الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
في ملك ابنه، ولا يلزم من عدم حد العبد في سرقته من مال سيده عدم حده.
فيها: ليس ملك سيده، وإنما له فيه شبهه فقط.
وقال ابن رشد: وجه القول أنه لا يقطع في سرقته من مال ابن سيده، قوله في الحديث (أنت ومالك لأبيك)، وهو ضعيف؛ لأنه إنما لم يقطع العبد في سرقته من مال سيده، إذا لا يجتمع على السيد عقوبتان: ذهاب ماله، وقطع يد غلامه؛ ووجه تفرقة يحيي: أنه إذا كان في حضانته؛ فهو الحائز لماله.
وقد قال في الموازية: إن سرق العبد من وديعة، كانت عند سيده لأجنبي، فأحري لما حازه لابنه.
في الكافي لأبي عمر: رأي ابن القاسم القطع على من سرق من مال غريمه، مثل دينه، وخالفه أكثر الفقهاء من أصحاب مالك وغيرهم؛ لتجويزهم لذي الحق أخذ ماله من غريمة كيف ما أمكنه.
ورواه زياد بن وهب عن مالك، ونقله ابن شاس: بقيد غريمة المماطل غير معزو، كأنه المذهب تابعاً للفظ الغزالي في الوجيز.
الشيخ: لعيسي عن ابن القاسم: من سرق من جوع أصابه؛ لا قطع عليه.
ابن حبيب عن عمر: لا قطع في سنة.
[باب الحرز]
الحرز: ما قصد بما وضع فيه حفظه إن استقل بحفظه، أو يحافظه غيره، إن لم يستقل.
وفيها: من سرق متاعاً من الحمام؛ فإن كان معه من يحرزه قطع، وإلا لم يقطع، إلا أن يسرقه من لم يدخل الحمام من مدخل الناس من بابه، مثل أن يتسور أو ينقب ونحوه ذلك، فإن يقطع، وإن لم يكن مع المتاع حارس، ونحوه سمع ابن القاسم.
ابن رشد: إن كان مع الثياب من يحرسها، فلا قطع على من سرقها حتى يخرج بها من الحمام، على قياس قوله في السرقة من بيت في الدار المشتركة، إذا دخل للتحمم، لأنه
قد أذن له في ذلك بخلاف من سرق من المسجد، يقطع إذا أزال ما سرقه من موضعه، وإن لم يخرج به من المسجد.
وأما من دخل للسرقة، فأخذ بها قبل أن يخرج من الحمام، فيجري على الخلاف في الأجنبي يسرق من بعض بيوت الدار المشتركة بين الساكنين، فيدخل في الدار قبل أن يخرج.
عبد الحق: ذكر النسائي عن سفيان بن عيينة، عن يحيي بن سعيد، عن محمد بن يحيي بن حبان، عن عمه واسع بن حبان، عن رافع بن خديج، قال: سمعت رسول الله صلي الله عليه وسلم يقول: (لا قطع في كثر) - والكثر: الجمار - كذا رواه سفيان، ورواه غيره، فلم يذكر واسع بن حبان، ولم يتابع سفيان على روايته إلا حماد من دليل، فإنه رواه عن شعبه عن يحي بن سعيد، مثل رواية سفيان ومحمد بن يحيي بن حبان لم يسمع من رافع.
وفي حديث عمرو بن شعيب عن أبية عن جده: (من سرق شيئاً من الثمر المعلق بعد أن يؤويه الجرين، فيبلغ ثمن المجن فعليه القطع).
وفي اللقطة منها: ولو خرجت امرأة من بيتها، وأغلقت على متاعها الباب، فسرق من سارق، وترك الباب مفتوحاً، فسرق ما بقي بعده ضمنه، وكذلك الحوانيت.
وفي سرقتها: ويقطع من سرق من الحوانيت والمنازل والبيوت والدور، حرز لما فيها، غاب أهلها أو حضروا، ويقطع من سرق ما وضع في أفنية الحوانيت.
اللخمي: يريد إذا كان معه صاحبه، وسرق منه من لم يؤذن له في تقليبه، واختلف
إن غاب عنه أو باب فيه، ففي المدونة: يقطع.
وفي الموازية: مثل القطاني يبيعونها في القفاف، ولهم حصر يغطونها بأفنية حوانيتهم، فقام صاحبه لحاجة، وتركها على حالها، لا قطع على من سرق منها، وفرق بين من خف في نقله وثقل، كقوله في التابوت بقاعة الدار ليس صغيرة ككبيرة، وما بالقفاف يثقل نقله في قيام ربه، ولم يقله في تابوت الصيرفي، ولو كان مبنياً لخفه ما فيه، ولو كان غير مبني فنسيه؛ لم يقطع لعدم قصد كون محله حرزاً.
الشيخ عن الموازية: وكذا الأمتعة توضع للبيع والطعام في القفاف، ولهم حصر يغطونها بالليل وهم بأفنية حوانيتهم، وربما ذهب وتركه فمنم سرق منه قطع.
قال ابن القاسم وأشهب: وكذا ما وضع في الموقف للبيع من متاعه في فناء حانوته وله حصر من قصب، وربما أغلق الباب وذهب.
قال: وتابوت الصيرفي يقوم ويتركه بموضوعه؛ فيسرق ليلاً أو نهاراً مبنياً كان أو غير مبني، ولو كان شأنه أنه ينصرف به كل ليلة فنسيه فسرق؛ فلا قطع فيه.
قلت: وهذا خلاف ما نقله اللخمي عن الموازية.
الشيخ: وروي محمد: ما وضع في السوق للبيع من متاع أوشاة؛ قطع سارقه، ولو كان على قارعة الطريق من غير تحصير ولا حصير، كان ربه عنده أو قام لحاجة وتركه ليلاً أو نهاراً.
وفيها: والدار المشتركة المأذون فيها، إذا سرق رجل منها دواباً من مرابطها، قطع.
الصقلي عن محمد: وإن أخذ في الدار، إذا جاوز بها مرابطها، وكذا الأعكام من الثياب والأعدال، والشيء الثقيل قد جعل ذلك موضعه، هو كالدابة على مدودها يقطع إذا برز به من موضعه، وما جعل في قاعتها من متاع ليرفع؛ لا قطع فيه حتى يخرجه من الدار، إلا أن يكون مأذوناً فيه لكل أحد كالقياصير، فلا قطع في هذا المتاع.
الصقلي: تلخيص قولها في الدور ثلاثة أقسام:
الأول: المشتركة المأذون فيها لساكنها فقط، من سرق من سكانها من بيت محجور
عنه؛ قطع بإخراجه المتاع إلى الساحة، وإن سرق من الساحة لم يقطع، ولو خرج به من جميع الدار، ومن سرق من غير سكانها لم يقطع، إلا بإخراجه من جميع الدار سرقة من البيت أو الساحة، قال سحنون.
وقال محمد: يقطع إذا أخرجه من البيت إلى الساحة، وإن سرقة من الساحة لم يقطع حتى يخرجه من جميع الدار.
الثاني: المشتركة المباحة لكل الناس بيوتها كبيوت السكة النافذة، وساحتها كالسكة النافذة من سرق من بيوتها، قطع بإخراج السرقة من البيت، كان من سكانها أو غيرهم.
الثالث: المأذون فيها الغير مشتركة، إن سرق منها من أذن له فيها من بيت حجر عليه، فأخذ في الدار أو بعد أن خرج منها لم يقطع، وقيل يقطع إذا أخرجه من البيت.
وفيها: من سرق ما وضع في الموقف للبيع قطع، وإن لم يكن هناك حانوت كان معه ربه أو لا سرقة في ليل أو نهار.
الشيخ عن الموازية: والشاة توقف في السوق للبيع من سرقها قطع، وإن لم تكن مربوطة.
اللخمي: وإذا وقفت غنم للبيع فسرق منها من أذن له في تقليبها؛ لم يقطع، وإن لم يؤذن له قطع، وإن تعامل عليه رجلان؛ فكان أحدهما يسوم ويقلب، والآخر يسرق قطع الذي سرق وحده.
وقال مالك: في الشاة تسرق من سوق الغنم يوقفها ربها للبيع، فيها القطع، وإن لم تكن مربوطة.
وقال أبو مصعب: من سرق شاة مربوطة من السوق قطع، والأول أحسن إن لم يذهب ربها عنها، فإن لم يكن معها لم يقطع في الشاة الواحدة؛ لأن الغالب أنها لا تثبت بموضعها، ولأنها مما يخف نقلها، ولو كانت غنماً كثيرة قطع؛ لأن الغالب ثبوتها ولا يخف نقلها.
وفيها: وكذا لو كان للدوماب مرابط معروفة في السكة من سرقها من مرابطها
قطع؛ لأن ذلك حرزها.
قلت: وعليه يجب حمل كلام ابن الحاجب، ومواقف الدواب المتخذة لذلك كذلك أي: المتخذة لوقفها، وقوله: كذلك إشارة لقوله: ومواقف البيع حرز للمبيع وإن غاب أهله.
وفي قول ابن عبد السلام: قوله: المتخذة لذلك أي: للبيع بعد فتأمله.
وفيها: والدابة بباب المسجد أو في السوق، إن كان معها من يمسكها قطع وإلا فلا لابن الحاجب، وظهور الدواب حرز فحمله ابن هارون على ظاهره من غير تقييد.
وقال ابن عبد السلام: كذا قال في المدونة، وظاهر سياق الكلام هناك أن ذلك مشروط بما إذا كان معه ربه ما لم يخرج إلى الخلسة.
قلت: فيما قاله نظر لأن لفظ المدونة: والدور حرز لما فيها غاب أهلها أو حضروا وكذلك ظهور الدواب. وبهذا اللفظ نقلها الصقلي ولم يقيدها.
وفي المدونة بعد ذلك ما نصه: من سرق عن محل شيئاً مستتراً أو أخذ من على البعير غرائر أو شقها فأخذ منها متاعاً أو أخذ ثوباً من على ظهر البعير مستتراً قطع في ذلك كله إن بلغ ثمنه ما فيه القطع.
قلت: وليس في قولها مستتراً ما يدل على شرط كون ربه معه فتأمله.
وسمع أشهب: من سرق من المحمل وليس صاحبه فيه، فعليه القطع إلا أن يكون مخلي هكذا فلا قطع.
ابن رشد: المحمل على البعير كسرج الدابة، فمن سرقه من عليه أو سرق شيئاً منه قطع إلا أن يكون مخلي في غير حوز ولا حارز؛ فلا قطع فيه كما لو سرقه بمحمله.
وفيها: إذا وضع المسافر متاعه في خبائه أو خارجاً منه، وذهب لحاجته فسرقه رجل أو سرق لمسافر فسطاطاً مضروباً بالأرض قطع، والرفقة في اللسفر ينزل كل واحد على حدته إن سرق أحدهم من الآخر قطع كأهل الدار ذات المقاصير سرق أحدهم من بعضها ومن الغير ثوبه بالصحراء، وذهب لحاجته؛ وهو يريد الرجعة لأخذه فسرقه رجل سراً، فإن كان منزلاً له قطع سارقه، وإلا لم يقطع.
الصقلي: لمحمد عن أشهب: إن طرحه بموضع مضيعة فلا قطع فيه، وإن طرحه بقرب منه أو من خبائه أو خباء أصحابه، فإن كان سارقه من غير أهل الخباء قطع، وقاله يحيي بن سعيد.
اللخمي: وقال محمد بن عبد الحكم: ليس في هذا كله قطع.
وفيها: من احتل بعيراً من القطار في سيره وبان به قطع.
اللخمي: وإن سبقت الإبل غير مقطورة لمن سرق منها قطع والمقطورة أبين، وكذا الزوامل.
وكذا إن سيقت الإبل والدواب للرعي غير مقطورة من سرق منها قطع ما لم تنته للرعي والمقطورة أبين.
وكذا إن رجعت من الرعي وهي تساق غير مقطورة قد خرجت من حد الرعي ولم تصل إلى مراحلها؛ فإنه يقطع سارقها.
اللخمي: اختلف إن سرق منها وهي سائرة إلى الرعي أو راجعة منه ومعها من يسوقها، فقيل: يقطع وقيل: لا.
وفيها: من سرق من سفينة قطع وإن سرق السفينة، فهي كالدابة تحبس وإلا ذهبت إن كان معها من يمسكها قطع سارقها وإلا فلا.
وسمع عيسى ابن القاسم: إن سرق بعض أهل السفينة، وكل إنسان أحرز متاعه تحته، قال: زعم مالك إن سرق منه وهو عليه قطع، وإن سرق منه وقد قام عنه لم يقطع.
ابن رشد: حكم السرقة منها بين أهلها كحكم السرقة من صحن الدار المشتركة بين السكان.
فيها: إن سرق بعض الركاب فيها من متاع بعض، وهو على متاعه قطع، وإن لم يخرج بما سرق عن السفينة، وإن سرقه بعد أن قام عن متاعه لم يقطع، ولو خرج به عن السفينة. وإن سرق أجنبي متاعاً وصاحبه عليه قطع، ولو أخذ قبل خروجه من السفينة عن اختلاف، وإن سرقه صاحب المتاع ليس على متاعه لم يقطع اتفاقاً، وإن خرج بما سرق من السفينة قطع، وإن لم يكن صاحب المتاع على متاعه.
اللخمي: إن أرسيت في غير قرية.
فقال ابن القاسم: إن نزلوا فربطوا وذهبوا لحاجتهم ولم يبق بينهم أحد؛ قطع سارقها.
وقال أشهب في الموازية: لا قطع عليه كالدابة.
يريد: إذا ربطت لموضع لم تعرف به ولو كان معها من يحرسها في البحر؛ قطع سارقها إن كانت في مرسى معروف، وإن كان فيها أحد قطع سارقها إن كانت في مرسى معروف، ولا يقطع إن لم تكن في مرسى معروف، كمن سرق دابة عليها ربها نائم؛ لأن صاحبها حرزها.
وسمع ابن القاسم: من سرق من مطامير في الفلاة أسلمها ربها وأخفاها؛ فلا قطع عليه، وما كان بحضرة أهله معروفاً بيناً قطع سارقه.
ابن رشد: لأن الأول لم يحرز طعامه بحال.
قلت: فقول ابن شاس وابن الحاجب: والمطامير في الجبال وغيرها حرز إطلاقه خلاف المنصوص.
وفيها: من سرق كفناً من الغير قطع، ومن نيش قبراً وسرق منه كفناً يساوى ربع دينار؛ قطع إذا أخرجه من القبر.
الشيخ: روى محمد: يقطع السارق من القبر، ولا يقطع حتى يخرج من القبر، فيقطع والقبر حرز لما فيه كالبيت، وقاله ابن المسيب وعطاء وعمر بن عبد العزيز وربيعة.
قلت: المسألة مشهورة في علم الخلاف.
ابن شاس: ولو مات في البحر فكفن، وطرح في البحر؛ قطع من أخذ كفنه سواء شد في خشبة أم لا.
قلت: لأنه قبره.
وفيها: إن حل الطرار من داخل الكم أو من خارجه أو أخرج من الخف ثلاثة دراهم قطع.
عياض: الطرار هو الذي يطر ثياب الناس أي: يقطعها ويشفها عن أموالهم ليأخذها.
الشيخ: قال في الموازية: من سرق رداؤه من المسجد، ولم يكن تحت رأسه، وهو قريب منه قطع سارقه إن كان منتبهاً، وكالنعلين بين يديه وحيث يكونان من المنتبه.
قلت: قد قطع في ردائه صفوان وهو نائم، قال: كان تحت رأسه. ومسألة الحمام تقدمت عند رسم الحرز.
وسمع عيسى: من سرق أبواب المسجد قطع.
ولابن رشد في أول مسألة سماع ابن القاسم: من سرق شيئاً من سائر المساجد التي تغلق ليلاً أو نهاراً شيئاً مما هو متشبث به كجائزة من جوائزه أو باباً من أبوابه قطع.
قلت: للشيخ عن الموازية: قال أشهب: لا قطع في بلاط المسجد.
وقال أصبغ: فيه القطع.
محمد: كما لو سرق بابه أو خشبه من سقفه أو من جوائزه.
وفي القطع في قناديل المسجد. ثالثها: إن كان مسجداً تغلق عليه، للشيخ عن أصبغ مع ابن رشد عن أحد قولي ابن القاسم.
والشيخ عن أشهب مع ابن رشد عن أحد قولي ابن القاسم: ونقل العتبي: من سرق من المسجد الحرام أو مسجد لا يغلق عليه لا قطع عليه. وفي حصره، ثالثها: إن كان تسور عليها ليلاً، ورابعها: إن خيط بعضها ببعض، وخامسها: إن كان عليها غلق. للشيخ عن أصبع مع أول سماع عيسى ابن القاسم ولأشهب، وثاني سماع عيسى ابن القاسم وسحنون، ونقل العتبي عن ابن القاسم المتقدم.
الشيخ: لابن حبيب عن ابن الماجشون: والطنفسة يبسطها الرجل في المسجد لجلوسه إن جعلها كحصير من حصره، سارقها كسارق الحصير، وأما طنفسة يذهب بها، وبها يرجع وربما نسيها ربها بالمسجد؛ فلا قطع في ذلك، ولو كان على المسجد غلق؛ لأن الغلق لم يكن لأجلها، ولم يكلها ربها إلى غلق، وهو قول مالك.
وسمع عيسى ابن القاسم: من سرق بساطاً من بساط المسجد التي تطرح في
رمضان إن كان عنده صاحبه حين سرقه قطع، وإلا لم يقطع.
الشيخ: روى محمد في البيت يكون فيه قناديل المسجد أو حصره أو زكاة الفطر أو غير ذلك، من دخله بإذن لم يقطع فيما سرقه منه، ومن دخله بغير إذن قطع فيما سرقه منه، إذا خرج به من البيت إلى المسجد.
ولابن رشد في أول سماع ابن القاسم: اختلف في الفطرة توضع في المسجد، قيل: حكمها حكم حصر المسجد، يدخل في ذلك من الخلاف ما في حصره إذا سرقت نهاراً، قاله أصبغ، وهو ظاهر قول ابن القاسم وروايته في سماع عيسى لقوله فيه: من سرقها قطع، وإن لم يخرج بها من المسجد. ولم يشترط أن يكون عليها حارس.
وروى ابن حبيب: لا قطع على من سرقها نهاراً، إلا أن يكون عليها حارس. واختاره ابن حبيب؛ لأن المسجد ليس بموضع للفطرة يختص بها كالحصير.
وسمع محمد بن خالد: من جعل ثوبه قريباً منه في المسجد وهو يصلي، فسرقه رجل قطع إذا هو قبضه، وإن لم يتوجه به ولو لم يقطع حتى توجه به أذن لم يقطع حتى يخرج به من المسجد.
ابن رشد: لا أعلم فيه خلافاً.
وسمع ابن القاسم: لا قطع على من سرق من حلي الكعبة؛ لأنهم يؤذن لهم في دخولها.
ابن رشد: كان الحلي متثبتاً بما هو فيه أو موضوعاً بالبيت، ومن لم يؤذن له في دخوله قطع فيما سرقه منه ليلاً أو نهاراً إذا خرج به من البيت إلى موضع الطواف.
الشيخ عن ابن الماجشون: من سرق من ذهب باب الكعبة قطع.
وفيها: تقطع الزوجة إذا سرقت من مال زوجها من غير بيتها الذي تسكنه.
اللخمي: إن سرق أحدهما من مال الآخر من موضع لم يحجر عليه لم يقطع، وإن كان من موضع محجور بائن عن محجور معهما في الدار والدار غير مشتركة، فقال ابن القاسم: يقطع.
وفي الموازية: لا يقطع. وعدم القطع أحسن إن كان القصد بالغلق التحفظ من
أجنبي يطرقهما، وإن كان لتحفظ كل منهما من الآخر قطع، وإن سرق الزوج من شيء شورها به، ولم يبن بها؛ قطع على القول أنه وجب جميعه لها، وعلى القول أنه مترقب لا يحد، كما لو كانت أمة فأصابها.
وفي لغو سرقة ذي رق من مال سيده مطلقاً وقطعه فيما حجره عنه، قولها مع المشهور.
واللخمي عن أبي مصعب، مع مختصر الوقار، وربما أخذ من قولها: وإذا أقر عبد أو مدبر أو مكاتب أو أم ولد بسرقة قطعوا إذا عينوها، فإن ادعى السيد أنها له صدق مع يمينه، ومن مفهوم قولها في الجنايات.
قال مالك: من باع عبداً سارقاً دلس فيه فسرق من المتاع فرده بالعيب، فذلك في ذمته إن عتق.
ولو سرق من أجنبي مالاً قطع فيه فرده المبتاع؛ فهي جناية بخلاف سرقته من المبتاع؛ إذ لا يقطع فيها للإذن في الدخول ورد الأخذ من الأولى بأن قبول قول سيده كإقرار المسروق منه بالسرقة للسارق، ومن الثانية بأن هذا إنما هو لفظ البراذعي ولفظها في المدونة، لا يدل على ذلك؛ لأنه ما نصه قلت: من باع عبداً دلس فيه بسرقته فسرق من المشتري يكون ذلك في ذمته أو رقبته إن رده لسيده، قال: في ذمته إن عتق لأنه مأذون له في دخول بيت المشتري.
فإن قلت: إنما الأخذ من مفهوم تعليل القطع بالإذن له في الدخول.
قلت: لفظ البراذعي يقتضي التعليل بمطلق الإذن في الدخول فيتناول مسألة المشتري الراد بالعيب من مسألة مالك لا رد له فيه، ولفظ المدونة قاصر على مشتريه الراد له بالعيب، وهذا لا يدل على تناوله من ملك ولا راد له فيه؛ لأن على القول بأن الرد بالعيب نقض بيع فيصير المشتري كأجنبي سرق منه من أذن له في دخول بيته، ومفهوم هذا لا يدل على صحة أخذ المدعي أخذه بوجه فتأمله.
وفيها: من جد ثوباً منشوراً على حائط بعضه بالدار وبعضه خارج عنها إلى الطريق أو سرق متاعاً من الضيع؛ لم يقطع.
وقال محمد: إن سرق بعضهم من كم بعض لم يقطع.
اللخمي: القطع أحسن.
وفيها: ومن أذنت له في دخول بيتك أو دعوته إلى طعام فسرقك؛ فلا قطع فيه وهذه خيانة.
اللخمي: فيها لمالك: من أضاف رجلاً وأدخله داره وبيته وسرق، فلا يقطع.
وقال سحنون: يقطع إذا أخرجه إلى قاعة الدار؛ لأن الدار عنده مشتركة.
محمد: معنى قوله صلى الله عليه وسلم: "لا قطع في ثمر ولا كثر" الحرز لا غير.
ومن سرق من ثمر دار معلق في رؤوس النخل قطع.
اللخمي: فعليه إن كان النخل أو الكرم أو غيره من الثمار عليه غلق، ويعلم أنه من السارق أو لا غلق عليه، وعليه حارس قطع سارقه، قال: ولا قطع في الزرع إن كان قائماً.
وعلى قول عبد الملك: لا قطع فيه، وإن كان في جرين أو إغلاق.
قال محمد في زرع حصد وربط قتا، وترك في الحائط ليرفع إلى الجرين.
قال مالك فيه مرة: يقطع سارقه وإن لم يكن عليه حارس. وقال أيضاً في زرع يحصد وبوضع بموضعه أياماً لييسبس لا قطع فيه.
قال محمد: ولو حمل فسرق في الطريق قبل بلوغه الجرين قطع سارقه.
الشيخ عن الموازية: من سرق قرط صبي أو شيئاً مما عليه، فإن كان صغيراً لا يعقل ولا حافظ له، وليس في حرز لم يقطع وإلا قطع، وإن كان ممن يعقل قطع سارق ذلك منه مطلقاً، وقاله أصبغ عن ابن القاسم.
وروى ابن وهب: في السارق مما على الصبي إن كان من دار أهله قطع.
ابن الجلاب: من سرق خلخالاً من رجل صبي أو قرطاً أو شيئاً من حليه؛ ففيها روايتان: إحداهما قطعه كان في دار أهله أو فنائهم، والأخرى أنه لا قطع عليه.
قال الباجي: فأورد الروايتين على الإطلاق.
ابن حارث: اتفقوا في السارق يؤخذ في الحرز قبل أن يخرج المتاع أنه لا قطع عليه.
وسمع عيسى ابن القاسم: إن دخل سارق بيت رجل فاتزر بإزار فأخذ في البيت ففر منهم والإزار عليه، وقد علم به أهل البيت أو لم يعلموا؛ لا قطع عليه.
ابن رشد: لأنه لم يخرج به إلا مختلساً.
قال ابن الحاجب: تبعاً لابن شاس: فلو نقب وأخرج غيره، فإن كانا متفقين قطعاً، وإلا فلا قطع على واحد منهما.
قلت: لا أعرف هذا الفرع لأحد من أهل المذهب؛ وإنما ذكره الغزالي في وجيزة على أصلهم أن النقب يبطل حقيقة الحرز، ومسائل المدونة وغيرها تدل على أن النقب لا يبطل حقيقة الحرز، وقوله: إن تعاونا قطعا، مقتضى المدونة أنه لا يقطع إلا من أخرجه لقولها: لو قربه أحدهما لباب الحرز أو النقب فتناوله الآخر، قطع الخارج وحده إذ هو أخرجه، ولا يقطع الداخل. وهذه المسألة رد عليه في زعمه أن النقب يبطل حقيقة الحرز لقولها: لباب الحرز أو النقب وفي قوله: قطعاً، وقد تقدم لهما مسائل من هذا النوع، وفي إذافتها للمذهب مسائل الغزالي مع مخالفتها أصول المذهب، ولهذا كان كثير من متحققي شيوخ شيوخنا لا ينظر كتاب ابن الحاجب، ويرى قراءة الجلاب دونه.
ولما ذكر اللخمي قولها في الذي قربه لباب الحرز أو النقب قال: وقال أشهب: يقطعان، ثم قال في الفصل بعينه، وقال مالك في المختصر: إذا قرب الداخل المتاع وأدخل الخارج يده فأخرجه لا يقطع الخارج، وأرى أنه لا يقطع حتى يجتمع الدخول وإخراج المتاع كما إذا رمى بالمتاع وأخذ قبل أن يخرج.
قلت: يتحصل فيها ثلاثة أقوال.
وفيها: وإن دخل الحرز فأخذ متاعاً فناوله رجلاً من الحرز قطع الداخل وحده أخذ في الحرز أو بعد أن خرج.
ابن حارث: اتفقوا في السارقين يكون أحدهما من داخل الحرز والآخر من خارجه، فيخرج الداخل يده إلى خارج بالمتاع فيتناوله الخارج أنه لا قطع على الخارج، قال: فلو أدخل الخارج يده إلى داخل الحرز فأعطاه الداخل المال.
فقال ابن القاسم: يقطع الخارج.
وقال أشهب: يقطعان معاً.
وفيها: ولو ربطه الداخل بحبل وجره الخارج قطعاً.
اللخمي: اختلف قول مالك: إذا ربطه الداخل وحده وجره الخارج إلى الطريق.
وفيها: إن التقت أيديهما في المناولة في وسط النقب قطعاً معاً.
اللخمي: هذا راجع لقول أشهب فيمن قرب المتاع إلى النقب، وأخرجه الخارج وكان الأصل على قول ابن القاسم إلا يقطع الداخل؛ لأن معونته في الحرز والنقب من الحرز إلا أن تتمادى معونته مع الخارج حتى أخرجاه من الحرز ونحوه للتونسي.
وفيها: لو أخذ في الحرز بعد أن ألقى المتاع خارجاً منه فقد شك فيها مالك بعد أن قال لي: يقطع وأنا أرى أن يقطع. ونقلها اللخمي بلفظه.
قال مالك يقطع، وقال أيضاً: لا يقطع. ونقلها الشيخ في النوادر بلفظ وقف فيها لا بلفظ شك.
اللخمي: ولو رمى بالسرقة من حرز فوقعت في نار أو كانت زجاجاً فانكسرت فاختلف هل تقطع أو لا، والقطع أحسن.
الشيخ عن عبد الملك: ما رمى به السارق فأتلفه قبل أن يخرج هو من الحرز إن قصد إتلافه، وكان كالأيسر من أخذه كرميه في نار عامداً، وهو مما لا تبقيه النار لم يقطع وما كان على غير هذا قطع.
قال ابن الحاجب تابعاً لابن شاس: لو ابتلع درة وخرج قطع ولا أعرفها بنصها إلا للغزالي في الوجهين لكنه مقتضى قولها: إن دهن رأسه ولحيته في الحرز بدهن، ثم خرج فإن كان في الدهن إذا سلت ما يبلغ ربع دينار قطع وإلا فلا.
وسمع أشهب: من أشار إلى شاة في حرز لم يدخله بالعلف فخرجت لا قطع عليه.
قال أشهب وابن القاسم: يقطع.
ابن رشد: سمع أبو زيد ابن القاسم مثل قوله هنا، وقول أشهب هو قول ابن الماجشون، وأنكر ذلك ابن المواز واختار قول مالك في إيجاب القطع عليه، وهو
الأظهر.
قلت: كذا وجدته في نسختين من البيان، وهو مشكل لأن قول مالك؛ إنما هو عدم القطع للإيحاء به، وإنما يستقيم على نقل اللخمي.
قال: قال في الموازية: وذكر المسألة أنه لا يقطع كمن أتى بإنسان فأرسله فأخرجها له لم يقطع المرسل، وكذا في إشارته إلى بازي أو صبي أو أعجمي.
قال أشهب: في هذا كله يقطع وهو أحسن.
قلت: وذكر الباجي عن أشهب في الموازية: أنه لا يقطع.
قال: وقال عبد الملك: يقطع في ذلك كله.
قال محمد: ولا يعجبنا. قاله في كلامه على قول مالك في الصبي الصغير والأعجمي.
قال اللخمي: وقال يحيي بن يحيي عن ابن نافع في الأعجمي: إذا راطنه بلسانه حتى خرج إليه طوعاً لم يقطع.
اللخمي: يريد إن دعاه ليخرج إليه ويذهب به فأصاعه، ولو غره فقال: بعثني سيدك لآتيه بك قطع.
والمذهب: لا قطع في اختلاس وتقدم فرع العتيبة فيمن ائترز بثوب فأخذ في الحرز ففر به.
الشيخ في الموازية: من ترك السارق يسرق متاعه وأتى بشاهدين ليعايناه ولو أراد أن يمنعه لمنعه؛ فلا قطع وقاله مالك.
وقال أصبغ: يقطع زاد ابن شاس، وثالثها: التفرقة لبعض المتأخرين بين أن يشعر برؤيتهم له فيفروا؛ فلا يقطع لأنه مختلس وبين أن لا يشعر بذلك؛ فيقطع لأنه سارق، ولم يعزه ابن هارون إلا لمالك ولا أعرفه، وعزاه الأول لمحمد فقط وتقدم الخلاف في الصغير الذي لا يعقل يسرق من حرز.
وفيها: من سرق صبياً حراً أو عبداً من حرزه قطع.
الشيخ عن محمد: وقاله مالك وأصحابه.