الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ابن المسيب: فر من أسد خمسة فتعلق من يليه بثان، والثاني بالثالث، والثالث بالرابع، والرابع بالخامس، فقضى عليه رضي الله عنه أن الأول جبار، وعلي كل متعلق دية من تعلق به.
ابن حبيب: يريد على عواقلهم، وفى الموازية والمجموعة عن ابن القاسم وأشهب: ما سقط من يده علي وديعة فأتلفها؛ ضمنها، ولو سقطت؛ لم يضمنها.
وفيها: ما هلك من محدث، حيث يجوز لمحدثه، كمن حفر شيئاً في داره أو طريق المسلمين، من بئر أو مرحاض إلى جانب حائطه؛ لا غرم عليه فيه.
الصقلي عن أشهب: هذا إن لم يضر بالطريق.
وسمع محمد بن خالد ابن القاسم: من أوقد تحت قدر له ففار ما فيها، فقتل صبياً حولها لم يعلم به رب القدر؛ لاشيء عليه.
ابن رشد: لا جناية فيه عمداً ولا خطأ، ولا شيء على العاقلة، كقولها فيمن أرسل ناراً بأرضه، وأرض جاره بعيده مأمونة من النار، فحملتها الريح إلى ارض جاره؛ فلا شيء عليه فيما أحرقت، ولو كانت غير مأمونة منها؛ كان ما قتلت من الناس على عاثلتة.
[باب فيما يتقرر على العاقلة من الخطأ]
والخطأ على الأحرار قسمان: خطأ لا شبة عمد فيه على العاقلة اتفاقاً، إلا ما دون الثلث، وما فيه شبهة عمد يفترق بحسب قوه الشبة وضعفها، ما قويت شبهته، فالدية في مال الجاني كبينة الزور، وما ضعفت فيه فالدية على العاقلة كمن أرسل ناراً
بأرضه، وما توسطت فيه مختلف فيه، هل هي على الجاني أو العاقلة كالطبيب المخطئ؟
وفيها: وما أحدث بطريق المسلمين، مما لا يجوز له من حفر أو رباط دابة ضمنه.
عياض: معناه جعله لها مربطاً، وان كان إنما نزل عنها أو فوقها وهو راكب عليها أمام حانوت ليشترى منه، أو يحمل منه، أو أمام باب داره، أو نزل للصلاة بالمسجد، أو أوقفها حيث لا يجوز له لضيق الطريق، ولو بعد عن الطريق في فناء أو غيره وشبهه؛ فلا ضمان عليه.
الباجي: روى عن المجموعة: من فعل ما يجوز له كحفر بئر بداره، لغير ضرر أحد أو بدار غيره بإذنه، أو رش فناء تبرداً أو تنظيفاً، فزلق به من هلك به، أو ربط كلباً بداره للصيد، أو في غنمه للسباع، أو وقف دابته بالطريق بباب مسجد أو حمام أو سوق، أو أخرج روشناً من داره أو عسكراً؛ فلا ضمان عليه.
قلت: وفي الزاهي لابن شعبان: من نضح ماء بالطريق، فأصيب به أحد أو مال ضمن، ومن وضع نعليه أو خفيه بالمسجد، فعثر إنسان؛ ضمن كالطريق.
وفيها: ما أهلك الكلب العقور، إن اتخذ حيث لا يجوز؛ ضمنه متخذه مطلقاً، وحيث يجوز إن تقدم له فيه.
وسمع يحيى ابن القاسم: من شكي إليه انهدام حائطه؛ ضمن ما هلك به، يحيى: وان لم يكن ذلك لسلطان، إن اشهد عليه ..
ابن رشد: قول يحيى تفسير مثل قولها، ولعبد الملك وابن وهب؛ لا ضمان عليه إلا بعد تفريطه، بعد الحكم عليه.
ولأشهب وسحنون: ما أهلك بعد بلوغه ما يوجب هدمه؛ ضمنه، ولو لم يشهد عليه، والحمل للصول، والكلب العقور، حيث يمنع اتخاذه، كالحائط يدخلهما ما فيه من الخلاف، وقول أشهب في سماع عبد الملك؛ لا ضمان على رب الدابة الصول، ولو تقد إليه السلطان رابع.
قلت: ونقل الصقلي عن بعض القرويين: إن أنكر رب الحائط أخافه إهلاكه، وقف ضمانه علي تقدم الحاكم إليه وإلا كفي الإشهاد خامس.
ولابن رشد في رسم كتب من سماع ابن القاسم: من مات من سقي طبيب أو كيه، أو قطعه منه شيئاً، أو تحتز الحجام، أو قلع ضرساً؛ لم يضمنه إن لم يخطئ في قلعهما، الا أن ينهاهم الحاكم عن القدوم، علي زى غرر الا بإذنه، فمن خالفه ضمن في ماله، هذا ظاهر سماع أشهب.
وقال ابن دحون: هو على العاقلة، إلا مادون الثلث، وما كان بخطأ منه في فعله، كسقيه ما لا يوافق المرض، أو تفريده يد الجاني أو القاطع الكاوي، أو ما لا يوافقه الكي، أو يقلع غير الضرس المأمور بها، وان لم يخش وعر من نفسه؛ عوقب بالضرب والسجن.
وفى كون أرش جنايته كالخطأ أو في ماله: قولان لعيسى مع ظاهر نقل أصبغ عن ابن القاسم، وظاهر هذا السماع، وكلما ألزمت الدية على العاقلة، أو في ماله لزمت الكفارة، وحيث لا تلزم لم تلزم إلا استحساناً، كسماع ابن القاسم: في الأم تسقي ابنها الدواء، فيشرق فيموت، وإذا قدم السلطان أن لا يداوي فيما فيه غرز إلا بإذنه؛ فالعمل في ذلك أن استؤذن، أن يجمع أهل المعرفة، فان تعدي؛ ضمن في ماله.
قلت: ومن الخطأ فعل الشيء المناسب للشكية في غير وقته، وكانت نزلت ببعض متقدم قضاه بلدنا، سأل الأطباء عن فعل كي نشأ عنه هلاك، فأفتوا بأن الكي مناسب للشكية، وفعل في محله من الجسد، فسألهم هل هو في وقته؟ فقالوا: لا فحكم بتضمنه لقصوره عن ثلث الدية.
الشيخ: روى علي إن قطع الحجام حشفه كبير أو صغير أو غلط، فقطع غير اليد المقتص منها؛ فحكمه كالخطأ، ولو فعل ذلك بعمد، دون أمر سيده ضمنه، ولو كان ظنه حراً ومعلم الكتاب أو الصنعة، إن ضرب ما يعلم أنه للأدب؛ لم يضمن، وان ضرب لغير أدب أو جاوز ضرب الأدب؛ ضمن كالطيب.
وفي الزاهي لأبن شعبان قيل: إن ضربه ضربة خفيفة؛ فديته إن مات منها على
عاقلته، وفي المجموعة روى ابن القاسم وابن وهب: من عمد لامرأته بفقء عين، أو قطع يد متعمداً، أقيد منه، وإن ضربها بحبل أو سوط، فذهبت عينها أو غيرها؛ فلا قود وفيه العقل، ومن ادعى في فقء عين زوجته، أنه ضربها أدباً، وقالت: عمداً، ففي قبول قولها أو قوله، أ، قولي سحنون وثانيهما؛ فلا يكون عليه شيء.
ابن رشد الأظهر أن يصدق ولا تصدق عليه؛ فيقتص منه، وتكون كشبه العمد يسقط القصاص، وتكون الدية في ماله، وفي الرجم: منها من أفاض زوجته البكر، ومثلها يوطأ، فماتت من جماعه، فإن علم ذلك؛ فديتها على عاقلته، وإن شانها، ولم تمت فلا بلغ من ذلك ثلث ديتها؛ فعلى العاقلة، وما دونه في ماله.
عياض: إفاضتها خلط ما بين المسلكين بالوطء العنيف، وإن زنى بامرأة، فأفاضها؛ فلا شيء عليه إن طاوعته، وغن اغتصبها؛ فلها المهر وما شانها.
الشيخ عن الموازية في ماله، وإن جاوز الثلث
الصقلي: الفرق بين الزوجة الأجنبية طائعتين: أن طوع الزوجة واجب لا تقدر على منعه، والأجنبية يجب عليها منعه، يوضحها كم لو أزنت له أن يوطئها.
الشيخ: روى علي: إن ضرب معلم الكتاب والصنعة صبياً، ضرب الأدب فمات؛ فلا شيء عليه، وغن جاوز الأدب، وضربه لغير أدب؛ ضمن ما أصابه، ومن استأجر عبداً في عمل غير ما أذن له فيه فعطب؛ ففي ضمانه كامل العطب في مثله، وغن كان مخوفاً ذا غرر.
قول ابن القاسم مع روايتها، وسماعه مع رواية ابن وهب، وقول ربيعة فيها، ورجحه ابن رشد، قيده بكونه ليس عادته استعمال ذلك العمل، ووجه قول ابن القاسم؛ بأنه اخطأ على سيده في استعماله ما يعطب في مثله، إن لم يكن مخوفا، وفارق من استأجر عبداً من غاصب، فتلف في عمله؛ أن للسيد من يرجع عليه، وهو الغاصب، وليس له من يرجع عليه، أذا أجر العبد نفيه، وقياس هذا ضمانه، وان كان لا يعطب في مثله، إلا أن يقال: هذا القدر من الفعل، يمكن أن يتصرف فيه العبد لو لم يؤاجر، فصار المستأجر له كأنه لم ينقله، وإنما استعمله في موضعه.
وقول ابن القاسم فيها: إن استعانته كإجارته؛ لا يضمنه، إلا فيما يعطب في مثله، خلاف قول ربيعة فيما يضمنه باستعانته فيما يبغي فيه الإجارة، وإن كان أذن له في الإجارة، وهو أظهر؛ لأنه لم يأذن له في هبة منافعه، ولو استأجر من ظنه حرًا، ودفع له أجره، فاستحق برق، وقد أتلف الأجرة، ففي غرم المستأجر الأجرة ثانية لمستحقه ثالثهما، إن لم تطل إقامة العبد بالبلد، ظاهر الحرية لعبد الحق عن بعض شيوخه، وقيد ابن رشد غرم الأجرة بكونها مثل قيمة العمل، ولو كان أقل أو أكثر تعينت القيمة.
قال عبد الحق: والغرم أقيس، وعدمه أشبه، بقولها: من أنفذت وصاياه، وبيعت تركته، ثم استحقت رقبته، وكان معروفًا بالحرية، أو غير معروف.
ابن رشد: هذا كما قال عبد الحق؛ أن القيام غرم الأجرة ثانية؛ لأن منافع العبد قد استهلكها، فوجب عليه غرم قيمتها، كمن اشترى طعامًا فأكله، أو ثوبًا فاستهلكه، ثم استحق لربه أن يضمن المبتاع قيمة ذلك لاستهلاكه إياه.
وفي الغضب منها: من استأجر ثوبًا، فاستعمله؛ أن لمستحقه أن يضمنه ما نقصه استعماله، وله على قياس ما ذكرناه أخذ قيمة استعماله، وسقوط كونه عدوانًا عصمة دم القتيل، واستحقاقه معينًا.
وفيها: إن قامت بينة على محارب، فقتله رجل قبل أن تزكى البينة، فإن زكيت؛ أدبه الإمام، وإن لم تزك قتل به، وفي سماع يحيى قال سحنون: لا دية في قتل المرتد ولا قصاص.
ابن رشد: في لغو ديته وثبوتها كمجوسي، ثالثها كدية دين ردته لسحنون، مع أحد أقوال اشهب، وللبرقي مع نقله عن أشهب وابن القاسم، ولسحنون عن أشهب مع غيره عن ابن القاسم.
اللخمي: وكذا يختلف في قطع عضو له، قال محمد: لا شيء على من قتل زنديقًا.
اللخمي: وكذا الزاني المحصن والمحارب، ولا دية لهم إن قتلوا خطأ، وفي الموازية: من قطع يد سارق خطأ فلا دية له.
وقال في موضع آخر: له ديتها، فعليه تجب الدية في هذين، إن قتلا خطأ، وإن قطع
لهما عضو يد أو رجل، أو فقئت عين؛ فلهما القصاص في العمد، والدية في الخطأ؛ لأن الحد إنما وجب في النفس لا في العضو.
الشيخ: قال عيسى: من اغتاظ ذمي شتم النبي صلى الله عليه وسلم فقتله، فإن كان شتمًا يوجب قتله، وثبت ذلك ببينة؛ فلا شيء عليه، فإن لم يثبت ذلك؛ فعليه ديته وضرب مائة وحبس عامًا.
وفيها: من قتل رجلًا عمدًا، فعدا عليه أجنبي، فقتله عمدًا؛ فدمه لأولياء القتيل الأول، ويقال لأولياء الثاني: أرضوا أولياء الأول، وشأنكم بقاتل وليكم، فإن لم يرضوهم؛ فلأولياء الأول قتله، أو العفو عنه، ولهم أن لا يرضوا بما بذلوا لهم من الدية، أو أكثر منها، وعزاه الشيخ لرواية ابن القاسم وابن وهب، وغيره في الموازية والمجموعة.
قال: وقال مالك: في قاتل العمد يموت، أو يقتله أحد؛ فإنه لا طلب على الجاني؛ يريد الأول بدية أو غيرها، ولا في ماله، وكذا فاقئ العين، تذهب عينه أو تفقأ، وقاله أشهب.
قلت: وهو نص الموطأ، قال مالك: في الرجل يقتل الرجل عمدًا، أو يفقأ عينه عمدًا، فيقتل القاتل أو تفقأ عين الفاقئ قبل أن يقتص منه؛ ليس عليه دية، ولا قصاص.
قال مالك: إنما له القصاص على صاحبه الذي قتله، فإذا هلك قاتله فليس له قصاص ولا دية.
أبو عمر: هذا على قول ابن القاسم، وروايته أن ولي القتيل ليس له إلا القصاص ليس مخيرًا فيه وفي الدية، وعلى رواية المدنيين أنه مخير بينهما، تكون له الدية إن شاء على القاتل الثاني، وإن شاء قتله، وذكر ابن شاس وتابعه ما في الموطأ عن رواية ابن عبد الحكم دونه قصور، وذكر اللخمي ما في المدونة بزيادة: ولو قتل القاتل خطأ؛ فديته لأولياء القتيل الأول.
قال: وروى محمد إن قتل خطأ؛ فلا شيء لأولياء الأول، والأول أبين، ولم يختلف
أن لأولياء الأول أن يقتلوه، دون أولياء الثاني؛ وأن لهم العفو عنه على م ال يكون لهم.
اللخمي: واختلف في قول مالك: إلا أن يرضي أولياء الثاني أولياء الأول، فقال ابن القاسم: إن بذلوا الدية لم يلزمههم قبولها، وإن أبوا سلموا القاتل إليها.
وقال ابن الماجشون في المبسوط: لولي الثاني أن يدفع الدية لأولياء الأول، ويقتص هو لنفسه، وقول ابن القاسم أحسن؛ لأن أولياء الأول استحقوا دمه.
وفيها: إن قطع يد رجل عمدًا، فقطعت يد القاطع خطأ؛ فديتها للمقطوع الأول، وإن كان عمدًا؛ فللأول أن يقتص من قاطع قاطعه.
اللخمي: لابن القاسم في الموازية: من قطع يد رجل من المنكب، فقطع رجل كفه، قيد للمقطوع الأول في قطع كف القاطع الثاني، ولا شيء له غير ذلك، وفي قطع قاطعه من المنكب فقط، ويخلى بين قاطعه، وقاطع كفه، وقال محمد: له قطع الشيئين منهما.
اللخمي: هذا أحسن؛ لأن الأول استحق جميع ذلك العضو.
قال ابن عبد السلام: في هذا بعد لأنه يقطع رجلين في موضعين مختلفين، ولم يتول قاطعه منهما غير واحد.
قلت: لا بعد فيه على أصل المذهب، في قطع أيدي جماعة بيد واحدة، والظالم أحق أن يحمل عليه.
وفيها: من قتل رجلًا عمدًا، فحبس للقتل، أو حكم بقتله، وسلم لأولياء القتيل ليقتلوه، فقطع رجل يده عمدًا أو خطأ؛ فله القصاص والعقل والعفو في العمد، لا شيء لولاة القتيل في ذلك، إنما لهم سلطان على من أذهب نفسه.
اللخمي: من قطع يد رجل عمدًا، أو قتل خطأ أو عمدًا؛ فصالح أولياؤه في العمد على مال، فقيل: لا شيء للمقطوعة يده؛ لأن الدية إنما أخذت عن النفس، وقال محمد: لمن قطعت يده حقه من ذلك الأول أبين.
وفيها: من قتل وليك عمدًا، فقطعت يده؛ فله أن يقتص منك، ولو قطعتها خطأ؛ حملت ذلك عاقلتك، ويستقاد له ما لم يقد منه، وتحمل عاقلته ما أصاب من الخطأ.
قلت: ظاهره أنه يقتص له قبل قتله، وانظر إن كان قصاص له من اليد يخاف منه الموت، لمرض الجاني الولي أو للفصل، هل يقتل ويؤخر القصاص لوارثه؟ أو يؤخر قتله لذلك؟ والأظهر الأول.
الشيخ في الواضحة لأصبغ عن ابن القاسم: في القاتل يدفع لأولياء القتيل ليقتلوه، يقطع أحدهم يده، وآخر رجله، ثم قتلوه؛ لا يقاد منهم؛ لأن النفس كانت لهم ويعاقبون على ذلك.
قلت: ومقتضى تعليله بقوله: لأن النفس كانت لهم؛ أن لا قصاص في ذلك، ونحو ما في الواضحة ما في الموازية أيضًا، وجزم ابن شاس، فقال: روى أصبغ عن ابن القاسم: لا يقاد من أولياء الدم في القطع؛ لن النفس كانت لهم.
الشيخ عن محمد: إن أقام الولي شاهدًا على قاتل وليه، فلم يقسم حتى عدا عليه، فقتله قبل القسامة قتل به، وليس له أن يقسم بعد قتله؛ لأنه يدرأ بذلك عن نفسه القتل، إلا أن يأتي بشاهد آخر، فلا يقتل.
قلت: في منعه من القسامة نظر؛ لأنها قد وجبت له، وليس قتله القاتل برافع لها، وكما لو ادعى شيئًا بيد رجل، وأقام عليه شاهدًا، ثم عدا عليه فأتلفه قبل الحلف مع شاهده.
وفيها: من وجب لهم الدم قبل رجل، فقتلوه قبل أن ينتهوا به إلى الإمام؛ فلا شيء عليهم غير الأدب، وفي الواضحة عن ابن الماجشون: إن قتل ابن القتيل قاتل أبيه، قبل تزكية البينة؛ فإن جرحت قتل الابن به، وإن عدلت؛ أدب بما افتات على الإمام.
وتقدم شرط إيجاب القود كون الجاني بالغًا عاقلًا، ولابن رشد في رسم العشور من سماع ابن القاسم: الصبي الذي لا يعقل ابن سنة ونصف ونحوها، لا خلاف أن حكمه في الجناية على الأموال والدماء، حكم المجنون.
وفي كونن جنايتهم على الأموال في أموالهم، وعلى الدماء على عواقلهم، إلا ما دون الثلث، ففي أموالهم، أو هدرا فيهما ثالثها، الأموال هدر، والدماء خطأ؛ لسماع القرينين مع قول ابن القاسم في رسم مرض من طلاق السنة، وللموازية وسماع عيسى ابن
القاسم، ولا خلاف أن الصبي الذي يعقل؛ يضمن المال عمدًا أو خطأ، وحكم عمده في الخطأ، وحكم الكبير المولى عليه فيهما كالرشيد.
ابن زرقون: هذا في الصبي الذي ينزجر، وأما ابن ستة أشهر ونحوها؛ ففعله جبار، وقاله ابن رشد، ونحوه للباجي معبرًا عنه بالرضيع.
وفي الأيمان والطلاق منها قتل السكران إن قتل، فأطلقه الصقلي وغير واحد.
وقال ابن رشد والباجي: هذا في المختلط الذي معه بقية من عقله، وأما الذي لا يعرف الأرض من السماء، ولا الرجل من المرأة؛ فلا خلاف أنه كالمجنون في كل أفعاله وأقوالهن وتقدم في هذا الطلاق.
وفيها: المجنون الذي يفيق أحيانا، في حال إفاقته كالسليم.
الشيخ في المجموعة لابن القاسم: ما جنى المجنون في إفاقته من حد أو قتل، فلم يقم عليه حتى خنق آخر لإفاقته، الحد والقصاص، فإن أيس منه، فالعقل في ماله أو يقده، المغيرة: إن قتل عمدًا؛ أسلم للأولياء حاله، ولو ارتد، ثم خنق، لم أقتله حتى يصح؛ لدرء الحد بالشبهة.
وروى اللخمي: يخير الأولياء في تعجيل القتل، أو الدية من ماله، وإلا اتبعوه.
وفيها: أيقتل مسلم بكافر، إلا أن يقتله غلية.
قلت: هو استثناء منقطع؛ لأنه بالحرابة قتل؛ لأن الغيلة حرابة، ولذا قال فيها: إن قطع يديه ورجليه غيلة، حكم عليه بحكم المحارب، ويقتل الكافر بالمسلم، وذوو الكفر سواء في القصاص بينهم المجوسي، والكتابي فيه.
الباجي: روى علي بقتل اليهودي بالمجوسي، ونقص الدية لغو، كالرجل بالمرأة، ولا يقتل حر بذي رق بوجه، وقتل بالحر المسلم.
وفي جناياتها: قال مالك: يقتل العبد بالحر إن شاء الولي، فإن استحياه خير سيده في إسلامه، أو فدائه بالدية، وكذا يخير في فدائه بالدية في قتله خطأ، وتقدم في الاصطدام ذكر الخلاف، في كونها مؤجلة، وفي دياتها، إن قتل عبد حرًا، فأتى ولاته عليه بشاهد، حلفوا خمسين يمينًا، ولهم قتل العبد إن شاؤوا، وليس لهم أن يحلفوا يمينًا واحدة
ليستحيوه، إذ لا يستحق دم الحر إلا ببينة، أو حلف خمسين يمينًا، وجعل ابن عبد السلام تخيير ولي قتيل العبد، في قتله واستحيائه، جاريًا على أصل أشهب في جبر الحر على الدية، غير جار على أصل ابن القاسم فيه، وأجاب بأن جبر الحر على الدية يضر به؛ لأن له وارثًا قد ترجح مصلحته على نفسه، والمطلوب في مسألة العبد غير القاتل، وهو السيد، ولا ضرر عليه في واحد من الأمرين اللذين يختارهما الولي.
قلت: قوله: المطلوب في مسألة العبد السيد غير صحيح، ضرورة أن لا طلب عليه بحال، وقد يفرق بأن الحر يجبر على أمر يتكلفه، وهو الدية، والعبد لا يكلف بشيء، وبأن للولي حجة في العبد، وهي أنفته، أو يأخذ في دم وليه دم عبده، وهو لا يكافئه، وفي جناياتها القصاص بين المماليك، كما هو في الأحرار، ولو قتل مكاتب عبده؛ فلسيده أن يقتص منه في النفس والجراح.
اللخمي: للسيد الحق، إن أحب اقتص، أو أخذ العبد، إلا أن يفديه ربه، والمدبر والمكاتب، وأم الولد، والمعتق إلى أجل في القصاص مع من ليس فيه حرية سواء، واستحسن في المعتق بعضه، أن لا يقتص منه للحديث؛ أنه يرث بقدر ما عتق منه، ويعقل عنه بقدر ذلك، وفي سماع عيسى ابن القاسم في نصراني حر قتل عبدًا مسلمًا: قال فيه اختلاف، أرى قتله به، سحنون: أرى عليه قيمته كسلعة.
ابن رشد: قوله: يقتل به معناه؛ إن شاء ذلك سيده، وله أن يضمنه قيمته اتفاقًا وإنما الخلاف في قتله به، وقتله به أظهر، وقاله أشهب في سماع عبد الملك.
قلت: وللخمي عن محمد عن ابن القاسم: أنه يضرب ولا يقتل به، زاد الباجي: وقاله أصبغ، قال محمد: قال مالك: ليس بينهما قود في نفس ولا جرح؛ لأن في هذا حرية وفي هذا إسلامًا.
الباجي: ليحيى عن ابن القاسم: لا يقتل مسلم، وإن كان عبدًا بكافر، وإن كان حرًا.
وفي الموطأ: في العبد يشهد بجرح اليهودي أو النصراني لربه؛ أن يعقل عنه، أو يسلمه، فيباع فيعطى اليهودي أو النصراني من ثمنه، أو ثمنه كله إن أحاط بثمنه، ولا
يعطى الكافر عبدًا مسلمًا.
الباجي: قوله: يعطى من ثمنه؛ يريد إن زاد ثمنه على العقل، أعطى منه قدر العقل، ابن مزين: سأل عيسى ابن القاسم عن قوله في هذه المسألة، أخطأ هو في الكتاب، قال ابن القاسم: وهو خطأ، وقد كان يقرأ عن مالك: فلا يغيره وإنما الأمر إذا أسلمه السيد، بيع فقط الكتاب جميع ثمن العبد، وإن زاد على الدية، وهو قول مالك، وما أنكره ابن القاسم، يحتمل أنه رواية عن مالك، ثم رجع إلى ما سمعه ابن القاسم منه وصوبه، وقوله آخر المسألة: ولا يعطى اليهودي ولا النصراني عبدًا مسلمًا، يمنع رواية ابن القاسم؛ لأنه إذا منع الإسلام أن يدفع إليه، فإنما يبيع على ربه ليوفي به الأرش.
وفيها مع غيرها: منع الأبوة والأمومة، إيجاب عمد ضرب الولد بما مات منه القصاص من أبيه أو أمه، فيها: إذا قتل الأب ابنه بحديدة، حذفه بها أو بغيرها؛ لا يقاد من يقاد من غير الوالد فيه، درئ عنه القود، والأم كالأب، وأب الأب كالأب، وكذا قطع شيء من أعضائه، وفي سماع ابن القاسم: ليس التغليظ في الجراح إلا في الأب.
ابن رشد: يريد: والأم إذ لا يفرق أحد بينهما في هذا، وظاهر قوله: لا تغليظ في جد ولا جدة، خلاف قولها تغلظ في الجد؛ يريد: والجدة من قبل الأم، فلا تغلظ على قولها في الجد للأم، ولا في الجدة أم أبي الأم، ولا أم أبي الأب، وهو قول أشهب.
وقول ابن الماجشون: تغلظ في الأجداد والجدات كلهم، لأب أو لأم، وهو قول سحنون في نوازله من كتاب الأقضية، وعن ابن القاسم، مثل قول ابن الماجشون، وروي أنه وقف في الجد للأم، وكلما ثبت التغليظ انتفى القصاص، وكلما انتفى ثبت القصاص، في العمد الذي ليس يشبه العمد، وإن لم يعمد للقتل، لا خلاف أنه لا يقتص من واحد منهم، فيما هو من شبه العمد، كضربه بعصا فيموت بذلك، أو بسوط فيفقأ عينه، وشبه ذلك.
وفيها لمالك: لو أضجع ابنه فذبحه، أو شق بطنه، أو صنعت ذلك والدة بولدها؛ ففيه القود، وأكثر الأشياخ لم يذكروا في القصاص هذا خلافًا.
وقال الباجي: إن أضجعه فذبحه، أو شق بطنه، وهذا الذي يسميه الفقهاء قتل
غيلة.
فقال مالك: يقتل به، وقال أشهب: لا يقتل به بحال، وتبعه ابن الحاجب، ونقله ابن اقصار عنه، كذا وجدته في اختصار عيون المجالس، في المسائل للقاضي عبد الوهاب.
وقال ابن حارث: اتفقوا في الرجل يضجع ابنه ويذبحه، ويثبت ذلك عليه ببينة أو بإقراره؛ أنه يقتل به، واختلفوا إذا قال: أضجعني أبي وذبحني ومات، فقال ابن القاسم: يقتل به بعد القسامة، سمعه يحيى، وقال أشهب: لا يقتل به في مثل هذا.
قلت: لم يحك ابن رشد قول أشهب بحال، وحكاه الشيخ بلفظ، قال أشهب: لا يقتل في العمد والد ولا والدة بالقسامة، قال: وقال ابن سحنون عنه في قول ابن القاسم: إذا قال: ذبحني أبي؛ أنه يقسم مع قوله ويقتل، وكيف يقبل قول من هو في عداد الموتى، إلا أن يكون ذبحه وبقيت أوداجه، وفي سماع القرينين: من فجرت فولدت ولدًا، فألقته في بئر، إن كانت كثيرة الماء أو في البحر؛ قتلت به.
ابن القاسم: إن ألقته في بئر يابسة يقدر على أخذه منها؛ لم تقتل به.
وفيها: من تعمد ضرب بطن امرأته؛ ففيه القصاص بقسامة، إذا تعمد ضرب بطنها خاصة.
الصقلي: روى ابن القاسم: لو قتل الأب ورجلان ابنه عمدًا؛ قتل هذا الأب والرجلان، وإن كان بالرمية والصدمة؛ لم يقتل به الأب، قال عبد الملك: وعليه ثلث الدية معناه: ويقتل الرجلان، وذكر ابن شاس شركة الأب في قتل ابنه، قال: وسقط القود عن الأب لمعنى فيه، لا في القتل، ألا ترى أن مكره الأب على قتل ابنه يقتل؛ لأن فعله منقول إليه، وعبر عنه ابن الحاجب بقوله: ولذا قتل مكره الأب دونه.
قلت: في النوادر قال ابن سحنون عنه: لو أكره المصر رجلًا على قتل ابنه أو أخيه، ولا وارث له غيره بوحيده يقتل؛ ففعل أنه لا يرث من ماله، ولا من ديته شيئًا؛ لأنه غير مباح له قتله، ولا يخرجه ذلك عند بعضهم من القود، ثم قال: لو أن الأب أكره رجلًا على قتل ابنه، وهو يعقل فقتله، فقال أصحابنا: القود على القاتل، ولا يرث الأب من
الابن شيئًا، ولا قود على الأب.
قلت: وكذا الأب يجرح ولده، أو يقطع شيئًا من أعضائه، بحال ما صنع المدلجي؛ فإن الدية تغلظ فيه.
الشيخ عن المجموعة: تغلظ في الجرح عند مالك، وإن كان ذكر عنه غير ذلك، فالثابت من قوله: وما عليه أصحابه التغليظ، إلا أن يكون عمدًا لا شك فيه، قال ابن القاسم وأشهب: مثل أن يضجعه فيذبحه، أو يدخل أصبعه في عينه تعمدًا لفقئها، ابن شاس: إذا ثبت القصاص؛ فإنما ذلك إن كان ذو الدم، غير ولد الأب، مثل العصبة، قاله في الموازية، ابن الحاجب: شرط القصاص على الأجداد، أن يكون القائم بالدم غير ولد الأب.
قلت: عبر عنه في آخر فصل القصاص بقوله: يكره قصاص الابن من أبيه، وهو نص دياتها، إن كان ولي الدم ولد القاتل، فذكره مالك القصاص منه، وقال: يكره أن يحلفه في الحق، فكيف يقتله، وفسر ابن عبد السلام الكراهة بالتحريم، وفيه نظر، لقول قذفها استثقل مالك أن يحد لولده، قال ابن القاسم: إن قام بحقه حد له.
وفيها مع غيرها لغو فضيلة الذكورية والعدد والعدالة، ولو بقول فاسق: قتلني فلان، والشرف وسلامة الأعضاء، وصحة الجسم لحديث:"المسلمون تتكافأ دماؤهم"، وفي دياتها إن قتل الصحيح سقيمًا أو أجذم أو أبرص، أو مقطوع اليدين والرجلين عمدًا؛ قتل به، وإن اجتمع نفر على قتل امرأة أو صبية عمدًا؛ قتلوا بذلك.
قلت: وقفت في كتاب الاستشفاء لابن العربي، أن إمام الحرمين نقل عن مالك: أنه لا يقتل منهم إلا واحد بالقرعة، قال: وهو وهم.
قلت: لولا قوله بالقرعة؛ لحمل قوله على ثبوت القتل بقسامات.
و
…
التكافؤ في أثر القتل لغو: سمع عيسى ابن القاسم: إن أسلم النصراني بعد قتله نصرانيًا؛ قتل به، وأخبرني يحيى عنه: إن لم يكن للقتيل ولي إلا المسلمون؛ فالعفو عنه أحب إلي من قتله.
ابن رشد: ظاهر رواية عيسى قتله، ولو لم يكن للقتيل ولي إلا المسلمون، وهي
رواية ابن نافع، وعليه لا يجوز للإمام أن يعفو عنه، إن كان له مال على غير شيء، ويجوز له صلحه على مال دون الدية، على القول بعدم جبره عليها، وعلى القول بجبره لا يجوز إن كان مليًا بها، وعلى سماع يحيى: يجوز عفوه مجانًا؛ لأنه استحب العفو عنه لحرمة الإسلام، بخلاف المسلم يقتل مسلمًا لا ولي له إلا المسلمون؛ لا يجوز عفو الإمام عنه مجانًا؛ لأنه ناظر للمسلمين فهو كالوصي على الصغير، ولا يجوز عفوه عن دم أبيه مجانًا، ويجوز عفوه نظرًا لليتيم، ابن حارث: إن أسلم كافر بعد قتله كافرًا، فأكثر أصحاب مالك يقتل، وقال محمد بن عبد السلام: لا يقتل؛ لحديث لا يقتل مؤمن بكافر.
الشيخ: لابن سحنون: قال ابن القاسم: إن أسلم نصراني بعد أن جرح فمات؛ فيه دية حر مسلم في مال الجاني حالة، أشهب: إنما عليه دية نصراني، إنما أنظر لوقت الضربة لا للموت، ألا ترى لو قطع مسلم يد مسلم، ثم ارتد المقطوعة يده، فمات مرتدًا، أو قتل؛ أن القصاص في قطع اليد ثبت على الجاني، وليس لورثته أن يقسموا على الجاني فيقتلوه؛ لأن الموت كان وهو مرتد، ولو أسلم الحربي في يد سيده المسلم، ومات عبدًا، فلا قصاص على الذمي في النفس؛ لأنه مات عبدًا، ولورثته القصاص في يده.
ولو كان جارحه مسلمًا؛ فعليه دية نصراني، ثم تكون الدية على ما ذكرنا من الاختلاف فيها، ولو عتق بعد إسلامه؛ فورثته بالخيار، إن أحبوا قطع يد النصراني، وإن أحبوا القصاص في النفس، أقسموا لمات من جرحه، ثم قتلوه في قول غير ابن القاسم.
وإذا جنى مسلم على نصراني، فتمجس النصراني، ثم نزي في جرحه فمات؛ فعليه دية نصراني، في قول أشهب، ودية مجوسي، في قول ابن القاسم: ولو كان مجوسيًا ثم يهوديًا، فعلى قول أشهب: دية مجوسي، وعلى قول ابن القاسم: دية يهودي، وهو قول عبد الملك.
ولو جرح مسلم مسلمًا، فارتد المجروح، ثم نزي فيه فمات؛ فاجتمع الناس على أن لا قود؛ لأنه صار إلى ما أحل دمه، والذمة لم يصر بها إلى ما يحل دمه.
قلت: وتقدم لأشهب: أن القصاص في الجرح ثابت، ولابن سحنون عنه إن رمى عبد رجلًا بسهم، فعتق قبل وصول السهم؛ فالجناية في رقبته؛ لأنه عبد حين الرمية،
فجعل الحكم لخروج الرمية.
قال: وإن رمى مسلم مرتدًا، فأسلم قبل وصول الرمية فقتلته أو جرحته؛ فلا قصاص على الرامي؛ لأنه رمى في وقت لا قود فيه ولا عقل، وعليه في قول ابن القاسم: إن مات؛ الدية حالة في ماله، وإن لم يمت، فدية الجرح في ماله، قالا: لأنه لو جرح وهو مرتد، ثم نزي في جرحه، فمات بعد أن أسلم؛ أن ولاته يقسمون لمات منه، وتكون ديته في ماله، ألا تراه لو رمى صيدًا، وهو حلال، فلم تصل إليه الرمية حتى أحرم، ثم وصلت إليه فقتلته؛ أن عليه جزاؤه، واختلفوا في دية هذا المرتد.
فقال بعض أصحابنا: دية الدين الذي ارتد إليه، وقال ابن القاسم وسحنون: دية مسلم، وكذا لو كان المرمي نصرانيًا، فأسلم قبل وصول الرمية لا قصاص، وفيه دية مسلم.
في قول ابن القاسم وفي قول أشهب: ديته دية نصراني، وينبغي على قوله: لو كان مرتدًا فأسلم قبل وقوع الرمية، أن لا قود فيه ولا دية، وقال سحنون: في عبد رمى رجلًا، ثم أعتق قبل وصول الرمية، أن جنايته جناية عبد، وقال أصحابنا: أجمع في مسلم قطع يد نصراني، ثم أسلم، ثم مات؛ لا قود فيه على المسلم، إن شاء أولياؤه أخذوا دية نصراني، وإن أحبوا أقسموا، ولهم دية مسلم في مال الجاني حالة في قول ابن القاسم وسحنون.
وقال أشهب: دية نصراني، لأني أنظر لوقت الضربة، قال سحنون: وإن قطع يد رجل يد عبد، ثم عتق، ثم ارتد، ثم مات بجرحه؛ لا شيء على القاطع؛ لأنه صار مباح الدم يوم مات، وفي قوله: الأول عليه لسيده ما نقصته الجناية.
واختصره ابن الحاجب فقال: لو زال التكافؤ بين حصول الموجب، وصوول الأثر، كعتق أحدهما أو إسلامه بعد الرمي، وقبل الإصابة، أو بعد الجرح، وقبل الموت، فقال ابن القاسم: المعتبر في الضمان حال الإصابة، وحال الموت، كمن رمى صيدًا، ثم أحرم، ثم أصابه؛ فعليه جزاؤه، وقال أشهب وسحنون: حال الرمي، ثم رجع سحنون، وأما القصاص؛ فبالحالين معا.
قلت: ظاهره أن المستدل بمسألة الصيد ابن القاسم، وظاهر ما تقدم من لفظ النوادر، قالا بضمير التثنية أنه من كلام سحنون وابن القاسم.
الشيخ: عن ابن سحنون عنه: إن قطع رجل يد عبد خطأ، ثم عتق، ثم قطع آخر رجله خطأ، ثم مات من الجرحين، فقلت مع ابن القاسم: يقسم ورثته لمات من الجرحين، وديته على عاقلتي الجارحين أنصافًا، في ثلاث سنين، وإن لم يقسموا، فعلى الثاني نصف الدية في ثلاث سنين، وعلى الأول ما نقصه الجرح يوم الجناية وهو عبد، إن كان أولياه من أعتقه، وإن كان له ورثة؛ فأرش نقصه لسيده، ولو كانت الجناية الأولى عمدًا، والثانية خطأ، فلورثته أن يقسموا عليهما، فيأخذوا من الأول نصف دية حر في ماله حالة، ومن عاقلة الثاني نصفها في سنتين، وإن شاءوا قسموا لمات من الثاني، وأخذوا الدية من عاقلته، ومن الأول ما نقص الجرح من العبد يوم جرحه.
فإن كان له ورثة أخذ قيمة الجرح السيد، قال: وإن كان جرح الأول خطأ، والثاني عمدًا بعد أن عتق، فإن أقسموا على الأول؛ أخذوا دية حر من ماله حالة، واقتصوا من الثاني، وإن لم يقسموا إلا على الثاني؛ فلهم قتله، ولهم على الأول ما نقصه الجرح من ماله، إن كان ولاته من أعتقه، وإن كان له ورثة؛ فأرش الجرح للسيد.
قلت: أليس هذا مثل ما أنكرت على الشافعي، من الحكم في نفس بقتل وأرش، قال: لأن هذين جانيان، وذلك جان واحد، قال: ولو كان الجرحان عمدًا؛ فلهم أن يقسموا لمات من الأول، ويأخذوا من ماله دية حر، ويقتصوا من الثاني، ولو أقسموا عليه قتلوه، ولهم ما نقص جرح الأول، إن كان ولاته من أعتقه، وإلا فأرش نقصه لسيده.
قال: ولو قطع رجل يد العبد، ثم عتق، فقطع آخر رجله، ثم آخر يده الأخرى، ثم نزي في ذلك فمات؛ فإن كانت دنايتهم خطأ، أقسم ولاته لمات من كلها، وعلى عاقلة كل واحد ثلث الدية في ثلاث سنين، وإن لم يقسموا؛ أخذوا من عاقلة كل من الجانبين بعد الأول نصف الدية، وعلى الأول ما نقصه يوم الجناية للسيد، وإن كانت الجنايتان بعد العتق عمدًا؛ فلهم أن يقسموا على أحدهما، ويقتلوه ويقتصوا من الآخر الذي
جرحه، وعلى الأول ما نقصه جنايته يوم جنى السيد، وإن شاء ولاته من أعتقه أو ورثته، أن يقسموا لمات من جناية الأول، وأخذوا من ماله دية حر حالة، واقتصوا من الثانيو الثالث، وإن كانت الأول والثانية خطأ، والثالثة عمدًا، وأولياؤه عصبة؛ فلهم أن يقسموا على الثالث ويقتلوه، ولهم على عاقلة الثاني نصف دية حر في سنتين، وللسيد على الأول ما نقصه، وإن شاءوا أقسموا لمات من الأول والثاني، وأخذوا من عاقلتيهما الدية، نصفها من كل عاقلة في ثلاث سنين، واقتصوا من الثالث.
وإن كانت الجنايات الثلاث عمدًا؛ فلهم أن يقسموا لمات من الأول التي في رقه، وأخذوا من ماله دية حر حالة، واقتصوا من الجنايتين بعد حريته، ولهم أن يقسموا على أحد الجانبيين في حريته، فقتلوه واقتصوا من الآخر، ولمعتقه على الأول ما نقصه، وإن لم يقسموا على أحد، فلهم القصاص من الجانبيين بعد حريته، وللسيد في الأولى ما نقصه.
قلت: ضابطه كلما تعددت ضربات، لا من فاعل واحد تعقبها موت، بعد عتق قبل بعضها، فلأوليائه أن يقسموا لمات من كلها أو منبعضها معينًا، ففيما أقسم على الموت منه خطأ، ديته على عاقلة فاعله، إن كان الخطأ بعد عتقه، ولو من غير المقسم عليه، وإلا ففي ماله، لاعتبار كونه ممن تحمل العاقلة، عقله في الجملة أو ليس منه، لاعتبار احتمال الرقبة، فإن تعددت، قسمت على عواقلهم وعمدًا، والضرب قبل عتقه في مال ضاربه حالة، وفيما لم يقسم على الموت منه، والضرب قبل عتقه، أرشه لسيده، وفيما أقسم عليه بعد العتق، كالحر خطأ وعمدًا، أو فيما لم يقسم عليه منه، كالجناية عليه بذلك حرا.