الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
والآخر اثنين، كانت الوصية للجماعة، كانت بينهم، ثلاثاً، وفي قصرها على موالي الموصي، وأولادهم، وعمومها فيهم، وفي موالي أبيه وولده وإخوته وأعمامه روايتا العتبيَّة، وفي المجموعة: يدخل هؤلاء وموالي الموصي وأولادهم، وقال: لا يدخل موالي بني الأخوة والعمومة، والأول أحسن.
الباجي: قال ابن الماجِشُون وابن حبيب عن ابن القاسم: إن كان مواليه يحاط بهم فالوصية لمن أعتق فقطن وإن كانوا كثيراً مجهولين، ولم يقل عتاقة؛ دخل فيهم موالي الموالي، وأبنائهم، وموالي أبيه، وابنه، وأخيه ابن زرقون؛ يريد: وقد رجع إليه ولاؤهم.
قلتك انظر هل يريد بالرجوع يوم الوصية أو يوم وجوبها، والظاهر الثاني.
وقول ابن شاس: إن أوصى لقبيلة لم يجب تعميمهم إن أراد، مع تعذر ذلك للغيبة، فواضح وإلا فالصواب التعميم، وهو مقتضى الرواية لمن تأملها، وقوله: يدخل الفقراء في لفظ المساكين والعكس، ظاهره: ولو على عدم الترادف، وهو صواب إذا كان الموصي غائباً وإلا ففيه نظر.
[باب الموصى به]
الموصى به: كل ما يملك من حيث الوصية به، فتخرج الوصية بالخمر وبالمال فيما لا يحل صرفه فيه.
سمع عيسى جواب ابن القاسم، عن من أوصى بمناحة ميت أو لهو عرس: أتؤجر النائحة وصاحب اللهو؟
قال: لا، وقوله: باطل، قيل: وأن كان مثل الكبر واللهو، قال: لا ينفذ.
ابن راشد: لأن النياحة على الميت محرمة، وكذا ما لم يرخص فيها من اللهو في العرس اتفاقاً، وكذا ما اختلف فيه على قول مانعه مثل الكبر والمزهر؛ لأن ابن حبيب أجازهما.
وعلى قول من يجيزه في تنفيذ الوصيَّة به قولان، وكذا الغربال المتفق على إجازته في العرس من تنفيذ الوصيَّة به قولان.
محمد: يرجع ما أوصى به لكذلك ميراثاً لا يدخل فيه وصايا.
وفي الموازيَّة: من أوصى بمال لمن يصوم عنه ولم يجز ذلك. وفيها مع غيرها: صحة الوصيَّة بالحمل، والثمرة الآتية والمنافع، وقول ابن شاس وابن الحاجب: ويدخل الحمل في الجارية، وهو قولها في أول وصاياها الأول، وعتقها ما ولدت الموصي بعتقها بعد موت الموصي فهو بمنزلتها.
زاد الشَّيخ في رواية ابن القاسم في الموازيَّة: والموصي بها لفلان، وقولهما إلا أن يستثنيه، هو مقتضى نقل الشَّيخ.
ومن كتاب محمد، وأراه لأشهب: إذا أوصى بحمل أمة لرجل، وبرقبتها لآخر؛ فهي كذلك، لهذا ما تلد ما دام حيًّا، وعليه نفقتها، فإذا مات؛ فرقبتها للموصي له بالرقبة.
قال محمد: وهذا إذا لم نكن يوم أوصى حاملاً، فإن كانت يومئذ حاملاً فليس له إلا الحمل فقط.
وفيها مع غيرها: منع استثناء الجنين في عتق أمه، فيجب تقييد إطلاق ابن شاس، وابن الحاجب جواز ذلك.
سمع أَصْبَغ ابن وَهْب: من قال: أوصيت لفلان بما ولدت جاريتي هذه أبداً، إن كانت يوم أوصى حاملاً فهو له، وإن لم تكن حاملاً يوم أوصى فلا شيء له، ولا فيها حدث بعد ذلك.
ابن رُشْد: معناها: إنه أوصى بما ولدت جاريته ثم مات، ولو لم يمت حتى ولدت أولادها؛ فله كل ما ولدت في حياته، كانت حاملاً يوم أوصى، أو لم تكن إلا أن يرجع عن وصيته فيهم، فإن مات وهي حامل فحملها الثلث، وقفت حتى تضع فيأخذ الموصى له بالجنين الولد، ثم يتقاومون الأم والجنين لا يفرق بينهما، ولم يجز أم يعطي الورثة الموصى له شيئاً على أن يترك وصيته في الجنين، قاله في المدَوَّنة وغيرها.
وإن لم يحملها الثلث فللورثة أن يوقفوها حتى تضع، وإن كرهوا لم يجب ذلك عليهم، وسقطت الوصية؛ لأنها وصيَّة فيها ضعف، قاله ابن حبيب، واختلف إن أعتق الورثة الأمة، والثلث يحملها، قيل: له يعتق ما في بطنها بعتقها وتبطل الوصية، وهو الذي في المدَوَّنة.
وقيل: لا عتق لهم حتى تضع وهو قول أَصْبَغ في الواضحة، وإن لم يحملها الثلث فعتقهم فيها جائز. وقول ابن الحاجب وابن شاس: إن أوصى بترتيب اتبع هو قولها، وليتقدم الأوكد فالأوكد، إلا أن ينص على تبدئة غير الأوكد، فيقول يبدأ أعتق النسمة النسمة بغير عينها، على التي بعينها.
الصقلي: قال ابن الماجِشُون: ما أوصى به بيدأ على ما هو أوجب منه فذلك فيما يجوز له الرجوع عنه، وما ليس له رجوع عنه من عتق بتل أو عطية بتل أو تدبير في مرض، فلا يبدأ بما يقول؛ بل بما هو أولى؛ لأن تبدئته عليه رجوع عنه.
وذكر الباجي: ما نقلناه من لفظ المدَوَّنة عنة عن ابن القاسم في المجموعة وغيرها، ثم قال: في قوله: لا ينظر إلى ما قدمه بالذكر نظر.
وقد قال ابن الحبيب عن ابن الماجِشُون: إنما ذلك فيما له أن يرجع فيه، وما لا
يرجع عنه من عتق بتل في مرضه، وعطية بتل وتدبير فيه، فلا بيدأ بالأوكد بل الأول.
قُلتُ: كذا هو في ابن زرقون، فلا يبدأ بالأوكد بل الأول، وما ذكره الصقلي خلافه حسبما تقدم، فتأمله.
قال الباجي: ويلزم ابن الماجِشُون على أن يقدم المدبر في الصحة على صداق المريض؛ إذ ليس له الرجوع عنه، وأن لا يتقدم المدبر في الصحة على وصيته في الصحة؛ يعتق عن قتل خطأ أو ظهار؛ إذ ليس له الرجوع عنه، إلا أن يريد بذلك ما يلزمه، فيتعين المطالبة به؛ فيلزم على ذلك مدبر الصحة على كل وجه.
وقال ابن حبيب على إثر ذلك: ولو أوصى بهذه الكفارات والزكاة، وقال: بدئوا على ذلك عشرين ديناراً وصية لفلان؛ لبدئت، وقاله أَصْبَغ، فذهب في اللزوم ومنع التبدئة إلى ما بتل من عتق أو عطية، وقد تقدم له منع ذلك، وإن شرط التبدئة في تدبير المريض، ثم قال: مدبر المريض والموصى بعتقه سواء، ولا يكاد يتحصل له أصل إلا على ضعف.
وفيها: من أوصى بشيء يخرج كل يوم إلى غير أمد من وقيد في المسجد، أو سقاء بماء، أو خبز كل يوم بكذا أو كذا أبداً، وأوصى مع ذلك بوصايا، فإنه يحاص لهذه المجهولات بالثلث، ويوقف لذلك حصته، وأكثرهم لم يحك فيه خلافاً.
وفي الزاهي لابن شعبان: وقال أشهب: يحاص له بالمال أجمع، ونقله الشَّيخ عن ابن شعبان عنه، وكذا الصقلي، ونحوه قول اللخمي: قيل: محمله أن الوصي أراد جميع المال، فيقال للورثة: أجيزوا وصيته، فإن لم يجيزوا رجع إلى الثلث، وقيل: محملها الثلث، ولا يقال للورثة شيء، وهو أبين.
اللخمي: اختلف إن اجتمع في الوصيَّة مجهولان كعمارة مسجد أو طعام مساكين، فقيل هو كمجهول واحد، وقيل لكل وصيَّة منها ثلث. وعزا الشَّيخ الأول لبعد الملك ولم يحك غيره وكذا الباجي، وحكى الصقلي القولين.
اللخمي: ويختلف في صفة القسمة، فعلى القول بأنها قسمة وصيَّة واحدة بثلث واحد؛ يفيض الثلث على قيمة ما يخرج منه كل يوم، لكل واحد بانفراده، وعلى أنها
وصايا ولم يجز الورثة؛ يكون الثلث بينهما نصفين.
قُلتُ: عزا الصقلي التخريج الأول لبعض الفقهاء، قال: وهو خلاف ما ذكر ابن الماجِشُون؛ لأنه قال: يقسم الثلث على عدد المجهولات.
اللخمي: وإن أوصى مع ذلك بمعلوم؛ عاد الخلاف المتقدم فيها يحاص به المجهول إن كان واحداً، هل يحاص بالثلث؟ أو بجميع المال؟ أو من جعلها وصايا ضرب لكل مجهول بجميع المال، أو بالثلث على القول الآخر؟ والقول: أن لجميعها ثلثاً واحداً أحسن. وفيها: من أوصى لرجل بدين لا يحمله الثلث، وله عين حاضرة، فإما أجاز الورثة أو قطعوا له بثلث العين والدين.
وكذا لو أوصى بأكثر من ثلث العين، وله عقار وعروض كثيرة، فقال الورثة: لا نسلم العين ونأخذ العروض، فإما أعطوه ذلك من النقد أو قطعوا له بثلث ما ترك الميت من عين أو دين، أو عقار وغيره إلا في خصلة واحدة.
اختلف قول مالك فيها: فقال مرة: إذا أوصى له بعبد بعينه أو دابة بعينها، وضاق الثلث، ولم يجز الورثة؛ قطعوا له بالثلث من كل شيء، وقال مرة: بمبلغ جميع التركة في ذلك الشيء بعينه، وهذا أحب إليّ.
الباجي: واختاره أيضاً أشهب، ورجع إليه مالك، وبالأول قال عبد الملك وابن كنانة، ورواه علي قال: ويحيي عن ابن القاسم: يقطع لهم بالثلث في ذلك المعين، إلا أن يوصي مع ذلك بدنانير لرجل، فيقطع لهم بثلث جميع التركة؛ لأنه لابد من بيع ذلك أو بعضه بسبب العين، وهذا يقتضي أنه لا عين في التركة.
وقيها: قال مالك: من أوصى لرجل بخدمة عبده سنة، وبسكنى داره سنة، وليس له مال غير ما أوصى به فيه أول ما يخرج ما أوصى به من ثلثه، خير الورثة في إجازة ذلك، أو قطع بثلث الميت من كل شيء للموصى له.
سَحنون: وهذا قول الرواة كلهم لا أعلم بينهم خلافاً.
قُلتُ: ولم يذكر الصقلي، ولا التونسي، ولا اللخمي في ذلك خلافاً، وقال ابن الحارث: اتفقوا عليه أنه بجميع الثلث من كل شيء من التركة للموصى به، إن لم
يجز الورثة الوصية.
وفي الموطأ قال مالك: من قال لفلان: كذا وكذا، ولفلان: كذا وكذا، وسمّى مالاً من ماله يزيد على ثلثه، فإن الورثة يجيزون في إعطاء أهل الوصايا وصاياهم، وأخذ جميع مال الميت، وفي إسلام ثلث الميت لهم بالغاً ما بلغ.
أبو عمر: هذه المسألة يدعوها أصحاب مالك مسألة خلع الثلث، خالفهم فيها أبو حنيفة والشافعي وغيرهما، وأنكروها على مالك وأجمعوا على أن الوصية تصح بالموت، وقبول الموصى له بعد الموت، فكيف تجوز المعاوضة بثلث لا يبلغ إلى معرفة حقيقة، ولا تجوز المعاوضة في المجهولات، وكيف يؤخذ من الموصى له ما ملكه بغير رضاه. وحجة مالك أن الثلث موضع الوصايا، فكان كما لو جنى عبد جناية فسيده مخير في فدائه بالأرش وإسلامه.
والذي أقول: إن ادعى الورثة أن الوصية أكثر من الثلث، كلفوا ببيان ذلك، فإن ثبت؛ أخذ منه الموصى له قدر الثلث، وكان شريكاً للورثة بذلك.
قلت: ففي تخيير الورثة في القطع له بمحمل الثلث في كل التركة أو في المعينات، ثالث: وجوب شركة الورثة بمحمله في كل التركة للروايتين، واختيار أبي عمر.
وسمع يحيى ابن القاسم: من أوصى بعبد ودار وحائط لثلاثة رجال، وضاق الثلث؛ فلكل واحد منابه في ذلك الشيء بعينه، ولو أوصى معهم لرجل بدنانير؛ قطع لهم بالثلث من كل التركة، ولم توضع وصاياهم في ذلك الشيء المعين؛ لأن الثلث لابد أن يباع أو بعضه لم أوصى له بالعين.
ابن رُشْد: لم يفرق في المدَوَّنة هذه التفرقة، فهذه التفرقة قول ثالث، ولو ترك من الناض ما يخرج منه العين الموصى به كما كان، لم يوص بعين؛ لأنه علل ذلك ببيع الثلث أو بعضه.
الباجي: إن أوصى بدنانير، وفي التركة دنانير وعروض ولا تخرج الوصية من ثلث العين، فقال أشهب: يأخذ ما وجد من العين وبيع ما بقي له، وقال ابن القاسم: يخير الورثة بين الإجازة والقطع بالثلث، ونحوه لعبد الملك، ونحوه في سمَاع أَصْبَغ.
ابن القاسم فيمن لم يترك إلا ثلاث دور وأرضاً وأوصى لرجل بخمسة دنانير: يلزم الورثة أن يعطوها إياه، أو يقطعوا له بثلث الميت، ولا يبيع له السلطان من تلك الدور بالخمسة، ويترك ما بقي للورثة، وروي ابن القاسم مثله فيه وفي المال الغابر والمتفرق.
وسمع يحي ابن القاسم: من أوصى لرجل بعشرة دنانير، ولم يترك إلا مالاً غائباً وديونه، فقال الورثة: إذ تقاضيا أعطيناك، قال: يخير الورثة في تعجيل ذلك، أو القطع له بالثلث.
ابن رشد: وليس للورثة تأخير العشرة لرجاء زيادة في المبيع، ولا لرجاء أسواق، وكذا لو كان جميع مال الميت ديناً، لقدرتهم على بيعه بما تباع به الديون، ولو كان ما الميت لا يجوز بيعه كزرع لم يحل بيعه، أو ثمرة قبل بدو صلاحها، انظر هل يبع ذلك.
ولابن رشد في رسم المكاتب من سماع يحي في تخيير الورثة في تعجيل الوصية بالعين، أو القطع: للموصى له بها بثلث كل التركة، وقصر حق الموصي له على أخذ ثلث العين وثلث ما يباع من التركة إن كانت العين غير معينة له، ولو عينها فالأول قولان لهذا السماع، وسحنون معها.
ونقل أصبغ عن مالك وأصحابه، وابن أبي جعفر عن ابن القاسم مع أصبغ، ابن زرقون اختلف فيه على أربعة أقوال:
قول أشهب: تنفذ ولا يخير الورثة.
وقول مالك وابن القاسم: يخيرون.
وقول ابن الماجشون: إن كان في بيع العروض بعد وبطء، خير الورثة وإلا فلا.
قول أصبغ: إن عين الدنانير خير الورثة، وإلا فلا.
قلت: ظاهره أن الخلاف ثابت في الدنانير المعينة، خلاف قول ابن رشد: إن كانت معينة لزم الورثة دفعها، أو القطع له بثلث كل التركة اتفاقاً.
وفيها: من أوصى بعتق عبد وهو لا يخرج مما حضر، وله مال غائب يخرج فيه؛ فإن العبد يوقف لاجتماع المال.
فإذا اجتمع قوم في ثلثة، وليس له أن يقول أعتقوا مني ثلث الحاضر الساعة.
قال سحنون: إلا أن يضر ذلك بالموصي له، وبالورثة فيما بعد جمعه، ويطول عياض: وهذا نجو ما في الموازية إذا طال ذلك كالأشهر، والسنة أنفذ الثلث.
وفسر أشهب المسألة: أنه يعتق منه ثلث الحاضر، ثم ما اقتضى منه غائب أعتق على العبد قدر ثلثه.
أبو عمران: يشبه أن يكون هذا تفسيراً لقول ابن القاسم.
الصقلي: قول سحنون: إلا أن يضر ذلك بالموصي له والورثة فيما يعسر جمعه ويطول مثله.
روي أشهب: قال ابن القاسم: وإنما هو فيها يقبض إلى أشهر يسيرة، أو عرض يباع وما يبعد جداً، وتبعد غيبته فليعجل عتقه في ثلث ما حضر.
محمد: قال أشهب: يعجب عتق العبد في ثلث الحاضر، ويوقف باقيه كلما حضر شيء زيد فيه: عتق ثلث ذلك، ولا يوقف جميع العبد، وإن قال مالك، ولم يأخذ سحنون بقول أشهب، وقال: لو كان هذا لأخذ الميت أكثر من الثلث؛ لأنه استوفى ثلث الحاضر، وصار باقي العبد موقوفاً على الورثة.
روي أشهب: قال ابن القاسم: وإنما هو فيما يقبض إلى أشهر، اللخمي: إن قربت الغيبة انتظر جمع المال، وإن بعد كخراسان من مصر والأندلس؛ عتق؛ لأن محمل الثلث، وإن كان غير ذلك فالقولان لابن القاسم، وأشهب، وقال سحنون.
وإن لم يخلف غيره؛ عتق ثلثه، وكلما حضر شيء من الغائب؛ زيد في عتقه بقدر ثلث ما حضر، وإن بعدت الغيبة مثل خراسان؛ جاز للورثة بيع ثلثيه، ويختلف إن قدم الغائب، هل ينقض البيع ليستكمل ما بقي أم لا؛ لأن البيع كان مع العلم بهذا.
قلت: نقله عن سحنون مثل قول أشهب، كذا هو في غير نسخة، وهو خلاف نقل
الصقلي عنه.
وفيها: إن قال: أعتقوا عبدي بعد موتي بشهر، وقال: هو حر بعد موتي بشهر، فإن لم يحمله الثلث؛ خير الورثة بين أن يجيزوا أو يعتقوا؛ لأن محمل الثلث منه بتلاً إن أجازوا الوصية خدمهم تمام الشهر، ثم خرج جميعه حراً.
ولما ذكرها ابن الحاجب قال ابن عبد السلام: وقد يثير ما في المدونة والموازية تشويشاً في المسألة، ولا إشكال فيه إذا تأملته، قال ابن القاسم وأشهب في المدونة والموازية: إن أوصى بعتق عبده ناجراً، أو عتق عبده الآخر إلى شهر؛ تحاصا لقرب الشهر، ولو بعد بدء المعجل، وقال أشهب: الشهر كثير، ويبدأ المعجل إلا أن يكون الثلاثة أيام انتهي.
ولم يبين الإشكال، وبين أن محاصته للمعتق لشهر للمعجل يوجب مساواته له، فيكون مماثلاً له، ويكون كلما كان كذلك وجب إن أجازوا الورثة عتقه، حيث لا يحاصص له إلا أن يكون لهم حق في خدمته شهراً ضرورة مماثله، عتق المعجل عتقه، ويجاب بأن محاصته له إنما توجب مماثله له في تعجيل العتق، لا في القدر الذي تستحقه من الثلث، وحق الورثة إنما هو في القدر الذي تستحقه من الثلث.
وفيها: إن أوصى أن يشتري عبد فلان ليعتق؛ فإنه يزاد فيه ما بينه وبين ثلث ثمنه، لا ثلث الميت، وإن لم يذكر الميت أن يزاد، فإن أبى ربه من بيعه إلا بأكثر من ذلك، فقال ابن القاسم: يستأني بثمنه، فإن بيع، وإلا رد ثمنه ميراثاً.
وروي ابن وهب وغيره: يوقف الثمن ما رجي بيع العبد، إلا أن يفوت بعتق أو موت وعله أكثر الرواة.
فحمل الصقلي رواية ابن وهب على الوفاق وحملها اللخمي على الخلاف، وكذا ابن رشد في سماع يحي الصقلي لابن حبيب عن أصبغ: خالف ابن وهب مالكاً.
وقال: يزاد ما بينه وبين ثلث الميت.
أصبغ: ولو قال: اشتروا عبد فلان بالغاً ما بلغ؛ استحسنت أن يزاد إلى مبلغ ثلث الميت.
الصقلي: وقول ابن القاسم: فإن بيع وإلا رد ثمنه ميراثاً، قال في الوصايا الثاني: بعد الاستيناء والإياس من العبد وقول ابن القاسم وفاق لرواية ابن وهب، وكذا روى عنه محمد مثل رواية ابن وهب، وقال محمد، ورواه أشهب عن مالك، وخالفه وقال: لا يستأني به إذا أبى الورثة البيع.
قلت: فجعل قوله في الوصايا الثاني وفاقاً، وجعله ابن رشد في سماع يحي خلافاً للصقلي، وقال بعض الفقهاء: انظر هل يدخل في ذلك الوصايا، أو يدفع للورثة كالذي يرد الوصية وهو أشبه، قلت: هو التونسي.
اللخمي: إن أبي سيده من بيعه غبطه به، أو لزيادة؛ سقطت الوصية عند مالك وابن القاسم.
وقال ابن كنانة: إذا أيس من سيده؛ جعل ثمنه وثلثه في رقاب تعتق، وأنكر في الموازية قول ابن كنانة.
وسمع يحي بن القاسم: فيمن قال: اشتروا أخي بكذا، ولم يقل أعتقوه، كان ما مر به من الشراء يوجب عتقه، فإن لم يجب على الورثة صرف ذلك في عتق غيره، وذكر قول ابن كنانة المتقدم، قال: ولا يدخل في هذه المسألة؛ لأن القرابة قرينة في إرادة القريب بخصوصيته.
اللخمي: ولا يعلم بائعه بالوصية؛ لأن القصد بالوصية مصير العبد للعتق.
قلت: فقول ابن عبد السلام اختلف هل يعلم ربه بما أوصى به الميت أم لا؟ فقال ابن عبد السلام، وابن القاسم: لا يعلم، وقال أشهب: يعلم وهم.
وإنما حكى اللخمي قولهما في قوله: اشتروا عبد فلان فقط ووجهه بين.
وفيها: إن قال: اشتروا عبد فلان لفلان، فامتنع ربه من بيعه بمثل ثمنه؛ زيد في ثمنه ما بينه وبين ثلث ثمنه، فإن امتنع ربه من بيعه بذلك ليزداد ثمناً، دفع ثمنه، وثلث ثمنه للموصي له، وإن امتنع من بيعه غبطة به؛ عاد ذلك ميراثاً وبطلب الوصية.
وقال غيره: إن امتنع أو غبطة؛ لم يلزم الورثة أكثر من زيادة ثلث الثمن، ويوقف ثمنه حتى يؤيس من العبد، فإن أيس منه؛ رجع المال ميراثاً، ولا شيء
للموصى له.
التونسي: انظر لو ضاق الثلث، وصار للوصية بالعبد عشرون قيمته ثلاثون، فالثمن الذي اشترى به أربعون لزيادة ثلث قيمته عليها، ورضي ربه ببيع نصفه بعشرين ليحصل له زيادة ثمن النصف؛ لا نبغي أن يكون له ذلك، ويسلم ذلك للموصي له، فإن امتنع رب العبد من ذلك لتبعيضه عليه لا غبطة به؛ لا تنبغي على قول ابن القاسم أن تدفع العشرون للموصي له، فإن قيل: لم لا يأخذ رب العبد الخمسة الزائدة في نصف العبد، قيل: لأنه امتنع من بيعه، فإن قيل: امتناعه لتبعيض العبد، وليس كمن زيد ثلث ثمنه فامتنع.
قيل: لو قيل: هذا ما بعد، ويحتمل أن يكون له ذلك على قوله فيمن أمر أن يباع منه: أن له ثلث العبد إن امتنع، وفي هذه المسألة أجرى أن تكون له الخمسة؛ لأنه إنما امتنع لضرر الشركة.
قلت: يرد بأن الموصي ببيع العبد منه إنما قصد الموصي رفقه بالوصية لا غيره، وفي المشتري منه لفلان إنما قصد بها فلاناً وحده، أو تبعية المشتري منه له، فلا يلزم من إعطاء الموصي بأن يباع العبد منه ثلثه إعطاء المشتري منه لفلان؛ لقوة قصد الرفق، للأول وضعفه في الثاني.
قال التونسي: وعلى عدم إعطاء العشرين لفلان، يكون كموصي بها، ردها للموصي له بها يحاص بها الورثة أهل الوصايا.
فيها: إن قال في وصيته: بيعوا عبدي ممن أحب أو ممن يعتقه، فأبى المشتري أن يشتريه بمثل ثمنه؛ نقص من ثمنه ما بينه وبين ثلثه لا ثلث الميت، فإن طلب المشتري وضيعة أكثر من ثلث ثمنه؛ خير الورثة في الذي يباع ممن أحب، بين بيعه بما سئلوا أو يعتقوا ثلث العبد.
وروي غير واحد: إن لم يجدوا من يشتريه إلا بأقل من وضيعة ثلث الثمن؛ فليس عيلهم غير ذلك.
قال ابن وهب: قال مالك: وذلك الأمر عندنا، قال ابن القاسم: قال مالك: وأما
الذي يباع ممن يعتقه فيخير الورثة بين بيعه منه بما أعطى، أو يعتقوا ثلث العبد، وهذا مما لم يختلف فيه قول مالك.
الصقلي: وكذا في الموازية لابن القاسم: أن مالكاً لم يختلف قوله في المبيع للعتق، وقال محمد: بل اختلف قوله بما هو أصوب، وبه أخذ أكثر أصحابه.
وروي أشهب فيه، وفي البيع ممن أحب: إن حمله الثلث، ولم يجدوا من يأخذه بوضيعة ثلث ثمنه، واستؤني به فلم يجدوا؛ فلا شيء عليهم فيه، فإن لم يحمله الثلث؛ خيروا في بيعه بوضيعة ثلث ثمنه، وفي عتق محمل الثلث منه.
وفيها: إن قال في وصيته: بيعوا عبدي من فلان، فامتنع من شرائه بمثل ثمنه نقص من ثمنه فليوضع عنه ما بينه، وبين ثلث ثمنه، فإن طلب المشتري وضيعة أكثر من ثلث ثمنه؛ خير الورثة في بيعه بما سئلوا، أو يقطعوا له بثلث العبد.
وروي غير واحد عن مالك: فذكر ما تقدم من رواية ابن وهب وغيره.
اللخمي: قال ابن القاسم: ليس عليهم أن يعلموا المشتري بالوصية، فإن اشتري بالقيمة، ولم يعلم فلا مقال له.
وقال أشهب: عليهم أن يعلموه، فإن لم يعلم رجع بما زاد على ثلثي قيمته، والأول أبين. وليس ذلك بوصية من الميت، والأصل في البياعات القيم.
وفي آخر ثاني حجها: وقوله: اشتروا عبد فلان بمائه دينار، وأعتقوه عني فاشتروه بثمانين فالبقية ميراث.
الصقلي: عن أشهب في المجموعة: ولو لم يبيعوه منه بثلث ثمنه؛ لأنه لا يخرج من الثلث؛ قطعوا له بثلث الميت، ولو بذلوه بوضيعة الثلث فأبى سقطت الوصية.
وفي أول وصاياها الأول: ومن أوصى بعتق نسمة، يشترى ولم يسم ثمناً؛ أخرجت بالاجتهاد بقدر قلة المال وكثرته، وكذا إن قال: عن ظهاري.
الصقلي عن محمد: وقال أشهب: لا ينظر إلى قلة، ولا كثرة ويشترى رقبة وسطاً كما قيل: في الغزة، ويحاص به أهل الوصايا هذا الاستحسان، والقياس أن يحاص بأدنى القيم، كما يجزى عن المظاهر وقاتل النفس.
والأول أحب إلي كما قلت في المتزوجة على خادم: إنها تكون وسطاً.
اللخمي: الوسط حسن مع عدم الوصايا، فإن كانت وصايا وضاق الثلث رجع إلى أدنى الرقاب وحكم المال القليل؛ لأن الميت إنما يقصد إلى أنفاذ وصايا جملة، فإذا علم أن المال لا يتسع إلى الوسط رجع إلى الأدنى ما خلا الرضيع والمعيب، ثم ننظر إلى ما يصير في المحاصة، فإن وجد به رضيع وهو عن واجب اشتري؛ لأنه يجزئ أو معيباً إن كان تطوعاً.
وإن لم يبلغ ذلك العتق عن ظهار أطعم عنه، إن وفى بالإطعام أو ما بلغ منه، وإن كان فوق الإطعام ودون العتق؛ أطعم وكان الفضل لهم هذا القياس، والاستحسان أن يتصدق به، وإن كان العتق عن قتل؛ أشرك بما ينوب العتق في رقبته، وكذا إن كان تطوعاً.
قال مالك: أو يعان به في مكاتب.
وفيها: إن سمى ثمناً للنسمة يسعه الثلث فاشتراها الوصي وأعتقها عنه، ثم لحق الميت دين يستغرق جميع ماله؛ رد العبد رقاً، وإن لم يستغرق كل ماله؛ أعطي صاحب الدين دينه، وعتق من العبد ثلث ما بقي من مال بعد قضاء الدين، ولا يضمن الوصي إذا لم يعلم بالدين.
اللخمي: اختلف في هذا فذكر قولها: قال في الموازية: يمضي العتق ويغرم الوصي.
والأول أحسن؛ لأنه وكيل ولم يعتق لنفسه، وكذا من وكل على شراء جارية وأن يعتقها، فأعتقها ثم استحق الثمن، فيختلف في رد العتق.
وكذا إن تلف الثمن قبل دفعه للبائع، أرى إن تلف بعد العتق لم يرد، ورجع بالثمن على الآمر، وإن تلف قبل العتق؛ خير الآمر بين أن يغرم المال ويمضي العتق، أو لا يغرم ويكون للوكيل أن يرد العتق.
وقال ابن رشد في رسم الأقضية من سماع أشهب: إن تبين تفريطه؛ ضمن اتفاقاً وإلا ففي حمله على التفريط، فيضمن أو على عدمه، فلا يضمن قولان لسماع أشهب مع الغير في المدونة، وهو أشهب في كتاب الحج، وأحد قولي ابن القاسم في سماع أصبغ،
وقوله في المدونة مع سماع يحي.
قال ابن عبد السلام: وفي الوصايا الثاني في الموصي أن يحج عنه بعوض: لا يجزئ أن يحج عنه صبي، أو من فيه علقة رق، ويضمن الدافع إلا أن يظن أن العبد حر، وقد اجتهد ولم يعلم؛ فلا يضمن، وقال غيره: لا يزول عنه الضمان بجهله.
وقول الغير هو الجاري على ما علم في الحج الثاني والنذور.
قلت: لا يلزم من ضمانه في مسألة الحج ضمانه في مسألة العتق، بحصول غرض الموصي بالعتق، فوته في الحج.
وفيها: من أوصى بنسمة تشترى فتعتق؛ لم تكن بالشراء حرة حتى تعتق؛ لأنه لو قتله رجل أدى قيمة عبد، وأحكامه في كل أحواله أحكام عبد حتى يعتق، فإن مات بعد الشراء وقبل العتق؛ كان عليهم أن يشتروا رقبة أخرى ما بينهم وبين مبلغ الثمن.
وسمع عيسى ابن القاسم: من أوصى بشراء رقبة ذكر أنها واجبة عليه، فابتاعوا رقبة، فمات العبد قبل أن يقسم ماله؛ رجع للمال فأخرج مما بقي ثمن رقبة، تعتق إن حمل ثلث ما بقي ما يكون فيه وقفه، أو ما كان ثلثه، وكذا لو أخرج ثمنه فسقط.
ولو جني العبد جنابة تحيط برقبته؛ خير الورثة في إسلامه ليبتاعوا من ثلث ما بقي عبداً ويفتكوه ليعتقوه، وكذا يرجع أبداً في ثلث ما بقي، ما لم ينفذ عتقه أو يقسم المال.
فإن قسم وقد اشترى أو أخرج ثمنه فذهب؛ فلا شيء على الورثة إلا أن يكون معه في الثلث أهل الوصايا قد أخذوا وصاياهم، فيأخذ مما أخذوا ما يبتاع به رقبة؛ لأنه لا تجوز وصيته، وثم عتق لم ينفذ إلا أن يكون معه في الوصية ما هو مثله من الواجب، فيكون في الثلث سواء. وإن بقي بأيدي الورثة من الثلث ما يبتاع به رقبة؛ أخذ ذلك من أيديهم بعد القسم وابتيع به رقبة، وأنفذ لأهل الوصايا وصاياهم
ابن رشد: تفرقته بين كون المال قسم، أو لم يقسم، استحسان ليس بقياس؛ لأن الحقوق الطارئة على التركة لا يسقطها قسمة المال.
ولأصبغ عن ابن القاسم: أنه يرجع إلى ما بقي من المال فيخرج من ثلثه، ويكون ذلك كشيء لم يكن لا يحسب في ثلث، ولم يفرق بين كون المال قسم أو لا، وهو ظاهر
كتاب الوصايا الأول.
ومن الناس من فسرها بما في هذا السماع من التفرقة، وهو قول أصبغ، وليس بصحيح، وكذا قوله: إنه يرجع في ثلث ما بقي ما لم ينفذ عتقه؛ يريد: أنه إذا نفذ عتقه، فاستحق بعد العتق؛ لا يرجع في ثلث ما بقي من التركة بعد قيمته وإن لم يقسم المال، وإنما يرجع فيما بقي من الثلث بعد قيمته، هو استحسان على غير قياس، والقياس أن يرجع إذا استحق العبد بعد أن أعتق في ثلث ما بقي من التركة بعد قيمته قسم أو لم يقسم.
وفيها: من أوصى بعتق عشرة من عبيده، ولم يعينهم وعبيده خمسون، فمات منهم عشرون قبل التقويم؛ عتق ممن بقي منهم عشرة أجزاء من ثلاثين جزء بالسهم خرج عدد ذلك أقل من عشرة أو أكثر، ولو هلكوا إلا عشرين؛ عتق نصفهم في ثلث الميت، أو هلكوا إلا عشرة؛ عتقوا إن حملهم الثلث.
وكذا من أوصى لرجل بعدد من رقيقه أو بعشرة من إبله.
الصقلي وقال ابن الماجشون: سواء قال: عشرة من رقيقي أحرار وهم ستون، أو قال: سدسهم فمات بعضهم؛ إنما يعتق سدس ما بقي إن بقي منهم أقل من عشرة لم يعتق إلا سدسهم قلت: بناء على اعتبار حكم الوصية بمقتضى حالهم يوم التنفيذ أو يوم وقوعها.
الشيخ في الموازية: وإذا أوصى له بشاة من ماله وله غنم؛ فهو شريك بواحدة في عدد ضأنها ومعزها، ذكورها وإناثها، صغارها وكبارها، فإن هلكت كلها؛ فلا شيء وإن عن لم يكن له غنم؛ فله في ماله قيمة شاة من وسط الغنم، إن حملها الثلث أو ما حمل منها، ولو قال: من غنمي فمات ولا غنم له؛ فلا شيء له، وإن مات ولا غنم له إلا شاة صغيرة أو كبيرة؛ فهي له إن حملها أو ما حمله منها.
الشيخ: من أوصى لرجل بعشرة شياه من غنمه ومات وهي ثلاثون فولدت بعده فصارت خمسين؛ له خمسها، وقاله أشهب مرة، وقال مرة: له من الأولاد بقدر ماله من الأمهات إن كانت الأمهات عشرين، أخذ عشرة من الأمهات، ونصف من الأولاد إن
حملها الثلث أو ما حمله منها.
وفيها: إن قال: ثلث عبيدي أو إبلي لفلان فهلك بعضهم وأوصي له بثلث غنمه فاستحق ثلثاها؛ فإنما للموصي له ثلث ما بقي من العبيد والغنم، إن حمل ذلك الثلث.
قلت: كذا هو في التهذيب والمدونة، وقوله: إن حمل ذلك الثلث مع قوله: إنما له ثلث ما بقي من الغنم، والعبيد تقرير لما هو واقع، كقولة: هذا الحجر إن كان حجراً فهو جماد. أول ما يخرج من كل التركة معيناً أم الولد، والرهن لمحجور، وزكاة حب، أو ثمر مات حين وجوبها، وفي كون وجوب زكاة ماشية في مرضه، كذلك طريقان.
اللخمي: كذلك إن لم يكن ساع.
ابن رشد: كذلك إن كان فيها سنها، وما ثبت ملكه غيره، وسكنى الزوجة في عدتها مسكنها حين موته بملكه أو نقده كراءه، وأوله كلياً موته وإقباره، ثم دين لآدمي، ثم ما أشهد في صحته بواجب عليه لله تعالى من زكاة، أو كفارة.
ابن رشد: أو نذر.
قلت: للباجي عن عبد الحق وبعض شيوخه: نذر الصحة في الثلث، فلعل الأول في الملتزم، والثاني في الموصي به، وإلا تناقضا، ويقدم منها في ضيق التركة المقدم منها في ضيق الثلث، وفي كون زكاة عين حلت في مرضه من رأس ماله مطلقاً، وإن أوصى بها وإلا أمر الوارث بها، ولم يجز قولا اللخمي مع أشهب وابن القاسم.
ولمحمد فيمن علم منعه زكاة أمر بها في مرضه، فقال: حتى أصبح تخرج من ثلثه، وصوب اللخمي كونها من رأس ماله لقول محمد في متمتع مات إثر سفره، ولم يهد لتمتعه: يهدي من رأس ماله، وخرج عليه عتق ظهاره من مات قبل تفريطه في عتقه كونه من رأس ماله.
فقول ابن شاس: إن عرف حلولها، وإنه لم يخرجها فمن رأس ماله ابتاع، للخمي لا للمشهور.
وقول ابن الحاجب: إن اعترف بحلولها حينئذ، وأنه لم يخرجها فمن رأس ماله، خلاف اقتضاه ظاهر الورايات، شرط علم حلولها حينئذ من غيره.
ولصحة تعليل الصقلي ما أخرج منها الثلث بكونه لم يعلم إلا من قبله، وفيها: من حلت زكاة عينه في مرضه، أو أتاه مال غائب فأمر بزكاته فمن رأس ماله، وفيها: من اعترف في مرضه، بعتق عبده فلانًا في صحته؛ لم يعتق في ثلث ولا رأس مال، وتقدم ذكر الخلاف فيه.
والمخرج من ثلثه، الوصايا وتبرعات مرض موته، فإن ضاق ونص على ما تقدم شيء على شيء له رده؛ قدم عليه وتقدم القول فيه.
وما ذكره الباجي فيه: وإلا قدم الأوكد ففي تقديم مدبر الصحة على صداق منكوحة في مرض دخل بها فيه.
ثالثها: يتحاصان رواية محمد مع تخريج الباجي لابن الماجِشُون، من قوله: لا يقدم راجح مؤخر عن موجوع مقدم لازم عقده.
والعُتْبِيّ مع محمد وابن الماجِشُون وسماعه أشهب وفيه: إن كان صداقها أكثر من صداق مثلها، وابن القاسم، وقال بالأولين.
الباجي: ولا خلاف في تقديم هذين في الثلث، إلا ما تقدم لأشهب في المجموعة أن الزكاة والكفارة يقدمان على التدبير.
قُلتُ: وفي الأيمان بالطلاق منها: من تزوج في مرض موته ودخل؛ فلها الصداق في ثلثه مبدأ على الوصايا، العتق وغيره: إلا الدين. وفي رسم أسلم من سماع عيسى: يبدأ صداق مثلها على المدبر في الصحة.
ابن رُشْد: ظاهره: إن كان أصدقها أكثر من مهر مثلها؛ شقط الزائد على مهر مثلها، وهو ظاهر قولها في الإيمان بالطلاق، وقيل: يحاض به أهل الوصايا ولا يبدأ، قاله أَصْبَغ، وروي عن ابن القاسم.
وقال مالك في سماع أشهب من الوصايا: إنه يبدأ، ومثله لابن نافع وعلى بن زياد، وابن عبد الحَكم، وابن الماجِشُون، وسَحنون.
وقال ابن القاسم في العشرة: يبدأ بالمدبر في الصحة على صداق المريض، وعنه أنهما يتحاصمان فالأقوال الثلاثة له.
الصقلي: القول بتقديمه على المدبر ليس بشيء.
قُلتُ: هو ظاهر قولها يبدأ على الوصايا بالعتق، وغيره إلا الدين فلم يستثن من غيره إلا الدين.
وفي المدبر منها: إن دبرهم في صحة أو مرض في كلمة أو لم يحملهم الثلث، لم يبدأ أحدهم على الآخر، وفض الثلث على جميعهم بالقيمة يعتق من كل واحد حصته منه.
ابن رُشْد: ولابن نافع في المدنيَّة: يقرع في المدبرين، كما يقرع في الموصى بعتقهم والمبتلين.
الباجي: قال محمد: ويلي الصداق، ومدبر الصحة، الوصيَّة بزكاة فرط فيها، قاله ابن القاسم، ومالك: إنها تقدم على كل كفارة وعتق وإبتال في المرض.
وللبرقي عن أشهب: أن العتق؛ يريد: المعين يقدم على الزكاة، والزكاة تقدم على الصدقة.
ابن زرقون: وحكى ابن يونس عن أشهب: أن الزكاة لا تبدأ على الوصايا فانظره مع قوله هنا: تقدم على الصدقة فيتحصل لأشهب ثلاثة أقوال:
قوله في المجموعة: تبدأ الزكاة على المدبر.
الثاني أنها بعد العتق المعين وقبل الوصايا.
الثالث أنها مع الوصايا.
وللصقلي في كتاب الصيام، إثر ذكر الزكاة التي فرط فيها، ثم العتق في الظهار، وقتل النفس معا، وقيل: يبدأ عتق قتل النفس إذ لا بدل عنه، وعتق الظهار منه بدل وهو الإطعام، ثم كفارة الأيمان، ثم الإطعام من قضاء رمضان، ثم المدبر والمبتل في المرض.
الباجي عن ابن الماجِشُون: إن أوصى بزكاة لعامه أو لعام فارط، وبركاة فطره وكفارة ظهار، وقتل، وجزاء صيد، وكفارة أيمان، وما بتل في مرضه من عطية، أو صدقة أو حبس أو صداق عن من ليس بولد؛ فذلك مبدأ على ما أوصى به في زكاة فرط فيها: وعلى سائر الوصايا، وكذا المدبر في المرض مقدم على الزكاة وهذه الواجبات
كلها لا يقدم بعضها على بعض.
لابن حبيب: المبتل في المرض يقدم على الزكاة، وقاله مالك، وفي الموازيَّة: زكاة المال والحب والماشية سواء يحاص بينهما، وتبدأ على زكاة الفطر؛ لأنها سنة، ونحوه لأشهب، وتقدم لابن الماجِشُون: زكاة المال والفطر سواء.
الباجي: قال ابن القاسم في الموازيَّة: ثم بعد الزكاة عتق الظهار، وعتق قتل خطأ لا قتل عمد؛ لعدم وجوبها، فإن ضاق الثلث عنهما، فإن وفي بعتق القتل وإطعام الظهار؛ أنفذ.
ابن زرقون: اتفاقًا.
الباجي: فإن لم يكن فيه إلا رقبة واحدة؛ أخرجها الورثة عن أيهما شاءوا.
وقال أَصْبَغ: أحب إلى عن القتل لعل أن يظهر له مال يطعم منه، فإن أيسر من ذلك فعن أيهما شاءوا، وهذا قول آخر في المساواة بينهما، غير روايتي القرعة والمحاصة، وهي رواية تخيير المنفذ.
الباجي عن ابن عبدوس عن ابن القاسم: يقرع بينهما، وبه قال الأبياني.
ابن زرقون: فيتحصل فيها أن لم يكن في الثلث إلا رقبة واحدة أربعة أقوال: المحاصة، وتبدئة كفارة القتل، والقرعة، وتخيير الورثة؛ يريد: إن تفقوا. وإن اختلفوا فالقرعة، وقيل: إن لم يكن فيه إلا رقبة، وفضل: لا يبلغ الإطعام بدئ بالظهار، ويشرك بما بقي في كفارة القتل، وهو الخامس.
الباجي لابن القاسم: إن لم يبلغ الإطعام الستين، أطعم ما بلغ، وإن زاد على الستين أعتق به في رقبة.
قال ابن القاسم: إن لم يوص إلا بكفارة قتل، وضاق الثلث عنها، لم يرجع إلى الورثة، وعسى أن يعان بها في رقبة.
قال أصْبَغ: يعان بها، وليس بشيء مما ذكرنا على رواية المحاصلة.
قال بعض القرويين: معنى المحاصة: إن ما وقع للظهار أطعم به، وما وقع للقتل أعين به، وعندي أنه يقسم بينهما نصفين.
وقال اللخمي: يقدم عليهما هدي المتعة، ثم فدية الحج، ثم هدي الفساد، وكفارة الإفطار معًا.
الباجي: قال ابن القاسم في الموازيَّة: بعد عتق القتل والظهار، ثم عتق القتل في المرض، والتدبير فيه سواء، وقاله مالك.
وقال مُطَرَّف: يبدأ المبتل في المرض عليه. قلت لابن رُشْد في رسم شربه من سمَاع ابن القاسم: وقيل: يبدأ بالمدبر على المبتل في المرض، وهو على قول ابن القاسم في رسم أخذ آخر يشرب خمرًا من الحبس: أن للرجل أن يرجع عن ما حبسه فر مرض موته.
الباجي: هذا إن كان في لفظ واحد وفي حكم اللفظ الواحد.
قال في المدَوَّنة والعتبيَّة والمجموعة: إن كانا في كلام واحد في مرضه، فقال: هذا مدبر وهذا حر بتلاً تحاصًا.
قال ابن القاسم: ولو بدأ بأحدهما، ثم ذكر الآخر بدئ بالأول؛ لأنه يثبت له مال يرجع فيه، ولأشهب في المجموعة الكلام المتصل لا صمات فيه كاللفظ الواحد.
ولابن القاسم في الواضحة: ما كان في كلمة واحدة، وفور واحد فيهما معًا، وما كان في فور بعد فور، فالأول مبدأ.
قال أشهب: إن قال: فلان حر بتلاً ثم سكت سكوتًا يعرف أنه لم يرد غيره، ثم يبدو له، فيبتل غيره بدئ الأول فالأول. ولعبد الملك في المجموعة: لو بتل عتق عبده في مرضه، ثم بتل من آخر عتق نصفه، وبدئ المبتل جيعه؛ لأن الآخر إنما يستتم في ثلثه بعد موته، ولو صح ثم مات؛ لم يستتم عليه.
وقال محمد: اختلف قول مالك في تبدئة العتق البتل، والمدبر في المرض على الموصى بعتقه، فقال: بيد أنه على موصى بعتقه؛ لأن المشكل له تعلق برأس المال إن صح، والمدبر إن صح لا رجوع فيه، وقال ابن وَهْب، وقال: يتحاصون، وقاله أشهب.
قال ابن دينار: وصدقة البتل مقدمة على الوصيَّة لعتق معين؛ إذ له أن يرجع عنه، وقاله المغيرة، وعبد الملك.
قال سَحنون: كانت العطية قبل وصيَّة العتق أو بعده.
وروى ابن القاسم: أن مالكًا توقف في تبدئة صدقة البتل على الوصايا، وكذا في العتبيَّة، وتبدأ التبدية أحب إلي، وأما على العتق بعينه فيبدأ العتق.
ابن زرقون: الذي في سمَاع ابن القاسم من الوصايا: أن الوصيَّة يحاص بها مع صدقة المريض.
وفي كتاب المرابحة من العتبيَّة: الصدقة مبدأة.
وفيها: ثم تبدأ بالزكاة، فيها ذكرنا ثم المبتل والمدبر في المرض معًا، ثم الموصى به للعتق بعينه، والمشتري بعينه معًا.
اللخمي: وقال محمد: يبدأ الذي في ملكه وهو أبين؛ لأن الملك مترقب في الذي ليس في ملكه.
وقال الصقلي: قال أشهب: وقال لي الليث وابن أبي حازم: لايبدأ بما كان في ملكه.
قال أشهب: وقول مالك أحب إليَّ.
محمد: وقاله مالك وأصحابه، وفيها: بعد العتق بعينه والمشترى، ثم المكاتب بعينه.
الصقلي: إن أوصى بكتابة عبده فلان، وعتق آخر بعد سنة وضاق الثلث أسهم بينهما؛ فمن خرج عتق في الثلث، وإن لم يحمله الثلث؛ خير الورثة في إنفاذ الوصيَّة وعتق محل الثلث منه بتلاً، فإن خرج المعتق إلى سنة سقطت الخدمة.
محمد: أحب إلي أن يبدأ المعتق إلى سنة؛ لأنه بتله ولا عجز فيه، قاله عبد الملك.
ابن القاسم: إن ولم يحملهما الثلث؛ قيل للورثة: إما أن يجيزوا، ولا عتق محمل الثلث منها بتلاً.
الباجي: قال عبد الملك في الواضحة: إن كان أجله بعيدًا كالسنة.
وفي المجموعة: إن كان إلى أجل طويل تحاصا، وسقطت الخدمة والكتابة ويبديان
على رقبة غير معينة، كان ذلك في كلمة أو فور بعد فور.
الشَّيخ في المجموعة: روى ابن القاسم وأشهب: إن أوصى بعتق عبده وبأن يكاتب الآخر، فالمعتق مبدأ وكذا على أن يؤدي الآخر كذا فلم يعجله، ولو عجله تحاصا.
قال سَحنون: ولأشهب يبدأ الذي يعتق على غير مال.
اللخمي: إن عجل عتق أحدهما بغير مال، والآخر على مال، أو أوصى أن يكاتب؛ بدئ بالذي لم يعجل عليه مالاً ولا كتابة.
واختلف إن عجل المال فقال ابن القاسم: يتحاصان، وقال غيره: التبدئة على حالها.
قُلتُ: بناء على اعتبار الحكم بحال يوم التنفيذ أو يوم الوصية وعليهما لو أوصى بكتابة أحدهما، وعتق الآخر على مال يعجله؛ بدئ بالمعجل على قول ابن القاسم وتحاصا على قول الآخر، ولو لم يعجل المعتق على مال المال تحاصا، قاله الصقلي.
وفيها: بعد المكاتب بعينه، ثم القسمة بغير عينها، والحج معًا، وقد قال: يبدأ بالرقبة لضعف الحج.
الباجي: انفرد ابن وَهْب فقال: تقدم وصيَّة الصورة بالحج على الرقبة المعينة، وفي الموازيَّة يبدأ العتق، وإن كان تطوعًا والموصي ضرورة، وقاله أشهب، وابن القاسم ورواه عن مالك.
وأما حج الضرورة مع رقبة معينة ففيه ثلاثة أقوال:
قول ابن القاسم في كتابه: يقدم عتق غير المعين.
وقول أشهب وابن وَهْب: يقدم حج الضرورة.
وقول ابن القاسم الذي وافق فيه أصحابه: يحاص بينهما، وقاله ابن كنانة، وإن كان الحج من غير ضرورة، فعلى أن العتق يقدم على الصرورة فأحرى أن يقدم هنا، وعلى أنه لا يقدم على الصرورة.
قال محمد عن مالك وأصحابه: تبدأ كل وصيَّة على حج غير الصرورة، والرقبة
غير المعينة، والوصايا في الثلث شرع سواء، وقاله أشهب، والأول مبني على كراهة الوصيَّة بالحج، قاله مالك.
الصقلي: إن اجتمع وصيَّة مال وحج وعتق بغير عينه على القول بتبدئة الرقبة على الحج حوصص بينهما، فما وقع للحج كانت الرقبة أو أولي به كما لو كانا معًا كمعادة الشقيق للجد بالأخ للأب.
قال: ولم يختلف قول ابن القاسم: أنه إن أوصى بمال وبعتق بغير عينه؛ أنهما يتحاصان، وإن أوصى بحج ومال؛ أنهما يتحاصان.
قُلتُ: هذا الاتفاق بناقض قوله: بتقديم العتق؛ لأن المساوي لأمر مساوي لمساوي ذلك الأمر ضرورة، ويجاب بأن المحاصة تكون بالمفاوتة لا بالمساواة قاله ابن رُشْد في سمَاع موسى.
قال ابن شاس: ويقدم الواجب على التطوع، وتبعه ابن الحاجب فقبله ابن هارون قال: ويقدم الواجب بالكتاب على الواجب بالسنة.
وقال ابن عبد السلام: هذا إن كانا من جنس واحد كعتق رقبتين إحدهما واجبة، والأخرى تطوع، وكذا الإطعام وشبهه، وإن كانا من جنسين؛ فالذي قاله، وإن ساعده الفقه فالنقل يخالفه في كثير من المسائل بعضها يضعف الاعتذار عنه، فقد قدم الأكثرون مدبر الصحة على الزكاة، وقدم عبد الملك عليها مدبر المرض.
قُلتُ: الأظهر حمل لفظهما على ما اتحد جنسهما، ونحوه قول اللخمي الموصى به أربعة: ما جاء به القرآن، وما جاءت به السنة، وما أوجبه الموصى على نفسه فالمقدم، والرابع: ما أوصى به، ولم يوجبه بالمقدم ما جاء به القرآن ثم جاءت به السنة، ثم ما تطوع به، وقد تقدم ما جاءت به السنة على ما جاء به القرآن في بعض المسائل.
وفيها: تقديم العتق بعينه على المعتق غير معين.
وفيها: إن أوصى بمال وقسمه بغير عينها تحاصا.
وسمع موسى بن معاوية: من أوصى بعتق رقبة تشترى، وأوصى بوصايا وضاق الثلث تحاصوا فيه.
ابن رُشْد: مثله في المدَوَّنة من أن الرقبة بغير عينها لا تبدأ على الوصايا.
واختلف في ذلك، وفي الوصيَّة بالحج، فقيل: كلها سواء في المحاصة، وقيل: تبدأ الرقبة على الحج، ويحاص المال مع الحج ومع الرقبة، ووجهه أن الرقبة آكد ثم المال ثم الحج، فتتحاص الرقبة مع المال لتقاربهما، والمال مع الحج أيضًا لقرب ما بينهما، وتبدأ الرقبة على الحج لبعد ما بينهما، وقيل: تبدأ الرقية على المال والحج، وقيل: يبدأ الحج على الرقبة والمال.
الجلاب: من أوصى بعتق مطلقًا غير معين، ووصايا؛ كان العتق واجبًا من نذر، أو كفارة يمين، أو قتل، فهو مبدأ، وإن كان تطوعًا.
ففيها فيما أظن روايتان.
أحدهما: أنه مبدأ. والآخر: أنه وسائر الوصايا سواء.
قُلتُ: وعن ابن الحارث: التبدئة لعبد الملك.
وفي الكافي لأبي عمر: الجزم بالروايتين دون ظن.
وفيها: من أوصى بثلث، وبربع ماله، وبشئ بعينه لقوم؛ نظر إلى قيمة هذه المعينات، وإلى ما أوصى به الثلث والربع، فيضربون في الثلث الميت بمبلغ وصاياهم، فما صار لأصحاب الأعيان أخذوه في ذلك، وما صار للآخرين كانوا به شركاء مع الورثة.
وسمع ابن القاسم من قال: ثلثي في سبيل الله وفي الرقاب، أو لفلان مائة دينار، قال: يعولون الذي سمى له بالمائة.
ابن رُشْد: قال في هذه الرواية: إن الوصيَّة بالجزء، والتسمية يحاص بينهما، كانت التسمية لمعين والجزء لغير معين في وجه واحد أو وجوه شتى.
ومثله سمَاع أشهب، وسمَاع يحيى، ورواه على بن زياد، وذلك إذا أبهم التسمية، لم يقل فيها انها من الثلث كقوله: عشرة دنانير وثلثي لفلان، أو في وجه كذا ولفلان، أو في وجه كذا ثلثي ولفلان، أو في وجه كذا منه عشرة دنانير، فإن التسمية تبدأ، قاله في رسم الوصايا من سمَاع أشهب، ولا خلاف في ذلك إن أتى بمن قدمها، أو أخذها والتبدئة مع التأخير أوكد، وعن مالك: تبدئة التسمية على الجزء وعنه العكس.
وقال ابن رُشْد في رسم الوصايا من سماع أشهب: المشهور التحاصص.
ابن زرقون: للناس أشعار في ترتيب الوصايا على مشهور مذهب مالك فاخترت قول بعضهم.
صداق مريض في الوصايا مقدم
…
ويتلوه ذو التدبير في صحة الجسم
وقيل هما سبيان حكمهما معا
…
وقيل بذي التبذير يبدأ في الحكم
وإن ضيع الموصى زكاة فإنها
…
تبدى على ما بعدها دين في النظم
وكفارتان بعدها لظهاره
…
ولقتل وهبا لا بعمد ولا جرم
ويتلوه كفارة الحنث
…
لكفارة الموصي في الصوم ذي الصوم
وندر الفتى قال لما قد نصصتته
…
وما بتل الموصي ودبر في السقم
هما يتلوان الندر ثم وصاية
…
بعتق الذي في ملكه يا أخا الفهم
مع المشتري من ملك زيد معنا
…
ليعتق عنه النجاة من الإثم
وما أعتق الموصي بتوقيت
…
حينه كشهر ونحو الشهر من أجل حتم
وإن كان عتق بعد مال مؤجل
…
فعجله ذو العتق قبل انقضاء القسم
يساوي بهم عند الحصاص حقيقة
…
كذا حكمهم ياصاح في موجب العلم
وبعدهما ما كان عتقا مؤجلا
…
ببعد من التأجيل في مقتضى الرسم
فذاك مع الموصى به من كتابه
…
ومن كان بعد المال لعتق بالعدم
يبدون قبل المشتري لعتاقه
…
بلا نص تعيين عليه ولا حسم
ومن بعده الحج الموصى بفعله
…
وقيل هما سببان في مقتضى الحكم
وهذه المبادئ نظمها نظم لؤلؤ
…
فدونكه نظما صحيحا بلا وهم
قال أبو حفص بن عمر بن الحسن الهوزني وزاد فؤاد:
أصح للمبدى في مكاسب من ترى
…
فيسهل ذكراه عليك إذا جرى
ففي رأس ما أبقى ضرورت دفنه
…
وفرض زكاة حل في نابت الثرى
ولن يدين الحق فاقض جميعه
…
وتتلو زكاة العين والفطر ما مضى
لموصى بما قد حل للوقت منهما
…
فبدئهما حتما على السخط والرضى
وقد قبل في بعض الهدايا بمثله
…
ولا سيما عند الوصاة وما التوى
وفي ثلثه مهر المريض فبده
…
وأقواه مهر المثل منه إذا بنى
ويتلوه تدبير الصحيح وبعده
…
زكاة مريض ضيع الوقت فانقضى
وتدبيره والعتق بتلاتلا معا
…
وقيل يلي عتق الظهار أو الخطأ
و
…
الأيمان بعد وبعدها
…
يكفر عن فطر الصيام إذا عصب
وإطعام نذر للمساكين بعده
…
وتعيين عتق بعد من أوجه ترى
فعتق بلا شرط وعتق لغارم
…
ومستخدم والعتق في ذين قددنا
وتعيين مبتاع يعجل عتقه
…
فكلهم في الحكم عدلا قد اشتوى
وتابع بموصي أن يكاتب والذي
…
تباعد منه العتق للوقت إذ نأى
وبعدهما حج الصرورة يده
…
ويتلو عتيق لم يعين من الورى
ويدركه حج لغير صرورة
…
وإن شئت بدء العتق قبل فقد أتى
و
…
هذا العتق سائر عهده
…
وبد لموص من وصايا ما ارتضى
و
…
وصاياه ديون أيامه
…
وفي ثلث الباقي يكون كما قضى
و
…
في المعلوم كل وصية
…
ويدخل تدبيراه في ثلث ما طرا
وفي جله خلف وأشهره الذي
…
نصصت وتخليط الأقاويل كالعمى
ابن زرقون: المشهور تبدئة زكاة الفطر على الظهار، وقتل النفس؛ لأنه قيل: زكاة الفطر فرض، والظهار وقتل النفس هو أدخله على نفسه.
والمشهور في المقدمات: كان أو عمر الإشبيلي يرى: تبدئة الوصيَّة بفك الأسير على كل الوصايا المدبر في الصحة وغيره، ويحتج برواية أشهب في كتاب الجهاد، وحكاه عنه ابن عتاب، وقال: أجمع الشُيُوخ على ذلك وهو صحيح.
وفيها: من اشترى ابنه في مرضه، جاز إن حمله الثلث، وعتق وورث باقي المال إن انفرد وحصته مع غيره، وإن عتق مع ذلك عبده بدئ الابن، وورث إن حمله الثلث.
الصقلي: قال محمد: إن اشتراه بأكثر من ثلثه عتق منه محمل الثلث، ولم يرثه.
وفي سمَاع ابن القاسم: مثله، وفيه: إن لم يحمله الثلث؛ عتق منه محمله، ورق ما بقي للورثة، فإن كان الورثة ممن يعتق عليهم؛ عتق ما بقي عليهم.
قُلتُ: إن اشترى بماله كله وورثته من يعتق عليهم؛ جاز شراؤه، وعتق عليهم.
وذكر عليه وهو يحجب من يرث المشتري ويرث كل المال، كان ابنه أو غيره؛ جاز شراؤه ولو بجميع ماله، ويعتق ويرث ما بقي، وإن كان لا يحجب وله من يشركه في الإرث؛ لم يجز شراؤه إلا بالثلث ولا يرثه؛ لأنه إنما يعتق بعد موت المشتري.
قال: وقال أشهب: لا يجوز شراؤه إلا بالثلث، كان ممن يحجب أو لا يحجب، ولا إرث له، وقال غيره: كل من يجوز استلحاقه جاز سراؤه. فكل ما له شركة في الإرث أخذ أولاً.
الصقلي: وكذا لابن حبيب عن ابن الماجِشُون، قصره على الابن.
محمد: اختلف قول أشهب، قال مرة: شراء ابنه بماله كله، إن لم يكن معه وإرث يرث في رق الولد ويحجبه الولد لو كان حرًّا جائز، فإن كان معه مشارك في الميراث؛ لم يكن له أن يشتريه إلا بالثلث.
وكذا في كل من يعتق عليه، وأنكر قول مالك، لايشتريه إلا بثلثه ولم يفصل، وروى عنه البرقي كقول مالك، ولما ذكر اللخمي قوله الأول، قال: ولست أدري من
أين أخذ مالك قوله الذي قال.
الصقلي: قال بعض القرويين: لا يجوز عند ابن القاسم أن يشتريه بأكثر من ثلثه؛ يريد: على قوله في المدَوَّنة.
قُلتُ: ومثل قوله سمع أشهب ابن رُشْد، مذهب ابن القاسم: أن العتق يصح له بنفس شرائه بثلث ماله؛ لعدم الحجر عليه في ثلثه دون ترقب، وإن تلف باقي ماله قبل موت لم ينتقص عتقه، كمن بتل عتق عبده في مرضه وله مال مأمون فجعل عتقه، ثم تلف المال المأمون؛ لم يرد العتق.
وكذا في الموازيَّة: من اشترى ابنه في مرضه؛ فهو حر مكانه، ويرثه إن اشتراه بثلث ماله، وهو دليل هذا السماع، وما في المدَوَّنة والمدنيَّة لابن القاسم.
وقال أَصْبَغ: لا يرث بحال؛ لأنه لا يعتق إلا بعد الموت.
قال التونسي: وهو القياس، ووجه قول ابن القاسم: كأنه لم يزل حرًّا من يوم الشراء، ألا ترى أن المبتل في أحد القولين إذا اغتل غلة بعد التبتيل أو أثمرت النخل بعد موت الموصى، أن الأصول وحدها هي التي تقوم، فإذا خرجت من الثلث تبعتها الغلات كأنها لم تزل من يوم بتلت ملكًا لمن بتلت له، وما حملها عليه قول ابن القاسم: إن العتق يعجل له بنفس الشراء دون ترقب، هو الذي ينبغي أن يحمل عليه قوله: به يسلم من الاعتراض.
وإن لم ينظر فيه إلا بعد الموت على ما قاله في أول رسم من سمَاع عيسى.
ولأشهب في أول رسم من سمَاع عيسى مثل قول أَصْبَغ.
الصقلي: واستثقل ابن عبد الحَكم توريثه، وقال: كيف يورثه وهو لو بتل عتق عبده، لم يوارث أحرار ورثته حتى يقوم في الثلث بعد موته، إلا أن يكون له أموال مأمونة؛ ولكنه استسلم لقول مالك ثم أخذ تباعًا، ونقل اللخمي قول أَصْبَغ بزيادة: إلا أن يكون للميت أموال مأمونة من عقار وغيرها، فيرث ويورث.
الصقلي: قال أشهب: إن اشترى ابنه وأخاه في مرض واحد بعد واحد بدئ الأول قي ثلثه، وإن كان في صفقة واحدة فقياس قول مالك يتحاصان، وفي قولي: أبدئ الأول
وأعتقه، وإن كان أكثر من الثلث؛ يريد: على قوله: إن له أن يشتريه بجميع المال إن لم يكن معه وارث.
محمد: بل إن حمله الثلث بدئ به، وعتق، فإن بقي من الثلث شيئ؛ عتق فيه الأخ وما حمل منه، وإن اشترى أخاه أولاً ولم يحمله الثلث؛ عتق منه محمله، وعتق الابن في بقية ماله، وورثه إن خرج كله، وإن لم يخرج كله؛ لم يعتق منه إلا بقية الثلث بعد الأخ، وقاله أشهب أيضًا، وقال في رواية البرقي: إن كان في صفقة تحاصا.
وفيها: إن أوصى أن يشترى أبوه بعد موته؛ اشتري وعتق في ثلثه، وأن لم يقل وأعتقوه.
الصقلي: يريد: وكذا كل من يعتق عليه إذا أوصى بشرائه.
وفيها: إن قال في وصيته إن مت فكل مملوك لي مسلم حر، وله عبيد مسلمون ونصارى، ثم أسلم بعضهم قبل موته؛ لم يعتق منهم إلا من كان يوم الوصيَّة مسلمًا.
الصقلي: قال بعض فقهاء القرويين: لعله فهم منه إرادة عتق هؤلاء بأعيانهم، وإلا فالأشبه دخول من أسلم في وصيته؛ لأن الموصي إنما يوصي فيما يكون له يوم الموت، لا أعيان من كان عنده؛ لأنه لو قال: إذا مت فعبيدي أحرار، وعنده عبيد ثم أوصى فباعهم واشترى عبيدا آخرين، فمات عنهم كانت الوصيَّة فيهم.
واختلف لو اشترى بعد الوصيَّة عبيدًا مسلمين، فقال محمد عن ابن القاسم: يدخلون في الوصية، ولابن حبيب عن أَصْبَغ: لا يدخلون.
محمد: إن لم يكن في عبيده يوم الوصيَّة مسلمون، فمن أسلم من عبيده واشتراه مسلمًا؛ دخل في الوصية.
قُلتُ: ما ذكره عن بعض القرويين يرد بأن صدق اللفظ على مسماه، إما أن يكون في سياق التقسيم، أو الإطلاق.
فالأول: ظاهر في تعيين المسمى لقرينة التقسيم الملزوم لاعتبار الخاصة التي تقرر بها التقسيم.
والثاني: ظاهر في إطلاق المسمى لأصالته السالمة عن موجب التعيين.
وفيها: من أوصى لرجل بمثل مصاب أحد بنيه، فإن كانوا ثلاثة؛ فله الثلث.
اللخمي: من خلف ثلاثة بنين، وقد أوصى لرجل بمثل نصيب أحد بنيه؛ كان له الثلث، وإن كانوا أربعة؛ فالربع، وإن كانوا خمسة؛ فله الخمس، هذا قول مالك.
وقال ابن أبي أويس في ثمانية أبي زيد: له السدس إذا كانوا خمسة.
الصقلي عن محمد: إن أوصى بمثل نصيب أحد ولده ومعه من يرث من أم وزوجة ذكورًا، أو ذكورًا وإناثًا؛ كان للموصي له ثمن ما يصير للواحد خاصة، وإن كانوا ثلاثة؛ كان له ثلث ذلك، وإن كانوا اثنين؛ كان له نصف ذلك، وإن كان وحدًا؛ كان له مثل ما يصير له إن حمله الثلث، ثم يضم ما بقي إلى ما عزل لمن كان يرث الميت مع الولد، فيقسم ذلك على فرائض الله، وإن كان ولده كلهم إناثًا كان لهن الثلثان، ثم ينظر إلى عددهن فإن كن أربعًا؛ أعطي ربع الثلثين، وإن كن ثلاثًا؛ أعطي ثلث الثلثين، وإن كن اثنين؛ أعطي نصف الثلثين، وإن كانت واحدة؛ أعطي نصف المال إن أجازه الورثة، وإلا فله ثلث المال، ثم يضم ما بقي لسائر مال الميت يقسم على فرائض الله، على البنات وسائر الورثة من عصبة وغيرهم. أَصْبَغ: هذا قول مالك وابن القاسم وأشهب.
ابن عبد الحَكم: هو أصح من قول الفراض.
الصقلي: يقولون إن أوصى بمثل نصيب أحد ولده وهم ثلاثة؛ أعطي الربع ومع الأربعة الخمس، ويزيدون سهمًا على عددهم.
وسمع أبو زيد: لمن ترك بنات وغيرهن وأوصى لبنت ابنه من ثلث ماله، بمثل نصيب أحد بناته؛ عزل الثلث، وقسم الثلثان على فرائض الله، فما صار لإحدى بناته أعطيت بنت الابن مع البنات كأنها منهن مثل ما لو كانت مثله من الثلث، فإن فضل شيء عن اهل الثلث قسم على أهل الفرائض كلهم، وتجعل بنت الابن مع البنات كأنها منهن مثل ما لو كانت بنت من يرث الميت.
ابن رُشْد: ظاهره أنه جعل قول الميت دليلاً على أنه إنما أراد أن يعطي الموصي له من ثلث ماله مثل نصيب أحدى بناته من ثلثي ماله، ولو قال: بمثل نصيب إحدى بناته
ولم يقل من ثلثها له لأعطى مثل نصيب إحدى بناته من كل ماله ابتداء، ثم يقسم الباقي على الفرائض كقوله في المدَوَّنة وغيرها؛ فيكون للموصى له أكثر مما يكون لكل واحد منهم.
وقال بعضهم: قول ابن القاسم في هذه الرواية خلاف قوله في المدَوَّنة: ولا فرق بين أن يقول من ثلث مالي أو يسكت؛ لأنه علم أن الوصايا إنما هي من ثلث المال فمعناه أعطوا فلانًا من ثلث مالي مثل نصيب إحدى ولدي.
واحتمل أن يريد مثل نصيبه من جميع ماله فيكون له أكثر مما يصير لكل وارث.
واحتمل أن يريد مما بقي بعد الوصيَّة فيكون له مثل نصيب كل واحد منهم مثل قوله في هذا السماع، فحمله في المدَوَّنة على الوجه الأول، وحمله في هذا السمَاع على الوجه الثاني.
والأظهر أن قول ابن القاسم لم يختلف في ذلك، وأن لا فرق بين أن يقول من ثلثي أو يسكت.
اللخمي: إن قال: أنزلوه منزلة ولدي أو اجعلوه كأحدهم، وهم خمسة كان له السدس اتفاقًا.
وكذا إن قال: له نصيب أحد ولدي ولم يقل مثل.
الشَّيخ في الواضحة من قول مالك: إن قال فلان وارث مع ولدي أو من عدد ولدي، أو ألحقوه بولدي، أو ألحقوه بميراثي أو ورثوه من مالي، أو قال: في ابن ابن له ماتا أبوه ورثوه ابنه مكان أبيه، ففي كل هذا إن كان البنورة ثلاثة فهو رابعهم، وإن كانوا ثلاثة ذكور وابنتين فهو كرابع الذكور.
وإن كان الموصى له أنثى، فهو ثالث مع الابنتين فيكون وصيَّة بسبع المال، وإن كان ذكر فبخمس المال، وسمع أشهب: المعتبر في عدد ولده الموجود منهم يوم يموت المالك.
ابن رُشْد: المعتبر عددهم يوم وجوب الوصية، قل عددهم أو كثر اتفاقًا لا يوم الوصية.
ابن زرقون: إن أوصى بمثل نصيب أحد بنيه، وترك رجالاً ونساء فأربعة أقوال:
الأول: أنه كرجل مدلول.
والثاني: قول مالك في المدَوَّنة: يقسم على عدد رؤوسهم الذكر والأنثى سواء، ويعطى حظ واحد منهم، ثم يقسم ما بقي على فرائض الله، وقيل: يزاد سهمه على السهام ويكون له.
وقال ابن زياد: له نصف نصيب ذكر، ونصف نصيب أنثى، ولم يحك اللخمي فيها إلا الثاني والأخير.
وعزاه لابن الماجِشُون قال: وهو أحسن.
قال: فأن قال: له مثل نصيب أحد ولدي، وله زوجه وأبوان عزل نصيب الزوجة والأبوين، ثم ينظر إلى ما ينوب كل واحد من الباقي، فيعطي مثل نصيب أحدهم، ثم يجمع مع نصيب الزوجة والأبوين إلى الباقي بعدما أخذه الموصى له، فيقسمونه على فرائض الله، وسمع عيسى ابن القاسم: إن قال: له سهم كسهم ولدي، وله ولد واحد، فإما أعطاه جميع المال، وإلا فالثلث.
الشَّيخ: وقاله سَحنون في المجموعة: ولم يزد فيها ابن رُشْد شيئًا.
الشَّيخ عن عيسى في العتبيَّة: إن قال: من عدد ولدي، فإن كان للموصى له ولد؛ فله بهم ذكر، وإن كان أنثى؛ فله بهم أنثى، ويحلف مع الولد في العدد، فإن كان معهم أهل فرائض؛ خرجت فرائضهم، ثم يأخذ الموصى له كما وصفنا مما بقي، ثم يقسم كل ما بقي بين جميع الورثة، ولو قال: هو وارث مع ورثتي؛ فلتعد الجماجم، فإن كانوا ثلاثة فهو رابعهم، ثم على هذا الحساب.
ابن حبيب عن أَصْبَغ: من ترك زوجة، وأخا وإخوة لعلات، وقال: لفلان سهم مثل سهم أحد ورثتي؛ فانظر إلى عددهم فيعطى نصيبًا منه، ولو قال: مع ورثتي؛ ردته على عددهم، وأخذ نصيبًا من جملة العدد.
وسمع عيسى ابن القاسم: من قال: لفلان مثل نصيب أحد ولدي ولا ولد وطلب الولد، ثم مات ولا ولد له؛ فلا شيء للموصى له، واحتج بقول مالك: من قال:
اكتبوا ما بقي من ثلثي لفلان، حتى أنظر لمن أوصى، فمات قبل أن يوصي بشيء غير ذلك؛ لا شيء للموصى له ببقية الثلث.
ابن رُشْد: لا خلاف أحفظه في الأول، وما احتج به خالف فيه أشهب، ورأى له الثلث كله.
وفي سمَاع محمد بن خالد: قولا لأشهب في بعض الروايات: إن له ثلث الثلث مكان ثلث المال.
فقيل: هو غلط وتصحيف، وقيل: هو قول ثالث، وعلى هذا حمله ابن حارث، وهو بعيد لا وجه له، ولو قيل له نصف الثلث كان له وجه؛ لأنه يقول: لي الثلث كله، ويقول الورثة: لا شيء لك منه، فيقسم بينهما.
وفيها: قال مالك: إن قال: لفلان مثل نصيب أحد ورثتي، وترك رجالاً ونساء، فقسم المال على عددهم وأعطي جزءًا منه، وقسم ما بقي بين ورثته إن كانوا ولده، للذكر مثل حظ الأثنيين.
قُلتُ: تقدم نقل ابن زرقون الأربعة أقوال، معبرًا عن واحد ورثته بأحد بنيه.
وسمع عيسى: من مات وقد قال: لفلان جزء من مالي أو سهم منه؛ أعطي من أصل فريضتهم سهمًا، إن كانت من ستة؛ فسهم منها، وإن كانت من أربعة وعشرين فيهم منها، وإن كان ورثته أولادًا رجلاً وابنة؛ أعطي سهمًا من ثلاثة.
وإن كان رجل وامرأتان منهم من أربعة فعلى هذا بحسب قلوا أو كثروا ما لم يكن إلا ولد واحد؛ فله ثلث المال، وإن لم يكن له وارث؛ فسهم من ستة؛ لأنه أدنى ما تقوم منه سهم الفرائض.
وقال أشهب: له سهم من ثمانية؛ لأن أقل سهم فرضه الله تعالى الثمن، فإن كان أصل المسألة ستة، وهي تربو إلى عشرة، فسهم من عشرة.
ابن رُشْد: الأظهر قول أشهب.
قُلتُ: وقال الباجي: إن أوصى بجزء من ماله أو نصيب، أو سهم ولم يعينه، فقال أَصْبَغ ومحمد: لهم سهم واحد مما قسمت عليه فريضته، كثر ذلك السهم أو قل.
قال عبد الوهاب: من أصحابنا من قال: يعطى الثمن.
قال ابن عبد الحَكم: اختلف في ذلك، قيل: له الثمن، وقيل: يعطى سهمًا مما تنقسم عليه الفريضة، قلّت السهام أو كثرت.
محمد: وهذا أحب إلي، وعليه جماعة أصحاب مالك.
وقيل: يعطى سهمًا من سهام الفريضة ما لم يزد على الثلث، فيرده الورثة إلى الثلث أو ينقص من السدس، فلا تنقص من السدس. ولم يتعقبه ابن زرقون وأتى بما ذكرناه من سمَاع عيسى، والظاهر من كلام ابن رُشْد أن الخلاف إنما هو إذا لم يكن له وارث.
وظاهر كلام الباجي ونقله عن من ذكر أن الخلاف مطلقًا ولو ترك ورثته، والقولان اللذان نقلهما ابن رُشْد المقيدان بأن لا وارث، وثالث نقل ابن الحاجب لأكثر من سهم الفريضة، أو الثمن لو صح كان سدسًا، وما أراه، إلا وهمًا؛ لأن ابن شاس لم يذكره وذكر بدله الأكثر من السدس، أو سهم من الفريضة كما ذكره الباجي.
ابن شاس: ومن أوصى بضعف نصيب ولده، فقال ابن القُصَّار: لا أعرف فيها نصًّا، ووجدت لبعض شُيُوخنا أنه يعطى مثل نصيب ولده مرة واحدة، فإن قال: ضعفين أعطي مثل نصيبه مرتين.
ثم حكى عن الشافعي وأبي حنيفة: أنهما لا يقولان إن ضعف النصف مثله، قال: وهذا في نفسي أقوى.
وفي الوصاياها الثاني: من قال: وهبت خدمة عبدي لفلان ثم مات فلان؛ فلورثته خدمة العبد ما بقي، إلا أن يستدل من قوله: إنما أراد حياة المخدم.
وقال أشهب: يحمل على أنه حياة فلان، ولو كان حياة العبد كان هبة لرقبته.
الصقلي: قال بعض أصحابنا: قول ابن القاسم جيد وليس كهبة الرقبة؛ لأنه بين قصر هبته على الخدمة فقط دون مال يموت عنه العبد، أو أرش جناية عليه، فقد أبقاها لنفسه فلا يلزمه ما قال أشهب.
محمد: من قال في وصيته: يخدم عبدي فلانًا، ولم يوقت وقتًا فلا اختلاف فيه بين أصحابنا فيما علمت إن ذلك حياة المخدم، وهو إن شاء الله قول ابن القاسم وأشهب في وصاياها الثاني.
وإن قال: أخدمت عبدك رجلاً أجلاً مسمى، فمات الرجل قبل الأجل؛ خدم العبد ورثته بقية الأجل، إذا لم يكن من عبيد الحضانة والكفالة، وإنما هو من عبيد الخدمة.
وفي وصاياها الأول: من قال في مرضه: يخدم عبدي فلانًا سنة والموصى له غائب ببلد ناء، أجره السلطان إلا أن يكون أريد به ناحية الكفالة والحضانة.
وفيها: إن أعمرك رجل حياتك خدمة عبد أو سكنى دار؛ لم يجز لك أن تبيع هذه الخدمة من أجنبي أو تؤاجر العبد، إلا إلى مدة قريبة كسنة أو سنتين وأمر مأمون، ولا تكريه إلى أجل غير مأمون.
ولو أوصى لك بخدمة العبد سنين، وأكريته فيها؛ جاز كمن آجر عبده عشر سنين.
قال مالك: ولم أر من فعله وإن فعل جاز، وهذا خلاف المخدم حياته؛ لأنه إذا مات المخدم سقطت الخدمة، والمؤجل يلزمه باقيها لورثة الميت وللرجل أو خدمه عبد، إلا أن يعلم أنه أراد به ناحية الحضانة.
اللخمي: أجاز ابن القاسم إن كانت الخدمة عشر سنين أن يكريه المخدم بالنقد في العشر سنين لقوله: إن مات قبل انقضاء العشر خدم ورثته بقيتها، ولا يجوز عند ابن نافع لقوله: إن مات بعد سنة أو سنتين رجع العبد إلى سيده، وإن كانت الخدمة حياة العبد جاز على أصل ابن القاسم مؤاجرته عشر سنين كعبد نفسه.
وقال في الموصى: له بسكنى دار، ولا يكريها إلا السنتين ونحوها، وأجاز ابن ميسر أن تكرى الثلاثة والأربع.
ولو أجر الدار والعبد عشر سنين دون نقد جاز على القولين.
والعبد عند ابن القاسم إن اجتمع فيه كونه من عبيد الحضانة، والموصى له محتاج إل ى الحضانة لم يكن له أن يؤجره، وإلا جاز له ذلك، وأجازه أشهب مطلقًا.
قُلتُ: انظر هل هو بناء على أن ملك الانتفاع كملك المنفعة، أو أن الأصل ملك المنفعة.
وفي جناياتها: قلت: من أوصى لرجل بخدمة عبده سنين معلومة، فقتل العبد قبل انقضائها كيف يصنع بالقيمة.
قال مالك: القيمة لمن له الرقبة وليس للموصى له بالخدمة شيء، وكذا لو قطعت يده فأخذ لها دية، فإنها ذلك لمن له الرقبة.
قال سَحنون: أما مالك فهذا قوله لم يزل، واختلف أصحابه فكل ماسمعت خلاف هذا، فرده إلى هذا هو أصل مذهبهم، مع ثبوت مالك عليه.
عياض: نبه على الخلاف، وهو قول المخزومي، وغيره أنه يكري من القيمة من يخدمه إلى الأجل.
الصقلي: قال ابن المواز: الذي لم يختلف فيه قول مالك وأصحابه، إذا أخدم عبده سنين، ثم مرجعه إلى سيده، أو بتله إلى رجل بعد سنة فقتل في الخدمة، أو في السنة فقيمته لسيده لا رقبته له بعد.
قال أشهب: ألا ترى أن سيده لو أحدث دينًا أولى ممن بتله له بعد سنة.
محمد: وإنما اختلف قول مالك وأصحابه فيمن أخدمه رجلاً سنة، ثم مرجعه لفلان بتلاً، فقبضه ثم قتله رجل في الخدمة.
قال ابن القاسم: اختلف فيه قول مالك، قال مرة: هو لصاحب البتل، وقال مرة: هو للسيد الأول.
ابن القاسم: وأحب إلى أن يكون للسيد الأول، كما لو جعله حرًّا بعد خدمة هذا، فقيل في الخدمة: وإن مات فقيمته وميراثه لسيده الذي كانت له رقبته، وطريقة سَحنون أصوب؛ لأنه حفظ ما لم يحفظه محمد، ولوجود الخلاف نصًّا للمغيرة حسبما ذكره عياض وابن رُشْد في كتاب المخدم، ولما أشار إليه أبو إبراهيم من أن المسألة التي ذكر فيها سَحنون الخلاف: هي إذا مات الموصي، والتي نفى محمد فيها الخلاف: مسألة إخدام في حياة الموصي، وهو أصل في الحق من وارثه.
ابن رشد في رسم العتق من سماع عيسى في كتاب الجنايات: اختلف قول مالك في جرح العبد ميراثه إذا مات وقيمته لمن يكون إذا أخدمه سيده رجلًا مدة، ثم جعل مرجع رقبته لغيره، هل يكون لسيده الذي أخدمه؟ أو الذي له مرجع الرقبة اختلاف مشهور، وعليه الاختلاف في مسألة رسم العتق من سماع عيسى من كتاب الخدمة: فيمن يخدم عبده فلانًا سنة، ثم هو لفلان وعليه دين هل يباع عليه في الدين من قبل السنة أم لا؟ وفي المسألة أول رسم من سماع ابن القاسم في كتاب الحبس: في الذي يحبس على الرجل فيقول هو لك حياتي ثم هو في سبيل الله، هل يكون إذا مات في ثلثه أو من رأس المال؟
قال ابن الحاجب: ولو وقت المنافع بزمان محدد؛ كان للوارث في بيعها ما للمستأجر.
قلت: هذا التشبيه يقتضي جواز ذلك مطلقًا، ولو كان العبد من عبيد الحضانة، والموصى له محتاج إلى الحضانة، وتقدم أن هذا إنما هو قول أشهب لا قول ابن القاسم.
قال ابن رشد في أول سماع يحيى من كتاب المخدم: وسواء قتل العبد في خدمة سيده أو أجنبي عمدًا أو خطأ؛ قيمته لمن جعلت له الرقبة بعد الخدمة، وإن لم يتصدق به سيده بعد الخدمة على أحد، فإن قتله سيده خطأ؛ فلا شيء عليه، وإن قتله عمدًا؛ لزمه قيمته.
كما قال في السماع: واستؤجر منها من يخدم المخدم، فإن فنيت القيمة قبل أجل الخدمة؛ لم يلزمه شيء، وإن انقضى الأجل قبل تمام القيمة؛ رجع باقيها لسيده، وقيل: يأتي بعبد يخدم المخدم إن مات قبل الأجل لم يلزمه شيء، وإن بقي بعد، رجع لسيده، والقولان في المدونة، وقيل: يشترى بالقيمة عبد يخدم مكان الأول، وهو قول المخزومي.
قلت: ونحوه قول اللخمي في كتاب العارية: ويختلف إذا هلك المعير الثوب الذي أعاره بعد أن قبض منه هل يغرم قيمته؟ ونستأجر منها للمستعير مثل الأول، أو يغرم قيمة تلك المنافع قياسًا على من أخدم أمة، ثم أولدها وغرم قيمة المنافع أحسنها.
قلت: قوله: (أو يغرم قيمة تلك المنافع) خلاف الأقوال الثلاثة لابن رشد فيتحصل فيها أربعة أقوال:
اللخمي عن محمد في كتاب العارية: من أوصي له بغلة دار أو سكناها، فهدمها أجنبي بعد موت الموصي؛ فعليه ما بين قيمتها قائمة ومهدومة تبنى بها تلك الدار، أتى من بنائها مثل الأول أو أقل، ثم يكون ذلك للموصى له بحاله.
وفي الموازية قول آخر وهو سقوط حق المعطي في البناء، ويكون على حقه في القاعة، قاله في كتاب الصدقة، وفيه إشارة إلى الفرق الذي تقدم وهو الفرق بين الموصي بعد موته والمخدم في حياته.
وفي جناياتها: من أخدم عبده رجلًا سنين معلومة، أو حياة الرجل، فجنى العبد خير سيده إن فداه؛ بقي في خدمته، وإن أسلمه؛ خير المخدم، فإن فداه؛ خدمه فإذا تمت خدمته، فإن دفع إليه سيده ما فداه به؛ أخذه، وإلا أسلمه له رقًّا.
والموصى بخدمته لرجل سنة، وبرقبته لآخر، والثلث يحمله، إن جنى؛ برئ ذو الخدمة، إن فداه؛ خدمه، ثم أسلمه خير ذو الرقبة، إن فداه؛ أخذه وسقطت الخدمة.
سحنون: اختلف قوله في هذا الأصل، وأحسن ما قال هو وغيره: أن من أخدم عبده رجلًا سنين، لو أوصى بذلك، ثم برقبته لآخر والثلث يحمل الموصى به، ثم جنى أن يبدأ ذو الخدمة بالتخيير، فإن فداه خدمه بقية الأجل، ولا يأخذه ذو الرقبة حتى يعطيه ما افتكه به، وإلا بقي ولمن فداه.
وقال: وإن أسلمه سقط حقه، وقيل لذي الرقبة: أسلم أو افتك فإن أسلمه استوفه المجني عليه، وإن فداه صار له وبطلت الخدمة.
قلت: فحاصلها في تبدية في الرقبة أو ذي الخدمة، ثالثها في المخدم: رجع عن تبدئة ذي الخدمة إلى تبدئة سيده إلا في الموصي.
الصقلي عن أصبغ: قال ابن القاسم: اختلف قول مالك في المخدم رجع عن تبدئة ذي الخدمة، إلى تبدئة سيده.
وروى أشهب القولين: بأن يكونا فيه كالشريكين يقوم مرجع الرقبة. فإن قيل: