المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌كتاب الكتابة الكتابة: عتق على مال مؤجل من العبد موقوف على - المختصر الفقهي لابن عرفة - جـ ١٠

[ابن عرفة]

فهرس الكتاب

- ‌[باب الخطأ في الدماء]

- ‌باب فيما يوجب الضمان من الأسباب التي يقصد بها التلف

- ‌[باب فيما يتقرر على العاقلة من الخطأ]

- ‌[باب في القطع والكسر والجرح وإتلاف منفعة من الجسم]

- ‌[كتاب الديات]

- ‌[باب في الدية المخمية]

- ‌[باب في دية الفضة والذهب]

- ‌[باب في المربعة في الإبل]

- ‌[باب في المربعة على أهل الذهب]

- ‌[باب في المثلثة في أهل الإبل]

- ‌[باب في الدية المغلظة في أهل الذهب والورق]

- ‌[باب الغرة]

- ‌[باب ما تجب فيه الكفارة في القتل]

- ‌[باب في الكفارة في القتل]

- ‌[كتاب القسامة]

- ‌[باب في سبب القسامة]

- ‌[باب في اللوث]

- ‌[كتاب الجنايات باب البغى]

- ‌[باب الردة]

- ‌[باب فيما تظهر به الردة]

- ‌[باب الزنديق]

- ‌[باب السحر]

- ‌[باب الزنا]

- ‌[باب في الإكراه على الزنا]

- ‌[باب في شرط إيجاب الزنا الحد]

- ‌[باب في شرط الإحصان الموجب للرجم]

- ‌[باب في الحد والتغريب]

- ‌[باب القذف]

- ‌[باب الصيغة الصريحة للقذف]

- ‌[باب في التعريض بالقذف]

- ‌[باب في شرط وجود حد القذف]

- ‌[باب في شرط الحد…يفعل الزنا]

- ‌[باب في شرط الحد في المقذوف المنفي]

- ‌[باب العفاف الموجب حد قاذفه]

- ‌[كتاب السرقة]

- ‌[باب النصاب]

- ‌[باب في المعتبر في المقوم]

- ‌[باب فيمن يقوم السرقة]

- ‌[باب الحرز]

- ‌[باب في شرط قطع السارق]

- ‌[باب موجب السرقة]

- ‌[كتاب الحرابة]

- ‌[باب في موجب الحرابة وحدها]

- ‌[باب الشرب الموجب للحد]

- ‌[باب فيما يثبت به الحد في الشرب]

- ‌[باب صفة الشاهد بالرائحة]

- ‌[كتاب العتق]

- ‌[باب المعتق]

- ‌[باب المعتق]

- ‌[باب صيغة العتق]

- ‌[باب صريح صيغة العتق]

- ‌[باب الكناية في العتق]

- ‌[باب القرعة فى العتق]

- ‌[كتاب الولاء]

- ‌[باب معنى من له الولاء]

- ‌[كتاب المدبر]

- ‌[باب المدبر]

- ‌كتاب الكتابة

- ‌[باب المكاتب]

- ‌[كتاب أم الولد]

- ‌[كتاب الوصية]

- ‌[باب في الموصي]

- ‌[باب الموصى به]

- ‌[باب فيما تدخل فيه الوصية]

- ‌[باب في وقت اعتبار الثلث في التركة من الوصية]

- ‌[باب في شروط الوصي]

- ‌[كتاب الفرائض]

الفصل: ‌ ‌كتاب الكتابة الكتابة: عتق على مال مؤجل من العبد موقوف على

‌كتاب الكتابة

الكتابة: عتق على مال مؤجل من العبد موقوف على أدائه، فيخرج ما على مال

ص: 370

معجل ولذا قال فيها: لا تجوز كتابة أم الوالد ويجوز عتقها على مال معجل، ويخرج عتق العبد على مال مؤجل على أجنبي.

وقال ابن عبد السلام: لما كانت حقيقتهم العرفية معلومة، وهي إعتاق على مال منجم لم يتعرض المؤلف إلى رسمها.

قلت: وهذا الرسم الذي زعم أنه معروف يدخل فيه عتقه على كال منجم على أجنبي، وليس بكتابة ولا حكمه حكمها.

ابن رشد: تجوز الكتابة عند مالك حالة ومؤجلة، فإن وقعت مسكوتًا عنها أجلت؛ لأن العرف فيها كونها مؤجلة منجمة، هذا قول متأخري أصحابنا.

وقال ابن أبي زيد في رسالته: الكتابة جائزة على ما رضي العبد وسيده من المال منجمًا، فظاهرة أنها لا تكون إلا منجمة، وليس بصحيح على مذهب مالك؛ وإنما منعها حالة أبو حنيفة.

قلت: قول الشيخ وغيره لا يدل على منعها حالة؛ بل على عدم صدق لفظ الكتابة عليها فقط فتأمله. وحكمها الندب على المعروف.

اللخمي: قال مالك في الموطأ: سمعت بعض أهل العلم إذا سئل عن ذلك يتلو: {وَإِذَا حَلَلْتُمْ فَاصْطَادُوا} [المائدة: 2]، {فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلَاةُ فَانْتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ} [الجمعة: 1] فجعلها الإباحة.

وروى ابن القصار: أنها مستحبة، وقاله مطرف في المبسوط.

الباجي: قال ابن شعبان: هي على الندب.

وقال إسماعيل القاضي، وعبد الوهاب: هي على الإباحة، ورواه ابن الجلاب.

اللخمي: إن كان العبد لا يعرف بسوء وسعايته من مباح، وقدر الكتابة ليس بأكثر من خراجه بكثير، فهي مندوب إليها، وإن كان أكثر منها بكثير فمباحة، وإن عرف بالسوء والإذاية فمكروهة، وإن كانت سعايته من حرام فهي محرمة.

ابن رشد: اختلف في جبر السيد عبده على الكتابة، فروى عنه إسماعيل القاضي له جبره، وهو الآتي على قوله في المدونة؛ لأنه إذا كان له أن يعتقه بتلاً على مال عليه بعد

ص: 371

العتق دينًا فأحرى الكتابة.

قلت: يرد بتحقق العتق في هذا، والكتابة معروضة للعجز بعد أداء جلها، ثم قال: وهو ظاهر سماع أشهب. واختلف قول ابن القاسم فيه فله: من كاتب عبده على نفسه وعبد السيد غائب أن الكتابة تلزمه.

وقال في العتق الثاني: من قال لعبده: أنت حر على أن تدفع لي كذا أو لم يسم الأجل، أنه لا يكون حرًا إن لم يقبل ذلك العبد، واختار ابن بكير وإسماعيل القاضي الجبر.

اللخمي: لسيده جبره إن كانت بأزيد من خراجه بيسير.

وفي الجلاب: العتق على إلزام العبد مالا اضطراب في مسائل المدونة وطرق الأشياخ، وأقربها طريق عياض في التنبيهات.

قال ابن عبد السلام: قوله: أنت حر على ألف من غيره أن يقول تؤدي أو تدفع أو غير ذلك لا يفيد شيئًا.

قلت: ظاهره أن هذا اللفظ لغو.

وقال عياض: المسألة الأولى: أنت حر، وعليك كذا أو على أن عليك هما سواء يعتق العبد، وإن لم يرض (فأما وعليك) فهو نص عتقها الثاني، وهو ظاهر قوله في على أن عليك من كتاب المكاتب.

قلت: فهذه المسألة والتي ذكر ابن عبد السلام سواء فتأمله.

عياض: قوله: (أنت حر، وعليك كذا، والعبد غير راض) فيها ثلاثة أقوال:

- قال مالك وأشهب: إلزام السيد العتق معجلاً، وإلزام العبد المال معجلاً إن كان موسرًا، ودينًا إن كان معسرًا.

- الثاني: مشهور قول ابن القاسم: التزام السيد العتق ولا مال له على العبد.

- الثالث: قولي عبد الملك وابن نافع: يخير العبد في التزام الدين إن لم يكن عنده المال وإلا ذلك وبقي رقيقًا.

قال: المسألة الثانية: أنت حر على أن عليك فيها أربعة أقوال:

ص: 372

الأول: قول مالك: بإلزام العتق والمال كقوله في الأولى.

الثاني: قول ابن القاسم في العتبية: العبد مخير في التزام الدين، ويعتق أو رده.

الثالث: قول ابن القاسم على رأي بعضهم: مخير في القبول، ولا يعتق إلا بالأداء أو الرد، ويبقى رقيقًا على جوابه في المدونة: في أن على أن يدفع وتسويتهم بين اللفظين.

الرابع: قول أصبغ: لا خيار للعبد ولا عتق حتى يدفع المال، فكأنه عنده من باب الشروط.

المسألة الثالثة: أنت حر على أن تدفع إلى فيها ثلاثة أقوال.

الأول: تخيير العبد في أن يقبل ويلتزم المال، ولا يعتق إلا بأدائه أو يرد ويبقى رقًا، وهو قول مالك وابن القاسم في المدونة، وقول جميعهم فيما ذكره بعضهم.

الثاني: قول ابن القاسم في العتبية: في أن عليك، وقول بعضهم هو سواء، وعلى أن تدفع ويخير العبد في الرضى بالعتق معجلاً، ويلزمه المال دينًا، أو يرد ذلك ويبقى رقًا على ما فسرناه.

الثالث: تخريج بعض شيوخنا: أنه متى دفع المال كان حرًا شاء العبد أو أبى ولسيد إجباره على دفعه، قال: وهذا على القول بإجبار السيد عبده على الكتابة.

المسألة الرابعة: أنت حر على أن تؤدي إلى الجواب.

فيها باتفاق: أن العبد لا يعتق إلا بالأداء، وله أن يرد ولا يقبل، ويتخرج فيها القول المخرج فوق هذا، وفرق بعضهم بينها وبين أن تدفع إلى وبعضهم سوى بينهما، وهو الصريح لتفويض التخيير للعبد لقوله تدفع وتؤدي.

المسألة الخامسة: إن أديت إلي أو أعطيتني أو جئتني أو إذا ومتى وشبه ذلك فظاهره في الحكم في العتق، ومآل الأمر إلى أنه لا فرق بين ذلك، وبين قوله على أن تدفع إلى وعلى أن تؤدي إلي، وأنه لا يلزم العتق إلا برضاه ودفعه ما لزمه، وأن له لا يقبل ويبقى رقًا، ويدخله من التخريج الإجبار على الأداء على ما تقدم وعبر بعضهم عن هذه الألفاظ بقوله: على أن تؤدي إلى، إذا اعتقد التسوية بينهما، ولا فرق في مآل الحكم في ذلك.

ص: 373

وإن اختلفت عبارته عن المسألتين في الكتاب وغيره، لكن يختلف هل هو تفويض في أن وإذا ومتى، وللعبد ذلك، وإن طال الزمان، وهو قول مالك في المبسوط قال: له ذلك ما دام في ملكه، وإن طال زمانه، ويلزم ذلك ورثته من بعده، قاله في إذا ومتى.

وإن قال ابن القاسم: لا سبيل إلى بيعه في هذه الوجوه ولا هبته حتى يوقف عند الإمام، ويتلوم له أو يعجزه.

ومثله في المدونة، على قياس قول مالك وفي العتبية: متى طال الزمان لم يلزم السيد ما جاء به، ونحوه للمخزومي، وفي المدونة والمبسوطة، ومذهب سحنون: أنه متى قاما من المجلس، فلا حرية للعبد وإن جاءه بالمال.

قلت: الأظهر التفرقة بين أن وغيرها لا دلالة لأن على التراضي بوجه وتأمل هذا الأصل من مسائل التمليك.

الصقلي: قال ابن القاسم: الكتابة بالغرر جائزة، ولا تشبه البيوع ولا النكاح.

أبو محمد: بخلاف مراباة السيد عبده.

قال مالك في المدونة: لا تجوز.

محمد عن أشهب: من كاتب عبده على آبق أو شارد أو جنين في بطن أمه أو دين على غائب لا يعلم حاله، لم أحب ذلك، ولو يفسخ إن نزل، ولا يعتق العبد حتى يقبض السيد ما شرط من مال.

ابن القاسم في العتبية: الكتابة بذلك كله جائزة، وإن لم يأت بذلك وأيس منه فقد عجز.

اللخمي: إن كان الغرر في ملك العبد فكاتبه على عبد له آبق أو بعير شارد أو جنين أو ثمر لم يبد صلاحه جاز.

وكرهه أشهب في الموازية: فإن نزل مضى والأول أحسن.

وأجاز ابن القاسم في العتبية: أن يكاتبه على أن يأتيه بعبده الآبق أو بعيره الشارد، وهو أحسن، واختلف في هذا الأصل هل هو كتابة لا تبطل بفلس ولا موت أو عدة فتسقط بإحداهما.

ص: 374

فقال ابن القاسم في الموازية: من كاتب عبده على أن أعطاه عشر بقرات يقوم بهن على إن بلغت خمسين، فهو حر، فقال ذلك جائز ولا يفسخه إن رهقه دين، وعلى هذا لا تسقط بالموت، وفسخه في العتبية بالدين، وقال: إن مات السيد فلا حرية له.

وقال ابن ميسر: ليست بكتابة.

قلت: وقعت المسألة في سماع يحيى.

ابن رشد: لم يرها ابن القاسم في هذا السماع كتابة، ولا في سماع أصبغ، ورآها في سماع عيسى من كتابه العتق كتابة.

وقال أصبغ هنا: إنها كتابة، إن لفظ فيها بلفظ الكتابة، ولم يفرق ابن القاسم بين قوله: أكاتب على أن تقوم عليها، فإذا بلغت كذا فأنت حر، وبين قوله: قم عليها فإذا بلغت كذا وكذا فأنت حر.

وتفرقة أصبغ قول ثالث: فمن رآها كتابة كانت بالعدد زائد على ما دفع إليه، فإذا دفع إليه مائة على أن بلغت ثلاثمائة، فهو حر، فهو مكاتب بمائتين سواء تلفت الغنم التي دفع إليه أو سلمت، وهو نص أصبغ.

ولابن كنانة: إن قال أكاتبك على أن أعطيك عشر بقرات، فإذا صارت خمسين فأنت حر، قال: يفسخ ذلك مت علم به، لكنه إن جاء خمسين قبل أن يعلم بذلك وسيده حتى عتق، فإن مات سيده كان موروثًا هو والبقرات، وليس قول ابن كنانة بخلاف لقول ابن القاسم في هذا السماع بخلاف قوله في سماع عيسى.

اللخمي: إن كاتبه على عبد فلان أو داره، فأجازه ابن القاسم، وقال أشهب يفسخ إلا أن يشتريه قبل الفسخ.

محمد: إن لم يشتره ودي قيمته.

وقال ابن ميسر: لا يعتق إلا بعبد فلان، وقول ابن القاسم أحسن.

ابن العطار: وإنما يكون له أن يدفع قيمته، إذا أبى سيده من بيعه إلا بزيادة على قيمته كثيرة، وإن كانت يسيرة مما يتغابن بمثله كعشرين في المائة، فعلى العبد شراؤه بذلك، قال: والغرر في الكتابة أوسع من النكاح، والخلع أوسع من الجميع.

ص: 375

وفيها: إن كاتبه على لؤلؤ غير موصوف لم يجز لتعذر الإحاطة بصفته.

عياض: هذا هو الصحيح خلاف قول غيره في تسوية بين الوصفاء واللؤلؤ.

وفيها: إن كاتبه على وصفاء حمران أو سودان ولم يصفهم جاز وعليه الوسط من ذلك الجنس.

الصقلي: وإن لم يصف الجنس، وفي البلد سودان وحمران، ولا غالب منهما أعطى النصف من كل جنس، وقال نحوه أبو عمران.

قال بعض شيوخنا: وإن لم يسم عددًا بطلت الكتابة.

وقال غيره: لا تفسخ ويكون عليه كتابة المثل ما لم تنقص عن وصفين.

محمد: وأجاز غيره كتابته على لؤلؤ غير موصوف كوصفاء لم يسمهم، واختلف على قول غيره، إذا لم يسم عددًا، فقال بعض الشيوخ: الكتابة باطلة، وقال بعضهم: تمضي بكتابة المثل ما لم تنقص عن لؤلؤتين.

قال ابن الحاجب: وإذا لم يصح تملكه كالخمر، رجع بالقيمة، ولا يفسخ لفساد العوض.

ابن عبد السلام: يريد إن فاتت الكتابة بالأداء مضت، وإن لم تفت لم يفسخ، وعقد الكتابة فوت، كمن اشترى عبدًا شراء فاسدًا وكاتبه؛ فإنه يحكم بقيمه.

قلت: الأقرب تفسيره نص عليها في كتاب العتق الثاني: وإذا اشترى العبد نفسه من سيده شراء فاسدًا، فقد تم عتقه، ولا يتبعه سيده بقيمته ولا بغيرها، إلا أن يبيعه نفسه بخمر أو خنزير، فيكون عليه قيمة رقبته.

وقال غيره: هو حر ولا شيء عليه.

قال ابن الحاجب: ولو شرط في الكتابة أن يشتري منه شيئًا، مضت ولم يلزمه الشراء.

زاد ابن شاس: ولو كاتبه وباعه شيئًا على عوض واحد؛ صح ولزم البيع، والكتابة وقبله شارحاه، ولا أعرف نص هذه المسألة لأحد من أهل المذهب؛ وإنما هو نص الغزالي في الوجيز، فأضافه ابن شاس إلى المذهب، وقد مر الكلام عليه في

ص: 376

أمثاله، والصواب إجراؤها على نصوص أهل المذهب.

قال ابن رشد في سماع القرينين: الشروط في الكتابة على مهب ابن القاسم وروايته قسمان:

قسم: حرام كشرط وطء المكاتبة، أو ما فيه غرر كشرط أن جنين الأمة عبد، ونحوه.

القسم الثاني: أن يكون لا حرام فيه، ولا غرر إلا أنه مخالف لسنة الكتابة كشرط أن لا يخرج من خدمته حتى يؤدي هذا يلزم فيه الشرطـ، وتصح الكتابة.

وقال ابن وهب في هذا الشرط: أن الكتابة منفسخة فأحرى أن يقوله في القسم الأول، فيتحصل فيها خمسة أقوال:

الأول: أن الشروط التي لا تجوز كلها سواء، تفسخ الكتابة إلا أن يترك السيد الشرط، وهو قول مالك في هذه الرواية.

الثاني: يبطل الشرط وتصح الكتابة، قاله أصبغ.

الثالث: تبطل الكتابة، وهو الآتي على قول ابن وهب.

الرابع: تفرقة ابن القاسم بين القسمين المذكورين بما تقدم بيانه.

الخامس: الفرق بين شرط الحرام وغيره، فيبطل شرط الحرام، وتجوز الكتابة وتفسخ الكتابة فيما سواه من الشروط، إلا أن يتركها السيد، وهو تأويل بعض أهل النظر لراوية أشهب: واجل الكتابة من حق العبد لا السيد.

وفيها: وللمكاتب تعجيل المؤجل من كتابته، ويلزم السيد أخذه، وتعجيل عتقه، وكون الأجل شرط في حقيقته الكتابة تقدم فيها الكلام.

وفيها: وإن كاتبه على عبد موصوف فعتق بأدائه، ثم ألفاه السيد معيبًا، فله رده ويتبعه بمثله إن قدر، وإلا كان عليه دينًا ولا يرد العتق.

وفيها: إن أدى كتابته وعليه دين، فأراد غرماؤه أخذ ما دفع للسيد، فإن علم أنه من أموالهم أخذوه.

قال ابن القاسم: ويرجع رقًا.

ص: 377

الصقلي: يريد مكاتبًا، وهذا يدل على أنه دفع له شيئًا تقدمت له فيه شبهة ملك أنه يرد عتقه، ويرجع مكاتبًا خلاف ما له بعد هذا.

قال مالك: وإن لم يعلم أنه من أموالهم لم يرجعوا على السيد بشيء.

الصقلي: قيل: معنى علم أنه من أموالهم، أنه منها بعينها، وقيل معناه: أن الدين استغرق ما كان بيده، وهو أصوب كالحر المستغرق الذمة.

قلت: ويؤيد ما في أخذ الصلح منها: ومن جنى جناية عمد، وعليه دين يحيط بماله، فأراد أن يصالح منها على مال يعطيه من عنده ويسقط.

الصقلي: معنى قوله: إن لم يعلم أن ما دفعه من أموالهم، هو ما أفاده بعمل يده أو أرش جرحه، فإن أشكل الأمر هل ذلك من أموالهم، أو من عمل يده، وأرش جرحه لم ينقض عتقه، ولو اعترف السيد به لمضى العتق، واتبع الغرماء السيد بها قيض.

وقال سحنون: ما اكتسبه من عمل يده الغرماء أحق به، وإنما له دونهم ما وهبه أو تصدق به عليه، أو أوصي له به بشرط أن يؤديه إلى سيده، ولو قامت الغرماء وبيده مال مجهول الأصل، فتنازعه الغرماء والسيد وقد يعجز، وقد أشرف على العجز فالقياس أن يحتاط للغرماء بخلاف ما أداه السيد وعتق؛ لأن للعتق حرمة.

وفيها مع الموطأ قال مالك: قوله تعالى: {وَآتُوهُم مِّن مَّالِ اللَّهِ الَّذِي آتَاكُمْ} [النور: 33] هو أن يضع عن المكاتب من آخر كتابته شيئًا، ووضع ابن عمر خمسة آلاف درهم من خمسة وثلاثين ألفًا.

أبو عمر: هذا قول مالك وغيره، وهو على الندب، ولا يقضي به الباجي، ورواه الجلاب عن مالك.

وفيها: إن أراد المكاتب تعجيل ما عليه وسيده غائب، ولا وكيل له على قبض الكتابة فليرتفع ذلك إلى الإمام ويخرج حرًا.

قلت: ونحوه في الحالف على القضاء لأجل يخشى حلوله.

وفيها: وإن كاتبه على طعام مؤجل، جاز أن يصالحه منه على دراهم معجلة، ولا

ص: 378

بأس أن تفسخ ما على مكاتبك من عين أو عرض، حل أو لم يحل في عرض معجل أو مؤجل مخالف للعرض الذي عليه؛ لأن الكتابة ليست بدين ثابت، لأنه لا يحاص بها في فلس المكاتب ولا موته؛ وإنما هو كمن قال لعبده: إن جئتني بكذا فأنت حر، ثم قال له: إن جئتني بأقل من ذلك، فهذا لا بأس به.

قال ابن شهاب: لم يتق أحد من الصحابة المقاطعة على الذهب والورق، إلا ابن عمر.

اللخمي: إذا فسخ الدنانير في دراهم إلى مثل الأجل أو أبعد أو أقرب أو فسخ الدنانير في أكثر منها إلى أبعد من الأجل، فأجازه مالك.

وابن القاسم: وإن لم يعجل العتق، ومنعه سحنون إلا أن يعجل العتق، وكذا إن كانت عينًا ففسخهما في عروض، وعكسه، فإن أخذ ما انتقل إليه نقدًا جاز، وإن كان إلى مثل الأجل أو أقرب أو أبعد، جاز عند مالك وابن القاسم، لا عند أشهب إلا أن يعجل العتق.

قلت: في ثالث سلمها: فإما أن يبيع من المكاتب نجم مما عليه من الطعام، فلا يجوز؛ لأنه بيع الطعام قبل قبضه، وإلا يجوز أن يبيعه جميع ما عليه فيعتق به، كذا قاله البراذعي والصقلي عنهما وزاد وقيل: يجوز وإن لم يتعجل عتقه، ولم أجده في المدونة.

اللخمي: وإن أراد السيد حل الكتابة وأبى المكاتب، أو أراده المكاتب وأبى السيد فالقول قول المتمسك، واختلف إن رضيا معًا بالفسخ.

فقال مالك: إن كان له مال ظاهر لم يكن له ذلك، وإن لم يكن له مال ظاهر كان ذلك لهما، فإن أظهر بعد ذلك أموالاً كتمها، لم يرجع عما رضي به، وقال أيضًا ذلك له وإن كان ذا مال ظاهر إلا عند السلطان.

محمد: إن كان صانعًا ولا مال له، فلع تعجيز نفسه، وعلى أصل سحنون ليس له ذلك إلا عند السلطان، فإن كانت صناعة قائمة، وهو قادر على الوفاء منعه من العجز، واختلف بعد القول بالمنع إن رضي بالفسخ، ولم ينظر فيه حتى فات بالبيع أو بعتق المشتري، فقيل: البيع فوت، وقيل: ليس بفوت إلا أن يفوت بعتق، وقيل: يرد ولو فات

ص: 379

بالعتق، قاله ابن القاسم في الدمياطية: إن باعة برضاه جاز.

وفي المدَونَّة: يفسخ إلا أن يفوت بعتق، ومحمل قول الغير في نقض العتق على أنه له مالاً ظاهراً لا يخشى رقه متى رد هذا العتق، وإن بيع بغير رضاه رد البيع، إن قام به العبد إلا أن يفوت بالعتق، فيسقط مقال العبد لصيرورته إلى حرية، ثم يختلف هل ينقض لما تعلق من الحق لغير البعد من الولاء على ما تقدم، إذا كان البيع برضاه.

قال ابن الحاجب: وتنفسخ بموت العبد، ولو خلف وفاء.

قلتُ: هو قولها: وإن مات المكاتب قبل دفع كتابته أو أمر بدفعها، فلم تصل للسيد حتى مات، فلا وصية له.

وفيها: وإن ترك أم ولد لا ولد معها، وترك مالاً فيه وفاء بكتابته، فهي والمال للسيد.

وفيها: وإن مات المكاتب بعد موت سيده، وترك مالاً ولم يدع ولداً، فذلك بين ورثة السيد، ويدخل فيه زوجاته؛ لأنه موروث بالرق.

وفيها: وإن ترك المكاتب مالاً فيه وفاء بكتابته، وترك أم ولد وولداً منها أو من غيرها؛ عتقت مع الولد فيه، وكذا إن ترك معه في الكتابة أجنبياً، وترك مالاً فيه وفاء بكتابته؛ فإن السيد يتعجلها من ماله، ويعتق بذلك من معه في الكتابة، وليس لمن معه في الكتابة من أجنبي أو ولد أخذ المال، وأداؤه على نجومه إذا كان فيه وفاء يعتقون الآن به لما فيه من الغرر.

وفيها: إن ترك المكاتب ولداً أحدث في كتابته، ومالاً فيه وفاء بالكتابة وفضل أخذ السيد كتابته وما بقي أخذه ورثته ولده الذين معه في الكتابة؛ لأنهم ساووه في أحكامه بعقد الكتابة في رقها وحريتها، ولا يرث منه ولده الأحرار ولا زوجته، وإن كوتبت معه، ولا شيء للسيد مما فضل إلا أن يكون الولد الذي معه في الكتابة بنتاً أو بنتين؛ فله الباقي بعد النصف أو الثلثين.

قال ابن الحاجب: وتنفسخ بموت العبيد لو خلف وفاء إلا أن يقوم بها ولد دخل بالشرط أو غيره بمقتضى العقد فيؤديها حالة.

ص: 380

قلت: اقتصاره على ذكر الولد؛ يدل على أن الأجنبي ليس كذلك، والمذهب: أنه مثله في عتقه بما خلفه المكاتب حسبما ذكرناه من نص المدَوَّنة.

وفيها أيضاً: إنما يرث المكاتب ممن معه في الكتابة الولد، وولد الولد، والأبوان، والجدود، والإخوة لا غيرهم من عم أو ابن عم.

الباجي: وروى الجلاب: لا يرثه إلا ولده فقط، وعزا محمد الأول لعبد الملك وابن القاسم مرة، قال: ثم قال وابن عبد الحَكم وأشهب وأَصْبَغ: يرثه من يوارث الحر من عم وغيره من رجال ونساء.

الباجي: وظاهر قول ابن عبدوس وأشهب: دخول الزوجة في ذلك.

وقال محمد: آخر قول مالك: لا يرثه ويعتق فيما ترك.

وقال الأخوان: لا يرثه ولا يرثها، ولا يرجع أحدهما على الآخر فيما أدى عنه في الكتابة.

ابن زرقون: وفيها قول رابع: أنه يرثه جميع الورثة إلا الزوجة.

وفي المدَونَّة: ما ظاهر هذا، وإن كان ضمنها أنه لا توارث بينهم إلا فيمن يعتق بعضهم على بعض.

وفيها: وإن مات مكاتب وترك أم ولد وولداً منها أو من غيرها، ولم يدع مالاً سعت مع الولد أو سعت عليهم إن لم يقووا، وقويت على السعي، وكانت مأمونة عليه.

وفيها: إن ترك مالاً يفي ببقية الكتابة، فلولده الذين معه في الكتابة أخذه، إن كانت لهم أمانة وقوة على السعاية، ويؤدونها نجوماً، ولا يدفع لمن معه في الكتابة غير الولد، ويستعجله السيد من الكتابة، ويسعون في بقيتها، فإن أدوا عتقوا وتبع السيد الأجنبي بحصة ما أدى من مال الميت، وحاص به غرماءه بعد عتقه، وإن كانوا صغاراً لأخوة فيهم على السقي؛ فهم رقيق، وذلك المال للسيد.

اللخمي والصقلي عن محمد عن أشهب: يدفع المال لمن معه في الكتابة، وإن كان أجنبياً أو كان مأموناً.

وفيها: وإن ترك أم ولد، وولداً منها حدث في الكتابة فخشي الولد العجز؛ فلهم

ص: 381