثلاثة من عبيده في مرة واحدة.

وفيها: من قال كل مملوك له حر في يمين أو في غير يمين؛ حنث بما عتق عليه عبيده

ص: 314

ومدبروه ومكاتبوه وأمهات الأولاد وكل شقص له في مملوك، وتقوم عليه بقيته إن كان ملياً، ويعتق عليه أولاد عبيده من إمائه، ولدوا قبل يمينه أو بعد، وأما عبيد عبيده وأمهات أولادهم؛ فلا يعتقون ويكونون لهم تبعاً.

الصقلي عن محمد: إنما يعتق ما ولد لعبيده بعد يمينه في يمينه لأفعلن لا في يمينه لا فعلت، وإليه رجع ابن القاسم؛ وإنما يدخل في يمينه لا فعلت ما كان حملاً يوم اليمين.

قلت: في عتقها الثاني: من قال لأمته أنت حرة إن لم أفعل كذا إلى أجل كذا، فتقلد قبل الأجل؛ فهم بمنزلتها إذا عتقت، وليس له بيعها ولا بيع ولدها.

قال ابن رشد: هذا المشهور من قول مالك: وروي عنه: أنهم لا يدخلون وإن كان على حنث، وهو قول المغيرة، وإن كان يمينه على بر، فالقياس أن لا يدخلوا وهو أحد قولي مالك واستحسنه على كره، وقال مرة: تعتق بغير ولدها، وإن ضرب لفعله أجلاً ففيها الخلاف المتقدم.

الصقلي عن القابسي: إنما يعتق عليه كل شقص في مملوك إن كان له في كل عبد شريك، ولو كانوا عبيداً بينه وبين رجل قسموا، فما صار للحالف عتق عليه.

الصقلي: وهذا إنما يجري على قول محمد، والكتاب يدل على خلافه.

وحكي عن ابن الكاتب أنه قال: قول محمد: إنما يجري على قول أشهب في الأرض بين الرجلين يبيع أحدهما طائفة بعينها منها، فإن الأرض تقسم، فإن وقع البيع في حظ البائع مضى البيع، وإن وقع في حظ شريكه نقض، وابن القاسم يأبى ذلك، قال: ولابن سحنون عنه في ممالكي أحرار ولا نية له لا يعتق إناثهم، ثم رجع فقال: تعتق.

الصقلي: هذا هو قول المدونة لقولها: كل مملوك لي حر يعتق أمهات أولاده ولا فرق بين كل مملوك ومماليكي.

ابن سحنون: يدخل في رقيقي الإناث لا في عبيدي، ولو كانوا له إناث حوامل عتق ما أتين من غلام لأقل من ستة أشهر من يوم قوله، إذا لم يكن الحمل ظاهراً وكان الزوج مرسلاً عليها، وإن لم يكن مرسلاً عليها أو كان الحمل ظاهراً، فإنه يعتق عليه ما أتت به لخمس سنين.

ص: 315

وفيها لابن القاسم: في كل مملوك أملكه حر لا يلزمه العتق إلا فيما ملك يوم حلف، فإن لم يكن له يومئذ مملوك، فلا شيء عليه فيما يملك قبل الحنث أو بعده.

أشهب: لو قال: إن دخلت هذه الدار فكل مملوك أمله أبداً حر، فدخلها لم يعتق عليه ما عنده من العبيد؛ إنما أراد المستقبل.

عياض: يمينه بما يملكه إن قيد بالحال والاستقبال، اختص بهما وإن أهمله ففي تخصيصه بالحال وعمومه في الاستقبال اختلاف والعموم أشبه، وقاله ابن أبي زمنين وابن لبابة، ومسائل الكتاب مضطربة تدل على القولين.

وفيها مع غيرها: من أعتق جزءاً من عبده عتق جميعه.

اللخمي: اختلق قول مالك هل عتق بقيته بنفس العتق الأول أو بعد الحكم؟ وفرق مرة فقال: إن كان لها شريك فحتى يحكم، وقال: والأحسن وقفه على الحكم فيها، ثم قال: وهو الصحيح في المذهب.

ابن رشد في أول رسم من سماع يحي ابن القاسم: من اعتق نصف عبده وهو صحيح، فلم يرفع ذلك حتى مات العتق، لم يعتق منه إلا ما عتق في صحته، هذا مشهور المذهب، وقيل: يكون حراً كله بسريان العتق فيه جميعه حكاه عبد الوهاب.

الصقلي لابن سحنون عنه: قال ببعض أصحابنا: من أعتق نصف عبده فلم يترك عليه حثي باع النصف الأخر فأعتقه مبتاعه، رد بيعه وعتق باقيه على بائعه، وإن استحدث ديناً فلا بد نم فسخه ويباع ما رد لأهل الدين، وإن نقد مشتريه ثمنه كان أولى إذا بيع بمثل ما أخذ منه البائع، وما فضل للغرماء، وإن لم يكن دين غير الثمن الذي نقد، لم يعتق النصف حثي يعطي المشتري ما نقد، ويباع في ذلك النصف إن لم يكن له غيره، وإنما يباع منه بالثمن خاصة، ويباع مناقصة.

يقال: كم يشتري منه بعشر؟ فيقول قائل: آخذ نصفه بعشرة، وقول آخر: آخذ ثلثي نصفه بعشرة، هكذا حتى يقف، ثم يعتق ما فضل منه مع النصف الأول، ولا عتق للمشتري كان، المعتق الأول ملياً أو معدماً. أبو محمد: انظر قوله أو معدماً.

ص: 316

قلت: قوله في أول المسألة: قلم يتم عليه حتى باع نص في وقف تكميله عليه على الحكم.

الصقلي: لابن حبيب عن الأخوين من أعتق نصف عبده، ثم تصرف بنصفه على آخر- قوم على المعتق ولزمه نصف قيمته للمتصدق عليه، فإن مات المعتق أو فلس قبل أن يستتم عليه عتقه- استرق المتصدق عليه نصفه.

وسمع يحيى ابن القاسم من قال في كلام واحد نسق: نصف علامي حر ونصفه صدقة على فلان، أو بعكسه- إن بدأ بالعتق فهو حر كله- وإن بدأ بالعتق فهو حر كله، وإن بدأ بالصدقة فنصفه حر ويقوم عليه النصف المتصدق به، ثم قال: أراد عتيقاً كله لقول مالك: من تصدق بعبد ثم أعتقه قبل حوزه المتصدق عليه به- العتق أولى به.

أصبغ: ليس القول الثاني بشيء إنما يكون حجة إذا تصدق به، ثم لم يعتق إلا بعد حين يمكن أن يعلم المتصدق عليه بصدقته، فلا يقوم ولا يجوز حتى يعتق المتصدق فيجوز عتقه، وأما إن تصدق ثم أعتق في مقامه ذلك فهو متلف لصدقته راجع فيها فليس ذلك له.

ابن رشد: القول الذي رجع عنه هو القياس، والقول الثاني على القول بأن من أعتق بعض عبده عتق كله بالسراية دون أن يعتق عليه؛ ووجهه إنه لم أعتق بعضه بعد الصدقة بنصفه وقبل جواز المتصدق عليه راعى قول المخالف في أن الصدقة باقية على ملك المتصدق فجعل العتق يسري إليه فبطلت بذلك الصدقة.

وأما إن بدأ بالعتق فلم يختلق قوله في أنه يكون حراً كله وتبطل الصدقة، ولا يأتي إلا على القول بالسراية وعلى عدمها، وهو قوله في المدونة يكون عليه نصف قيمته إذا كان حراً؛ ونصفه صدقة، هما مسألتان في كل مسألة قول، والتفرقة بينها قول ثالث، ويتخرج فيها قول رابع: وهو التفرقة بالعكس فيلزمه قيمة النصف الذي تصدق به إن بدأ بالعتق، ولا يلزمه إن بدأ بالصدقة، وهو الأظهر؛ لأن العتق والطلاق لا يقعان في الصحيح من الأقوال بنفس تمام اللفظ به؛ بل بعد مهلة يتقرر فيها.

وذلك بين من قولها في الأيمان بالطلاق:- فيمن قال لأمراته قبل البناء: أنت طالق

ص: 317

أنت طالق أنت طالق، وفي نسق واحد:- أنه يلزمه الثلاث، فإذا قال الرجل في نسق واحد: نصف عبدي حر ونصفه صدقة على فلان، أو نصفه صدقة على فلان، ونصفه حر؛ صار المتقدم في اللفظ متأخراً في المعنى، والمتأخر في اللفظ متقدماً في المعنى.

وقوله: يقوم النصف إذا بدأ بالصدقة، هو خلاف سماع زونان من كتاب الصدقات أن العبد يقوم كله، ويكون للمتصدق عليه نصف القيمة.

قلت: وفي ألفاظ «المدونة» في ذلك اختلاف في الجنايات وغيرها.

وفيها: من أعتق شقاً له في عبد بإذن شريكه أو بغير إذنه، وهو ملي قوم عليه حظ شريكه بقيمته يوم القضاء، وعتق عليه، وإن كان عديماً لم يعتق عليه غير حظه وحظ الآخر رق له، إن كان ملياً بقيمة بعض حظ شريكه؛ قوم عليه بقدر ما معه ويباع عليه في ذلك شوار بيته، والكسوة ذات البال، ولا تترك له إلا كسوته التي لا بد له منها وعيشة الأيام، وتقدم في التفليس ما يباع على المفلس وما يترك له.

ونقل الباجي هنا عن أشهب: أنما يترك له ما يواريه لصلاته، قال: وقال عبد الملك: إنما يترك له ما لا يباع على الملفس، وما ذكره الباجي عن أشهب لا أعرفه لغيره، قال: وإن كان له مدبرون أو معتقون إلى أجل، فلا قيمة في ذلك وديونه إن كانت على أملياء حضور وأمدها قريب، قوم في ذلك وإن كانت نسيئة أو أهلها غيب، فليس عليه أن يخرج عبده بالدين، قاله ابن الماجشون.

وفي «الموازية» : ينظر بدينه ويمنع شريكه من البيع، ويتلوم له تلوماً لا ضرر فيه. قلت: مقتضى المذهب إن ما جاز بيعه من دين له، وجب بيعه كعرض له.

وقال ابن عبد السلام: فيما وجدته في نسخة الغالب عليها الصحة.

وقال سحنون: إن لم يكن له إلا دار وخادم، لم يجعل ذلك مالاً، والذي في الاستذكار لأبي عمر: إنما هو عزو لأبي إسحاق.

قال الباجي: ومما يعلم بع يسره أن لا يكون له مال ظاهر، ويسأل عنه جيرانه ومن يعرفه، فإن لم يعلموا له مالاً حلف ولم يسجن، قاله عبد الملك في كتاب سحنون.

قال سنون: قاله أصحابنا إلا اليمين، فلا يستحلف عندهم وذكره اللخمي،

ص: 318

وقال: هذه المسألة أصل في كل ما لم يكن أصله معاوضة أنه لا يضيق الأمر فيه كالمداينة.

وفيها: وإذا أعتق المريض شقصاً له في عبد أو نصف عبد يملك جميعه فإن كان ماله مأموناً عتق عليه الآن جميعه، وغرم قيمة حظ شريكه، وإن كان غير مأمون لم يعتق نصيبه، ولا نصيب شريكه إلا بعد موته، فيعتق جميعه في الثلث، ويغرم قيمة حظ شريكه، فإن لم يحمله الثلث عتق منه مبلغه ورق ما بقي، وإن عاش لزمه يعتق بقيمته.

قال ابن رشد في ثاني مسألة من رسم المعتق من سماع أشهب: من أعتق شقصاً من عبده أو من عبد بينه وبين شريكه في المرض، فلا خلاف أن ذلك من الثلث ما أعتق منه وما بقي، إن مات من ذلك المرض ولم يصح منه، واختلف في تعجيل التقويم في المرض على قولين:

أحدهما: أنه لا يعجل، ولا ينظر فيه إلا بعد الموت، وهو نص المدونة.

والثاني: أنه يعجل التقويم في المرض، وهو قائم في المدونة.

وإذا عجل على هذا القول لم ينفذ العتق حتى يصح، فيكون من رأس المال أو يموت، فتكون القيمة من الثلث ينفذ فيه ما حمل منها، ورق الباقي للورقة أو الشريك وسواء كان له مال مأمون أو لم يكن.

وقيل: إن هذا إنما يكون إن لم يكن له مال مأمون، وإن كان له مال مأمون عتق عليه في المرض جميعه إن كان له مال، وقوم عليه فيه حظ شريكه إن كان له فيه شرك، وهو أحد قولي مالك في المدونة.

وقال ابن المجاشون: إن أعتق شقصاً له من عبد في مرضه لم يقوم عليه حظ شريكه في المرض، ولا بعد موته من مرضه ذلك، بخلاف إن كان العبد كله له.

وقال عياض: قوله في الذي أعتق شقصه من عبده مثلاً في مرضه ذلك، بخلاف إن كان العبد قوم عليه ما بقي في ثلثه، وكان حراً كله، إن كان له مال مأمون، ولا ينتظر به موته، وإن لم يكن له مال مأموم لم يقوم حظ صاحبه إلا بعد موته ونصيبه أيضاً؛ إنما يكون في ثلثه بعد موته، ولا يقوم عليه في مرضه، ويوقف في يد المريض.

ص: 319

ومن ذلك قوله: لا يقوم عليه فى مرضه، كانت له أموال مأمونة أو لم تكن حتى يموت على ما نبه عليه من اختلاف قوله فى العتق بجميع عبده فى المرض.

وقال: إذا أعتق شقصه فى مرضه فبتله قوم عليه نصيب صاحبه منه كانت له أموال مأمونة أو غير مأمونة، وظاهر كلامه أنه يقوم عليه الآن، ولا يعتق إلا بعد الموت، وعليه حمله غير واحد من شيوخنا، وهو نص ما فى الموازية.

وفيها قول رابع: أنه لا تقويم فيه فى حظ الشريك فى مرضه، وأنما يعتق عليه فى الثلث شقصه إن مات فقط إلا أن يصح فيقوم عليه، وهو قول عبد الملك، وابن حبيب.

وفيه قول خامس حكاه ابن سحنون: أن يخير الشريك بين التقويم وفض الثمن ويبقى كله للمعتق موقوفا، فإن مات عتق عليه، أو ما حمل الثلث منه وما بقى لورثته وإن شاء تماسك بحظه إلى أن يموت شريكه، فيقوم فى ثلثه.

وفيها: إن أعتق أحد الشريكين حظه من عبد فى صحته، فلم يقوم عليه حتى مات لم يعتق منه إلا ما كان عتق، ولا يقوم على ميت وكذا لو فلس.

قال ابن رشد فى الثانية من رسم العتق، من سماع أشهب: إن لم يعثر على ذلك حتى مات وطال، لم يعتق عليه بعد موته اتفاقا، واختلف إن لم يطل على ثلاثة أقوال:

أحدهما: لا يعتق عليه، ولا يقوم عليه حظ شريكه، ولا يعتق بقية عبده إن كان كله له، وهو سماع أشهب، ورواية مطرف، وابن الماجشون فى الواضحة.

والثالث: يعتق عليه بعد الموت بقية حظه، ويقوم عليه حظ شريكه إن غافصه الموت، وأما التفليس، فلا خلاف أنه يسقط التقويم والتتميم.

قلت: زاد الباجى والصقلى فى رواية مطرف: قال مطرف: وهو كالمتمتع يموت ولم يهد إن لم يفرط أهدى عنه من رأس ماله، وقاله ابن الماجشون وابن عبد الحكم.

وفيها: ولو أوصى المريض بعتق حظه بعد الموت، لم يقوم عليه حظ صاحبه كان ماله مأمونا أو غير مأمون.

اللخمى: ومثله لمالك فى المبسوط، وحكى ابن الجلاب: أنه يستكمل فى ثلثه، وإن

ص: 320

لم يرض بذلك، وذكرهما الباجى روايتين.

وسمع أشهب: إن أوصى بعتق نصيبه، وتقويم حظ شرسكه عليه، فأبى شريكه - أنه يقوم عليه.

ابن رشد: يتحمل فيها ثلاثة أقوال:

أحدهما: يقوم عليه فى ثلثه حظ شريكه، وإن لم يوص بذلك، وهو القياس على قول مالك: فيمن يعتق حظه من عبده فى مرضه.

والثانى: أنه لا يقوم عليه، وإن أوصى بذلك إلا أن يشاء الشريك، وهى رواية ابن وهب.

والثالث: لا يقوم عليه إلا أن يوصى بذلك، وهو قول مالك فى هذه الرواية.

قلت: وقال ابم رشد فى أول كلامه: وقيل لا تنفذ وصيته بعتق حظ شريكه، ولا يقوم عليه إلا يرضاه، فيكون قولا رابعا، وذكر الباجى رواية ابن وهب قال: قال سحنون: لا أعرفها.

قال التونسى: لا أدرى من أين أنكرها سحنون.

ابن رشد: هو كما قال أبو إسحاق لما ذكر الصقلى سماع أشهب: أنه يقوم عليه، ولو أبى شريكه، قال: وقاله أصبغ، قال: ولو كان ذلك فى مكاتب، لم يكن له ذلك لنقل الولاء، وإن رضى شريكه حتى فرق بالعجز، فيعتق من ثلث الميت.

وسمع أشهب من أوصى فقال: ثلث غلامى هذا حر، لا يعتق منه إلا ثلثه.

ابن رشد: لا أعرف فيها نص خلاف، ويدخلها بالمعنى إذا قيل فيمن أعتق شقصا فى عبد له - لا أعرف يعتق عليه بالسرايه، فيجب عليه إذا أوصى بعتق ثلث عبده أنه يعتق جمعيه، إذا حمله الثلث وحمل منه.

الصقلى ليحيى عن ابن القاسم: من أوصى بعتق ثلث عبده، ويعطى بقيمة ثلث ماله لا يعتق منه إلا ثلثه، ويأخذ بقية وصيته مالا، ولا يعتق فيه بخلاف لو أوصى له بثلث ماله حتى يعتق فيه.

وفيها: إن كان الأول مليا بقيمة بعض النصيب، قوم عليه بقدر ما معه، ورق بقية

ص: 321

النصيب لربه.

الصقلى عن ابن المواز: قال أشهب: إن أعتق شركا له فى عبيد بينه، وبين رجل أو رجال، وعنده ألف وقيمة حصصهم ألفان، كان عتقه فى كلمه واحدة عتق من نصيب واحد نصفه، وإن كان عتقه واحدا بعد واحد، فالأول أحق بماله فى التقويم ممن يليه حتى ينفد ما فى يديه، ثم أبطل آخرهم، وأبيعه فى عتق لأول باقى هؤلاء الباقين، فإن حصله وإلا انتقل إلى بيع من يلى البيع من المتأخرين، فإن أتمممت عتق من ذكرنا من بقية الأولين، وقى من ذلك شئ، جعل ذلك فى عتق من يلى هذا المعتق، فلا يزال بيع نصيب من آخر من أعتق فى عتق أولهم حتى لا يبق إلا معتق أو مباع، فإن لم يبق من يباع إلا فى بيع بعضه وفاء بعتق من يليه، بعت منه بقد ذلك وأعتقت ما بقى.

قال سحنون فى كتاب ابنه: لا أقول بهذا، وأرى إن لم يكن له مال غير الأشقاص، فى أرد عتقه فى الثانى للتقويم فى الأول؛ لأنه لا يجب فى الأول قيمة إلا بالقيام عليه.

ولابن القاسم فى العتيبة: من أعتق شقصا من عبد، فلم يقوم عليه حظ شريكه حتى أعتق عبد آخر لا شرك له فيه ولا مال غيره، لم يرد عتقه لتقويم الشقص؛ لأن القيمة ليست كالدين، ولو كان ذا مال فلم يقوم عليه حتى داين الناس، فقاموا عليه لم يحاصصهم العبد، لو تصدق بعد عتق الشقص، ووهب مضى ولم يقوم لتقويم، ولز كاتب عبدا لم يرد الكتابة، وبيعت لتقويم الشقص، ولو أحدث تدبيرا مع المدبر لتقويم الشقص إلا أن يكون فيه فضل، فيباع منه بقدر القيمة، ويبقى باقيه مدبرا.

ابن رشد: لا خلاف أحفظه فى ذلك فى المذهب، ومراد ابن القاسم فى الهبة والصدقة: أن ذلك فيهما بعد حوزهما، وإن كان ذلك قبل الحوز، فالجارى على المذهب عندى أن يتحاصا جميعا؛ لأن الشريك والعبد يطلبان التقويم، والموهوب له والمتصدق عليه يطلبان الهبة والصدقة، وليس أحد الطالبين بأحق من الآخر.

وقال ابن دحون: التقويم مقدم عليها، وله وجه، وهو مراعة القول بأن للواهب والمتصدق الرجوع قبل الحوز.

قال اللخمى: اختلف إذا رضى الشريك أن يقوم مع المعسر ليستكمل العبد

ص: 322

العتق، فقال محمد: له ذلك وحمل الحديث فى ترك الاستكمال لحق الشريك خاصة، وقال الغير فى كتاب أمهات الأولاد من المدونة: ليس ذلك له، وهو أحسن.

الصفلى: وهو ظاهر قول مالك وابن القاسم.

الباجى: إن كان المعتق معسرا، فروى محمد: لشريكه أن يقوم عليه ويتبعه، وقال ابن القاسم: ليس له ذلك، والمذهب: لا يلزمه استسعاء العبد.

الشيخ: روى الأخوان: لا يستسعى العبد إن كان المعتق معسرا إلا أن يطوع سيده فذلك له.

ابن شاش: وكذا لو عرض للعبد أن يعطى ماله ويعتق لم يكن له، وكذا ما استفاد من ذى قبل.

قلت: لأنه معتق بعضه.

وفيها مع غيرها: ليس للمعتق بعضه التصرف فى ماله، وعبر عنه ابن الحاجب بقوله: ولا يلزم استسعاء العبد، ولا أن يقبل مال الغير ويعتق به.

وفيها: وإذا أعتق أحد الشريكين وهو معسر فرفع إلى الإمام، فلم يقوم عليه لعسره، ثم أيسر بعد ذلك فاشترى حظ شريكه لم يعتق عليه، ولو رفع ذلك إلى الإمام فلم يقوم عليه، ولا نظر فى أمره حتى أيسر لقوم عليه.

وفيها: وإن أعتق معسر شقصا له فى عبد، فلم يقوم عليه شريكه حتى أيسر، فقال مالك قديما: يقوم عليه، ثم قال: إن كان يوم أعتق يعلم الناس والعبد والمتمسك بالرق أنه إنما تركه القيام؛ لأنه إن خوضم لم يقوم عليه لعدمه، فلا يعتق عليه، وإن أيسر بعد ذلك، ولو كان العبد غائبا، فلم يقوم حتى أيسر المعتق لنصيبه لقوم عليه بخلاف الحاضر، ومثله حكى الصقلى عن ابن حبيب عن الأخوين وابن القاسم وأشهب قال: وبقول مالك الأول قال ابن نافع.

وجعل ابن عبد السلام فى لفظ المدونة زيادة على المطلق ثبوت عسره يوم العتق، فتعقب قول ابن الحاجب، ولو لم يحكم فأيسر ففى إثباته روايتان، ولم يتعقبه ابن هارون وهو الأظهر؛ لأن مناط ثبوت الأحكام؛ إنما المعتبر من ثبوته مطلق البينة العادلة، وإنما

ص: 323

شرط ذلك فى المدونة؛ لأن العسر مما يخفى ويشكل وليس الأمر فيه بأشد من عسر المدين.

وفيها: إن أعتق فى يسره ثم قيم عليه فى عسره، فلا شك أنه لا يقوم عليه.

قال ابن عبد السلام: وفى كتاب القذف ما يفهم منه الخلاف.

قلت: هذا شئ لا أعرفه فتأمله، وإنما فى القذف مسألة غيره، وهى قوله: وإن أعتق أحد الشريكين فى الأمة جميعا، وهو ملى فلم يؤخذ بالقيمة حتى أعدم، فإن أعلم الآخر بعتقه فتركه، ولو شاء قام عليه فأخذه بذلك، فالعتق ماض ويلزمه نصف القيمة دينا، وإن كان غائبا أو لم يعلم بالعتق حتى أعسر المعتق، فهو على حقه منها.

قلت: وهذا لا يؤخذ منه خلاف بوجه لرضى الشريك بإمضاء عتق شريكه لقوله: (فإن علم) إلى قوله: (دينا).

وفيها: من ورث شقصا ممن يعتق عليه فلا يعتق منه إلا ما ورث، ولا يقوم عليه بقيته، وإن كان مليا؛ لأنه لا يقدر على دفع الميراث.

الصقلى: روحى محمد: إن اشترى بعض ما بقى منه بعد الذى ورث لم يعتق عليه غير ما اشترى منه.

سحنون قال ملك وأصحابه: وكذا لو وهب له منه شقص بعد أن ورث منه شقصا لم يعتق عليه إلا ما ورث وما وهب، إلا ابن نافع قال: إذا قبل منه شيئا مما بقى منه قوم عليه باقيه، ولا أعلم من قال غيره.

قلت: وفى الجلاب: إن أعتق أحد الشريكين فى العبد حظه وهو معسر، ثم أعتق الآخر بعض نصيبه، لم يكمل عليه عتق نصيبه.

وفيها: من اشترى نصف من يعتق عليه أو قبله من واهب أو متصدق عتق عليه ما ملك منه، وقوم عليه بقيته إن كان مليا.

ابن رشد: اتفاقا.

وفى الولاء منها: ومن أوصى له بمن يعتق عليه إذا ملكه، والثلث يحمله عتق عليه وإن لم يقبله، وله ولاؤه ويبدى على الوصايا.

ص: 324

أشهب: وهو مضار فى ترك قبول الوصيه إذا حمله الثلث.

قال مالك: فإن لم يحمل الثلث إلا بعضه، فإن قبله قوم عليه بقيته وكان الولاء له، وإن لم يقبله، فروى على أن الوصية تسقط، ومثله سمع عيسى ابن القاسم.

ابن رشد: تحصيلها إن لم يقبله فى كون الولاء له أو لمعطيه، ثالثها: يرجع ملكا لمعطيه أو وراثه فى الوصية، ورابعها: إن كانت العطية لجميعه وحمله الثلث، فولاؤه له ولو لم يقبله، وإن كانت ببعضه أو عجز ثلث الموصى عنه جميعه، رجع لمعطيه لمالك مع ابن القاسم، وقولها وقول عيسى، ولتخريج الكل على رواية على فى الجزء ونص روايته.

الصقلى: فى كتاب الولاء روى محمد: أن ذلك الشقص يعتق ولو لم يقبله وولاؤه لسيده، ثم رجع فقال: بل للموصى له ، وكذا الهبة والصدقة فى الصحة به أو ببعضه، وقال أصبغ فى الوصية.

وقال فى الصدقة: لا يعتق إلا أن يقبله كله أو بعضه.

محمد: الصدقة والوصية واحد والصدقة ببعضه آكد أنه إن قبله عتق عليه كله، وإن لم يقبله فهو حر كله على سيده.

ابن حبيب عن ابن الماجشون: الوصية والهبة سواء قبلها أو ردها لا تقوم عليه لبقيته؛ لأن ذلك الشقص يعتق بكل حال وولاؤه للمعطى؛ لأنه عليه عتق.

اللخمى: إذا أوصى له بجميعه، والثلث يحمله فلم يقبله، فقيل هو حر ولا خيار فى ذلك للموصى له.

وروى محمد: إن قبله، فهو حر.

وقال ابن القصار: هو فيه بالخيار.

وفيها: من أوصى لصغير بشقص ممن يعتق عليه أو ورثه، فقبل: ذلك أبوه أو وصيه، فإنما يعتق فى ذلك الشقص ولا يقوم على الصبى بقيته وإن كان مليا، ولا على الأب الذى قبله، ولا الوصى.

ومن وهب لصغير أخا له فقبله أبوه، جاز ذلك وعتق على الابن.

اللخمى: اختلف هل يجوز للأب أن يشترى لولده من يعتق عليه ، فمنعه ابن

ص: 325

القاسم، وأجازه أشهب فقال: يمضى ولا ينقض ويباع ولا يؤخر بيعه خوف أن يبلغ الصبى.

وشرط التقويم ابتداء المعتق الفساد.

فيها: إن كان العبد لثلاثة نفر فأعتق أحدهم نصيبه، ثم أعتق الآخر نصيبه وهما مليان، فليس للباقى أن يضمن إلا الأول، فإن كان عديما فلا يقوم على الثانى، وإن كان موسرا إذ لم يبتدئهما.

الصقلى عن سحنون، وقاله، وقال جميع أصحا مالك، إلا ابن نافع فإنه قال: يقوم الثانى إن كان مليا، وقال: أرأيت إن أراد المتمسك ألا يقوم ورضى بالضرر وأبى العبد أليس ذلك له.

قلت: وكذا لو رضى العبد، وفى الموازية منها: ولو أن العبد بين ثلاثة فدبر أحدهم حظه ثم أعتق الآخر وتماسك الثالث، فإن كان المعتق مليا، قوم عليه حظ شريكه، وعتق عليه جميعه، وإن كان معسرا فللمتمسك مقاوة الذى دبر إلا أن يكون العتق قبل التدبير والمعتق عديم، فلا يلزم الذى دبر مقاواة التمسك إذ لو أعتق بعد عتق المقدم، لم يقوم عليه، وإن كان مليا.

قلت: وهذا بناء على أن التقويم بالتدبير، وفيه خلاف يأتى إن شاء الله تعالى.

وفى عتقها: إن أعتقا جميعا وتماسك الثالث - قوم عليهما إن كانا مليين، وإن كان أحدهما مليا والآخر معسرا، قوم باقيه على الموسر.

الباجى: إن اختلف قدر حصصهما ، فروى محمد: يقوم عليهما بقدر ما لمل منهما.

سحنون: وقاله ابن القاسم وأشهب.

محمد: وقال المغيرة: يقوم بينهما نصفين، وكان يقول بالأول ثم رجع.

سحنون: وبالثانى قال عبد الملك، ورواه ابن نافع.

الصقلى: عن سحنون وهى رواية غير معروفة.

الباجى: لو كان أحدهما معسرا والآخر موسرا، فقال سحنون: أجمع مالك وأصحابه على أنه يتم عتقه على الموسر،

ص: 326

وروى ابن حبيب عن مالك: أنه لا يقوم عليه إلا قدر ما كان يقوم عليه وصاحبه موسر.

ابن حبيب: وهو قول جميع المصريين، ورواه سحنون عن مالك.

وفيها: إن أعتق أحد الشريكين وهو موسر، فلم يقوم عليه حتى مات العبد عن مال، فالمال للمتمسك بالرق دون المعتق؛ لأنه يحكم له بحكم الأرقاء حتى يعتق جميعه.

الباجى: وقيل فى المبتدئ يعتق نصيبه يعتق عليه بالسراية.

قال عبد الوهاب: وأظهر الروايتين أنه لا يعتق إلا بالحكم.

الباجى: وفى الجلاب، وقيل: يعتق بالسراية وإنه ضامن لنصيب شريكه.

وفى القذف منها: قال مالك: إن أعتق أحد الشريكين فى الأمة جميعها وهو ملى لزم شريكه.

ابن القاسم: وليس لشريكه عتق حصته، ولو وطئها الآخر بعد علمه بعتق الملى لجميعها؛ حد إن لم يعذر بجهل، فإن جهل أو أعتق الشريك يلزمه لم يحد.

الصقلى عن سحنون: بل له عتقه حصته عند كل الرواة غيره.

قال أبو محمد: على قول ابن القاسم عليه القيمة يوم العتق لا يوم الحكم، ويلزم تركته.

قال أشهب: لا يحد الشريك بحال.

قلت: فى كون القيمة يوم الحكم أو يوم العتق، ثالثها: إن أعتق حظه فقط وإن أعتق جميعه فيوم العتق لأكثر الرواة، ورواية السراية مع نقل الجلاب، وقول ابن القاسم.

وفيها: إذا أعتق الملى شقصا له فى عبد ، فليس لشريكه أن يتماسك بنصيبه أو بعتقه إلى أجل؛ إنما له أن يعتقه بتلا أو يقوم على شريكه.

وفيها: إن أعتق أحد الشريكين حصته، وهو موسر، ثم باع الآخر نصيبه نقض البيع، وقوم على المعتق، وهى فى الجنايات، ثم لفظها فيها: ومن أعتق حصته من عبد ،

ص: 327

ثم وهب المتمسك حظه منه لرجل بعد العتق جاز، وكان التقويم للموهوب له بخلاف البيع؛ لأنه فى البيع باع نصفه بعين أو عرض على أن يأخذ مبتاعه قيمة مجهولة.

وفى عتق الأول: إن ابتعت أنت وأجنبى أباك فى صفقة؛ جاز البيع، وعتق عليك وضمنت للأجنبى قيمة نصيبه.

ابن العطار: أجاز أن يشترى أباه مع أجنبى ، ومنه أن يبيع حصته بعد عتق شريكه حظه إذا كان المشترى؛ إنما يشترى قيمته، والفرق بينهنا أن الذى أعتق حصته ثم باع شريكه قد باع بعد أن وجبت له القيمة، والذى اشترى مع الرجل أباه القيمة أنما تجب بالشراء؛ وإنما تقدر القيمة بعد الشراء.

الصقلى عن محمد: قال أشهب: إن لم يرد بيع المتمسك حتى أيسر المعتق لم يرد البيع إذا أعسر؛ لأن المبتاع اشترى نصفا، وجب فيه التقويم، فاشترى قيمة مجهولة.

محمد: فإن فات بيع العبد ولو بنقص سوق لزم مشتريه قيمة النصف يوم قبضه، ثم يكون لمشتريه تقويمه على المتعق على ما هو عليه من زيادة أو نقص، وإن لم يكن على المبتاع لعتق نصفه، فالبيع صحيح وهذا عيب له الرد به إلا أن يفوت بعيب مفسد فله رده مع ما نقصه، وقوم لبائعه وأما حسبه ورجع بقيمة العيب، ثم قومه على المعتق وإن فات ذلك بعد المعتق فإن لم يكن اشتراك على أنه يقوم، فلا حجة له إلا أن يقول لم أعلم أن نصفه حر فله الرد.

وقال الطرطوشى: مقتضى نفوذ عتق المتمسك جواز بيعه، ويرد بما تقد من ملزومية البيع الغرر، وملزومية المشهور فى كون عتقه موقوفا على الحكم به لكون أحكامه قبل العتق أحكام العبيد ضرورة.

وفيها: إن أعتق نصيبه فى يسره، فقال شريكه: أن أقوم عليه نصفى، ثم قال بعد ذلك: أن أعتق لم يكن له إلا التقويم.

الصقلى: قال حبيب: إن رجع بعد إبايته قبل التقويم الأول ، فذلك له ما لم يقوم، وقاله ابن الماجشون ورواه ابن القاسم وابن وهب.

ابن سحنون: قال أشهب: إن أعتق الشريك وهو موسر، فقال شريكه: أنا أقوم

ص: 328

عليه ولا أعتق، فلما قام عليه وجده عديما عتق العبد على الأول ، وتبعه هذا بالقيمة فى ذمته؛ لأنه ضمنه فى وقت له تضمينه كمن أعتق وعليه دين وعنده وفاء به.

ابن القاسم: له أن يرجع إلى نصف العبد فيأخذه، وعروض قولها: ليس له إلا التقويم بقولها فى كتاب الحج: إن قال أحكموا على بكذا ثم رجع ، فله ذلك وأجيب بتعيين ذى الحق فى التق وعدمه فى الحج والطالب المعين أقوى.

وقول ابن الحاجب: ولو اشترى الحصة شراء فاسدا، وأعتقها مشتريها قبل فسخه أو شرائها من حلف بحريته شراء فاسدا أو شراء من أعتق حظه حظ شريكه شراء فاسدا وأعتقه احتمال.

وفيها: لابن القاسم إن أعتق مسلم حظه من عبد مسلم أو كافر بينه وبين ذمى قوم عليه، وإن أعتق نصرانى حظه من مسلم بينه وبين مسلم قوم عليه.

ابن حارث اتفاقا فيهما: وإن أعتق نصرانى حظه بينه وبين مسلم ، ففى تقويمه عليه قولان فيهما لغير ابن القاسم وله والغير أشهب.

الباجى: إن كان العبد مسلما لنصرانيين فأعتق أحدهما حظه قوم عليه.

قال عبد الوهاب: وبه قال ابن الجلاب، وحكى عن المذهب نفى التقويم.

قلت: ذكرهما ابن شاش روايتين.

اللخمى: إن أعتق نصرانى حظه من عبد بينه وبين مسلم ففى تقويمه عليه ولعوه، ثالثها: إن كان العبد مسلما لغير ابن القاسم، ورواية المختصر وابن القاسم.

قلت: قول ابن حارث: والغير أشهب خلاف نقل الباجى: إن أعتق نصرانى حظه من نصرانى بينه وبين مسلم، فقال ابن القاسم: لا يقوم عليه.

وقاله أشهب ولسحنون وقال غيره: يقوم عليه ورواه ابن حبيب عن الأخوين.

اللخمى: لأشهب فى نصرانى اشترى ابنه المسلم يعتق عليه، ولو كان نصرانيا لم يعتق عليه، وعلى قول مالك لا يعتق ، وإن كان مسلما؛ لأنه غير مخاطب بالشرع كالاستكمال.

وسمع أصبغ ابن القاسم: عتق العبد جزاء من عبد بينه وبين حر بإذن ربه أو

ص: 329

بإجازته كعتق ربه إياه يقوم عليه فى جميع ماله.

الباجى لابن سحنون: عنه يستوعب فيه مال السيد ، وإن احتيج إلى رقبه العبد بيعت.

وفيها: إن أعتق أحد الشريكين حظه من العبد إلى أجل قوم عليه الآن، ولم يعتق حتى الأجل، وقال غيره إن شاء تعجل القيمة أخرها.

ابن القاسم: وإن مات العبد عن مال قبل التقويم أو قتل، فقيمته وما ترك بينهما؛ لأم العتق لم يتم.

وذكر الباجى عن كتاب ابن سحنون قال مالك والمغيرة وابن القاسم: يقوم عليه الآن ليعتق إلى أجل.

قال سحنون: وقاله آخرون إن شاء المتمسك قوم عليه وإن تماسك وليس له بيعه قبل الأجل إلا من المعتق، فإذا تم الأجل قوم على المعتق بقيمته يوم التقويم، وقاله عبد الملك.

الصقلى: رواه أصبغ عن ابن القاسم وأشهب مثل قول ابن القاسم فى المدونة وقال: إلا أن يكون الأجل بعيدا جدا فيؤخر التقويم إلى حلوله، ولو قال قائل: يؤخر إلى الأجل فى الوجهين لم أعبه، وقاله أصبغ.

ابن حبيب: وروى الأخوان مثل قول الغير، وقاله المغيرة، وبه أقول ، وكذا لابن سحنون عن عبد الملك: ولا يبيعه قبل الأجل إلا من شريكه، فإن تم الأجل قوم عليه إن كان مليا بقيمته يومئذ أو فيما هو ملى به يومئذ أو فيما هو ملى به يومئذ ما لم يكن تافها.

قال عبد الملك: ولو شاء التقويم عليه يوم العتف فألفاه عديما، لم يقطع ذلك التقويم عليه عند الأجل، ولا يباح للشريك بيع حصته قبل الأجل.

وقال المغيرة وسحنون: عدمه اليوم يقطع التقويم عليه بعد ذلك إن أيسر، ويباح للشريك بيع حصته، وقاله ابن حبيب عن مطرف.

وسمع عيسى ابن القاسم فى رسم العشور من كتاب الخدمة: فيمن أعتق حظه من عبد إلى سنة، وأعتق الآخر بتلا؛ أن بعض أهل العلم قال: تقوم خدمته سنة فتؤخذ من

ص: 330

المعتق بتلا فتدفع إلى الآخر، ويكون العبد حرا الساعة

قيل: ألا يكون على حاله يعتق نصفه بتلا، ويكون الآخر عتيقا بعد السنة، قال: كنا نقول هذا ثم استحسنا هذا الآخر، ثم رجع ابن القاسم عن هذا فقال: أحسن ما فيه أن يكون على حاله؛ لأنه ظلم أن نأخذ منه قيمة السنة، ويكون ولاؤه لغيره.

ابن رشد: القول الذى كان يقوله أولا ثم رجع إليه آخرا، وهو المشهور فى المذهب المنصوص عليه فى المدونة، وفى غير ما موضع من كتاب العتق من العتيبة، وهو الأظهر؛ لأن الأول هو الذى ابتدأ الفساد، فى يقوم على الثانى، وقد بين الحجة فى ذلك.

قلت: قال الصقلى عن سحنون: وبه قال جميع أصحابنا، ولما ذكر ابن عبد السلام هذه المسألة قال ما نصه: يعنى أن الأول يدفع للثانى قيمة حظه معجلا، ويدفع الثانى للأول قيمة الخدمة فيتقاصان، فلو جعل ذلك لكان كالمتناقض ولا تناقض فيه فتأمله.

نعم قد تكون فيه قيمة الخدمة فى الأجل مساوية لقيمة حظه من الرقبة فأكثر وفى ذلك إتلاف لمال المعجل.

قلت: وهذا كلام لا يفهم من الرواية بوجه، وما فى الرواية واضح أجنبى عن هذا الكلام فتأمله.

الصقلى عن محمد: قال أشهب: لو أعتقاه معا إلى أجل أو واحد بعد واحد، ثم بتل أحدهما، فلا يقوم عليه؛ لأنه وضع خدمة، وكذا لابن حبيب عن مطرف قال: فإن مات العبد قبل السنة فماله لمن بقيت له فيه الخدمة.

قال ابن سحنون عنه: ولو أعتق الأول حظه إلى سنة، ثم أعتق الآخر إلى ستة أشهر ، فلا تقوم ويكون كما أعتقاه إذا مضت سته أشهر عتق نصفه، ولا تقويم للمعتق إلى سنة ويكون إليها حرا.

ابن حبيب: وهو كما لو أعتق الأول معجلا والثانى إلى سنة.

ابن المواز عن ابن القاسم: ومن أعتق عبده إلى سنة فاستخدمه بعضها، ثم قال: نصفه حر الساعة، لم يعتق عليه جميعه.

ص: 331

محمد: إن أعتق أحد الشريكين إلى سنة ثم أعتق الثانى بعج موت فلان، فإن مات قبل السنة عتق حظ الثانى، ولا يقوم عليه حظ صاحبه، وإن حلت السنة قبل موت فلان عتق حظه وقوم عليه حظ الثانى إن كان الأول صحيحا فمن رأس ماله، وإن كان مريضا ففى ثلثه، وأما حظه فمن رأس ماله، فإن مات الأول قبل السنة عتق حظه عند السنة من رأس ماله قاله أصبغ: وإن أعتق أحدهما حظه إلى موت أبيه، ثم أعتق الثانى حظه إلى موت أبى نفسه، فإن مات أبو الأول أولا قوم عليه حظ الثانى؛ يريد: إلا أن يعتق الثانى حظه بتلا فإن مات أبو الثانى أولا لم يقوم عليه شئ.

وفيها: إن أعتق الملى شقصا له فى عبد وأعتق شريكه حصته إلى أجل أو دبر أو كاتب، رد إلى التقويم إلا أن يبتليه.

قال غيره: إن أعتق الثانى إلى أجل فقد ترك التقويم، ويجعل عليه العتق الذى ألزمه نفسه واستثنى من الرق ما ليس له.

وعزا الباجى قول الغير إلى عبد الملك وابن سحنون عن المغيرة: وإن دبر أحد الشريكين فى عبد حظه منه، فقال اللخمى: قال مالك: مرة يدبر أو يقوم كالعتق، ومرة يخير فى الأمرين فى مقاواة شريكه، ومرة يخير فى الثلاثة، وفى إمساك حظه قال: والمقاواة جنوح لجواز بيع المدبر.

وفى عتقهما الأول: إن دبر بغير إذن شريكه قوم عليه حظ شريكه، ولا يتقاويانه وكانت المقاواة عند مالك ضعيفة، ولكنها شئ جرت به فى كتبه.

الصقلى فى كتاب المدبر لابن حبيب عن الأخوين: من دبر حظه بإذن شريكه أو بغير إذنه ليس لشريكه الرضى بذلك والتماسك بحظه، ولا بد من المقاواة وأخذ به ابن حبيب، وكذا روى محمد عن أشهب عن مالك: وإن كان الذى دبر عديما تقاويا فإن وقع عليه بيع حظ صاحبه، ولا يباع من نصيبه الذى دبر شئ.

وقال ابن القاسم: لا مقاواة فيه.

الصقلى: فما عجز منه اتبع به.

وقال سحنون فى العتبيه: إن دبر أحدهما ولا مال له فاختلف فيه، وقولي: إن

ص: 332

تدبيره باطل إن لم يرضى شريكه وصفة تقويم حظ المتمسك أن يقوم كل العبد، ويأخذ المتمسك من جميع قيمته على الجزء المتمسك من جميع قيمة الجزء الذى له فى العبد، قاله أبو عمران آخر كتاب العتق الأول، زاد ابن شاش عنه، وهو الذى اتفق عليه أصحابنا قال: وقيل: يقوم نصفه على أن نصفه الآخر حر، وليس بالجيد.

قلت: وهو ظاهر بعض ما فى المدونة فى ذلك قولها: إن ابتعت أنت وأجنبى أباك فى صفقة جاو البيع، وعتق عليك، وضمنت للأجنبة قيمة نصيبه.

وذكر اللخمى الأول عن محمد وعقبه بقوله: وإن أعتق بإذن شريكه، فله قيمته يوم الحكم على أن نصفه حر، ولا شئ له إن كان معسرا، وإن تأخر التكميل حتى نقص سوقه كإن للمتمسك قيمة عبد العتق يوم العتق، وله قيمة النصف معيبا يوم الحكم، وإن مات العبد قبل التكميل وقال الشريك: أقوم ولا أعتق أو كان يعتق معسرا أتبع المعتق بقيمة العبد فى ذمته.

الباجى فى الموازية: يقوم بما أفاد بعد عتق جزئه من مال أو ولد من أمته، ولو كانت أمة قومت بمالها وولدها.

وسمع ابم القاسم: فى العبد الزارع إن قوم بالفسطاط كانت قيمة له أقل قوم بها ولو ينقل للفسطاط.

الباجى: لو ادعى المعتق عيبا بالعبد وأنكره شريكه، ففى وجوب حلفه ثانى قولى ابم القاسم مع أصبغ وابن حبيب وأول قوليه: فإن قام عدلين أو عدلا بعينه فواضح، وإن أقام به غير عدل ففى لغوه وحلف الشريك، قولا محمد وأشهب مع ابن عبد الحكم، روى مسلم بسنده إلى أبى هريره رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «لا يجزئ ولد والده إلا أن يجد مملوكا يشتريه فيعتقه» ، وعن ابن عمر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من ملك ذا رحم محرم عتق عليه» أخرجه النسائى وابن ماجة من حديث

ص: 333

ضمرة.

قال الشيخ تقى الدين ابن دقيق العيد: وقد خطأ فيه، ولم يتلفت لذلك لكون ضمرة ثقة لا يضر انفراد به.

وفى قصر عتق القرابة على من له على المعتق ولادة من ذكر أو أنثى وعكسه فقط مع الأخ مطلقا، ثالثها: يعتق عليه كل رحم محرم.

للخمى عن رواية ابن خويز منداد، وهذا المشهور رواية ابن القطار مع ابن الماجشون وابن وهب، وخرج اللخمى الأول من قوله فى كتاب المكاتب: من اشترى أباه بإذن بسيده دخل معه فى كتابته، وإن اشترى معه أخاه بإذنه لم يدخل، ويرد بأن ملك الحر أقوى من ملك المكاتب، ويجب عتقه بنفس ملكه.

قال ابن رشد والجلاب: عن المذهب.

اللخمى ورواه محمد وأختار اللخمى وقفه فى الإخوة فمن بعدهم على الحكم قال: وعلى وقفه على الحكم يتخرج جواز انتفاع ماله قبل الحكم عليه، من قول ابن نافع لسيد المعتق إلى أجل انتزاع ماله، وإن شاء رق العتق، ويرد بأن بقية الأجل فى المعتق إلى أجل واجبة، وفى المؤخر عتقه غير واجبة؛ بل الواجب التعجيل،

وفى وصاياها الأول: ومن اشترى ابنه فى مرضه جاز إن حمله الثلث، وعتق وورث باقى المال إن أنفرد، وحصته مع غيره، ومثله سمع أشهب ابن رشد، وقاله ابن القاسم: فى كل من يعتق عليه ولو تلف بقيمة ماله لم ينتقض عتقه، قال: لأنه لو لم ينظر فيه إلا بعد الموت ما ورثه، ولو لم يحمله الثلث عتق محمله منه، ولأضبغ لا يرث لأنه لا يعتق إلا بعد الموت ولا شك مثله.

ولمحمد: أنه اختلف قوله ، وقال: له شراؤه بكل ماله إن لم يكن له وارث غيره، وبالثلث إن كان له.

ص: 334

ولابن وهب: إن كان له وارث يحجبه المشترى؛ فله شراؤه بكل ماله وإن كان لا يحجبه فيه الثلث ولا يرث منه شيئا.

ولابن الماجشون: يجوز شراؤه ابنه بكل ماله ويرثه لا غيره، ولو كان أبا إلا بثلثه ولا يرثه كالاستحقاق، وهذا أعدل الأقوال.

وقول ابن الحاجب: إن أوصى له بقريب ومابينه تقدم.

وفيها: قال مالك: ومن ابتاع أباه وعليه دين يغترقه لم يعتق عليه، وإن اشتراه وليس عنده إلا بعض ثمنه رد البيع.

وقال ابن القاسم: يباع منه ببقية الثمن ويعتق ما بقى.

قال غيره: لا يجوز أن يملك أباه إلا إلى عتق، فإذا كان عليه دين يرده صار خلاف السنة أن يملكه فيباع عن دينه ويقضى عن ذمته نماه.

الصقلى عن محمد: قول ابن القاسم هو القياس على أصل مذهب مالك.

وقال ابن إسحاق: وعلى قول الغير لا ينعقد فيه بيع، وإنه لو مات بعد البيع كانت مصيبته من البائع، وفى هذا نظر لإمكان أن يجيز الغرماء عتقه.

وقال القابسى: ينقض البيع فى المسألتين على مذهب مالك، وليس بشئ والصواب عدم نقضه فى الأولى لأخذ البائع ثمنه، وفى الثانية لم يقبض جميع ثمنه إذ لو بيع فى بقية الثمن لدخل عليه غرماء إن كانوا.

محمد: من ورث أباه أو تصدق به عليه أو وهبه.

فقال أشهب: هو حر ولا يباع للدين.

وقال ابن القاسم: يباع لهم فى الإرث فقط لأن المعطى يقول إنما أعطيته للعتق.

الصقلى: يريد ولو لم يعلم المعطى أنه ممن يعتق عليه لبيع فى الدين.

والمذهب: وجوب العتق بتمثيل السيد فى رق له.

فيها: من مثل بعبده أو بأم ولده أو بمدبره، أو بعبد لعبده، أو بمدبره أو بأم ولده عتقوا عليه.

وفى شرط بمطلق العمد للضرب أو به مع قصد الثلة قولان لظاهرهما مع

ص: 335

غيرها لقولها: إن كوى عبده تداويا أو أصابه على وجه الأدب من كسر أو قطع جارحة فلا يعتق؛ وإنما يعتق بما تعمد به.

ونقل اللخمى عن عيسى بن دينار: لا يكون مثلة بضربة أو رمية، وإن تعمد ذلك إلا أن يتعمد المثلة، يضجعه ليمثل به، وهذا صحيح لأن الغالب شفقة الإنسان على ماله.

ولابن سحنون عنه: من ضرب رأس عبده فنزل الماء فى عينه لم يعتق عليه.

وفيها: من مثل بعبد ابنه الصغير عتق عليه إن كان مليا وغرم قيمته ومفهومه أن الكبير كالأجنبى، وقاله اللخمى عن المذهب: إلا أن يكون سفيها فى ولايته فهو كالصغير وليس قول ابن القاسم فى الصغير بالبين وليس كعتقه عبده؛ لأنه فى عتقه ملتزم لقيمته، وليس تعديه بالمثلة رضى بعتقه.

اللخمى: من مثل بمعتقه لأجل أو بأم ولده عتقا عليه، وكذا مدبره إن مثل به فى صحته، ويختلف إن مثل به فى مرضه، فعلى قول أشهب: يعتق من رأس ماله وعتقه بالمثلة آكد من التدبير ولا مقال لغرمائه ولا لورثته، وعلى قول ابن القاسم: لا يعتق إن كان مديانا إلا أن يكون له مال مأمون، وإن مثل بعبد عبده أو بعبد معتقه لأجل قبل قربه أو بعبد مدبره أو أم ولده فى صحته عتق عليه؛ لأن له انتزاع أموالهم، فإن كان قرب أجل المعتق لأجل كان كعبد أجنبى.

على قول مالك وابن القاسم، وعلى قول ابن نافع: يعتق كعبد نفسه لإجازته انتزاع ماله ما لم يعتق، وكذا عبد مدبره وأم ولده إن كانت المثلة فى مرضه؛ لأنهما عند مالك وابن القاسم كعبد أجنبى.

وعلى قول ابن نافع: كعبد نفسه ويختلف هل يعتقان من رأس المال أو من الثلث.

وفيها: من مثل بعبد مكاتبه لم يعتق عليه، وكان عليه ما نقصه إلا أن يكون مثله مفسدة فيضمنه ويعتق عليه، وكذا عبد زوجته ومثله فى غضبها من عبد الأجنبى.

ولما ذكر اللخمى قولها فى عبد الأجنبى قال: وقيل: يخير السيد فى تماسكه بعبده مع الرجوع بقيمة العيب وإن اختار تضمينه عتق عليه، وقيل: لا يعتق عليه وإن صار

ص: 336

العبد إليه؛ لأن الحديث إنماء جاء فيمن مثل بعبده وهذا أصوب.

قلت: حديث العتق بها لا أعرفه إلا من نقل اللخمى، وأبى عمر قال إثر عزوه للشافعى وأبى حنفية: لا عتق بها، وحجة مالك إن زنباعا أبا روح زنباع وجد غلاما له مع جارية فقطع ذكره وجذع أنفه، فأتى العبد النبى صلى الله عليه وسلم فذكر له ذلك، فقال له النبى صلى الله عليه وسلم: ما حملك على ما فعلت؟ قال: فعل كذا وكذا، فقال صلى الله عليه وسلم:«اعتقه، اذهب فأنت حر» ، وذكره اللخمى من حديث عمرو بن العاص، ولم يعزه لكتاب الحديث، وفيه: وجده يقبل جاريته، واسم العبد سندر، فأعتقه النبى صلى الله عليه وسلم ، وقال: من مثل بعبده أوأحرقه بالنار فهو حر وهو مولى الله ورسوله» وذكر عبد الحق فى كتاب الديات: أبو داود عن سوار أبى حمزة، وكان ثقة عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قال: جاء رجل يستصرخ إلى النبى صلى الله عليه وسلم ، فقال:«ويحك مالك؟» قال شر أبصر لسيده جارية له فغار فجب مذاكيره، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:«على بالرجل» فطلب فلم يقدر عليه، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:«اذهب فأنت حر» فقال يا رسول الله على من نصرتى؟ قال: «على كل مؤمن» أو قال: «كل مسلم» أبو داود: الذى عتق، اسمه: روح بن دينار والذى فيه زمباع.

قلت: ظاهره أنه لم يحضر النبى صلى الله عليه وسلم ، خلاف ما تقدم لأبى عمر عبد الحق، وللبزار عن أبى البيلمانى، وهو ضعيف عن ابن عمر عن النبى صلى الله عليه وسلم قال:«من مثل بمملوكه فهو حر وهو مولى لله ورسوله» ، ونحوه فى حديث ابن عباس من حديث عمرو بن عيسى الأسدى وهو مجهول وذكره العقيلى.

وفى اعتبار تمثيل السفيه كالرشيد ولغوه قولان للخمى عن أشهب، وابن حبيب عن ابن القاسم، وفى الموازية لابن القاسم القولان، والذى ثبت عليه: لغوه وفعل

ص: 337

الصبي والمجنون لغو لأنه كالخطأ.

اللخمى: وفى تبعة مال المعتق بها له قولان لأصل أشهب: هو حر بنفس المثلة مع قول مالك كالمشرف على العتق.

وقال ابن نافع: له انتزاعه قبل عتقه.

الصقلى لمحمد: لا شك أن أشهب يقول بتبعيته لرواية فى عتق السفيه لأم ولده، ثم قال: لا يعتق وفى معتق السفيه بالمثلة قول ابن القاسم: لا يتبعه ماله، وقول ابن وهب: يتبعه، وتمثيل الذمى بعبده المسلم بعتقه، وفى النصرانى قولان للصقلى عن أشهب وابن القاسم.

وفى كون تمثيل ذات الزوج كابتداء عتقها ولزوم عتقها به ولو كره الزوج نقلا اللخمى عن ابن حبيب، والتخريج على أصل أشهب، وعزا الصقلى الأول لابن القاسم مع أصبغ، والثانى لنص أشهب قال ابن حبيب: وبه أقول.

وفى لغو تمثيل الذمى بعبده، والعبد بعبده، واعتباره نقلا اللخمى عن ابن حبيب عن ابن القاسم ومحمد عن أشهب؛ لأنها منهما جناية، وعزا الصقلى الأول لابن حبيب عن ابن القاسم وأصبغ وقال بقول أشهب.

والمثلة: فى الجلاب أن يؤثر أثرا فاحشا فى جسده قاصدا لفعله؟

وفيها: قطع الأنملة مثلة.

الصقلى: لابن حبيب عن الأخوين: إن قطع ظهره أو ضرسه أو سنه عتق عليه، وقاله ابن القاسم.

وقال أصبغ: ليس فى الضرس والسن الواحدة مثلة، إلا فى جل الأسنان أو الأضراس.

وقال اللخمى: قول ابن حبيب: إذا ذهب ظفره عتق عليه ليس بحسن.

أصبغ: من كتب فى وجه عبده أو جبهته أنه أبق عتق عليه، وقاله ابن وهب وأشهب.

أصبغ: لو فعل ذلك فى ذراعيه أو باطن جسده لم يعتق عليه.

ص: 338

وابن وهب: من عرف بالإباق فوسم سيده في وجهه عبد فلان عتق عليه، وكذا لو فعله بمداد وإبرة عتق عليه.

وقال أشهب: لا يعتق عليه.

ابن رشد في كتاب السلطان: روى ابن الماجشون: حلق رأس العبد النبيل والأمة الرفيعة مثلة لا في غيرهما والحرق بالنار ليس بمثلة إلا أن يتفاحش منظره، قاله في المدونة.

ابن الحاجب: وشق الأذن شين.

قال ابن عبد السلام: وأما شق الأذن فلم أره لغير المؤلف.

وروى محمد: إن قطع طرف أذنه أو بعض جسده عتق عليه.

وقال ابن شاس: من شرف أذنه، وهو قريب مما في الرواية، ولعل ما ذكره المؤلف تصحيف من كلام ابن شاس.

قلت: للصقلي مثل ما نقل ابن الحاجب قال ما نصه.

قال ابن حبيب عن مطرف وابن الماجشون: لو خزم أنف عبده أو شرك أذنه عتق عليه.

اللخمي: إن لم تكن المثلة بينة لم يعتق إلا بحكم.

وفي كون البينة كذلك قولا مالك مع ابن القاسم قائلا في الدمياطية لو قطع أذنيه ولسانه ويديه ورجليه، ثم مات قبل الحكم بعتقه؛ ورثه سيده بالرق.

وأشهب في الموازية لقوله: من مثل بعبده مثلة بينة، فهو حر حين مثل به بغير سلطان، والأول أحسن لاختلاف الناس في ذلك.

وذكر الصقلي الأول من رواية محمد قال: وقال أشهب بالمثلة صار حراً، وإن مات سيده قبل العلم به، فهو حر من رأس ماله.

وقال ابن عبد الحكم: أما المثلة المشهورة التي لا شك فيها، فهو حر بغير قضية، وأما مثلة شك فيها فلا يعتق إلا بحكم.

قلت: إن جعلنا المشهورة اخص من البينة، وما شك فيه يصدق على البينة اتفقاً

ص: 339