الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أتى عن بقية بعجائب منها هذا الخبر، صنيع فاسد يوهم أن عمار بن عبد الملك من رجال سند ابن عساكر الذي عزاه إليه المصنف والشارح بصدد الكلام عليه والواقع بخلاف ذلك، بل عمار بن عبد الملك وقع في سند آخر فهو متابع للسند المذكور، فكان من الواجب على الشارح أن يقول: وقد ورد الحديث من وجه آخر ضعيف أيضًا لأنه من رواية عمار بن عبد الملك، وقد قال فيه الحافظ. . . إلخ.
الخامس: نقله عن الحافظ أنه قال: منها هذا الخبر، صنيع فيه ما فيه من التهور وعدم التثبت في النقل، فإن الذهبى قال في الميزان: عمار بن عبد الملك أتى عن بقية بعجائب، قال الأزدى: متروك الحديث اهـ.
زاد الحافظ: وقد روى عن بقية فيما ذكر الأزدى عن أبي بسطام عن أنس رفعه فذكر الحديث، فقائل: أتى بعجائب هو الذي [قاله] لا الحافظ، ثم إنه لم يقل:"منها" كما نقل عنه الشارح.
[من شروط المحدث معرفة تواريخ الرجال ووفياتهم]
السادس: قوله: ورواه عنه أيضًا الديلمى والمخلص والبغوى وابن أبي الدنيا، ترتيب مخالف لأصول أهل العزو والتخريج، بل ولغيرهم عند سرد أسماء العلماء، فإن الديلمى الذي بدأ به متأخر من القرن السادس، وابن أبي الدنيا الذي ختم به متقدم من أهل القرن الثالث، وكذلك المخلص متأخر عن البغوى وهما جميعًا متقدمان على الديلمى ومتأخران عن ابن أبي الدنيا، فكان حقه أن يقول: أخرجه ابن أبي الدنيا والبغوى والمخلص والديلمى، ولهذا كان من شرط المحدث والمخرج معرفة تواريخ الرجال ووفياتهم حتى لا يأخر المتقدم ولا يقدم المتأخر كما فعل الشارح.
السابع: في الحفاظ ممن هو معروف بالبغوى ثلاثة
على بن عبد العزيز البغوى، وجعيدة أبو القاسم عبد اللَّه بن محمد البغوى، وأبو محمد الحسين بن مسعود البغوى وكلهم مصنفون مخرجون يعزى إلى مصنفاتهم.
فالأول: له المعجم، وهو غير متداول.
والثانى: له معجم الصحابة، وهو كبير مشهور متداول.
والثالث: هو الفقيه صاحب التفسير وشرح السنة المتأخر.
فأيهم خرج هذا الحديث؟ وإن كان الغالب أنه أبو القاسم فيما يظهر، مع احتمال أن يكون غيره.
الثامن: لابن أبي الدنيا ألف مؤلف فيما قيل، والمتداول بين المحدثين مما يكثر العزو إليه نحو الخمسين، ففي أى جزء منها خرج ابن أبي الدنيا هذا الحديث يا مناوى؟
والغالب أن يكون خرجه في كتاب الإخلاص والنية.
وقد خرجه أيضًا ابن شاهين في الترغيب [ص 402، رقم 522] في باب "فضل ما للعبد في حسن النية للخلق" فقال:
حدثنا محمد بن سليمان الباهلي ثنا محمد بن حسان الأموى ثنا سعيد بن زكريا عن عنبسة بن عبد الرحمن عن إسحاق بن مرة عن أنس به.
ورواه الخطيب من وجه آخر فقال [3/ 325]:
حدثنا محمد بن أحمد بن رزق ثنا محمد بن الحسن بن زياد المقرى ثنا محمد ابن النضر العسكرى ثنا محمد بن عيسى بن أبي موسى الأنطاكى حدثنى محمد
ابن مصعب عن الهياج بن بسطام عن إسحاق عن أنس به.
والهياج فيه مقال وهو يروى عن عنبسة، فكأنه سمعه منه ثم أسقطه، واللَّه أعلم.
3294/ 8453 - "مَنْ أصْبَحَ وَهمهُ غير اللَّه فَلَيْسَ مِنَ اللَّه، وَمَنْ أصْبَحَ لا يَهتمُ بالمسلِمينَ فَلَيْسَ مِنْهُمْ".
(ك) عن ابن مسعود
قال في الكبير: سكت عليه المصنف فأوهم أنه صالح، وهو غفول عن تشنيع الذهبى على الحاكم بأن إسحاق بن بشر أحد رجاله عدم، قال: وأحسب أن الخبر موضوع، وأورده في الميزان في ترجمة إسحاق من حديثه، وقال: كذبه ابن المدينى والدارقطنى، ومن ثم حكم ابن الجوزى عليه بالوضع.
قلت: إن ما نقله عن الذهبى من تعقبه على الحاكم إنما نقله بواسطة المصنف في اللآلئ المصنوعة، ومنه أيضًا عرف أن ابن الجوزى حكم بوضعه وإلا فهو ما رأى موضوعات ابن الجوزى، ومع ذلك ينسب المصنف إلى أنه غفل عن تعقب الذهبى مظهرًا بذلك أنه عرف ما لم يعرفه واطلع على ما لم يطلع عليه المصنف، وأضاف إلى [كل هذا] الكذب المحرم، ومن العجب أنه يوهم نقل تعقب الذهبى على الحاكم حتى تتم الفضيحة، وذلك أن الحاكم خرج الحديث [4/ 317، رقم 7889] أولًا من طريق إسماعيل العطار عن إسحاق بن بشر عن سفيان الثورى عن الأعمش عن شقيق بن سلمة عن حذيفة بلفظ: "من أصبح والدنيا أكبر همه فليس من اللَّه في شيء، ومن لم يتق اللَّه فليس من اللَّه في شيء، ومن لم يهتم للمسلمين عامة فليس منهم"، فتعقبه الذهبى بقوله: إسحاق عدم وأحسب الخبر موضوعًا.
ثم أخرجه الحاكم بعد ورقتين [4/ 320، رقم 7902] من طريق عبيد للَّه بن أحمد بن الحسن المروزى عن إسحاق بن بشر، فقال: عن مقاتل بن سليمان
عن حماد عن إبراهيم عن عبد الرحمن بن يزيد عن ابن مسعود، بالحديث المذكور هنا، فقال الذهبى: إسحاق ومقاتل ليسا بثقتين ولا صادقين.
ثم إن ابن الجوزى ذكر في الموضوعات حديث حذيفة من عند الخطيب وقال لا يصح إسحاق كذاب، فقال المصنف في أول التعقب عليه: أخرجه الحاكم في المستدرك وتعقبه الذهبى فقال: إسحاق عدم وأظن الخبر موضوعًا. فأخذ الشارح هذا من المصنف وذكره هنا على حديث ابن مسعود الذي قال عنه الذهبى كلامًا آخر، فلو كان الشارح رأه في نفس المصدر وتلخيص الذهبى لما ذكره في غير موضعه، ولكن الواقع أنه إنما نقله بواسطة المؤلف، ثم قال (1): ما رأيت متبجحًا بعلم المصنف ومتعقب به عليه بالباطل وساكت مع ذلك عن بقية تعقب المصنف على ابن الجوزى غير مشير إلى شيء منه ولا إلى وجوده من الأصل، مع أن المصنف أطال في التعقب عليه، ولو قصر ولم يجد للحديث طرقا أخرى لتعرض هذا [الشارح] لذلك على عادته، فإن المصنف أورد له شواهد من حديث أنس من ثلاثة طرق عنه ومن حديث أبي ذر، ثم أورد له طريقين آخرين من حديث حذيفة، وإذًا ذاكر ذلك وزائد عليه ما لم يذكره.
فالحديث رواه إسحاق بن بشر أبو حذيفة البخارى صاحب كتاب المبتدأ، وهو عندهم كذاب متهم، ولذلك أورده ابن الجوزى في الموضوعات، وزاد في تهمته أنه رواه بإسنادين، فمرة قال: عن الثورى عن الأعمش عن أبي وائل عن حذيفة، ومرة قال: عن مقاتل عن حماد عن إبراهيم عن عبد الرحمن ابن يزيد عن ابن مسعود، وذلك مما يدل على اضطرابه وعدم صدقه.
لكنه لم ينفرد بالحديث بل توبع عليه، فرواه هناد بن السرى في الزهد عن قبيصة عن الثورى به، لكنه قال: عن أبان عن أبي العالية عن حذيفة أراه رفعه: "من أصبح وأكبر همه غير اللَّه فليس من اللَّه في شيء"، وهذا سند
(1) لم يأت المؤلف بما قاله الشارح هنا، انظره الصفحة السابقة.
صحيح أو حسن لا ينزل عن ذلك، فإن قبيصة صدوق صالح قيل: إنه يهم ويغلط، وقيل: بل هو حافظ ضابط.
ثم مع هذا فله طريق آخر عن حذيفة أخرجه ابن لال في مكارم الأخلاق، فهما طريقان يبرئان ساحة إسحاق بن بشر.
وله مع ذلك شواهد عن جماعة من الصحابة مرفوعًا وموقوفًا، فرواه المخلص في فوائده، وابن النجار من طريقه، وأبو نعيم في الحلية [3/ 48] من طريق وهب بن راشد عن فرقد السنجى عن أنس مرفوعًا:"من أصبح وهمه غير اللَّه فليس من اللَّه، ومن أصبح لا يهتم بالمسلمين فليس منهم"، قال أبو نعيم: لم يروه عن أنس غير فرقد ولا عنه إلا وهب بن راشد، وهما غير محتج بهما ولا بتفردهما.
قلت: وهذا غريب من أبي نعيم، فقد رواه عن أنس أيضًا زياد بن ميمون وأبان، وأغرب من هذا أن الذي خرج حديث زياد بن ميمون هو أبو نعيم نفسه في تاريخ أصبهان [1/ 243]، فقال في ترجمة جعفر بن محمد القومسى:
حدثنا أبي ثنا محمد بن أحمد بن يزيد الزهرى ثنا جعفر بن محمد بن على القومسى ثنا الحارث بن مسلم الروذى ثنا زياد بن ميمون عن أنس قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "من أصبح وأكثر همه الدنيا فليس من اللَّه، وإن عمل الرجل المسلم لأخيه درجة لا يدرك فضلها"، وزياد بن ميمون متروك، وقد اعترف بأنه لم يسمع من أنس.
ورواه ابن النجار من طريق أبي همام الوليد بن شجاع عن عبد اللَّه بن زبيد الأيامى عن أبان عن أنس مرفوعًا: "من أصبح وأكثر همه غير اللَّه فليس من اللَّه في شيء، ومن لم يهتم بأمر المسلمين فليس من المسلمين"، وأبان فيه ضعف أيضًا.
ورواه الطبرانى في الأوسط [3/ 48]، من حديث يزيد بن ربيعة عن أبي الأشعث الصنعانى عن أبي عثمان النهدى عن أبي ذر مرفوعًا:"من أصبح وهمه الدنيا فليس من اللَّه في شيء، ومن لم يهتم بالمسلمين فليس منهم ومن أعطى الذلة من نفسه طائعًا غير مكره فليس منا"، ويزيد بن ربيعة الرحبى متروك، وقال ابن عدى: أرجو أنه لا بأس به.
وقال الإِمام أحمد في الزهد [ص 58، رقم 1781]:
حدثنا عبد الرحمن بن مهدى ثنا عبد العزيز بن مسلم عن الربيع بن أنس عن أبي العالية عن أبي بن كعب قال: "من أصبح وأكبر همه غير اللَّه عز وجل فليس من اللَّه".
وقال الدينورى في الأول من المجالسة:
حدثنا إبراهيم بن حبيب الهمداني ثنا ابن خبيق ثنا يوسف بن أسباط عن الحسن بن صالح قال: "من أصبح وله هم غير اللَّه فليس من اللَّه".
3295/ 8454 - "مَنْ أَصْبَحَ مُطِيعًا للَّه في وَالِدَيه، أصْبَح له بابَانِ مفْتُوحانِ من الجنَّة، وإن كان واحدًا فَواحد".
ابن عساكر عن ابن عباس
قال في الكبير: قال في اللسان: رجاله ثقات أثبات غير عبد اللَّه بن يحيى السرخسي، فهو آفته اهـ.
وعزاه في الشرح الصغير إلى ابن النجار ثم قال: وفيه متهم بالوضع، وبقيته ثقات.
قلت: أما عزوه لابن النجار فخطأ ظاهر، وأما قوله: فيه متهم بالوضع وبقيته ثقات، فدليل على بعده تمام البعد من معرفة صناعة الحديث، فإنه
أخذه من قول الحافظ في اللسان: رجاله ثقات غير عبد اللَّه بن يحيى فهو آفته.
وبين الكلامين بون بعيد، فالأول: حق، والثانى: وهو كلام الشارح باطل، لأنه لما نص على كونه فيه وضاع، فلا فائدة بعد ذلك في أن ينص على أن بقيته ثقات، لأن ذلك لا يفيد الحديث قوة أصلًا، فهو من الكلام العبث تقريبًا.
أما كلام الحافظ فمعناه أن الحديث ظاهر النكارة والبطلان في نظره، ورجال السند كلهم ثقات أثبات لا يتهمون بشيء، فبقيت التهمة منحصرة فيه، فدل على أنه كذاب لأنه لو كان معه في السند ضعيف آخر أو ضعيفان لشاركاه في التهمة واحتمل أن يكون من أحدهم، بخلاف ما لو كان الجميع ثقة إلا واحدًا كهذا، فإن التهمة انحصرت فيه، فهذا وجه الفرق بين كلام الحفاظ وكلام الشارح.
ولا يشكل عليك هذا بعبارة الحافظ الهيثمى في مجمع الزوائد: فيه فلان ضعيف وبقيته ثقات، فإن هذا مسلوك مقبول، لأن الضعيف لا يدل وجوده في السند على وضع الحديث بخلاف الوضاع.
ثم إن كلام الحافظ في هذا الحديث غير مقبول، واتهامه لهذا الرجل وهو عبد اللَّه بن يحيى السرخسى بهذا الحديث باطل، فإنه لم ينفرد به، بل ورد الحديث من غير طريقه، وذلك مما يستغرب من الحافظ كما يستغرب من المصنف اقتصاره على عزو الحديث إلى ابن عساكر وهو عند الحاكم في تاريخ نيسابور وجماعة كما سأذكره.
ويجب أن يراجع تاريخ ابن عساكر هل هو عنده من طريق عبد اللَّه بن يحيى المذكور كما قال الشارح أم لا، فإن الشارح بلغ المنتهى في التهور وعدم التحقيق والتثبت، فإنه رتب أحاديث الميزان واللسان وجعل ذلك من مصادره
التي يرجع إليها في الكلام على الأحاديث، وهذا الحديث ذكره الحافظ في اللسان في ترجمة عبد اللَّه بن يحيى بن موسى السرخسى من عند الحاكم في التاريخ، والمصنف عزاه إلى ابن عساكر، فقد يكون ابن عساكر خرجه من هذا الطريق وقد يكون خرجه من طريق آخر ليس فيه عبد اللَّه بن يحيى المذكور، وذلك السر في كونه عزاه إلى ابن عساكر المتأخر دون الحاكم المتقدم، والشارح لا يتحرج من مثل هذا، فيلصق سند الحاكم بسند ابن عساكر، وينسب إلى هذا ما في ذاك من الضعفاء ويخلط الخبيث بالطيب، فلذلك سقط الاعتماد على نقله تمام السقوط، وسقط هو من درجة الاعتبار والاعتداد به إلا عند المغتر الذي لم يخبر حالة فيقع في مهاوى الأغلاط الفاحشة.
والمقصود أن الحديث له طرق أخرى، ذكر الحافظ منها في اللسان واحدًا ولم يتعرض له الشارح مع كونه رتب أحاديث الكتاب على الحروف، ومن قبله ذكره الذهبى في الميزان الذي رتبه الشارح أيضًا فقال: روى ابن أبي عمر العدني -يعنى صاحب المسند- قال:
حدثنا عبد القدوس بن حبيب عن عكرمة عن ابن عباس مرفوعًا: "ما من مسلم يصبح والداه عليه ساخطان إلا كان له بابان من النار، وإن كان واحدًا فواحد".
وهذا بقية الحديث الذي ذكره المصنف مختصرًا، فإن الحاكم في التاريخ خرجه بلفظ:"من أصبح مطيعًا للَّه في والديه أصبح له بابان مفتوحان من الجنة، وإن كان واحدًا فواحد، ومن أمسى عاصيًا للَّه في والديه أصبح له بابان مفتوحان من النار، وإن كان واحدًا فواحد، قال رجل: وإن ظلماه، قال: وإن ظلماه، وإن ظلماه"، وعبد القدوس بن حبيب متروك لا يعتمد عليه أيضًا.
ولكن له طريق ثالث ليس فيه واحد منهما، قال الدولابى في الكنى [2/ 133]:
حدثنا محمد بن عوف أبو جعفر الطائى ثنا أبو موسى عيسى بن سليمان الشيزرى ثنا مكبر -رجل من أهل الشام- عن الوضين بن عطاء عن يزيد بن مرثد أن ابن عباس قال: سمعت رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يقول: "من أصبح مرضيًا لوالديه أصبح له بابان مفتوحان من الجنة".
وطريق رابع: قال ابن وهب في جامعة:
أخبرنى شبيب بن سعيد عن أبان بن أبي عياش عن محمد بن المنكدر عن عطاء الخراسانى أن ابن عباس قال: إن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم-قال: "من أصبح مرضيًا لوالديه أصبح له بابان مفتوحان إلى الجنة، وإن كان واحدًا فواحد، وإن أمسى مرضيًا لوالديه فمثل ذلك، وإن أصبح مسخطًا لوالديه أصبح له بابان مفتوحان إلى النار، وإن كان واحدًا فواحد، وإن أمسى مسخطًا لوالديه فمثل ذلك، قال: ثم أتبع النبي صلى الله عليه وسلم: وإن ظلماه وإن ظلماه".
وطريق خامس: من حديث زيد بن أرقم، قال ابن شاهين في الترغيب [2/ 276، رقم 290].
ثنا يوسف بن يعقوب بن إسحاق بن البهلول حدثنى جدى حدثنى أبي عن محمد بن يونس بن خباب عن يونس بن خباب عن يزيد التيمى عن زيد بن أرقم قال: سمعت رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يقول: "من أصبح عنه والداه راضيين أصبح له بابان مفتوحان إلى الجنة".
وعند السمرقندى في التنبيه له طريق موقوف، إلا أنه لا يحضرنى التنبيه الآن.
فهذه الطرق كلها تبرئ عبد اللَّه بن يحيى السرخسى الذي جزم الحافظ بأنه آفته، وتبين أن الحديث له أصل أصيل، وأنه غير موضوع، بل ثابت صحيح.
3296/ 8455 - "مَنْ أَصَبَح مِنكُم آمنًا في سِرْبِه مُعَافى في جَسَدهِ عِنَده قُوتَ يَومِه، فكَأنما حيزَتْ له الدُّنيا بِحَذافِيرها".
(خد. ت. هـ) عن عبيد اللَّه بن محصن
قال في الكبير: قال (ت) حسن غريب، قال ابن القطان: ولم يبين لم لا يصح، وذلك لأن عبد الرحمن بن أبي شميلة لا يعرف حاله، وإن قال ابن معين: مشهور، فكم من مشهور لا تقبل روايته، وفي الميزان: سلمة بن عبيد اللَّه قال أحمد: لا أعرفه، ولينه العقيلى، ثم ساق له هذا الخبر، وقال: روى من طريق أبي الدرداء أيضًا بإسناد لين.
قلت: هذا يوهم أن الذي ساق الخبر ولينه هو العقيلى، ومراده الذهبى، فإنه الذي ساقه، ثم قال في حديث أبي الدرداء: وإسناده لين، يشبه هذا.
وحديث أبي الدرداء أخرجه ابن حبان في روضة العقلاء، وأبو نعيم في الحلية [5/ 249]، وأسنده الذهبى في ترجمة سعد الزنجانى من التذكرة من طريق عبد اللَّه بن هانئ بن عبد الرحمن المقدسى عن أبيه عن إبراهيم بن أبي عبلة عن أم الدرداء عن أبي الدرداء به، وقال الذهبى: هذا حديث غريب ما علمت في نقلته جرحًا لكنى لا أعرف هانئًا، وأما المتن فمعروف.
وقال أبو نعيم: غريب من حديث إبراهيم تفرد به ابن أخيه عنه.
ورواه الطوسى في أماليه من هذا الوجه أيضًا.
ورواه هو أيضًا في المجالس ومن قبله حمزة بن يوسف في تاريخ جرجان [ص 364] من حديث على عليه السلام.
3297/ 8456 - "مَنْ أَصَبَحِ يَوُمَ الجُمعَةِ صَائِمًا وعَادَ مرِيضا وشَهِدَ جَنازَة وتَصَّدقَ بصَدَقةٍ فقدْ أوجَبَ".
(هب) عن أبي هريرة
قال في الكبير: ظاهر صنيع المصنف أن مخرجه البيهقى خرجه وسكت عليه، والأمر بخلافه، بل عقبة بالخبر الذي بعده ثم قال: هذا مؤكد للإسناد الأول وكلاهما ضعيف.
قلت: هذا كلام ساقط لا فائدة فيه أصلًا، والمصنف لا ينقل كلام المخرجين ولا في كلامه وايراده للأحاديث ما يدل على كلام المخرجين أو عدمه، والشارح إنما نقل كلام البيهقى بواسطة المصنف في اللآلئ المصنوعة كما سأذكره في الحديث الذي بعده.
3298/ 8457 - "مَنْ أَصَبَحَ يومَ الجُمعةِ صائمًا وعَادَ مَريضًا وأطْعَم مِسكِينًا وشيَّع جَنازَة لمْ يتْبعه ذنبٌ أربَعِين سَنةَ".
(عد. هب) عن جابر
قال في الكبير عند ذكر ابن عدى والبيهقى: كلاهما معًا عن محمد بن أحمد المصيصى عن يوسف بن سعيد عن عمرو بن حمزة البصرى عن الخليل بن مرة عن إسماعيل بن إبراهيم عن عطاء عن جابر، قال ابن الجوزى: موضوع، عمرو والخليل وإسماعيل ضعفاء، ورده المؤلف بأن هذا لا يقتضى الوضع.
قلت: قوله: كلاهما معًا تعبير بارد سخيف، وقوله عن محمد بن أحمد تعبير فاسد عند أهل الصناعة، لأنه يوهم أن ابن عدى والبيهقى متعاصران يرويان عن شيخ واحد، والواقع أن ابن عدى شيخ شيوخ البيهقى، فقوله عن محمد بن أحمد هو بالنسبة لابن عدى صحيح لأنه هو شيخه في الحديث، وبالنسبة للبيهقى باطل لأن بينه وبينه واسطتين، والصواب في
التعبير عنه أن يقال: من طريق أو من حديث محمد بن أحمد.
وقوله: ورده المؤلف بأن هذا لا يقتضى الوضع، تدليس وتلبيس وإيهام أن المؤلف لم يتعقب ابن الجوزى إلا بذلك، والواقع خلافه، فإنه قال: هذا لا يقتضى الوضع، وقد وثق أبو زرعة الخليل فقال: شيخ صالح، وقال ابن عدى: ليس بمتروك، وروى له الترمذى.
وأخرج البيهقى حديثه هذا في الشعب [3/ 394، رقم 3865] وله شاهد، قال البيهقى [3/ 394، رقم 3864]:
أنبأنا على بن أحمد بن عبدان أنبأنا أحمد بن عبيد ثنا ابن أبي قماش ثنا عبد العزيز بن عبد اللَّه الأويسى ثنا ابن لهيعة عن الأعرج عن أبي هريرة، فذكر الحديث السابق ثم قال: قال البيهقى: الإسناد الأول يؤكد هذا وكلاهما ضعيف.
وله شاهد آخر، قال الطبرانى في الأوسط [2348]:
[ثنا إبراهيم] ثنا محمد بن حفص الأوصابى ثنا محمد بن حمير عن حريز (1) عن خالد بن معدان عن أبي أمامة به نحوه.
وله شاهد آخر أخرجه أبو يعلى [2/ 312، رقم 1043] والبيهقى في الشعب من طريق ابن لهيعة عن يزيد بن أبي حبيب عن الوليد بن قيس عن أبي سعيد الخدرى مرفوعًا: "من وافق صيام يوم الجمعة وعاد مريضًا وشهد جنازة وتصدق وأعتق رقبة وجبت له الجنة ذلك اليوم" اهـ. هذا كله تعقب المصنف.
(1) في الأصل المخطوط: "جرير"، والمثبت من الأوسط للطبرانى.
3299/ 8458 - "مَنْ أُصِيبَ بمصيبةٍ في مَالِه أو جَسدهِ، وكَتمَها ولم يشكُها إلى النَّاسِ كان حَقًا على اللَّه أنْ يغفِرَ له".
(طب) عن ابن عباس
قال في الكبير: قال المنذرى لا بأس بإسناده، وقال الهيثمى: فيه بقية وهو ضعيف اهـ. وعده في الميزان في ترجمة بقية من جملة ما طعن عليه فيه، وأعاده في ترجمة هشام بن الأزرق، وقال: قال أبو حاتم: موضوع لا أصل له.
قلت: فيه أمور، الأول: قوله: وقال الهيثمى: فيه بقية وهو ضعيف، نقل محرف باطل لا يقوله الحافظ الهيثمى، والواقع أنه قال: فيه بقية وهو مدلس.
الثانى: قوله وأعاده في ترجمة هشام بن الأزرق تحريف أيضًا، وإنما هشام ابن خالد الأزرق، ولا معنى لهذا الصنيع الذي يكثر منه الشارح إلا عدم التحقيق والأمانة والتحرير، ثم إضلال من يريد الرجوع إلى الأصول فإنه سوف لا يجد في الميزان من اسمه هشام بن الأزرق.
الثالث: قد نقل في الحديث أنقالًا متعارضة متضاربة من كونه: لا بأس بإسناده إلى كونه "ضعيفًا" إلى كونه "موضوعًا لا أصل له"، ولم يبين للناس ما هو الصواب منها مع الإعراض عن صنيع المصنف الذي هو الحق، وهو أن الحديث ضعيف لا حسن ولا باطل موضوع.
والحديث خرجه أيضًا ابن حبان في الضعفاء وابن أبي حاتم في العلل والبندهى في شرح المقامات كلهم من طريق هشام بن خالد عن بقية عن ابن جريج عن عطاء عن ابن عباس.
3300/ 8459 - "مَنْ أُصِيبَ بمصيبة فَذَكر مُصيبتَه فأحْدَث اسِترجَاعًا وأن تَقادَم عَهدُها كَتَب اللَّه له مِن الأجرِ مِثلَه يوم أُصيبَ".
(هـ) عن الحسين بن على
قال الشارح: وضعفه المنذرى.
قلت: كان من حقه أن يبين سبب ضعفه لا سيما والحديث في أصل متداول يمكنه الرجوع إلى إسناده فيه والنظر في رجاله، وذلك لأنه من رواية هشام ابن زياد أبي المقدام، وهو ضعيف، ثم اختلف عليه فيه، فبعض الرواة يقول: عنه عن أبيه، وبعضهم يقول: عن أمه.
فالحديث خرجه أيضًا الدولابى في الكنى [2/ 128] فيمن كنيته أبو المقدام، فقال في روايته: عن أبيه عن فاطمة بنت الحسين عن أبيها.
وقال ابن ماجه في روايته [1/ 510، رقم 1600]: عن هشام بن زياد عن أمه عن فاطمة.
لكنه ورد من طريق آخر من حديث أنس، قال أسلم بن سهل الواسطى في تاريخ واسط [ص 70]:
حدثنا تميم بن المنتصر بن تميم أنا محمد بن يزيد عن أم كثير الأنصارية قالت: سمعت أنسًا يقول: "من أصيب بمصيبة واسترجع إذا ذكرها كتب له مثل أجرها يوم أصيب بها"، كذا ذكره موقوفًا وله حكم الرفع.
3301/ 8462 - "مَنْ أضْطَجَع مَضجَعًا لم يَذكر اللَّه فيه كانَ عليهِ ترةٌ يوم القِيامِة، ومَنْ قَعَد مَقْعدًا لم يَذْكُر اللَّه فيه كَانَ عليه ترةٌ يوم القِيامةِ".
(د) عن أبي هريرة
قال في الكبير: رمز المصنف لحسنه وفيه محمد بن عجلان خرج له مسلم
متابعة وأورده الذهبى في الضعفاء وظاهر صنيع المصنف أن أبا داود تفرد بإخراجه عن الستة وليس كذلك، بل خرجه النسائى أيضًا عن أبي هريرة.
قلت: فيه أمور، الأول: التعقب على حكم المصنف على الحديث بالحسن بوجود ابن عجلان فيه، وأن الذهبى ذكره في الضعفاء من الفضول والدخول فيما لا يعرف المرء ولا يدريه، فابن عجلان ثقة إمام، وكونه قيل فيه شيء، لا يدل على ضعفه، إذ قل ما يسلم بشر من ذلك، وغاية ما قيل فيه أن في حفظه شيئًا، وذلك صفة راوى الحسن، على أنه روى عنه ما يدل على حفظه وإتقانه كما سيأتى.
الثانى: أن الذهبى وإن ذكره في الميزان فقد أثنى عليه، فقال: إمام صدوق مشهور، روى عنه مالك وشعبة ويحيى القطان، وثقه أحمد وابن معين وابن عيينة وأبو حاتم، روى عباس عن ابن معين قال: ابن عجلان أوثق من محمد بن عمرو ما يشك في هذا أحد، ثم قال الذهبى: وكان ابن عجلان من الرفعاء الأئمة أولى الصلاح والتقوى ومن أهل الفتوى له حلقة في مسجد رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم، كان يشبه بالحسن البصرى، قال: ومع كونه متوسطًا في الحفظ فقد ورد ما يدل على جودة ذكائه، ثم حكى عنه حكاية تدل على حفظه مع صلاحه وولايته واستجابة دعائه، فحديثه فوق الحسن.
الثالث: قوله: وظاهر صنيع المصنف. . . إلخ عبارته الركيكة التي اعتادها من أول كتابه، كلام باطل ودعوى كاذبة، فإن النسائى خرج الحديث في اليوم والليلة [ص 475، رقم 818] وفي السنن الكبرى [6/ 205، رقم 10654] وليس هو من الستة كما هو معلوم، أما السنن الصغرى الذي هو أحد الكتب الستة فما خرج فيه هذا الحديث.
الرابع: أن الحديث له ألفاظ متعددة، والمصنف يعزو في كل حرف لمن خرج الحديث على ذلك اللفظ، وإلا فالحديث موجود في سنن الترمذى وابن ماجه
أيضًا، وقد سبق في حديث:"ما جلس قوم مجلسًا لم يذكروا اللَّه فيه"، وأخرجه أيضًا أحمد وابن أبي الدنيا وابن السنى في عمل اليوم والليلة وابن حبان في الصحيح.
الخامس: عادة الشارح أن يتعقب بالكذب والباطل، ولا يتعرض لما هو من التعقب الحق، وذلك أن أبا داود خرج الحديث [4/ 266، رقم 4856] بلفظ: "من قعد مقعدًا لم يذكر اللَّه فيه" الحديث، فكان حقه أن يذكره فيما بعد في حرف:"من قعد"، ولكنه قدم وأخر في متن الحديث (1).
3302/ 8463 - "مَنْ أَطَاعِ اللَّه فَقدْ ذَكَر اللَّه وإن قَلتْ صَلَاتُه وصِيامُهُ وتلاوُته للقرآن، ومَنْ عَصَى اللَّه فلمْ يَذكُرْه وإن كَثُرتُ صَلَاتُه وصِيَامُه وتِلاوتُه لِلقُرآنِ".
(طب) عن واقد
قال في الكبير: قال الهيثمى: فيه الهيثم بن جماز وهو متروك اهـ. وبه يعرف ما في رمز المصنف لحسنه.
قلت: له طريق رجاله رجال الصحيح إلا أنه مرسل أيضًا فهو مرسل صحيح.
قال ابن المبارك في الزهد [ص 17، رقم 70](2):
ثنا سعيد بن أبي أيوب قال: قال أبو هانئ الخولانى إنه سمع خالد بن أبي عمران يقول: "قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: من أطاع اللَّه فقد ذكر اللَّه وإن قلت صلاته وصيامه وتلاوته للقرآن، ومن عصى اللَّه فقد نسى اللَّه وإن كثرت صلاته وصيامه وتلاوته للقرآن".
(1) قد أخرج أبو داود الحديث (4/ 316، رقم 5059) باللفظ المذكور، وهو:"من اضطجع مضجعا. . . ".
(2)
وهو من زيادات نعيم على المروزى.
3303/ 8464 - "مَنْ أطعَم مُسلِمًا جَائعًا أطْعَمَه اللَّه مِن ثِمَارِ الجنَّةِ".
(حل) عن أبي سعيد
قال الشارح: وإسناده ضعيف.
[قلت]: ولم يقل ذلك عن علم، وإنما قاله تبعًا لرمز المصنف، وسببه أنه من رواية أبي هارون العبدى وهو ضعيف.
لكنه ورد من غير طريقه، قال ابن شاهين في الترغيب [2/ 318، رقم 371]:
ثنا إبراهيم بن عبد الزبيرى (1) ثنا عمر بن على ثنا عبد الوهاب ثنا هشام بن حسان عن الجارود عن عطية عن أبي سعيد مرفوعًا: "من أطعم مؤمنًا جائعًا أطعمه اللَّه من ثمار الجنة، ومن سقا مؤمنًا على ظمأ سقاه اللَّه من الرحيق المختوم يوم القيامة، ومن كسا مؤمنًا عاريًا كساه اللَّه من خضر الجنة".
ومن هذا الوجه أخرجه أبو القاسم بن بشران في أماليه، ومن طريقه أبو الحسين الفراء في الطبقات في ترجمة أبي جعفر عبد الخالق بن عيسى العباسى عنه عن أبي القاسم بن بشران قال:
أخبرنا أبو سهل أحمد بن محمد بن عبد اللَّه بن زياد القطان حدثنا محمد بن الفضل بن جابر السقطى ثنا أحمد بن محمد بن حفص الصفار ثنا محمد بن سواء عن هشام بن حسان به.
وفي الباب عن أنس وعبد اللَّه بن عمرو وغيرهما، قال أبو نعيم في تاريخ أصبهان [1/ 297]:
ثنا محمد بن عبيد اللَّه بن المرزبان الواعظ ثنا أحمد بن محمود بن صبيح ثنا حاتم بن يونس الجرجانى ثنا محمد بن يزيد الواسطى عن بكر بن خنيس عن
(1) في الترغيب لابن شاهين: "الزبيبى".
صدقة عن ثابت عن أنس قال: "قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: من اهتم بجوعة مسلم فأطعمه حتى يشبع غفر له".
وقال الدولابى في الكنى [1/ 117]:
ثنا أبو الربيع سليمان بن داود ثنا إدريس بن يحيى الخولانى عن أبي الأيثم رجاء بن أبي عطاء عن واهب بن عبد اللَّه عن عبد اللَّه بن عمرو: "أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم قال: من أطعم أخاه من الخبز حتى يشبعه وسقاه من الماء حتى يرويه، أبعده اللَّه من النار سبع خنادق ما بين كل خندقين مسيرة خمسمائة عام".
وقال الطبرانى في مكارم الأخلاق [ص 371، رقم 159]:
ثنا عمارة بن وثيمة المصرى ثنا أبي وثيمة بن موسى بن الفرات ثنا إدريس بن يحيى به.
وقال الحاكم [4/ 129، رقم 7172]:
حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب ثنا إبراهيم بن منقذ الخولانى بمصر ثنا إدريس بن يحيى الخولانى به، ثم قال: صحيح الإسناد ولم يخرجاه، وأقره الذهبى في التلخيص.
وقال في الميزان [2/ 46، رقم 2764]: رويناه مسلسلًا بالمصريين:
أخبرنا محمد بن الحسين القرشى بمصر أنا محمد بن عماد أنا عبد اللَّه بن رفاعة أنا أبو الحسن القاضى أنا عبد الرحمن بن عمر البزاز أنا أبو الطاهر أحمد بن محمد بن عمرو ثنا يونس بن عبد الأعلى ثنا إدريس بن يحيى الخولانى به، ثم قال: هذا حديث غريب منكر تفرد به إدريس أحد الزهاد.
قال الحافظ: وهذا الحديث أورده ابن حبان وقال: إنه موضوع، وأخرجه الحاكم في المستدرك وقال: صحيح الإسناد، فما أدرى ما وجه الجمع بين كلاميه كما لا أدرى كيف الجمع بين قول: صويلح وسكوته على تصحيح
الحاكم في تلخيص المستدرك مع حكايته عن الحافظين أنهما شهدا عليه برواية الموضوعات.
وقد وقع لنا الحديث المذكور قراءته على [على بن](1) محمد بن أبي المجد عن سليمان بن حمزة عن محمد بن عباد به اهـ.
قلت: وهو مخرج في الخلعيات، وأبو الحسن القاضى في الإسناد هو الخلعى، دلسه الذهبى على عادته.
ومراد الحافظ بكلام الحافظين، ابن حبان والحاكم، فإن الذهبى قال في رجاء ابن أبي عطاء المصرى: صويلح، قال الحاكم: مصرى صاحب موضوعات، وقال ابن حبان: يروى الموضوعات ثم ساق له الحديث الذي وقع لنا مسلسلًا. . . إلخ ما سبق.
وهو اضطراب غريب من الحاكم، والذهبى لا يدرى الجمع بينه كما قال الحافظ، والغالب فيه الذهول والنسيان واللَّه أعلم.
3304/ 8465 - "مَنْ أَطْعَم أَخَاه المُسلَم شَهَوتَه حَرَّمَه اللَّه على النَّارِ".
(هب) عن أبي هريرة
قال في الكبير: قضية صنيع المصنف أن البيهقى خرجه وسلمه، والأمر بخلافه بل عقبة بقوله: هو بهذا الإسناد منكر.
قلت: المصنف ما نقل من أول الكتاب إلى آخره تعقب مصنف على حديث كما هو معلوم للشارح، وبعد هذا فهو إنما نقل كلام البيهقى بواسطة المصنف الذي نقل الحديث من عند البيهقى في الشعب بإسناده وتعقبه وذلك في اللآلئ المصنوعة [2/ 46] على حديث:"من وافق من أخيه شهوة غفر له"، فإن ابن الجوزى أورده في الموضوعات [2/ 171] من عند العقيلى، فذكر
(1) ما بين المعكوفتين زيادة من اللسان.
المصنف في تعقبه عليه هذا الحديث شاهدًا له، فقال: وقال البيهقى في شعب الإيمان [3/ 222، رقم 3382]:
أنبأنا أبو عبد اللَّه الحافظ في التاريخ أنبأنا أبو زكريا العنبري ثنا محمد بن عبد السلام ثنا عبد اللَّه بن مخلد بن خالد التيمى (1) صاحب أبي عبيد حدثنى أبي ثنا عبد اللَّه بن المبارك عن هشام عن ابن سيرين عن أبي هريرة مرفوعًا: "من أطعم أخاه المسلم شهوته حرمه على النار"، قال البيهقى: هو بهذا الإسناد منكر اهـ.
فمنه نقل الشارح هذا ثم صار يتبجح على المصنف ويخطئه بالباطل وبعلمه ونقله.
3305/ 8467 - "مَنْ أَطْفَأ عن مُؤمِن سَيّئة كَان خَيرًا من إحْيَاءِ مَؤُءُوَدة".
(هب) عن أبي هريرة
قال الشارح: إسناده حسن.
وقال في الكبير: فيه الوليد بن مسلم أورده الذهبى في الضعفاء وقال: ثقة مدلس سيما في شيوخ الأوزاعى وعبد الواحد بن قيس، قال يحيى: لا شيء.
قلت: وهذا يناقض قوله في الصغير: إسناده حسن، وانظر الحديث الآتى بلفظ:"من رأى عورة فسترها كان كمن أحيا موءودة من قبرها".
3306/ 8469 - "مَنِ اطَّلعَ في كِتَاِب أخِيهِ بِغيرِ إذْنِه (1) فَكأنَّما اطَّلَع في النَّارِ".
(طب) عن ابن عباس
قال الشارح: بإسناد حسن.
قلت: هذا تقصير شديد من الشارح حيث لم يزد في العزو على ما ذكره المصنف، لأن المصنف مقيد بالعزو إلى من وقع عنده الحديث بهذا الحرف، والشارح لا يتقيد بذلك لا سيما وهو مبتلى بالانتقاد على المصنف بالباطل، والواقع أن المصنف لم يوسع الكلام على هذا الحديث في كتاب آخر من كتبه فلم يجد الشارح من كلامه ما يتعقب به عليه.
والحديث قطعة من حديث طويل خرجه أبو داود [2/ 78، رقم 1485] وابن ماجه (2) والحارث بن أبي أسامة وابن أبي الدنيا في التوكل [ص 9، رقم 44] وأحمد بن منيع، وعلي بن عبد العزيز البغوى وابن حبان في الضعفاء [3/ 88] والحاكم في المستدرك [4/ 270، رقم 7706، 7707] وأبو نعيم في الحلية [3/ 218] وفي تاريخ أصبهان [2/ 224] والقضاعى في مسند الشهاب [2/ 285، رقم 464] وأبو عثمان الصابونى في العقيدة [ص 58، 59، رقم 95] كلهم من رواية محمد بن كعب القرظي عن ابن عباس، وجلهم وقع عنده:"من نظر في كتاب أخيه"، ومنهم من اقتصر عليه ولم يذكر بقية الحديث، ومنهم من ذكر جملة أخرى غير هذه، كأن ابن ماجه (2) وأكثرهم وقع عندهم مختصرًا إلا الحارث ابن أبي أسامة وأبا نعيم في الحلية
(1) في المطبوع من فيض القدير: "بغير أمره. . . "
(2)
رواه ابن ماجه (1/ 374، رقم 1181) بلفظ: "إذا دعوت اللَّه فادع بباطن كفيك، ولا تدع بظهورها، فإذا فرغت فامسح بها وجهك" و (2/ 1272، رقم 3866) بنحوه.
والحاكم في المستدرك، وقال عقبة: هذا حديث قد اتفق هشام بن زياد البصرى ومصادق بن زياد المدينى على روايته عن محمد بن كعب القرظى، ولم أستجز إخلاء هذا الوضع منه، فقد جمع آدابًا كثيرة اهـ.
قال الذهبى: هشام متروك، ومحمد بن معاوية كذبه الدارقطنى فبطل الحديث.
قلت: والحديث رواه أيضًا عيسى بن ميمون والقاسم بن عروة وزيد العمى كلهم عن محمد بن كعب القرظى، وروايتهم ترد ما قال الذهبى، وقد ذكرت أسانيد هذا الحديث لجميع المخرجين المذكورين ومتونهم المختصرة والمطولة في "وشى الإهاب" وهو مستخرجنا على مسند الشهاب، فلذلك لم نطل بذكرها هنا، فالإضراب عن كل هذا قصور عظيم من الشارح.
3307/ 8470 - "مَنْ أعَانَ مُجَاهِدًا في سَبِيل اللَّه أو غَارمًا في عُسرَتِه أو مُكَاتِبًا في رَقَبتِه أظلَّه اللَّه في ظلِّه يوْمَ لَا ظِلِّ إلا ظِلِّه".
(حم. ك) عن سهل بن حنيف
قال الشارح: قال الحاكم: صحيح، ورده الذهبى، وإسناد أحمد حسن.
وقال في الكبير: رواه (ك) في باب المكاتب من حديث عمرو بن ثابت عن عبد اللَّه بن محمد بن عقيل عن عبد اللَّه عن سهل بن حنيف، وحديثه حسن.
قلت: أما كلامه في الكبير فغير معقول ولا مفهوم، وأما في الصغير فإنه أخذه من الحافظ الهيثمى في مجمع الزوائد وتصرف فيه فأخطأ، وذلك أنه قال بعد عزوه لأحمد: فيه عبد اللَّه بن سهل بن حنيف، ولم أعرفه، وبقية رجاله حديثهم حسن اهـ. فجزم هو بأنه حديث حسن مع أنه قد يكون الرجل الذي لم يعرفه الحافظ الهيثمى ضعيفًا أو كذابًا.
وأما الذهبى فإنه قال في تلخيص المستدرك [2/ 217، رقم 2860] متعقبًا على
الحاكم تصحيحه: بل عمرو بن ثابت رافضى متروك اهـ وهذا لا يضر الحديث لأن أحمد رواه من غير طريقه فقال [3/ 487]:
حدثنا يحيى بن بكير ثنا زهير بن محمد ثنا عبد اللَّه بن محمد بن عقيل عن عبد اللَّه بن سهل بن حنيف عن أبيه به.
ورواه أيضًا [3/ 487] عن زكريا بن عدى عن عبيد اللَّه بن عمرو عن عبد اللَّه ابن محمد بن عقيل به.
فلم يبق النظر إلا في عبد اللَّه بن سهل بن حنيف، وهو وإن لم يكن مشهورًا إلا أن تصحيح الحاكم لحديثه توثيق له، وقد أقره الذهبى عليه، وإنما عارضه في عمرو بن ثابت، وحيث توبع عمرو بقى تصحيح الحاكم بحاله، ولذلك صحح المصنف الحديث ولم يلتفت إلى طعن الذهبى وتعقبه اعتمادًا على سند أحمد، ولذلك كان حكم الشارح بحسنه خطأ أيضًا.
3308/ 8471 - "مَنْ أعَانَ على قَتلِ مُؤمِن بِشَطر كَلِمَة لَقِى اللَّه مَكْتوبٌ بين عَيْنَيه آيسٌ من رَحْمَةِ اللَّه".
(هـ) عن أبي هريرة
قال في الكبير: رواه -يعنى ابن ماجه- عن محمد بن إبراهيم الأنماطى عن محمد بن خراش عن مروان بن معاوية الفزارى عن يزيد بن أبي زياد الشامى عن الزهرى عن ابن المسيب عن أبي هريرة، ورواه عنه أيضًا باللفظ المزبور أحمد، قال الذهبى: فيه يزيد بن أبي زياد الشامى تالف، وقال ابن حجر كالمنذرى: حديث ضعيف جدًا، وبالغ ابن الجوزى فحكم بوضعه، قال: وفي الميزان يزيد بن أبي زياد الشامى ضعفه المنذرى، وتركه النسائى وغيره، وقال البخارى: منكر الحديث ثم ساق له هذا الخبر ثم قال -أعنى في الميزان-: وقال أحمد: ليس هذا الحديث بصحيح.
قلت: فيه أمور، بل عجائب ومصائب، الأولى: أن السند الذي ذكره ليس
هو سند ابن ماجه، بل هو سند ابن عدى فإنه القائل [7/ 260]: حدثنا محمد بن إبراهيم الأنماطى. . . إلخ.
أما ابن ماجه فقال [2/ 874، رقم 2620]: حدثنا عمرو بن رافع ثنا مروان ابن معاوية به.
ومحمد بن إبراهيم الأنماطى من أقران ابن ماجه، وإنما الذي من شيوخه محمود بن خداش شيخ محمد بن إبراهيم الأنماطى.
الثانية: قال في هذا الإسناد: عن محمد بن خراش بدون "واو" في محمد وبالراء في خراش، وإنما هو: محمود بزيادة "الواو" وخداش "بالدال" المهملة لا "بالراء".
الثالثة: قوله: ورواه عنه أيضًا باللفظ المزبور أحمد، وهذا كذب لا أصل له، فإن أحمد لم يخرجه وقد نقل هو عن أحمد أنه قال: ليس هذا الحديث بصحيح، وأحمد لا يخرج في مسنده الموضوع.
الرابعة: قوله: وقال ابن حجر كالمنذرى حديث ضعيف جدًا، باطل أيضًا بالنسبة للمنذرى فإنه قال: وروى عن أبي هريرة فذكره، ثم قال: رواه ابن ماجه والأصبهانى وزاد قال سفيان: هو أن يقول أما يعنى لا يتم كلمة القتل.
ورواه البيهقى [8/ 22] من حديث ابن عمر مرفوعًا: "من أعان على دم امرئ مسلم بشطر كلمة كتب بين عينيه يوم القيامة آيس من رحمة اللَّه" اهـ. فالمنذرى إنما أشار إلى ضعفه بروى على قاعدته، ولم يقل: ضعيف جدًا كما افتراه الشارح.
الخامسة: قوله وفي الميزان يزيد بن أبي زياد الشامى ضعفه المنذرى وتركه النسائى وغيره. . . إلخ، لا يخفى على طالب حديث ما فيه وما في ذكر المنذرى.
ونص الميزان: يزيد بن أبي زياد، ويقال ابن زياد الشامى، قال البخارى: منكر الحديث، وقال الترمذى وغيره: ضعيف، وقال النسائى: متروك الحديث.
السادسة: قوله: ثم قال -أعنى في الميزان-: قال أحمد ليس هذا الحديث بصحيح باطل، فإن الميزان ليس فيه شيء من هذا أصلًا، وإنما الذي نقل هذا هو ابن الجوزى في الموضوعات.
السابعة: قد حكى الشارح أن ابن الجوزى أورد هذا الحديث في الموضوعات وسكت عن تعقب المصنف عليه، مع أنه دافع عن رجال الحديث وأورد له شواهد من حديث ابن عباس وابن عمر، ولو كان في تعقبه ضعف لقال: وتعقبه المؤلف فلم يأت بطائل على عادته، هكذا يقول كما تقرر مرارًا.
3310/ 8472 - "مَنْ أَعَانَ ظَالمًا سَلَّطهُ اللَّه عَليْهِ".
ابن عساكر عن ابن مسعود
قال في الكبير: رواه ابن عساكر من جهة الحسن بن زكريا عن سعيد بن عبد الجبار الكرابيسى عن حماد بن عاصم بن بهدلة عن زر عن ابن مسعود، قال السخاوى: وابن زكريا هو العدوى متهم بالوضع فهو آفته.
قلت: لا يكاد هذا الرجل ينقل نقلا إلا ويقلبه ويحرفه ويبدله ويغيره، فالسند هو من رواية الحسن بن على بن زكريا، وهو مشهور بالحسن بن على العدوى، وكذلك ذكره السخاوى، ثم هو عن حماد بن سلمة عن عاصم لا عن حماد ابن عاصم، فإنه ليس في الرواة حماد بن عاصم بن بهدلة.
والحديث ذكره ابن كثير في التفسير وقال [3/ 332]: خرجه ابن عساكر في ترجمة عبد الباقي بن أحمد، وهو حديث غريب.
3310/ 8474 - "مَنْ أعَانَ ظَالِمًا ليُدْحِضَ بَباطِلهِ حقًا فقدْ بَرِئتْ منه ذِمَّةُ اللَّه وذِمَّةُ رَسُولِه".
(ك) عن ابن عباس
قال في الكبير: قال الحاكم: صحيح، فرده الذهبى فقال: قلت: حنش الرحبى ضعيف.
قلت: هو عند الحاكم [4/ 100، رقم 7052] من رواية سليمان التيمى عن حنش عن عكرمة عن ابن عباس، وحنش لم ينفرد به بل تابعه إبراهيم بن أبي عبلة عن عكرمة، أخرجه ابن حبان في الضعفاء [1/ 324] قال:
حدثنا [أحمد بن عمير](1) بن جوصاء بدمشق ثنا سعيد بن رحمة ثنا محمد ابن حمير عن إبراهيم بن أبي عبلة به.
ورواه أبو نعيم في الحلية [5/ 248] في ترجمة إبراهيم بن أبي عبلة عن ثلاثة عن إبراهيم بن محمد بن الحسن: ثنا سعيد بن رحمة به، ثم قال: غريب من حديث إبراهيم تفرد به محمد بن حمير.
قلت: وسعيد بن رحمة صاحب ابن المبارك وراوى كتاب الجهاد عنه، لا يجوز أن يحتج به لمخالفته الأثبات، كذا قال (2)، ولم يورد له غير هذا الحديث الذي لم يخالف به ولا تفرد به.
وقد ورد من حديث ابن عمر أيضًا، قال أبو نعيم في تاريخ أصبهان [1/ 312]:
حدثنا لاحق بن الحسين بن عمر بن أبي الورد ثنا أبو سليمان داود بن سليمان ابن داود الأصبهانى ثنا عبد اللَّه بن محمد القاضى ثنا أبو الصلت سهل بن إسماعيل المرَّارى ثنا مالك بن أنس عن الزهرى عن سالم بن عبد اللَّه عن أبيه
(1) ما بين المعكوفتين زيادة من الضعفاء لابن حبان.
(2)
يعنى ابن حبان في الضعفاء (1/ 324).
مرفوعًا: "من أعان ظالمًا عند خصومة ظلمًا وهو يعلم، فقد برئت منه ذمة اللَّه وذمة رسوله".
لكن لاحق بن الحسين من مشاهير الكذابين وكبار الوضاعين.
3311/ 8476 - "مَنِ اعْتَزَّ بالعَبيدِ أذلَّه اللَّه".
الحكيم عن عمر
قال في الكبير: وكذلك رواه العقيلى في "الضعفاء" وأبو نعيم في الحلية.
قلت: من تعقباته السخيفة على المؤلف قوله: ظاهر عزوه لمن ذكر أنه لم يره لأقدم منهم وهو قصور، وكذلك نسخف نحن عليه جزاء وفاقا فنقول: ظاهر استدراكه العزو للعقيلى وأبي نعيم أنه لم يره لأقدم منهما، وهو قصور، فإنه خرجه عبد اللَّه بن أحمد في زوائد الزهد لأبيه (ص 390) قال:
حدثنا أبو يوسف يعقوب بن حميد بن كاسب بمكة ثنا عبد اللَّه بن عبد اللَّه الأموى، الحديث.
وعنه رواه العقيلى في الضعفاء فقال [2/ 271]: حدثنا عبد اللَّه بن أحمد. . . إلخ.
ومن طريقه أيضًا رواه أبو نعيم في الحلية [2/ 174] فقال: حدثنا أبو بكر ابن مالك ثنا عبد اللَّه بن أحمد به.
أما الحكيم الترمذى الذي عزاه إليه المصنف فأخرجه في الأصل الثامن والثمانين ومائة (1) قال [2/ 99]:
حدثنا عبد اللَّه بن عبد اللَّه الأموى حدثنى الحسن بن الحسن أنه سمع يعقوب
(1) وهو في الأصل السابع والثمانين ومائة من المطبوع.
ابن عتبة يقول: سمعت سعيد بن المسيب يقول: سمعت عمر بن الخطاب يقول، فذكره.
3312/ 8477 - "مَنْ أَعتقَ رَقبَة مُسْلِمَة أَعْتقَ اللَّه بكلِ عُضْوٍ منَها عُضْوًا منه مِن النَّارِ، حتى فَرجَه بفَرجِه".
(ق. ت) عن أبي هريرة
قال في الكبير: وفيه بقية ومسلمة بن على وهو الشامى، قال الذهبى: قال الدارقطنى: متروك، وعثمان بن عطاء ضعفه الدارقطنى وغيره.
قلت: انظر إلى عجيب صنع اللَّه بهذا الشارح إذ يعزو الحديث للبخارى ومسلم ثم يصير بعد ذلك يسطر من الافتراءات على سند الحديث ما لا وجود له من جهة، ولا يعقل أن يكون فيه من أخرى.
قال البخارى [8/ 181، رقم 6715]:
حدثنا محمد بن عبد الرحيم ثنا داود بن رشيد ثنا الوليد بن مسلم عن أبي غسان محمد بن مطرف عن زيد بن أسلم عن على بن الحسين عن سعيد بن مرجانة عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم به.
وقال مسلم [2/ 1147، رقم 1509/ 22]: حدثنا داود بن رشيد به، فهو مما على فيه على البخارى.
وقال الترمذى [4/ 114، رقم 1541]:
حدثنا قتيبة ثنا الليث عن ابن الهاد عن عمر بن على عن على بن الحسين عن سعيد بن مرجانة به، ثم قال: وفي الباب عن عائشة وعمرو بن عبسة وابن عباس وواثلة بن الأسقع وأبي أمامة وكعب بن مرة وعقبة بن عامر.
قلت: وفي الباب أيضًا عن أبي موسى وعلي بن أبي طالب وسهل بن سعد وأبي راشد عبد الرحمن بن عبد وأبي سكينة وأبي ذر وعبد الرحمن بن عوف
ومالك بن الحارث ومالك بن القشيرى.
فحديث عائشة رواه الطحاوى في مشكل الآثار [2/ 192، رقم 716]:
ثنا أبو أمية ثنا أبو عاصم عن عثمان بن مرة عن القاسم عنها.
وحديث عمرو بن عبسة رواه أبو داود [4/ 30، رقم 3966] والنسائى في الكبرى [3/ 170، رقم 4886] وابن حبان في صحيحه [10/ 147، رقم 4309] والدولابى في الكنى [1/ 90] والطحاوى في مشكل الآثار [2/ 98، رقم 727] والباغندى في مسند عمر بن عبد العزيز وابن منده في فوائده والربعى السدار في جزئة وغيرهم.
وحديث ابن عباس رواه الطبرانى في الكبير [10/ 331، رقم 10640]، وفيه محمد بن أبي حميد، وهو ضعيف.
وحديث واثلة بن الأسقع رواه أبو داود [4/ 29، رقم 2964] وابن حبان [10/ 145، رقم 4307] والطحاوى في مشكل الآثار [2/ 201، رقم 733](1) وابن شاهين في الترغيب [2/ 433، رقم 575] والحاكم [2/ 212، رقم 2845]، وقال: على شرطهما، والثقفى في الثقفيات.
وحديث أبي أمامة رواه الترمذى [4/ 114، رقم 1541]، وقال: حسن صحيح، والدولابى في الكنى [2/ 156].
وحديث كعب بن مرة رواه أحمد [4/ 135] وأبو داود [4/ 30، رقم 3967] وابن ماجه [2/ 843، رقم 2522] والطحاوى في مشكل الآثار [2/ 197، وقم 726].
وحديث عقبة بن عامر رواه أحمد [4/ 147، 148] وأبو داود (2)
(1) والحديث عنده روى بألفاظ كثيرة.
(2)
لم أجده، فلعله يقصد أبا داود الطيالسى فهو في مسنده (1/ 243 رقم 193 منحة).
وأبو يعلى [3/ 297، رقم 1760] والطبرانى [17، 332، 333، أرقام 918، 919، 920] والحاكم [2/ 211، رقم 2841] وصححه.
وحديث أبي موسى الأشعرى رواه أحمد [4/ 404] والطحاوى في مشكل الآثار [2/ 193، رقم 718] وأبو نعيم في تاريخ أصبهان [1/ 60].
وحديث على عليه السلام رواه ابن جرير في ذيل المذيل، والطحاوى في المشكل [2/ 192، رقم 715]، وابن فيل في جزئه، وابن شاهين في الترغيب [2/ 433، رقم 576].
وحديث سهل بن سعد رواه الطبرانى في الكبير [6/ 57، رقم 5839] والصغير [2/ 267، رقم 1143]، وأبو نعيم في الحلية [3/ 255].
وحديث أبي راشد رواه الدولابى في الكنى.
وحديث أبي سكينة رواه الطبرانى في الكبير [22/ 335، رقم 841]، وأبو عمرو بن منده في فوائده قال:
أخبرنا محمد بن أيوب بن حبيب الرقى ثنا أحمد بن هاشم الأنطاكى ثنا أبو توبة الربيع بن نافع ثنا يزيد بن ربيعة عن بلال بن سعد سمعت أبا سكينة -وكان من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم عن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم قال: "إذا ملك أحدكم ثمن رقبة فليعتقها فإنها يحرر كل عضو منها عضوًا منه من النَّار"، ويزيد بن ربيعة متروك.
وحديث أبي ذر رواه البزار (1)، وفيه أبو حريز، مختلف فيه، والجمهور على تضعيفه.
وحديث عبد الرحمن بن عوف رواه الطبرانى من رواية ابنه أبي سلمة عنه، وهو لم يسمع منه، ورجاله ثقات.
(1) انظر كشف الأستار: (2/ 145، رقم 1393).
وحديث مالك بن الحارث رواه أحمد [5/ 29] والطبرانى [19/ 299/ 696](1)، وفيه على بن زيد فيه مقال، وكثير من الحفاظ يحسن له.
وحديث مالك بن [عمرو](2) القشيرى رواه أحمد [4/ 344]، وفيه على ابن زيد أيضًا.
3313/ 8478 - "مَنِ اعْتَقَل رُمْحًا في سَبيِلِ اللَّه عَقَلهُ اللَّه من الذُنوبِ يومَ القِيامَةِ".
(حل) عن أبي هريرة
قال الشارح في الشرحين معًا: وهو حديث ضعيف.
قلت: وعلته هو ما ذكره في الحديث قبله المتفق على صحته، إذ قال: فيه بقية ومسلمة بن على وهو الشامى، قال الذهبى: قال الدارقطنى: متروك، وعثمان بن عطاء ضعفه الدارقطنى وغيره، فهؤلاء الرجال موجودون في سند هذا الحديث، فإن أبا نعيم قال [5/ 202]:
حدثنا أبو أحمد محمد بن أحمد ثنا عبد اللَّه بن صالح البخارى ثنا محمد بن ناصح ثنا بقية عن مسلمة بن على عن عثمان بن عطاء عن أبيه عن أبي هريرة فكتب الشارح هذا الإسناد في الحديث قبله واكتفى في هذا بأنه ضعيف.
3314/ 8479 - "مَنِ اعْتَكفَ عَشْرًا في رَمَضانَ كان كحَجَّتيْن وعُمْرتَيْن".
(هب) عن الحسين بن على
قال في الكبير: وظاهر كلام المصنف أن مخرجه البيهقى خرجه وأقره، وليس
(1) ما بين المعكوفتين زيادة من المسنده
(2)
في المعجم الكبير للطبرانى مالك بن الحويرث.
كذلك بل تعقبه فقال: إسناده ضعيف، ومحمد بن زاذان متروك، وقال البخارى: لا يكتب حديثه.
قلت: هذا كذب مكشوف الأمر، فإن المصنف ليس له كلام في الكتاب حتى يكون له ظاهر أو مفهوم، وإنما له صنيع من أول الكتاب إلى آخره، لا يتعرض فيه لنقل كلام الناس لا المخرجين ولا غيرهم، ويكتفى في جميع ذلك بالرموز، وقد رمز إلى هذا الحديث بعلامة الضعيف فكأنه نقل كلام البيهقى [4/ 317].
3315/ 8482 - "مَنْ أُعْطَى حَظَّه من الرِّفقِ فَقدْ أُعْطى حَظَّهُ من الخيرِ، ومَنْ حُرِمَ حَظَّه من الرِّفق فقدْ حُرِمَ حظَه من الخيرِ".
(حم. ت) عن أبي الدرداء
قال في الكبير: ورواه ابن منيع والديلمى عن عائشة.
قلت: من سخافة الشارح التي يسخف بها على المصنف قوله: ظاهر اقتصاره على عزو الحديث إلى فلان أنه لم يره لأشهر منه ولا لغيره وهو قصور، وكذلك نقول هنا للشارح: اقتصاره على عزو حديث عائشة للديلمى الذي رواه من طريق ابن منيع -فافترى الشارح عزوه إلى ابن منيع أيضًا- قصور مع اشتماله على الكذب في العزو إلى ابن منيع.
فإن حديث عائشة خرجه أيضًا أبو نعيم في الحلية [9/ 159] والسمرقندى في تنبيه الغافلين [ص 454، رقم 1814] والقضاعى في مسند الشهاب [1/ 274، رقم 445]، وقد رتبه الشارح أيضًا وزعم أنه خرجه، وهو تخريج لا يساوى النظر فيه في حجم المتن مرتين كنت انتسخته فلما رأيته رميت به.
كما أن عدم استدراكه على المصنف في حديث أبي الدرداء يدل على أنه لم يره لغير أحمد [6/ 451] والترمذى [4/ 367، رقم 2013]، وهو قصور أيضًا، فقد أخرجه أيضًا البخارى في الأدب المفرد [ص 164، رقم 464]
والدولابى في الكنى [1/ 27] وابن حبان في روضة العفلاء والبيهقى في السنن في كتاب الشهادات في باب مكارم الأخلاق منه [1/ 193] وأبو سعيد بن الأعرابى في معجمه والخلعى في فوائده والقضاعى في مسند الشهاب، كما أن شطره الثانى ورد من حديث جرير بن عبد اللَّه البجلى، أخرجه أحمد [4/ 362، 366] والبخارى في الأدب المفرد [ص 163، رقم 463] ومسلم [4/ 2003، 2592/ 74] وأبو داود [4/ 255، رقم 4809] وابن ماجه [2/ 1216، رقم 3687].
3316/ 8484 - "مَنْ أعْيَتْه المكَاسِبَ فَعَليه بمْصَر وعليه بالجانبِ الغربيِّ منهَا".
ابن عساكر عن ابن عمرو بن العاص
سكت عليه الشارح في الكبير.
وقال في الصغير: إسناده ضعيف.
قلت: وإنما قال ذلك تبعًا لرمز المصنف، ولذلك لم يتعرض لمن في سنده من الضعفاء كأنه لم يقف على ذلك، وهو من قصوره، فإن الحديث أسنده الحافظ في اللسان [6/ 99] في ترجمة منصور بن عمار من روايته عن ابن لهيعة عن أبي قبيل عن عبد اللَّه بن عمرو به، ومنصور بن عمار فيه مقال وكان واعظًا صالحًا إلا أنه ضعيف في الحديث، وانظر ترجمته وإسناد الحافظ حديثه هذا من طريق الطبرانى.
والشارح قد رتب أحاديث الميزان واللسان، فأين هو عن هذا؟ والسبب في ذلك أنه ذكره في اللسان بلفظ:"من أحب المكاسب فعليه بمصر" الحديث، وهو لم يهتد لهذا اللفظ لأنه غير حافظ ولا من أهل الفن.
3317/ 8485 - "مَنْ أغَاثَ مَلْهوُفًا كتَبَ اللَّه له ثلاثًا وسَبْعينَ مغفِرة، واحدةٌ فيها صَلاحُ أمْرهِ كلهِ، وثِنتَان وسَبْعونَ له دَرجاتٌ يَوْمَ القِيامةِ".
(تخ. هب) عن أنس
قال الشارح: قال البخارى بعد تخريجه: منكر.
وقال في الكبير: رواه (هب) عن أبي طاهر عن أبي داود الخفاف عن غسان ابن الفضل عن عبد العزيز بن عبد الصمد العمى عن زياد بن أبي حسان عن أنس، وقضية تصرف المصنف أن البخارى خرجه ساكتا عليه والأمر بخلافه فإنه خرجه في ترجمة عباس بن عبد الصمد وقال: هو منكر الحديث، وفي الميزان: وهاه ابن حبان وقال: حدث عن أنس بنسخة أكثرها موضوع ثم ساق منها هذا الخبر، وحكم ابن الجوزى بوضعه، وتعقبه المؤلف بأن له شاهدًا.
قلت: فيه من عجز الشارح وبجره أمور، الأول: قوله رواه البيهقى عن أبي طاهر عن أبي داود الخفاف، فإن قوله: عن أبي طاهر بدون وصف ولا تمييز خطأ لا سيما وفي شيوخ البيهقى اثنان أو أكثر ممن يكنى أبا طاهر، والبيهقى قال: أنبأنا أبو طاهر الفقيه.
الثانى: قوله: عن أبي طاهر عن أبي داود الخفاف، وهو غلط أيضًا وحذف من الإسناد، فإن البيهقى قال [6/ 120، رقم 7670]:
أنبأنا أبو طاهر الفقيه أنبأنا أبو طاهر المحمد أبادى حدثنا أبو داود الخفاف.
الثالث: قوله: قضية المصنف أن البخارى خرجه [3/ 350] ساكتًا عليه. . . إلخ وهو كلام فاسد، فإن البخارى ليس بصدد الكلام على الأحاديث ولا السكوت عنها في التاريخ حتى يقال: سكت أو تكلم، بل هو بصدد الكلام على الرجال، فسواء تكلم أو سكت فهو غير معتبر ولا منظور إليه ولا مصطلح في كتابه عليه.
الرابع: أن تصرف المصنف يدل على خلاف ما افتراه [الشارح] عليه، فإنه رمز لضعفه بدلًا عن كلام البخارى المزعوم المكذوب، لأن المؤلف لا ينقل كلام المخرجين في هذا الكتاب ويرمز بدله بالرموز للضعف والحسن والصحة.
الخامس: قوله: فإنه خرجه في ترجمة عباس بن عبد الصمد، كذب وجهل فاضح، فإنه ليس في الإسناد عباس بن عبد الصمد ولا في تاريخ البخارى رجل اسمه عباس بن عبد الصمد.
السادس: وإن أراد عبد العزيز بن عبد الصمد المذكور في الإسناد، فهو كذب أيضًا، فإن البخارى لم يخرجه في ترجمته.
السابع: قوله: وقال: منكر الحديث، كذب من جهات، أولها: أنه لم يذكر عباس بن عبد الصمد ولم يقل فيه شيئًا كما قدمنا، وثانيها: أنه إن أراد عبد العزيز بن عبد الصمد فهو لم يخرجه في ترجمته ولا قال فيه: منكر الحديث، ولا قالها فيه غيره، لأنه ثقة متفق عليه من رجال الصحيحين، ثالثها: أن البخارى لم يقل: منكر الحديث حتى في الرجل الذي خرج الحديث في ترجمته.
الثامن: قوله: وفي الميزان وهاه ابن حبان. . . إلخ كذب أيضًا، فإن الميزان ليس فيه عباس بن عبد الصمد ولا عبد العزيز بن عبد الصمد لأن الأول معدوم لم يخلقه اللَّه، والثانى ثقة من رجال الصحيحين.
التاسع: أن البخارى خرج الحديث في ترجمة زياد بن أبي حسان [3/ 350].
العاشر: أنه لم يقل فيه: منكر الحديث كما افتراه الشارح، بل قال ما نصه:
زياد بن أبي حسان سمع عمر بن عبد العزيز قوله، روى عنه ابن علية، كان شعبة يتكلم في زياد بن أبي حسان النبطى وقال عون بن عمارة: ثنا زياد بن أبي حسان سمع أنسًا عن النبي صلى الله عليه وسلم: "من أغاث ملهوفًا غفر اللَّه له سبعين
مغفرة"، لا يتابع عليه، رواه عبد العزيز بن عبد الصمد: ثنا زياد بن أبي حسان عن أنس عن النبي صلى الله عليه وسلم، وقال محمد بن عقبة: ثنا مسلمة بن الصلت ثنا زياد بن أبي زياد سمع أنسًا بالدينة عن النبي صلى الله عليه وسلم: "من أغاث ملهوفًا" اهـ. كلام البخارى بالحرف.
الحادى عشر: أن الميزان -بعد أن نرجع إلى الصواب ونقول: إنما ذكر زياد ابن أبي حسان- ليس فيه أيضًا: وهاه ابن حبان كما افتراه الشارح، بل قال ما نصه [2/ 88، رقم 2933]:
زياد بن أبي حسان النبطى الواسطى، قال الحاكم: روى عن أنس وغيره أحاديث موضوعة، كان شعبة شديد الحمل عليه وكذبه، قال الدارقطنى: متروك، وقال أبو حاتم وغيره: لا يحتج به، وله عن أنس موفوعًا في إغاثة الملهوف اهـ.
فلم يذكر ابن حبان أصلًا.
الثانى عشر: قوله: وتعقبه المؤلف بأن له شاهدًا، كذا أيضًا، بل تعقبه بأن له طريقين آخرين عن أنس وشاهدًا من حديث ثوبان، فاعجب لهذا الشارح.
وبعد، فالحديث خرجه أيضًا الطبرانى في مكارم الأخلاق [ص 46، رقم 96] وابن شاهين في الترغيب [2/ 347، رقم 420] وابن حبان [1/ 305] والعقيلى [2/ 77] كلاهما في الضعفاء والخطيب في التاريخ [6/ 41] وكذا أبو نعيم في تاريخ أصبهان [2/ 74] كلهم من رواية زياد بن أبي حسان عن أنس، وأورده ابن الجوزى في الموضوعات [2/ 171] من طريق العقيلى وقال: موضوع، آفته زياد، وتعقبه المصنف بأن ابن عساكر [أخرجه] من طريق إسماعيل بن عياش عن عبد اللَّه بن عبد الرحمن بن أبي حسين المكى عن أنس، وأخرجه أبو طاهر الحنائى والخطيب من طريق دينار مولى أنس عن أنس.
قلت: وهذا الأخير ساقط لا ينبغى أن يعتد به، وبقى على المصنف طريق آخر لم يذكره أخرجه أبو نعيم في تاريخ أصبهان [1/ 250] في ترجمة صالح ابن عمر القصار أبي شعيب من روايته عن عبد الرحمن بن عمر: ثنا أبو الجنيد صاحب سلام بن أبي مطيع ثنا تميم أبو خالد عن أبان عن أنس به.
3318/ 8488 - "مَنِ اغْتَسَل يومَ الجُمعةِ كان في طَهَارِة إلى الجُمُعةِ الأخْرَى".
(ك) عن أبي قتادة
قال الشارح: قال الحاكم: صحيح، فقال الذهبى: منكر.
وقال في الكبير: قال الحاكم: على شرطهما، وهارون بصرى ثقة تفرد عنه سريج بن يونس، وتعقبه الذهبى في المهذب فقال: هذا حديث منكر، وهارون لا يدرى من هو.
قلت: هذا كلام موهم، فإن الذهبى له في التعقب على الحاكم كتاب "تلخيص المستدرك"، وله في اختصار سنن البيهقى كتاب "المهذب"، ثم هو في التلخيص يتعقب الحاكم، وأما في المهذب فإنما يتكلم على الحديث من حيث هو، فقول الشارح: وتعقبه الذهبى، يوهم أنه تعقب الحاكم، والواقع أنه إنما تعقب الحديث، أما الحاكم فلم يتعقبه أصلًا، ولذلك كان الذهبى متناقضًا في هذا الحديث، فإن الحاكم قال في المستدرك [1/ 282، رقم 1044]: هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه، وهارون بن مسلم العجلى شيخ قديم للبصريين يقال له الحنائى، ثقة قد روى عنه أحمد بن حنبل وعبد اللَّه بن عمر القواريرى، فأقره الذهبى على هذا ولم يتعقبه بشيء، لكنه في المهذب قال: هذا حديث منكر ساقه -يعنى البيهقى- من طريقين إلى الحسين القبانى سريج بن يونس، وهارون لا يدرى من هو اهـ.
كذا قال مع أنه ذكره في الميزان [4/ 286، رقم 9172] ونقل عن أبي حاتم أنه قال: فيه لين، وعن الحاكم أنه قال: ثقة، زاد الحافظ أن ابن حبان ذكره في الثقات [9/ 94، رقم 392] وكناه أبا الحسن وأنه من أهل البصرة يروى عن أبان القطان والبصريين، وعنه قتيبة وغيره، فهو إذًا ثقة معروف، فإعراض الشارح عن كل هذا قصور أو تقصير.
3319/ 8489 - "مَن اغتيبَ عنده أخُوُه المسلِمُ فلم ينصُرْه وهو يَستَطيعُ نَصرَه أذلَّه اللَّه تعالىَ في الدُّنيا والآخِرةِ".
ابن أبي الدنيا في ذم الغيبة عن أنس
قال في الكبير: رمز المصنف لحسنه، وقال المنذرى: أسانيده ضعيفة، ورواه عنه أيضًا البغوى في شرح السنة والحارث بن أبي أسامة.
قلت: قوله: وقال المنذرى: أسانيده ضعيفة كذب، فإنه صدره [3/ 518، رقم 40] بـ "روى" الدالة على ضعفه، ولم يقل حرفًا مما قاله الشارح، فاعجب لأمانته.
ومن الخطأ الصناعى تقديم البغوى محيى السنة المتأخر الذي هو من أهل القرن السادس على الحارث بن أبي أسامة المتقدم الذي هو من أهل القرن الثالث.
هذا وفي سنده عند الحارث داود بن المحبر وهو كذاب.
وقد أخرجه من هو قبل هؤلاء كلهم وهو ابن وهب في كتاب الجامع له قال: حدثنى الحارث بن نبهان عن أبان عن أنس به مطولًا، وأبان ضعيف الحديث مع صلاحه، لغفلته لا لكذبه، فهذا ورد لحديثه ما يشهد له ارتفع إلى درجة الحسن ولذلك حسنه المصنف.
3320/ 8493 - "مَنْ أفطر يومًا من رمضَانَ في الحضَرِ فليُهدِ بُدْنة".
(قط) عن جابر
قال في الكبير: رواه الدارقطنى من حديث عثمان السماك عن أحمد بن خالد ابن عمرو الحمصى عن أبيه عن الحارث بن عبيدة الكلاعى عن مقاتل بن سليمان عن عطاء عن جابر، ثم قال الدارقطنى: الحارث ومقاتل ضعيفان جدًا اهـ، فقد برئ مخرجه من عهدته ببيان حالة فتصرف المصنف بحذف ذلك من كلامه غير جيد، وفي الميزان: هذا حديث باطل يكفي في رده تلف خالد، وشيخه ضعيف، ومقاتل غير ثقة، وخالد كذبه الغريانى (1)، ووهاه ابن عدى اهـ، وأورده ابن الجوزى في الموضوعات، وقال: مقاتل كذاب، والحارث ضعيف، وتبعه المؤلف في مختصره ساكتًا عليه.
قلت: فيه أمور، الأول: التكرار الذي لا معنى له سوى تسويد الورق وتكبير حجم الكتاب.
الثانى: أن الدارقطنى قال: حدثنا عثمان بن أحمد الدقاق لا عثمان السماك.
الثالث: أن الذي قال ذلك: الذهبى في الميزان [3/ 35، رقم 5515]، ولكنه قال: عثمان بن السماك.
الرابع: أن الدارقطنى قال عقب الحديث: الحارث بن عبيدة ومقاتل ضعيفان ولم يقل جدًا بل هي من زوائد الشارح وأمانته.
الخامس: قوله: فقد برئ مخرجه من عهدته. . . إلخ، كلام سخيف، فهو يعلم أن المصنف لا ينقل كلام المخرجين.
(1) هكذا في الفيض وقام المؤلف تصويبه بالفريابى بعد أسطر.
السادس: أنه برئ من عهدته أيضًا حيث رمز له بعلامة الضعيف.
السابع: عزوه إلى الميزان أنه فيه: وخالد كذبه الفريابى ووهاه ابن عدى، كذب لا أصل له (1)، فليس في الميزان شيء من ذلك ولا يتصور أن يكون فيه النقل عن الفريابى وهو بعده، ثم ليس هو من رجال هذا الشأن.
وبعد، فالحديث باطل موضوع يلام المصنف على إيراده في هذا الكتاب.
3321/ 8496 - "مَنْ أَقَالَ مُسْلمًا أقَالَ اللَّه عَثْرتَه".
(د. هـ. ك) عن أبي هريرة
قال في الكبير: قال (ك): على شرطهما، وقال ابن دقيق العيد: هو على شرطهما، وصححه ابن حزم، لكنه في اللسان نقل تضعيفه عن الدارقطنى.
قلت: هذا خطأ من وجهين، أحدهما: أن الحافظ لم ينقل ذلك عن الدارقطنى ولا عن أحد من الحفاظ أمثاله.
ثانيهما: أن حكاية مثل هذا من الفضول والتلبيس والجهل بكلام الناس، فغاية ما في الأمر أن الحافظ قال في اللسان [2/ 280، رقم 1166] في ترجمة الحسين بن حميد بن الربيع مستدلًا على ضعفه وكذبه ما نصه:
قال ابن عدى: وسمعت عبدان يقول: سمعت حسين بن حميد بن الربيع يقول: سمعت أبا بكر بن أبي شيبة [يتكلم في يحيى بن معين](2) يقول: من أين له حديث حفص بن غياث عن الأعمش عن أبي صالح عن أبي هريرة رفعه: "من أقال نادمًا أقال اللَّه عثرته"؟ هو ذا كتب: حفص بن غياث عندنا، وكتب ابنه: عمر بن حفص، ليس فيها من ذا شيء، قال ابن
(1) بل هو مترجم له في الميزان (1/ 636، رقم 2448) وقال الذهبى: كذبه جعفر الفريابى، ووهاه ابن عدى وغيره اهـ.
(2)
ما بين المعكوفتين زيادة من اللسان.
عدى: هذه الحكاية لم يحكها عن أبي بكر غير حسين هذا، وهو متهم فيها، ويحيى أجل من أن يقال فيه مثل هذا لأن عامة الرواة سبر له أحواله، وهذا الحديث قد رواه زكريا بن عدى عن حفص بن غياث، ثم ساقه بسنده عنه قال: وقد رواه الأعمش أيضًا عن مالك بن سعير، قال: والحسين متهم عندى كما قال: مطيّن، قال الحافظ: وقد أشار الذهبى إلى قول أبي بكر ابن أبي شيبة في ترجمة ابن معين فقال: قد استنكر أبو بكر بن أبي شيبة ليحيى ذاك الحديث عن حفص بن غياث، هكذا جزم به وليس بجيد مع قول ابن عدى أن حسين بن حميد تفرد به وأنه متهم، فلم يثبت ذلك عن ابن أبي شيبة اهـ.
فهذا كلام كما ترى لا يصح أن يذكر في هذا الموطن لأنه كذب لا أصل له، وزاد هو في الطِّين بلة حيث نسبه إلى الدارقطنى.
والحديث مع ذلك لم ينفرد به يحيى بن معين كما قال ابن عدى.
قال المؤمل بن إهاب في جزئه:
ثنا مالك بن سعير عن الأعمش عن أبي صالح عن أبي هريرة مرفوعًا: "من أقال أخاه أقاله اللَّه عثرته يوم القيامة".
وقال الطبرانى في مكارم الأخلاق [ص 333، رقم 60]:
حدثنا على بن عبد العزيز ثنا إسحاق بن محمد (1) الفروى ثنا مالك بن أنس عن سمى عن أبي صالح به: "من أقال نادمًا عثرته أقال اللَّه عز وجل عثرته يوم القيامة".
وقال الدينورى في المجالسة:
(1) في الأصل محمد بن إسحاق والصواب ما أثبتناه.
حدثنا إسماعيل بن إسحاق القاضى ثنا إسحاق بن محمد الفروى ثنا مالك بن أنس به.
وقال أبو نعيم في الحلية [6/ 345]:
حدثنا محمد بن أحمد بن على بن مخلد ثنا عبد اللَّه بن أحمد بن إبراهيم الدورقي ثنا إسحاق الفروى ثنا مالك عن سهيل عن أبيه أبي صالح به: "من أقال مسلمًا عثرته أقاله اللَّه يوم القيامة".
قال أبو نعيم: تفرد به عبد اللَّه عن إسحاق من حديث سهيل، وتفرد أيضًا إسحاق عن مالك عن سمى عن أبي صالح فقال:"من أقال نادمًا".
وقال الحاكم في علوم الحديث [ص 18]:
حدثنا أبو عبد اللَّه محمد بن على الصنعانى بمكة ثنا الحسن بن عبد الأعلى الصنعانى ثنا عبد الرزاق عن معمر عن محمد بن واسع عن أبي صالح عن أبي هريرة به: "من أقال نادمًا أقاله اللَّه نفسه يوم القيامة، ومن كشف عن مسلم كربة كشف اللَّه عنه كربة من كرب يوم القيامة، واللَّه في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه".
قال الحاكم: هذا إسناد من نظر فيه من غير أهل الصنعة لم يشك في صحته وسنده، وليس كذلك، فإن معمر بن راشد الصنعانى ثقة مأمون، ولم يسمع من محمد بن واسع، ومحمد بن واسع ثقة مأمون ولم يسمع من أبي صالح.
قلت: وإن ثبت هذا فلا يضر فالحديث مشهور ثابت عن أبي صالح.
أما رواية يحيى بن معين فأخرجها أيضًا أبو يعلى قال:
حدثنا يحيى بن معين ثنا حفص بن غياث عن الأعمش عن أبي صالح به (1).
(1) انظر معجم شيوخ أبي يعلى (ص 344، رقم 326).
ورواه أبو عمرو بن حمدان في فوائد الحاج، قال: أخبرنا أبو يعلى به.
وفي آخره قال أبو يعلى: لم أفهم عن يحيى أبا هريرة كما أريده، ومن أَجل هذه الكلمة التي قال أبو يعلى أخرجه الخطيب في الكفاية في باب: ما جاء فيمن سمع حديثًا فخفى عليه في وقت السماع حرف منه لإدغام المحدث إياه، ما حكمه؟ [ص 123] ثم أسنده من طريق أبي بكر بن المقرئ: ثنا أبو يعلى أحمد بن على بن المثنى الموصلى ثنا يحيى بن معين أبو زكريا به.
وأخرجه البندهى في شرح المقامات، قال:
أخبرنا أبو الفرج بن أبي سعد بن على بقراءتى عليه عن أبي الحسن أحمد بن محمد بن أحمد البزاز أنا أبو الحسن على بن عمر الحربى السكرى أنا أبو عبد اللَّه أحمد بن الحسن بن عبد الجبار الصيرفى ثنا أبو زكريا يحيى بن معين به.
وأخرجه الدينورى في المجالسة، قال: حدثنا أحمد بن محمد بن يزيد الوراق ثنا يحيى بن معين به.
3322/ 8497 - "مَنْ أقَالَ نادِمًا أَقَاله اللَّه يَوْمَ القِيامةِ".
(هق) عن أبي هريرة
قال في الكبير: فيه عبد اللَّه بن جعفر والد على بن المدينى مجمع على ضعفه كما بينه في الميزان، وأورد هذا الخبر من مناكيره وأعاده في محل آخر ونقل تضعيفه عن الدارقطنى.
قلت: أهل الحديث يتكلمون على الأسانيد، فينقل الشارح كلامهم إلى المتون من غير أن يدرك الفرق في ذلك، فالمتن صحيح من رواية أبي صالح عن أبي هريرة، وعبد اللَّه بن جعفر الضعيف انفرد بروايته عن العلاء عن أبيه عن أبي هريرة، فهم يتكلمون على ضعف هذا الإسناد لا على المتن الصحيح،